مصير الأبناء بعد الطلاق
إن وعي الشيطان وإدراكه لعظمة الفتن الناجمة عن الفراق بين الزوجين، جعله يمدح المختصين من أعوانه بتشتيت شمل الأسرة، ويتضح ذلك جليًا في الحديث النبوي الذي رواه مسلم في صحيحه، عن جابر بن عبد الله، عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: «إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت»، قال الأعمش: أراه قال: «فيلتزمه» (1).
إن أقرب المقربين للشيطان إذن، هم أشدهم نيلًا من وحدة الأسرة، لأنها فتنة تؤدي بالضرورة إلى النيل من وحدة الأمة الإسلامية، وتفتيت كيانها، وتدمير بنيانها، فالأسرة هي وحدة بناء المجتمع، وفي انهيارها انهيار المجتمع.
والأطفال الذين هم ثمرة الزواج لا يمكن أن ينموا بشكل سليم وطبيعي إلا في ظل بيئة أسرية صحية؛ أم تحتضنهم وأب يرعاهم، وهم بطبيعتهم لا يميزون بين الأبوين ولا يفضلون أحدهما على الآخر، فكلاهما مهم وأساسي للحصول على التوازن في حياتهم.
كما أن الولد بحاجة ملحة لكل ظروف الحب والحنان والعطف، كما يحتاج إلى عناصر الشجاعة والقوة والإقدام، وفي غياب البيت الطبيعي المترع بالحب والتفاهم ينشأ الأطفال نشأة غير سوية، ويصبحون أكثر عرضة للأمراض النفسية؛ كانفصام الشخصية، وفقدان الثقة بالذات، والعجز عن اتخاذ القرارات المناسبة.
وعلى الرغم من اتّفاق الفقهاء على أسبقية الأم في حضانة الأولاد، غير أنَّهم اختلفوا في السنّ المُحدّد لنهاية الحضانة، فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنت أحق به ما لم تنكحي» (2).
والراجح في ذلك أنّ الحضانة موقوفةٌ على التمييز والاختيار، فإن بلغَ الطفلُ رشده وصار مميّزًا خُيِّرَ، فكانت رعايته بعد ذلك على اختياره، وقد استدلّ العُلماء بذلك على الأدلَّة الصحيحة في أحاديث السنة النبوية، إذ روى أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى اللهُ عليهِ وسلم خيَّرَ غلامًا بين أبيه وأمه (3)، واستدلُّوا بحادثة التخيير أيضًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ امرأةً جاءَت فقالت: يا رسول اللهِ، إن زوجي يريد أن يذهب بابني؛ وقد سقاني من بئرِ أبي عنبة وقد نفعني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استهما عليه، قال زوجها: من يحاقني في ولدي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمِه، فانطلقَت به (4).
وقدم النبي عليه الصلاة والسلام الاستهام على التخيير إذا تراضى عليه الزوجان واتفقا، وجعل التخيير موقوف على التَّنازع والاختلاف، فإذا كان الأبوان متفقان بأن الحضانة لأحدهما ويميلانِ للتحكيم بالتراضي فالاستهام خير، وإن اختلفا بشأن الحضانة وأحقيتها فالتخيير للصبي شرط التمييز، وفي الحديثِ إشارة إلى جواز القرعة وشرعيتها عند تساوي أمرين، ولا يقوم الاستهام أو التخيير إلا بشرط انتفاع الصبي وتحقيق مصالحه، فإن قُدِّر أو عُلم أن أحد الأبوين فاقد لأهلية حضانته لأسبابٍ تتعلق بالإساءة والتقصير فإن أولوية الحضانة تُقضى لمن تكون مصلحة الطفل عنده (5).
والأهم هنا هو الاتفاق على ما يخص مصلحة الأبناء؛ ليشعر الابن بالاستقرار بعد انفصال الوالدين والتأقلم مع التغيير المفاجئ الذي يطرأ على حياته.
آثار التفكك الأسري على الأولاد:
بعد الطلاق يتولد نزاع جديد بين الزوجين حول من الأحق في حضانة الأبناء، ويقع الأبناء في شتات حول طبيعة الحياة الجديدة التي سوف يعيشونها، والاعتياد على العيش مع طرف واحد سواءً كان الأب أو الأم، مع افتقادهم للطرف الأخر، واضطراب مشاعرهم نحو الوضع الجديد.
وفي هذه الحالة يكون الأبناء بحاجة لرعاية خاصة؛ لأنهم أصبحوا متأثرين بأحداث رأوها أو سمعوها قبل الطلاق، وكانت مخاض طلاق أبيهم وأمهم؛ من شجارات أو ضرب للأم ورفع صوت بينهما، والمفروض منع الأبناء من رؤية شجارات أبويهم لأنها سوف تؤثر عليهم نفسيًا.
كما أنهم يحتاجون لمراقبة ومتابعة حتى لا يقعوا كضحايا سهلة لأصحاب السوء في غياب الأب أو الأم وفي سن يحتاج لرعاية خاصة كسن المراهقة.
فيبدأ التأثير السلبي بالظهور على الأبناء بعد بدء إجراءات الطلاق، ومن هذه الآثار الحزن والوحدة، وحدّة الطبع ومشاكل في التصرفات وانعدام الثقة بالنفس والخوف، بالإضافة إلى تدني وتراجع مستواهم في الدراسة مقارنة مع الأبناء المستقرين، وإحساسهم أنهم السبب في خلاف الأم والأب.
نرى أن الأبناء في هذا الحال يغلب على تصرفاتهم طابع العدوانية في أغلب الأحيان، ولا يستمر الأبناء في صداقاتهم، ويمكن أن يتورطوا بعلاقات غير أخلاقية، وفي حال بلوغهم وإقدامهم على الزواج تكون احتمالية انفصالهم عن شريك الحياة أكبر في وقت مبكر (6).
1- التأثير الاجتماعي:
يُمكن أن تظهر تأثيرات الطلاق الاجتماعيّة على الأطفال من خلال بعض العلامات والمظاهر الآتية:
- ضعف قدرة الاتصال لدى الطفل: ويظهر ضعف الاتصال لدى الطفل من خلال عجزه عن التفاعل مع والديه، ومع الأفراد الآخرين المُحيطين به بسبب المشاعر السلبيّة التي تظل عالقةً به، والتي يكتسب بعضها من النزاعات والبيئة غير الصحيّة التي كان يعيش بها سابقًا، أو الناجمة عن تغّيرات ما بعد الطلاق؛ كارتباطه وتفاعله مع أحد والديه فقط وهو الحاضن له، وابتعاده عن الآخر، وعدم الالتقاء به أو محادثته فتراتٍ طويلة مما يجعله يشعر بالاستياء والكره والغضب منه، وبالمقابل يتعلق بالحاضن، ويخشى فقدانه وخسارته أو هجره له لاحقًا.
- التأثير على علاقات الطفل المُستقبليّة: يتأثّر الأطفال داخليًا بالطلاق كما ذكر سابقًا، وبالتالي يؤثّر ذلك على نشأتهم وعلاقاتهم المُستقبلية مع مرور الوقت، إلى أنّ الأطفال الذين نشأوا في ظروف الطلاق تكون علاقاتهم الزوجيّة لاحقًا أكثر عرضةً للطلاق أيضًا، ويُمكن أن يكون السبب في ذلك انعدام الثقة والأمان في الشُركاء لديهم، إضافةً لافتقارهم لبعض المهارات الاجتماعيّة المُكتسبة من الأسرة، ونقص العواطف والمشاعر الجميلة واستبدالها بمشاعر أكثر سلبيّةٍ، وبالتالي عدم قدرتهم على حل الخلافات الزوجيّة ومُعاناتهم من مشاكل تُشبه مشاكل ذويهم، فينتهي بهم الحال مع الأسف بنفس الطريقة التي انتهى بها الوالدين والانفصال، وهو ما يُعرف نفسيًّا بنظريّة "النمذجة الأبوية" أي السير على نموذج مُشابه للآباء.
- التأثير المادي على مستوى المعيشة: أحيانًا يتسبب الطلاق في العديد من التغيّرات بالشؤون الماليّة والنفقات، مما ينتج عنه تغيّر المستوى المعيشي للأطفال، وذلك بسبب اختلاف مقدار وقيمة الدخل الذي كان الأبوين يُقدّمانه للأسرة معًا، بحيث قد يعجز أحدهما عن توفير احتياجات الأطفال وتحقيق رغباتهم لوحده، وهنا يجب التنويه لضرورة التعاون بين الأبوين في رعاية الأبناء وتوفير مصاريفهم وأساسياتهم، بالرغم من انفصال الزوجين، وانتقال الأطفال لحضانة أحدهما.
2- التأثير على المستوى التعليمي والأكاديمي:
قد ينتج عن التغيّرات الحياتيّة المُختلفة والمرافقة للطلاق تدنيّ المستوى التعليمي والأكاديمي للأطفال، وهو أمرٌ يختلف من طفلٍ لآخر، لكنه يعود لعدّة أسباب منها:
- شعور الأطفال بالارتباك والتشويش والإجهاد العقلي، وعدم القدرة على التركيز في الدراسة بشكّلٍ جيّدٍ بسبب التغيّرات الديناميكيّة والمشاعر السلبيّة التي قد تُرافق قرار الانفصال للأبوين.
- عدم تأقلم الأطفال مع المدارس، وأماكن السكن والأحياء الجديدة، والأصدقاء والمعارف الجدد مما يُعيق رغبتهم في التعلّم أو الذهاب للمدرسة.
- الحاجة لتلقيّ الدعم والتشجيع بشكلٍ أكبر من الوالدين، ومُساعدتهم على تقّبل حقيقة الطلاق وفهمها، والاهتمام بهم ورعايتهم أكثر، في حين أنّ الوالدين قد يكونان مُنشغلين بإعادة تنظيم الحياة وترتيبها، أو توفير مستوى معيشة أفضل للأطفال، فقد يُهملونهم بعض الوقت بغير قصدٍ، مما ينعكس على أدائهم وتحصيلهم العلمي، وهو أمرٌ يجدر الانتباه له وعدم إهماله.
3- التأثير النفسي والسلوكي:
جميع الأطفال يخسرون عندما ينفصل الآباء، فهم يفقدون إمكانية الوصول إلى والديهم عندما يحتاجون إليهم، وتؤثر هذه الخسارة تأثيرًا عميقًا على تطورهم، فعندما يشعر الطفل بالأمان الكافي الناجم عن وجود والديه في حياته يكون أكثر قدرة على الاستكشاف والتطوير والتعلم والنمو، إذ أن الانفصال يخلق عند الأطفال انعدام الأمن الذي يهدد تنميتهم واستكشافهم العالم، وبدلًا من ذلك يستنزفون طاقاتهم في البحث عن الطمأنينة بدلًا من التعلم والتجريب والنمو، وينتج عن ذلك:
1- اختلال عملية الانضباط:
عندما يحصل الانفصال بين الوالدين، فإنه يؤثر على انضباط الأطفال وعدم اكتراثهم بأوامر الوالدين، وتعتبر هذه إساءة كبيرة للزوجين، وثمة خطر آخر يهدد الأسرة أيضًا ألا وهو انقسامها إلى معسكرين أو صفين؛ حيث سيتبنى كل طفل موقفًا معينًا فيكون إلى جانب أمه أو أبيه، ويدافع عنه، وهذا ليس في صالح أي من الوالدين.
2- إساءة الظن بالوالدين:
قد يكون أحد الوالدين محقًا في هذا الانفصال ولديه أدلة قوية وكثيرة، إلا أن الطفل يحمل تصورًا مختلفًا عن هذا الموضوع، فينظر نظرة خاصة تقوم على إدراكه وتفكيره فيدين مثلًا طرفًا معينًا؛ وقد يلجأ الأب للإساءة إلى الأم ويحاول إقناع الطفل بأنه على حق في ذلك الانفصال، لكن هذا لا يعني أن الطفل سيقبل بوجهة نظر أبيه رغم سكوته الظاهري؛ بل سيعتبر الأب مذنبًا فيسيء الظن به بمجرد أن يشاهد بكاء أمة وتوددها إليه.
كما أن ولاءه يتشتت بين الأب والأم، ودائما يتجه إلى صف الطرف الذي يراه الأضعف والذي عادة ما يكون الأم.
3- تحطيم المعنويات:
يؤدي الانفصال إلى تحطيم معنويات الأولاد ويجذر في نفوسهم حالات القلق والاضطراب، فيصاب الأطفال بعدة أمور؛ منها:
أ- بالتشنج. ب- عقدة الانطواء. ج- نظرة السخط لما حولهم.
4- عدم شعور الأطفال بالأمان:
في الوقت الذي تكون فيه الحاجة للشعور بالأمن من أهم الحاجات النفسية التي ينبغي توفيرها للطفل نجد أن الخلافات الزوجية تتعارض مع إشباع هذه الحاجة، فالطفل نتيجة للخلافات سيفقد من يرعاه ويهتم به، ويزداد أثر ذلك عندما يعي الطفل التركيبة الاجتماعية للأسرة، وضرورة وجود الأبوين.
5- ضعف الثقة في النفس:
ينشأ هذا نتيجة لضعف الروح الاستقلالية عند الطفل، والشعور بالعجز والنقص الذي يتولد عنده نتيجة الانفصال الأسري؛ حيث يرى أن جميع أفعاله تسير بشكل خاطئ، ويرى أنه أقل من الآخرين، وأنه غير محبوب من قبلهم.
6- زيادة عصبية الأبناء وتمردهم في المنزل.
إن كل الانفصالات تفرض الحزن والاكتئاب عندما يكون الطفل ضحية الآباء الذين تساءُ معاملتهم، وينغلق على نفسه في الاكتئاب، ويصبح منحرف وعدواني (7).
أبرز الأمور التي يجب مراعاتها بعد الانفصال:
- يمكن أن يكون أسلوب التفكير المتفائل للوالدين عاملًا أساسيًا في مساعدة الطفل؛ لتقبل فكرة الانفصال، وتجنب أنماط التفكير الكارثي التي تفترض أسوأ الاحتمالات في كل الظروف.
- يكون الأطفال أكثر صمودًا وأقل توترًا عندما يكون النزاع بين والديهما هادئًا، وعندما يخرجهم الطلاق من بيئة مليئة بالصراعات لبيئة أخرى هادئة، من المهم أن تحمي طفلك من الدخول في النزاعات قدر الإمكان، سواء قبل الطلاق أو بعده.
- يتحسن أداء الطفل إذا استمر الوالدان في المشاركة بشكل إيجابي في حياته، وعلى وجه الخصوص إذا كان الوالد غير المقيم يقيم علاقة وثيقة وداعمة مع الطفل، فالأب عليه دور كبير.
- على كلا الوالدين الاستمرار في الاستماع إلى الطفل حول مشاكله، وتوفير الدعم العاطفي والمساعدة في القضايا اليومية، والحفاظ على الحدود والقواعد المتفق عليها بينهما مع الطفل، والاتفاق على ما هو مسموح وما هو ممنوع في تربية الطفل (8).
- لا تتحدث بسوء عن الطرف الآخر مع الطفل أو أمام الطفل، ولا تحرض طفلك عليه بأي صورة، ولا تسمح للآخرين بحديث السوء أمام الطفل سواء عن أبيه أو أمه، وامنع حدوث هذا من كل أفراد الأسرتين، وحاول الحفاظ على صورة الطرف الآخر جيدة؛ لأن ذلك سيفقده ثقته بكل منكما فيما بعد، وطبعًا عدم الذم في الطرف الآخر لا مع الطفل ولا حتى مع الآخرين أمام الطفل.
- لا تجعل طفلك وسيطًا بينكما، فمهما كانت الرسائل بسيطة أو مهمة لا تٌقحم الطفل فيها، فذلك يزيد من شعوره بالخلاف بينكما، خاصة إذا كانت لهذه الرسائل دلالات خلافية.
- لا تُجند طفلك كجاسوس على الطرف الآخر إذا أردت معرفة شيء يمكنك معرفته بأي طريقة أخرى بعيدًا عن استخدام طفلك في خلافاتكما.
- لا تحاول استمالة الطفل ناحيتك بكسر الحدود والقواعد المتفق عليها بينكما، فذلك سيجعله غير مستقر نفسيًا وستصعب عليه معرفة حدود الصواب والخطأ (9).
- شرح وبيان الموقف للأطفال القادرين على الفهم والاستيعاب، والتأكيد على أن قرار الانفصال لا يهدف إلى قلب وتغيير حياتهم، بل إنه يدعم استقرارها، ويُساعدهم على العيش براحةٍ وهدوءٍ أكبر بعيدًا عن الخلافات والنزاعات، وفي ظل وجود كلا الأبوين، وإن لم يكونا معهم في نفس البيت.
- منح الأطفال المزيد من الاهتمام والرعاية، ومُشاركتهم الأنشطة الجديدة التي تُخرجهم من أجواء الخوف والاكتئاب بسبب تغيّر ظروف الحياة، ومكان السكن، والمدرسة، وغيرها، بحيث تُساعدهم على بدء حياة جديدة بحب وتفاؤل، مثلًا جعلهم يُشاركون من أجل التأقلم في اختيار الأثاث الجميل لبيتهم الجديد، وانتقاء طلاء مميّز لغرفهم، والتسوق وشراء ألعاب أخرى جديدة تسعدهم وتُغير مزاجهم، وغيرها.
- التأكيد على احترام الأبوين لبعضهما، وبشكلٍ خاصٍّ أمام الأطفال، وتجنّب الإساءة لأي منهما، أو شتمه والتحدث عنه بصورةٍ غير لائقة في غيابه أمام الطفل.
- التناوب في دور الحضانة، وعدم إلقاء العبء على الزوج الذي سيعيش معه الطفل، بل الاستمرار في لقائهم، وزيارتهم، أو اصطحابهم للتنزه والاتصال بهم دائمًا، وعدم إشعارهم بالابتعاد، أو تخلي أحد الوالدين عنهم بعد الانفصال.
- مُحاولة ضبط روتين الأطفال اليومي المُنتظم، والسير عليه دون تغيير أو إعادة هيكلة خاصةَ في غياب الحزم الذي كان يُقدمه الطرف الآخر، أو عند تغيير المكان، وبالتالي الحفاظ على مواعيد النوم، والدراسة، وحل الواجبات المنزليّة بانتظام، وتناول الطعام الصحي والوجبات الرئيسية، وغيره (10).
مسئولية الأب بعد الطلاق تجاه أبنائه:
قد يشعر بعض الآباء بأن مسؤولياتهم تجاه أبنائهم قلّت بعد الطلاق، أو اقتصرت على الالتزامات المادية فقط، الأمر الذي يحتاج إلى وضع خطوط عريضة بشأن مسئولياته تجاههم بعد هذا الأمر، والتي تشمل:
1- التواصل مع الأطفال بشكل منتظم:
حتى مع الطلاق يمكن للأب الوجود في حياة أطفاله بشكل منتظم، وهي نقطة يجب مراعاتها على وجه التحديد، فغياب الأب عن المنزل له تأثير سلبي في نفس الأطفال.
ويمكن أن يحدث ذلك من خلال تحديد أيام وأوقات معينة للزيارة، أو حضور تدريبات الأطفال، أو الحفلات المدرسية، أو قضاء العطلات معًا، وكذلك الاتصال الهاتفي المستمر، والرسائل النصية، فهي تشعر الأطفال بأن الأب ملازمًا لهم، ويشاركهم في أحداث يومهم.
2- الالتزام بالأمور المادية:
وتشمل نفقة الأم -إن وُجدت- وكذلك الأبناء، وللأسف فإن بعض الآباء قد يقصرون مع أبنائهم في هذه الناحية، ما يؤثر في نفسيتهم، ويفقدهم الشعور بالاستقرار والأمان، وسواء كانت نفقة الأولاد محددة من قِبل الجهات المعنية، أو بالاتفاق الودي، فيجب الالتزام بها، ولكن إن كان تقصير الأب بسبب مشكلة مادية يمر بها، فيجب على الأم أن تتحلى ببعض الصبر حتى تنتهي أزمته.
3- سد الاحتياجات العاطفية للأطفال:
تختلف مشاعر الأطفال بعد الطلاق، إذ يصبحون أكثر حساسية عن ذي قبل، ما يجعلهم عرضة للاكتئاب، الأمر الذي يحتاج إلى التواصل بين الأم والأب، وإخباره بأي لحظات عصيبة يمكن أن يمر بها أطفاله، حتى يكون موجودًا فيها، ليدعمهم ويحتويهم، ويستمع إليهم، ويسد احتياجاتهم العاطفية، ويقلل الآثار السبية للطلاق عليهم، ليطمئنوا ويشعروا دائمًا بأنه إلى جانبهم.
4- الاتفاق مع الأم على قواعد ثابتة:
من الخطوات الأساسية التي يجب على الزوجين اتخاذها بعد الطلاق، الاتفاق على قواعد تربوية ثابتة، وتوحيد أساليب العقاب، والتخطيط لسير يوم أطفالهم، حتى لا يتسبب تغيير طريقة التربية بين الأم والأب في شعورهم بالتشتت، ويدفعهم بعد ذلك للتمرد على الطرف المتشدد منهما (11).
في النهاية فإنه يكفي الأطفال ما يعانونه من طلاق والديهم وتفكك الأسرة التي تمثل لهم الأمان المادي والعاطفي، لذا فعلى الأبوين أن يحرصوا على تخفيف صدمة الأطفال، وعدم تحميلهم المزيد من الهموم أو إقحامهم في صراعات.
الطلاق يعتبر أمرًا شديد الصعوبة على أي طفل لأنه يتعرض لكثير من الضغوطات، وعليه أن يتعامل أيضًا مع فكرة انفصال والده ووالدته عن بعضهما البعض.
________________
(1) أخرجه مسلم (2813).
(2) أخرجه أبو داود (2276).
(3) أخرجه الترمذي (1357).
(4) أخرجه أبو داود (2277).
(5) حضانة الطفل بعد الطلاق/ موضوع.
(6) الطلاق يتسبب بالمعاناة النفسية للأبناء/ موقع الغد.
(7) الخلافات الزوجية وأثرها على تربية الأولاد/ المنتدى الإسلامي العالمي للتربية.
(8) الطلاق المرعب: كيف يمكن تربية أبناء أسوياء بعد الانفصال/ شبكة إضاءات.
(9) طرق التعامل مع الأطفال بعد الانفصال عن الأب/ مجلة سيدتي.
(10) تأثير الطلاق على الأطفال/ موضوع.
(11) ما مسؤولية الأب بعد الطلاق تجاه أبنائه؟ سوبر ماما.