logo

حياء المرأة المسلمة


بتاريخ : الثلاثاء ، 6 ذو القعدة ، 1440 الموافق 09 يوليو 2019
بقلم : تيار الاصلاح
حياء المرأة المسلمة

أروع ما يمكن للمرأة أن تتزين به هو الحياء، بعضهن تحاول أن تتصف بالشجاعة أو الإيجابية أو النشاط أو قوة الشخصية فتخسر كثيرًا جدًا من حيائها، وتسقط من نظر الكثيرين.

إن الحياء سياج يصون كرامة المسلمة، ويحفظ لها سلوكها بعيدًا عن الفحش، وأقوالها بعيدًا عن البذاءة، وبهذا ترتفع عن السفاسف، وعندما يخرق هذا السياج ويذهب الحياء فإن المقاييس جميعها يصيبها الخلل، ويصدر عن المسلمة، عندئذ، ما لا يتناسب مع تفردها وتميزها، والتكريم الذي كرمه الله تعالى بها.

وزوال الحياء من قلوب النساء هي مشكلة كبيرة في حد ذاتها، سببت كثيرًا من الإفساد في عالم المسلمين، وما كان من سبب لهذا الفساد، وذهاب هذا الحياء إلا تنحية الشريعة، والابتعاد عن منهج الله جل وعلا، وتقليد الأمم الكافرة.

لما علم أعداؤنا بمكانة المرأة في البيت وأنها تربي النشء، وتمسك بزمام البيت، وتغلقه أمام ما يتسرب إليه من دعوات الفجور والخنا، علموا أن مكمن الضعف في هذه المرأة، وأنهم إذا أفسدوها فقد أفسدوا الأسرة المسلمة؛ وبالتالي يستطيعون أن يفسدوا المجتمع المسلم.

فالحياء صفة عظيمة في الإسلام؛ لأنه خلق كريم, يحمل صاحبه على ترك القبائح والرذائل والتحلي بالفضائل, وارتياد معالي الأمور, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحياء لا يأتي إلا بخير»(1).

ودين الإسلام مبني على الحياء, فمن لا حياء عنده فلا دين له, ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل دين خلقًا، وخلق الإسلام الحياء»(2), وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت»(3).

روى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها»(4)، والخدر: هو الستر الذي يمد للجارية الشابة في ناحية البيت، فقد ربى الإسلام بنات المسلمين على الحياء وهي في الخدر, فكيف إذا كانت خارج البيت لحاجة وضرورة؟

فحياء المرأة أن تبقى في خدرها, وإذا خرجت تحصنت بالحجاب الشرعي.

ما أحوجنا في مثل هذه الأيام إلى الحياء، في وقت تنحر فيه الفضيلة، وتذبح فيه الأخلاق، والتي منها الحياء، تذبح من الوريد إلى الوريد، عبر قنوات فضائية حملت على عاتقها تدمير الأخلاق، وتدمير الفضيلة، وتدمير محاسن العادات ومكارمها، ما أحوجنا في هذه الأيام إلى الحياء في الوقت الذي يحارب فيه الحياء، ما أحوجنا في هذا الوقت إلى الحياء، في الوقت الذي ترى فيه مظاهر عجيبة تدل على تصحر الحياء في نفوس كثير من المنتسبين إلى الإسلام.

ومن مواقف المرأة المسلمة المجيدة في الحياء ما جاء عن عطاء بن أبي رباح أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال له: «ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟»، قال: «بلى»، قال: «هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (إني أُصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي)، قال: (إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)، فقالت: (أصبر)، فقالت: (إني أتكشف، فادع الله لي ألا أتكشف)، فدعا لها»(5).

انظر كيف طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لها ألا تنكشف عند الصرع, مع أنها معذورة, ولكنها لا تحب ذلك, فكيف صار النسوة يتكشفن اختيارًا؟ فكيف حال من تكره أن تتحجب وتفتخر بالتبرج وهو أمر جاهلي؟!

وعن عائشة قالت: «كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي فأضع ثوبي وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر معهم فوالله، ما دخلته إلا وأنا مشدودة علي ثيابي حياءً من عمر»(6).

والحياء من صفات المؤمنين الأبرار الأتقياء، والمؤمنات التقيات الحافظات لحدود الله تبارك وتعالى، فهذه المرأة بنت الرجل الصالح صاحب مدين حينما جاءت إلى موسى صلى الله عليه وسلم تدعوه كيف وصف لنا القرآن مشيتها؟

قال تعالى: {فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص:25]، مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة النظيفة حين تلقى الرجال {عَلَى اسْتِحْياءٍ} في غير ما تبذل ولا تبرج ولا تبجح ولا إغواء.

فالفتاة القويمة تستحي بفطرتها عند لقاء الرجال والحديث معهم، ولكنها لثقتها بطهارتها واستقامتها لا تضطرب الاضطراب الذي يُطمِع ويغري ويهيج، إنما تتحدث في وضوح بالقدر المطلوب ولا تزيد(7).

لم تأت تمشي مشية تتبختر فيها تلقي عنها جلباب الحياء، لم تأت نازعة ستر الله تبارك وتعالى وإنما جاءت محتشمة، حتى أن بعضهم قال: إنها كانت تمشي خلفه وهو يمشي أمامها، وإذا أرادت منه أن يتجه يمنة أو يسرة ألقت حجرًا بالاتجاه الذي تريد منه أن يتجه إليه، كل ذلك حياءً وحشمةً وتسترًا من هذه المرأة المؤمنة.

وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، وهي زوج الزبير بن العوام رضي الله عنه، تأتي حاملة النوى من حقل أو مزرعة للزبير في مكان بعيد، تأتي وهي تحمله، وهي ماشية على قدميها، فرآها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تحمل النوى على رأسها، فأناخ بعيره صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه فأمرها أن تركب، فاستحيت، وامتنعت أن تسير مع الرجال.

هذا هو حياء المرأة المسلمة الشريفة العفيفة، التي لم تمزق حياءها القنواتُ الفضائية، ومجلات الأزياء، وعارضات الأزياء، ودور الرذيلة في مشارق الأرض ومغاربها، التي تصدر العفن الفني، ومساوئ الأخلاق، وتبجح النساء وترجلهن وتهتكهن.

ومن الصور التي تدل على حياء المرأة المسلمة الشريفة قصة أم سلمة رضي الله تعالى عنها لما جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله: «هل على المرأة من غسل إذا احتملت؟»، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم، إذا رأت الماء»(8)، فماذا فعلت أم سلمة، والنبي صلى الله عليه وسلم زوجها؟ غطت وجهها وقالت: «ويحك فضحت النساء، وهل تحتلم المرأة؟».

لقد غلبها الحياء وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرمها وزوجها، فهذه أخلاق أمهات المؤمنين(9).

أنواع الحياء:

الحياء ثلاثة أنواع:

حياء من الله تعالى:

ويكون بامتثال أوامره، واجتناب زواجره، فعن معاوية بن حيدة القشيري رضي الله عنه قال: «يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟»، قال: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك»، فقال: «الرجل يكون مع الرجل؟»، قال: «إن استطعت ألَّا يراها أحد فافعل»، قلت: «والرجل يكون خاليًا»، قال: «فالله أحق أن يستحيا منه»(10).

وفي الحديث الآخر أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «أوصني»، قال: «أوصيك أن تستحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك»(11)؛ بمعنى ألا يكون الله تعالى هو أهون الناظرين إليك، فينبغي أن تستحي من الله تبارك وتعالى حق الحياء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «استحيوا من الله حق الحياء»، قال الصحابة: «يا رسول الله، إنا نستحيي والحمد لله»، قال: «ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء»(12).

تحفظ السمع فلا يسمع ما لا يليق من الفحش والبذاءة والغناء والغيبة، والمعصية بجميع أنواعها مما يسمع، وأن تحفظ هذا البصر فلا ينطلق ولا يسرح يمنة ويسرة، فيرى ما لا يليق، ويرى ما يحرم عليه أن ينظر إليه(13).

وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الحياء من الإيمان كما جاء عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول: «إنك لتستحيي»، كأنه يقول: قد أضر بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعه؛ فإن الحياء من الإيمان»(14).

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحياء شعبة من الإيمان»(15).

النوع الثاني: هو الحياء من الخلق:

ويكون بكف الأذى عنهم بجميع أنواعه؛ بالقول، والفعل، وترك سوء الظن بهم، ويكون بترك المجاهرة بكل قبيح.

وبين الحياء من الله عز وجل والحياء من المخلوقين ملازمة أكيدة، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: «من لم يستحِ من الناس لا يستحي من الله».

والنوع الثالث: الحياء من النفس:

وهو نوع لطيف من الحياء، وهل يستحي الإنسان من نفسه؟

أقول: نعم، ذاك حياء يعرفه أصحاب النفوس الكريمة الشريفة العزيزة الرفيعة الأبية، هذه النفوس تستحي من رضاها لنفسها بالنقص، ومن قناعتها بالدون، فيجد الواحد نفسه مستحييًا من نفسه، حتى كأنما له نفسان يستحي بإحداهما من الأخرى، ويكون ذلك، أعني الحياء من النفس، بالعفاف، وصيانة الخلوات، وهذا أكمل ما يكون من الحياء؛ فإن العبد إذا استحيا من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر وأولى كما لا يخفى.

واعلم أن الحياء منه ما يكون خلقًا وجبلة غير مكتسب، وهو من أَجَلِّ الأخلاق التي يمنحها الله العبد ويجبله عليها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «الحياء لا يأتي إلا بخير»(16)، فإنه يكف عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحث على استعمال مكارم الأخلاق ومعاليها، فهو من خصال الإيمان بهذا الاعتبار، وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: «من استحيا اختفى، ومن اختفى اتقى، ومن اتقى وقي»(17).

وقال الجراح بن عبد الله الحكمي، وكان فارس أهل الشام: «تركت الذنوب حياءً أربعين سنة، ثم أدركني الورع»، وعن بعضهم قال: «رأيت المعاصي نذالة، فتركتها مروءة فاستحالت ديانة»(18).

ومنه ما يكون مكتسبًا من معرفة الله، ومعرفة عظمته وقربه من عباده، واطلاعه عليهم، وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، فهذا من أعلى خصال الإيمان؛ بل هو من أعلى درجات الإحسان، وقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك»(19).

وقد يتولد الحياء من الله من مطالعة نعمه ورؤية التقصير في شكرها، فإذا سلب العبد الحياء المكتسب والغريزي لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبيح والأخلاق الدنيئة؛ فصار كأنه لا إيمان له.

قال بشير بن كعب العدوي لعمران بن حصين: «إنا نجد في بعض الكتب أن منه سكينة ووقارًا لله، ومنه ضعف»، فغضب عمران وقال: «أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعارض فيه!!».

والأمر كما قاله عمران رضي الله عنه، فإن الحياء الممدوح في كلام النبي صلى الله عليه وسلم إنما يريد به الخلق الذي يحث على فعل الجميل وترك القبيح، فأما الضعف والعجز الذي يوجب التقصير في شيء من حقوق الله أو حقوق عباده، فليس هو من الحياء، إنما هو ضعف وخور، وعجز ومهانة، والله أعلم(20).

إن الحياء شعبة من شعب الإيمان، وعنوان من عناوين العفة والفضيلة، تقوم قواعده على أُسس راسخة من التقى، وأصول متينة من الصلاح؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحياء كله خير»(21)؛ بل عظم النبي صلى الله عليه وسلم من شأنه فقال: «إن لكل دين خلقًا، وخلق الإسلام الحياء»(22).

ويُتأكد ذلك في حق المرأة، فسِترها رمز حيائها، وحجابها دليل كرامتها.

وإذا اختل حياء المرأة تزلزلت أقدامها، وعصفت بها الفتن، وأصبحت سلعة رخيصة تباع بأبخس الأثمان، ويعبث بها دهاقنة الفساد، وأئمة الهوى، وليس لمن سُلِبَ الحياءَ صادّ عن قبيح، ولا زاجر عن محظور؛ فهو يُقدم على ما يشاء، ويأتي ما يهوى(23).

لقد استطاعوا أن ينزعوا من المرأة أنوثتها وحياءها، وجعلوها سلعة رخيصة تتلقفها أيدي المنتجين والمخرجين، يأكلون من هذا اللحم الطري، حتى إذا يبست وظهرت عليها التجاعيد والشعر الأبيض رموها إلى الصفوف الخلفية؛ بل وداسوها بأرجلهم، وتركوها حائرة عائرة داعرة، وبحثوا عن لحوم أخرى جديدة وطازجة، وبدءوا معها لعبة الشهرة المقيتة والدعارة القبيحة، إنها لعبة الجواري قد عادت ولكن بصورة حديثة وعصرية؛ لتلائم عصرنا، فالجارية في الماضي كانت تباع وتشترى بسبب الحروب أو الخطف أو الورث، أما في عصرنا هذا فتباع وتشترى باسم الفن والطرب والرقص.

مع فارق التشبيه بين الجاريتين؛ وكرَّم الله جارية الأمس عن جارية زماننا، فالجارية القديمة كانت محترمة الكيان، ومصانة العرض والشرف، لا يطؤها إلا سيدها، ولا تنزع ثيابها إلا في بيت من اشتراها.

أما جواري الفيديو كليب وجواري الطرب والرقص والفن والدعايات فهي مهانة، تتلقفها الأيدي هنا وهناك، وتتعرى على الهواء مباشرة في انحطاط لم تعرفه البشرية، ولا تستوعبه الفطر السليمة ولا العقول المستقيمة.

جارية الأمس إن كبرت وشاخت كانت لها الحظوة والمكانة في بيت سيدها، وفي المجتمع تأمر وتطاع، ولها خدم وحشم وأولاد.

أما جارية المنتجين والمخرجين فهي يومًا ما إلى الانتحار، أو الحضيض وتحت الأقدام تداس، وكأنها علكة مضغت، حتى إذا انتهى طعمها رميت وديست بالأقدام، وجعلوها تلعق أحذيتهم لكي يسندوا لها دورًا أو يبرزوا لها شأنًا.

هذا هو تفكيرهم، وهذه هي عقليتهم، وهذا هو تحررهم الذي في ظنهم أنه يحررون به المرأة، في حين أنهم يستعبدونها كما استعبدها الأولون ممن هم يتيهون حبًا بمناهجهم وأفكارهم.

فقد أنقذها وحررها الفرنسيون سنة 586م، واعتبروها إنسانًا خُلِق لخدمة الرجل، وحررها الإنجليز بأن أجاز للرجل بيع زوجته، وهاهم المنتجون والمخرجون واقتداءً بتحرير من سبق يفلتونها من عقالها باسم الحرية والمساواة، وإنما فعلوا ذلك من أجل إشباع غرائزهم المنحرفة، وشهواتهم الشرهة، ونظراتهم المريضة.

فهلا اعتبرت يا أخية، وهلا نظرت بعين واعية ونظرة ثاقبة لتعلمي أين يكمن الخطر، ومن هو سبب هوان المرأة والحط من كرامتها ووأدها؟؟(24).

إن فقد الحياء علامة من علامات شقاء العبد، فإذا كان الزوج عديم الحياء، أو كانت الزوجة عديمة الحياء، فلا تسأل عن شقوة أحد الزوجين بالآخر.

إذا كان أحد الأبناء صفيق الوجه لا يستحي ولا يرعوي ولا ينتهي عما لا يليق، فلا تسأل عن شقوة مخالطيه ممن يجالسونه، ويؤاكلونه، ويشاربونه.

يقول الفضيل بن عياض رحمه الله: «خمس من علامات الشقوة: القسوة في القلب، وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل»(25).

الطريق إلى الحياء:

كيف ننمي الحياء في نفوسنا؟ كيف نشيعه في مجتمعاتنا؟ كيف نغرسه في أولادنا منذ نعومة أظفارهم؟ كيف نطور هذه الفطرة في نفوسهم ونقويها؟

أولًا: يكون ذلك باستحضار مراقبة الله تعالى، ونظره إلى العبد، فهذا مشهد المراقبة، وهو مشهد كبير، وهو أصل لجميع الأعمال القلبية.

أن نستحضر معية الله تعالى ونتذكر قول الله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [الحديد:4]، {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة:7]، وكلما اشتدت هذه المراقبة أوجبت للعبد من الحياء ما لا يحصل بدونه، والحياء يجمع بين مقام المعرفة ومقام المراقبة.

ثانيًا: أن نقوي المعرفة بالله تعالى بأن نتعرف على صفات الكمال التي وصف الله تعالى بها نفسه من أجل أن نعرفه بها، وذلك أن هذه الصفات الكاملة التي اتصف الله تعالى بها إذا عرف العبد ربه بها معرفة صحيحة عظم الرب في قلب العبد، فهابه، وخافه، واستحيا منه، وعظمه، فهذه معرفة خاصة لأهل الإيمان والتقى، بخلاف المعرفة العامة، فالخلق جميعًا يعرفون أن الله هو خالقهم وموجدهم ورازقهم، ولكن أهل الإيمان الخاص هم الذين يعرفونه بصفات الكمال على وجه التفصيل، كما بين ذلك في كتابه.

وطريق ذلك هو أن نعرف معاني هذه الأسماء، وأن نتفكر ونتأمل في آيات القرآن العظيم، وأن نفهم عن الله، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نتفكر في هذه الآيات التي نشاهدها في كون الله تعالى وفي صفحة هذه الآفاق الواسعة، وأن نتـأمل في حكمة الله تعالى وقدرته ولطفه وإحسانه وعدله في قضائه وقدره وخلقه.

وجماع ذلك الفقه في معاني الأسماء الحسنى، وجلالها، وكمالها، وتفرده بذلك، وتعلقها بالخلق والأمر، فيكون العبد فقيهًا في أوامر الله ونواهيه، فقيهًا في قضائه وقدره، فقيهًا في أسمائه وصفاته، فقيهًا في الحكم الديني الشرعي، والحكم الكوني القدري، وكلما ازدادت هذه المعرفة وهذا الفقه كلما ازداد الحياء في قلب الإنسان، فإذا عرف الإنسان ربه معرفة حقيقية ازداد الحياء ونما وترعرع في قلبه.

إن الأسماء والصفات مقتضية لآثارها من العبودية، فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها، فعلم العبد بسمع الله وبصره، وأنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وأنه يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، كل ذلك يورثه الحياء؛ فيحفظ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضي الله تبارك وتعالى.

ثالثًا: ومن الأمور التي يحصل بها الحياء وينمو تنمية العفة في النفوس، وإشاعة العفاف؛ فالعفة هي أحد أركان حسن الخلق الأربعة.

إنها خصلة شريفة تحمل صاحبها على اجتناب الرذائل والقبائح، القولية والفعلية، وتحمله على الحياء الذي هو رأس كل خير.

رابعًا: ومما ينمي الحياء أن تعرف نفسك، وأن تكسر هذه النفس فلا تتعالى، ولا ينفرط لسانك، ولا تنبعث جوارحك لفعل ما لا يليق، فإن الإنسان إذا ضبط نفسه وعرفها وكان فقيهًا بها فإنه يستطيع بعد ذلك، بعون الله تعالى، أن يسيطر عليها؛ فيضبط سلوكه؛ فيوجب له ذلك الحياء من الله، واستكثار نعمه، وأن يتقالّ ما يقدمه في مقابل هذه النعم من ألوان العبوديات، فلا يكون مدليًا على ربه تبارك وتعالى بعمله الصالح.

خامسًا: مجالسة من يستحيا منه؛ لأن الطبع سراق، والناس كأسراب القطا جبلوا على تشبه بعضهم ببعض، فمن جالس أهل الحياء فإنه يتخلق بأخلاقهم، ومن جالس أهل الجفاء والبذاء والرعونة فإنه يتخلق بأخلاقهم ولا بد.

وإذا نمّى الإنسان ما فيه من القدر والإمكانيات والطاقات، ونمّى أيضًا كل جارحة من جوارحه بحسبها فإن ذلك العضو من أعضاء الإنسان يقوى ويشتد، كما هو معروف، فإذا جالس الإنسان من يستحيي بمجالستهم؛ فإن ذلك يكون سببًا لنماء الحياء في نفسه، ولهذا قال بعض السلف: «أحيوا الحياء بمجالسة من يستحيا منه»، ويقول الإمام مجاهد: «لو أن المسلم لم يصب من أخيه إلا أن حياءه منه يمنعه من المعاصي لكفاه».

وبهذا تعرف أن الذين يجالسهم الإنسان ممن يسربون عليه الحياء، وممن تجالسهم المرأة، ويسربون عليها التزام العفاف والحشمة والحجاب أنهم من الشياطين الذين لبسوا مسوح الآدميين.

سادسًا: أن نتدبر كلام الله تعالى الذي تجلى الله تعالى فيه لعباده بصفاته، فتارة يتجلى بجلباب الهيبة والعظمة والجلال، وتارة يتجلى بصفة السمع والبصر والعلم؛ فتنبعث في العبد قوة الحياء؛ فيستحي من ربه أن يراه على ما يكره، أو يسمع منه ما يكره، أو يخفي في سريرته ما يمقته عليه، فتبقى حركاته وأقواله ونظراته وخواطره موزونة بميزان الشرع، غير مرسلة تحت حكم الهوى.

سابعًا: التربية على الحياء: فالصغير يقال له منذ الصغر: هذا عيب، هذا لا يليق، ينبغي أن تكف، أيتها البنت، استتري، غطِّ ساقك، غط ركبتك، فضلًا عما هو فوق ذلك، فتجد هذا الصغير، سواء كان ذكرًا أو أنثى، إذا انكشف ساقه أو انكشفت ركبته بادر إلى سترها، وتغير وجهه، ولربما صدرت منه بعض الحركات التي تنبئ عن امتعاضه لانكشاف هذا العضو، الذي قد تعود أنه من الخطأ ومن العيب أن ينكشف أمام أنظار الآخرين، فهذه أمور تنمي، فالبنت الصغيرة حينما نربيها على لبس القصير، وحينما نربيها على الشاشة الفضية، وهي تشاهد المرأة في أحضان الرجل يقبلها، ويداعبها، ويضاحكها، وقد ظهرت بأبهى زينة.

حينما ترى تلك المذيعة تراها في حلتها وزينتها، وقد جعلت أرتالًا من الأصباغ في وجهها، تتكلم بكل جرأة، فأي حياء يبقى عند بناتنا ونسائنا.

إن الغصون إذا قومتها اعتدلت       ولا تلين إذا كانت من الخشبِ

ثامنًا: إزالة ما ينافي الحياء، أخرجوا هذه الأجهزة المدمرة من بيوتكم يبقى لكم الحياء والعفة والشرف، تبقى لكم مقومات الوجود، يبقى لكم الدين والأخلاق والفضيلة والشرف والعفاف، أما هذه القنوات الساقطة، إلا ما رحم الله تعالى، فإنها تفري الحياء فريًا، وتفتك بالأخلاق، وتعرض الفتنة بأبهى صورها، إنها تحطم القيم.

إن التسمر أمام هذه الشاشات من قبل الشباب والفتيات؛ بل من قبل العجائز والشيوخ، أمر يحطم كل معنى حميد تربى عليه الإنسان عشرات السنين.

إنهم يصورون الفضيلة على أنها تخلف، إنهم يؤسسون الأسس والقواعد التي تدمر ما بقي في نفوسنا من الفضائل، إنهم يصورون المرأة التي تحافظ على طهرها وحيائها وحشمتها وعفافها بالمتخلفة، والرجعية، والانطوائية، والمعقدة، والمريضة، إنهم يصورونها بأسوأ الصور، ويصفون المرأة المتهتكة بالجريئة والعصرية والمتمدنة.

هكذا تدمر الأخلاق، حيث يبرزون المرأة المتبرجة المتهتكة التي باعت حياءها، وحشمتها، وترجلت، وظهرت أمام الشاشات تشاهدها الملايين، تعرض فتنتها سلعة رخيصة، تعرض جسدًا عاريًا قد ظهرت فيه ألوان المفاتن، إنها تجارة رخيصة لا تنطلي ولا يبتاعها ولا يرتادها إلا من قل حياؤه ومن قلت مراقبته لله تبارك وتعالى.

إنه تصحر الأخلاق في عصر أدعى فيه الإنسان أنه قد حصل ألوان العلوم، واستطاع أن يسيطر على كثير من المقدرات، وأن يسخرها في صالح الإنسان، وفي إزاء ذلك نجد فقدان القيم، ونجد تدمير كل خلق شريف كريم.

تاسعًا: ومما ينمي هذا الخلق في نفسك، أيها المسلم، أن تستحضر أن الملائكة يرونك، وأن الله يقول: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18]، هذا الفعل الذي قد تفعله، وهو لا يليق، يراه الملك ويشاهده، والملائكة يطوفون فينا صباح مساء، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار»(26)، فينبغي للإنسان أن يستحيي من نظرهم.

عاشرًا: الإمساك عما تقتضيه قلة الحياء من الأقوال والأفعال، إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، وإنما الحياء بتكسبه وتطلبه، فإذا فعل الإنسان الأفعال التي تليق بأهل الحياء كان ذلك خلقًا راسخًا له، وإذا فعل ما يضاد ذلك انخلع من ربقة الحياء.

الحادي عشر: وهو أن نجاهد النفس، وأن نروضها على الأخلاق الفاضلة؛ ذلك أن كل شرف وكل علو ورفعة يحتاج إلى مجاهدة ومكابدة، وألوان من الصبر؛ لأن أضداد ذلك تزين خلافه، والنفس فيها نوازع، فكما أن الحياء غريزة وفطرة، فكذلك في النفس الأمارة بالسوء داعي الهوى، والنفس تحرك الإنسان وتدعوه إلى فعل ما لا يليق، فيبقى الصراع محتدمًا بين الفضيلة والرذيلة، بين داعٍ يدعوه إلى الخير وملازمة الأخلاق الفاضلة وبين داعٍ يدعوه إلى غير ذلك.

ولهذا عد العلماء رحمهم الله ذكر القلب أفضل من ذكر اللسان، قالوا: إن ذكر القلب يدل على حياة القلب، ويكون محركًا له، ويثمر فيه المعرفة، ويهيج المحبة، ويثير الحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويزع عن التقصير في الطاعات، والتهاون في المعاصي والسيئات، أما ذكر اللسان المجرد فإنه قد لا يوجب شيئًا من ذلك؛ لأن الإنسان قد يذكر ربه وهو غافل، فلا بد من حضور القلب(27).

موانع الحياء؟

الحياء له أضداد وله موانع، هناك أمور تضعفه وتحطمه في نفوسنا، ومن الخطأ الكبير أن نجعل هذه الخصلة الفذة الشريفة عرضة لكل آسر وكاسر، من الخطأ أن نجعلها عرضة للصوص الأخلاق، ولدعاة الرذيلة، من الخطأ أن نجعلها عرضة لأن ينتشلها وأن يقتلعها من نفوسنا لصوص الأخلاق، وشياطين الإنس والجن.

مما يضعف الحياءَ المعاصي بجميع أنواعها، فالذنوب تضعفه في القلب حتى ربما مات القلب بسبب هذه الذنوب، وانسلخ القلب من الحياء بالكلية، فلا يتأثر الإنسان بفعل القبيح؛ بل لربما تبجح به، وأخبر الناس عنه، وافتخر بما لا يليق.

إذا كان الإنسان مدمنًا لمعاصي الله تعالى، معتادًا لها، فإنه لا يرعوي، يفعل ذلك والناس يشاهدونه.

وانظر إلى حال المدخن مثلًا، تراه يُشعل سيجارته، ثم يبدأ يدخن أمام الآخرين بلا حياء، فهو لا يرى في ذلك غضاضة، بينما الآخر الذي ما اعتاد على هذه الخصلة السيئة لو أراد أن يفعلها فإنه يختفي، فما الذي يجعل هذا يختفي والآخر يتبجح؟

كذلك إذا أراد الإنسان أن يواقع ما لا يليق، أو يسافر إلى بلاد عرفت بالفجور، فإن من قل حياؤه وأدمن هذه الذنوب والمعاصي يسافر جهارًا نهارًا، ويخبر عن بطولاته وخيبته، وممارساته الشنيعة في تلك البلاد، وأما الآخر فإنه يخفي ذلك غاية الإخفاء، ويشعر بالحرج الشديد إذا اطلع الناس على ذلك، فبين الذنوب وبين قلة الحياء ملازمة أكيدة.

مما يضعف الحياء ويخرمه سماع الأغاني، كما قال يزيد بن الوليد، من خلفاء بني أمية: «يا بني أمية، إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل السكر، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء، فإن الغناء داعية الزنا»(28).

ومما يضعف الحياء التربية السيئة، إحدى النساء كتبت، وهي كاتبة معروفة بقلة الحياء، وبالدعوة إلى التبرج والسفور، تقول: ثم ماذا إذا اكتشفت أن ابنتي على علاقة بشاب تحادثه، ويحادثها، وتخرج معه، ويخرج معها، تقول هذا في صحيفة، وتكتبه باسمها الصريح، وهكذا تفعل التربية السيئة حيث يخرج الإنسان من ربقة الحياء.

ومن ذلك أيضًا كثرة مخالطة النساء للرجال، فالمرأة التي تعمل في مجال الرجال فتخالطهم، وتحضر معهم الاجتماعات، ولربما تطببهم، وما إلى ذلك، كل هذا يذهب ماء وجهها شيئًا فشيئًا، ثم تكون بعد ذلك مترجلة، ويذهب عنها الحياء شيئًا فشيئًا، حتى لا يبقى معها منه شيء؛ بل لربما أرادت أن تبدي لغيرها أنها امرأة لديها قدرة على الاندماج، ولديها قدرة على مداخلة الآخرين، ولديها قدرة على كسر التقاليد، كما يقال، وما علمت أن مخالطة النساء للرجال تكسر الشرف والخلق والدين والفضيلة.

ومما يدمر الحياء ويضعفه مخالطة من قل حياؤهم، أو إدمان النظر إليهم عبر المسلسلات والبرامج، والنظر إلى الصور، وما إلى ذلك مما يعرض علينا صباح مساء، فهذا إذا نظر فيه الشاب أو الفتاة مرة بعد مرة جرده من الفضيلة والحياء، وصار يريد أن يحاكي الآخرين بهذه الأخلاق الرذيلة التي يتحلون بها.

وأمر آخر مما يدمر الحياء كثرة خروج المرأة من بيتها، المرأة يقول الله لها: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:33]، والتبرج من البروج، وهو الظهور والانكشاف، ومنه قيل للبرج ذلك؛ لأنه منكشف ظاهر.

فالمرأة التي تخرج من بيتها خروجها لون تبرج، وإنما مكان المرأة هو بيتها {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، وفي القراءة الأخرى المتواترة: {وَقِرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} أمر بالقرار وأمر بالوقار، وهما متلازمان، فوقار المرأة في قرارها، وذهاب ماء الوجه إنما يكون بكثرة خروجها.

«المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان»(29)، أي هم بها، فما أحوجنا إلى التنبه لهذا المعنى في وقت قد أجلب الشيطان علينا في هذا الزمان بخيله ورجله، من دعاة خروج المرأة؛ حيث يقولون ويكتبون ويتكلمون، ويخرجون في القنوات والإذاعات وفي الإنترنت وغير ذلك يدعون إلى خروج المرأة، وإلى تفعيل نصف المجتمع من أجل تحطيم المجتمع.

فالمرأة تقوم بدورها الريادي في تربية الجيل، وحفظ كيان الأسرة بالقرار في البيت، فيأتي الرجل الشريك الآخر، وقد وجد بيته مهيئًا، ووجد شريكه الآخر قد أرضع الصغير، وقام على المريض، وقد قام على حوائجه وصنع ما يلزم.

وهذا الرجل يشارك في ميادين الحياة، ويقوم بما يجب، ويعافس كثيرًا، ويكابد كثيرًا من أجل تحصيل لقمة شريفة يقتاتها هو وعياله، فيتربى جيل على الطهر والشرف والعفاف والفضيلة.

وأما إذا خرجت المرأة بدعوى أنها ليست بدجاجة، كما يقول الإمام العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله، فإنهم يضطرون إلى دجاجات يحبسونها في البيت، من سائق ومربية، أو مربٍ وخادمة، وبعض من لا يعرف قدر التربية، يتركون تربية الأولاد للخدم والخادمات.

من مظاهر قلة الحياء:

لباس النساء في الأعراس، ولبس العباءات الفاتنة، والنقاب المخل بالحشمة، ومضاحكة الرجال الأجانب، والخضوع بالقول معهم، واتصال النساء المباشر على البرامج المباشرة، وطرح الأسئلة الجريئة، وكذلك خروج النساء للمطاعم، ومقاهي الإنترنت، والكوفي شوب، وغير ذلك، وما بعض سيدات الأعمال عنا ببعيد، حينما يخرجن على مرأى الرجال، وينقل ذلك على صفحات الصحف الأولى، وقد خرجن متهتكات مبديات لشعورهن ووجوههن، فهؤلاء لا يمثلن المرأة المسلمة العفيفة الشريفة.

ومن مظاهر قلة الحياء: مشي المرأة في وسط الطريق، ولربما، وهي الموضة الحديثة، وضعت يدها بيد زوجها وهي تمشي، ولربما وضع يده من خلفها إلى خصرها وهو يمشي معها، ولا أدري من الذي يرسم لهم هذه الألوان من قلة الحياء؟

ربما كانت الدعايات على صفحات المجلات والصحف، سواء دعايات السيارات، أو دعايات الخيام، أو دعايات أخرى؛ حيث تُعرض المرأة كاشفة لوجهها، وعليها عباءة مخصرة تتسوق، وقد أخذ بيدها، أو وضع يده من وراء ظهرها!

ومن المظاهر أيضًا: الخلوة مع الطبيب، والتكشف للطبيب من غير حاجة، مع أنه يوجد نساء طبيبات؛ بل ربما جلس الزوج في الخارج ينتظر ماذا يتمحض عنه هذا اللقاء بين زوجته وبين هذا الطبيب، وكأن هذا الزوج قد نزعت منه الرجولة والفحولة والمروءة والأخلاق(30).

***

__________________

(1) أخرجه البخاري (6117).

(2) أخرجه ابن ماجه (4181).

(3) أخرجه ابن ماجه (4183).

(4) أخرجه البخاري (3562).

(5) أخرجه البخاري (5652).

(6) أخرجه أحمد في مسنده (25660).

(7) في ظلال القرآن (5/ 2686-2687).

(8) أخرجه البخاري (130).

(9) الحياء، الموقع الرسمي للشيخ خالد السبت.

(10) أخرجه الترمذي (2769).

(11) أخرجه الطبراني (5539).

(12) أخرجه الترمذي (2458).

(13) الحياء، الموقع الرسمي للشيخ خالد السبت.

(14) أخرجه البخاري (24).

(15) أخرجه النسائي (5006).

(16) أخرجه البخاري (6117).

(17) جامع العلوم والحكم (1/ 501).

(18) فتح الباري، لابن رجب (1/ 103).

(19) سبق تخريجه

(20) جامع العلوم والحكم (1/ 500-502).

(21) أخرجه مسلم (37).

(22) سبق تخريجه.

(23) أدب الدنيا والدين، ص241.

(24) أرشيف منتدى الفصيح - 1.

(25) شعب الإيمان (10/ 182).

(26) أخرجه البخاري (555).

(27) الحياء، الموقع الرسمي للشيخ خالد السبت.

(28) شعب الإيمان (7/ 112).

(29) أخرجه الترمذي (1173).

(30) الحياء، الموقع الرسمي للشيخ خالد السبت.