logo

مدح الأبناء ضوابط ومحاذير


بتاريخ : الثلاثاء ، 6 جمادى الآخر ، 1442 الموافق 19 يناير 2021
بقلم : تيار الاصلاح
مدح الأبناء ضوابط ومحاذير

كانت مجموعة من الضفادع تسافر عبر الغابة، سقط اثنان منهم في حفرة عميقة، فتجمّعت بقية الضفادع الأخرى حول الحفرة، ورأى الجميع أنها حفرة عميقة جدًا، فأخبروا الضفدعين بأنه لم يعد هناك أي أمل من خروجهما.

مع ذلك، قرّر الضفدعان تجاهل ما قاله الآخرون وشرعوا في محاولة القفز من الحفرة.

لكن، وعلى الرغم من جهودهما، بقيت مجموعة الضفادع الواقفين فوق أعلى الحفرة يقولون للضفدعين بأن عليهما التخلي عن المحاولة؛ لأنهما لن يتمكنا من الخروج من الحفرة أبدًا.

في نهاية المطاف، أخذ واحد من الضفدعَين يستجيب لما كان يقوله الآخرون واستسلم، وسقط إلى الأعماق ولقي حتفه ومات.

واصل الضفدع الآخر القفز بقوّة بقدر ما يستطيع، ومرة أخرى، صاحت به مجموعة الضفادع بأن عليه أن يتوقف، وأن يجنّب نفسه الإرهاق والألم ويستسلم للموت مثل رفيقه الذي مات للتوّ.

جمع الضفدع كل قوّته وقفز بكل ما لديه من طاقة، وكانت القفزة قوية بحيث أوصلته إلى حافة الحفرة فوجد نفسه حرًا طليقًا.

عندما خرج الضفدع اجتمعت الضفادع الأخرى حوله، وقالوا له: ألم تسمعنا؟ فأوضح الضفدع لهم بأنه أصم (أطرش)، وقد كان يعتقد أنهم يشجّعونه طوال الوقت.

كم من عبارات أحبطت ودمرت، وكانت سببًا رئيسيًا في هلاك الإنسان وانحرافه، أو يأسه وقنوطه، وكم من العبارات كانت السبب الرئيسي في تشجيع الإنسان للنهوض من كبوة أو التغلب على عثرة.

فكلمة تشجيع، لإنسان في حالة يأس، سترفعه وتعطيه مقدرة للاستمرار، أما الكلمة المحطمة والمفشلة، فتقضي عليه وتهدمه، فيموت.

والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، فإن عُوّد الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وإن عُوّد الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيم عليه، ومهما كان الأب يصونه عن نار الدنيا فإن صونه عن نار الآخرة أولى، وصيانته بأن ينشئه على دين الله عز وجل، وأن يراقبه في أفعاله، وأن يكون طعامه حلالًا، فإن اللبن الحاصل من الحرام لا بركة فيه، ومن أعجب الأمور أننا لا نسمح لإنسان بأن يستخدم خامة دون أن يتدرب ثم ربما يتسلم مسئولية طفل ونفس بشرية دون أن يكون عنده أي خبرة في التربية.

يقول ابن القيم رحمه الله: فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إِنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوها صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارًا (1).

فالمدح والثناء من الأمور التي تُسَر بها النفوس غالبًا، وتحفزها على زيادة العطاء والمحافظة عليه؛ فيحتاجه الأب في بيته، والمربي مع طلابه، والرئيس مع مرؤوسيه، فيُثني على من يستحق الثناء، ويُشيد بعمله تحفيزًا له على زيادة العطاء والاستمرار فيه، وحثًّا لغيره لينافسه في البذل وحسن العمل؛ ولذا تجد البعض يفتُر بعد جد ونشاط، وإذا بحثت عن سبب هذا الفتور وجدت السبب عدم تقدير هذا الجهد، وأن الجميع يستوون عند من له ولاية عليهم.

ومن المدح المحمود؛ مدح الشخص بما فيه قبل توجيهه ونصحه، فيقدم الناصح بين يدي نصيحته الثناء على المنصوح، وذكر بعض الخير الذي فيه، ثم يحفزه للكمال بفعل بعض المأمورات أو ترك بعض المنهيات، فهذا مظنَّة الاستجابة للنصيحة وعدم تكدُّر الخاطر بها، فقبل أن يوجه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر إلى قيام الليل قال: «نِعم الرجلُ عبد الله، لو كان يصلي من الليل»، فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا قليلًا (2).

وهناك دراسةٌ قام بها بعض الباحثين، لمعرفة أثر وسائل المدح المختلفة على الأبناء، وذلك من خلال اختيار 128 طالبًا بالصف الخامس الابتدائي، وقد قام الباحثون بتقسيم الطلاب إلى مجموعتين، ثم أعطوهم اختبار ذكاء، وبعد الانتهاء من إجابة الاختبار، قام الباحثون بالآتي:

- أخبَروا أولَ مجموعة مِن الطلاب أنهم أحسنوا الإجابة، وأنهم أطفال أذكياء؛ لحصولهم على تلك النتيجة؛ (هنا قاموا بمدح ذكاء الطفل).

- وأخبروا المجموعة الثانية أنهم أحسنوا الإجابة، ويبدو أنهم (أي: الطلاب) قد بذلوا مجهودًا كبيرًا، مما أعانهم على تحقيق هذه النتيجة (هنا مدحوا مجهود الطفل، وليس ذكاءه).

ثم قام الباحثون بسؤال جميع الأطفال إن كانوا يرغبون بأخذ اختبار آخر أكثر صعوبة؟

فوجدوا أن الأطفال الذين تم مدحُ ذكائهم لم يُحبِّذوا أن يخوضوا تجرِبة أخرى، واكتفوا بنتيجة الاختبار الأول.

أما هؤلاء الذين تم مدح جهودهم، فـ90% منهم رغبوا في دخول اختبار آخر أكثر صعوبة.

ثم قام الباحثون بإعطاء الجميع اختبارًا آخر، فوجدوا أن الأطفال الذين تم مدح جهودهم قد أجابوا بشكل أفضل من هؤلاء الذين تم مدح ذكائهم، وكانت نتيجة الاختبار أن هؤلاء الذين تم مدح جهودهم استوعبوا فكرة أن درجاتهم قد تتحسَّن وترتفع إذا بذلوا المزيد من الجهد.

أما هؤلاء الذين تم وصفُهم بالأذكياء، فظنوا أنهم ليسوا بحاجة لبذل أي جهد إضافي؛ لكونهم أذكياء.

ومع تَكرار التجارب توصل الباحثون إلى أن مدح ذات الطفل:

1- لا يغرس فيه الثقةَ ولا الطُّمأنينة.

2- يجعله غير راغب في الاجتهاد أو المغامرة بدخول اختبارات أعلى مستوى.

3- يجعله أكثر خوفًا وحساسية من الفشل واهتزاز صورته أمام الناس؛ لذلك فهو أكثر قابلية للانسحاب أمام التحديات الجديدة.

وهذا بالتأكيد سينعكسُ على حياته الشخصية عامَّة، فيصبح محرِّكُه في الحياة هو نظرةَ الناس إليه؛ مما يغرس فيه الرياء والتماس مرضاة الناس، بغضِّ النظر هل هذا أمرٌ يُرضي الله أم لا؟

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن التمس رضا الله بسخط الناس، كفاه الله مؤنة الناس، ومَن التمس رضا الناس بسخط الله، وكَلَه اللهُ إلى الناس» (3).

لذلك كان الأمر النبوي بالنهي عن مدح الذات، ففي حديث أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يثني على رجل ويطريه في المِدْحة، فقال: «أهلكتم- أو قطعتم- ظهر الرجل» (4).

قال المهلب تعليقًا على الحديث: وإنما قال هذا -والله أعلم- لئلَّا يغتر الرجل بكثرة المدح، ويرى أنه عند الناس بتلك المنزلة، فيترك الازدياد من الخير، ويجد الشيطان إليه سبيلًا، ويوهمه في نفسه حتى يضع التواضع لله (5).

وقال ابن حجر تعليقًا على الحديث: قال ابن بطَّال: حاصل النهي هنا أنه إذا أفرط في مدح آخر بما ليس فيه، لم يأمن على الممدوح العُجْب؛ لظنه أنه بتلك المنزلة، فربما ضيَّع العمل والازدياد من الخير؛ اتِّكالًا على ما وُصِفَ به (6).

إذًا كيف ينبغي أن يكون المدح؟

للمدح الإيجابي صور ووسائل كثيرة:

- فقد يكون المدح من خلال التحفيز على مكانة مستقبلية سيُحقِّقها الطفل بعون الله، لو اجتهد في القيام بعمل معين.

ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة حينما أراد توجيه عبد الله بن عمر رضي الله عنه إلى قيام الليل، فقال: «نِعم الرجلُ عبد الله، لو كان يصلي من الليل»، فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا قليلًا (7).

- وقد يكون المدح على المجهود الذي قام به سابقًا، مع إعطائه بعض النصائح الإيجابية التي تعينه على المزيد من الاجتهاد والتميز، وتشمل نصائحَ عن:

- الاستراتيجيات التي استخدمها في عمله.

- المجهود الذي بذله لتحقيق النتيجة.

- مدى تقدُّمه وتطوره في هذا العمل.

- قدرته على التركيز تحت الضغط النفسي مع ضيق الوقت.

وها هي بعض الأمثلة العملية:

- لا تقل: رسمُكَ رائع؛ لكن قل: لقد صنعتَ لوحةً مميزة بدقة الخطوط وانسجام الألوان.

- لا تقل: أنت ذكي في الرياضيات؛ لكن قل: أعجبني اجتهادُك وتفكيرك في حل المسائل الرياضية المعقَّدة.

- لا تقل: أعجبني تفوُّقُك، رغم قلة مذاكرتك؛ لكن قل: يبدو أنك اجتهدتَ في استيعاب هذه المعلومات حينما درستَها سابقًا، مما أعانك على استرجاعها بسهولة مع قليل من الجهد، وأنا على يقينٍ أنك لو أعطيتَها مجهودًا أكبر في المرات القادمة، ستتميز درجاتك أكثر وأكثر.

- حينما يخسر ابنُك في اللعب مع رفاقه؛ لا تقل: لا تبالِ بهم، فأنت تستحق الفوز، بل كن صادق وقل: أعلمُ أنك بذلت مجهودًا كبيرًا للفوز، لكن يبدو أنك تحتاج للمزيد من التمرين باستراتيجيات جديدة؛ حتى تتميز وبجدارة بين رفاقك.

- حينما يفوز ابنك في سباق للجري، لا تقل: إنك أسرع لاعب بالفريق؛ لكن قل: لقد فزتَ بفضل الله، ثم اجتهادك في التدريب الكثير على الجري بسرعات متناسبة، أعانتك على الحفاظ على قوتك والاستمرار لنهاية السباق بقوة وثبات (8).

ولكن ماذا لو كان الشخص يستحق فعلًا المدح؟

يجيب عن ذلك حبيبُنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، حينما قال لأحد الصحابة: «ويحك، قطعت عنق صاحبك - يقوله مرارًا - إن كان أحدكم مادحًا لا محالة، فليقل: أحسب كذا وكذا، إن كان يرى أنه كذلك، وحسيبه الله، ولا يزكي على الله أحدًا» (9).

ولنتذكَّر أن الأحاديث التي تمنع المدح وتذمُّه لا تتعارض مع الأحاديث الأخرى التي تبيحه، يقول الإمام النووي في شرحه لمسلم: قال العلماء: وطريق الجمع بينها أن النهي محمولٌ على المجازفة في المدح، والزيادة في الأوصاف، أو على مَن يخاف عليه فتنة من إعجاب ونحوه إذا سمع المدح، وأما مَن لا يخاف عليه ذلك؛ لكمال تقواه، ورسوخ عقله ومعرفته، فلا نهي في مدحه في وجهه إذا لم يكن فيه مجازفة، بل إن كان يحصل بذلك مصلحة؛ كنشطه للخير، والازدياد منه، أو الدوام عليه، أو الاقتداء به، كان مستحبًّا، والله أعلم (10).

مجموعة من الخطوات التوجيهية للآباء والأمهات ينصح باتباعها:

- امتدح محاولات الطفل وليس منجزاته فقط، لأن الطفل في بداياته سيكون لديه العديد من المحاولات، قد ينجح في بعضها ويخفق في أخرى.

- تأكد أن الجمل التي تستخدمها مناسبة لعمر الطفل.

- علينا أن نبتعد عن ذكر الجمل التي تذكر الطفل بنقاط ضعفه.

- يفضل أن نمدح أبناءنا في الوقت الذي صدر فيه السلوك وعدم التأجيل.

- علينا ألا نبالغ في المدح لأطفالنا، كي لا نصل بهم الى مرحلة الغرور.

- جعل المدح يتضمن تعليقات إيجابية وتشجيعية.

فوائد استعمال أسلوب المدح:

1- لا يعد المدح أسلوبًا فقط؛ بل هو ضرورة أبوية، وهذا ما أكدته الأبحاث العلمية.

2يساعد أسلوب المدح والثناء على شعور الطفل بالسعادة والرضا والثقة بالنفس.

3يساعد المدح والثناء على بناء علاقات أسرية يسودها الوئام والانسجام.

4للمدح والثناء دور عظيم في تعلم الأطفال سلوكيات جديدة.

5– عن طريق المدح، يتعلم الطفل السلوك المرغوب به ويقوم بتكراره.

6- عدم تقييم شكل الطفل، بل امتداح اهتمامه بنفسه ونظافته، ناهيكم عن تطوير قدراته ومهاراته.

7- أن الثناء المستمر يعزز النرجسية، وليس احترام الذات.

8- إن قول عبارات إيجابية لأطفالنا: هو أمر إيجابي بالتأكيد، ولكن ليس بالضرورة أن يكون مدحًا.

9- يجب على الآباء آلا يفكروا في المديح كوسيلة لبناء احترام الذات؛ لأنه ليس كذلك، بل يمكن أن يكون الثناء وسيلة لتعزيز السمات التي نرغب في تشجيعها لدى أطفالنا، والتي ستساعدهم على أن يكونوا أفرادًا أكثر نجاحًا.

10- إن الهدف أن يكون الثناء ذا مغزى، والإشارة إلى صفات الطفل وسماته التي يجب تقديرها مثل العمل الجاد، والتعامل الحسن، ومساعدة الآخرين.

11- امدح المحاولات ولو لم تكن إنجازًا، ولنحذر من تثبيط الطفل أثناء محاولاته حتى لا يصاب بخيبة الأمل وضعف الثقة في النفس.

12- ركز على وصف الأشياء التي قام بها الطفل، وليس على الأشياء التي لم يقم بها.

13- انتبه للغة جسدك أثناء ثنائك على طفلك: نبرة صوت قوية ملؤها الفرح والبهجة تعبر عن إعجابك، مصحوبة بابتسامة، وعينيك تنظر إلى عينيه وأنت تميل نحوه منحنيًا إلى مستوى قامته.

14- لغة الثناء أو الكلمات المستعملة يجب أن تكون بسيطة وقصيرة وواضحة، واذكر السلوك الذي أعجبك بالتحديد، مثلًا، شكرًا لك يا سعيد لأنك قمت بأداء واجبك المدرسي وجمعت أدواتك في الشنطة.

15- وليكن مدحك حقيقيًا غير مجامل: فالطفل يعرف بإحساسه وذكائه متى تكون صادقًا في مدحك ومتى تكون مجاملًا مبالغًا؛ لذلك علينا أن نمدح ما يستحق المدح من إيجابيات حقيقية، مع الابتعاد عن أسلوب المدح للمدح أو التفاخر أو المبالغة المضرة، وهو المدح السلبي الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وحذّر منه.

كل طفل يعرف أنه ليس دائمًا جيدًا، وأن لديه أفكارًا ومشاعر لا تعجب والديه، فإذا أخبرته بأنه جيد، فعليه أن يظهر لك تصرفًا ما بطريقة ما، من خلال السلوك السيئ، أو أن يستثمر كل جهوده لإبقائك مخدوعًا، أو إشعارك، وكأنه يجب عليه إخفاء ذاته الحقيقية، وأن يكون مثاليًا، وهذا أسوأ أمر قد يحصل للطفل (11).

وقد كان من منهجُ النبي صلى الله عليه وسلم في كشف الإمكانات الكامنة لدى الأطفال وتحفيزها، من ذلك أنه لما أبصرَ ملامح الذكاء المتوقّد عند زيد بن ثابت: من خلال حفظِه المتقن لسورٍ من القرآن الكريم، حضّه على تعلُّم اللغة العبرية واللغات الأجنبية، وبذا تميّز زيدٌ في أربعةِ علوم: الترجمة والقراءات، وعلم الفرائض وكتابة الوحي والرسائل النبوية.

ومن منهج النبي عليه الصلاة والسلام في هذا المضمار، ثناؤه على المتفوقين من أصحابه، وتقويمُهُ حتّى للانجاز اليومي ليثير عبقرية الاهتمام عند الآخرين، ففي أثناء رجوعهم من غزوة الغابة، أثنى على بطليْها قائلًا: «خيرُ فرساننا اليوم أبو قتادة، وخيرُ رجّالتنا سلمةُ بنُ الأكوع» (12)، كما ضرب على صدر أبيّ بن كعب قائلًا: «لِيَهنِكَ العلمُ أبا المنذر» (13).

وكـان من ثنائه على المتفوقين إطلاق الألقاب عليهم، فأبو عبيدة أمينُ الأمة، وابن مسعود غلامٌ معلَّمٌ، والزبير حواريُّ الرسول، وهذه الألقاب بمنـزلة شهاداتٍ نبوية مباركة، لا نّدري كم كان فرح أصحابها بها.

ومن سيرته صلى الله عليه وسلم في تشجيع الأطفال، الاستحسانُ والابتسام والجائزةُ، ومسحُ الرأس، وحتى قرْصُ الأذُن بتحبّبٍ، فقد فعل هذا مع زيد بن أرقم قائلًا: «وفت أذنك يا عمير وصدقك ربك» (14)، وذلك لما نزل القرآن مصدقًا لما أخبر زيد.

فالثناءُ إذن من أهم عوامل الإثارة، ولا بأس بأن يُسمعَ الأبُ طفلَه هذا الثناء على مقربة منه وكأنّه لا يشعرُ بوجوده، الأمر الذي يدفع الطفل لتقويم أخطائه لكي يكون أهلًا لهذا الثناء.

وإنّ من كمالِ البرِّ تعجيله، فعلى الأب أن يثيبَ ولده إنْ أحسنَ على عجل، كما أنّ عليه إذا أخطأ ولده أن يعاقبه - إن لم يعفُ - على رَويّة.

يقول الدكتور هشام الطالب: تذكّروا أيها الآباءُ أنّ الدمَ الصحيّ الذي يحتاج إليه أبناؤكم هو التقديرُ والتشجيع، لا تحرموهم منه فقد يصابون بفقر الدم (15).

_____________

(1) تحفة المودود بأحكام المولود (ص: 229).

(2) أخرجه البخاري (1122)، ومسلم (2479).

(3) صحيح الجامع (6097).

(4) أخرجه البخاري (2663).

(5) شرح صحيح البخاري لابن بطال (8/ 48).

(6) فتح الباري لابن حجر (10/ 477).

(7) أخرجه البخاري (1121).

(8) مدح الأبناء قد يقتل فيهم الإبداع/ المجتمع.

(9) أخرجه البخاري (6061).

(10) شرح النووي على مسلم (18/ 126).

(11) عبارات في مدح الأبناء تحمل معاني سلبية/ لها أون لاين.

(12) أخرجه الطبراني في الصغير (1193).

(13) أخرجه مسلم (810).

(14) أخرجه عبد الرزاق (18304).

(15) المنهج النبوي في تشجيع الأطفال والشباب/ صيد الفوائد.