logo

أبناؤنا والعزوف عن الدراسة


بتاريخ : السبت ، 12 شعبان ، 1436 الموافق 30 مايو 2015
بقلم : تيار الإصلاح
أبناؤنا والعزوف عن الدراسة

إن عوامل نجاح أي أمة منوطة بشبابها؛فهم سواعد الأمة نحو المجد، وقلبالأمة النابض، ودمها الذي يتدفق في عروقها، هم من يقيمون صروح الحضارة والتقدم، هممن يدفعونها للسير في أول الركب، حتى تصبح الأمة التي

يقودها شبابها هي قائدة ركبالأمم.

وهذا الشباب لن ينهض بأمته إلا إذا أخذ عدته لتلك النهضة، وهذا لن يكون إلا بالعلم والتعلم، والجد والاجتهاد والمثابرة.

إننا أمة اقرأ، وكان هذا هو أول ما نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء "اقرأ"، في رسالة قوية موجهة إلى هذه الأمة، مضمونها: إن نجاح هذه الأمة وتقدمها وسر حضارتها هو في العلم والأخذ بأسبابه.

إنه مع بداية كل فصل دراسي تعلق الأمة آمالها على هؤلاء التلاميذ؛ فهم ذخيرة الأمة، ودمها المتجدد، فمنهم الطبيب والمهندس والمربي، لكن سرعان ما تتحول تلك الآمال إلى سراب، وذلك حين نرى هذا المشهد المحزن

لطلبة المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وهم يعزفون عن الدراسة، ويتركون دخول المدارس، ويذهبون إلى أماكن اللهو والمرح واللعب، وصالات الألعاب الإلكترونية، ومقاهي الإنترنت وغيرها.

لم أتخيل أبدًا أن نسبة عدم الحضور لإجمالي الطلبة في كل مؤسسة تربوية قد تتجاوز النصف، وهو إنذار خطير، ينبئ عن مستقبل عاجز تمامًا.

إن عزوف الطلبة عن الدراسة ليس لشيء في داخلهم فقط، فلا يمكن أن نلقي باللائمة عليهم وحدهم، وإنما هناك أسباب عدة لعزوف الطلبة عن الدراسة؛ منها ما يقع على عاتق المؤسسة التربوية نفسها، ومنها ما يقع على المعلم، ومنها ما يكون سببه الأسرة، ومنها ما يكون ناشئًا من الطالب نفسه.

 

أسباب عزوف الطلبة عن الدراسة:

أولًا: الأسباب التي ترجع إلى المؤسسة التعليمية:

1- جمود بعض المقررات الدراسية، وعدم سلاستها.

2 - غياب الهدف المؤسسي من وراء تدريس مثل هذه المقررات، ولسان حال المؤسسة التعليمية: إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم لمقتدون.

3 - المدرسة التقليدية: وذلك لعدم وجود الأنشطة المتنوعة والمناسبة التي تجذب الطالب إلى مدرسته وتحببه فيها.

4 - عدم وجود أماكن مناسبة ومهيأة ومخصصة لممارسة الأنشطة المتنوعة: رياضية كانت، أو ترفيهية، أو حتى تعليمية.

5 - عدم وجود حافز وعامل تشجيعي للطلبة يساعدهم على الاهتمام بالدراسة.

6 - عدم توفر الخدمات الإرشادية الجيدة في المدرسة التي تعين الطالب على الاستفادة القصوى من كل ما حوله.

7 -    كثرة أعداد الطلاب في الفصول، مما يجعلها غير مناسبة للدراسة.

 

ثانيًا: الأسباب التي ترجع إلى المعلم:

1. استخدام العقوبة الجسدية عند العقاب.

2. الكسل واللامبالاة من قبل المعلم، وعدم الاهتمام بتحضير المادة الدراسية جيدًا، مما يعطي انطباعًا داخل الطالب بعدم جدوى الحضور؛ لانتفاء الفائدة.

3. عدم مراعاة الفروق الفردية من قِبَل المعلم في عملية التعليم، وعدم مراعاة ميول التلاميذ وقدراتهم على التعلم.

4. صعوبة الواجبات المنزلية، وكذلك الاختبارات.

5. توجيه النقد والتوبيخ باستمرار إلى الطالب كلما أخطأ.

6. اقتصار المعلم على تقديم المعلومات فقط، وبطريقة مملة.

7. صرامة المعلم وقسوته على تلاميذه، والتعالي عليهم، ومعاملتهم معاملة فوقية.

8. أخطاء الوالدين في التنشئة: كالتدليل الزائد، أو الإهمال المفرط.

9. انعدام الصلة بين البيت والمدرسة.

10. الضغط على التلميذ في المذاكرة من قِبَل الأسرة، دون مراعاة لحالته النفسية الوقتية.

11. عدم توفر الجو الأسري المناسب للمذاكرة.

12. انشغال الطالب ببعض مسئوليات الأسرة.

13. اختيار الصحبة السيئة والرفقة المنحرفة.

14. الكسل وعدم الاهتمام بالدراسة.

15. ضعف ثقة التلميذ في نفسه، مع الشعور بالخجل والخوف والقلق؛ مما يؤدي إلى الإخفاق في الاختبارات، وبالتالي الشعور باليأس والفشل.

16. الجهل بالطرق الجيدة للمذاكرة. 

17. وجود عيوب خِلقية، أو عيوب عند النطق ببعض الكلام، ما يجعله موضع سخرية بين زملائه.

 

ثالثًا: الأسباب التي ترجع إلى الأسرة:

رابعًا: الأسباب التي ترجع إلى الطالب نفسه:

علاج تلك الظاهرة:

إننا نرى أن الجانب الأكبر من الحل يقع على عاتق المؤسسة التعليمية، سواء كان على مستوى واضعي المناهج التعليمية، أو على مستوى المدرسة التي تُدَرِّس تلك المناهج، وأول ما يجب على المؤسسة التعليمية أن تعلم أنها مؤسسة تربوية بالدرجة الأولى قبل أن تكون مؤسسة تعليمية.

إن غياب هذا المعنى عن وعي المؤسسة يجعلها جامدة في كل ما تنتجه من مناهج ومعلمين، وبالتالي الطلبة كذلك.

إن المؤسسة إذا راعت هذا المعنى، علمت أنها مطلوب منها تطوير تلك المناهج؛ حتى تتناسب مع معطيات كل جيل، وأسلوب التفاهم مع هذا الجيل؛ حتى تستطيع أن تربيه وتعلمه.

وبالتالي عليها أن تراعي كل احتياجاته، وأن توفر له كل ما من شأنه أن يرتقي به تربويًا، وعلميًا، وحتى جسديًا.

أما بالنسبة للمعلم، فإنه ينطبق عليه مثلما ينطبق على المؤسسة التعليمية، من حيث استحضار معنى التربية، وأنه مطالب أن يكون مربيًا قبل أن يكون ملقنًا.

فعلى المعلم معاملة تلاميذه بأدب ولطف ولين ورفق ومحبة؛ فإن هذه المعاملة وحدها تجعل الطلبة يشتاقون إلى المدرسة.

وعلى المعلم أن ينمي بين طلبته روح التعاون، وأن ينمي بينهم الشعور بمكانتهم ودورهم في مدرستهم.

كذلك يجب على المعلم الابتعاد عن أسلوب التوبيخ والتقريع، ناهيك عن العقاب الجسدي الذي من شأنه زرع الكراهية داخل نفوس التلاميذ، يجب على المعلم اللجوء إلى الأساليب التربوية التي تحبب التلاميذ في المدرسة.

وأخيرًا، على المعلم تقديم بعض الجوائز والحوافز المادية للتلاميذ المتفوقين.

أما الأسرة فيجب عليها توثيق الصلة بينها وبين المدرسة؛ حتى تستطيع الاستفادة والإفادة.

كذلك يجب عليها تهيئة الأبناء نفسيًا قبل إلحاقهم بالمدرسة، وذلك من خلال تعويدهم، من صغرهم، على رؤية المدارس عن بعد، وشراء الحاجيات المدرسية لهم، ولو لأجل غير الدراسة، وكذلك تحسين صورة المعلم والمدرسة في ذهن الطفل، وبيان أن المعلم في منزلة رفيعة؛ حتى يحترمه الطالب.

 

أخيرًا:

إن في الدراسة والقراءة حياة الأمم والشعوب، وأولى الناس بالقراءة هم أمة "اقرأ"، وإذا قرأ الإنسان فكأنما أضاف أعمارًا إلى عمره، والأمة التي لا تقرأ أمة ميتة.

وإذا كان العلم مهمًا لكل الأمم، فإن طلب العلم عندنا عبادة، ومذاكرة العلم عندنا تسبيح، والسعي في طلب العلم جهاد، وبذل العلم صدقة، وهنيئًا لمن تعلم العلم وعلَّمه وعمل بعلمه.