لكل مقبلة على الزواج
تحتار الفتاة عند تقدمِ الشاب لخطبتها، وقد تندفع فتقدم على زواج قد يكون ذو أسس ضعيفة مما ينتج عنه علاقة زوجية هشة غير مستقرة، أو تتردد فتخسر فرصة قد تكون موائمة لها.
فَحَرِيٌ بكل فتاة في سن الزواج أن تستعد قبل الخطبة بأن تفهم ذاتها وترسم أهدافها وتضع خطة لمستقبلها، فتقف عند ماهية رغباتها، وتحصنها بأسس رصينة، بحيث تكون مستعدة ومهيأة لقبول أو رفض أي شاب يتقدم لخطبتها على أساس منطقي وواقعي، وحجة سليمة؛ لتنطلق في رحلتها السعيدة لعالم جديد، عالم الحياة الزوجية.
من أنتِ؟
تعرفي على نفسك أولًا؛ لأنَّ معرفة الذات تعني إدراك نقاط القوة ونقاط الضعف، وذلك من خلال مخطط من أربعة مناطق، وكل منطقة فيها تعتبر زاوية من زوايا شخصيتك:
المنطقة المفتوحة: وهي تمثل ما تعرفينه أنتِ عن نفسك ويعرفه كذلك الآخرون.
منطقة القناع: وهي تمثل ما تعرفينه عن نفسك ولا يعرفه الآخرون.
المنطقة العمياء: وهي تمثل ما لا تعرفينه عن نفسك ولكن يعرفه الآخرون.
المنطقة المجهولة: وهي تمثل ما لا تعرفينه عن نفسك ولا يعرفه الآخرون.
كلما زادت المنطقة المفتوحة دلَّ ذلك على الثقة بالنفس والنجاح في التواصل مع زوج المستقبل، فالأزواج - والناس عمومًا - يفضلون ويشعرون بالراحة في التعامل مع الزوجات ذوات الشخصيات المنفتحة.
وكلما زادت منطقة القناع ساد الغموض، وهذا بدوره يضعف العلاقة مع الشريك، فالناس عادة لا يحبون التعامل مع الشخصيات الغامضة.
وكلما زادت المنطقة العمياء دخلت الزوجة في مشاكل مع زوجها بسبب عدم تقبل النصيحة وعدم معرفة الذات، وأنها تبقى في دائرة الوهم، فهي ترى بنفسها أشياء غير واقعها.
أما إذا زادت المنطقة المجهولة؛ فهذا يدل على قلة الخبرة وعدم معرفة الذات وضعف التواصل، وإن لم تُصحح هذه المنطقة وتكون في حجمها الطبيعي؛ فإن صاحبتها ستكون كمن يعوم في بحر هائج الأمواج وهو لا يعرف العوم.
بعدما تعرفتي على ذاتك ابدئي بتحديد أهدافك فسيساعدك ذلك على معرفة رغباتك مما يعينك في مرحلة الاختيار، فشتان بين من تسير وهي تعرف إلى أين وجهتها لتحط قدماها في محطات توصلها لمبتغاها وبين من تسير مشتتة لا تعرف من أين تبدأ وإن بدأت أضاعت الطريق.
إن تحديد الأهداف خطوة مهمة للتفكير في مستقبلك ورسمه حسب ما تريدينه أنت وليس كما يريده الآخرون (1).
على عتبة الزواج:
إن الأصل في الرابطة الزوجية هو الاستقرار والاستمرار، والإسلام يحيط هذه الرابطة بكل الضمانات التي تكفل استقرارها واستمرارها، وفي سبيل هذه الغاية يرفعها إلى مرتبة الطاعات، ويعين على قيامها بمال الدولة للفقراء والفقيرات، ويفرض الآداب التي تمنع التبرج والفتنة كي تستقر العواطف ولا تتلفت القلوب على هتاف الفتنة المتبرجة في الأسواق، ويفرض حد الزنا وحد القذف، ويجعل للبيوت حرمتها بالاستئذان عليها والاستئذان بين أهلها في داخلها.
وينظم الارتباطات الزوجية بشريعة محددة، ويقيم نظام البيت على أساس قوامة أحد الشريكين وهو الأقدر على القوامة، منعًا للفوضى والاضطراب والنزاع، إلى آخر الضمانات والتنظيمات الواقية من كل اهتزاز.
فوق التوجيهات العاطفية، وفوق ربط هذه العلاقة كلها بتقوى الله ورقابته (2).
وإذا كان اختيار الزوجة الصالحة والمتدينة ضروريًا وهامًا؛ لأنّها المدرسة الأولى لإعداد الأطفال وبناء المجتمع، فإنّ اختيار الزوج مسألة لا تقل أهمية عن ذلك؛ لأنّ الزوج هو القدوة لأسرته والحامي لها في الظروف الصعبة، ونظرًا لهذه الأهمية فقد أولى الإسلام عناية فائقة لقضية اختيار الزوج وقرنها بمجموعة من الشروط والاعتبارات، ومن هذه الاعتبارات:
الدين والخُلق:
اختيار الزوج المسلم الصالح، فقد حضَّ الإسلام على حسن اختيار الزوج من ذوي الأخلاق والصلاح والدين والعفة، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]، وقال سبحانه: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32]، فلا تغترّي بالمال أو بالجاه أو غيرهما، واحرصي أولًا على الاستقامة في الدين وحسن الخلق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» (3).
قال القاري: «إذا خطب إليكم» أي: طلب منكم أن تزوجوه امرأة من أولادكم وأقاربكم «من ترضون» أي: تستحسنون، «دينه» أي: ديانته، «وخلقه» أي: معاشرته. «فزوجوه» أي: إياها، «إن لا تفعلوه» أي: لا تزوجوه، «تكن» أي: تقع، «فتنة في الأرض وفساد عريض» أي: ذو عرض أي كثير، لأنكم إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه ربما يبقى أكثر نسائكم بلا أزواج وأكثر رجالكم بلا نساء، فيكثر الافتتان بالزنا، وربما يلحق الأولياء عار فتهيج الفتن والفساد، ويترتب عليه قطع النسب وقلة الصلاح والعفة (4).
قال رجل للحسن: قد خطب ابنتي جماعة فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها (5).
فالتدين من أكثر الأمور الواجب توفرها في الزوج عند الزواج، لذلك يجب أن يكون مسلمًا ملتزمًا وطائعًا عابدًا لله عز وجل، وينبغي أن يحرص ولي أمر المرأة على معرفة جوهر معتقد الرجل دون الاعتماد والاكتفاء على الأشياء الظاهرة.
ومن أخلاق الزوج الصالح أن يكون أمينًا، وألا يهين زوجته، ويكون قادرًا على توفير الأمان والراحة لزوجته ولأولاده.
ومن أخلاق الزوج الصالح أن يكون صادقًا؛ فالمرأة تستطيع أن تثق بالزوج الصادق، وتبني معه علاقةً صحيّة، في حين أن الغش والشك، أو انعدام الثقة مع الشريك؛ تُعدّ من أخطر أمراض الحياة الزوجية، وقد تكون سببًا في هزّ علاقاته مع الأشخاص من حوله وزعزعتها.
النضج الكافي وتحمل المسؤولية:
حيث إنّ الزوجة قد ترغب بالزواج من شخصٍ يُكمّلها، ويساندها، ويستطيع تحمل المسؤولية معها، ويتمتع بالاستقلاليّة والإدراك والوعي الكامل للحياة الزوجيّة، ومتطلباتها، ويتحلى بالصفات القياديّة والنجاح، والقدرة على حلّ المشاكل بعقلانيّة وموضوعيّة؛ لضمان نجاح علاقتهما الزوجيّة ونموّها.
فالرجل الذي لم يتحمل المسؤولية هو عار على المجتمع؛ لأنه يجعل المرأة تتحمل أعباء الأسرة كاملة؛ من حيث المسؤولية الاجتماعية والمادية، ومسؤولية المنزل والأولاد بكافة مشاكلهم، مما يخلق لديها حالة من التوتر الشديد والتي تقودها إلى افتعال المشاكل وزيادة تفاقمها بينها وبين الزوج، والتي تؤثر سلبيًا على علاقتهما الزوجية، وعلى الأسرة والأولاد، وربما تصل إلى الطلاق.
البيئة والتكافؤ الاجتماعي:
في معظم المجتمعات وخاصة الأكثر ترابطًا يعتبر التكافؤ الاجتماعي المعيار الأهم في اختيار شريك الحياة، يشمل التكافؤ الاجتماعي الطبقة الاجتماعية والاقتصادية والسمعة والصورة الاجتماعية العامة، وكلما صعدنا في الهرم الاجتماعي كلما وجدنا اهتمامًا متزايدًا بتحقيق التكافؤ.
وينتج عن الزواج غير المتكافئ اجتماعيًا مجموعة من العقبات والآثار السلبية خاصة في مجالات التربية والعلاقات الاجتماعية العامة.
فإذا كان الزوج من أسرةٍ مختلفة تمامًا هناك أمور كثيرة ستكون مختلفة؛ كالقيم، والعادات والتقاليد، ولاحظ أنّه كلما زادت الاختلافات زادت المشاكل بين الزوجين؛ لذلك يجب اختيار الزوج من أسرة مشابهة في العادات والتقاليد للتقليل من المشاكل التي قد تحدث.
إضافة إلى النظرة الاجتماعية التي قد تجرح الشريك الأدنى اجتماعيًا؛ فإن عدم التكافؤ الاجتماعي بين الزوجين له آثار كبيرة وجوهرية في التفضيلات الشخصية والعادات الخاصة واختيار السياق التربوي، كما أن التفاوت في المستوى الاجتماعي قد يكون مأخذًا يتم استغلاله في الشجار.
الشكل الخارجي:
لا بُدّ من تقبل الشكل الخارجي للزوج، ووجود لباقة لديه في التعامل، ووجود بعض الأناقة، ومحافظته على النظافة الشخصية؛ كي تحبّه الزوجة وتتقبّله.
من أكثر وجوه عدم التكافؤ تأثيرًا على الحالة النفسية للزوجين، فالزوجة التي ترى أنها قبيحة وأن زوجها أجمل منها ستقع أسيرة انخفاض احترام الذات من جهة، وستشتعل فيها نار الغيرة لاعتقادها أن زوجها لا بد سيبحث عمَّن هي أجمل من جهة أخرى، وهذا ينطبق أيضًا على الزوج الذي يجد نفسه قبيحًا أو قصيرًا أو غير جذاب، يضاف إلى ذلك التنمر الاجتماعي الذي يطال الشريكان.
عن ابن عباس، أن زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس: «يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا»، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو راجعته» قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال: «إنما أنا أشفع» قالت: لا حاجة لي فيه (6).
قال ابن بطال: وفيه من الفقه: أن بغض الرجل للرجل المسلم على وجه كراهة قربه والدنو منه على غير وجه العداوة له، ولكن اختيار التبعد منه لسوء خلقه وخبث عشرته وثقل ظله، أو لغير ذلك مما يكره الناس بعضهم من بعض جائز، كالذي ذكر من بغضه امرأة ثابت بن قيس بن شماس له، مع مكانه من الدين والفضل لغير بأس، لكن لدمامة خلقه وقبحه حتى افتدت منه، وفرق بينهما النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ير أنها أتت مأثمًا ولا ركبت معصية بذلك بل عذرها وجعل لها مخرجًا من المقام معه وسبيلًا إلى فراقه والبعد منه، ولم يذمها على بغضها له على قبحه وشدة سواده، وإن كان ذلك جبلة وفطرة خلق عليها، فالذي يبغض على ما في القدرة تركه من قبيح الأحوال ومذموم العشرة أولى بالعذر وأبعد من الذم (7).
استشارة ذوي الخبرة:
مهما تصل الفتاة إلى مستوى من العلم والثقافة والدراية بشؤون الحياة، فإنّها تبقى بحاجة إلى استشارة الآخرين ذوي الخبرة والتجربة والاطلاع في مسائل الزواج، وبخاصة الوالدين والأهل.
فالشاب والفتاة بحكم كونهما في الغالب قليلا الخبرة في الحياة، ولم يخوضا تجربة سابقة في الزواج، ولأنّهما كثيرًا ما يندفعا إلى عقد عرى الزوجية تحت تأثير الانبهار بناحية واحدة أو صفة معينة كجمال الخلقة أو خفة الدم أو المكانة الاجتماعية، فإن ما لديهما من معرفة وثقافة وما ينتابهما من شعور وإحساس بالحب والسعادة في زواجهما، لا يكفي لضمان زواج ناجح، وحياة سعيدة، بل لا بدّ من معرفة أشياء كثيرة عن طبائع الرجال والنساء وصفاتهم المختلفة، وما ينبغي توفره من صفات في الطرف الآخر حين اتِّخاذ قرار الزواج، والطريق إلى اكتشاف الصالح وغير الصالح من الأشخاص.
وهذه المعرفة لا يمكنك أيتها الفتاة في الأغلب توفيرها وحدك، بصورة صحيحة دقيقة شاملة، بل بمساعدة أهل الخبرة والتجربة في الحياة.
فبمشورتهم تستفيدي من آرائهم وتتعرفي على خبايا وجواهر الرجال والنساء، وتهتدي إلى حسن الاختيار، وتأمني الزلل والندم.
الاستعداد للزواج:
أن يكون الزوج مستعدًّا للزواج اقتصاديًا، واجتماعيًا، ونفسيًا، وصحيًا؛ بحيث يكون قادرًا على إعطاء الزّوجة جميع حقوقها دون نقصان.
وقد جاء في الحديث الصحيح: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»، الباءة مؤن النكاح من مهر ونفقة وكسوة.
قال السعدي: وقوله: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} أي: لا يقدرون نكاحًا، إما لفقرهم أو فقر أوليائهم وأسيادهم، أو امتناعهم من تزويجهم وليس لهم من قدرة على إجبارهم على ذلك (8).
والمراد بالآية توجيه العاجزين عما يتزوجون به أن يجتهدوا في التزام جانب العفة عن إتيان ما حرم الله عليهم من الفواحش إلى أن يغنيهم الله من سعته، ويرزقهم ما به يتزوجون، فالتعفف عن الحرام واجب المؤمن، وفي الآية وعد كريم من الله بالتفضل عليهم بالغنى، فلا ييأسوا ولا يقلقوا (9).
مرحلة الخِطبة:
بعض الفتيات يترددن كثيرًا في أخذ قرار الزواج وحسم أمرهن؛ فيطلبن من الخاطب مدة للتفكير، فتبدأ في وزن المفاسد والمصالح والإيجابيات والسلبيات، وهذا أمر مقبول إذا لم يتجاوز الحد المعقول فتطول المدة، خذي مهلة محددة وصل صلاة الاستخارة واقرئي الدعاء، كما علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما ندم من استخار الخالق وشاور المخلوقين المؤمنين ثم سَلِ الله التوفيق.
عن جابر رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كالسورة من القرآن: «إذا هم بالأمر فليركع ركعتين، ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله - فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به، ويسمي حاجته» (10).
لا شك أن هناك أسباب عديدة تقف وراء القرار المتسرع باختيار أو قبول شريك الحياة، فقد يكون القرار المتسرع نتيجة تهور أو تغرير أو إغراء أو انبهار أو نزوة، أو الخوف من العنوسة، أو الفرار من بيت مشحون بالمشاكل والتعاسة، أو اغتنام فرصة قد تضيع.
لكن ما يجب التأكيد عليه أنّ التسرع والاندفاع المجنون في اختيار أو قبول شريك الحياة يعرِّض الزواج والأسرة للمشاكل والانهيار السريع إذا ما اكتشف أحد الشريكين أو كلاهما خطأ ذلك الاختيار.
فكم من أشخاص دفعوا الثمن غاليًا من سعادتهم واستقرارهم ومستقبل حياتهم نتيجة لقرار متسرع بالموافقة على شريك الحياة؛ لذلك فالتأني والتروي في اختيار شريك العمر أمر أساسي ومطلوب، لحصول التوافق بين الزوجين، ولضمان حياة هادئة مستقرة وسعيدة.
- أعدّي قائمة حول النقاط التي ترغبين إثارتها أثناء لقائك مع الخطيب ورتّبيها.
- استعدي نفسيًا لهذا اللقاء، لا تحضريه وبالُك مشغول بأمور أخرى، أو أنت مريضة، وتجنبي عقد اللقاء أثناء فترة الحيض إذا كان مزاجك مضطربًا.
- من المستحب أن تنظري إلى خطيبك أثناء اللقاء، لكن احرصي على احترام الضوابط الشرعية، احذري الخلوة أو المصافحة، وحافظي على لباسك الشرعي.
- بعض العائلات تقيم حفلًا مختلطًا يوم الخطبة، فيدخل الخاطب على مخطوبته وهي متزينة – وإن كانت تغطي رأسها – ليجلس إلى جانبها أو ليلبسها عقدًا أو سوارًا، وهذا غير جائز شرعًا لأنه لم يعقد عليها بعدُ، فاحترسي ولا تتساهلي.
- إياك وكثرة الخروج بعد اللقاء الأول أو كثرة الحديث مع الخطيب – ولو بالهاتف – قبل العقد، ذلك خشية الملل أو الانجراف وراء العواطف، لا تنسي، إن مما حبا الله به المرأة وكرمها به أن فاقت الرجل بالحياء، ولذلك يُقال في شدة الحياء «أشد حياءً من العذراء في خدرها»، وإنما يهتك ستر الحياء التوسع في الأمور على غير بصيرة؛ فتنبّهي.
من حقوقك قبل الزواج:
1 -أن يستأذنك وليك ولك الحق في قبول الزوج أو رفضه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن»، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: «أن تسكت» (11)، فالولي مأمور من جهة الثيب، ومستأذن للبكر.
لكن احذري من الاستسلام إلى العواطف الهوجاء، واختاري الزوج الصالح المتحلي بالأخلاق الحسنة.
2 -جواز عرض الرجل مولّيته على أهل الخير والصلاح: اعلمي أن الرعيل الأول من أصحاب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم كانوا يجتهدون في تحري الصالحين لبناتهم أو أخواتهم، بكل صراحة في العرض وعدم تحرج في القبول أو الرفض، فلا تستنكري على وليك إن تصرف كذلك، ولا تظني أنه يعرضك لترويج بضاعة كاسدة، فقد فعل ذلك عمر رضي الله عنه وغيره من السلف الصالح.
3 -لا يحق لوليك أن يمنعك من الزواج بحجة استكمال التعليم أو الحصول على الشهادة والوظيف؛ بل يمكن الجمع بين الأمرين إن أحببت وتيسّر لك ذلك، لا تنسي أن وظيفتك الأولى هي البيت والزوج ورعاية الأولاد.
4 -إياك أن تشترطي لزواجك بالرجل أن يطلّق امرأته – إن كان متزوجًا – قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها، لتستفرِغ صحفتها، فإنما لها ما قُدِّر لها» (12).
«تسأل طلاق أختها» تطلب من زوجها أن يطلق ضرتها، أو تطلب من الرجل أن يطلق زوجته ويتزوجها، أو تشترط عليه ذلك إن خطبها حتى تتزوجه سواء كانت أختًا لها في النسب أو الرضاع أو الدين، «لتستفرغ صحفتها» لتقلب ما كانت في إناء أختها في إنائها، والمعنى لتحرم أختها مما كانت تتمتع به من حظوظ وتستأثر هي بكل شيء، «ما قدر لها» لا تحصل إلا ما هو مقدر لها في الأزل مهما حاولت وسعت؛ ولكنها تكسب بذلك سيئة سعيها في أذى غيرها (13).
حفلة الزفاف:
1 -كوني حريصة على حفلة زفاف إسلامية خالية من المنكرات، واحذري الاختلاط غير المشروع بحجة أنه عائلي، و«المنصة» صعود العريس مع العروس أمام النساء، والتعاقد مع المغنيات والمطربات، أو وضع أشرطة الغناء عبر مكبرات الصوت، والسهر في ليلة الزفاف حتى ساعات الفجر الأولى، والتصوير بالفيديو لمحذورات شرعية كثيرة (14).
2 -يجوز إعلان النكاح بدف وغناء مباح، لقوله صلى الله عليه وسلم: «فصل ما بين الحلال والحرام، الدف والصوت» (15).
والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء، فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن (16).
فلا بأس أن تتعاطى النساء الدف يعني: الطار المعروف وهو ذو الوجه الواحد، يضربه النساء بينهن بصفة خاصة في محل خاص ليس فيه اختلاط الرجال، ولا مانع من الأغاني العادية التي ليس فيها محذور شرعًا التي بين النساء في بيت الزوج أو الزوجة أو أهل الزوج أو أهل الزوجة ونحو ذلك، كما كان يفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه، وكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يحضرن الأعراس، ويحضرن الغناء العادي والاحتفال العادي، كل هذا لا بأس به.
أما وجود المطربات والأصوات العالية بالمكبرات التي تشغل الناس وتؤذي الجيران والمارة، ويعلن فيها الأغاني المحرمة هذا لا يجوز.
وهكذا السهر الذي يضيع على الناس صلاة الفجر ويسبب ترك الصلاة التي أوجب الله، فهذا كله لا يجوز.
وهكذا إيجاد آلات الملاهي من العود وأشباهها من آلات اللهو والطبول كل هذا لا يجوز.
إنما يباح الطار المعروف وهو الدف فقط للنساء بشرط أن يكون خاليًا ليس فيه ما يسبب الفتنة من حلقات مزعجة أو أشياء مزعجة، بل الدف العادي، وهو الطار العادي المعروف تضربه المرأة وتغني الأغاني القليلة المعتادة بينهن نصف ساعة أو ساعة ونحو ذلك، ثم ينصرفن في أول الليل، ولا يسهرن إلى آخر الليل أو إلى معظم الليل؛ لأن هذا يضر الجميع، ويسبب النوم عن الصلاة من الجميع.
3 -احذري من العادات والتقاليد المنكرة، ولا ريب أن كثيرًا من الناس لا يتقيد بالمشروع في الزواج ولا في غيره، والواجب على المسلمين أن يتقيدوا بشرع الله في الزواج وفي غيره أينما كانوا.
ويجب أن يكون الزواج على الطريقة الشرعية ليس فيه تكلف ولا إسراف ولا تبذير، بل يجب القصد في كل شيء، وعدم التكلف حتى يكثر الزواج، وحتى يحصل عفة النساء والرجال جميعًا، فالشباب بحاجة إلى الزواج، والنساء كذلك في حاجة إلى الزواج.
والتكلف هو تعاطي ما حرم الله من المنكرات، كل هذا مما يسبب تعطيل النكاح، وبقاء الشباب والفتيات من دون زواج.
فلا يجوز اختلاط الرجال بالنساء في الأعراس، ولا في غيرها، بل يجب أن يكون النساء في محل خاص على حدة، والرجال على حدة، وأن تكون الوليمة مقتصدة ليس فيها تكلف ولا شيء يشق على الزوج وآل الزوجة، بل يتحرون جميعًا الاقتصاد وما يكفي المدعوين، ويقتصدون أيضًا في الدعوة التي لا تشق عليهم (17).
والحاصل أنه يباح العمل بعادات الزواج وغيره بشروط:
1- أن تكون خالية من المعاصي والذنوب.
2- أن تكون خالية من البدع والتشبه بالكفار.
3- ألا ينسب شيء منها إلى الشرع بلا دليل.
فالواجب التخلص من العادات القبيحة والمنكرة المخالفة للشرع والفطرة السوية، والعمل بالآداب الشرعية التي وردت في السنة الصحيحة، ويباح الاحتفال وإظهار الفرح والسرور في هذه المناسبة المهمة بكل ما هو جائز ولا مخالفة فيه بوجه من الوجوه.
__________
(1) لكل فتاة مقبلة على الزواج/ طريق الإسلام.
(2) في ظلال القرآن (6/3596- 3597).
(3) أخرجه ابن ماجه (1967).
(4) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 2047).
(5) إحياء علوم الدين (2/ 41).
(6) أخرجه البخاري (5283).
(7) شرح صحيح البخاري لابن بطال (7/ 432).
(8) تيسير الكريم الرحمن (ص: 567).
(9) التفسير المنير للزحيلي (18/ 232).
(10) أخرجه البخاري (6382).
(11) أخرجه البخاري (5136)، ومسلم (1419).
(12) أخرجه البخاري (5152).
(13) صحيح البخاري (7/ 21).
(14) نصائح للفتاة المسلمة المقبلة على الزواج/ صيد الفوائد.
(15) أخرجه الترمذي (1088).
(16) فتح الباري لابن حجر (9/ 226).
(17) المنكرات في حفلات الزواج/ موقع الشيخ ابن باز.