logo

كيف يحب أبناؤنا القراءة


بتاريخ : الاثنين ، 16 ربيع الأول ، 1442 الموافق 02 نوفمبر 2020
بقلم : تيار الاصلاح
كيف يحب أبناؤنا القراءة

تعتبر القراءة بمثابة البوابة التي يلج منها الطفل إلى عالم المعرفة؛ لذلك نجد الآباء والأمهات يبذلون قصارى جهدهم لتعليم الأطفال مهارات القراءة وتحبيبهم إياها.

والقراءة هامة جدًا لتنمية ذكاء أطفالنا، ولم لا؟ فإن أول كلمة نزلت في القرآن الكريم: اقرأ، قال الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق: 1- 5].

فمسألة القراءة مسألة حيوية بالغة الأهمية لتنمية ثقافة الطفل، فعندما نحبب الأطفال في القراءة نشجع في الوقت نفسه الإيجابية في الطفل، وهي ناتجة للقراءة من البحث والتثقيف، فحب القراءة يفعل مع الطفل أشياء كثيرة، فإنه يفتح الأبواب أمامهم نحو الفضول والاستطلاع، وينمي رغبتهم لرؤية أماكن يتخيلونها، ويقلل مشاعر الوحدة والملل، يخلق أمامهم نماذج يتمثلون أدوارها، وفي النهاية، تغير القراءة أسلوب حياة الأطفال.

والهدف من القراءة أن نجعل الأطفال مفكرين باحثين مبتكرين، يبحثون عن الحقائق والمعرفة بأنفسهم، ومن أجل منفعتهم، مما يساعدهم في المستقبل على الدخول في العالم كمخترعين ومبدعين، لا كمحاكين أو مقلدين، فالقراءة أمر إلهي متعدد الفوائد من أجل حياتنا ومستقبلنا، وهي مفتاح باب الرشد العقلي، لأن من يقرأ ينفذ أوامر الله عز وجل في كتابه الكريم، والله لا يأمرنا إلا بما ينفعنا في حياتنا.

متى نبدأ بتعويد أطفالنا على القراءة؟

يتحتم على الوالدين غرس هذه المهارة في نفوس أطفالهم منذ الصغر، ولكن يتبادر سريعًا إلى أذهاننا سؤال ملح وهو؛ هل للقراءة سن معين نبدأ مع الطفل فيه؟ والواقع والدراسات يؤكدان على أن السن ليس عامل مهم في تلك النقطة، فيمكن لنا أن نحبب الطفل في القراءة من سنين عمره الأولى.

فالطفل مع بداية شهره الخامس يظهر اهتمامه بالكتب التي تحتوي على صور ملفتة للنظر وألوان زاهية، لذا يمكن للأم وضع مجلة بها صور مبهجة لجذب انتباه الطفل نحو الورق وطريقة الإمساك به، ثم يتطور الأمر قليلًا بين سن الثانية والرابعة لحب الطفل للقصص القصيرة وهنا تكون للصورة معاني لدى الطفل يشعر بها، وبعد الرابعة وحتى السادسة تبدأ الحروف تتداخل لتكون لنا كلمات مبسطة، للتداخل هي الأخرى مع الصور لكي توصلنا في النهاية لطفل لديه شغف ويحب القراءة.

يقول أحد الباحثين: إن تعليم القراءة للأطفال يبدأ منذ سن ستة أشهر، والطفل في سن الأربع سنوات يتشكل عنده خمسون بالمئة من النمو الذهني، فتكون المطالعة اليسيرة في هذه الفترة تعزيزًا لهذا النمو الذهني، كما أنه في سن السادسة تقريبًا يشعر بالثقة في نفسه، وأنه قادر على اقتحام أي مجال من المجالات، فيكون إشغاله في هذه الفترة بالقراءة استغلالًا جيدًا لهذه الطاقة الحيوية عنده (1).

لماذا القراءة؟

للقراءة فوائد كثيرة ومتعددة بالنسبة إلى الطفل ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

1- تقوية وتعزيز مهارة الاستماع:

كما الحال مع كل الأطفال فهم يفضّلون الكلام على الاستماع، ويتّبعون هذا الأسلوب في البيت والمدرسة وفي كل مكان، وهذا طبيعي لأنه جزء من طريقة نموهم؛ ولكن عندما نقرأ للأطفال قصة ونستخدم أسلوب التشويق في القصة عندها سيتعلّم الطفل أسلوب الاستماع، وتتقوى عنده مهارة الاستماع، حيث ويحافظ على هدوئه حتى نهاية القصة لمعرفة نهايتها، وبالتالي فإنه يتعلّم حسن الاستماع في كل الأمور حتى في الوقت الذي لا يكون فيه قصة.

2- تطوير مهارة التواصل:

عندما نقرأ للطفل ونقوم بتقليد الشخصيات في القصة فإن مهارة التواصل تتقوّى عند الطفل من خلال مراقبته وتفاعله مع الشخصيات الموجودة في القصة، كما وتساهم القراءة في زيادة الترابط الأسري؛ عندما يحاول أفراد الأسرة تبادل الشخصيات في القصة وتقليدها، وبالتالي يتمكن الطفل من تشكيل ذكريات جميلة نتيجة مهارة التواصل.

3- زيادة العاطفة عند الأطفال:

تعتبر القراءة من أكثر الطرق فعالية لزيادة عاطفة الأطفال، خصوصًا للذين يستخدمون الخيال الواسع في اكتشاف شخصية معينة؛ إلا أنهم عن طريق القراءة يستخدمون الأحداث التي يسمعونها من القارئ، ويحاولون اكتشاف الشخصيات وحدهم من عالمهم الخاص، ويبدأ الطفل التمييز بين الشخصيات الحقيقية في القصة والشخصيات الخيالية كلما زاد تركيزه أثناء القراءة.

4- ازدياد المفردات لدى الطفل وبنسبة كبيرة:

كلما قرأنا أكثر للطفل فإننا نستخدم كلمات جديدة أكثر؛ وبالتالي تزداد نسبة الكلمات الجديدة في قاموس الطفل، خصوصًا للكلمات التي يحتاجها الطفل في حياته، وعندها يتعلّم متى يستخدم تلك الكلمة وكيف، لكن علينا التركيز على الكلمات الجديدة ومحاولة قراءتها بصوت أعلى نوعًا ما من صوت القراءة المعتادة، وذلك حتى يستطيع الطفل تمييز الكلمة الجديدة والسؤال عنها، بالتالي فإن القراءة تزيد من حجم المفردات اليومية وعندها يتعلّم الطفل كيفية مطابقة وتحديد الحروف للأصوات.

5- التركيز والانضباط:

تعتبر القراءة من أكثر الوسائل فعالية في زيادة تركيز الأطفال، لأنه عند القراءة يزداد استيعاب الطفل ويصبح منضبطًا ذاتيًا، وعندها يصبح قادرًا على الانتباه أكثر أثناء القراءة، بالإضافة إلى تقوية الذاكرة والسرعة في الحفظ في مرحلة التعليم.

6- إكساب الطفل قيم أخلاقية:

فالقراءة وسيلة هامة تساعد على إكساب الطفل قيم وأخلاقيات؛ وذلك من خلال السياق الذي يقرأه والشخصيات التي يتعلمها، فترسخ في عقل الطفل الباطن وتصبح معايير أخلاقية وقيم يتمسك بها في المستقبل.

7- القراءة وسيلة استطلاع: 

- وسيلة لكي يتعرف الطفل على المجتمع المحيط به، وطرق التعامل مع الغير.

- وسيلة لزرع حب الاستطلاع لدى الطفل، وتنمية قدراته الإبداعية والفكرية.

- وسيلة إجادة الكتابة، فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الضعف في القراءة يؤدي إلى الضعف في الكتابة أيضًا، ولكي يتقدم الطالب في عملية الكتابة عليه أن يتقن أولًا المهارات القرائية (2).

كيف نحبب أطفالنا في القراءة؟

من خلال النقاط التالية سنحاول توضيح كيف نستطيع ربط أطفالنا بالقراءة بأسلوب سهل ويسير :

1- تقديم القدوة القارئ:

لا شك أن تربية الطفل داخل الأسرة يرجع إليه الدور الأكبر في تعوّده على سلوكيات معينة وفي تكوين شخصيته المستقبلية -سلبًا أو إيجابًا-، ومن المعلوم أن المراحل الأولى التي يمرّ بها الطفل هي مرحلة تقليده ومحاكاته للآخرين، وهو بأسرته أحرى بالتقليد والمحاكاة، ومن هنا تأتي أهمية وجود القدوة القارئة للطفل داخل الأسرة؛ ففاقد الشيء لا يعطيه، فحين يكون المربي قارئًا، ويلمس أبناؤه أثر ذلك في شخصيته، ويعتادون رؤية الكتب معه، واهتمامه بها، وحفاظه عليها؛ فإنهم سينشؤون على حُبِّ القراءة.

فالطفل ينمو على التقليد والمحاكاة، وعندما يقدم الأب والأم وأفراد أسرته قدوة قارئة جيدة للطفل؛ فإنه سوف يقلدهم، ويحاول أن يمسك بالكتاب وتبدأ علاقته معه.

2- مكتبة في كل منزل:

هناك تقصير لا يخفى لدى كثير من الأسر في إرساء تقاليد ثقافية تمجّد الكتاب والقراءة، وترعى حب الاستطلاع لدى الأطفال وتحميه؛ فهناك الكثير والكثير من البيوت ليس فيها مكتبات خاصة، كما أن هناك مكتبات منزلية كثيرة ليس فيها أي شيء يناسب الأطفال.

ويمكن أن يبدأ الأب في تأصيل حب القراءة عند الولد، عن طريق تأسيس مكتبة علمية في البيت مبكرًا، فإن إحاطته بالكتب من أول الأمر تجعله يعتادها ولا يستنكرها، ويتعلم كيف يتعامل معها ويحترمها في سن مبكرة من عمره (3).

ولا شك أن لهذه الكتب والمجلات والقصص شروط منها:

أ- أن تحمل المضمون التربوي المناسب للبيئة التي يعيش فيها الطفل.

ب- أن تناسب العمر الزمني والعقلي للطفل.

جـ- أن تلبي احتياجات الطفل القرائية.

د- أن تتميز بالإخراج الجميل والألوان المناسبة والصور الجذابة والأحرف الكبيرة.

هـ - أن تكون ذات مدلول ديني وقيمي وتوجيهي وتعليمي مناسب لقيم الدين العظيم.

وممن نبّه لدور المكتبة المنزلية وأثرها التربوي، حسن البنا رحمه الله في رسالته، حيث بيّن أنها من أنجع الوسائل في تربية النشء تربية إسلامية خالصة، فقال رحمه الله: وأذكر كذلك ضرورة احتواء المنزل على مكتبة إلا أن كتبها تختار بعناية من كتب التاريخ الإسلامي وتراجم السلف وكتب الأخلاق والحكم والرحلات والفتوح الإسلامية ونحوها، ولئن كانت صيدلية المنزل ضرورية لدواء الأجسام، فالمكتبة الإسلامية ضرورية لإصلاح العقول، وأن يحول الأبوان دون تسرب الكتب الهازلة والصحف الماجنة إلى ابنهما لا بالمنع والتهديد؛ فإن ذلك مما يزيد شغفه بها وإقباله عليها، ولكن بصرفه إلى الكتب نافعة مغرية، وإثارة الميل فيه إلى هذه الناحية الصالحة (4).

يجب على الوالدين الاهتمام بتوفير الكتب التي تناسب أعمار كل طفل؛ مع مراعاة أيضًا اهتمامات وميول كل منهم، فمثلًا إذا كان الطفل يهوى الكمبيوتر والإنترنت فسنحاول أن نوفر له كتب تتناول ذلك الجانب... وهكذا.

3- التدرج القرائي مع الطفل، فلا نكلفه ما لا طاقة له به، مما يجعله ينفر من فكرة القراءة.

4- تخصيص المكان والوقت الجيد للقراءة، فلا يكون المكان وسط البيت؛ فيتعرض الطفل لكم من المشتتات تلهيه عن إكمال القراءة، أو أن يكون الوقت وقت لعبه فنلزمه بالقراءة، فلنجعلهم يختارون الأوقات التي تناسبهم، والأماكن التي يحبونها.

5- خصص لطفلك وقتًا تقرأ فيه معه، فقد أثبتت دراسات أجريت حديثًا على الأطفال الذين يحرص والديهم علي القراءة لهم بانتظام، أنهم يتعلمون القراءة بسهولة كبيرة وبسرعة أكثر بالمقارنة بالذين لا يقرأ أباؤهم لهم، كما أنها وسيلة مهمة تعمل على ترسيخ العلاقة الحميمية بين الطفل ووالديه‏.

6- استغلال الفرص والمناسبات: إن استغلال الفرص والمناسبات لجعل الطفل محبًا للقراءة، من أهم الأمور التي ينبغي على الأب أن يدركها، فالمناسبات والفرص التي تمر بالأسرة كثيرة، ونذكر هنا بعض الأمثلة، لاستغلال الفرص والمناسبات لتنشئة الطفل على حب القراءة.

أ- استغلال الأعياد بتقديم القصص والكتب المناسبة هدية للطفل، وكذلك عندما ينجح أو يتفوق في دراسته.

ب- استغلال المناسبات الدينية، مثل الحج والصوم، وعيد الأضحى، وغيرها من مناسبات لتقديم القصص والكتيبات الجذابة للطفل حول هذه المناسبات، والقراءة له، وحواره بشكل مبسط والاستماع لأسئلته.

جـ– استغلال الفرص؛ مثل الرحلات والنـزهات والزيارات، كزيارة حديقة الحيوان، وإعطاء الطفل قصصًا عن الحيوانات، وحواره فيها، وما الحيوانات التي يحبها، وتخصيص قصص مشوقة لها.

د- استغلال الإجازة والسفر: فيمكن في الإجازة ترغيبه في القراءة بشكل أكبر، وعندما تريد الأسرة مثلًا أن تسافر يستغل الأب هذا السفر في شراء كتيبات سهلة، وقصص مشوقة عن المدينة التي سوف تسافر الأسرة إليها، وتقديمها للطفل أو القراءة له قراءة جهرية، فالقراءة الجهرية ممتعة للأطفال، وتفتح لهم الأبواب، وتدعم الروابط العاطفية بين أفراد الأسرة، وسوف تكون لهم القراءة الممتعة جزءًا من ذكريات طفولتهم التي لا تنسى.

9- اقرأ لطفلك بطريقة ممتعة:

إن عادة القراءة لن تتكون لدى الطفل إلا عندما يشعر بشيء من المتعة واللذة عندما يقرأ؛ لذلك عليك بالقراءة المعبرة، وتمثيل المعنى، واجعلها نوعًا من المتعة، واستعمل أصواتًا مختلفة، واجعل وقت القراءة وقتًا مرحًا وممتعًا.

10- ناقش أطفالك فيما قرأته لهم:

واطرح عليهم بعض الأسئلة، وحاورهم بشكل ميسر، ويمكن أن تقرأ القصة على أطفال مجتمعين، ثم يمثلوها ويلعبوا أدوار شخصياتها؛ فإن جلسات القراءة المسموعة، تجعل الأطفال يعيشون المتعة الموجودة في الكتب، كما أنها تساعدهم على تعلم لغة الكتب وفهمها.

11- اجعل الكتاب جزءًا من حياتهم:

وذلك من خلال العديد من العادات الطيبة تجاه القراءة والكتب تتكرر خلال اليوم والليلة، والأحداث التي تمر بالأسرة، وأهم هذه العادات:

- اصطحب الطفل لزيارة المكتبات العامة، ومعارض الكتاب الدورية، وتعويده على ادخار شيء من مصروفه لشراء القصص، وإرساله إلى المكتبات لشراء الكتب التي تناسبه بنفسه بعد تدريبه على ذلك.

- تشجيع الطفل على تكوين مكتبة صغيرة له تضم الكتب الملونة، والقصص الجذابة، والمجلات المشوقة، وتوفر له جو قرائي جميل، يشعره بأهمية القراءة والكتاب، وتنمو علاقته بالكتاب بشكل فعّال

- تشجيع الأبناء على تلخيص القصة أو الكتاب الذي قرءوه؛ فإن هذا الأسلوب من شأنه أن يعزّز المعلومات ويثبتها.

- ربط الطفل بالقدوات الصالحة، من خلال تزويده ببعض الكتب عن تلك الشخصيات التي يحبها، أو التي يمكن أن يحبها، كأن يتعلم المزيد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وحياته ومعجزاته، وصحابته، والشخصيات البطولية في التاريخ الإسلامي، والشخصيات الناجحة المتميزة عبر التاريخ، وهذا كله موجود في قصص مشوقة وجذابة.

- استغلال الفرص والمناسبات لجعل الطفل محبًا للقراءة، مثلًا: عندما ينجح أو يتفوق في دراسته تكون هديته أو بعضًا منها كتابًا جميلًا، استغلال المناسبات الدينية، مثل: الحج والصوم، وعيد الأضحى، وغيرها من مناسبات لتقديم القصص والكتيبات الجذابة للطفل حول هذه المناسبات، والقراءة له منها، وحواره بشكل ميسر والاستماع لأسئلته.

- عمل مسابقة في حفظ أسماء وعناوين كتب المنزل، فيقول الأب اسم الكتاب والأبناء يذكرون اسم المؤلف، أو يذكر اسم المؤلف وهم يذكرون اسم الكتب أو الكتاب الذي له في مكتبة المنزل أو ما طُبِع له ولم يقتنوه.

- توفير المجلات والقصص المناسبة للطفل في سيارة الأب، وتقديمها له أثناء القيادة، ولا سيما إذا كان الطفل سيجلس مدة طويلة في السيارة، وقتها سوف ينشغل في القراءة ويكف عن الصراخ والمشاجرة وهذه فائدة أخرى.

- إذا شارك طفلك أو ولدك في رحلة مدرسية، فاحرص على أن تزوده ببعض الكتب والقصص المشوقة، على أن يقرأها في الطريق ويمررها على أصدقائه.

12- نصائح أخرى:

أ- اقرأ لأطفالك أي كتاب أو قصة يرغبون بها، حتى ولو كانت بسيطة، أو مكررة، وقد تكون أنت مللت من قراءتها، ولكن عليك بالصبر حتى تشعرهم بالمتعة في القراءة.

ب- عليك بالقراءة المعبرة، وتمثيل المعنى، واجعلها نوعًا من المتعة، واستعمل أصواتًا مختلفة، واجعل وقت القراءة وقت مرح ومتعة.

جـ- ناقش أطفالك فيما قرأته لهم، واطرح عليهم بعض الأسئلة، وحاورهم بشكل مبسط، وحاول أن تكون هذه القراءة بشكل مستمر، كل أسبوع مرتين على الأقل (5).

ويمكن أن تقرأ القصة على أطفال مجتمعين، ثم يمثلوها ويلعبوا أدوار شخصياتها.

أطفالنا وقراءة القرآن:

فإذا كنا سنعمل على غرز حب القراءة في نفوس أطفالنا منذ نعومة أظفارهم، فالأولى لنا أن نغرس فيهم حب تلاوة وقراءة القرآن الكريم، ونذكر بقوله صلى الله عليه وسلم في حثه على قراءة القرآن وتدبره قال صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه» (6)، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق، له أجران» (7).

إن أعظم وأهم الكتب التي ينبغي أن نربط الطفل بها هو كتاب الله تعالى، قراءة وتدبرًا،.. تلاوةً وحفظًا، تعاهدًا ومراجعة، قال تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)} [النمل: 91، 92].

وهنا سنجد عقبة تجابهنا أثناء غرسنا حب قراءة القرآن في نفوس أطفالنا، وهي القول بأنهم –أي الأطفال– لا يفهمون الكثير ممن يقرءونه من آيات القرآن الكريم، مما يصعب عليهم حفظه أو قرأته، لذا سنؤخر هذا إلى أن يتقدموا في السن قليلًا ويعوا ما يقرأون.

وسأسرد هنا قصة معبرة يمكن استخدامها لكي نوصل إلى أذهان أطفالنا أهمية قراءة القرآن حتى وإن لم نعيه، فكان هناك رجل يستيقظ كل يوم في الصباح الباكر ليجلس ليقرأ القرآن، وكان حفيده يتمنى أن يصبح مثله في كل شيء، لذا فقد كان حريصًا على أن يقلده في كل حركة يفعلها، وذات يوم سأل الحفيد جده: يا جدي إنني أحاول أن أقرأ القرآن مثلما تفعل، ولكنني كلما حاولت أن أقرأه أجد أنني لا أفهم كثيرًا منه، وإذا فهمت منه شيئًا فإنني أنسى ما فهمته بمجرد أن أغلق المصحف، فما فائدة قراءة القرآن إذا؟!

أثناء ذلك كان الجد يضع بعض الفحم في المدفأة، فتلفت بهدوء وترك ما بيده ثم قال: خُذ سلة الفحم الخالية هذه واذهب بها إلى النهر ثم ائتِني بها مليئة بالماء.

ففعل الولد كما طلب منه جده؛ ولكنه فوجئ بالماء كله يتسرب من السلة قبل أن يصل إلى البيت.

فابتسم الجد قائلًا له: ينبغي عليك أن تسرع إلى البيت في المرة القادمة يا بني، فعاود الحفيد الكرَّة وحاول أن يجري إلى البيت؛ ولكن الماء تسرب أيضًا في هذه المرة، فغضب الولد وقال لجده: إنه من المستحيل أن آتيك بسلة من الماء.

فخرج الجد مع حفيده ليُشرف بنفسه على تنفيذ عملية ملء السلة بالماء، وكان الحفيد موقنًا بأنها عملية مستحيلة؛ ولكنه أراد أن يُري جده بالتجربة العملية، فملأ السلة ماء ثم جرى بأقصى سرعة إلى جده ليريه وهو يلهث قائلًا: أرأيت؟ لا فائدة، فنظر الجد إليه قائلًا: أتظن أنه لا فائدة مما فعلت؟ تعال وانظر إلى السلة، فنظر الولد إلى السلة وأدرك للمرة الأولى أنها أصبحت مختلفة، فلقد تحولت السلة المتسخة بسبب الفحم إلى سلة نظيفة تمامًا من الخارج والداخل.

فلما رأى الجد الولد مندهشًا قال له: هذا بالضبط ما يحدث عندما تقرأ القرآن الكريم! قد لا تفهم بعضه، أو قد تنسى ما فهمت أو حفظت من آياته، ولكنك حين تقرؤه تأكد أنك سوف تتغير للأفضل من الداخل والخارج.

إنّ القراءة لا تزال هي أهم الوسائل التي تنقل إلينا ثمرات العقل البشري، وأنقى المشاعر الإنسانية التي عرفها عالم الكتاب المطبوع.

والقراءة تسمو بخبراتك وتطورها إلى أعلى المستويات، بل لقد ربط القرآن بين القراءة والكرامة، كما ربط بين العلم والكتابة؛ فأكثر الأمم كرامة أكثرهم قراءة وتعلمًا (8).

ما أجمل هذه الكلمات حين يلقيها الأب الحاني على أسماع ولده، وهو يهدي له كتابًا نافعًا، محفزًا له على أرقى العادات، وأجمل الهوايات، وأهم وسائل العلم والمعرفة؛ إنها القراءة.

أخيرًا:

كن صبورًا، ولا تنتظر نتائج فورية عند تطبيق هذه النصائح، وتذكر أن إجبار الطفل على القراءة يفقده المتعة، ومن يفقد متعة شيء ما يتركه في أول فرصة تتاح له، لذلك يجب أن نحرص أن تكون القراءة تجربة ممتعة بالنسبة للطفل، وليست فرضًا أو التزامًا روتينيًّا.

_______________

(1) بناء الأجيال (ص: 91) بتصرف

(2) أطفالنا وحب القراءة/ موقع المسلم.

(3) مسئولية الأب المسلم في تربية الولد (ص: 345).

(4) منهج التربية النبوية للطفل (ص: 233).

(5) كيف نحبب القراءة للأطفال خاصة في الإجازة؟ لها أون لاين.

(6) أخرجه مسلم (804).

(7) أخرجه مسلم (798).

(8) اللمسة الإنسانية (ص: 372).