logo

كيف أهيئ ابني للمدرسة


بتاريخ : الثلاثاء ، 22 ربيع الأول ، 1441 الموافق 19 نوفمبر 2019
بقلم : تيار الاصلاح
كيف أهيئ ابني للمدرسة

المدرسة هي المكان الذي يكتسب فيه الطفل الكثير من المعلومات والمعارف عن العالم من حوله، والكثير من المهارات التي تفيده في التعامل مع هذه المعلومات، والكثير من القيم والاتجاهات الدينية والاجتماعية والأخلاقية, فهو يتعلم كيف يقرأ ويكتب ويتكلم بطريقة صحيحة, ويشمل ذلك التهجّي الصحيح للكلمات, وبناء الجمل والفقرات والموضوعات, ويتعلم أيضًا كيف يجمع ويطرح ويضرب ويقسم ويتعامل مع الكسور, كما يتعلَّم حقائق العلم والتاريخ والجغرافيا والأدب، ويتذوق فنون الرسم والموسيقى، ويمارس النشاط البدني بطريقة منظمة، كما يمارس بعض المهارات العملية المفيدة, ويتعرف على بعض مظاهر تكنولوجيا العصر "كالكومبيوتر", ومع إنهاء الطفل لهذه المرحلة، ببلوغه سن الحادية عشرة تقريبًا, يكون قد اكتسب معظم المهارات والمعلومات والاتجاهات التي لا بُدَّ له منها في حياته اليومية.

وعلى الرغم من أن هذه المعلومات والمهارات لها أهمية كبيرة في تحديد مستقبل نموّ الطفل، إلّا أنَّ النظام المدرسي الذي يتعرض له الطفل خلال هذا الطور قد يكون أكثر أهمية؛ فالمدرسة تزوّد الطفل بقواعد النظام والاستقلال والتقويم، كما تهيئ له التعامل مع قيم المجتمع الذي يعيش فيه، وأخصها قيم المجتمع العربي الإسلامي الذي يعيش فيه الطفل، والتي توجه سلوكه في المستقبل، وهو دور لا يزال مفقودًا في المدرسة العربية الحديثة (1).

من هنا نبدأ:

تبدأ عملية تهيئة الطفل للمدرسة قبل بداية الفصل الدراسي، إذ يناقش الأهل بكل هدوء واطمئنان ووضوح بعض التفاصيل والمعلومات المتعلقة بالمدرسة، مع مراعاة شخصية الطفل وحالة مزاجه العام؛ فهو مقبل على مدرسة جديدة ومشاعر جديدة أيضًا، ومن الجيد أن يعبر الطفل عن مخاوفه ومشاعره، كي لا تتراكم في نفسه، ومن المفيد أيضًا اصطحابه في جولة إلى المدرسة، والتعرف على مرافقها والهيئة التدريسية.

ومن العوامل التي تساهم في نشأة مشاعر الصدمة والخوف عند الطفل هو الحماية الزائدة والتدليل اللذين تلقاهما طيلة السنوات السابقة، وقلق الأم عليه وشدة تعلقها بها، إذ إن التعلق الشديد بالوالدين بصفة عامة؛ وبالأم بصفة خاصة، وشدة الارتباط بها وقلق الانفصال عنها يمثل أحد العوامل المساهمة في إحداث المخاوف من المدرسة.

علاقات الطفل بالآخرين في مرحلة الطفولة المتأخرة:

لا شك في أن المدرسة هي أهم وسيط للتطبيع الاجتماعي في هذه المرحلة؛ فالمعلمون يشجعون عن وعيٍ وقصدٍ أنواعًا كثيرة من السلوك الجماعي من خلال أمور؛ مثل اللعب الجماعي، والدراسة الجماعية، والنشاط الجماعي وغيرها، وتحقيق هذا الهدف يتطلب في الطفل كثيرًا من المهارات والنضج؛ لذلك فإن الأطفال يتقدمون في ذلك بدرجات بطيئة، فخلال الصفوف الأولى من المدرسة الابتدائية نجد أن أفضل تنظيم اجتماعي هو علاقة زميل اللعب، والتي قد تتكوّن بشكلٍّ فجٍّ في مرحلة مبكرة خلال مرحلة الحضانة الطفولة المبكرة.

أبرز الاتجاهات المميزة لأطفال هذه المرحلة:

أولًا: بدخول الأطفال المدرسة، والتي عادة ما يقضون فيها ما يقرب من نصف عدد ساعات يقظتهم، وعادة ما يبقون في مدارسهم إلى أن يصبحوا قادرين على اعتراك الحياة وكسب العيش، وعادة ما نجد الأطفال يأوون إلى المنزل بعد يومهم المدرسي كوسيط حميم، ومصدر للأمن والأمان، كما كان في مرحلة نموهم السابقة.

ثانيًا: وبمجرد أن يبدأ الأطفال دخول المدرسة عادة ما يصبحوا أقل اعتمادية على أسرهم، كما أن تركيز علاقاتهم الشخصية المتبادلة تتغير تدريجيًا من آبائهم إلى أقرانهم، وإلى المجتمع الأكبر، وعادة ما نجد أطفال هذه المرحلة يقضون وقتًا أطول مع أقرانهم أكبر من الوقت الذي يقضونه مع أسرهم، وبالتالي نجد اتجاهات الرفاق ذات تأثير متزايد في كيفية شعورهم نحو ذواتهم.

ثالثًا: في هذه المرحلة تكون الانفعالات قليلة بصورة نسبية، والأشياء الممتعة والسارة تكون كثيرة، كما لا تكون هناك حاجة كبيرة للإشراف الأبوي القريب الكامل، فعادة ما ينشغل أطفال المدرسة في لعبهم واستكشاف عالمهم من حولهم، والتعلم من الأشياء، ومن الناس، ويلتمسون المنزل للراحة فقط، والتزود بالغذاء، وعادة لا يكونون مثقلين بمسؤوليات رئيسة، فهم أحرار في عيشهم، يعيشون للمتعة في اللحظة الحالية، وعلى الرغم من حدوث بعض الإحباطات، وخيبة الأمل في أشياء معينة من وقت إلى آخر، إلا أننا عادة ما نجد أطفال سن المدرسة الابتدائية يتسمون بالرضى عن أدوارهم، ويشعرون أن الفترة التي يمرون بها فترة إشباع ومتعة.

رابعًا: عادة ما يرتدي أطفال ما قبل المدرسة البنين والبنات ملابس مختلفة، وقد يظهرون بعض الاختلافات في النشاطات المفضلة، ويعملون قليلًا من التمييز بين أنفسهم، وبنهاية السنة السادسة، وبداية السنة السابعة تقريبًا نجدهم يميلون إلى تكوين جماعات لعب منفصلة، ويعملون تمييزات بين أنماط سلوك كل منهم، وكيف يجب أن يسلك كل منهم، وهذه التغيرات تعكس ثمة حقيقة أنه خلال سنوات المدرسة الابتدائية يبدأ الأطفال تكوين هوية نفسية كأعضاء في جنس معين.

خامسًا: يحدث في هذه المرحلة أيضًا تغير في أنماط السلوك؛ حيث يحل السلوك الأكثر نضجًا محل السلوك غير الناضج في المرحلة السابقة؛ فالخلفة "أو المعارضة المستمرة" تتناقص حدتها مع بلوغ الطفل سن السادسة، رغم أن الأطفال الذكور يصلون إلى قمة أخرى للمخالفة عند بلوغ سن العاشرة أو الحادية عشرة؛ حيث يتمردون على سلطة الكبار؛ كطريقة لتأكيد دورهم.

سادسًا: توجد عوامل كثيرة تحدد اختيار الطفل في هذه المرحلة لأصدقائه، وكقاعدة عامة لُوحِظَ أن الطفل يختار أولئك الذين يدركهم على أنهم يشبهونه، ومن العوامل التي تحدد اختيار الأصدقاء في هذه المرحلة سمات الشخصية، وتحصل سمات المرح والألفة والتعاون والأمانة والكرم والروح الرياضية على أعلى التقديرات عند الأطفال في اختيار أصدقائهم.

وحالما يكوّن الأطفال في هذه المرحلة مجموعة من الأصدقاء؛ يبدءون في معاملة الأخرين بقسوة؛ لأنهم ليسوا أصدقاء، ومعظم معايير الشِّلَّةِ التي يتمُّ الاتفاق عليها؛ تهدف إلى عدم السماح للآخرين الذين لا يعدون من الأصدقاء بالانتساب إليها، ويصل هذا التحيز لجماعة الشِّلَّةِ إلى قمته في نحو سن الحادية عشرة.

سابعًا: القيادة عند طفل المدرسة الابتدائية، أو قائد شِلَّةِ الأطفال في هذه المرحلة يجب أن تتوافر فيه الخصائص الطيبة التي تحبذها الجماعة، والطفل الذي يحظى باحترام الشِّلَّةِ، وتتأكد شعبيته بينهم، هو ذلك الذي يكون متميزًا في صفات البطولة عن باقي الأعضاء، ويذكر الأطفال من هذه الصفات؛ خاصيةً الذكاء والكياسة والثقة بالنفس والاتزان الانفعالي، والقدرة على النشاط البدني، والوعي برغبات الآخرين، والاهتمام بها والجدارة بالثقة فيه (2).

كيف نهيئ أبناءنا لدخول المدرسة؟

إن دخول الطفل المدرسة يمكن أن نعتبره مرحلة الفطام الثاني التي يفصل فيها الطفل عن أمه، هناك عدة أساليب يمكن للأم إتباعها لتهيئة الطفل لدخول المدرسة:

- يجب أن يصطحب ولي الأمر طفله أثناء تقديم ملفه إلى المدرسة، وعلى إدارة المدرسة أن تهيئ الجو المناسب لاستقبال الأطفال في أول زيارة لهم للمدرسة؛ باصطحابهم في جولة داخل أروقة المدرسة، والتعرف على مرافقها، وما فيها من ألعاب ووسائل ترفيه، كذلك يجب أن يكون القائم باستقبال الأطفال وتسجيلهم بالمدرسة من المعلمين والمربين ذوي الكفاءة ليحسنوا استقبال هؤلاء الأطفال، ويفضل أن يكونوا من معلمي الصف الأول الذين سيتولون تدريس هؤلاء الأطفال في المدرسة.

- ينبغي على الآباء والمربين تحسين المناخ الأسري والمدرسي وذلك بجعله مناخًا يتسم بالأمن والطمأنينة، مما يشجع الطفل على الذهاب إلى المدرسة، فالطفل الذي يعيش وسط الخلافات الوالدية والشجار المستمر في مرحلة الطفولة المبكرة يعاني من انخفاض في مستوى ودرجة الأمن، والتحمل للمتغيرات البيئية وتقبلها، وكذلك انخفاض مستوى الثقة بالنفس وبالآخرين؛ وبالتالي الخوف.

- من الضروري أن تكون لدى الوالدين بعض الكتب أو الكتيبات أو النشرات التربوية التي تُعنى بخصائص مرحلة الطفولة، وكيفية التعامل مع الأبناء في تلك المرحلة، وطرق حل المشكلات الشائعة فيها، وأن يسألوا أهل الاختصاص عن كل شيء يتعلق بالتعامل مع الأبناء في تلك السن، خصوصاً ما يتعلق بمرحلة دخول المدرسة حتى يستطيعوا فهم طبيعة المرحلة والتعامل معها وفق طريقة تربوية علمية منهجية صحيحة.

- تعاون الأب والأم وتكامل أدوارهما في هذا المجال مهم جدًا، فلا تستطيع الأم وحدها مهما أُوتيت من علم أو قدرة تربوية أن توفر كل أسباب الأمان التربوي والنفسي والاجتماعي للطفل، فالأب له هيبة وخبرة وحكمة يمكن أن تفيد كثيرًا في حل المشكلات التي تعترض الأبناء والبنات على السواء، والذي لا تستطيع الأم فعله يمكن للأب أن يؤديه بسهولة واقتدار، والعكس صحيح؛ فما لا يقدر عليه الأب يمكن للأم أن تقوم به بما أُوتيت من ملكات ومواهب فطرية لا توجد لدى الأب، وانعدام دور من هذه الأدوار للأب أو الأم يؤدي إلى خلل نفسي وتربوي نشهده مرارًا وتكرارًا في مسيرتنا التربوية.

تتمثل هذه المراحل التي تساعد الآباء في تهيئة أبنائهم نفسيًا للدخول المدرسي:

1- مرحلة الترغيب:

وتتمثل هذه المرحلة في ترغيب الطفل في المدرسة وتشكيل صورة ذهنية إيجابية عنها، وما يمكن أن يتعرف عليه من خلال شراء الأدوات المدرسية؛ كالمحفظة والأقلام ذات الألوان الجذابة، وسؤال الطفل باستمرار عما أخذه من معلمته في المدرسة، وإعطائه الإحساس بأنه يقوم بشيء مهم.

2- مرحلة الاندماج مع الآخرين:

وتتمثل هذه المرحلة في تعويد الطفل وتدريبه على الاندماج مع الآخرين في مرحلة ما قبل المدرسة؛ وذلك من خلال إشراك الطفل في الحوار الأسري، والسماع لرأيه وإن كان خاطئًا وتعويده اللعب مع إخوته وأقاربه وأصدقاء الجيران؛ مما يساعده في الاندماج مع زملائه في المدرسة.

3- مرحلة الملاحظة والمتابعة:

وتقوم هذه المرحلة على الملاحظة والمتابعة الجيدة من طرف الآباء إلى كل التصرفات والحركات التي يقوم بها أبنائهم، فالسلوكيات التي تطرأ على الأبناء بعد دخولهم المدرسة قد تجعل بعض الآباء يفهم بأن هناك مشكلة لدى الابن؛ وبالتالي يسهل عليهم حلها قبل تطورها وتعقدها، بالإضافة إلى أن مصاحبة الطفل للمدرسة من قبل الأولياء يشعر الطفل بالأمان وبثقته بنفسه؛ مما يزيد من توطيد العلاقة بين الطفل والمدرسة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن مصاحبة الطفل للمدرسة يعكس صورة إيجابية لدى أطراف العملية التربوية وإلى المعلم بأن هناك اهتمام وحرص ايجابي من طرف الولي في متابعة ابنه؛ مما يسمح له الالتقاء به والتعرف أكثر على شخصية الطفل وتوجيهها التوجيه السليم.

أمور يحب مراعاتها:

أولًا: عدم التأفف والتذمر أمام الأبناء من المدرسة، والبعد عن التلفظ بألفاظ تؤدي إلى تكوين صورة سلبية عن المدرسة، وترديد بعض الكلمات التي تؤثر على أهمية المدرسة في نظر الطالب.

ثانيًا: تذكير الأهل للأبناء بأهمية المدرسة، وما توفره من مهارات وخبرات وفرص تعليمية، ونشاطات ابداعية، وألعاب ترفيهية، وبرامج مفيدة تشبع احتياجاتهم المتعددة في مجالات العلم والمعرفة والتقنيات والحاسوب والمطالعة.

ثالثًا: على الأهل والطلاب على حد سواء الاستفادة من تجارب السنة الدراسية الماضية، وتفادي الأخطاء السلوكية أو التعليمية التي حدثت ومنع تكرارها.

رابعًا: استمرار التواصل مع الأبناء وتذكيرهم بالاستعداد والتحضير الدائم للدراسة والقيام بالواجبات الدراسية المتعددة، واعتبار أن أول يوم دراسة مثله مثل آخر يوم من الجد والمثابرة، وأن أي تقصير سيؤثر بالسلب على اليوم الذي يليه، وعليك أيها الطالب أن تضع في الاعتبار هذه الحكمة «لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد».

خامسًا: تعاون الأهل الدائم مع المدرسة (إدارة ومعلمين)، والتأكيد على الأبناء بالالتزام بأنظمة وتعليمات المدرسة، وعدم الغياب عن المحاضرات أو الامتحانات، واحترام المعلم والمعلمة، وعدم المشاغبة أثناء الحصة التعليمية، وبناء صداقات مع الطلبة قائمة على التعاون والتسامح والتكافل والتنافس الشريف في مجالات الدراسة، والتأكيد على دور المعلم في العملية التعليمية وتفاعله مع الطلبة والاستماع الى ملاحظاتهم والتعامل معهم باتزان ولطف ومحبه واستخدام وسائل تعليمية متعددة في شرح المناهج الدراسية لضمان استيعابها من قبل الجميع ومراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.

سادسًا: تذكير الأبناء بالمحافظة على ممتلكات المدرسة، واعتبار أي أداة من الأدوات التعليمية أو الخدمية الموجودة في المدرسة هي جزء من ممتلكات المنزل ومن ممتلكات الأسرة، ويجب المحافظة عليه وعدم السماح لأي طالب في المدرسة القيام بتخريب المرافق والخدمات.

سابعًا: حضور الأهل لمجالس الآباء والأمهات، وعدم التكاسل والتقاعس عن حضورها، فهي تزود الأهل بمعلومات ومهارات مفيدة عن أبنائهم وخاصة عن مواهب وابداعات قد لا يعرف الأهل عنها، ويمكن تنميتها واستثمارها بشكل يعود بالفائدة على الأبناء والمدرسة والأسرة والمجتمع والوطن، فالمدرسة ليست مكانًا لتحفيظ النصوص وتعليم الكتابة والقراءة، إنها بناء شخصية متكاملة للطلاب في مختلف المجالات النمائية والفكرية والإبداعية.

ثامنًا: الاستيقاظ المبكر: تدريب الأبناء على الاستيقاظ المبكر والاستعداد للذهاب للمدرسة، وفي هذه الحالة نؤكد على ضرورة اتباع الأهل لمهارة فن إيقاظ الأبناء من النوم، ويفضل أن يكون الاستيقاظ قبل ساعة من الذهاب للمدرسة، والابتعاد عن الصراخ والتهديد أثناء الإيقاظ، ويفضل أن يكون بطريقة ودودة، ويمكن أن تجلس الأم أو الأب أو أحد أفراد الأسرة بجانب السرير، ووضع اليد على رأس الأبناء والقيام بتدليلهم ومخاطبتهم بكلام جميل هادئ يشجع الأبناء لاستقبال يوم دراسي بنشاط وحيوية.

إعداد الطفل وإبراز شخصيته:

يبدأ الطفل بالاحتكاك ببيئة جديدة مع بداية العام الدراسي، كما يشرع في تكوين صداقات ومعارف جديدة، لهذا على الأهل تعليم الطفل كيفية التكيف مع محيطه الجديد، ويجب تشجيعه على تطوير مهاراته، وإشراكه في اتخاذ القرارات المتعلقة بدراسته؛ مثل المدرسة التي يرغب في الالتحاق بها، ووسيلة النقل المناسبة له ومستلزماته المدرسية، إضافة إلى تشجيعه على الانضمام إلى المناهج الدراسية، والاهتمام بصحته عن طريق التأكد من حصوله على النوم الكافي والمريح؛ كي يستيقظ صباحًا بنشاط، ويتناول الغذاء الصحي، ويُمارس الرياضة يوميًا.

أهم النصائح لتهيئة الطفل بدنيًا وصحيًا ونفسيًا لسنة أولى مدرسة:

التحدث الإيجابي:

من المهم جدًا التحدث بإيجابية عن المدرسة أمام الطفل، فعلى الوالدين مراعاة التحدث دائمًا عن المدرسة مع الطفل قبل بدء العام الدراسي بوقت كاف، وأنها مكان جميل يتعلم فيه قواعد جديدة، ومع الوقت سيستطيع أن يكون مثل والده، فيتمكن من القراءة والكتابة، وخاصة قراءة قصص الأطفال المصورة والشيقة، التي دومًا ما أحبها، كما إنه سينمي مهاراته بها؛ كالرسم والرياضة، هذا فضلًا عن أنه سيتمكن من اللعب مع أصدقائه الجدد في الوقت المحدد.

كما ينصح أخصائيو التربية وعلم النفس بضرورة تحدث إخوته الكبار أو الأصدقاء معه عن المدرسة وأهميتها، فربما يتهيأ الطفل نفسيًا أكثر لتقبل المدرسة إذا حكى عنها إخوته الكبار، والذين سبق وأن اجتازوا هذه المرحلة من حياتهم بنجاح، كما عليكِ بمشاركة طفلك في الحديث وليس الاستماع فقط، أي اجعليه يتخيل يومه الدراسي وكيف سيسير، مع النقاش معكِ حول الأسباب التي تقلقه من الذهاب إلى المدرسة.

قواعد المدرسة والزي المدرسي:

على الوالدين أن يتحدثا مع الطفل عن أهمية قواعد المدرسة والنظام، كما يجب ترغيب الطفل في ارتداء الزي المدرسي الذي سيلازمه طوال أشهر المدرسة، والذي يساعد على الانضباط والتحصيل العلمي.

ويمكن مشاركة الطفل في شراء واختيار شنطة المدرسة على أن تكون مناسبة للقواعد، كما إنه من الهام مشاركة الطفل في شراء أدوات المدرسة كالأقلام والكتب.

استفيدي من أسئلته المتعددة:

استفيدي من أسئلة طفلكِ المتعددة حول كل ما يتعلق بالحياة العامة، كسؤال الطفل عن كيف بدأت الحياة؟ أو لماذا أصدقائي لا يكونوا من عائلتي؟ أو لماذا لون السماء زرقاء؟ وغيرها، فيمكنكِ الاستفادة من تلك الأسئلة لترغيب الطفل في دخول المدرسة، فعليكِ وقتها الرد على أسئلته بصورة بسيطة ومفهومة، مع وعده بأن يعلم المزيد من الإجابات عندما يذهب إلى المدرسة، ليحرص طفلك على الذهاب إلى المدرسة ليتعلم المزيد.

إفطار لذيذ ومحبب:

لتشجيع الطفل على الذهاب إلى المدرسة نوعي له يوميًا في وجبة الإفطار المنزلية والساندويتشات المدرسية، على أن تكون وجبة كاملة العناصر الغذائية الهامة.

قدمي له طعامًا صحيًا ولذيذ في نفس الوقت، واحرصي دائمًا على مراقبته عند تناول الطعام في المنزل، وتحفيزه على تجربة الطعام الجديد الصحي، ولا تنسي اعداد الساندويتشات بشكل جذاب ووضعها في أكياس نظيفة، مع مراعاة وضع بعض ثمار الحلوى أو الفاكهة المفيدة لتحفيز الطفل على تناول الساندويتشات بالكامل، ولا تنسي تخصيص الماء اللازم له أثناء اليوم الدراسي في قنينة مريحة، يستطيع فتحها وإغلاقها بكل سهولة، كما ننصحكِ بمتابعة طعام الطفل مع المعلم أو المعلمة الخاصة به، لتعرفي السبب سريعًا إذا لم يتناول الطفل يومًا ما طعامه.

لا تنسي التحدث مع الطفل على أهمية تناول وجبة الإفطار والساندويتشات، لتساعده على التركيز الكامل في المدرسة، وليستطيع اللعب مع أصدقائه بكامل نشاطه.

اهتمي بطفلك جسديًا:

يجب على الوالدين الكشف الطبي باستمرار على صحة الطفل البدنية والجسدية، مع مراعاة إعطائه الأمصال والتطعيمات الطبية في وقتها تجنبًا للعدوى من الأمراض المحيطة به، ولا تنسي الكشف على حالة القلب والصدر لاكتشاف أي حساسية قد يعاني منها الطفل مبكرًا، ومراعاة التأكد من صحة العين والرؤية والسمع ليستطيع تحصيل دروسه اليومية بشكل طبيعي.

ويجب على الوالدين التأكيد على الطفل بحمل الشنطة المدرسية على ظهره، وأن يجلس مستقيم الظهر على المقعد المدرسي، حتى لا يصاب بتشوه عظام العمود الفقري.

عدم الشعور بالارتياح والأمان:

يعاني طفلك في أيام المدرسة الأولى بعدم الشعور بالأمان، بسبب وجود أشخاص غريبة وجديدة عليه يقابلهم لأول مرة، كما أنه يكون مطالبًا بإتباع أوامر المعلمين، والقواعد التي لم تفرض عليه من قبل في فترة الطفولة المبكرة، لهذا فعليكِ أن تقومي مسبقًا بتهيئة الطفل على قواعد هذا المجتمع الجديد.

فيرى أخصائيو التربية أنه من المفيد أن يصطحب الوالدان الطفل إلى المدرسة قبل ميعاد بدء العام الدراسي، ليتعرف على الجو العام للمدرسة بصحبة والديه اللذان يكونان درع الأمان والاطمئنان له.

كما يحذرك الأخصائيون بتجنب تهديد الطفل بالمدرسة كعقاب على خطأ قد ارتكبه، أو كعقاب للتخلص من شقاوته، لأن المدرسة ستصبح حينها أداة للعقاب وليس للدراسة في نظره، وسيكره الطفل الذهاب إلى المدرسة مع الوقت.

النوم مبكرًا:

يجب على الطفل من البداية التعود على النوم مبكرًا، لتستطيع جميع أعضاء الجسم القيام بوظائفها الكاملة والسليمة خلال مرحلة النوم، ومع اقتراب بداية العام الدراسي الأول لطفلك يجب الحرص على مراقبة مواعيد نومه، فلا تنسي تحديد وقتًا معين لينام فيه طفلكِ، ليتعود مع الوقت عليه.

كما يمكنكِ تقديم هدية صغيرة له في الصباح عندما يخلد إلى النوم مبكرًا، ويمكنك إيقاظ طفلك ربع ساعة مبكرًا عن ميعاده، على أن يخلد إلى النوم في هذه الليلة ربع ساعة عن موعد نومه، إلى أن يتعود مع الوقت على الاستيقاظ في ميعاد اليوم المدرسي.

وفيما يلي نقدم لك بعض الطرق المفيدة لإعداد طفلك لليوم الأول من المدرسة:

1- قومي بالتمهيد لطفلك قبل بدء الدراسة بالمرحلة الجديدة التي هو مقبل عليها وتحدثي معه عن المدرسة بشكل عام ومبسط، مثل: لماذا أنشأت وماذا تقدم لروادها، أخبريه عن ذكرياتك في المدرسة والأيام الحلوة التي مررت بها وأنك تمنين العودة إليها، اجعليه يشعر أن هذه الفترة من عمره جميلة وأنها إن ذهبت لن تعود أبدًا وأنه سيتمنى عندما يكبر ويصبح في مثل سنك أن يعود إلى المدرسة.

2- أخبري طفلك عن نظام المدرسة التي سينتسب إليها؛ في أي وقت عليه الاستيقاظ، ومتى تفتح المدرسة أبوابها وما هو جدوله أو كيف سيقضي وقته فيها وفي أي وقت يمكنه العودة إلى البيت.

3- اسألي طفلك عن المشاعر والأحاسيس التي تنتابه حيال الذهاب إلى المدرسة، إذ غالبًا ما تكون هذه المشاعر ممزوجة بين الإثارة والخوف، ناقشيه فيما يشعر، ولا تسخري من مشاعره أو تسخفيها، بل أخبريه أنها مشاعر طبيعية وأن كل الأطفال متوترون تقريبًا لكن هذه المشاعر سرعان ما تزول باندماجه واندماجهم بالمدرسة.

4- تحاوري معه حول الجوانب الإيجابيّة لذهابه إلى المدرسة؛ بأنها ستشغل وقته بما هو مفيد، وستبعث في نفسه المرح والتجديد، ويمكنه أن يتعرف من خلالها على أصدقاء جدد يلعب معهم ويستمتع بالتحدث إليهم، كما يمكنه الانضمام إلى الأنشطة المتعددة التي تقيمها المدرسة.

5- اصحبيه معك إلى السوق، ودعيه يختار من المكتبة الأقلام والألوان والدفاتر الجذابة، والحقيبة المدرسية التي يريد وأخبريه أن هذه الأشياء مستلزمات المدرسة وأنه سيستمتع باستخدامها هناك.

6- اصطحبي طفلك إلى المدرسة لرؤية فصله الجديد ومقابلة مدرّسته والتعرف عليها، إذ من الضروري إيجاد روابط بين بيئة المنزل والمدرسة.

7- اتركي بطاقة جميلة لطفلك في صندوق طعامه، فذلك سيشعره بأنّك تفكّرين به وأن شيئًا منك معه في المدرسة وأنه لم ينفصل عنك نهائيًا.

8- طمئني طفلك أنه إذا ما تعرض لأي مشكلة في المدرسة، فإن هناك من هو كفيل بحلها، المدرس أو المدرسة سيكونان بمثابة الأب والأم وسيوفران له الأمان والراحة والسعادة التي من خلالها يمكن للطفل أن ينمو ويتعلم، وأخبريه أنك مستعدة للذهاب إلى المدرسة في أي وقت يحتاجك فيه، وأنك ستساهمين في حل المشاكل التي سيتعرض لها.

9- حاولي أن تجدي له صديقًا أو قريبًا يشاركه الذهاب إلى المدرسة ذاتها، واجمعيهما ببعض في البيت قبل مدة من بدء الدراسة، فإن هذا سيشجعه على الذهاب إلى المدرسة.

10- من الممتع للطفل أن يجد من يرافقه الطريق أثناء ذهابه إلى المدرسة أو عودته منها.

وأخيرًا؛ مع إشراقة شمس عام دراسي جديد، يتجدد العزم على المضي في طريق النور والأمل، طريق العلم والمعرفة، يجب أن نعمل جميعًا معلمين ومربين وآباء وأمهات على قدر مشترك من المسؤولية تجاه هذا الجيل من أبنائنا وفلذات أكبادنا، وهذه المسؤولية تتأكد ويعظم قدرها حين يضع الولد قدمه على درب العلم والدراسة حيث نخرج به من إطار التربية داخل المنزل إلى عالم جديد هو عالم المدرسة, ذلك العالم الذي يرى فيه الطفل مجتمعًا جديدًا أوسع من مجتمع البيت والأسرة، ويتعرض إلى احتكاك من نوع آخر غير الذي تعوّد عليه، لذلك ينبغي أن نستشعر هذه المسؤولية التربوية ونهيئ أطفالنا لها، حتى نبني جيلًا راشدًا سليم العقيدة قوي الإيمان شامخ البنيان معتزًا بدينه كي تسعد به الأمة، ويصل بها إلى مراقي المجد والرفعة والسيادة.

***

________________

(1) نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين (ص:279).

(2) نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين (ص: 267- 268).