logo

وصايا للمسلمة في رمضان


بتاريخ : الأربعاء ، 13 رمضان ، 1441 الموافق 06 مايو 2020
بقلم : تيار الاصلاح
وصايا للمسلمة في رمضان

رمضان فرصة موسمية للتزود من التقوى، وتطهير القلوب، وتزكية النفوس، والفطن اللبيب هو من يسعى لاغتنامه، والشقي هو من يسعى للتخلص منه، وما دامت الشمس لا تقف والعمر لا ينتظر، والأيام لا تتوقف، فحري بالمرء أن يستغل كل دقيقة؛ بل كل لحظة من عمره في القرب إلى الله والعمل على رضاه.

والمرأة كالرجل في اغتنام مواسم الطاعات والظفر بأوقات القربات، ولها من كل عمل نصيب ومن كل طاعة سهم، وإلا فما قيمة الحياة بغير طاعة الله، وما فائدة الدنيا إن لم تكن مزرعة الآخرة.

وبعض النساء تستقبل شهر الطاعات وموسم القربات بجدول من الأعمال التي تهلك بدنها ولا ترضي به ربها، بل كل همها الطعام والشراب وما شابه، فيمر عليها رمضان دون أن تشعر بطاعة أو تأنس بعمل صالح؛ نظرًا لعدم فهمها الحكمة من الشهر.

رمضان شهر الصيام وليس شهر الطعام، رمضان شهر القيام وليس شهر النوم، رمضان شهر الجد وليس شهر الهزل، رمضان شهر العمل وليس شهر الكسل، رمضان شهر الطاعات وليس شهر المعاصي، رمضان شهر الاقدام وليس شهر الاحجام، رمضان شهر اليقظة وليس شهر الغفلة.

ومع ذلك فإن من سماحة هذا الدين ويسره، ومن عظيم إحسان الله إلى عباده أن رتب لجميع الأعمال والعادات التي نقوم بها الأجر والمثوبة، وذلك إذا توفر فيها عامل احتساب الأجر والنية فيها، وكذا ربة المنزل في رمضان فالأعمال التي تتكرر يوميًا؛ كاعتنائها بزوجها وأطفالها، إذا احتسبت الأجر والثواب في فعلها، واستحضرت النية بأنها تقوم بذلك ليس على سبيل العادة والواجب والإكراه، وإنما طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فإنها تصبح عبادة ويحصل لها الأجر على ذلك بإذن الله.

وللاحتساب أهمية كبرى في حياة ربة المنزل للاستزادة من تحصيل الحسنات والأجر عند الله سبحانه وتعالى، وما أجمل كلام ابن القيم رحمه الله في ذلك حيث قال: قال بعض العلماء الأكياس عاداتهم عبادات الحمقي والحمقى عباداتهم عادات (1).

بعض النصائح لاغتنام من شهر القربات:

1- استغلال الساعات التي تقضيها في المطبخ بكثرة الذكر والتسبيح والدعاء:

ومن نعم الله علينا في هذا العصر وجود إذاعة القرآن، وأشرطة القرآن، والمحاضرات المتوافرة في كل مكان، فيمكن للأخت المسلمة أن تسمع آيات الله طيلة وقتها، وتسمع كل خير عن طريق هذه الأجهزة.

إن وسائل التواصل مع الله سبحانه وتعالى كثيرة، ومن أهمها: الدعاء، إذ ندعو الله لكي يحقق مطالبنا، وندعوه لكي يخفف عنا البلاء ولكي نستغفره على تقصيرنا، وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: «اللهم اجعلني لك شاكرًا، لك ذاكرًا، لك راهبًا، لك مطواعًا، لك مخبتًا أو منيبًا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي» (2)، ولا بد أن تكون ألسنتنا طيلة الشهر الكريم رطبة بذكر الله تعالى والاستغفار واغتنام الدعاء قبل الإفطار،  كما لا بد أن نسبح ونذكر الله آناء الليل وأطراف النهار، حيث قيل لابن هاني: ما نرى لسانك يفتر كم تسبح كل يوم؟ قال: مائة ألف إلا أن تخطئ الأصابع (3)، كما قال ابن القيم: إن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكرًا لله، فأفضل الصوام أكثرهم ذكرًا لله، وأفضل الحجاج أفضلهم ذكرًا لله، وهكذا سائر الأعمال (4).

وهناك فكرة جميلة حتى لا تنسى الذكر، وهي: قومي بوضع لوحات على جدران المنزل بها أذكار حتى تذكر الله كلما تجولتي في غرفتك أو منزلك، وقومي بلبس العداد الذكي لتقومي بالتسبيح عليه لتستطيعي معرفة كم مرة قمتي بالتسبيح اليوم، وضعي رقمًا معينًا كل يوم لتجتازه في التسبيح والذكر.

2- عدم الإسراف في المأكل والمشرب: فيلاحظ على كثير من البيوت قبل الإفطار أنهم يضعون موائد كبيرة ومتنوعة الأصناف، مما يؤدي إلى التأخر عن صلاة المغرب، أو فوات تكبيرة الإحرام، أو بعض الركعات، أو فوات الصلاة بالكلية، وهذا لا ينبغي في غير رمضان، فكيف في رمضان؟! فعلى ربة المنزل في هذا الجانب الاقتصار في عدد قليل من أنواع المأكولات، وعدم المبالغة في التفنن في الأصناف الموضوعة على المائدة الرمضانية.

3- إرسال الإفطار للجيران والمحتاجين، وذلك لإدخال الفرح إلى قلوبهم ولتعميق العلاقات بين الجيران وتقديم المساعدة لهم، وحصد أجر إفطار صائم بتقديم بعض الوجبات إلى الصائمين في الحي (5).

عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا طبخت قدرًا، فأكثر مرقتها، فإنه أوسع للأهل والجيران» (6).

4- السنة للمرأة أن تصلي التراويح في منزلها، وهو أفضل، ولا بأس بأن تخرج إلى المسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهنَّ خير لهنَّ» (7).

وإذا خرجت المرأة للصلاة في المسجد فلا يجوز لها أن تخرج متزينة أو متبرجة أو متعطرة لما في ذلك من المفاسد العظيمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهد ‏معنا العشاء الآخرة (8)؛ أي صلاة العشاء.

ولديك فكرتان مختلفتان من خلالهما تستطيعين قضاء صلاة التراويح وأنت مطمئنة الفكرة، وهما: أن تتفقي مع العديد من صديقاتك وأخواتك وأهلك للصلاة يوميًا في مسجد بعينه، وأن تقوم كل يوم امرأة مختلفة منكن بالجلوس مع أطفال كل هؤلاء السيدات حتى تتاح الفرصة للجميع في الصلاة في الجامع، أما الفكرة الثانية فهي التجمع في منازل بعضكن البعض والصلاة جماعة، وتكون إحداكنّ إمامًا للمصليات، وبذلك تضمنّ ثواب الجماعة.

5- الإخلاص لله في الصيام:

الإخلاص لله تعالى هو روح الطاعات، ومفتاح لقبول الباقيات الصالحات، وسبب لمعونة وتوفيق رب الكائنات، وعلى قدر النية والإخلاص والصدق مع الله وفي إرادة الخير تكون معونة الله لعبده المؤمن، قال ابن القيم رحمه الله: وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك يكون توفيقه سبحانه وتعالى وإعانته (9).

وقد أمرنا الله جل جلاله بإخلاص العمل له وحده دون سواه فقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5].

فإذا علم الصائم أن الإخلاص في الصيام سبب لمعونة الله وتوفيقه هذا مما يحفز المؤمن لاستغلال رمضان في طاعة الرحمن سبحانه وتعالى.

6- إدراك المسلم البركة في هذا الشهر الكريم، ومن ملامح هذه البركة حتى تزيدك حماسًا:

أ‌- البركة في المشاعر الإيمانية: ترى المؤمن في هذا الشهر قوي الإيمان، حي القلب، دائم التفكر، سريع التذكر، إن هذا أمر محسوس لا نزاع فيه أنه بعض عطاء الله للصائم.

ب‌- البركة في القوة الجسدية: فأنت أخي الصائم رغم ترك الطعام والشراب، كأنما ازدادت قوتك وعظم تحملك على احتمال الشدائد، ومن ناحية أخرى يبارك الله لك في قوتك فتؤدي الصلوات المفروضة، ورواتبها المسنونة، وبقية العبادات رغم الجوع والعطش.

ج- البركة في الأوقات: تأمل ما يحصل من بركة الوقت بحيث تعمل في اليوم والليلة من الأعمال ما يضيق عنه الأسبوع كله في غير رمضان.

فاغتنم بركة رمضان وأضف إليها بركة القرآن، واحرص على أن يكون ذلك عونًا لك على طاعة الرحمن، ولزوم الاستقامة في كل زمان ومكان.

7- السحور وقيام الليل:

قال صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» (10)، «إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين» (11)، لذلك لا بد أن تحرصي على أن يتناول السحور أفراد المنزل سويًا، فيزيد الترابط الأسري وتعم البركة، كما يفضل قبل السحور عند قيام الليل أن يتجه أفراد المنزل كافة إلى الركن الذي تم تخصيصه للعبادة في بداية الشهر الكريم، فيقرأ أحدهم القرآن، ويصلي آخرون، ويسبح غيرهم، فالجو الجماعي يزيد من النشاط وعدم النوم والكسل، وبعد السحور خصصوا لكل يوم فردًا يقوم بقراءة الدعاء وباقي أفراد الأسرة يرددون معه حتى صلاة الفجر، ثم يذهب الرجال إلى الصلاة في المسجد، وإن أمكن نزول السيدات كان أفضل، وإن لم يتمكنّ تجتمع سيدات البيت ويقمن بالصلاة جماعة، فثواب ذلك أعظم من أن يصلي كل فرد في غرفته لا يعلم عنه أحد (12).

8- استحضار خصائص شهر رمضان.

خص الله شهر رمضان عن غيره من الشهور بكثير من الخصائص والفضائل منها:

1- خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.

2- تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.

3- يزين الله في كل يوم جنته.

4- تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار.

5- فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم الخير كله.

6- يغفر للصائمين في آخر ليلة من رمضان.

7- لله عتقاء من النار في آخر ليلة من رمضان.

8- استشعار أن الله تعالى اختص الصوم لنفسه من بين سائر الأعمال: قال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» (13).

9- معرفة مدى اجتهاد الصحابة الكرام والسلف الصالح في الطاعة في هذا الشهر الكريم.

10- معرفة أن الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة: يقول الصيام أي ربّ منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن ربّ منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان» (14) (15).

9- وضع جدول غذائي منتظم:

إذا نظرنا إلى المأكولات الكثيرة والمشروبات وتنوع أصنافها على سفرة الإفطار فإنك تضطر إلى أن تقول لماذا يا أيتها المرأة المسلمة لا تجعلي لك جدولًا غذائيًا منتظمًا لتقسيم هذه الأصناف على أيام الأسبوع فهل يشترط أن نرى جميع الطعام في كل يوم؟ لا يشترط هذا، وهل يشترط أن نرى جميع أنواع العصير في كل يوم؟ أيضًا لا يشترط ولا شك أننا بهذا التنظيم نكسب أمورًا كثيرة منها:

أولًا: عدم الإسراف في الطعام والشراب وقد نهينا عن ذلك.

ثانيًا: قلة المصاريف المالية وترشيد الاستهلاك.

ثالثًا: التجديد في أصناف المأكولات والمشروبات وإبعاد الروتين والملل بوجود هذه الأصناف يوميًا.

رابعًا: حفظ وقت المرأة وطلب راحتها واستغلاله بما ينفع خاصة في هذا الشهر المبارك فهذا شيء من الثمار ومن الفوائد في تطبيق هذا الاقتراح فيا ليت أن بعض الأخوات يفعلن مثل هذه الجدول ولعلهن أن ينفعن غيرهن من أخواتهن في توزيعه في مدراسهن وأماكن اجتماعهن فإن فعل ذلك كما ذكرنا فيه فوائد جمة.

10- استغلال وقت الحيض والنفاس في الذكر وأعمال البر:

بعض النساء إذا حاضت أو نفست تركت الأعمال الصالحة وأصابها الفتور مما يجعلها تحرم نفسها من فضائل هذا الشهر وخيراته، وهناك ولله الحمد عبادات أخرى مثل الدعاء والتسبيح والاستغفار والصدقة والقيام على الصائمين وتفطيرهم وغيرها من الأعمال الصالحة الكثيرة، ثم أبشرك أنه يكتب لك من الأجر مثل ما كنت تعملين وأنت صحيحة قوية.

كيف ذلك؟ لحديث رسول صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم الذي قال فيه: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له تعالى من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا» (16).

إذن فلتبشرى، المهم استحضار النية الصالحة والخالصة والحرص على كثير من الخيرات والعبادات التي تستطيعنها، ثم عن قراءة القرآن للحائض والنفساء فيه خلاف مشهور بين العلماء لكن شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى رأى جواز قراءة القرآن للحائض والنفساء بدون شرط أو قيد.

11- تعويد الصغار على الصيام:

تعويد الصغار على الصيام والقيام وتشجيع الأب بصحبتهم للمسجد تارة وبالثناء تارة وبالكلمة الطيبة وبالجوائز؛ بل وتعويدهم على الصدقة وبذل الطعام وتوزيعه على الفقراء والمساكين المجاورين.

وعندما تعطى الطفل الصغير ليوزعه بنفسه للجيران وللفقراء والمساكين وتذكره بالأجر وبفضل هذه الأعمال فإن ذلك يُنشئه نشأة صالحة، كما قال الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا      على ما كان عوده أبوه

وتقول الربيع بنت معوذ عن صيام عاشوراء فكنا نصومه بعد ونُصومه صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن (القطن)، فإذا بكى أحدهم على الطعم أعطيناه ذلك (اللعبة) حتى يكون عند الإفطار (17).

أي حتى يُتم صومه ذلك اليوم تُشغله بهذه اللعبة وفي ذلك تمرين لهم وقد أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الفعل لأنه فُعله بحضرته فهو أيضًا من السنن التقريرية عنه صلى الله عليه وآله وسلم (18).

أهم الإعدادات في شهر رمضان الكريم:

أداء الصلاة في وقتها:

لما سئل صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها»، قال: ثم أي؟ قال: «ثم بر الوالدين» قال: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني (19)، فاحذري من أن تقصري في أداء الصلاة في أوقاتها بحجة النوم، وفي الشهر الكريم يمكن عمل فكرة مختلفة تشجيعية لك ولأفراد أسرتك، وهو تخصيص ركن محدد للصلاة وقراءة القرآن في المنزل، فالديكور الرمضاني وتخصيص جزء لأداء الصلاة فيه سيشجع كل أفراد البيت على أداء الصلاة في أوقاتها، لذا عليك باختيار ركن هادئ في البيت، ووضع سجاد الصلاة فيه مفرودًا طوال الوقت، إضافة إلى السبحة وعدد من المصاحف، ويكون هذا الركن بمثابة زاوية ثابتة لأداء الصلاة فيه، فيجتمع أفراد البيت ليصلوا فيه جماعة، وليس كل فرد في غرفته.

إفطار صائم:

هل ترغبي في صيام الشهر مرتين وأخذ ثواب صوم اليوم بيومين؟ عليكِ باغتنام فرصة غير متاحة إلا في هذا الشهر الكريم، وذلك بالحرص على إفطار صائم، حيث قال رسولنا الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام: «من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا» (20).

قراءة القرآن الكريم وتفهم معانيه:

علينا دائمًا في الشهر الكريم القيام بقراءة المصحف وختمه، وهناك أفكار تشجيعية للحرص على قراءة القرآن وشرحه، وذلك من خلال عقد حلقات لتلاوة القرآن الكريم في المنزل مع جمع الأصدقاء أو الأهل أو الجيران، وعمل جدول متقن للانتهاء من جزأين في اليوم، فيقوم كل فرد بقراءة صفحة ويتلوها من القرآن، ثم يقوم بشرحها من كتاب المعاني أو التفسير إن كانت هناك آيات تحتاج إلى شرح، وفي نهاية الأسبوع يتم توزيع جوائز رمزية تحفيزية على الملتزمين بحضور الحلقات يوميًا، فهذه الفكرة ستخلق جوًا من التنافس والتحدي وسيمتلئ البيت بروح المشاركة، كما ينبغي الحرص على فهم الآيات والاتعاظ منها، فقال محمد بن الحسين في تفسير قوله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} ينبغي أن يكون همّ العبد عند تلاوة السورة إذا افتتحها: متى أتعظ بما أتلوه؟ ولا يكون مراده متى أختم السورة؟

الصدقة في رمضان:

قال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 274].

إن الصدقة في الشهر الكريم من أحب الأعمال التي يجب الإكثار منها، عن أم ذرة، وكانت تغشى عائشة قالت: بعث إليها بمال في غرارتين قالت: أراه ثمانين أو مائة ألف فدعت بطبق وهي يومئذ صائمة فجلست تقسم بين الناس فأمست وما عندها من ذلك درهم فلما أمست قالت: يا جارية هلمي فطري. فجاءتها بخبز وزيت فقالت لها أم ذرة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشتري لنا لحما بدرهم نفطر عليه قالت: لا تعنفيني لو كنت ذكرتيني لفعلت (21).

فقد قال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].

خطة تساعدك إدارة الوقت خلال شهر رمضان:

1- تنظيم خطة مقدمًا:

تنقسم إدارة الوقت بين التخطيط والتطبيق، حيث أن التخطيط مهم لأن التطبيق وحدة غير كافي، وأثناء التخطيط لشهر رمضان، نحتاج أن نكون واضحين بشأن الأهداف (المقاصد) من شهر رمضان المبارك، ووفقًا للقرآن نحن نعلم أن الصيام ركن من أركان الإسلام لزيادة التقوى وهو الشهر الذي أنزل في القرآن الكريم.

هذا يعني أنه يجب أن يكون الهدف العام من شهر رمضان هو زيادة التوجه لله والتقوى، وكل الأهداف يجب أن تكون من أجل تحقيق هاتين الغايتين.

2- تحديد مجموعة واضحة من الأهداف:

الآن بعد أن عرفت الأهداف العامة لرمضان وكم من الوقت المتاح لديك يوميًا لتحقيق هذه الأهداف، فإن الخطوة التالية هي تحديد الأهداف الذكية لتكريس لها الوقت.

3- تخصيص وقت لكل هدف:

والآن بعد تحديد أهدافك في شهر رمضان بوضوح وتحديد الوقت اللازم يوميًا للعبادة، فإن الخطوة التالية هي تخصيص أوقات محددة يوميا لتحقيق كل هدف، على سبيل المثال: إذا كان لديك هدف قراءة 30 صفحة من التفسير فعليك تحديد ساعة يوميًا لذلك، ويمكن أن تكون كل مساء قبل التراويح، أو تخصيص الوقت المناسب لك.

على نحو مماثل، تخصيص أوقات محددة لكل شيء في اليوم، حيث يمكن تعيين وقت محدد من اليوم لقراءة القرآن الكريم (ربما قبل أو بعد الفجر)، مما يجعل الدعاء (قبل الإفطار)، عمل حلقة ذكر للأسرة (ربما بعد العصر أو بعد صلاة التراويح) وأية أهداف أخرى تسعى لتحقيقها يجب تحديد لها الوقت المناسب لك.

قد تكون هناك أيام تكون غير قادر على التمسك بالنظام نظرا لأسباب خارجة عن إرادتك، ولكن على الأقل من خلال وجود جدول زمني، يجعلك تلتزم به خلال الأيام الأخرى حتى لو حدث خلل في بعض الأيام وحتى في مثل هذه الأيام، إذا كنت تخصص ساعة لقراءة كتاب التفسير يمكنك قراءة على الاقل ربع ساعة أو على حسب مقدرتك في هذا اليوم حتى تكون تركته بالمرة.

4- الاستفادة من الساعات الأولى من صباح اليوم:

اعتمادًا على ما إذا كان شهر رمضان يصادف الصيف أو الشتاء في بلدك، فإن هذا يشير إلى وقت قبل أو بعد السحور، ففي البلدان التي يكون عندها الصيف فإن السحور يكون في وقت مبكر جدًا وكثير من الناس لا يمكنها أن تستيقظ في وقت مبكر، وفي هذه الحالة، فإننا نوصي بتخصيص ساعة بعد السحور للعبادة.

السبب في التأكيد على فترة الصباح الباكر؛ لأن هذا الوقت معروف بالبركة، وأنه الوقت الذي لا نكون مشغولين فيه بأي التزامات من العمل أو الأسرة، مما يجعله أفضل وقت من اليوم للعبادة.

5- تحديد وقت يوميًا لقراءة القرآن:

شهر رمضان هو شهر القرآن، لذلك يجب أن يكون هناك وقت مكرس يوميًا لقراءة القرآن، في بعض المجتمعات تكون هناك عادة لتلاوة القرآن الكريم بشكل سريع جدًا خلال شهر رمضان للحصول على أكثر عدد من الختمات، ولكن بدلًا من القيام بذلك، يمكن ختمة مرة واحدة والتركيز على القراءة بشكل صحيح، ودراسة التفسير والتأمل في معانيه، وسيكون لذلك تأثير أطول أمدًا على إيمان المرء والتقوى.

6- تجنب تعدد المهام:

أثبتت الدراسات الحديثة أن تعدد المهام يبطئ فعلًا الإنتاجية ويؤدي الى عمل غير منظم، حيث أنه عندما يكون لديك مهام متعددة، فإن أدمغتنا تكون غير قادرة على إعطاء أي مهمة الاهتمام الكامل، ونتيجة لذلك، فإننا في نهاية المطاف لا نكون قد أنجزنا شيئًا بإتقان.

خبراء إدارة الوقت يتفقون جميعًا على أن التركيز على مهمة واحدة في وقت واحد يساعد على انجاز المهمة بشكل أسرع من تعدد المهام، فإذا كنت تتحدث إلى شخص ما، عليك التوقف عن كل شيء تقومون به، وإعطائه الاهتمام الكامل، وإذا كنت تكتب كتابًا، عليك التركيز على الكتاب فقط، وإذا كنت تستعد لعقد اجتماع، عليك التركيز على ذلك وحده ولا شيء غير ذلك.

هذه الطريقة يجب تطبيقها في شهر رمضان والتركيز على كل هدف واعطائه الوقت المناسب لذلك، وتكريس الاهتمام اللازم به، مثلًا لا تحاول قراءة القرآن أثناء تصفح الفيسبوك أو رعاية الأطفال في نفس الوقت، والأمر نفسه ينطبق على دراسة التفسير أو الدعاء فإنه عليك اختيار المكان والزمان والحالة التي ستكون عليها وإعطاء العبادة التركيز الغير مجزأ، وهذا هو السبب في أننا نوصي بأداء العبادات خلال ساعات الصباح الباكر حيث إن المرء يكون غير مشغول والعقل يكون أقل تشويشًا.

7- تقليل الإفراط في الأنشطة الاجتماعية:

هذا يشمل كل وسائل الاعلام الاجتماعية والتنشئة الاجتماعية المادية، حيث إن شهر رمضان هو شهر اعتكاف، حيث إن الاعتكاف يعتمد على أخذ استراحة من الحياة الاجتماعية حتى نتمكن من التركيز في علاقتنا مع الله، وحتى لو لم تكن قادر على الاعتكاف فإنه يمكنك الاستفادة من شهر رمضان عن طريق تقليل الأنشطة الاجتماعية وتكريس المزيد من الوقت للعبادة، حيث يمكن تقليل تسجيل الدخول إلى الفيسبوك وتويتر، والاعتذار عن التجمعات الغير ضرورية (22).

***

_______________

(1) مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 160).

(2) أخرجه أبو داود (1510).

(3) شعب الإيمان (2/ 185).

(4) الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: 75).

(5) المرأة المسلمة في نهار رمضان/ موقع الشيخ سليمان الماجد.

(6) أخرجه ابن حبان (513).

(7) أخرجه أبو داود (567).

(8) أخرجه مسلم (444).

(9) الفوائد لابن القيم (ص: 97).

(10) أخرجه البخاري (1923).

(11) أخرجه ابن حبان (3467).

(12) هكذا تستغلين رمضان في الطاعات؟ الشروق أونلاين.

(13) أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151).

(14) أخرجه أحمد (6626)

(15) عشر حوافز لإستغلال رمضان/ صيد الفوائد.

(16) أخرجه البخاري (2996).

(17) شرح معاني الآثار (2/ 74).

(18) أربعون وسيلة لإستغلال شهر رمضان/ صيد الفوائد.

(19) أخرجه البخاري (527).

(20) أخرجه الترمذي (807).

(21) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 47).

(22) 10 نصائح لإدارة الوقت في رمضان/ ثقف نفسك.