عورة المرأة أمام المرأة
يحث الشرع الحنيف على الحياء والتستر حتى بين النساء بعضهن مع بعض، ولم تجر العادة أن تستر المرأة المسلمة أمام بنات جنسها المسلمات ما بين السرة والركبة فقط وتكشف ما عدا ذلك، فهذا من التهتك المذموم، ومن خوارم المروءة وقبائح العادات, وقد يؤدي إلى فتنة المرأة بالمرأة، ويكون ذريعة إلى كثير من الشر والفساد.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا»(1).
وفسر أهل العلم الكاسيات العاريات بأنهن اللاتي يلبسن ألبسة ضيقة، أو ألبسة خفيفة لا تستر ما تحتها، أو ألبسة قصيرة.
وقد فسر مالك حديث كاسيات عاريات أنهن لابسات رقيق الثياب، وقد يحتمل أن يريد صلى الله عليه وسلم بقوله: «كاسية في الدنيا عارية في الآخرة» النهي عن لباس رقيق الثياب، واصفًا كان أو غير واصف؛ خشية الفتنة(2).
قال ابن الجوزي: «وفي قوله: (كاسيات عاريات) ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهن يلبسن ثيابًا رقاقًا تصف ما تحتها، فهن كاسيات في الظاهر، عاريات في المعنى.
والثاني: أنهن يكشفن بعض أجسامهن، فهن عاريات؛ أي بعضهن منكشف.
والثالث: كاسيات من نعم الله عز وجل، عاريات من الشكر»(3).
قال النووي: «هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم؛ فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة، أما الكاسيات ففيه أوجه؛ أحدها: معناه كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها، والثاني: كاسيات من الثياب عاريات من فعل الخير، والاهتمام لآخرتهن، والاعتناء بالطاعات، والثالث: تكشف شيئًا من بدنها إظهارًا لجمالها، فهن كاسيات عاريات، والرابع يلبسن ثيابًا رقاقًا تصف ما تحتها، كاسيات عاريات في المعنى، وأما (مائلات مميلات) فقيل: زائغات عن طاعة الله تعالى وما يلزمهن من حفظ الفروج وغيرها، ومميلات يعلمن غيرهن مثل فعلهن، وقيل: مائلات متبخترات في مشيتهن، مميلات أكتافهن، وقيل: مائلات يتمشطن المشطة الميلاء؛ وهي مشطة البغايا معروفة لهن، مميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة، وقيل: مائلات إلى الرجال مميلات لهم بما يبدين من زينتهن وغيرها، وأما (رءوسهن كأسنمة البخت) فمعناه يعظمن رءوسهن بالخمر والعمائم وغيرها مما يلف على الرأس حتى تشبه أسنمة الإبل البخت، هذا هو المشهور في تفسيره، قال المازري: (ويجوز أن يكون معناه: يطمحن إلى الرجال، ولا يغضضن عنهم، ولا ينكسن رءوسهن)»(4).
هذا ما ذكره النووي (المتوفى: 676هـ)، فماذا نقول عن عصر انتشر فيه هذا الأمر وزاد، حتى بين من ينتظر منهن محاربة هذا السفور، لا يتورعن عن هذا بين بعضهن دون دليل أو برهان من شرع أو عقل.
وقد ذكر شيخ الإسلام أن لباس النساء في بيوتهن في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما بين كعب القدم وكف اليد، كل هذا مستور وهن في البيوت، أما إذا خرجن إلى السوق فقد علم أن نساء الصحابة كن يلبسن ثيابًا ضافيات يسحبن على الأرض، ورخص لهن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يرخينه إلى ذراع لا يزدن على ذلك، وأما ما شبه على بعض النساء من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن المرأة لا تنظر إلى عورة المرأة، ولا الرجل إلى عورة الرجل، وأن عورة المرأة بالنسبة للمرأة ما بين السرة والركبة(5)، من أنه يدل على تقصير المرأة لباسها، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل لباس المرأة ما بين السرة والركبة حتى يكون في ذلك حجة، ولكنه قال: «لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة» فنهى الناظرة؛ لأن اللابسة عليها لباس ضاف، لكن أحيانًا تنكشف عورتها لقضاء الحاجة أو غيره من الأسباب، فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تنظر المرأة إلى عورة المرأة.
قال ابن عثيمين: «وأما في البيوت فكما يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: المرأة في بيتها في عهد الرسول عليها لباس يستر من كف اليد إلى كعب الرجل، وهي في البيت، ليس عندها إلا النساء أو رجال محارم، ومع ذلك تتستر من الكف إلى الكعب، كلها متسترة.
وبهذا نعرف فساد تصور من تصور قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة)، أن المرأة يجوز لها أن تقتصر في لباسها على لباسٍ يستر ما بين السرة والركبة، يردن أن تخرج المرأة كاشفة كل بدنها إلا ما بين السرة والركبة، فمن قال هذا؟!
إن الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب الناظرة لا اللابسة، يقول: (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة)، يعني ربما تكون اللابسة قد كشفت ثوبها لقضاء حاجة من بول أو غائط، فيقول لا تنظر لعورتها، لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تلبس ما يستر ما بين السرة والركبة فقط، من توهّم هذا فإنه من وحي الشيطان، ولننطر كيف كانت النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تلبس الثياب.
لذلك يجب أن نصَّحح هذا المفهوم الذي تدندن به كل امرأة ليس عندها فهم، وليس عندها نظر لمن سبق، نقول لها: هل تظنين أن الشرع الإسلامي يبيح للمرأة أن تخرج بين النساء ليس عليها إلا سروال قصير يستر ما بين السرة والركبة، فمن قال إن هذا هو الشرع الإسلامي؟ ومن قال إن هذا هو معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة» من قال هذا؟!»(6).
وهل يعقل الآن أن امرأة تخرج إلى النساء ليس عليها من اللباس إلا ما يستر ما بين السرة والركبة!!، هذا لا يقوله أحد، ولم يكن هذا إلا عند نساء الكفار، فهذا الذي لُبِّس على بعض النساء لا أصل له؛ أي هذا الذي فهمه بعض النساء من هذا الحديث لا صحة له، والحديث معناه ظاهر، لم يقل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لباس المرأة ما بين السرة والركبة، فعلى النساء أن يتقين الله، وأن يتحلين بالحياء، الذي هو من خلق المرأة، والذي هو من الإيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «الحياء شعبة من الإيمان»(7).
ولقد كان حياء المرأة مضربًا للمثل، فيقال: أحيا من العذراء في خدرها، ولم يُعلم ولا عن نساء الجاهلية أنهن كن يسترن ما بين السرة والركبة فقط، لا عند النساء ولا عند الرجال، فهل يريد هؤلاء النساء أن تكون نساء المسلمين أبشع صورة من نساء الجاهلية.
بين الله في كتابه حد عورة المرأة أمام المرأة وأمام محارمها في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء} [النور:31].
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «الزينة التي تبديها لهؤلاء قرطها وقلادتها وسوارها، فأما خلخالها وعضداها ونحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها»، وعند البيهقي فيه زيادة(8).
الزينة زينتان:
الأولى: الزينة الخفية, وهي مواضع الزينة؛ كموضع القرط والخلخال والأسورة والقلائد.
الثانية: الزينة الظاهرة, وهي الثياب الظاهرة، التي جرت العادة بلبسها أثناء الخروج, كالعباءة في زماننا.
روى ابن جرير رحمه الله عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «الزينة زينتان: فالظاهرة منها الثياب، وما خفي: الخَلْخَالان والقرطان والسواران»(9).
قال ابن كثير رحمه الله يعني: «على ما كان يتعاناه نساء العرب، من المِقْنعة التي تُجَلِّل ثيابها، وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه؛ لأن هذا لا يمكن إخفاؤه، وبقول ابن مسعود قال الحسن، وابن سيرين، وأبو الجوزاء، وإبراهيم النَّخَعي»(10).
واستدل ابن مسعود على ذلك بقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31](11).
فالزينة الأولى: هي التي يجوز لها أن تبديها أمام محارمها وأمام النساء, وهي ما تظهر غالبًا, ولا يمكن التحفظ منها أثناء الحركة؛ كالرأس، والشعر، والرقبة، والنحر, والذراعين, وأسافل الساقين, ونحو ذلك.
والزينة الثانية: وهي التي لا يمكن التحفظ منها أثناء الخروج من المنزل, وهي ما يظهر من ثياب المرأة الظاهرة؛ كالعباءة ونحوها.
قال السعدي رحمه الله في تفسيره: «{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}؛ كالثياب الجميلة والحلي، وجميع البدن كله من الزينة، ولما كانت الثياب الظاهرة لا بد لها منها قال: {إِلَا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}؛ أي: الثياب إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها»(12).
وعلى ذلك فلا يجوز للمرأة أن تخرج أمام النساء, أو أمام محارمها بالملابس التي تبدي عورتها, وهي ما زاد عن زينتها الخفية؛ حيث إن المرأة كلها عورة أمام المرأة وأمام محارمها إلا ما استثناه الشرع من الزينة، التي يجوز لها أن تظهرها أمام محارمها وأمام النساء؛ وهي الزينة الخفية التي أشرت إليها سابقًا.
ودليل ذلك سياق آية النور، وفيه أذن الله للمرأة في إبداء زينتها لمحارمها وللنساء في سياق واحد, فدل على أن الزينة التي يجوز للمرأة أن تظهر بها أمام النساء هي الزينة التي يجوز أن تظهر بها أمام محارمها.
قال القاضي عياض رحمه الله: «وسائر جسدها على المحارم عورة، ما عدا رأسها وشعرها وذراعيها وما فوق نحرها»(13).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان»(14).
وفي هذا أن الأصل في المرأة أنها عورة, فيكون الأصل فيها الستر والتغطية, فلا تظهر من جسدها إلا ما دل الدليل على جوازه.
ولا يوجد دليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن المرأة يجوز لها أن تتكشف أمام النساء فتظهر مفاتنها؛ كالظهر أو الصدر أو الكتفين أو البطن أو الساقين, أو نحو ذلك, سواء كان ذلك مستورًا بما يشف عن لون البشرة, أو كان بملابس ضيقة تحدد تفاصيله, فكل ذلك لا يجوز في شرع الله كما يأتي بيانه في الفقرة الثانية بإذن الله.
وهذا هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول صلى الله عليه وسلم، ونساء الصحابة، ومن اتبعهن بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا.
وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية الكريمة هو ما يظهر من المرأة غالبًا في البيت وحال المهنة، ويشق عليها التحرز منه؛ كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين، وأما التوسع في التكشف، فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل من كتاب أو سنة، هو أيضًا طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها(15).
قال الشيخ عبد الرحمن السحيم: «الصحيح أن عورة المرأة مع المرأة كعورة المرأة مع محارمها، فيجوز أن تبدي للنساء مواضع الزينة ومواضع الوضوء لمحارمها ولبنات جنسها، أما التهتك في اللباس بحجة أن ذلك أمام النساء فليس من دين الله في شيء، وليس بصحيح أن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل؛ أي من السرة إلى الركبة، فهذا الأمر ليس عليه أثارة من علم ولا رائحة من دليل، فلم يدل عليه دليل صحيح ولا ضعيف؛ بل دلت نصوص الكتاب والسنة على ما ذكرته أعلاه».
وقال الشيخ يوسف الشبيلي: «ومقدار عورة المرأة أمام المرأة كعورة المرأة أمام محارمها من الرجال، فيجوز لها أن تبدي ما يظهر غالبًا؛ من شعر ووجه ونحر وعضد وأسفل ساق وقدم، ويجب أن تستر ما عدا ذلك، وهو ما يستر غالبًا؛ كالصدر والبطن والظهر والكتف والفخذ ونحوها»(16).
فإذا تقرر ذلك فلا يجوز للمرأة أن تظهر عورتها أما المرأة وأمام محارمها, من خلال لبسها للملابس العارية والقصيرة, أو البناطيل ونحوها, كما لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى عورة المرأة, قال صلى الله عليه وسلم: «لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة»(17), فمتى رأت المسلمة أختها المسلمة وقد لبست هذه الملابس فالواجب عليها نصحها والإنكار عليها, وعدم البقاء في مجلس يجلس فيه نساء قد لبسن مثل هذه الملابس إلا مع غض البصر وحفظ النظر, كما أمر تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النـور:31]، وغض البصر في مجلس بهذه الصورة من الصعوبة بمكان, فيبقى ترك المجلس واجب على المسلمة, سلامة لدينها ومروءتها.
إن لباس المرأة المسلمة على مر العصور كان ساترًا وكانت مُتحجِّبة، فلا يعرف من لباس المرأة المسلمة أنه كان مكشوف الظهر والبطن والساق، مع أن مسألة حد عورة المرأة قديمة جدًّا جدًّا، في القرن الأول من الإسلام، ومع ذلك لا يعرف أن المرأة كانت تلبس لباسًا يُظهر الظهرَ والبطنَ والساقَ مع اشتهار رأي جمهور العلماء في حدّ عورة المرأة عند المرأة من السرة إلى الركبة، فأين العمل بهذا الرأي؟ فهذا يدل على أنهم يتكلمون في مسألة حد العورة (عند الحاجة)، وما يجوز وما لا يجوز من نظر المرأة إلى المرأة (عند الحاجة)، وليس فيما يجوز وما لا يجوز لبسه.
ويدل على هذا أيضًا حديث عائشة رضي الله عنها لنساء الشام عندما دخلن على عائشة رضي الله عنها فقالت: «أنتن اللاتي يدخلن نساؤكم الحمامات؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين الله)»(18).
فاستشهادها بقوله: «ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها...» دليل على عدم وجود لباسٍ الأصل فيه ظهور البطن والظهر والساق؛ بل كان الكلام في الخلع، وأنه لا يجوز عند عائشة رضي الله عنها، فكيف باللباس الذي الأصل فيه عدم ستر هذه الأعضاء؟
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: «لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها، ولا تكشف عندهم إلا ما جرت به العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة، وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط»(19).
وقال أيضًا: «لا شك أن لبس المرأة للشيء الضيق، الذي يبين مفاتن جسمها، لا يجوز إلا عند زوجها فقط، أما عند غير زوجها فلا يجوز، حتى لو كان بحضرة النساء، ولأنها تكون قدوة سيئة لغيرها، إذا رأينها تلبس هذا يقتدين بها.
وأيضًا: هي مأمورة بستر عورتها بالضافي والساتر عن كل أحد، إلا عن زوجها، تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال، إلا ما جرت العادة بكشفه عن النساء؛ كالوجه واليدين والقدمين، مما تدعو الحاجة إلى كشفه»(20).
وليس الكلام في هذا الباب مما تتغير فيه الفتوى بتغير الزمان؛ لأن الله حرم العُري وأمر بالستر, في أول الزمان وآخره, والمرأة هي المرأة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم, وهي المرأة اليوم, فكل حكم يخص سترها والمحافظة على مروءتها وحيائها ثابت لا يتغير.
وبغض النظر عن الخلاف الفقهي, فإنه لا يخفى ما انتشر في الآونة الأخيرة من آلات التسجيل والكاميرات وغيرها؛ مما يجعل المرأة العفيفة تحتاط لعرضها ودينها, وكم جر التساهل لعواقب وخيمة, ولات حين مندم.
فلنحافظ على ثوابتنا, ولْنَحْمِ صرح حيائنا, ولنرتق بأنفسنا عن التقليد والتبعية, ونعلم أنّا أمة قائدة, كتب الله لنا العزة والخيرية, ولكن متى حققنا ديننا في حياتنا على أكمل وجه على ما يريد الله, لا على ما نشتهي نحن.
***
______________
(1) أخرجه مسلم (2128).
(2) شرح صحيح البخاري، لابن بطال (3/ 117).
(3) كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 567).
(4) شرح النووي على مسلم (17/ 191).
(5) أخرجه البخاري (77).
(6) شرح رياض الصالحين (3/ 584).
(7) أخرجه البخاري (9)، ومسلم (35).
(8) انظر السنن الكبرى (13537).
(9) تفسير الطبري (19/ 155).
(10) تفسير ابن كثير (6/ 45).
(11) تفسير البغوي (6/ 34).
(12) تفسير السعدي، ص566.
(13) إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (2/ 101).
(14) أخرجه الترمذي (1137).
(15) فتاوى اللجنة الدائمة (17/ 292).
(16) أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 (4/ 255).
(17) تقدم تخريجه
(18) أخرجه أبو داود (4010)، والترمذي (2803).
(19) المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان (3/ 170).
(20) المصدر السابق (3/ 76-177).