عمل المرأة بين المشروع والممنوع
بلا تعليق:
في إحدى البرامج التلفزيونية, التي تسمى برامج دينية, يجلس فيها الشيخ الأزهري أمام المذيعة المستحجبة, ولا حجاب, اتصلت امرأة تحكي قصتها مع صديقها في العمل, ذلك الرجل متزوج منذ ثلاث سنوات وعنده ولد عمره
سنة, وهي تقول أنها تحبه وهو يحبها, وقد أخبرها الرجل أنه يكره زوجته, ويحبها (يعني صديقته في العمل), حبًا شديدًا, ووعدها أنه سيتزوجها حين يطلق زوجته الأولى التي يكرهها جدًا, بعد ثلاث سنوات من الزواج وإنجاب طفل عمره عام!.
فكان رد الشيخ: هذه من جملة مفاسد خروج المرأة للعمل, فما كان من المذيعة إلا أن اعترضت بطرقة تهكمية قائلة: لا حول ولا قوة إلا بالله, أنا مختلفة معك, ما علاقة خروج المرأة للعمل بصديقها في العمل؟!, المشكلة ليست في الاختلاط نفسه إنما في طريقة الاختلاط!.
ثم أخذ الشيخ في الرد الشرعي الصحيح, وبين فساد هذه العلاقة وحرمتها, وأقام الحجة على المرأة بوجوب ترك العمل لكي تبعد عن هذا الرجل, إلا أن المذيعة بعد انتهاء الجواب قالت: لا بد أن نقر ونعترف أنه ليس بأيدينا عمل المرأة؛ لأنه لابد لنساء وفتيات كثيرات أن يخرجن للعمل وهذا لازم عليهن!.
أصل عمل المرأة في بيتها:
لا يشك عاقل أن عمل المرأة الأساس هو في بيتها؛ بل مملكتها الغالية؛ ففيه تتولى رعاية زوجها، وتلبية احتياجاته، وبين حُجر هذا البيت وأركانه تربي صغارها، وتغدق عليهم من حنانها وعطفها.
فالأصل إذًا هو قرار المرأة في البيت امتثالًا لقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:33], قال ابن كثير: الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة (1).
ولذا لم يعرف عن نساء السلف إلا القرار في البيوت في أغلب الأحيان، وظل خروجهن من البيت استثناء تقتضيه الحاجة أو الضرورة, كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى.
حتى إننا لنرى البيت يفوق المسجد في حق المرأة فضلًا وثوابًا متى أرادت أداء الصلاة، لما في البيت من صيانة المرأة وحفظها من مزاحمة الرجال، وضمان التصاقها الوثيق بأولادها أكبر قدر ممكن من الوقت، فقد روى أبو داود وغيره عن النبي, صلى الله عليه وسلم, أنه قال:» صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها« (2).
والشيخ محمد متولي الشعراوي, رحمه الله, حين تفسيره لقوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)} [القصص:23-26], قال الشيخ, رحمه الله:
في قوله تعالى: {لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23], علة لخروج المرأة للخارج, ليس عندنا أحد يعولنا فأبونا شيخ كبير, ولا نسقي حتي يصدر الرعاء ويرحلوا, فالضرورة ليست علة للمرأة لمزاحمة الرجال, إذن لا تخرج المرأة للعمل إلا بشرطين:
أولًا: عند فقد العائل.
ثانيًا: يكون الخروج على قدر الضرورة, والضرورة بقدرها.
ثم يقول الشيخ: إن المرأة التي خرجت للضرورة ولم تزاحم الرجال, وأخذت الضرورة بقدرها, حينما وجدت فرصة لتعود أدراجها إلى بيتها, قالت: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26]؛ إذ لو حل لها الخروج لما نبهت أبيها لذلك.
فالمرأة السوية تأبى مزاحمة الرجال في العمل المختلط؛ لأنه خلاف الفطر السوية السلمية.
ومما يؤكد أن خروج المرأة لا يكون إلا لحاجة وضرورة, ما جاء في الصحيحين عن عائشة, رضي الله عنها, قالت: »خرجت سودة, رضي الله عنها, ليلة لحاجتها قبل نزول الحجاب، فرآها عمر فقال: ألا قد عرفناك يا سودة، فانظري كيف تخرجين, طمعًا في نزول الحجاب, فانكفأت راجعة, فدخلت علي في بيتي ورسول الله, صلى الله عليه وسلم, عندي في ليلتي يتعشى، وفي يده عرق, فقالت: يا رسول الله، إني خرجت لحاجتي, فقال لي عمر: كذا وكذا، فنزل عليه الوحي والعرق في يده، فلما سُرِّي عنه, قال: »إن الله قد أذن لكن، أن تخرجن لحاجتكن« (3), فقيد الوحي الخروج بالحاجة.
ومن العجيب إغفال البعض للدور العظيم الذي تقوم به ربات البيوت، واعتباره عملًا هامشيًا لا قيمة له، وأن ما تنفذه من مهام جسام داخل أسوار المنزل هو ضرب من البطالة الاجتماعية، وأنها بذلك تظل طاقة معطلة أو مهدرة!!.
وهي دعاوى كما ترى تفتقد الموضوعية والإنصاف، وتفصح عن مغالطات مقيتة لا يقبلها العقل السليم والنظر المحايد.
دعوى:
بقاء المرأة في بيتها تعطيل لنصف المجتمع!
الجواب:
أولًا: لا يمكن أن يقول هذا الكلام مؤمن، يؤمن بأن القرآن كلام الله، وأنه حق، وأن الله تعالى أمر فيه المؤمنين بما يصلحهم ويحقق سعادتهم في الدنيا والآخرة.
لأن الله تعالى خاطب أمهات المؤمنين، وهن أطهر النساء, وسائر نساء الأمة تبع لهن في هذا الأمر, بقوله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:33].
فلا يمكن أن يعترض على حكم الله وأمره إلا رجل منافق، أو كافر، أو رجل انغمس في الجهل والشبهات والشهوات، حتى صار يقدم رأيه على كلام الله، وهو يظن أنه يحسن صنعًا.
ثانيًا:
إذا نظرنا إلى واقع الدول الإسلامية، فإننا نتعجب كثيرًا من ظهور هذه الدعوة، ونتعجب من المتحمسين لها.
وذلك أن هذه الدعوة قد تُقبل في مجتمع قد تعطلت مصانعه ومزارعه وشئون حياته؛ لكونهم لا يجدون من يقوم بها من الرجال، فحينئذ اتجهوا إلى المرأة، ودعوها إلى الخروج من البيت من أجل العمل، المتوقف عليها.
قد يكون هذا الكلام مقبولًا إلى حد ما، وبشروط وضوابط معينة.
لكن, كيف راجت هذه الدعوة في بلاد فيها الملايين من الرجال لا يجدون العمل، ويعانون من البطالة؟!.
ثم خرجت المرأة تنافسهم العمل، مما ضاعف البطالة وزادها.
فدعوى هؤلاء أن ترك النساء في البيوت تعطيل لنصف المجتمع عن العمل.
فيقال لهم: أي عمل هذا، الذي تعطل ببقاء المرأة في بيتها! وأنتم لا تجدون لأنفسكم ولا لأبنائكم عملًا, في الغالب, إلا بالرشوة أو الواسطة والمحسوبية!.
فالبطالة التي تعاني منها أكثر الدول الإسلامية, إن لم نقل كلها, تنادي بكذب هؤلاء.
ثالثًا:
إن بقاء المرأة في بيتها ليس تعطيلًا لها عن العمل؛ بل هو تفريغ لها لتقوم بأعظم عمل، وهو تربية الجيل، وتنشئة رجال الأمة، فالمرأة هي أم العلماء، والمجاهدين، والدعاة، والمخترعين، والقادة، والأطباء، والمهندسين، والمعلمين...إلخ.
فكيف يكون إعداد هؤلاء تعطيلًا عن العمل، وهل هناك عمل للمرأة أفضل من هذا!.
ما هو دور المرأة الأهم؟ وهل هناك مجال للمقارنة بين العائد الاجتماعي الذي يحصده المجتمع من تأدية المرأة دورًا رئيسًا في بيتها، والعائد الاجتماعي من أدوار أخرى ثانوية وهامشية، تمارسها المرأة خارج بيتها: مضيفة طيران، أو سكرتيرة، أو مندوبة مبيعات!.
لقد ثبت بالتجربة أن خروج المرأة من بيتها للعمل له آثار سلبية أكثر من المنافع التي قد تكون فيه.
أصول وثوابت في عمل المرأة:
أولًا:
إن الإسلام يرى أن التنمية الاقتصادية جزء من التنمية للمجتمع بأبعادها المختلفة، وهي لا تقتصر في الإسلام على التنمية المادية فحسب؛ لأن الإسلام يسعى إلى إسعاد الناس في الحياة الدنيا والآخرة.
فالتنمية ليست عملية إنتاج فحسب، وإنما هي عملية إنسانية تستهدف الإنسان ورقيه، وتقدمه ماديًا، وروحيًا، واجتماعيًا، وسلوكيًا، وعادات، وأخلاقًا.
والإسلام يرى أن المال وجميع الأعمال المادية يجب أن تكون منضبطة بالأوامر والنواهي والتعاليم الشرعية، وهذه التعاليم منها ما هو ثابت لا يتغير مهما تغيرت الأزمان والأماكن، ومهما تغير الناس في طرائق معيشتهم، أو أساليب حياتهم، ومهما اختلفت وسائل إنتاجهم، أو ارتقت مفاهيم تفكيرهم في العلم والحياة.
وهذه تتمثل في شيئين: العقيدة الإسلامية، والقيم والأخلاق.
وثبات الفطرة والعقيدة والقيم والأخلاق لا ينفي قيمة التطور وضرورته، وذلك باستنباط الأحكام الشرعية بطريقة الاجتهاد لحل المشكلات والنوازل، وتحديد العلاقات الجديدة حسب مفهوم الثابت والمتغير في الإسلام، وبالتالي تكون العقيدة والقيم والأخلاق ضوابط تضبط من خلالها التنمية الاقتصادية.
واعتبار القيم والأخلاق في ضبط الاقتصاد والتنمية هو الاتجاه السليم عند بعض علماء الاقتصاد، مثل: »آرثر سميثر« الذي قال: إنه لا يمكن وضع سياسات اقتصادية بدون الاعتماد على معايير أخلاقية.
ثانيًا:
سوى الإسلام بين الرجل والمرأة في الحقوق بمختلف أنواعها، لا فرق في ذلك بين وضعها قبل الزواج وبعده.
فقبل الزواج يكون للمرأة شخصيتها المالية المستقلة عن شخصية ولي أمرها, أبيها أو غيره.
فإن كانت بالغة يحق لها أن تتعاقد، وتتحمل الالتزامات، وتملك العقار والمنقول، وتتصرف فيما تملك، ولا يحق لوليها أن يتصرف في أملاكها إلا بإذنها، كما يحق لها أن توكل وأن تفسخ الوكالة.
وكذلك المتوفى عنها زوجها, إذا كانت عاقلة بالغة, فلها أن تتزوج بمن تشاء، ولا يجوز عضلها, أي منعها من الزواج, لأخذ مالها الذي ورثته عن زوجها، أو إكراهها على الزواج بمن لا تريد.
وكذلك حمى الإسلام حقوق القاصرات من البنات، فإن كان لها مال فيجب على وليها المحافظة عليه وتنميته واستثماره، ثم يؤديه إليها بعد أن تكبر، ولا يحل له أن يأخذ منه شيئًا.
وكذلك بعد الزواج يكون للمرأة شخصيتها المدنية الكاملة، فلا تفقد اسمها، ولا أهليتها في التعاقد، ولا حقها في التملك، فتحتفظ باسمها واسم أسرتها، وبكامل حقوقها المدنية، وبأهليتها في تحمل الالتزامات، وإجراء مختلف العقود من بيع وشراء ورهن وهبة ووصية وما إلى ذلك، محتفظة بحقها في التملك تملكاً مستقلاً عن غيرها. فللمرأة المتزوجة في الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة وثروتها الخاصة وذمتها المالية. وهي في هذا كله مستقلة عن شخصية زوجها وثروته وذمته.
بل إن الزوج لا يجوز له أن يأخذ شيئاً من مال زوجته، أما إذا أذنت الزوجة بأخذ شيء من مالها فلا بأس بذلك.
كما أن الزوج لا يحل له أن يتصرف بشيء من أموال امرأته إلا إذا أذنت له بذلك، أو وكلته في إجراء عقد بالنيابة عنها.
ثالثًا:
لقد خفض الإسلام للمرأة جناح الرحمة والرعاية، في أمر الأعباء الاقتصادية، فكفل لها من أسباب الرزق ما يصونها عن التبذل، ويحميها من عناء الكدح في الحياة، فأعفاها من كافة أعباء المعيشة، وألقاها على كاهل الرجل، وهذه النفقة حق للمرأة ونصيب مفروض في ماله، وليست تفضلاً أو منّة منه، فلا يسعه تركها مع القدرة.
فما دامت المرأة غير متزوجة ولا معتدة من زوج، فنفقتها واجبة على أصولها، أو فروعها، أو أقاربها الوارثين لها. فإن لم يكن لها قريب قادر على الإنفاق عليها، فنفقتها واجبة على بيت المال.
وكذلك شأنها في جميع مراحل الزوجية، سواء في ذلك مرحلة الإعداد للزواج، أو مرحلة الزواج، أو مرحلة انفصامه بالطلاق.
فأما مرحلة الإعداد للزواج، فقد ألقت الشريعة الإسلامية على كاهل الزوج طائفة من الواجبات الاقتصادية نحو زوجته المستقبلة، دون أن تكلفها هي أو تكلف أهلها أي عبء من هذا القبيل. ففي هذه المرحلة تنعم المرأة بجميع الحقوق، بينما يتحمل الرجل وحده جميع الواجبات، ومن أهمها: الصداق، وإعداد منزل الزوجية.
وأما مرحلة الزواج، فقد أعفيت المرأة من أعباء المعيشة وألقتها على كاهل الزوج، وبقيت الزوجة محتفظة بحقوقها المدنية - كما سبقت الإشارة إلى ذلك-.
فللمرأة المتزوجة في الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة، وثروتها الخاصة، وذمتها المالية، وهي في هذا كله مستقلة عن شخصية زوجها وثروته وذمته.
وهي مع هذا لا تكلف أي عبء في نفقات الأسرة مهما كانت موسرة، بل تلقى جميع هذه الأعباء على كاهل الزوج. ففي هذه المرحلة تنعم الزوجة بجميع حقوقها الاقتصادية والمدنية، بينما يتحمل الزوج وحده جميع الواجبات.
وكذلك الحال إذا انفصلت عرى الزوجية بالطلاق؛ ففي هذه الحالة يتحمل الزوج وحده جميع الأعباء الاقتصادية. فعليه مؤخر صداق زوجته، وعليه نفقتها من مأكل ومشرب ومسكن، مادامت في العدة، وعليه نفقة أولاده وأجور حضانتهم ورضاعتهم، وعليه نفقات تربيتهم بعد ذلك. ولا تكلف المرأة أي عبء اقتصادي في هذه الشؤون.
رابعًا:
الأصل في المرأة هو القرار في البيت، وعملها خارج بيتها خروج عن هذا الأصل، فمهمتها الأساس أن تكون راعية لأسرتها مربية لأطفالها ، والشرع قد تكفل لها بضمانات تجعل بقاءها في بيتها عزا لها وكرامة ، ومن ذلك إيجاب النفقة على الرجل، وإسقاط بعض الواجبات التي تسلتزم الخروج كصلاة الجماعة، والجهاد، والحج إذا لم يتيسر لها محرم.
خامسًا:
إن الإسلام يحث المسلم، ذكرًا كان أو أنثى، على العمل، بالمفهوم الشرعي للعمل لا بالمفهوم المغلوط أو المستورد، كما أنه يعتبر العمل قيمة أساسية من قيمه، فالرجل عامل في طلب الرزق وبناء المجتمع، كما أن المرأة عاملة وراعية في بيتها وفي بناء أس مجتمعها، وهو الأسرة.
سادسًا:
العفة وحفظ العرض، مبدأ شرعي كلي متضمن في المقاصد الشرعية لحفظ ورعاية الضرورات الخمس المجمع على اعتبارها, التي ترجع إليها جميع الأحكام الشرعية، وهي: حفظ الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال. وأي انتقاص لمبدأ العفة هو عدوان على الشريعة ومقاصدها، وانتهاك لحقوق المرأة والرجل، وإشاعة للفاحشة بين المؤمنين، وحفاظاً على هذا المبدأ العظيم حرم الإسلام الخلوة بالأجنبية، والاختلاط المستهتر، والخضوع بالقول، والسفر للمرأة بدون محرم ونحو ذلك، والمرأة قد تحتاج إلى العمل، أو يحتاج إليها المجتمع فتخرج، إلا أن هناك صعوبات تكتنف عمل المرأة؛ بسبب مخالفة العمل في بعض الأحيان لخصوصية المرأة، كالاختلاط، أو الخلوة، أو العمل خارج المدن مما يجعلها لا تأمن على نفسها؛ كما يشهد بذلك الواقع السيء لكثير من المستشفيات، أو توظيفها مندوبة مبيعات، أو سكرتيرة في الشركات أو المؤسسات.
سابعًا:
إن العمل يجعل المرأة تفكر في الاستغناء عن الرجل، ومن ثم تتمرد على حقه في القوامة والولاية، مما يؤدي إلى فساد العلاقة بين الرجل والمرأة، وتمزق شمل الأسرة، ولذلك زادت نسب الطلاق، والعنوسة .
ثامنًا:
إن الأنثى ليست كالذكر في القدرة والتحمل لجميع مجالات العمل خارج المنزل؛ نظرًا لطبيعتها، والواقع يشهد أن المرأة غالبًا ترغب الجلوس في المنزل، ولكنها قد تخرج لسد حاجتها وحاجة أولادها، وبينت إحدى الدراسات أن حوالي 77% من النساء يفضلن البقاء في المنزل وعدم العمل إذا توفرت لهن الإمكانات المالية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ابن كثير ج2, زاد المسير لابن الجوزي (6/379).
(2) سنن أبو داود (570).
(3) صحيح البخاري (5237), صحيح مسلم (2170).