ضوابط الهجر الشرعي للزوجة
الهجر في اللغة: لفظ يستجمع معاني التقاطع والتباعد، وعدم التعاهد، والامتناع عن التواصل بين الهاجر والمهجور، مع ظهور شدة في الترك.
وفي الشرع: قال النووي رحمه الله: الهجر: الترك والإعراض (1)، وقال ابن حجر العسقلاني رحمه الله الهجر: ترك الشخص مكالمة الآخر إذا تلاقيا، وهو في الأصل الترك فعلًا، أو قولًا (2).
وقال بدر الدين العيني رحمه الله الهجر: مفارقة كلام أخيه المؤمن مع تلاقيهما، وإعراض كل واحدٍ منهما عن صاحبه عند الاجتماع (3).
وعليه، فالهجر في ولاية التأديب الخاصة هو: مقاطعة المؤدَّب وتركه، والامتناع عن الاتصال به، أو معاملته بأي نوع أو طريقة كانت خلال المدة الشرعية.
مشروعية التأديب بالهجر:
قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34]، وجه الاستدلال من الآية أن الله عز وجل ذكر الهجر ضمن العقوبات التأديبية التي تعاقب بها الزوجة الناشز، حيث أباح عز وجل للزوج أن يعاقب زوجته بالهجر إذا لم يفد معها الوعظ، متى أقدمت على مخالفته وعدم طاعته.
وإذا كان الأمر كذلك، كان في الآية دلالة على مشروعية التأديب بالهجر المفيد للاستصلاح والتهذيب.
والنشوز: هو الارتفاع، فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها، التاركة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له، فمتى ظهر له منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله في عصيانه (4) فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته، وحرم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها» (5) وروى البخاري، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه، لعنتها الملائكة حتى تصبح» (6)، ورواه مسلم، ولفظه: «إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى تصبح» (7)؛ ولهذا قال تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34].
وقوله: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34]، قال ابن عباس: الهجران هو ألا يجامعها، ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره، وقال في رواية: ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها.
وعن ابن عباس أيضًا: يعظها، فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع، ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها، وذلك عليها شديد.
وقال مجاهد، والشعبي، وقتادة: الهجر: هو ألا يضاجعها (8).
جعل الله للزوج مدة أربعة أشهر في تأديب المرأة بالهجر، لقوله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}، وقد آلى النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه شهرًا تأديبًا لهن، وقد قيل: الأربعة الأشهر هي التي لا تستطيع ذات الزوج أن تصبر عنه أكثر منها، وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف ليلة بالمدينة فسمع امرأة تنشد:
ألا طال هذا الليل واسود جانبه وأرقني أن لا حبيب ألاعبه
فو الله لولا الله لا شيء غيره لزعزع من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يكفني وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
فلما كان من الغد استدعى عمر بتلك المرأة وقال لها: أين زوجك؟ فقالت: بعثت به إلى العراق! فاستدعى نساء فسألهن عن المرأة كم مقدار ما تصبر عن زوجها؟ فقلن: شهرين، ويقل صبرها في ثلاثة أشهر، وينفد صبرها في أربعة أشهر، فجعل عمر مدة غزو الرجل أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر استرد الغازين ووجه بقوم آخرين، وهذا والله أعلم يقوي اختصاص مدة الإيلاء بأربعة أشهر (9).
ورد في قصة الثلاثة الذين تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، حيث هجرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون.
يقول كعب بن مالك رضي الله عنه وهو راوي القصة: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيُّها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا، حتى تنكَّرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلَدهم، فكنت أخرجُ فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد (10).
وجه الاستدلال من هذه القصة على مشروعية التأديب بالهجر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم هجروا هؤلاء النفر الثلاثة، وقاطعوهم مدة خمسين ليلة حتى نزلت توبتهم من السماء؛ لأجل أنهم خافوا منهم النفاق، قال ابن عبد البر رحمه الله: وفي حديث كعب هذا، دليل على أنه جائز أن يهجر المرء أخاه، إذا بدت منه بدعة أو فاحشة، يرجو أن يكون هجرانه تأديبًا له، وزجرًا عنها (11).
والعلة نفسها تتحقق في محل ولاية التأديب الخاصة، فيجوز للأب والزوج والمعلم والسيد، أن يهجروا من يؤدبونهم زجرًا لهم وإصلاحًا كالتعزير في الولاية العامة.
وعن أنس رضي الله عنه قال: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرًا، وقعد في مَشْرَبةٍ له، فنـزل لتسع وعشرين، فقيل: يا رسول الله، إنك آليت شهرًا، قال: «إن الشهر تسع وعشرون» (12).
وجه الاستدلال من هذه القصة على جواز الهجر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف ألا يدخل على أهله شهرًا، وأعرض عنهم في تلك المدة عقوبة لهم فدل ذلك على مشروعية التأديب بالهجر.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطلع على أحدٍ من أهل بيته كذب كذبةً، لم يزل مُعْرضًا عنه حتى يحدث لله توبة (13).
وجه الاستدلال من الحديث؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤدب أهل بيته من الأزواج والأولاد بالهجر إذا تبين له كذب أحدهم حتى يتوب، فدل ذلك على مشروعية تأديب الزوجة والولد -عند قيام السبب- وفي معناهما تأديب المعلم لتلميذه، والسيد لعبده.
كما أن المعنى الصحيح دل على جواز التأديب بالهجر متى استعمل في وجهه الصحيح، وأن له أثرًا ظاهرًا في تهذيب المؤدَّب واستصلاحه.
ولا أدلَّ على ثبوت ذلك من تصوير القرآن لحال الثلاثة الذين خلِّفوا: {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ} [التوبة: 118]، أي: بما اتسعت، يقال: منـزل رَحْب ورحيب ورُحاب... أي: ضاقت عليهم الأرض برَحْبها؛ لأنهم كانوا مهجورين لا يعاملون، ولا يكلمون، وضاقت صدورهم بالهَمِّ والوحشة، وبما لقوه من الصحابة من الجفوة (14).
هجر الزوجة:
هو عقاب الزوج لزوجته بسبب عصيانها لأوامره، ومنعها لنفسها عنه إذا طلبها للفراش فيقوم بهجرها في الفراش والمضاجع، وليس هجرًا عامًا، فلا يجوز له أن يهجرها في الكلام أكثر من ثلاثة أيام، ولا أن يمتنع عن الإنفاق عليها.
ولا بد أن يكون هجر الزوج لزوجته بعد قيامه بنصحها، والتحدث معها، ووعظها، فإذا رجعت إلى طاعته يحرم عليه هجرها أو ضربها، ولكن إن أصرت على نشوزها وعصته، أو امتنعت عن فراشه، أو خرجت من بيته دون إذن منه فيجوز له هجرها في الفراش، والمعاشرة الزوجية: قال تعالي: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].
ولا جرم أن في تعبير القرآن حكمة لطيفة، وهي أن الله تعالى لما كان يحب أن تكون المعيشة بين الزوجين معيشة محبة ومودة وتراض والتئام؛ لم يشأ أن يسند النشوز إلى النساء إسنادًا يدل على أن من شأنه أن يقع منهن فعلًا، بل عبر عن ذلك بعبارة تومئ إلى أن من شأنه ألا يقع؛ لأنه خروج عن الأصل الذي يقوم به نظام الفطرة، وتطيب به المعيشة، ففي هذا التعبير تنبيه لطيف إلى مكانة المرأة، وما هو الأولى في شأنها، وإلى ما يجب على الرجل من السياسة لها وحسن التلطف في معاملتها، حتى إذا آنس منها ما يخشى أن يؤول إلى الترفع وعدم القيام بحقوق الزوجية، فعليه أولا أن يبدأ بالوعظ الذي يرى أنه يؤثر في نفسها، والوعظ يختلف باختلاف حال المرأة، فمنهن من يؤثر في نفسها التخويف من الله عز وجل وعقابه على النشوز، ومنهن من يؤثر في نفسها التهديد والتحذير من سوء العاقبة في الدنيا، كشماتة الأعداء والمنع من بعض الرغائب كالثياب الحسنة والحلي، والرجل العاقل لا يخفى عليه الوعظ الذي يؤثر في قلب أمرأته، وأما الهجر: فهو ضرب من ضروب التأديب لمن تحب زوجها ويشق عليها هجره إياها (15).
كيف يكون هجر الزوجة:
هجر الزوج لزوجته في الفراش هو عقاب نفسيًا وعاطفيًا، وليس عقابًا جسديًا، وهو تعبير يلجأ إليه الزوج لكي يقول لزوجته أنه لا يري أن يعاشرها بسبب ما بدر منها من نشوز وعدم إطاعة لأوامره.
الهجر أحيانًا يكون فرصه لكل من الزوجين لمراجعة أفعالهم، فقد تكون أفعال الزوج، وأسلوبه مع زوجته هو سبب لما بدر من زوجته من خطأ، ونشوز، ولا يستحق الهجر فيعود إليها، وهجر الزوجة يكون في الفراش، والمضاجعة فقط، ولا يجوز أن يهجرها في الكلام، والانفاق، كما قال الله تعالي: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34].
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن الرجل إذا صبر على زوجته الشهر، والشهرين، لا يطؤها، فهل عليه إثم أم لا؟ وهل يطالب الزوج بذلك؟
فأجاب: يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه، أعظم من إطعامها، والوطء الواجب، قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقدَر حاجتها وقُدْرته، كما يطعمها بقدَر حاجتها وقُدْرته، وهذا أصح القولين (16).
وأن من امتنع عن وطء امرأته - غير الناشز - أربعة أشهر، كان في حكم المولي، فيؤمر بالوطء أو بالطلاق، فإن أبى الطلاق طلّق عليه القاضي.
قال علماء اللجنة الدائمة: مَن هجر زوجته أكثر من ثلاثة أشهر: فإن كان ذلك لنشوزها، أي: لمعصيتها لزوجها فيما يجب عليها له من حقوقه الزوجية، وأصرت على ذلك بعد وعظه لها وتخويفها من الله تعالى، وتذكيرها بما يجب عليها من حقوق لزوجها: فإنه يهجرها في المضجع ما شاء؛ تأديبًا لها حتى تؤدي حقوق زوجها عن رضا منها، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه، فلم يدخل عليهن شهرًا، أما في الكلام: فإنه لا يحل له أن يهجرها أكثر من ثلاثة أيام؛ لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام» (17).
أما إن هجر الزوج زوجته في الفراش أكثر من أربعة أشهر إضرارًا بها من غير تقصير منها في حقوق زوجها؛ فإنه كمُولٍ، وإن لم يحلف بذلك، تُضرب له مدة الإيلاء، فإذا مضت أربعة أشهر ولم يرجع إلى زوجته ويطؤها في القبل مع القدرة على الجماع، إن لم تكن في حيض أو نفاس: فإنه يؤمر بالطلاق، فإن أبى الرجوع لزوجته، وأبى الطلاق: طلَّق عليه القاضي، أو فسخها منه إذا طلبت الزوجة ذلك (18).
وإذا كان الزوج مسافرًا، ولم ترض الزوجة بغيابه أكثر من ستة أشهر، رفعت أمرها إلى القاضي ليقوم بمراسلة زوجها وإلزامه بالعودة، فإن لم يرجع حكم القاضي بما يراه من الطلاق أو الفسخ.
سواء كان سفر الزوج وغيابه بعذر؛ كحاجته إلى المال وعدم وجود عمل له في بلده، أو كان لغير عذر، ولكن الفرق بين حال العذر وعدمه: أن الزوج في حال العذر لا يلزمه الرجوع، ولا يأثم إذا لم يرجع.
أما في حال عدم العذر فيجب عليه العودة، ويأثم إذا لم يرجع.
شروط الهجر:
اشترط الفقهاء لجواز التأديب بالهجر عدة شروط، ومن أهمها:
1- أنه لا يصار إلى مرحلة التأديب بالهجر إلا بعد العلم بعدم جدوى نفع المرحلة السابقة -أعني الوعظ والتوجيه- طردًا للأصل المتقدم في التدرج في استعمال سبل التأديب.
2- لا يستعمل المؤدِّب التأديب بالهجر إلا في حالة علمه بصلاحه لزجر وردع المؤدَّب عما أقدم عليه من العصيان وأقوى في نفسية الفاعل.
3- أن يكون قصد التأديب بالهجر علاج المؤدَّب وإصلاحه، فإن خرج عن هذا المقصد إلى التشهير أو إذلال المؤدَّب أو إهانة كرامته، ونحو ذلك، فإنه يمنع لمضادة ذلك للمقصود من تشريع التأديب بالهجر.
4- أن يكون إيقاع الهجر في المدة المحددة من الشارع - ثلاثة أيام -، فيما إذا تعلق الأمر بسبب حظ النفس، وأما إذا كان الهجر لحق الله تعالى، فهو غير موقت بوقت، وإنما هو معلَّق على وجود سببه، فمتى زال السبب زال الهجر.
قال الطاهر بن عاشور: وأما الهجر فشرطه ألا يخرج إلى حد الإضرار بما تجده المرأة من الكمد، وقد قدر بعضهم أقصاه بشهر (19).
والهجر المطلوب هو الهجر الجميل، وهو الهجر من غير جفوة، والهجر مراتب: أدناها أن يكون الهجر في موضع النوم، وهو المضجع الحقيقي، والآخر مجازي بأن يدير لها ظهره ولا ينام، فإن علا نام في منام آخر، فإن علا ترك حجرة النوم إلى حجرة أخرى من غير مجافاة ولا مخاصمة، ولكل حال نوعها من النساء ونوع من أمارات النشوز وعلاماته التي تكشف عن توقعه إن ترك حبلها على غاربها (20).
حكم هجر الزوج لزوجته:
يجوز هجر الزوج لزوجته الناشز إذا كان الهجر من أساليب علاج نشوزها، والذي يتمثل في عصيان الزوجة لزوجها، وخروجها عن طاعته، ورفضها لأداء حقه عليها، وقد شرع الله الهجر في الآية الكريمة {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].
ومن واجب الزوج معاشرة زوجته بالمعروف قال تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].
ويحرم الله هجر الزوج لزوجته دون أسباب شرعيه، ولا يجوز له هجر زوجته في الفراش إن لم تكن ناشزًا، ومن واجب الزوجة أن تسأل زوجها عن سبب هجره لها.
وفي العلاقات الزوجية يتمّ الهجر نتيجة تفاقم مشاكل عديدة بين الزوجين لا حلّ لها، يتسبب بمشاكل نفسية للمرأة ويشعرها بالقلق والاكتئاب والتوتر والخوف الدائم من وضعها المعلق.
وقد تدخل الزوجة في ثورات غضب وسلوكيات عدوانية شديدة تختلف وفقًا لاختلاف شخصية المرأة نفسها، فالمرأة التي يهجرها زوجها تصيبها نوبات غضب حاد من جراء الهجر، أما المرأة ذات الشخصية المنطوية فتعاني داخليًا؛ فيكون تأثير الهجر أشد قسوة لأنها لا تنفس عن حالة الغضب التي تعتريها، فضلًا عن انعكاس ذلك على الأبناء وتجسده عنفًا وعدوانًا فيغدو الأبناء أكثر ميلًا الى العنف والإحساس بالوحدة والعزلة وينتج ويضعف تحصيلهم الدراسي.
ولعل النصيحة الأبرز ضرورة بحث الزوجين عن مفاتيح السعادة الزوجية، وحل أي خلاف وديًا، بعيدًا عن العقاب القاسي الذي يتمثل في الهجر.
________________
(1) تحرير ألفاظ التنبيه (ص: 259).
(2) فتح الباري لابن حجر (10/ 492).
(3) تحفة الأحوذي (6/ 50).
(4) تفسير ابن كثير (2/ 294).
(5) أخرجه أبو داود (2140).
(6) أخرجه البخاري (3237).
(7) أخرجه مسلم (1436).
(8) تفسير ابن كثير (2/ 294).
(9) تفسير القرطبي (3/ 108).
(10) أخرجه البخاري (4418)، ومسلم (2769).
(11) طرح التثريب في شرح التقريب (8/ 98).
(12) أخرجه البخاري (378).
(13) صحيح الجامع الصغير (4675).
(14) تفسير القرطبي (8/ 287).
(15) تفسير المنار (5/ 59).
(16) مجموع الفتاوى (32/ 271).
(17) أخرجه البخاري (6065) ومسلم (2558).
(18) فتاوى اللجنة الدائمة (20/ 261– 263).
(19) التحرير والتنوير (5/ 44).
(20) زهرة التفاسير (3/ 1670).