logo

الهواتف الذكية والحياة الأسرية


بتاريخ : الثلاثاء ، 14 رجب ، 1443 الموافق 15 فبراير 2022
بقلم : تيار الاصلاح
الهواتف الذكية والحياة الأسرية

كان الناس قديمًا يهتمون بقضاء الوقت مع أسرهم، ولكن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي تؤثر بشكل مباشر على العلاقات الأسرية، بحيث أصبح هناك حالة من إدمان الهواتف الذكية، والذي يعد خطرًا منتشرًا ويفرض نفسه بقوة على المجتمع، فأصبح يعيش الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي في عالم من الخيال، خاصة المراهقين، تاركين وراءهم عالمهم الأسري، بحيث أصبح الكثير من الأشخاص والذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي يتجنبون المحادثات مع أفراد أسرتهم، ولكن في اعتقادهم أنه من المثير للاهتمام إجراء محادثة مفاجئة مع أحد الأصدقاء، بدلًا من إجراء محادثة مع أهليهم.

كما أن أولياء الأمور أصبحوا منشغلين عن أبنائهم، وأصبح اهتمامهم الأكبر هو استخدام هواتفهم الذكية دون الاهتمام بأبنائهم أو بأسرتهم، هؤلاء هم الذين لا يلاحظون بأي شكل من الأشكال أن ذلك يعد نوعًا من الإدمان، والذي يخلق فجوة في العلاقة بين الزوج والزوجة، والذي يمكن أن يتسبب في الانفصال بين أفراد الأسرة.

وأصبحت (السوشيال ميديا) تؤثر بشكل مباشر على المجتمع، خاصة على الأسرة، فمع انتشار التليفون المحمول بشكل كبير خاصة بين المراهقين ظهرت العديد من الدراسات، والتي تحاول مناقشة التأثيرات التي أحدثتها (السوشيال ميديا) على المجتمع، وقد انتهت الكثير من الدراسات إلى أنها قد أثرت وبشكل سلبي على المجتمع، بحيث أصبح هناك تفاوت كبير في التفكير أو في التفاعل، وأن الكثير من أفراد الأسرة خاصة المراهقين منهم أصبحوا منعزلين مع أنفسهم، وأصبحت تعاملاتهم من خلال (السوشيال ميديا).

إن الأسرة اليوم لم تعد كما كانت، حيث أصبح الجميع منعزلًا، فلا نجد تجمعات الأسرة حول مائدة الطعام كما كان قديمًا، كما أن الزيارات العائلية أصبحت أقل، فبدلًا من التواصل والزيارات المباشرة أصبح الجميع يتواصل من خلال مواقع التواصل، ولم تعد الأسرة أو العائلة تجتمع مع بعضها البعض، بجانب أنه حتى عند اجتماعهم مع بعضهم البعض يظل كل شخص منعزلًا مع نفسه ومع هاتفه، حتى أصبح الوضع سيئًا.

يجادل البعض بأن تأثير الرقمية والهاتف الذكي على الأسرة يحوي الكثير من المبالغات، وأن المخاوف ما هي إلا حديث متكرر مع كل وسيلة حديثة تستحوذ على اهتمام الناس، ويضرب هؤلاء المثل بجهاز الراديو الذي كانت أعداده عام 1922م في الولايات المتحدة لا تزيد عن ستة آلاف جهاز، وارتفعت في العام التالي إلى مليون ونصف المليون جهاز، ومع العام 1936م كان أكثر من 90% من المنازل الأمريكية تمتلك راديو، وكان الأطفال وقتها يقضون ما يزيد على ثلاث ساعات يستمعون إليه، وهو ما أثار قلق الصحافة وقتها، من تأثيره السلبي على جسد الأطفال، وأن الآباء لن يستطيعوا أن يضعوا الأقفال على هذ الجهاز الجبار، ثم مضت العقود وتكرر الأمر مع التلفزيون، والفيديو، حتى الهاتف الذكي.

والحقيقة أن الرقمية والهواتف الذكية لا تقارن بالراديو وتأثيراته، أو حتى بالتلفزيون، وهناك عبارة تلخص المخاوف من الرقمية لأحد خبرائها: أنا أثق في طفلي فقط، لكن لا أثق في ثلاثة مليارات من الأشخاص الآخرين المتصلين معه عبر الإنترنت، فالراديو كان الشخص مخيرًا بين عدد محدود للغاية من المحطات يتنقل بينها، وكانت غالبية هذه المحطات تخضع لرقابة حكومية صارمة، أو مجتمعية قوية، كذلك كان التفاعل ضعيفًا للغاية، مع غياب الصورة.

ويعلل هؤلاء موقفهم أن المشكلة قد لا تكون في (التكنولوجيا) ولكن في استخدامها، وبالتالي فالرقمية فرصة، لكن استخدامها السيء قد يحولها إلى شيء مزعج، خاصة في المجال الاجتماعي، وفي القلب منه الأسرة، وبالتالي فلو أحسنت الأسرة التعامل مع الرقمية سوف تكون فرص لها وليس مثارًا للقلق.

لكن هؤلاء لا يدركون أن الرقمية تحولت إلى نوع من الإدمان الذي يتشارك فيه جميع أفراد الأسرة، بما فيهم الآباء والأمهات، فالجميع أصبح ممتلكًا لشاشته الخاصة، والتي لا يطلع عليها أحد غيره، وتحميها برامج تقنية لمقاومة محاولات اختراقها.

أما المتخصصون فيحذرون من تأثيرات الرقمية على الأسرة، ويرون أن قيم الأسرة المتوارثة عبر عشرات القرون تتعرض لاهتزازات عنيفة مع امتداد الرقمية إلى مساحات التعاطف والتواصل داخل الأسرة، فالجميع أصبح مدمنًا للرقمية، حتى في أوقات الطعام، وفي العطلات، والمناسبات الاجتماعية الخاصة.

إن مجرد وجود الهاتف يشير إلى أن انتباهك منقسم، حتى لو لم تكن تنوي ذلك، فالرقمية جعلت الجميع مشتت الذهن، يرغب في إنهاء الطرف الآخر للحوار والحديث، حتى ينفرد بهاتفه وشاشته بلا منغصات اجتماعية، لذا فإن انخفاض التفاعل وجهًا لوجه هو نوع من الوباء، فالهاتف يقلل التعاطف، وتعجب أن كثيرًا من أفراد الأسرة يقطعون إجازتهم وعطلاتهم إذا كانت الأماكن التي يقصدونها لا تتوافر فيها شبكة Wi-Fi قوية، لعدم قدرتهم العيش بعيدًا عن الرقمية، حتى وإن كانوا ضمن العائلة.

الكثير من التحذيرات تتحدث عن تأثير الساعات الطويلة التي يقضيها الأطفال على شاشات الموبايل على أبصارهم، وانصرافهم عن النشاط الحركي، المتمثل في اللعب والأنشطة إلى الجلوس أمام شاشة تخترق أشعتها الجسد وتؤثر على العين، وتصيب الأطفال بالسمنة، مثل الارشادات المتتالية التي تصدرها منظمة الصحة العالمية حول الأوقات التي يجب أن يقضيها الأطفال أمام شاشات الهواتف.

والحقيقة أن الرقمية تفرض على الآباء أن يطوروا قدراتهم الرقمية حتى يستطيعوا أن يفهموا أولادهم ويراقبوهم، ويعرفوا ما يدور في أذهانهم، وما يمارسونه على الانترنت، لذا تحدث البعض عن الآباء الرقميون الذين يجب أن يكونوا متطورين مثلهم أبنائهم؛ بل ربما متقدمين عليهم خطوة حتى يستطيعوا أن يمارسوا دورهم الرقابي والتوجيهي داخل الأسرة، ومنح الأسرة بوصلة أخلاقية، وهناك حديث عن القدوة الرقمية إذ لا بد للآباء والأمهات أن يكونون قدوة داخل الأسرة من عدة مناحي، منها: أن يلتزموا بالجانب الأخلاقي الواضح في الامتناع عن مشاهدة ما ترفضه الأخلاق، والامتناع عن استخدام الرقمية في أية انحرافات أخلاقية، وألا يهملوا الجانب الاجتماعي والتعاطفي داخل الأسرة لانشغالهم بهواتفهم، خاصة وأن الجميع يعلن أنه لا يمكن أن يعيش بدون الرقمية أو بعيدًا عنها.

وهذا ما تؤكده الدراسات من ضرورة وأهمية النموذج الذي يحتذى به في العصر الرقمي، خاصة وأن الكثير يقضي ما يقرب من عشر ساعات يوميًا أمام الشاشات المختلفة؛ ومنها شاشة الهاتف، أضف إلى ذلك أن جزءًا من العملية التعليمية انتقل أيضًا إلى الحيز الرقمي، وهو ما يفرض أن يقوم الآباء أنفسهم بدمج الوسائط الرقمية في أنشطتهم اليومية، وبذلك تكون الأبوة والأمومة دائمة في ظل المجتمعات المتشبعة بالتكنولوجيا الرقمية.

ويبدو أن فكرة الأبوة الرقمية الدائمة أغرت شركات التسويق الالكتروني لإنتاج برامج تمكن الآباء من متابعة أبنائهم الدائمة، وبالتالي أصبحت الرقمية في المجال الأسري أحد مجالات استنزاف الأسرة لتمكينها من متابعة الأبناء، فألقت أعباءً أخرى على الأسرة، ومن ناحية أخرى أخذ الأبناء الذين يعتبرون أكثر تعاطيًا مع الرقمية في المراوغة من الرقابة الأبوية، أو تخفيف حدتها، أو حتى تضليلها.

لكن الأخطر أن الرقمية أصبحت مجالًا للفضح، وهتك الستر بين أفراد الأسرة، وأحد وسائل الشكاوى والتذمر بين أفراد الأسر، فأضعفت الروابط، فالزوجات يشتكين من أزواجهن وأبنائهن، والجميع يشتكي في ظل مساحات البوح المفتوحة، وعند البعض تحولت الشكوى إلى التشهير، والفضح، وهو ما هز قيم الأسرة (1).

يبحث الناس عبر هواتفهم عن التواصل فيزدادون انقطاعًا، يشاركون لحظاتهم وأفكارهم وصورهم مع البعيدين، ولكن الوحدة تنهشهم أكثر فأكثر؛ وذلك لخسارتهم الصلات الفعلية الحقيقية، الافتراضي يطغى على الواقعي ويهمشه.

ويقول الباحثون إن التحديات الكبرى والخلافات التي كانت تواجه الأزواج كانت تتعلق بالمال، والأطفال، والاهتمام والعلاقة العاطفية والحميمة، ولكن الهواتف الذكية تصعد بقوة في هذه القائمة.

وسبق أن أجريت دراسات عديدة عن تأثير استخدام الهواتف على العلاقات، ولكن هذه الدراسة تحديدًا، تعد الأولى من نوعها التي تتوصل إلى أن طريقة تفاعل أحد الزوجين مع التكنولوجيا يمكن أن توقع الآخر في اكتئاب حقيقي، أو تؤثر على استقراره النفسي.

عندما يهتم الشخص بهاتفه أثناء وجود شخص أو أكثر بالقرب منه، فيتجاهل حديثهم، ويظل متعلقًا بالهاتف، ويرد عليهم بصعوبة، أو لا يرد، فإن الرسالة التي تصل إلى المحيطين هي الشعور بأنهم أقل أهمية لديه.

عندما تتعطل المحادثة بين الزوجين، أو لحظة التقارب بسبب رسالة نصية، أو بريد إلكتروني، أو إشعارات عبر وسائل التواصل، فإن ما يصل إلى الطرف الآخر هي: ما أقوم به على هاتفي أكثر أهمية منك الآن، أو: أنا أهتم بهاتفي أكثر منك.

وأحيانًا ما يصل إلى الآخر هو أنت لا تستحق انتباهي.

الرفض من أكثر المشاعر إيلامًا، حيث يستجيب الدماغ له بنفس الطريقة التي يستجيب بها للألم الجسدي، ومع تكرار هذا الأمر وتحوله لأسلوب حياة، فإن من يقع بحقه هذا التجاهل تتعقد لديه مجموعة من المشاعر والانفعالات، مثل: الشعور بالأذى، وانخفاض المزاج العام، وقلة احترام الذات، وتصاعد الغضب والاستياء، ومع مرور الوقت يمكن لهذه الجروح الصغيرة أن تتفاقم وينتج عنها صراعات عديدة، كما أنها تقلل من الإحساس العام بالرضا عن العلاقة، وعن الحياة بشكل عام، مع ظهور واضح لأعراض الاكتئاب.

 الشخص الذي يتجاهل من حوله منشغلًا بهاتفه لا يعيرهم اهتمامًا، يعد متلبسًا بشيء من سوء الخلق، في حين أن السيرة النبوية تزخر بما يقرب القلوب، وبما يقوي أواصر المحبة والتآخي، ويحفظ البيوت، ويُحصن الزواج، ولم يقتصر الهدي النبوي على التأكيد على قيمة الأسرة، وعِظم ميثاق الزوجية فحسب؛ بل أوضح طرق القيام بذلك عبر السنة القولية والفعلية.

والخوف الأكبر الآن هو أن تنصرف الأجيال عن القراءة والبحث، واعمال العقل الذي هو أداة التمييز، وسبيل النهضة، والانصراف من ثقافة العقل، إلى ثقافة شبكات التواصل فتنحرف البوصلة، ويُصبح الفيس بوك هي المرجع والدليل والمصدر، فيتصدر المشهد الفارغون، والجاهلون الذين يجهلون أنهم جاهلون.

الخوف أن تنصرف الأجيال عن القراءة والبحث وإعمال العقل الذي هو أداة التمييز، وسبيل النهضة.. إلى ثقافة شبكات التواصل.. ويُصبح الفيس بوك هي المرجع فلا تكن عزيزي فيسبوكيًا من هذا المنطلق، وعليك أن تعي بأن الفيس وسيلة وليس غاية، وأن تستغل هذه النعمة فيما يفيد، فتُعلم الجاهل وتزيد الوعي وتنشر النافع، ولا تدعه يحول بينك وبين القراءة والبحث والعمل.

علينا أن ننقل جراح الناس ومشاكلهم ومعاناتهم وخاصة المُحاصرين منهم والمشردين الذين لم يستطيعوا نقل معاناتهم، لتكون وسيلة ضغط من أجل تحسين أوضاعهم والحصول على حقوقهم.

عليك أن تكون الصحفي الذي يبحث عن الحق والحقيقة، وينقلها بكل حيادية وأمانة للناس دون تزييف أو هوى، وتأمل صورة الطفل السوري الذى وجد مُلقيًا على أحد شواطئ تركيا في طريقه للهجرة إلى أوروبا، هاربًا من ضربات الطائرات، كيف كان تأثيرها حين تم التفاعل معها عبر مواقع التواصل.

والويل لأمة يُصبح الفيس بوك هو ميدان جهادها ونضالها وتعليمها، فتكون كمن يحرث في الماء، ويحارب بغير عدو.

والويل لأمة لا تقرأ، ولا تفهم ما تقرأه، ولا تعمل بما فهمته، ولا تكافح وتدافع عن أعمالها ومنجزاتها.

والويل لأمة تبخل عن دفع ثمن نهضتها وحريتها، وتفر من ميدان الكفاح والعمل إلى ميدان القول والفيس بوك (2).

والإسلام يؤسس للعقلية الواعية التي تعرف ترتيب الأولويات، وعلى رأس أولويات العلاقات الاجتماعية يأتي الأهل «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» (3)، وفي أعلى سلم الأمر بالعطاء والمعروف والإحسان يأتي الأقربون فهم أولى بالمعروف.

وما أحوجنا في هذا الأيام إلى ترتيب العلاقات في ضوء هذا الهدي الساطع، فكم من حوار بين زوجين قد فسد لأجل محادثة مع مجهول أو بعيد، وكم من أيام غالية مع الأسرة والأبناء أُهدرت لأجل متابعة فعاليات تافهة، وأخبار سقيمة، وملاحقة وسائل التواصل التي يقطع الإسراف فيها ما يجب وصله.

ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم خير مثال في تأليف القلب، وكسب المودة، وطريقة التعامل، ومن ذلك أنه كان يُقبل بوجهه على من يحدثه، ويستمع لمن يسر له بشيء ولا يبتعد عنه، عند أبي داود عن أنس قال: ما رأيت رَجُلًا التقم أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فينحّي رأسه حتى يكون الرجل هو الذي يُنحي رَأسَهُ (4).

هذا السلوك النبوي من إشعار من يحدثه ويلتقي به بأهميته كفيل بالقضاء على ظاهرة التغول الهاتفي التي يعدها الباحثون اليوم من أخطر العادات التي تهدد العلاقات الاجتماعية في مختلف أنحاء المعمورة.

 تعلمنا السنة النبوية أن السعادة بين الزوجين، والحفاظ على قوة الأسرة لا يكون بالشعارات، وإنما بالسلوكيات اليومية، والتفاصيل التي تحفظ استمرار المودة والرحمة، كأن يفرغ الزوج من وقته واهتمامه للاستماع لزوجته، وملاعبتها، والاطمئنان على أخبارها، والتبسط معها وملاطفتها، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مشاغله ومسؤولياته التي لم يتحمل بشر مثلها، يخصص وقتًا لكل هذا، ويعلمنا بشكل عملي كيف يعطِ الإنسان لكل ذي حق حقه.

فكيف بمن يهمل زوجته وأولاده، ولا يقبل على زوجته ولا يهتم بها لأنه مشغول بهاتفه لا يطيق فراقه؟!

وكيف بمن لا تكلف خاطرها سؤال زوجها عن يومه؟، وبث السكينة والأمل في قلبه، لأنها مشغولة بالرد على من هب ودب في مجموعات الفيس بوك، والواتس أب، والمشاركة في هاشتاجات تويتر.

استثنى النبي صلى الله عليه وسلم ملاعبة الأهل من اللهو، أبو داود عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه» (5).

فهذه الأمور وإن بدت لهوًا إلا أن أثرها العظيم، ونتائجها المثمرة، نفت عنها صفة اللهو المذموم.

ولم يكن الاستثناء لرفقة الصحاب، ومراسلة المعارف، والانشغال بأخبار الناس، فضلًا عن الانغماس في قيل وقال، أو مشاهدة ما يشوش القلب، ويؤذي الإيمان.

والمتأمل في قوله تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} [الأحزاب: 53]، يدرك كيف يحمي الله جل في علاه سكينة البيوت من استمرار حالة المؤانسة مع الأصدقاء والضيوف، فكيف بمن يقتحمون حياتنا عبر شاشات.

نصائح للسيطرة على تأثيرات الهواتف سلبًا على الحياة الزوجية:

1- حماية البيت من الوقوع في مستنقع الإباحية والمواد الرديئة، باستخدام كافة السبل لفلترة الإنترنت المنزلي، وعدم الانغلاق في استخدام الأجهزة المختلفة، فالعزلة تسهل الوقوع في هذه الشراك، فهذه الأمور تجعل وبال إدمان الهواتف لا يقتصر على الانشغال عن الزوج والأبناء، وإنما يفتح بابًا واسعًا لتدمير الرضا الزوجي، وهدم العفة التي هي مقصود الزواج الأول.

وما أجمل أن يتبادل الزوجان كلمات السر لمواقع وسائل التواصل المختلفة، مع عدم المراقبة والتشكيك، ولكنه يؤسس للثقة المتبادلة، والتي هي من أهم أسس الاستقرار الزوجي.

2- الحذر من التساهل في محادثات الجنس الآخر عبر الإنترنت، فالكلام يكون لحاجة وبقدر الحاجة.

3- يوصي الخبراء بالابتعاد عن الهاتف في هذه الأوقات:

ــ بعد العمل عند العودة للبيت.

ــ أيام الإجازة.

ــ قبل النوم.

ــ اللحظات الخاصة.

ــ وقت النقاش الجاد أو حل الخلافات.

ــ أثناء اجتماع الأسرة لتناول الطعام.

إن ظاهرة تجاهل المحيطين للتعلق بالهواتف يتعدى أثرها خطر الإضرار بسلامة الحياة الزوجية، والاهتمام بالأبناء، والتواصل مع العائلة والأصدقاء، لأنها تضر بالاستقرار النفسي للشخص نفسه، وتزيده عزلةً وحرمانًا تحت وهم "التواصل الاجتماعي"، وهي حالة إدمانية يطلق عليها العلماء مؤخرًا "الكوكايين الرقمي"، مما يستدعي اليقظة في التعامل معها، والانتباه لأعراضها (6).

-----------

(1) الأسرة والوحش الرقمي/ إسلام أون لاين.

(2) لا تكن فيسبوكيًا/ إسلام أون لاين.

(3) أخرجه الترمذي (3895).

(4) أخرجه أبو داود (4794).

(5) أخرجه أبو داود (2513).

(6) الهواتف الذكية وتهديد الحياة الزوجية/ إسلام ويب.