logo

زوجة الداعية


بتاريخ : الأربعاء ، 10 صفر ، 1446 الموافق 14 أغسطس 2024
زوجة الداعية

 عن المسور بن مخرمة، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا»، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك، اخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا، فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا (1). 

زاد بن إسحاق؛ قالت أم سلمة: يا رسول الله، لا تكلمهم فإنهم قد دخلهم أمر عظيم مما أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصلح ورجوعهم بغير فتح.

ويحتمل أنها فهمت عن الصحابة أنه احتمل عندهم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالتحلل أخذًا بالرخصة في حقهم، وأنه هو يستمر على الإحرام أخذًا بالعزيمة في حق نفسه، فأشارت عليه أن يتحلل لينتفي عنهم هذا الاحتمال، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم صواب ما أشارت به ففعله، فلما رأى الصحابة ذلك بادروا إلى فعل ما أمرهم به إذ لم يبق بعد ذلك غاية تنتظر. 

وفيه فضل المشورة، وأن الفعل إذا انضم إلى القول كان أبلغ من القول المجرد، وليس فيه أن الفعل مطلقًا أبلغ من القول، وجواز مشاورة المرأة الفاضلة، وفضل أم سلمة ووفور عقلها حتى قال إمام الحرمين لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت إلا أم سلمة، كذا قال، وقد استدرك بعضهم عليه بنت شعيب في أمر موسى (2).

 قد يظن ظان أن دور الداعية ينتهي منذ أن يعثر على تلك الشابة الملتزمة بدين الإسلام والتي ارتضاها شريكة حياته دون سائر الفتيات؛ ولكن هذا هو جزء من الدور المنوط به، والدور الحقيقي هو متابعة النصح والإرشاد بعد الزواج، بالأسلوب المناسب وبالقدوة الصالحة، فالشجرة إن لم يرعها صاحبها تذبل وتموت، وكذلك طبيعة البشر يحتاج للنصح والتذكير والإرشاد من حين لآخر.

ومتابعة النصح والإرشاد لا تعني المطالبة بأن تكون الزوجة كاملة؛ ولكننا بحاجة إلى أن تكون زوجة الداعية قدوة بمعنى الكلمة، قدوة في أخلاقها في تعاملاتها في طاعتها وعبادتها، وفي كل شئونها، وإلا فإن أول أثر سيئ لها سيكون على زوجها حيث ستعيقه عن الاستمرار في حمل دعوته؛ بل قد تفسدها عليه، وما زوجة سيدنا نوح ولوط عليهما السلام عنا ببعيد، قال تعالى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التحريم: 10]، قال ابن كثير: وليس المراد بقوله: {فَخَانَتَاهُمَا} في فاحشة بل في الدين، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء، عن ابن عباس قال: كانت خيانتهما أنهما كانتا على غير دينهما، فكانت امرأة نوح تطلع على سر نوح فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحدًا أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء (3).

ثم إنّ الداعية الذي يخل بتربية زوجته، أو لا يمثل قدوة لها بأخلاقه ومعاملاته والتزامه ستخذله هذه الزوجة في وسط الطريق وهو في أمس الحاجة إليها، وسيضطر إلى أن يلتفت إليها ويعاود نصحها وإرشادها بعد أن خسر الكثير. 

وإنه من الواضح أنّ الداعية الذي يصلح نفسه وزوجته، سيشجع الآخرين ولا شك على إصلاح زوجاتهم، لذا فإن مسؤولية تربية الزوجة مسؤولية عظيمة، وأتعجب من بعض إخواني الدعاة حين يقفون حجر عثرة في طريق التزام زوجته، إما بأسلوبه أو بانشغاله عنها أو بحجة أنه يكفي أن يكون هو وحده داعية.

نحن نريد الداعية الذي يربي زوجته على الأخلاق الاجتماعية الفاضلة؛ مثل صلة الأرحام وبر الوالدين، والإحسان إلى الناس والقيام بحقهم وإيثارهم وتحمّل أذاهم، إلى غير ذلك من تعاليم الشرع، فالزوجة التي تخل بالأخلاق الفاضلة ستكون عائقًا في وجه اقتداء الناس بها وبزوجها.

ولفهم الزوجة لدور زوجها ومكانته الدعوية أهمية وضرورة؛ حتى تعمل على التعاون مع زوجها، وتقديم الرأي السديد والمشورة المباركة له، ومن أبرز هذه المواقف موقف أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها في التحلل من العمرة بعد صلح الحديبية، فانظر كيف قامت أمُّنا أم سلمة بالتخفيف عنه ومواساته وعرض الأفكار عليه لحل الأزمة، وقد كان ذلك بمشورة المرأة الفاضلة ذات الفكرة الصائبة والرأي السديد. 

فالإسلام لا يفرِّق بين أن تأتي المشورة من رجل أو امرأة طالما أنها مشورة صائبة، ولا شك أيضًا أن هذا عين التكريم والاحترام والتقدير للمرأة التي يزعم أعداء الإسلام الحاقدين أن الإسلام غمطها حقها وتجاهل وجودها. 

المهم أن زوجة الداعية الواعية توفر سُبُل الراحة لزوجها، وتعينه على تجاوز العقبات؛ حتى يتمكَّن من خدمة الدين على الوجه الأكمل، فلا تحمِّله همومًا تافهة، ولا تشغله بأمور بسيطة، فهي قد تعكر عليه صفو تفكيره وتدبيره إذا شغلته بأمور تافهة.

والزوجة التي تفهم دور زوجها وتعاونه هي زوجة مشارِكة له في العمل وفي الأجر والثواب، حتى وإن بدا بعض التقصير في حقها، لكنها شريكة لزوجها في الأجر والثواب والإصلاح -إن شاء الله- متى احتسَبَتْ وهيَّأت له الجو المناسب في منزله لاستجماع قوته وأفكاره، وشجَّعته وصبَّرته وقوَّت من عزيمته على المضي في دعوته ونشاطاته الخيرية، بل ليكن لكِ -يا زوجة الداعية- دور حقيقي في العمل لخدمة دين الله عز وجل؛ لتنافسي زوجك في الخدمة، وليتضاعف الأجر لذلك البيت المسلم، ولهذا بشر الله السيدة خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه، ولا نصب (4). 

ولقد كانت السيدة خديجة رضي الله عنها مثال حسن وقدوة رفيعة لزوجات الدعاة، فالداعية ليس كباقي الرجال الذين هم بعيدون عن أعباء الدعوة، ومن الصعب أن يكون مثلهم في كل شيء.

إنه صاحب همٍّ ورسالةٍ: هَمٍّ على ضياع أمته وانتشار الفساد وزيادة شوكة أهله، وهمٍّ لما يصيب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من مؤامرات وظلم وجوع وإذلال، وما يصيب الدعاة منهم من تشريد وتضييق وتنكيل، وبعد ذلك هو صاحب رسالة واجبٌ عليه تبليغها للآخرين، وهذا الواجب يتطلب وقتًا طويلًا قد يأتي على حساب أوقات نومه وراحته، وأوقات زوجته وأبنائه، ويتطلب تضحية بالمال والوقت والدنيا بأسرها، وما دام ذلك في سبيل الله ومرضاته فلن يضيع الله الداعية ولا أهله ولا أولاده، قال تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]. 

والداعية إلى الله إن أوتيت زوجته من الأخلاق والتقوى والجمال والحسب ما أوتيت؛ فإنه يحتاج مع ذلك إلى زوجة تدرك واجب الدعوة وأهميته، وتدرك تمامًا ما يقوم به الزوج، وما يتحمله من أعباء، وما يعانيه من مشاقٍّ وضغوط نفسية، فتقف إلى جانبه تُيسِّر له مهمته، وتعينه عليها، لا أن تقف عائقًا وشوكة في طريقه. 

إن السيدة خديجة رضي الله عنها مثال حسن، وقدوة رفيعة لزوجات الدعاة، فالداعية إلى الله ليس كباقي الرجال الذين هم بعيدون عن أعباء الدعوة، ومن الصعب أن يكون مثلهم في كل شيء، إنه صاحب همٍّ ورسالة، همٍّ على ضياع أمته، وانتشار الفساد، وزيادة شوكة أهله، وهمٍّ لما يصيب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من مؤامرات وظلم وجوع وإذلال، وما يصيب الدعاة منهم من تشريد وتضييق وتنكيل، وبعد ذلك هو صاحب رسالة واجب عليه تبليغها للآخرين، وهذا الواجب يتطلب وقتًا طويلًا يأخذ عليه أوقات نومه وراحته، وأوقات زوجته وأبنائه، ويتطلب تضحية بالمال والوقت والدنيا بأسرها ما دام ذلك في سبيل الله ومرضاته، وإن أوتيت الزوجة من الأخلاق والتقوى والجمال والحسب ما أوتيت، إنه يحتاج إلى زوجة تدرك واجب الدعوة وأهميته، وتدرك تمامًا ما يقوم به الزوج وما يتحمله من أعباء، وما يعانيه من مشاقّ، فتقف إلى جانبه تيسر له مهمته وتعينه عليها، لا أن تقف عائقًا وشوكة في طريقه.

إن المرأة الصالحة لها أثر في نجاح الدعوة، وقد اتضح ذلك في موقف خديجة رضي الله عنها وما قامت به من الوقوف بجانب النبي صلى الله عليه وسلم وهو يواجه الوحي لأول مرة، ولا شك أن الزوجة الصالحة المؤهلة لحمل مثل هذه الرسالة لها دور عظيم في نجاح زوجها في مهمته في هذه الحياة، وبخاصة الأمور التي يعامل بها الناس، وإن الدعوة إلى الله تعالى هي أعظم أمر يتحمله البشر، فإذا وفق الداعية لزوجة صالحة ذات كفاءة فإن ذلك من أهم نجاحه مع الآخرين، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة» (5) (6). 

يقول الدكتور محمد الدويش: يا من وفَّقك اللهُ أن تكوني زوجة لأحد الدعاة، خطيبًا كان، أو أستاذًا، أو محتسبًا؛ أستأذنك في أن أضع أمامك هذه الخواطر: 

أولًا: احمدي الله عز وجل أن تكوني زوجة لهذا الرجل الذي يعيش لأمته لا لنفسه، إنه يسافر ولكن قد يكون البديل زوجًا يسافر إلى حيث لا تأمنين عليه الخيانة، إنه منشغل لكن قد تكوني زوجة لمنشغل في جمع حطام الدنيا، وهو أحيانًا يسهر لساعة متأخرة، لكنه خير ممن يسهر في اللهو واللعب.

ثانيًا: هل رأيت دُرَّة دون ثمن، أو ثمرة دون تضحية؟ فهي نعمة عظيمة عليك وعلى أولادك أن تُرزَقي مثل هذا الزوج الصالح، لكنك لابد أن تدفعي الثمن؛ فتفقديه كثيرًا، ويتأخر في تلبية بعض المطالب، ولكن كل هذه التضحيات تهون دون هذا الثمن، ودون أن تفوزي بشريك الحياة من هذا الصنف الفريد.

ثالثًا: هل سمع زوجُك منك كلمة تأييد؟ أو رأى منك استبشارًا وتشجيعًا لما يقدِّم من جهد؟ أو تلقَّى نقدًا هادفًا بناء؟

أليس فقدانه لذلك تقصيرًا في حقِّه؟ أما أن يسمع النقد اللاذع: كثرت مشاكلك، غبتَ عنا كثيرًا، لم تؤدِّ الطلبات، ضيعتَ أسرتك...؛ فأعيذك بالله من ذلك.

ألم تسمعي قول السيدة خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، يا لها من كلمات رائعة سمعها صلى الله عليه وسلم من زوجه خديجة التي بُشِّرت ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، فأعطته دَفعةً، وزادته طمأنينة، وهو هو صلى الله عليه وسلم، فهلا سلكتِ طريقها، واقتديتِ بها؟

رابعًا: ألا ترين أن مثل هذا الزوج يستحق أن تعرضي عليه خدماتك، فتجمعي له النصوص، أو تُعدِّي المراجع، أو تطرحي عليه رأيًا مسدَّدًا، وإن عجزت عن ذلك فقولك له: أي مساعدة أقدمها لك؟ يعطيه دَفعة أحوج ما يكون إليها.

أُقدِّر أنك امرأة لك عواطف، وتملكين مشاعر، وأمامك تطلعات، وأنت مع ذلك كله لا يمكن أن تتخلي عن بشريتك، ولكن حين تحولي بيت زوجك إلى عشٍّ آمن ومهجع مستقر فأنت تختصرين عليه نصف الطريق؛ فهو بشر يحتاج للسكن النفسي، يحتاج لمن يؤيده، يحتاج لمن يقف معه، يحتاج إلى بيت لا صخب فيه ولا نصب.

تخيلي معي ذاك الداعية -الذي وفقه الله ونفع الأمة به- يعود إلى منزله فيُستقبل بالنقد اللاذع والتذمر والاتهام بالتفريط، أي عطاء سيقدمه؟ وأي نفسية تحكمه؟ ألا توافقين أن هذه الزوجة تساهم من حيث لا تشعر في تأخير المسيرة وعرقلة الركب؟ 

ومع ذلك كله فلست أدعو الزوج للتقصير في حق زوجته وأهل بيته، ولكن الأمر تسديد ومقاربة (7).

إن الداعية الذي يخل بتربية زوجته، أو يتساهل في تعليمها المبادئ الأساسية في حياة الدعاة إلى الله ستخذله هذه الزوجة في وسط الطريق وهو في أمس الحاجة إليها، وسيضطر إلى أن يلتفت إليها ويعاود نصحها وإرشادها بعد أن خسر الكثير.

كما أن نقص المفاهيم الأساسية عندها قد يتسرب إلى زوجات الدعاة الآخرين، وبذلك يكون الداعية قد أضر بدعوته من حيث لا يدري، كما أنه من الواضح أنّ الداعية الذي يصلح نفسه وزوجته، سيشجع الآخرين ولا شك على إصلاح زوجاتهم، لذا فإن مسؤولية تربية الزوجة مسؤولية عظيمة. 

إن بعض الدعاة يظن أن الرحمة والرأفة يتعارضان مع النصح والإرشاد وهذا بلا شك فهم خاطئ، لأن الرأفة والرحمة هما من أساليب التربية وليستا مانعين لها أو متعارضين معها. 

بل أن بعض الدعاة يظن أن تربية الزوجة على الأخلاق الاجتماعية الفاضلة مثل صلة الأرحام وبر الوالدين والإحسان إلى الناس والقيام بحقهم وإيثارهم وتحمّل أذاهم و ...، قد يعد ذلك تدخلًا في شؤون النساء الداخلية، وهذا أيضًا فهم خاطئ لأن ذلك من تمام القوامة التي أمر الله بها والله أعلم، ولأن الزوجة التي تخل بالأخلاق الفاضلة ستكون عائقًا في وجه اقتداء الناس بها وبزوجها. 

مفاهيم مهمة:

إن المفاهيم التي يجب أن تعيها زوجة الداعية كثيرة، نذكر منها ما يلي باختصار:

أولًا: اقتضاء العلم العمل، وهذا مطلب للجميع وإن تطبيقه في الواقع مما يشجع الداعية وزوجته ويشيع روح التفاؤل في الأسرة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} [الصف: 2، 3]. 

قال الخطيب البغدادي: إن العلم شجرة والعمل ثمرة، وليس يعد عالمًا من لم يكن بعلمه عاملًا، وقيل: العلم والد والعمل مولود، والعلم مع العمل، والرواية مع الدراية فلا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشًا من العلم، ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصرًا في العمل ولكن اجمع بينهما، وإن قل نصيبك منهما، وما شيء أضعف من عالم ترك الناس علمه لفساد طريقته، وجاهل أخذ الناس بجهله لنظرهم إلى عبادته (8).

ثانيًا: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (9)، وهو حديث شريف إن عمل به الداعية وزوجته عصمهما الله من كثير من الذنوب والمعاصي كالغيبة والنميمة والحسد وما سوى ذلك.

ومفهوم الحديث: أن من لم يترك ما لا يعنيه، فإنه مسيء في إسلامه وذلك شامل للأقوال والأفعال المنهي عنها نهي تحريم أو نهي كراهة.

قال الشيخ السعدي: فيشتغل هذا المحسن بما يعنيه، مما يجب عليه تركه من المعاصي والسيئات، ومما ينبغي له تركه، كالمكروهات وفضول المباحات التي لا مصلحة له فيها، بل تفوت عليه الخير (10). 

ثالثًا: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (11)، وهذا أيضًا حديث شريف يعين على مكارم الأخلاق كالإيثار ومحبة الخير للناس والفرح لفرحهم والحزن لخزنهم، إلى غير ذلك من الخصال الاجتماعية الطيبة (12). 

أخي الداعية:

1- كم هو جميل أن تحرص أن تكون زوجتك معك في خندق الدعوة تتعلم وتُعلّم.

2- أكثر من يعرف الإنسان زوجته فكن متقبلًا لنصحها وتقييمها لك.

3- لتكن لكما جلسات بين الفينة والأخرى تتبادلان أطراف الحديث حول البيت والدعوة.

4- لا بد أن تعلم أنت وزوجتك أنَّ من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فلك خصوصياتك الدعوية والاجتماعية ولها كذلك.

5- املأ وقت الفراغ لدى زوجتك لكي لا تمل من غيابك عنها.

6- اعلم بأن الزوجة تريدك لها ولكن الله يريدك لدينه (13).

------------

(1) أخرجه البخاري (2731).

(2) فتح الباري لابن حجر (5/ 347).

(3) تفسير ابن كثير (8/ 192).

(4) أخرجه أحمد (19128).

(5) أخرجه مسلم (1467).

(6) السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث (ص: 82).

(7) زوجة الداعية الجندي المجهول/ صيد الفوائد.

(8) اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (ص: 14).

(9) أخرجه الترمذي (2317).

(10) بهجة قلوب الأبرار (ص: 152).

(11) أخرجه البخاري (13)، ومسلم (1599).

(12) بين الداعية وزوجته/ إسلام ويب.

(13) إلى زوجة الداعية/ مداد.