ثقة الطفل بنفسه
الثقة بالنفس تعتبر من أهم أعمدة بناء الشخصية السليمة والنفسية السوية، ومن أكثر ما يؤثر في سلوك واختيارات الفرد.
فالشخص الواثق بنفسه يرى من نفسه شخصية جديرة بالحب والرعاية والاهتمام، فيقبل تلقائيًا على إقامة علاقات اجتماعية وينجح فيها، يرى شخصًا يتمتع بالكفاءة والمهارة، فيقدم تلقائيًا على الفرص والتحديات والتجارب الجديدة، يرى شخصًا ضاحكًا متفائلًا قادرًا على تخطى الصعاب، فيحارب المشاكل ويقدم على حلها بشجاعة.
خطأ تربوي:
إن كثيرًا من الأزواج لا يقيمون للطفل الصغير في البيت وزنًا، ولا يظهرون له تقديرًا أو احترامًا، وبعض الأزواج هداهم الله يتسببون في إحداث العقد النفسية وآلام الانفصام والقلق وعدم ثقة الطفل بنفسه؛ وذلك بنوع المعاملة التي يعاملون بها الأطفال والصغار، فترى الواحد منهم إذا كان عنده ضيوفٌ أو بعض أصدقائه أو جيرانه، تراه إذا دخل ولده الصغير عليهم، طرده قائلًا: اخرج، أو اذهب إلى أمك، أو تنحى عن هذا المكان، أو لا ينبغي لك أن تجلس هنا.
إن هذا من الأساليب العقيمة في التربية، وإن هذا الأسلوب والسلوك مع الصغار ليحطم جرأتهم، وليقلل كثيرًا من قدراتهم ومواهبهم التي ربما نلنا منها خيرًا كثيرًا لو فتحنا مجال المعاملة، وفتح باب الصدر معهم.
فالذي ينبغي لنا أن نلتفت لهذا الصغير، وأن نعامله معاملة كريمة، فإذا دخل عليك في مجلسٍ وأنت ترغب أن يجلس معك فيه أحد، فلا تطرده من أول وهلة من حين دخوله، دعه حتى يجلس، ثم ناده بعبارة لطيفة هادئة، فإذا استقر مكانه بجانبك خاطبه كأنك تخاطب رجلًا كبيرًا عاقلًا، وإن كان لا يفهم كثيرًا مما تقول؛ لكن ينبغي أن تخاطبه كما تخاطب الكبار في سنهم، فتقول له: يا ولدي، لي مع جاري هذا أو صديقنا حديثٌ خاص أود ألَّا يشاركنا فيه أحد، فلو سمحت بالذهاب إلى داخل البيت، أو تركت لنا الفرصة والمجال لنتحدث سويًا، عند ذلك سيطرق الطفل برأسه وسيحرك رأسه ويظهر لك أنه يفهم ما تقول، وإن كان لم يفهم من كلامك إلا رغبتك في انصرافه، لكنه على أية حال علم أنك أقمت له وزنًا، ولمكانته قدرًا، وخاطبته بأسلوبٍ يحبه ويريحه، خاصة أمام الآخرين.
إن الكثير من الآباء الذين وقعوا في زجر وطرد أبنائهم، وبعضهم يقعون في سب وشتيمة أطفالهم، سواء في المنزل أو أمام الضيوف، أو أمام أولاد الأقارب والأصدقاء والجيران، إنهم ليجنون جريمة تربوية في حق أطفالهم ونشئهم، أتدرون ما يحدث هذا النوع من المعاملة للأطفال الصغار؟ إنه يحدث لهم عقدًا نفسية، فيظنون أنهم غير قادرين على مخاطبة الكبار، ويظهر ذلك يوم أن يأتي صديقٌ من أصدقائك إلى منزلك فيريد أن يسأل عنك فلا يستطيع هذا الطفل جوابًا، بل قد تجده يحرك رأسه يمنة ويسرة أو يتمتم بكلماتٍ وعبارات لا تفهم، في حين أن من في سنه من الأطفال يتحدثون ويتكلمون ويفهمون الكلام ويردون الجواب، وما سبب تلك المشكلة في نفس ذلك الطفل إلا نوع المعاملة التي لقيها من أبيه وأمه.
أمرٌ آخر: أن الطفل إذا أخطأ في بعض الحالات فكثيرٌ منا يظهر مقدرته الرجولية وكفاءته التربوية بضرب هذا الطفل الصغير وجلده ومعاقبته أمام أبناء الجيران، وأمام أولاد الأقارب والأصدقاء، وهذا خطأٌ عظيم، إذ أن طفلك في حقيقة أمره يود لو جلدته ألوان الجلد سرًا، المهم ألا يراه الصغار من أبناء الجيران أو الأقارب وهو يهان ويضرب ويجلد، لأنه يعلم في قرارة نفسه -وإن لم يستطع التعبير عن هذا- أن مكانته واحترامه أمام أنداده وأقرانه من الصغار تظهر من نوع معاملة الوالدين له، فإذا أخطأ طفلك أو ارتكب خطأً من الأخطاء؛ فواجب عليك أن تدعوه على انفراد، وتخلو به، وتشرح له حقيقة ما فعل، وأخطاء ما ارتكب، وما يترتب على ذلك لو أنه فعل هذه الفعلة مرة أخرى، هكذا ينبغي أن نعامل الصغار، وهكذا ينبغي أن نحترم قدراتهم ومواهبهم.
إن هذه الطائفة من الأجيال الصغار الذين نظن أنهم لا يحسنون نطقًا ولا يفهمون كلامًا، ولا يجيدون تصرفًا، إن الكثير منهم ليملك مواهب عالية، وطاقاتٍ عجيبة، لكنها في حدود سنه، وفي حدود الزمن، وفي حدود المرحلة التي يمر بها، فإذا أحسنا التعامل مع حدود هذا الطفل من حيث سنه ومرحلته، فإننا نجني مع ذلك خيرًا عظيمًا (1).
ولكن بعض الأطفال قد يفتقدون الثقة بأنفسهم، وهنا يقلق الأبوان ويشعران بضرورة أن يساعدان ابنهما.
فكيف نعرف إن كان الطفل تنقصه الثقة بالنفس؟
هناك بعض العلامات التي يمكننا أن نفهم من خلالها كيف يرى الطفل نفسه:
- يرفض الطفل القيام بأي تجربة جديدة أو مهمة أو تحدي، دون أن يحاول أو يجرّب، (يرجع ذلك لشعوره بالخوف من الفشل ونظرته لنفسه كشخص غير كفء).
- منسحب اجتماعيًا وليس لديه أصدقاء، (هنا يجب التفرقة بين الطفل الذي يكتفي بعدد قليل من الأصدقاء وبين الطفل الذي ليس لديه أي أصدقاء ولا يجيد إقامة أي علاقات اجتماعية).
- بمجرد أن تواجهه أي صعوبة، يشعر بالإحباط الشديد، ويتملكه هذا الشعور حتى أنه يستسلم ولا يكمل المهمة التي كان يقوم بها، (يرجع هذا لشعوره أنه غير قادر على حل أي مشكلة أو التصرف في أي موقف غير معتاد).
- كثيرًا ما يلقى باللوم على نفسه ويقول عبارات سلبية، مثل: أنا السبب، لقد أفسدت كل شيء، أنا فاشل،.. .
- بالرغم من نقده لذاته، إلا أنه أحيانًا يلقى باللوم على الآخرين أيضًا: زملائي غشوا في اللعب، المدرس يظلمني دائمًا.
- قلق جدًا بشأن رأى الآخرين فيه، يفكر دائمًا فيما سيقولونه عنه بدلًا من أن يفكر فيما يريده هو.
- أحيانًا يصاحب ضعف الثقة بالنفس عرض آخر خطير هو ضعف الشخصية والانقياد، في هذه الحالة يلجأ الطفل لأصدقائه ويتأثر بهم أكثر من اللازم ويقلدهم في كل شيء ليحوز إعجابهم.
- الاستسلام أو الانسحاب من الألعاب أو الأعمال التي تتطلب تحديًا.
- اللجوء إلى الغش أو الكذب أو الاستعطاف إن شعر أنه سيخسر في لعبة ما أو أنه غير قادر على الإجابة.
- الأنانية والتصرف بطريقة طفولية ارتدادية مقلدًا الصغار.
- العناد؛ وذلك لإخفاء مشاعر الضعف وعدم الكفاءة والإحباط، أو لاختبار مدى محبة الآخرين له.
- إهمال الأمور التي عادة ما تعني من هم بمرحلته العمرية، وافتقاد هواية معينة.
- تعليق الفشل على الآخرين وعلى الظروف المحيطة، كأن يتهم المعلم بأنه لا يشرح كما يجب، أو يرجع عدم نجاحه في تركيب لعبة ما إلى خطأ في تصنيع اللعبة.
- عدم القدرة على تكوين الصداقات أو العلاقات الاجتماعية.
- التقلبات المزاجية غير المبررة؛ كالبكاء أو الضحك أو نوبات الحزن الشديد أو العصبية الشديدة.
- الصعوبة في تقبل عبارات المديح أو الذم، وقد يصل به الأمر إلى أن يتهم من يمتدحه بأنه يستهزئ به ولا يقصد فعلًا أن يمتدحه.
- التبعية والتقليد لأصدقاء السوء، ودائمًا ما يكون ضعيف الثقة ضحية لهم، ويظهر ذلك في سلوك مثل: الهروب من المدرسة أو التدخين أو الإدمان أو السرقة أو الاعتداءات بأنواعها (2).
أسباب عدم ثقة الطفل بنفسه:
ولعدم ثقة الطفل بنفسه أسباب عديدة منها:
أولًا: التربية الاعتمادية والتفقد المستمر للطفل من قبل والديه، وقد يصاحب ضعف ثقة الطفل بنفسه مخاوف أخرى غير واقعية، تؤدي إلى إصابته بالتأتأة، والانزواء، والخجل، والاكتئاب، والتشاؤم.
ثانيًا: مقارنة الوالدين طفلهم بغيره من الأطفال لإيجاد دافع عنده للجد والاجتهاد، لكن ذلك يؤدي إلى تثبيط عزمه، وزعزعة ثقته بنفسه.
ثالثًا: تنشئة الطفل تنشئة اعتمادية، بحيث يجد نفسه غير قادر على التصرف بمعنى في مواقف الحياة، تصل إلى درجة أن بعض الأمهات لا يتركن طفلهن يتناول الطعام بنفسه، أو يرتدي ملابسه بنفسه، فيشعر بعدم قدرته على أداء هذه الأفعال بنفسه.
رابعًا: تدخل الكبار في كثير من شؤون الطفل لا يحقق له فرص اكتساب الخيرات اللازمة للاستقلالية.
خامسًا: المشكلات الزوجية، وهي واحدة من أهم العوامل كونها تفقد الأطفال الشعور بالأمان، وتشكك بمدى أهميتهم في العائلة التي تعتبر المصنع الأول إذ تتشكل ملامح الشخصية الأولى.
سادسًا: النقص الجسماني كالعرج والحول، والطول المفرط أو القصر الشديد، والتشوه الخلقي، والسمنة المفرطة، والنحافة الشديدة، وانخفاض مستوى الذكاء، والتأخر الدراسي، كلها عوامل تسبب للطفل عدم الثقة بالنفس.
سابعًا: قد تؤدي الحالة الاقتصادية المتواضعة، أو وجود إعاقة جسدية إلى الشعور بضعف الثقة لدى البعض، ولكن ذلك لا يعني أن كل من يعاني من الإعاقة الجسدية أو يتمتع بحالة اقتصادية متواضعة يفتقد للثقة بنفسه (3).
ثامنًا: انتقاد الطفل باستمرار:
قد يكون النقد المستمر لطفلك مؤثرًا بشكل مباشر على شخصيته وطباعه، وهو ما يجعل منه طفل غير سوي نفسيًا، فينتابه حينها الشعور بعدم الثقة بالنفس، كوني على حذر دائمًا من النقد المستمر لطفلك وإذا تحتم عليكِ ذلك فقدمي له النقد بصورة إيجابية على هيئة نصيحة، إذ يعتبر هذا السبب من أهم أسباب عدم الثقة بالنفس عند الأطفال.
تاسعًا: قلة تشجيع الطفل:
يحتاج الطفل إلى تشجيع قوي من الأشخاص المحيطين به بشكل عام، ومن الآباء والأمهات بشكل خاص، حتى يؤمن الطفل بقدراته ومواهبه، ويستطيع تقديم المزيد بصورة جيدة، وهذا ما يجعله يمتلك الثقة الكافية بالنفس.
عاشرًا: الحماية الزائدة أو القلق الزائد من الوالدين:
نعلم أنه من الطبيعي أن يكون الوالدين قلقين على أبنائهم، ولكن لا ينبغي أن يكون القلق بشكل دائم لتجنب الحماية الزائدة لأولادهم، إذ أن الحماية الزائدة على الطفل تخنق وتضعف ثقته بنفسه، فَتجعله غير واثق في قدراته وأفكاره ويحتاج للمساعدة دائمًا، كما تجعله دائم الخجل والخوف من تجارب أشياء جديدة ومن الآخرين، يفضل عرض رأيك ومخاوفك لطفلك واترك له الاختيار مع متابعتك له بشكل غير مباشر.
حادي عشر: المقارنة السلبية بينه وبين أطفال آخرين:
غالبًا تتسبب المقارنة بين الطفل وآخاه أو بين الطفل وأطفال آخرين في ضعف الثقة بالنفس عند الطفل، فهي تشعر الطفل بالدونية وأنه أقل من الآخرين، حتى وإن كانت المقارنة بهدف التحفيز فهي دائمًا تتسبب في عدم الثقة بالنفس عند الطفل.
ثاني عشر: التقليل من شأنه أمام الآخرين:
تقليل طفلك أمام الآخرين يأتي بعدة صور منها عقاب الطفل أو "التريقة" عليه وعلى أفعاله وتصرفاته أو التقليل من رأيه أو إلقاء نظرة حادة له أمام الآخرين، كل هذه التصرفات من الوالدين تصيب الطفل وخصوصًا المراهقين بالشعور بأنه دون قيمة وسيء وغير مرغوب وتسبب بشكل قوي عدم الثقة بالنفس.
أخيرًا: سوء التربية:
يتعرض بعض الأطفال لنقص في التربية منذ الطفولة المبكرة كالقسوة الشديدة- الصراخ والعنف الزائد- إخراس صوته وإسكاته (4).
كيف يمكن أن تساعد الطفل على اكتساب ثقته بنفسه؟
إن تعزيز وغرس الثقة بالنفس للأطفال من الواجبات الأساسية لكلا من الوالدين، فمن أعظم ما يمكن أن تقدمه لطفلك هو تقديره لذاته، فالأطفال الذين لديهم الثقة بالنفس وقوة الشخصية يمكنهم التطور أكثر وزيادة إنتاجيتهم.
فالأطفال الذين لديهم ثقة بالنفس يشعرون بالسعادة والحب، وتزيد إنتاجيتهم ويتطورون أسرع ممن لا يشعرون بنفس مقدار الثقة بالنفس.
لذا فمفهوم الثقة بالنفس مفهوم نفسي يتطور عند الأطفال بفعل الخبرة والممارسة والإدراك، ويتطور لديهم نتيجةً لوعي الوالدين بمفهوم الثقة وأدواتها وكيفية زرعها في النفس، وكذلك يتم اكتسابها بالنموذج والقدوة من الوالدين والمحيطين، فكلما كان المربي أكثر ثقة كان قبول الطفل لسلوك الثقة بالنفس أكبر، كما أن ارتفاع منسوب الرضا والقناعة بالذات، مع إحساس الطفل بذلك في قلبه، وانعكاس ذلك إيجابيًا على تحكمه بسلوكياته مع نفسه وأقرانه والآخرين.
1- منذ البداية المبكرة، الرضيع الجائع بحاجة للشعور بأن أحدًا يستجيب إليه، لا فقط بحاجة للطعام، فإذا كانت استجابة الأم غير مرضية، تتغيب عنه كثيرًا، تمتنع عن إرضاعه ليعتاد أن ينام طوال الليل، تتركه يصرخ لفترات طويلة.... ينشأ هذا الطفل مفتقدًا الإحساس بالأمان، شاعرًا أنه ليس ذو قيمة، لا يشكّل أي أهمية لأي شخص، لا يستحق الاستجابة، باختصار، ينشأ فاقدا للثقة في نفسه.
2- على الأم أن تمنح الطفل حبًا غير مشروط: هل تربطي حبك بالقيام بأي إنجاز أو بصفة ما فيه؟ هل تقولين له ذاكر عشان أحبك أولو خلصت الطبق ها حبك؟ عليك أن تتوقفي فورًا عن هذه العبارات إذا كنت تستخدمينها، واحرصي أن يفهم الطفل أنك تحبينه لأنه ابنك، فقط، لا لأنه مهذب أو متفوق أو ينهى طعامه! لا تبتزي الطفل عاطفيًا بربط حبك له بأي شيء مهما كان، فشعور الطفل بأن أمه تحبه من أهم دعائم الثقة بالنفس.
3- تجنب النقد: إذا استمرت الأم في وصف ابنها بالكسول أو المزعج أو الممل، هل تتوقع أنه سيرى نفسه يومًا ما بشكل إيجابي؟! هذه الأوصاف السيئة، والعبارات الجارحة الأخرى مثل ألا تخجل من نفسك أو لقد خاب أملى فيك، تشعره بأنه فاشل أو سيء، بدلًا من الكلمات والأوصاف الجارحة، انقدي السلوك الذي لا يعجبك ولكن لا تنتقدي شخص الطفل، قدر الإمكان لا تستعملي عبارة أنت كذا ... يمكنك أيضًا أن ترى الأمر من زاوية مختلفة، هل ابنك خجول أم أنه فقط لا يكثر الحديث؟ هل هو مخرّب أم فقط طفل فضولي طبيعي؟ هل يكذب أم أنه لم يصل بعد للسن التي يدرك فيها الفرق بين الخيال والحقيقة؟
4- لا تفعلي ما يجب عليه هو القيام به نيابة عنه، إذا فعلت ذلك فهذه طريقة لتدريبه على عدم المحاولة وعدم القيام بمسئولياته، كما أنك ترسلين له برسالة مفادها أنه غير كفء وأنك لا بد أن تتدخلي لتعينيه، وأنه غير قادر على حل مشاكله بنفسه، أيضًا لا تتدخلي لمساعدته أوحل مشاكله إلا عند الضرورة، الأهل الذين يعتبرون المدرّسة هي المخطئة إذا حصل الطفل على تقديرات ضعيفة، والذين ينبرون للدفاع عنه إذا ما تشاجر مع أصدقائه يزيدون من شعور الطفل بعدم الكفاءة.
5- كلّفيه بمسئوليات: الطفل يحتاج لأن يتولى بعض المسئوليات، إنه يحتاج أن يشعر أننا نثق به، نكلفه بعمل، أنه يقوم به بشكل مرض، وأن هذا العمل مفيد أو نافع للأسرة، هكذا يشعر الطفل بأهميته وقيمته وقدرته على المساعدة وكفاءته.
6- وفِّري له فرص للإنجاز، تحديات جديدة، خبرات، تجارب، تنمية مهارات، ألعاب رياضية، مسابقات علمية، امنحيه الفرصة ليشعر بإنجازات حقيقية (5).
7- تخصيص وقت للعب مع الأطفال: إذ إنّ الوقت الذي يمضيه الآباء مع أطفالهم يُعزّز لديهم مدى قيمتهم في نظر الآباء، إلى جانب كون اللعب معهم يُساعد على تقريبهم من بعضهم البعض عبر مُشاركتهم الألعاب بتركيز واستمتاع كاملين، ولا يُمكن تغافل دور اللعب الكبير في التعلّم.
8- تكليف الأطفال بالمهام البسيطة: إذ تُساعد هذه الطريقة على منح الأطفال فرصة لاستغلال المهارات التي يمتلكونها، إلى جانب شعورهم بالإنجاز وبمدى أهميتهم وفائدتهم، ومن أبرز المهام التي يُمكن تكليفهم بها هي الأعمال المنزليّة المتمثّلة في: الكنس، وترتيب الألعاب، وطيّ الغسيل، ومسح الغبار، وغسيل السيارة.
9- إعارة الأطفال الانتباه الكامل: حيث يُعزّز هذا من شعور الطفل بالرضا من نفسه، إلى جانب شعوره بقيمته وأهميّته لدى الآباء، ويتمّ ذلك عبر اتباع عدّة ممارسات منها: التواصل البصري معه، والإصغاء له عند تعبيره عن أفكاره مشاعره وآرائه، ومساعدته على قبول نفسه، ومشاركته بعض المشاعر الخاصة لمنحه الثقة.
10- تشجيع الطفل: إنّ تشجيع الطفل على جهده المبذول حتّى دون إتمامه لمهمّةٍ ما يُعزّز لديه الشعور بالرضا عن النفس، ويُحفّزه نحو التقدّم، ويُشار إلى أهمية عدم المبالغة في الثناء والمدح.
11- الابتعاد عن فرض السيطرة: حيث يتمّ هذا من خلال مساعدة الطفل على تطوير مهاراته وتنميتها، ممّا يُشعره بدعم الآباء له، ويدفعه للإنجاز الذي يبني ثقته بنفسه، بعيدًا عن أيّة ممارسات من شأنها فرض السيطرة والإجبار على الطفل.
12- دعم الإنجاز دون اشتراط الكمال: إذ يُنمّي هذا من ثقة الطفل بنفسه، ويُشجّعه على التمرين الذي يُحسّن من مهاراته، دون تدخّل مستمر قد يُقلّل من ثقته بمهاراته وبنفسه.
13- تنمية ثقة الآباء بأنفسهم: إذ ينصح بتنمية ثقة الآباء بأنفسهم، حيث يُعتبر الآباء القدوة الأولى لأطفالهم؛ لذا تُعدّ ثقة الآباء بأنفسهم، تمهيداً لثقة اطفالهم بأنفسهم أيضًا، وذلك من خلال الوعي في التعامل مع مشاكلهم الخاصّة، وفي مواجهة العيوب والخيبات ومدى تقبّل النفس بشكل كامل، مع تقديم الثناء والدعم الكامل للذات.
14- القبول والثناء ضمن الحدود: إذ لا بدّ من مراعاة الوالدين للواقعيّة في ردود الفعل على تصرفات الأبناء وكفاءاتهم، من ثناء ومديح وغيرها من الردود الإيجابيّة، لتعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم، وهذا ما نصح به، إلى جانب كون الثناءات المستمرة التي لا مبرّر لها قد تدفعهم لتجاوز الحدود، ويشير الكاتب جيم تايلور إلى أنّ الثناء الزائد على الأطفال يؤدّي إلى انخفاض جودة أدائهم كما يُثنيهم عن التعلّم المستمر.
15- الابتعاد عن التدخّل السريع: يحتاج الطفل للتدريب والممارسة لتعلّم مهارة مواجهة العقبات والتغلّب عليها، وبالتالي فإنّ تقديم المساعدة في وقت مُبكّر قد يُعيق من قدرته على اكتساب مهارة التصرّف الملائم لحلّ المشكلات، إذ ينصح، بالتريّث في تقديم المساعدة وانتظار الطفل حتّى يُحاول حلّ مُشكلاته بنفسه، ممّا يدفعه نحو التفكير بوعي واكتشاف الذات.
16- تعليم الطفل ذي السنوات الأولى الثقة بالنفس: تبدأ عملية تعليم الأطفال الثقة بأنفسهم بدءًا من السنوات الأولى في عُمرهم، إذ يُصاحب ثقتهم بأنفسهم شعور بالأمان يدفعهم نحو تطوير ثقتهم بأنفسهم، إلى جانب قدرتهم على الاكتشاف والحريّة في التعلّم؛ وذلك بسبب تأكّدهم من امتلاكهم قاعدة آمنة من الثقة بالنفس للجوء إليها عند الحاجة، كما تُساعد الثقة بأنفسهم على تسهيل انخراطهم في المواقف الجماعيّة، مثل مرحلة المدرسة وما يليها بكلّ أريحيّة، ومن أفضل أساليب تعليم الطفل الثقة بنفسه في مراحل عمره الأولى ما يأتي:
17- مُساعدة الطفل على الرضا عن نفسه والإيمان بقدراته: يتمّ هذا عبر الاستجابة لاحتياجاته، وغمره بالحب والعاطفة، وإشعاره بالتقدير، إذ إنّ الطفل يؤمن بقدراته عند نجاحه في إتمام مهمّة ما، وملاحظته لردّة فعل إيجابيّة من الآباء؛ مثل تكرار عبارات على غرار أنت جيّد، أنا أستمتع بصحبتك، وغيرها.
18- مُساعدة الطفل على حلّ المشاكل: وذلك من خلال تقديم الدعم اللازم لإتمامه مهمّة ما، سواء كان دعمًا جسديًا أو عاطفيًّا، عوضًا عن إتمامها من أجله، ثمّ مشاركته الابتهاج عند نجاحه.
19- تشكيل نموذج وقدوة حسنة: إذ إنّ الطفل يتعلّم من الوالدين ردّ الفعل تجاه المواقف المُختلفة، وخاصّة في المواقف الجديدة، مثل دخول مكان جديد أو التعرّف على شخص جديد، إذ يُشاهد الأطفال ردّ فعل الآباء ليشعروا بالأمان إزاء ذلك، كما يُساعد هدوء الوالدين في مواجهة مُشكلة ما والمُثابرة وعدم الاستسلام على إظهار الطريقة والسلوك الأمثل للأطفال للتعامل مع ما يواجههم من تحديات (6).
20- الاقتداء بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا أنس رضي الله عنه يخدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين متوالية، فيصف تربية الرسول صلى الله عليه وسلم له: فما كان يقول لي لشيء فعلته لِمَ فعلته، وما لشيء لم أفعله لِمَ لم تفعله.
عن أنس رضي الله عنه قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما أمرني بأمر فتوانيت عنه أو ضيعته فلامني، فإن لامني أحد من أهل بيته إلا قال دعوه فلو قدر أو قال لو قضى أن يكون كان (7).
أخيرًا: ينبغي رفع الروح المعنوية للطفل عن طريق تزويده بخبرات هادفة، مثل أن نشركه في عمل خيري أو أعمال تطوعية على قدر طاقته، أو يمارس رياضة أو هواية معينة.
ومن صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمر على الأطفال، فيلقي عليهم تحية الإسلام، كما يسلم على الكبار.
وحديث أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: «يا أبا عمير ما فعل النغير؟» (8)، والنغير طائر صغير مات لهذا الطفل، وقد تعود الناس أن موت طائر صغير لصبي ليس بالحديث الذي يشغل الناس، ولكن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أدرك أن هذا حدث جليل لدى الطفل فقرر مواساته (9).
----------
(1) دروس الشيخ سعد البريك (150/ 2)، بترقيم الشاملة آليًا.
(2) بناء الثقة بالنفس لدى الأطفال/ البيان.
(3) المصدر السابق.
(4) أسباب ضعف الثقة بالنفس لدي الأطفال – سينوغرافيا.
(5) كيف تنمين ثقة ابنك بنفسه؟ مدونة تنمية.
(6) كيف تعلم طفلك الثقة بالنفس/ موضوع.
(7) أخرجه أحمد (13419).
(8) أخرجه البخاري (6129).
(9) دروس الشيخ سعد البريك (150/ 2)، بترقيم الشاملة آليًا.