الضغط الإيجابي على الأبناء
تربية الأطفال ليس بالأمر السهل، فإما أن تكون صحيحة وسليمة، وإما أن تكون فاشلة تنتج عنها سلبيات بسبب عدم قدرة الوالدين على تأدية واجبهما على أكمل وجه.
والطفل الإيجابي هو الذي يمتلك توازنًا داخليًّا وخارجيًّا، ولديه القدرة في التحكم بعواطفه ونوباته العصبية كالغضب والفرح، بالإضافة إلى أنه الطفل الذي يتمتع بالمرونة في التعامل والفكر السليم، مشيرًا إلى أن الأطفال في الأصل يتمتعون بصفة إيجابية منذ ولادتهم، وهذا ما أكده حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة» (1).
دعنا نتفق على أن أي طفل يولد كصفحة بيضاء؛ بل ناصعة البياض، وتنقسم سماته الشخصية فجزء منها هي جينات متوارثة من العائلة، والجزء الأكبر تكون سمات مكتسبة من خلال المعاملة، والبيئة المحيطة به، والتنشئة الاجتماعية، وغيرها، وبالتالي فإن الطفل في السنوات الأولى من عمره يكون إيجابيًّا ومتفائلًا؛ حيث إنه لا يعرف السيئ والقبيح والخطأ، وبهذا فإن مهمة الآباء تنحصر في تنمية هذه الصفات الإيجابية، وإلا فسوف تُقتل في داخله هذه الإيجابية الجميلة، وربما هذا الصدد يدلل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة» (2).
الأسر تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الأسر المنغلقة، وهي التي لا تحبذ التفكير والتجارِب والاختلاط، تسير على قواعد متوارثة، والنوع الثاني: الأسر الديمقراطية، وهي التي ترحب بالمبادرات الجديدة، وتعطي مساحة لأبنائها في التفكير والتعامل والكثير من الحرية، أما النوع الثالث: فهي الأسر المتسيبة، وهي التي تختفي فيها الأدوار، مع عدم وضوح منظومة القيم داخل الأسرة، والقواعد بداخلها متسيبة نوعًا ما، وهذه النوعية من الأسر لا تنشئ طفلًا إيجابيًّا، وبالتالي فإن الأسرة هي التي تقود وتشجع الطفل على المبادرة الإيجابية، ورد فعل الأسرة نفسها تجاه مواقف الطفل الإيجابية هي التي تجعله يستمر في هذا المسار الإيجابي طيلة حياته (3).
علينا تعلم كيفية الاستماع للطفل وترك المساحة له للتعبير عن حاجاته، وتعلم الاسترخاء للوصول إلى الحوار والابتعاد عن المعاملة السلبية للطفل، فضلًا عن الانتباه للكلمات التي تقال له.
ونستعرض بعض أساليب التربية الإيجابية وكيفية استخدامها مع الطفل، ومنها:
1- أسلوب احترام شخصية الطفل والسلطة الحازمة:
تهدف أساليب التربية الإيجابية إلى تركيز الانتباه على سلوكيات الطفل الحسنة، ومن أمثلة سلوكيات الطفل الحسنة؛ أن يرتدي ملابسه وحده، وأن يتعاون مع أخيه، ويجمع ألعابه، ويساعد أمه في ترتيب غرفته.. ومن أمثلة سلوكيات الطفل المزعجة أو غير المحتملة، البكاء، والتشاجر مع الإخوة، والصراخ، ورفض ارتداء الملابس، ونوبات الغضب.
2- أسلوب الثناء والمدح والابتعاد عن العقاب والصراخ:
على الآباء اختيار الكلمات المناسبة وغير الغاضبة التي لا تلحق بالأطفال أذى عاطفيًّا أو معنويًّا، ولا تقلل من ثقتهم بأنفسهم، بل تعزز إيمانهم بقدراتهم وقيمهم الذاتية.
3- أسلوب تقديم الخيارات المتعددة:
معظم الآباء والأمهات اعتادوا استخدام أساليب التوبيخ والانتقاد والصراخ لتصحيح أخطاء أطفالهم، أما أساليب الثناء والتشجيع للأعمال الجيدة فإنها تبدو غير مألوفة لديهم، فليس من السهل عليهم جعل الثناء عادة يومية رغم بساطته، لأهميته في دفع الطفل لتكرار الأعمال الجيدة.
4- أسلوب وضع الحدود:
وضع الحدود الواضحة يشعر الطفل بالأمان، فلا تخرج الأمور عن نطاق السيطرة.
5- التربية بالثواب والعقاب:
في حال قيام الطفل بسلوك حميد يقرر الوالدان إعطاء الثواب له كحلوى أو التنزه أو شراء لعبة، وفي حالة قيامه بسلوك خاطئ يتم حرمانه من شيء يحبه كثيرًا أو بعدم خروجه، كنوع من العقاب، على سبيل المثال: أخبر طفلك أنه إذا لم يلتقط ألعابه من على الأرض، فسوف تقوم بإخفائها في مكان بعيد عنه طوال اليوم ولن يستطيع اللعب بها، ولا تنس متابعة الأمر، هل التقطها أم لم يهتم؟ ثم لا تستسلم وتتراجع عن قرارك إذا قرر طفلك التقاطها بعد فوات الأوان.
6- تحدث مع طفلك واستمع له:
الإنصات لمشاكل الصغير وتعليمه مهارات حل المشاكل، والتعاون معه عن طريق طرح الأسئلة لإيجاد حلول لمشكلته.
7- علّمْ طفلك الفرق بين الصواب والخطأ:
هذا الأمر يرسخ لديه الثقة بقدرته على تجاوز الأزمات على المدى البعيد (4).
مبادئ تبني شخصية الطفل:
أهم المبادئ التي تبني شخصية الطفل الصغير، ومنها:
- الاحترام المتبادل المبني على اللطف والحزم: فالأطفال يرتاحون أكثر في البيئة التي تحكمها قوانين ومبادئ واضحة يحترمها الجميع، ومن أهم مسببات الاحترام ثقافة الاعتذار من الأبوين عند الخطأ، وأهم ما يوضح هذا المبدأ كما تقول نيلسن هو مقولة: "أنا أحبك، ولكن لا"، وذلك ردًّا على رغبة الطفل في فعل تصرف غير مناسب.
- التشجيع بدل المدح: التشجيع أحد وسائل التهذيب القيّمة جدًا، والمقصود هنا تشجيع الفعل الحسن لا مدح الطفل، كأن تقول: لقد أصبحت ماهرًا في حل هذه المسألة، لا أن تقول له: أنت عبقري.
- العواقب لا العقاب: أسلوب "العاقبة" من أنجح طرق التهذيب، وهو أن نجعل لكل تصرف خاطئ عاقبة تتناسب معه هي بمثابة نتيجة مباشرة ومنطقية له، كأن تكون عاقبة إساءة استخدام الألعاب (تكسيرها مثلًا) هو أخذها بعيدًا مع الإشارة لأسباب هذا التصرف من الأم/الأب، وأن تخبره أنها متاحة حين يود استخدامها استخدامًا جيدًا، بدلًا من العقاب البدني أو اللفظي أو حتى النفسي، كالتجاهل أو وضع الطفل في ركن العقاب، فكل هذه الطرق تفاقم الأمور وتنتج شخصية مشوهة ساخطة أو متمردة أو منسحبة أو ترغب بالانتقام، وكلها نتائج سلبية لا يود الوالدان الوصول لها بالطبع.
مهارات ضرورية للأطفال:
الطفل سيئ السلوك هو طفل ينقصه التشجيع، فهناك عوامل أخرى تساعد في جعل شعور الطفل جيدًا، مثل تقدير أفكاره وشكره على مجهوداته، واجتماعات الأسرة الدورية والاجتماعات الخاصة بالطفل التي تناقش ما يمر به الطفل ويشغل فكره.
فبيئة التربية الإيجابية ينتج عنها تعليم الطفل مهارات الحياة والمهارات الاجتماعية لبناء شخصية سوية وفعالة، تتميز بالاحترام وحل المشكلات والاستقلالية والتعاون ومراعاة شعور الآخرين، وهي مهارات تصنع مناخًا جيدًا يشعر فيه الطفل بأهميته كفرد فاعل مؤثر ومشارك فيما حوله.
أهم خمسة أساليب حديثة للتربية الإيجابية:
إليك أهم خمسة أساليب للتربية الإيجابية والتي يمكن استخدامها في تربية الأطفال:
- الوصول إلى أساس السلوك، لأن هنالك دائمًا حافزًا أساسيًا يدفع الطفل إلى السلوك التخريبي أو الخاطئ، لذلك على الأهل معرفة السبب الرئيسي وراء هذا السلوك العدواني، وبمجرد حل المشكلة، يمكن تجنب ردة الفعل غير المرغوبة من الطفل.
- الحرص على الحفاظ على روتين منتظم في المنزل بشكل منسق وجدي، فإذا كان من المتوقع أن يقوم الأطفال بترتيب أَسِرتهم وارتداء ملابسهم وتنظيف أسنانهم كل صباح قبل تناول الإفطار، فيجب الحرص على هذا الروتين كل يوم.
- ركز على ما يمكن التحكم به: بدلًا من القول من أن طفلي هو طفل سيئ التصرف يمكن النظر إليه بأنه صغير لم يتم تعليمه بطريقة صحيحة وسليمة للتصرف بشكل مناسب في موقف معين، لذلك على الأمهات والآباء أن يكونوا أكثر استعدادًا للتعامل مع هذا السلوك السيئ.
- الانضباط – لا تعاقب: يجب التركيز أكثر على تعليم أطفالنا الطرق المناسبة لحسن السلوك، دون استخدام العقاب باللوم أو العقاب أو التجريح، ليكونوا شبابًا مميزين قادرين على مواجهة صعاب الحياة بإيجابية. ويجب أن نعلم أطفالنا الاستماع دون إزعاج أو صراخ، مع القليل من المجهود الشخصي من الأهل (5).
سبل أكثر إيجابية لتأديب الأطفال:
كلما اهتممنا بأطفالنا وحاولنا أن نفهمهم أكثر، استمعنا إليهم وتحدثنا معهم بطريقة ودية ولطيفة، وانعكس بالتالي بشكل إيجابي على صحتهم العقلية في المستقبل.
في حين توجد سبل أكثر إيجابية لتأديب الأطفال، والضرب أمر خاطئ ولن يجدي نفعًا، فأسلوب الحزم والعطف معًا من أفضل الوسائل التي اعتمدتها مع أبنائي الثلاثة، واستطعت ضبط سلوكياتهم بعدم الصراخ والغضب، وعدم استخدام التهديد الدائم مع التركيز على الحوار والتشجيع والثناء.
إن الصغير يحاول الاعتماد على نفسه ليرتدي ملابسه، أثناء قيامه بذلك نثني عليه بعد ارتدائه بنطاله، ثم قميصه، ثم حذاءه، فهذا التشجيع يدفعه ليصبح أكثر تعاونًا وحماسًا.
ومن الضروري جدًّا إظهار مشاعر الحب لكل الأبناء وعدم الوقوع في خطأ عدم المساواة بين الأبناء، لأن ذلك سيولد حالة من الغيرة وحتى من الكراهية بين الإخوة.
لا لتدليل الطفل الزائد:
الافراط في تدليل الطفل يجعله يميل للعناد والصراخ أحيانًا للحصول على ما يريد، ولن نتمكن من تعويده على النظام في غرفته الخاصة كي يجمع ألعابه بنفسه بعد الانتهاء من اللعب، وغالبًا ما يكون هو السبب في الفوضى ولن نجعله قادرًا على تحمل نتائج أفعاله.
الضغط الإيجابي:
يعد تفوق الأبناء الدراسي هو الهدف الأساسي الذي يشغل بال الآباء باستمرار، ولذلك يلجأ الكثيرون إلى اتباع سياسة الضغط على الأبناء إذا تهاونوا في أداء واجباتهم المدرسية أو الانتهاء من مذاكرة دروسهم كما ينبغي خاصة في فترة الامتحانات، ورغم أن الدراسات التربوية والنفسية تؤكد على أن اتباع طرق الضغط على الأبناء لتأدية عمل ما قد لا يأتي برد فعل إيجابي في معظم الحالات لأسباب متعددة؛ إلا أننا نجد أنفسنا نمارس عليهم دون وعي الضغط باستمرار للوصول بهم إلى أعلى مستوى من الإنجاز والتفوق الذي نحلم لهم به.. فكيف نأتي من هذا الضغط بمردود إيجابي ونتجنب آثاره السلبية؟
قيمة العلم:
يجب أن نغرس في أبنائنا أهمية العلم كقيمة، مع مراعاة التوازن بين ممارسة الضغط على الأبناء للمذاكرة وأداء التكاليف، وعدم الإلحاح خوفًا من تأثيره السلبي عليهم كأن يكرهوا المذاكرة وينفروا من التعلم، فكلا الأسلوبين خطأ من الناحية التربوية، ولكن علينا أن ندرك دورنا وواجبنا تجاه قدرات أبنائنا ونعمل على تدعيمها بقدر المستطاع حتى يصلوا إلى التفوق المنشود.
ونبين أن تحديد الأولويات غاية في الأهمية لتحقيق، وتعد شهور المذاكرة في حياة الأبناء من الأولويات، فلا يمكن التراخي والتكاسل فيها بحجة أننا لا نريد الضغط عليهم، فالمذاكرة هي أولويتهم في مرحلة الدراسة من عمرهم ولا يمكن إهمالها، ومن المهم أن نبين لهم أن جزء كبير من إنفاق الأسرة يذهب للتعليم لما له من أهمية في تكوين شخصياتهم وبناء مستقبلهم مما يصب في مصلحة بلادهم.
الممارسة السليمة إنجاح للفكرة:
ونشير إلى أهمية اتباع أسلوب الضغط الإيجابي على الأبناء منذ الصغر للمثابرة على العمل الجاد الذي يعد قيمة كبيرة في حد ذاته، وإذا كان معظم الآباء يتبعون هذا الأسلوب مع أبنائهم إلا أنهم يفتقدون المهارات التربوية اللازمة لإنجاحه؛ فمن المهم أن نضغط على أبنائنا منذ وقت مبكر، ولكن الأهم هو كيف نمارس هذا الضغط بشكل تربوي ونفسي سليم ليأتي بالفائدة.
وسر نجاح وتقدم النموذج الياباني باتباع ثقافة الضغط الإيجابي على الأطفال منذ الصغر وتهيئتهم للعمل الجاد والتفكير والابداع والابتكار في سنوات عمرهم الأولى من خلال فترة التعليم قبل الأكاديمي أو الحضانة، على عكس النموذج الأمريكي الذي يعتني باللعب والمرح والتخفيف من تكليف الطفل خلال نفس المرحلة مبررًا ذلك بعدم الضغط عليه.
إننا نتعامل مع أولادنا في البيت والمدرسة ونحن أقرب ما نكون إلى النموذج الياباني حيث يتم تكليف الأطفال في الحضانة بواجبات وأعمال كثيرة، ولكننا للأسف نمارس ثقافة الضغط هذه بأسلوب غير علمي لذلك لا نحرز الهدف المقصود.
لذا من المهم ضبط هذه الممارسة عن طريق تحديد اتجاهات وأسلوب معاملة الأبناء، ليس فقط أثناء فترة الامتحانات؛ ولكن خلال مراحلهم العمرية المختلفة، وذلك بالإجابة على أسئلة: “ماذا أفعل ولماذا وأين ومتى وكيف” مع كل طفل على حده.
أما عن أسلوب الضغط فيتمثل في التحفيز أولًا بالطرق المختلفة كي يدركوا قيمة العلم وأهمية التعلم والانجاز والتفوق الدراسي، وكيف يمكن تحقيق ذلك عن طريق اتقانهم لمهارات الاستذكار، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار وجود الفروق الفردية بينهم، ومعرفة خصائص كل مرحلة عمرية، وأي الطرق تصلح لاستيعابها، وذلك بتنمية ثقافتنا نحن التربوية التي نفتقدها كآباء.
الثقافة التربوية:
هي معرفة الصواب من الخطأ في أسلوب التعامل مع الأبناء، وأن يكون لدينا اتقان للمهارات التربوية مع كل طفل حسب سنه وقدراته ومهاراته وحالته المزاجية والنفسية والصحية التي تميزه عن باقي إخوته، ومن ثم محاولة الوصول إلى عناصر النجاح والتفوق الدراسي التي لم تعد تدعمها المدارس بشكل كبير، ولا بد أن تدرك الأم أنماط التعلم المختلفة وأنواع الذكاءات المتعددة التي يتمتع بها الأبناء، وتعرف نقاط القوة والضعف في كل منهم حتى يتسنى لها إعداد شخصية قوية بأسلوب تربوي سليم.
إننا نجرب في أبنائنا كل شيء دون أن نتكلف عناء قراءة كتيب التعليمات الخاص بهم –خصائصهم العمرية ونفسيتهم- فهم أمانة في أعناقنا يجب أن نحافظ عليها ونتعامل معهم بإنسانية ترتقي بهم (6).
إن جميع الأطفال في المنزل يتعلمون من أفعالنا، وليس من أقوالنا، وبالتالي فإن أفضل طريقة يتعلم بها الطفل أن يكون إيجابيًّا هو عن طريق نقل هذه الصفة من الآباء تباعًا إلى أولادهم، وهذا لن يتحقق إلا إذا تمتع الآباء بسمات وصفات إيجابية، فالطفل عادة يقوم بتصوير كل حركة يقوم بها الأب والأم وإخوته، ويقوم بحفظها داخل عقله؛ وعليها يقوم بالتصرف في المستقبل؛ ولذلك يجب أن يرى الطفل هذه الإيجابية في آبائه، أما عن دور الأم، فهو الدور الأهم على الإطلاق في بناء شخصية الطفل الإيجابية منذ صغره، ويختلف دور الأم باختلاف أنماط الأسر التي تحدثنا عنها سابقًا، فإذا وضعت الأم قائمة من القواعد والممنوعات والأمور الكثيرة التي تحد من حركة الطفل في المنزل، أو إذا كانت الأم من النوع كثير الانتقاد، أو النوع الذي عنده الحماية الزائدة على الطفل بحيث لا تجعله يفكر كثيرًا أو يغامر في شيء ما، فإن هذا النمط أو الشكل لا يعطي ناتجًا إيجابيًّا في نهاية الأمر؛ لأن الطفل بالتأكيد يحتاج إلى مساحة حتى يصبح إيجابيًّا، وهنا يأتي دور الأم في إعطاء الطفل مساحة من الحرية للتعبير عن مشاعره وتجربة كل شيء، بالإضافة إلى تنمية المبادرات الصغيرة التي يفعلها الطفل من تلقاء نفسه بتَكرار الفعل أمامه، لا بالشرح؛ حتى يستمر عليها وتكتمل السمة الإيجابية لدى الطفل.
بعض السلوكيات الأسرية التي تترك أثرًا إيجابيًّا، وتُسهم في بناء شخصية إيجابية للطفل:
هناك عشرات السلوكيات الأسرية في اليوم الواحد من شأنها أن تترك أثرًا إيجابيًّا لدى الطفل، والتي يغفلها الوالدان إغفالًا تامًّا، وتلك السلوكيات الأسرية تتمثل في تكوين اتجاهات إيجابية لدى الطفل، والاتجاه هو المكون الأساسي الذي ينمي شخصية مبادِرة، وشخصية إيجابية، وشخصية مبدعة، وحتى نكوِّن اتجاهًا لدى الطفل يجب أن نركز على ثلاثة جوانب هامة:
أولًا: الجانب المعرفي: بمعنى أنه يجب أن يحرص الآباء دائمًا على تنمية الجانب المعلوماتي؛ امتثالًا لقول الله عز وجل: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]، وعندما نتحدث عن الجانب المعرفي يجب أن نراعي الخصائص النهائية للمرحلة العلمية، ومرحلة الطفولة ليست هي مرحلة واحدة؛ وإنما هي عدة مراحل، فإدراك الوالدين بشكل عام بالمرحلة النهائية يجعلهم قادرين على الارتقاء المعرفي والثقافي والمعلوماتي الخاص بالطفل.
ثانيًا: الجانب الوجداني: بمعنى أنه يجب على الأسرة أن تعمل على تبني توجه إيجابي لدى الأطفال لتنمية الجوانب الوجدانية، والتي تتمثل في غرس المبادئ والقيم، وهذه المبادئ والقيم هي محركات سلوكية نحو القيم كالأمانة والإخلاص والتفاني، كل هذه المعاني الإيجابية والقيمية التي تعتبر محركات سلوكية لها جوانب هامة في تكوين السلوكيات الأسرية الإيجابية لدى الطفل.
ثالثًا: الجانب الثالث: وهو المكون السلوكي بمعنى التطبيقي، فيجب على الآباء التركيز على هذا المكون الأخير؛ لأنه حصيلة المكونين ال سابقين المعرفي والوجداني، وخاصة أننا نتحدث عن فئة الطفولة، وفئة الطفولة ربما لا تستوعب كثيرًا الجانب المعرفي والوجداني، فيكون الجانب التطبيقي هو الذي يلمس الطفل؛ لأن التطبيق معناه محاكاة ما يحدث في الواقع للطفل.
أخيرًا:
يجب على الآباء استغلال كل تصرف أو سلوك يقوم به الطفل وتحويله إلى سلوك إيجابيٍّ، فعلى سبيل المثال في مرحلة الطفولة المبكرة، والتي تبدأ عند الطفل من سن الثانية عشرة من عمره، فيبدأ الطفل بالكذب على أمه طوال الوقت، في هذا التوقيت لا يجب على الأم انتقاد تصرفات هذا الطفل بسبب كذبه، ولكن يجب عليها تعزيز الثقة بالنفس لدى الطفل، وتحويل تلك الظاهرة السيئة إلى ظاهرة إيجابية صحيحة من خلال زرع قيمةِ وأهمية الصدق في نفسية الابن؛ لأنه إذا تعاملت الأم بطريقة خاطئة مع الأمر فيتعقد الأمر شيئًا فشيًا، وبالتالي لن تستطيع التعامل مع الابن بعد ذلك (7).
-----------
(1) أخرجه البخاري (1385).
(2) نفس المصدر.
(3) دور الأسرة في تربية الطفل الإيجابي/ المجالس العلمية الألوكة.
(4) أهم أساليب التربية الإيجابية غير المباشرة/ موقع الجزيرة نت.
(5) المصدر السابق.
(6) هل يؤدي الضغط الإيجابي على الأبناء إلى التفوق؟ إسلام أون لاين.
(7) دور الأسرة في تربية الطفل الإيجابي/ المجالس العلمية الألوكة.