logo

تواصل الزوجان، وترجمة الكلام


بتاريخ : الخميس ، 16 جمادى الأول ، 1437 الموافق 25 فبراير 2016
بقلم : تيار الاصلاح
تواصل الزوجان، وترجمة الكلام

الحياة الزوجية تتكون من الرجل والمرأة، ولكي تستمر الحياة فلا بد من التواصل بين الرجل والمرأة؛ حتى يحدث التفاهم والتناغم بينهما، لكن الواقع أن كثيرًا من العلاقات الزوجية يحدث فيها سوء فهم بين الأزواج؛ ذلك لأن كلًا من الرجل والمرأة له ترجمة خاصة لنفس العبارات والكلمات، وبالتالي يصبح من الأهمية بمكان أن يعرف كل شريك ترجمة معاني الكلمات والعبارات لدى الطرف الآخر، فهذا الأمر يزيل الغموض واللبس الذي قد يصيب بعض المواقف التي يقع فيها الزوجان، وكذلك يحفظهما من اللوم المتبادل بينهما، ومن خطر التعرض للنقد والذم، وبالتالي يصير الأمر إلى العراك والشجار، وتتولد حينها المشكلات.

إن تفهم كل من الزوج والزوجة للغة الطرف الآخر لا شك يقلل من الشجار والمشكلات المترتبة على ذلك؛ لأنه حتى لو كان لديهما نية طيبة في المصالحة وإرجاع الأمور إلى نصابها فإن الأمور غالبًا تصير نحو الأسوأ، فالمشكلة الأساسية ما زالت قائمة، وهي عدم تفهم كل منهما للغة حوار الآخر، وبالتالي فإن إرادة حسم المشكلات تفضي إلى مشكلات غيرها، وهكذا.

لذا كان لزامًا على كل من الزوجة والزوج أن يحاولا فهم كلام كل منهما، وخاصة وقت الجدال والنقاش والخصام، ففي مثل هذه الأوقات يكثر سوء فهم وترجمة كلمات وعبارات كل منهما.

وسنعرض لبعض المواقف التي تُفهم من خلال ترجمة خاطئة من كلا الزوجين:

"الموقف الأول: عودة الرجل إلى البيت متأخرًا:

السؤال التحقيقي للزوجة: كيف تتأخر هكذا؟، أو لماذا لم تتصل لتخبرني بأنك سوف تتأخر؟

يفهم الرجل كلامها كالتالي: لا يوجد سبب وجيه لتأخرك، إنك عديم المسئولية، إنني لا أتأخر هكذا أبدًا, فأنا خير منك.

يحاول هو شرح موقفه: لقد كان الطريق مزدحمًا بالسيارات، أو أحيانًا تظهر أمامك أمور لم تتوقعيها في الحياة.

فتفهم هي الكلام كالتالي: عليك ألَّا تنزعجي، فقد كان عندي سبب وجيه للتأخر، أو عملي أهم عندي منك ومن الأسرة.

كان يمكنها أن تكون أكثر تقديرًا له: إنني لا أحب أن أنتظرك عندما تتأخر, وينشغل ذهني، وكم يسرني لو تتصل وتخبرني في المرة القادمة.

يمكنه أن يحسن تقدير مشاعرها: لقد تأخرت, وأعتذر أنني أزعجتك، أو يمكنه فقط أن يستمع من غير تعليق أو محاولة تبرير أو تفسير.

الموقف الثاني: عندما ينسى الرجل القيام بعمل ما:

السؤال التحقيقي للزوجة: كيف نسيت هذا؟، أو إنك دومًا تنسى ما أطلبه منك.

فيفهم الرجل من كلامها: إنك حقًا أحمق, ولا يمكنني الاعتماد عليك أبدًا، إنك لا تهتم بي.

يحاول هو شرح موقفه: لقد كنت مشغولًا جدًا، ولم أذكر الأمر، أو لا تضخمي من الأمر البسيط.

فتفهم هي كلامه كالتالي: عليك ألا تنزعجي أو تقلقي من هذا الأمر التافه، أو كوني أكثر تفهمًا.

كان يمكنها أن تكون أكثر تقديرًا له: إنني أتألم عندما تنسى هذا، أو يسرني جدًا أن تحضر لي...

يمكنه أن يحسن تقدير مشاعرها: عفوًا لقد نسيت, هل أنت منزعجة جدًا؟، ومن ثم يتيح لها المجال للحديث عن مشاعرها دون مقاطعة.

الموقف الثالث: عندما يخرج الرجل من كهفه:

السؤال التحقيقي للزوجة: كيف يمكنك ألَّا تتجاوب معي, وتكون بارد العواطف، أو إنك تسكت ولا تعود تقول لي ماذا يشغل ذهنك.

فيفهم الرجل من كلامها: إنه لا يوجد سبب يبرر لك الصمت والابتعاد عني هكذا، أو إنك قاس معي ولا تحبني.

يحاول هو شرح موقفه: إنني بحاجة للاختلاء بنفسي لبعض الوقت، أو لماذا كل هذا الكلام وأنا لم أذهب سوى يومين؟

فتفهم هي كلامه كالتالي: عليك ألَّا تنزعجي من مثل هذا الأمر السخيف، أو إنك دومًا تلحين علي بالسؤال.

كان يمكنها أن تكون أكثر تقديرًا له: أعرف أنك تحتاج لبعض الوقت بمفردك, إلا أن هذا ما زال يؤلمني، أو لا أمانع أن تذهب، إلا أني أريدك أن تعرف بماذا أشعر.

يمكنه أن يحسن تقدير مشاعرها: أعلم أنك لا تحبين أن أبتعد عنك, وأنا أقدر هذا، أو أن يدعوها للجلوس والحديث في الأمر, ويحاول الاستماع لها.

ومن المهم تذكر أن كل المواقف السابقة تنطبق على الرجل كما هي تنطبق على المرأة كذلك" [التفاهم في الحياة الزوجية، د. مأمون مبيض، ص206-208].

إننا إذا ما دققنا النظر في هذه المواقف الواقعية، التي يمر بها أكثر الأزواج، نرى أن الزوج إنما يركز على صريح اللفظ وظاهره وترجمته الحرفية، بينما نرى الزوجة إنما تترجم الكلام من خلال مفهومه لا منطوقه، أي أنها تفهم الكلام بمشاعرها وأحاسيسها، فعندما تأخر زوجها في الرجوع إلى البيت أزعجها ذلك كثيرًا، وجعلها تشعر أنها غير مهمة عند زوجها لدرجة أنه يتأخر عنها كل هذه الساعات، في حين أن الزوج يرى أن الأمر أبسط من ذلك، حيث كان الطريق مزدحمًا، ليس إلا، لكن لما سألته زوجته عن كيفية تأخره هكذا، يشعر الزوج حينها بأن هذا التأخر كان أمرًا طفوليًا وغير مسئول، وهكذا، ثم تنشأ الخلافات والمشاجرات، ثم تكون المشكلات.

إذًا يجب على كل من الزوج والزوجة محاولة فهم وجهة نظر كل منهما، وفهم واستيعاب تصرف وسلوك كل منهما، ويجب عليهما أن يبذلا الجهد في ذلك، ولا يكفي هذا؛ بل يجب عليهما أن يحاولا تعديل سلوكياتهما، وذلك من خلال إدراك لغة كل منهما، وفهم ترجمة كلمات وعبارات شريك الحياة.

"إن أي أحمق يسعه أن يلوم، وأن يتهم، وأن ينتقد؛ بل هذا أغلب ما يفعله الحمقى، فدعنا بدلًا من أن نلوم الناس نحاول أن نفهم، وننتحل لهم الأعذار فيما فعلوا، فهذا أمنع من اللوم, وهو يعقب الشفقة، والرحمة، والاحتمال" [كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي، ص28].