تنمية مهارات القراءة لدى الأبناء
روى نضر بن الحارث قال: «سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: (قال لي أبي: يا بني، اطلب الحديث، فكلما سمعت حديثًا وحفظته فلك درهم)، فطلبت الحديث على هذا»(1).
ومهما يكن موقف المربين في هذا العصر من هذا التشجيع فإنه وسيلة مبدئية لحفظ الحديث ودراسته، إن كانت في نظر الطفل هي الغاية فإنها لا تلبث أن تصبح وسيلة إذا ما أَلِف حفظ الحديث، وتعطشت نفسه إليه، وتجسمت الغاية الأصلية أمامه، وعرف قيمتها، وقدر نفع الحديث، وعرف معناه، وأصبح من عشاقه، سواء انقطعت تلك الجوائز أم لم تنقطع.
والقراءة مفتاح الحياة الطيبة، والدليل على ذلك أن أول كلمة تلقاها النبي صلى الله عليه وسلم، وبدأ بها الوحي هي «اقرأ» من بين ملايين الكلمات، ومع نبي أمي لا يقرأ، كانت البداية بكلمة «اقرأ»، ومع رد النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يجيد القراءة: «ما أنا بقارئ» يتكرر الأمر وبنفس الكلمة: «اقرأ»، ومع اعتذار النبي صلى الله عليه وسلم للمرة الثالثة بأنه ليس بقارئ، يرد جبريل عليه السلام: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، لقد طلب منه القراءة قبل أن يخبره أنه نبي رسول، فكلمة «اقرأ» هي مفتاح الرسالة، وعنوان الأمة، ومنهج حياتها.
إن أفضل ميراث نتركه لأبنائنا هو علم جامع، وكتاب نافع، فكلنا نحفظ قوله صلى الله عليه وسلم: «إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثوا العلم، فمن أخذَ به أخذ بحظٍّ وافر»(2)، فالحظ الوافر لمن ورث عن والديه كتابًا نافعًا أخذ عن طريقه علمًا نافعًا.
إن توريث الكتب، بما فيها من علم، ينفع الأحياء والأموات على حد سواء، فأبناؤنا يقرءون، ومما في الكتب يتعلمون، ونحن في القبور يأتينا الثواب، ويؤكد ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له»(3)، فلعل الكتب التي تورثها ابنك من العلم الذي ينتفع به، وربما يعيرون الكتب لغيرهم فتكون صدقةً جارية، ومع تواصل استفادة أبنائك وغيرهم سيستغفرون الله لك، ويدعونه من أجلك، فتكون في عالم القبور وثوابك بين الناس موفور.
من الأمور المتفق عليها بين العديد من التربويين أن الجهود التي يبذلها الأطفال في تعلم القراءة في المراحل الأولى من حياتهم تتم في الأسرة، وتخطئ كثير من الأسر باعتقادها أن تعليم الأبناء القراءة يبدأ مع تعلم أبنائهم الأحرف والنطق بها؛ بل تبدأ عملية القراءة قبل ذلك بكثير، فالمفهوم السائد لدى كثير من الأسر، للأسف، أن تنمية حب القراءة عند الأطفال وربطهم بالكتاب هي مهمة المدرسة وحدها، ويجب الانتظار إلى حين وصول الطفل سن السادسة ودخوله المدرسة ومعرفته للحروف، ومن ثم يتعلم القراءة، ثم يرتبط بالكتاب، وهذا مفهوم خاطئ.
فالبحوث التربوية والنفسية أظهرت أهمية السنوات الخمس الأولى في بناء شخصية الطفل وتحديد أنماط سلوكه؛ مما يجعل أمر تربيته وتوجيهه شأنًا يستحق العناية والجهد والتفكير.
ويشير الدكتور صالح النصار: «هنالك كمًا هائلًا من البحوث العلمية التي تدعم وجهة النظر القائلة بأن اتصال الطفل بالكتب والمواد المطبوعة في البيت قبل التحاقه بالمدرسة لها تأثير كبير على نموه المعرفي بعد التحاقه بها»(4).
وإنه بالرغم من أن المدرسة تلعب دورًا هامًا في تنمية حب القراءة لدى الأطفال إلا أن الوالدين يجب أن يكونوا قدوة لأبنائهم، فإذا لم يكن البيت غنيًا ومفعمًا بالقراءة مملوءًا بالكتب، فإن ارتباط الأطفال بالقراءة سيكون احتمالًا ضعيفًا، وتعويد الأطفال القراءة يجب أن يبدأ مبكرًا، وقبل وقت طويل من التحاق الأطفال بالمدارس.
وقد خلصت كثير من الدراسات التربوية في العالم الغربي، التي أجريت لبيان أهمية البيت والوالدين في تعزيز مفهوم القراءة لدى الأبناء، أن البيت هو المعلم الأول للطفل في عالم اللغة المكتوبة، والوالدين هما المصدر الثري لتعلم الطفل، وتعريض الطفل لخبرات منزلية وبيئية واجتماعية متجددة، تبني لديهم حصيلةً لغويةً من الكلمات والجمل أكثر من أقرانهم ممن لا يتعرضون لمثل هذه الخبرات.
ومرحلة ما قبل المدرسة من أهم المراحل بالنسبة للطفل ليتعلم القراءة، من خلال تنمية حبه للكتب والقصص، ومن ذلك أن يقوم الأب بتدريب الطفل على قراءة القرآن أو إلحاقه بحلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد، وإجادة تلك القراءة مع فهم مبسط لمعاني ما يقرأ؛ لكي يتذوق القرآن ويفهم ما يقرأ(5).
وفي القرآن رصيد ضخم للمعارف بأنواعها؛ مما يفتح عقل الطفل ويزيد تعلقه بكتابه؛ ففي بعض سور القرآن؛ كسورة الفيل، والمسد، والشمس، قصص مبسطة وقصيرة تناسب الأطفال.
كما أن دور الأم دور حيوي وهام في تعليم الأطفال القراءة، وتنمية هذا الجانب لديهم.
ويمكن للأطفال أن يحبوا القراءة حتى قبل أن يتعلموها، فيزداد تعلق الأطفال بالقراءة إذا أصبح وقت القراءة وقتًا مفعمًا باللهو والمرح لهم، فمشاركة الأبناء في القراءة من أهم الوسائل في هذا السن لجعل الكتاب الصديق المحبب لأبنائنا، فيحبون النظر إليه والاطلاع عليه، فعندما يشعر الابن أن الكتاب نبع الحب والدفء مع الوالدين سيحرص على اقتنائه والمحافظة عليه، ومن ثم التعود على القراءة باعتبارها أمرًا أساسيًا في الحياة، ولأن الأطفال يتعلمون بطرائق مختلفة، فإن الأنشطة الممكن ممارستها سوف تختلف باختلاف نمط التعلم، ويجب على الوالدين ككل أن يعرفوا نمط وطرق تعلم الأبناء، وربما يلجئون لاستخدام أكثر من طريقة.
وأثبتت الدراسات والأبحاث أن مهارات القراءة التي يتم اكتسابها مبكرًا، ويثبت وجودها لدى أطفال الصف الأول الابتدائي هي نفسها التي يعود إليها ارتفاع درجات القراءة لدى طلاب الصف الثالث الثانوي.
وتركيزنا فيما سبق على دور المنزل والأسرة لا يعني، بأي حال من الأحوال، أن نغفل دور المجتمع، باختلاف مؤسساته، في تعزيز هذا الجانب، فالمدرسة لها دور أساسي لا يمكن تجاهله في تنمية مهارات القراءة لدى التلاميذ، وتُولي معظم نظم التعليم في الدول المتقدمة عناية كبيرة بتدريس القراءة في المرحلة الابتدائية بشكل خاص، وبقية المراحل بشكل عام.
كما أثبتت البحوث العلمية أن هناك ترابطًا مرتفعًا بين القدرة على القراءة والتقدم الدراسي، ومن أهم واجبات المدرسة تنمية عادة القراءة في نفوس التلاميذ، والإقبال عليها برغبة وشغف، وهذا الواجب يتطلب أن يكون هناك معلمون يحبون القراءة ويمارسونها؛ ليكونوا قدوة لطلابهم(6).
أهمية القراءة:
إن القراءة مهمة جدًا لتنمية ذكاء أطفالنا، وخير ما نستدل به على أهميتها أنها أول كلمة نزلت في القرآن الكريم (اقرأ)، قال الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (4)} [العلق:1-4].
وتعتبر القراءة الوسيلة الرئيسية لأن يستكشف الطفل البيئة من حوله، وهي الأسلوب الأمثل لتعزيز قدراته الإبداعية الذاتية، وتطوير ملكاته؛ استكمالًا للدور التعليمي للمدرسة، وهي مسألة حيوية بالغة الأهمية لتنمية ثقافة الطفل، فعندما نحبب الأطفال في القراءة نشجع، في الوقت نفسه، الإيجابية في الطفل، في البحث والتثقيف، ونفتح الأبواب أمامه نحو الفضول والاستطلاع، ونقلل مشاعر الوحدة والملل، ونخلق أمامه نماذج يتمثل أدوارها، وقد تغير القراءة في النهاية أسلوب حياة الطفل.
القراءة مهمة لحياة أطفالنا؛ فهي تدعم قدراته الإبداعية والابتكارية باستمرار، وهي تكسب الأطفال كذلك حب اللغة، واللغة ليست وسيلة تخاطب فحسب؛ بل هي أسلوب للتفكير.
تختلف الفائدة التي يجنيها الطفل من الكتاب الذي يقرأه حسب نوعه، فالكتاب العلمي، على سبيل المثال، لطفل المدرسة يمكن أن يعالج مفاهيم علمية عديدة تتطلبها مرحلة الطفولة، ويمكنه أن يحفز الطفل على التفكير العلمي، وأن يجري بنفسه تجارب علمية بسيطة، كما أن الكتاب العلمي هو وسيلة لأن يتذوق الطفل بعض المفاهيم العلمية وأساليب التفكير الصحيحة والسليمة، وكذلك يؤكد الكتاب العلمي لطفل هذه المرحلة تنمية الاتجاهات الإيجابية نحو العلم والعلماء، كما أنه يقوم بدور مهم في تنمية ذكاء الطفل إذا قُدِّم بشكل جيد، بحيث يكون جيد الإخراج مع ذوق أدبي ورسم وإخراج جميلين، وهذا يضيف نوعًا من الحساسية لدى الطفل في تذوق الجمال للأشياء، فهو ينمي الذاكرة، وهي قدرة من القدرات العقلية.
أما القصص والكتب الأدبية فإنها تنمي خيال الطفل، وهو أمر لازم له؛ إذ إن لتربية الخيال عند الطفل أهمية تربوية بالغة، ويتم ذلك من خلال سرد القصص الخرافية المنطوية على مضامين أخلاقية إيجابية.
وهناك أيضًا قصص أخرى تسهم في نمو ذكاء الطفل؛ كالقصص الدينية وما فيها من عبر وقيم وتشويق يثير شغف الأطفال ويجذبهم، هذه القصص تجعل عقولهم تعمل وتفكر، وتعلمهم الأخلاقيات والقيم؛ لأن الإسلام يدعونا إلى التفكير والمنطق، وهذا من شأنه أن يسهم في تنمية الذكاء لدى أطفالنا(7).
ومن الجميل أن ندرب أبناءنا وبناتنا على القراءة، ونحبب إليهم الثقافة، ونوجه إلى النافع من العلم والمعرفة، فعالم اليوم معرفي، ولا مكان للأمية، ومشكلةٌ أن يسبقنا الآخرون بالعلوم والمعارف ونحن الذين بدأ تاريخنا بـ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، وانفتقت حضارتنا عن علوم ومعارف وإبداعات أنارت للآخرين عصور الظلام.
لِنُحَبِّب القراءة النافعة لناشئتنا، فمرة نصطحبهم للمكتبات المنزلية، وأخرى لمكتبات الأصدقاء، وثالثة للمكتبات العامة للمطالعة، ورابعة للمكتبات التجارية، وهكذا ينشئون محبين للكتاب والمكتبة والعلم والمعرفة(8).
كيف تحبب القراءة إلى الطفل؟
من خلال النقاط التالية سنحاول توضيح كيف نستطيع ربط أطفالنا بالقراءة بأسلوب سهل وبسيط:
1- لا شك أن اهتمام الوالدين أو أحد منهما بالقراءة يجعل علينا من السهل التأثير على الطفل؛ فإنه يعطي للطفل قدوة وأسوة حسنة في حب القراءة، وكذلك العمل على توفير مكتبة يمكن للطفل أن يجد فيها ما يشد ويجذب انتباهه، هو الآخر عامل مهم قد يزيد من ربط الطفل بالقراءة منذ نعومة أظفاره، فيشب وهو صغير على منظر المكتبة والكتب, وهناك مكتبات ودور نشر أصبحت تهتم بقراءة الطفل، وإصدار ما يحتاجه من كتب ومجلات وقصص، وهذا في دول العالم المتقدم، أما في العالم الثالث فلا زالت كتب الطفل ومجلاته قليلة، ولكنها تبشر بخير.
ولا شك أن لهذه الكتب والمجلات والقصص شروط، منها:
أ- أن تحمل المضمون التربوي المناسب للبيئة التي يعيش فيها الطفل.
ب- أن تناسب العمر الزمني والعقلي للطفل.
جـ- أن تلبي احتياجات الطفل القرائية.
د- أن تتميز بالإخراج الجميل، والألوان المناسبة، والصور الجذابة، والأحرف الكبيرة(9).
2- تعلق الطفل بالقراءة ينبع من تعلقه بالكتاب، فالمدخل هو أن نحبب إليه الكتاب، وأن يتعود على قضاء بعض الوقت مع الكتاب، مثل توفير بعض الكتب التي تحتوي على الصور التي يحبها للحيوانات والطيور وغيرها، فيقوم بتصفحه، وتمليكه الكتاب حتى يحرص عليه ويطلبه، ومصاحبة الطفل لأحد الوالدين لشراء هذا الكتاب واختياره بنفسه من المكتبة، وعند دخول المدرسة يفضل تكوين مكتبة صغيرة للطفل تحتوي على الكتب المصورة، وبعض القصص المصورة، وبعض المجلات التي تصدر للأطفال، وتشجيع الطفل على قراءتها ومناقشته فيها، واستحسان ما يقوله من حكايات نقلها من الكتب؛ حتى يحرص على القراءة وحتى يستمع له.
3- يفضل تعويد الطفل الجلوس على مكتب منذ صغره، وخاصة بعد دخوله المدرسة؛ لأن ذلك من أسباب التفوق في الدراسة، ويساعد على التركيز، وتقدير الوقت المناسب للاستذكار، وإمكان حساب الوقت وتنظيمه.
4- خصص لطفلك وقتًا تقرأ فيه معه، فقد أثبتت دراسات أجريت حديثًا على الأطفال الذين يحرص والدوهم على القراءة لهم بانتظام، أنهم يتعلمون القراءة بسهولة كبيرة، وبسرعة أكثر بالمقارنة بالذين لا يقرأ آباؤهم لهم، كما أنها وسيلة مهمة تعمل على ترسيخ العلاقة الحميمية بين الطفل ووالديه(10).
5- استغلال الفرص والمناسبات: إن استغلال الفرص والمناسبات، لجعل الطفل محبًا للقراءة، من أهم الأمور التي ينبغي على الأب أن يدركها، فالمناسبات والفرص التي تمر بالأسرة كثيرة، ونذكر هنا بعض الأمثلة لاستغلال الفرص والمناسبات لتنشئة الطفل على حب القراءة.
أ- استغلال الأعياد بتقديم القصص والكتب المناسبة هدية للطفل، وكذلك عندما ينجح أو يتفوق في دراسته.
ب- استغلال المناسبات الدينية، مثل الحج والصوم، وعيد الأضحى، ويوم عاشوراء، وغيرها من مناسبات لتقديم القصص والكتيبات الجذابة للطفل حول هذه المناسبات، والقراءة له، وحواره بشكل مبسط، والاستماع لأسئلته.
جـ– استغلال الفرص؛ مثل الرحلات والنـزهات والزيارات؛ كزيارة حديقة الحيوان، وإعطاء الطفل قصصًا عن الحيوانات، وحواره فيها، وما الحيوانات التي يحبها، وتخصيص قصص مشوقة لها، وهناك فرص أخرى؛ مثل المرض وألم الأسنان، يمكن تقديم كتيبات وقصص جذابة ومفيدة حولها.
د- استغلال الإجازة والسفر: من المهم جدًا ألا ينقطع الطفل عن القراءة، حتى في الإجازة والسفر؛ لأننا نسعى إلى جعله ألا يعيش بدونها، فيمكن في الإجازة ترغيبه في القراءة بشكل أكبر، وعندما تريد الأسرة مثلًا أن تسافر إلى مكة أو المدينة أو أي مدينة أخرى، يستغل الأب هذا السفر في شراء كتيبات سهلة، وقصص مشوقة عن المدينة التي سوف تسافر الأسرة لها، وتقديمها للطفل أو القراءة له قراءة جهرية، فالقراءة الجهرية ممتعة للأطفال، وتفتح لهم الأبواب، وتدعم الروابط العاطفية بين أفراد الاسرة، وسوف تكون لهم القراءة الممتعة جزءًا من ذكريات طفولتهم التي لا تنسى(11).
6- خذ أطفالك إلى محلات بيع الكتب كلما استطعت ذلك، ودعهم يشترون كتبهم المفضلة، واغتنم فرصة ذهابك لمركز التسوق الذي يحوي ركنًا للكتب، واشتر لكل ابن من أبنائك كتابًا، ولو كان رخيص الثمن جدًا، والهدف من ذلك أن نلفت انتباه الأطفال إلى أننا لا ننفق نقودنا على المأكولات فقط؛ بل على الكتب أيضًا.
7- إذا أبدى طفلك الرغبة لشراء أو قراءة كتاب صعب؛ فأحضره له، وسوف تلمس نتائج مدهشة، سوف ترى أنه يستغرق ساعات في قراءة صفحات قليلة، وربما يكرر لفظ كلمة ما أكثر من مرة، والمدهش أنه يستطيع قراءة كلمات كثيرة إذا ما توافرت لديه الرغبة، وقد يقرأ الطفل قسمًا يسيرًا من الكتاب في سنوات، ولا بأس في ذلك ما دام يحب الكتاب.
8- إذا اشترى ابنك كتابًا أو أحضرته إليه فلم يقرأه فلا تقلق؛ فهو يقرؤه فيما بعد، وكثيرًا ما يترك الأطفال الكتب مدة شهور أو سنين ثم يعودون لتناولها وقراءتها، والطفل أحيانًا يقرأ قسمًا صغيرًا من كتاب، ثم يكمله فيما بعد، وقد يقرؤه كله دون أن يعلم أحد.
9- شجع طفلك على قراءة الكتب والقصص والروايات المسلسلة، فعندما يتعلق طفلك بسلسلة كتب، ويقرأ كتابًا منها، فمن السهل العثور على الكتاب التالي لها، وإذا أحب واحدًا منها فغالبًا ما يحب السلسلة بأكملها، مع نهاية السلسلة سيكون قد اكتسب عادة القراءة وأحب شراء الكتب.
10- علم طفلك كيف يختار كتابًا ليشتريه أو ليقرأه، ويتم ذلك عن طريق مسح شامل للكتاب بسرعة وإتقان، فلكل كتاب أربعة أقسام رئيسة؛ هي: الغلاف، والمقدمة، والخاتمة، والمحتوى، نبدأ بالغلاف، وفيه نقرأ عنوان الكتاب واسم المؤلف، الناشر وتاريخ النشر، وهذا مهم في الكتب العلمية وكتب الكمبيوتر؛ وذلك بسبب التطورات السريعة والاكتشافات الكثيرة والجديدة، ثم يأتي دور المقدمة أو المدخل، ستجد فيها ملخصًا عن فكرة الكتاب ولمن كتب، وفي الخاتمة تجد القاموس الذي يبين مصطلحات موضوع الكتاب، والمراجع وفهرس محتويات الكتاب مرتبة هجائيًا، وعليك أن تلقي نظرة على محتوى الكتاب، لاحظ العنوان والعناوين الفرعية: اقرأها أولًا لتتكون لديك صورة عامة عن الكتاب، عند ذلك تقرر: هل سيكون الكتاب مناسبًا أو لا(12).
نصائح أخرى:
أ- اقرأ لأطفالك أي كتاب أو قصة يرغبون بها، حتى ولو كانت بسيطة أو مكررة، وقد تكون أنت مللت من قراءتها، ولكن عليك بالصبر حتى تشعرهم بالمتعة في القراءة.
ب- عليك بالقراءة المعبرة، وتمثيل المعنى، واجعلها نوعًا من المتعة، واستعمل أصواتًا مختلفة، واجعل وقت القراءة وقت مرح ومتعة!
جـ- ناقش أطفالك فيما قرأته لهم، واطرح عليهم بعض الأسئلة، وحاورهم بشكل مبسط, وحاول أن تكون هذه القراءة بشكل مستمر، كل أسبوع مرتين على الأقل.
ويمكن أن تقرأ القصة على أطفال مجتمعين، ثم يمثلوها ويلعبوا أدوار شخصياتها(13).
أطفالنا وقراءة القرآن:
فإذا كنا سنعمل على غرس حب القراءة في نفوس أطفالنا منذ نعومة أظفارهم، فالأولى لنا أن نغرس فيهم حب تلاوة وقراءة القرآن الكريم، ونذكر بقوله صلى الله عليه وسلم في حثه على قراءة القرآن وتدبره، قال صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه»(14)، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة»(15).
تنمية مهارات القراءة:
لكل مرحلة من المراحل العمرية مهارات خاصة، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالقراءة، كما ترتبط في ذات الوقت بمستوى النمو الفكري واللغوي للطفل؛ لذلك ينبغي أن تكون محل اهتمام الآباء والمربين والمعلمين؛ لأن إتقان الطفل لهذه المهارات تجعل منه قارئًا مبدعًا ناقدًا، كما تساعده في مجال التعليم، ومن هذه المهارات التي تناسب المرحلة العمرية لطالب التعليم قبل الثانوي، وهي على سبيل المثال لا الحصر:
- فهم الفكرة العامة من الموضوع المقروء.
- نقد ما يقرأ أو تقويمه.
- معرفة طريقة الكشف عن الكلمات التي يصعب فهمها في المعاجم والقواميس.
- تعرف علامات الوقف والوصل ونظام الفقرات، وتعديل طرق القراءة وأساليبها وفقًا لما يقرأ.
- استخدام علامات الترقيم.
- تصنيف الحقائق وتنظيمها، والتفرقة بين الحقائق والآراء.
- تكوين رأي فيما يقرأ، وتقليب النظر فيه على أسس موضوعية(16).
وهناك أساليب كثيرة لتنمية مهارات القراءة، من أهمها:
- تدريب الأطفال على القراءة المعبرة والممثلة للمعنى، من خلال حركات اليد وتعبيرات الوجه والعينين، وهذا الأسلوب في القراءة يناسب المراحل العمرية التي لا تتقن القراءة بعد.
- أما عندما يستطيع الطفل القراءة فيجب متابعته وتدريبه على القراءة السليمة، من حيث مراعاة الشكل الصحيح للكلمات.
- الاهتمام بالقراءة الصامتة التي تساعد الطفل على فهم النص، ومن ثم الانتقال إلى القراءة الجهرية، التي تمكننا من متابعة قراءته وتصحيح أخطائه.
- الوقوف عند الكلمات الجديدة، التعرف عليها وشرحها له، وذلك عن طريق إما استخدامها في جملة مفيدة، أو ذكر المرادف، ذكر المضاد، طريقة التمثيل، وطريقة الرسم.
- تدريب الطفل على القراءة أمام الآخرين، بصوت واضح ومناسب وأداء مؤثر، دون تلجلج أو تلعثم أو تهيب وخجل.
- مراجعة الطفل فيما قرأ لنتبين منه ما قد فهمه واستخلصه مما قرأه.
- وضع حوافز لتنمية الميل إلى القراءة.
- تدريب الطفل على ترجمة علامات الترقيم، وما ترمز إليه من مشاعر وأحاسيس، ليس في الصوت فقط؛ بل حتى في تعبيرات الوجه.
- قد يتكرر خطأ الطفل في لفظ كلمة معينة بسبب جهله بمعناها، وفي هذه الحال يجب على الأم أن تستفيض في شرح معنى الكلمة وإعادة قراءتها؛ حتى لا يخطئ مرة أخرى بها(17).
- اقرأ لطفلك بعيدًا عن المشتتات المغرية له، فمثلًا لا تجلس أمام شاشة التلفاز وتروي لطفلك إحدى القصص، فهو لن يلتفت إليك؛ بل ستجذبه الصور المختلفة بالتلفاز، وتجعله ينتظر حتى يتفرغ لمشاهدة ما يحب.
- اقرأ لطفلك وهو شبعان لا يشعر بالجوع، فإذا كان طفلك منتظرًا للطعام فإنه لن يلتفت إلى ما تقول، حتى ولو كان أسلوبك جذابًا وممتعًا؛ بل سيفكر في الطعام أكثر من استمتاعه بالقصة.
- اقرأ لطفلك في الوقت الذي لا يشعر فيه طفلك بالإرهاق، فهو إن كان متعبًا فلن تكون للقراءة ثمرة.
- كن مراعيًا أن وقت القراءة لا يحرمه من ممتع آخر يريد أن يشارك فيه، فهو يعلم أن قصتك يمكن تأجيلها، أما هذا الممتع فقد ينتهي وقته، ولا يستطيع الاستمتاع به مرة أخرى، فعلى سبيل المثال إذا كان طفلك يشاهد برامج الأطفال، أو يمارس نشاطًا ممتعًا، فلا تحرمه من متعته كي تقص عليه القصة.
- اقرأ لطفلك وأنت تشعر بالارتياح وعدم الإرهاق؛ حتى تستطيع تقديم ما يمتعه بصورة مناسبة وممتعة، وإياك أن تغضب طفلك وتقول له أنك مُرهَق ولن تقرأ له؛ بل حقق له ذلك بواسطة أحد أفراد الأسرة، فإن لم تجد فاعتذر له بطريقة مشوقة، وشوقه بطريقة شائقة إلى قصة ستقدمها له في وقت لاحق، وإياك أن تنسى ذلك الموعد.
- قراءة ما قبل النوم أثرها يدوم، فالطفل سينام ليحلم بالقصة الرائعة التي حكيتها له.
- اقرأ لطفلك عندما يطلب منك ذلك، فهو الآن مستعد تمامًا للاستفادة مما ستقرؤه له.
- اقرأ لطفلك أي كتاب يرغب فيه، وقد يكون كتابًا تافهًا من وجهة نظرك أو مكررًا، وقد تمل وتتذمر إن طلبوا منك قراءة قصة للمرة الثانية أو الثالثة، وقد تصرخ بهم، ولكن عليك التحلي بالصبر حتى تشعرهم باحترامك لأذواقهم، ورغبتك في إمتاعهم بالقراءة، واعلم أن قراءة كتاب أكثر من مرة مفيد، ويؤكد ذلك قول العقاد: «قراءة كتاب ثلاث مرات خير من قراءة ثلاثة كتب».
- لا مانع أن يخصص المدرس الدقائق الأولى من حصة القراءة ليقرأ لطلابه شيئًا جديدًا، أو ليستمع منهم أجمل ما قرءوا خلال الأسبوع الماضي، فلقد أثبتت البحوث والدراسات أن الصف الذي يلزم المدرس فيه القراءة الجهرية يظهر حبًا أكثر للقراءة، وتتحسن مهارة القراءة لديه(18).
***
_________________
(1) اتحاف الخيرة المهرة في معرفة وسائل التربية المؤثرة، ص68.
(2) أخرجه أبو داود (3641).
(3) أخرجه الترمذي (1376).
(4) تعليم الأطفال القراءة دور الأسرة والمدرسة، صالح النصار.
(5) لكل طفل كتاب، شبكة: الألوكة.
(6) تنمية مهارة القراءة لدى الطلاب، موقع: مدرستي الكويتية.
(7) الذكاء متعدد الأنواع ويختلف من طفل لآخر، موقع: لها أون لاين.
(8) شعاع من المحراب (12/ 133).
(9) مشكلات الأطفال النفسية وأساليب المساعدة فيها، ص125.
(10) كيف تعود طفلك القراءة؟ شبكة: الألوكة.
(11) مشكلات الأطفال النفسية وأساليب المساعدة فيها، ص126-127.
(12) كيف تعود طفلك القراءة؟ شبكة: الألوكة.
(13) مشكلات الأطفال النفسية وأساليب المساعدة فيها، ص126.
(14) أخرجه مسلم (804).
(15) أخرجه البخاري (4937)، ومسلم (798).
(16) كيف تعود طفلك القراءة؟ شبكة: الألوكة.
(17) كيف أجعل ابني يحب القراءة؟ موقع: لها أون لاين.
(18) كيف تعود طفلك القراءة؟ شبكة: الألوكة.