logo

تعليم الزوجة


بتاريخ : الأربعاء ، 9 رجب ، 1441 الموافق 04 مارس 2020
بقلم : تيار الاصلاح
تعليم الزوجة

العلم حياة القلوب من الجهل، ومصباح الأبصار من الظلمة بالعلم تبلغ منازل الأخيار، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، والتفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته القيام، وبه توصل الأرحام، ويعرف الحلال والحرام، العلم إمام والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء.

والعلاقة الزوجية الناجحة من أهم أسباب سعادة الزوجين واستقرارهما، ومصدر خير لهما وللمجتمع من حولهما، ولذا فإنها تستحق منا أن نوليها من العناية والرعاية ما تستحقه.

ورغم أن أي علاقة بين طرفين يتحقق نجاحها واستمرارها بدعم من هذين الطرفين، إلا أن المرأة المسلمة التي تعرف حق ربها وزوجها ستبقى هي الطرف الأحرص والأقدر على الارتقاء بنفسها وبأسرتها إلى الآفاق الأكثر سموًا شعورًا وسلوكًا؛ يحدوها إلى ذلك علمها بقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:9].

كما أنها تعلم أن الزوجة هي ربة البيت وملكته، ومسؤوليتها في رعايته، والعناية به، والارتقاء به- هي من ألزم واجباتها، وأكثرها أهمية، وأبعدها أثرًا في رضا ربها ومن ثم زوجها، وضمانة أكيدة لتماسك أسرتها وصلاحها، قال صلى الله عليه وسلم: «والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها» (1).

ومن أهم حقوق الزوجة على الزوج تعليم الزوجة ما تحتاجه من أمور الدين قال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله عز وجل: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} قال: علموا أنفسكم وأهليكم الخير (2).

وقال الضحاك ومقاتل: حق على المسلم أن يعلم أهله، من قرابته وإمائه وعبيده، ما فرض الله عليهم، وما نهاهم الله عنه (3).

وقال البخاري: قال مجاهد {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}: أوصوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله، وأدبوهم (4).

قال ابن الصلاح: وأما تعليم الزوجة ما يجب عليها تعلمه من الفرائض فهو واجب عليه، وعلى غيره ممن يتمكن من تعليمها، فرضًا على الكفاية، فإذا لم يقم به غيره ولم يقم هو به أثم وأثموا، ويتعين عليه الوجوب في تعليمها الواجبات التي يحتاج تعليمها إلى سماع صوتها؛ كالفاتحة وغيرها، إذا لم يوجد لها محرم ولا امرأة يتمكن من تعليمها فذلك يخصه الوجود منه ذهابًا إلى أن غير المحرم والمرأة لا يجوز لها تعليمها، والوجهان فيما إذا أصدقها تعليم سورة ثم طلقها قبل التعليم، وكذلك يتعين عليه فرض تعليمها إذا لم يعلم بحاجتها إلى التعليم غيره، والله أعلم (5).

عن الشفاء بنت عبد الله، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة، فقال لي: «ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة» (6).

ومن عظمة فعل الرسول الله صلى الله وعليه وسلم أنه كان أميًا وأمر بتعليم زوجته المسنة حفصة الكتابة.

قال البخاري رحمه الله تعالى، في صحيحه: باب تعليم الرجل أَمَته وأهله، ثم ساق حديثه عن الرسول صلى الله وعليه وسلم: «ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب، آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران» (7).

وقال البخاري رحمه الله: باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم، وساق حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قالت النساء للنبي صلى الله وعليه وسلم: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهنّ فيه فوعظهنّ وأمرهنّ (8).

قال ابن حجر: ووقع في رواية سهل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة بنحو هذه القصة فقال: «موعدكن بيت فلانة» فأتاهن فحدثهن (9).

ويؤخذ من هذا الحديث تعليم النساء وحرص نساء الصحابة على التعلم، وأن توجيه الجهود إلى الرجال دون النساء، تقصير كبير من أولى الأمر.

يقول الله عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، يعلم من هذه الآية أن كل ما أمر به الرجل ومن جملته طلب العلم فهو بحق المرأة أيضًا، إلا ما خصص، لقول الرسول الله صلى الله وعليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» (10)، ومنه فإن هذه الآيات والأحاديث بحق النساء تكذب قول الجامدين بتحريم تعليم المرأة مطلقًا، دون قيد أو شرط، الكتابة والقراءة (11).

لقد منح الإسلام المرأة حق مطالبة زوجها بتعليمها أحكام الصلاة وأحكام الحيض، وتلقينها ما يذهب عن قلبها البدع والمنكرات بأن يبين لها سلامة الاعتقاد، وإلا خرجت لسؤال العلماء، إن لم يسأل لها أو يوفر لها الحماية الدينية، وليس له منعها من الخروج إن أرادت معرفة ضروريات الدين وأساسياته، وعليه أن يخرج معها لتتعلم أمور دينها لو أراد وخشي عليها من الخروج وحدها، فإن رفض خروجها بمفردها ومانع في صحبتها كان آثمًا.

كانت المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تتلقى العلم الشرعي منه عليه الصلاة والسلام، فقد كان صلى الله عليه وسلم يخصص للنساء يومًا يعظهن فيه ويعلمهن أمور دينهن، وكانت النساء تسألنه صلى الله عليه وسلم عما يخفى عليهن من أحكام كما حصل من امرأة أبي سفيان حين قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وبنيّ أفآخذ من ماله بغير علمه؟ ... إلخ.

وكالتي سألت: هل على النساء من جهاد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة» (12)، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.

تلقت المرأة المسلمة العلم الشرعي في صدر الاسلام من النبي صلى الله عليه وسلم.

وبعض النساء تأتي إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم لتسأل عائشة رضي الله عنها؛ فهي أكثر أمهات المؤمنين رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعهد إليها في شرح المراد من حديثه للنساء اللاتي يتحرجن من سؤاله عن مسائلهن الخاصة كالتي سألته عن غسلها من الحيض.

وكان النساء يشهدن الصلاة مع الجماعة من أجل التعلم في المسجد، وخصص الرسول صلى الله عليه وسلم لهن بابًا في المسجد يعرف بباب النساء، وعن عائشة، أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض؟ فقال: «تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها» فقالت أسماء: وكيف تطهر بها؟ فقال: «سبحان الله، تطهرين بها»، فقالت عائشة: كأنها تخفي ذلك تتبعين أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: «تأخذ ماء فتطهر فتحسن الطهور أو تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء» فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين (13).

والواجب على المرأة أن تتعلم كل ما يتعلق بأحكام العبادات لتعبد الله على بصيرة؛ فإن ذلك من العلم الضروري، وما عداه من العلوم فهو إما من فروض الكفاية أو من المستحبات.

وقد ورد حث المرأة على التعلم في قوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: 34].

تشترك النساء مع الرجال في أغلب أحكام التفقه في الدين والتعلم، ووجود الفقيهة المتقنة يسهم في افتاء النساء.

والمرأة المتعلمة لها حق الاجتهاد كالرجل إذا توافرت فيها شروطه، وقد تفوق بعض النساء الرجال في التحصيل العلمي، والواقع يشهد لذلك في الوقت الحاضر، فليس التفوق العلمي حصراً على الرجال، والمرأة المتعلمة لها حق الإفتاء إذا سئلت وهي تعلم الحكم الشرعي، فقد ورد النهي عن كتمان العلم وهو عام في الرجال والنساء، كما أن القول على الله بغير علم لا يجوز سواء كان القائل رجلًا أم امرأة، بل الأولى للمرأة أن تكون على قدر كبير من العلم والمعرفة في الأحكام الخاصة بفقه المرأة ليسهل تفقه غيرها من النساء.

فقد تستحي المرأة من سؤال الرجل عن الأمور الخاصة بها، فوجود النساء المتعلمات الفقيهات يسهم في إفتاء النساء خاصة؛ كما كانت عائشة رضي الله عنها تفتي النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكما كانت أم الدرداء رضي الله عنها الفقيهة الزاهدة فقد وصفت بالفقه والعلم والفَهْم.

والدراسات الأكاديمية المنهجية خير معين لفقه المرأة، وهذا لا يعني الاقتصار عليها، فالمرأة التي ترغب التفقه في الدين عليها أن تكثر من القراءة في كتب الفقهاء القديمة والحديثة، وتتعلم أسباب الخلاف وطرق الاستدلال وأسلوب المناقشة العلمية، وأسباب الترجيح بين الأقوال في المسائل الخلافية، وتجمع بين علم الأصول وعلم الفقه، فأحدهما لا يستغني عن الآخر.

وكما ذكرنا سابقًا فمن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم المتعلمات الفقيهات: عائشة رضي الله عنها، أم الدرداء، وأم سلمة.. ومنهن من برز في علوم القرآن والحديث والفقه، فقد ذكر ابن خلكان في كتابه (وفيات الأعيان) ان نفيسة بنت الحسن ت 208هـ كانت تتخذ مجلسًا للتعليم في مصر حضره الإمام الشافعي رحمه الله.

في الوقت الحاضر تزداد أهمية المرأة المتعلمة، ويجوز تدريس المرأة للرجل إذا دعت الحاجة وفق الضوابط المعتبرة شرعًا.

وهكذا في العصور السابقة والحاضرة، فالمرأة لها دور كبير في التعلم والتعليم والتأليف، وعصرنا الحاضر يزخر بالعديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في العلوم الشرعية لعدد كبير من الطالبات، فالتفوق موجود في الرجل والمرأة، لكن يكثر في الرجال في العلوم الشرعية خاصة لكثرة المنتسبين منهم لهذا النوع من التعليم بخلاف النساء؛ فإقبالهن على العلوم التربوية والمهنية أكثر، لا سيما أن الرجل يعد ويؤهل ليكون قاضيًا بخلاف المرأة، كما أن المرأة بموجب دورها في الأسرة قد لا تجد الوقت الكافي للتخصص العلمي بخلاف الرجل.

وتدريس المرأة للرجل إن دعت إليه الحاجة فلا بأس به مع اعتبار الضوابط الشرعية لذلك، كما أن الرجال يدرسون للنساء بواسطة الدوائر المغلقة في الجامعات، فقد كان الامام الشافعي -رحمه الله- يحضر دروس (نفيسة بنت الحسن) وسمع عليها الحديث، وقد ورد أن الحافظ بن عساكر روى الحديث عن أكثر من ثمانين امرأة، ويقول الشيخ (خلاف) في كتابه (علم أصول الفقه): إن عدد من عرفوا من الصحابة بالإفتاء مائة ونيف وثلاثون ما بين رجل وامرأة) والدليل على ذلك عموم الأدلة الدالة على طلب العلم والتعلم فهي تشمل الرجل والمرأة.

وهذا يكون حسب الحاجة، فالرجل يعلم والمرأة تعلم كل في مجال تخصصه وفي المكان الذي يناسبه، فإن كان التدريس لطلاب فالرجل مقدم، وان كان التدريس لطالبات فالمرأة مقدمة، ولا ينظر إلى التفوق العلمي، فإن تلك الاعتبارات أولى إلا في حال ما إذا كان التفاضل بين رجلين أو امرأتين فيكون التفوق العلمي فاصلًا بينهما.

وعلى الزوج دور كبير في تفقه زوجته الملازمة للمنزل، فإن كان متعلمًا فعليه واجب تعليمها بنفسه؛ وهذا من الاحسان إليها، وإن كان غير متعلم مكنها من وسائل التعليم المختلفة؛ كقراءة كتاب أو سماع شريط أو حلقات علمية في مسجد قريب.

ويمكنه أيضًا أن يحضر لها معلمة في المنزل تعلمها أمور دينها؛ فالطرق في ذلك متعددة، ولن يجد الزوج صعوبة في ذلك ما دامت الرغبة موجودة.

أما حضور الندوات أو الالتحاق بالجامعات مع الرجال الأجانب فله منعها من ذلك لما يترتب عليه من المفاسد بسبب الاختلاط.

ومجالات التعليم للمرأة مهيأة، فهناك ندوات خاصة بالنساء، وهناك مراكز للتعليم خاصة بالطالبات، وهناك مكتبات خاصة بالنساء، فليس هناك ما يدعو إلى حضور محافل الرجال لطلب العلم الشرعي، فإن دعت الضرورة لذلك فلا بأس مع مراعاة الضوابط الشرعية؛ كمنع الاختلاط، والتزام الحجاب الشرعي، ويمكنها التعلم عن طريق الدوائر المغلقة، فتتمكن من السماع دون اختلاط بالرجال.

وللوسائل الحديثة دور في التعليم للرجل والمرأة من خلال البرامج العلمية الهادفة والمقالات العلمية في مختلف العلوم، فمن أحسن استخدام الانترنت ففيه منفعة لما يحويه من علوم وثقافات بطرق سهلة ميسرة، وكذا الحاسب الآلي وما اشتمل عليه من شرائط تضم أمهات الكتب النافعة في العلوم الشرعية يمكن الاستفادة منها دون عناء أو مشقة؛ لكن لا ينبغي الاقتصار على تلك الوسائل؛ فهي غير كافية لأن تكون المرأة فقيهة، فلا بد للفقه من التضلع في العلم على يد من أوتي حظًا من العلم الشرعي رجلًا كان أو امرأة، فالمرأة تسأل عما أشكل عليها عالمًا فقيهًا تستفيد من علمه وخبرته في هذا المجال، وليكن ذلك بواسطة وسائل الاتصال الميسرة في الوقت الحاضر، وكذا سماع البرامج الدينية من الاذاعة أو التلفاز له دور كبير في فقه المرأة.

والأثر ظاهر على حياة المرأة العلمية والعملية، فالمرأة المتعلمة الفقيهة ينعكس أثر ذلك على زوجها وأطفالها وبيتها وأخلاقها وتعاملها مع الآخرين، فهي مسؤولة عن رعيتها، فعليها واجب التربية والتعليم لأولادها تعلمهم أحكام الطهارة والصلاة والصوم وسائر العبادات التي يقدرون عليها ولو كانوا صغارًا حتى يعتادوها ويألفوها فيما بعد عند سن البلوغ (14).

وإذ كلنا نعلم، أو ربما نسمع، عن كثير من تلك العلاقات الزوجية التي كانت متوهجة متنعمة، فانطفأت وهجها، وكانت ممتلئة حيوية وحبورًا، فغَدتْ خالية الوفاض منهما، ذلك أن مضي الحياة الزوجية على وتيرة واحدة يولد الملل، حيث لا جديد يستحق الاهتمام، فيحصل مع مرور الوقت لدى الزوجين درجة من التشبُّع، فكل منهما عرف الآخر معرفة كاملة، فيصل الزوج إلى قناعة بعدم جدوى النقاش أو النصيحة؛ لعلمه سلفًا بحدود زوجته المعرفية، وطاقتها الثقافية، فيصبح التصلب والصمت هما سيد الموقف، ويرى الزوج أن السكوت أجدَى عليه من حديث يدرك أبعاده ومنتهاه، بل وربما انعدام جدواه، حتى ولو كان محتاجًا للرأي والمشورة، أو استلهام حلول لمشكلة تؤرقه، أو انسجام تفاعلي يلائم مستواه الثقافي المعرفي، ولا شك أن هذا الصمت سيُفسر من قبل الزوجة بتفسيرات لعل أقلها سوءًا لن يكون جيدًا في انعكاساته على راحتها النفسية، فضلًا عن تفجيره للعديد من المشاكل التي ليس لها من مسوغ معقول أو مقبول.

وليس من دواء أنجع ولا أنجح لمثل هذه الحالات إلا أن تعلو قدرة أحد الطرفين على استشراف وملامسة آفاق الطرف الآخر، وإثارة شهيته وإعجابه؛ للانطلاق به إلى حيث يحب ويرضى.

أو بمعنى أخص، وهو ما يهمنا هنا، أن تثبت الزوجة أن إمكانيات التجديد والتغيير ما زالت موجودة، وأن قدرتها على الإبداع لم تَجِفّ بعدُ، ويتجسد هذا في مقدرتها على إتحاف الزوج ومفاجأته بين كل حين وآخر بتغييرٍ ما في رأيها، أو مواقفها، أو تفسيرها تجاه بعض المسائل أو الأشخاص أو العادات نحو الأفضل والأجود.

وثقي بأنك إن جربت هذا الأمر وأَشَعْتِه في حياتك الأسرية، فسوف تشعرين بأنك تولدين من جديد، وستلوح لك في الأفق طيوف عيش مختلف أكثر إشراقًا وتجديدًا، وحيوية وسعادة.

قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]، فالقراءة نعمة عظيمة، وهي من أعظم وسائل تكوين المعرفة الإنسانية، وأفضل طريقة لتحسين التفكير، وإمداد القارئ بأمداء لا محدودة من القدرات العقلية والروحية، ولا يتأتى هذا للزوجة المسلمة بالقراءة في مجال واحد، بل تفتح نوافذ فكرها وعقلها، لتقرأ في شتى الكتب والمجلات العلمية والأدبية والثقافية، لتُلمَّ من كل شيء بطرف، ما يوسع أفقها، وينشط ذهنها، وينمي ملكاتها، وسيكون من نافلة القول هنا التنبيه إلى أهمية تكوين مكتبة في المنزل تضم طائفة نافعة من الكتب والمجلات النافعة والمسلية في ألوان مختلفة من المعارف.

ولئن كانت القراءة المتنوعة مهمة، فإن متابعة الجديد من الأخبار والمبتكرات يعد رافدًا حيويًّا في بناء شخصية المسلمة المثقفة، فمثل هذه الأمور تشكل وعيًا أعمق، ومعرفة أكثر، وفرصة أوسع لحديث نافع وجديد، وربما مبهر، كما أنه يعد وسيلة لاكتشاف إمكانات مخبوءة لديك تستطيعين بها إسعاد الزوج، أو مَن يَهُمُّه أمرهم، وسيكون من أسباب سعادة كثير من الأزواج أن يجدوا لدى زوجاتهم المعرفة بآخر الأحداث، والقدرة على تلخيصها بشكل جيد، والوعي بمضامينها، ما ينعكس إيجابًا بمزيد من الثقة والتقدير، والشعور بالتأنق لدى الطرفين (15).

***

____________________

(1) أخرجه البخاري (893).

(2) الدر المنثور (8/ 225).

(3) تفسير ابن كثير (8/ 167).

(4) صحيح البخاري (6/ 158).

(5) فتاوى ابن الصلاح (1/ 145).

(6) أخرجه أبو داوود (3887).

(7) أخرجه البخاري (97).

(8) أخرجه البخاري (101).

(9) فتح الباري (1/ 195).

(10) أخرجه ابن ماجة (224).

(11) الإسلام وتعليم المرأة/ طريق الإسلام.

(12) أخرجه ابن ماجه (2901).

(13) أخرجه مسلم (332).

(14) أهمية العلم في حياة المرأة المسلمة/ أمل المسلمة.

(15) ثقافة الزوجة تجدد وارتقاء/ لها أون لاين.