logo

بلوغ الأشد


بتاريخ : الجمعة ، 15 جمادى الأول ، 1441 الموافق 10 يناير 2020
بقلم : تيار الاصلاح
بلوغ الأشد

أطلقت كلمة أشد على بلوغ الأربعين، كما في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}، وهي التي تجمد فيها العادات والتقاليد ويعلو صاحبها عن الردع، ولذا قال بعده: {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيّ} [الأحقاف: 15].

وبلوغ الأشد يتراوح بين الثلاثين والأربعين، والأربعون هي غاية النضج والرشد، وفيها تكتمل جميع القوى والطاقات، ويتهيأ الإنسان للتدبر والتفكر في اكتمال وهدوء، وفي هذه السن تتجه الفطرة المستقيمة السليمة إلى ما وراء الحياة وما بعد الحياة، وتتدبر المصير والمآل (1).

ولقد قال في ذلك الأصفهاني: إن الإنسان إذا بلغ هذا القدر يتقوى خلقه الذي هو عليه، فلا يكاد يزايله بعد ذلك (2).

ولذ كان العرب قبل الإسلام لا يدخلون دار الندوة للرأي أحد حتى يبلغ أربعين سنة، إلا حكيم بن حزام، فإنه دخل للرأي وهو ابن خمس عشرة.

ويقول الله عز وجل في محكم التنزيل: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 22]، وقال تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [القصص: 14].

يقول الشيخ حسنين مخلوف في تفسير معنى الأشد: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} أي: بلغ زمن استكمال القوة وكمال العقل بثلاث وثلاثين سنة لكونه آخر سن النشوء والنماء، {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} هو أكبر الأشد وتمام الشباب وهو سن النبوة عند الجمهور.

وأخرج ابن حميد عن مجاهد أنه قال: الأشد ثلاث وثلاثون سنة، الاستواء أربعون سنة، وهي رواية ابن عباس رضى الله عنه (3).

وما أحسن ما قاله الشاعر:

إذا المرء في الأربعين ولم يكن     له دون ما يهوى حياء ولا ستر

فدعه ولا تنفِس عليه الذي مضى     وإن جر أسباب الحياة له العمر

بلوغ سن الأربعين علامة فارقة في حياة الإنسان تجعله يقف مع نفسه وقفات، ويقبل على ربه بالطاعات، ويزيد من همته طالبًا رضا الله تعالى، تقول الآية الكريمة: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} [الأحقاف: 15]، فالآية الكريمة تنبه من بلغ الأربعين إلى العمل الصالح وطلب الإعانة من رب العالمين على ذلك، وأن يشكر نعم الله تعالى عليه، ولا شك أن المسلم يتقرب إلى الله تعالى في كل حين، ولكن بلوغ سن الأربعين يجعله يزيد تقربًا، يقول ابن كثير في تفسير الآية: وهنا فيه إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد التوبة والإنابة إلى الله عز وجل ويعزم عليها.

وقد قال الحجاج بن عبد الله الحكمي أحد أمراء بني أمية بدمشق: تركت المعاصي والذنوب أربعين سنة حياء من الناس، ثم تركتها حياء من الله، عز وجل (4).

قال الشيخ زاده: طلب هذا الداعي من الله ثلاثة أشياء؛ الأول: أن يوفقه الله للشكر على النعمة، والثاني: أن يوفقه للإِتيان بالطاعة المرضية عند الله، والثالث: أن يصلح له في ذريته (5).

قال الرازي: وفي ترتيب هذه الأشياء الثلاثة على الوجه المذكور وجهان: الأول: أنا بينا أن مراتب السعادات ثلاثة؛ أكملها النفسانية، وأوسطها البدنية، وأدونها الخارجية، والسعادات النفسانية هي اشتغال القلب بشكر آلاء الله ونعمائه، والسعادات البدنية هي اشتغال البدن بالطاعة والخدمة، والسعادات الخارجية هي سعادة الأهل والولد، فلما كانت المراتب محصورة في هذه الثلاثة لا جرم رتبها الله تعالى على هذا الوجه (6).

وفي هذه الآية دليل على أنه ينبغي لمن بلغ عمره أربعين سنة أن يستكثر من هذه الدعوات.

ولأجل ذلك كانت هي السن التي بعث الله تعالى فيها نبينا صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: «أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم أمر بالهجرة فهاجر إلى المدينة، فمكث بها عشر سنين، ثم توفي صلى الله عليه وسلم» (7)، وكذلك غيره من الأنبياء والمرسلين بعثوا على رأس الأربعين.

فإن سن الأربعين هو اكتمال قوة الجسم والعقل، وهو مرحلة الاستواء التي في قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} [القصص:14]؛ فإن الاستواء يأتي بعد بلوغ الأشد، والأشد هو اشتداد العقل والجسم، ووقته ما بعد الثلاثين سنة؛ فالإنسان يشتد ثم يستوي وهنا يكون الاكتمال.

وقد أكد الاكتشاف العلمي الحديث وأظهرت تجارب المسح بالرنين المغناطيسي على الدماغ أنه لا يكتمل نمو الدماغ إلا مع نهاية سن الأربعين، وهذا السن الذي حدده القرآن قبل قرون، فإن النمو يستمر حتى نهاية سن الأربعين من عمر الإنسان.

فمن بلغ سن الاستواء اتعظ وأكثر في تقربه إلى الله تعالى وزاد حذرًا في كل خطوة من خطواته.

إن اختصاص سن الأربعين بالذكر في هذه الآية الكريمة دليل على أنه سن استيفاء كمال العقل والفهم، وذروة تمام نعمة الله على الإنسان في كمال القوى التي منحه الله إياها، وهي مرحلة زائدة على بلوغ الأشد الذي يتم ببلوغ الحلم.

يقول الإمام القرطبي رحمه الله: إن الله عز وجل ذكر أن من بلغ الأربعين عامًا فقد آن له أن يعلم مقدار نعم الله عليه وعلى والديه ويشكرها، كذلك قال الإمام مالك: أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يطلبون الدنيا، ويخالطون الناس، حتى يأتي لأحدهم أربعون سنة، فإذا أتت عليهم اعتزلوا الناس (8).

وذكروا أن القاسم بن عبد الرحمن قال: قلت لمسروق: متى يؤخذ الرجل بذنوبه؟ قال: إذا بَلَغْتَ الأربعين، فَخُذْ حذرك (9).

وواعظ العلماء ابن الجوزي لم يفوت هذه المناسبة، بل قال كلامًا عن مراحل العمر، كلامَ مجرب وخبير، إذ يقول في صيده الثمين في سياق كلامه عن تلك المراحل:

فالعاقل من فهم مقادير الزمان، فإنه ـ فيما قيل ـ: قبل البلوغ صبي ليس على عمره عيار، إلا أن يرزق فطنه ففي بعض الصبيان فطنه تحثهم من الصغر على اكتساب المكارم والعلوم، فإذا بلغ فليعلم أنه زمان المجاهدة للهوى، وتعلم العلم، فإذا رزق الأولاد فهو زمان الكسب للمعاملة، فإذا بلغ الأربعين انتهى تمامه وقضى مناسك الأجل، ولم يبق إلا الانحدار إلى الوطن.

كأن الفتى يرقى من العمر معلمًا      إلى أن يجوز الأربعين وينحط

فينبغي له عند تمام الأربعين أن يجعل جل همته التزود للآخرة، ويكون كل تلمحه لما بين يديه، ويأخذ في الاستعداد للرحيل، وإن كان الخطاب بهذا لابن عشرين، إلا أن رجاء التدارك في حق الصغير لا في حق الكبير.

وكلما علت سِنّهُ فينبغي أن يزيد اجتهاده، فإذا دخل في عشر الثمانين فليس إلا الوداع، وما بقي من العمر إلا أسف على تفريط، أو تعبد على ضعف، نسأل الله يقظة تامة تصرف عنا رقاد الغفلات، وعملًا صالحًا نأمن معه من الندم يوم الانتقام (10).

الواجبات:

1- الحرص على شكر الله على النعم التي وفقنا للتنعم بها طيلة أربعين عامًا من حياتنا، والتوبة النصوح والاستقامة على طريق الإسلام:

فقوله تعالى: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ}، دعوة القلب الشاعر بنعمة ربه، المستعظم المستكثر لهذه النعمة التي تغمره وتغمر والديه قبله فهي قديمة العهد به، المستقل المستصغر لجهده في شكرها، يدعو ربه أن يعينه بأن يجمعه كله: {أَوْزِعْنِي} لينهض بواجب الشكر فلا يفرق طاقته ولا اهتمامه في مشاغل أخرى غير هذا الواجب الضخم الكبير (11).

والنعم أنواع منوعة: نعمة الصحة في البدن والسمع والبصر والعقل وجميع الأعضاء، وأعظم من ذلك وأكبر: نعمة الدين والثبات عليها والعناية بها والتفقه فيها، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3]، فأعظم النعم نعمة الدين، وقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب حتى أبان لعباده دينه العظيم، ووضحه لهم، ثم وفقك أيها المسلم وهداك حتى كنت من أهله.

فهذه النعمة العظيمة التي يجب أن نشكر الله عليها غاية الشكر، وإنما يعرف قدرها وعظمتها من نظر في حال العالم، وما نزل بهم من أنواع الكفر والشرك والضلال، وما ظهر بين العالم من أنواع الفساد والانحراف، وإيثار العاجلة والزهد في الآجلة، وما انتشر أيضا من أضرار الشيوعية والعلمانية وأفكار الدعاة لهما، ومعلوم ما تشتمل عليه هذه الأفكار من الكفر بالله وبجميع الأديان والرسالات والكتب المنزلة من السماء.

وهكذا ما ابتلي به الكثير من الناس من عبادة أصحاب القبور والأوثان والأصنام وصرف خالص حق الله إلى غيره.

فالشكر حقيقته أن تقابل نعم الله بالإيمان به وبرسله، ومحبته عز وجل والاعتراف بإنعامه، وشكره على ذلك بالقول الصالح والثناء الحسن، والمحبة للمنعم وخوفه ورجائه والشوق إليه، والدعوة إلى سبيله والقيام بحقه.

ومن الإيمان بالله ورسله الإيمان بأفضلهم وإمامهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتمسك بشريعته (12).

قال الرازي: قدم الشكر على العمل، لأن الشكر من أعمال القلوب، والعمل من أعمال الجوارح، وعمل القلب أشرف من عمل الجارحة، وأيضا المقصود من الأعمال الظاهرة أحوال القلب قال تعالى: {وَأَقِمِ الْصَلَاةَ لِذِكِرِي} [طه: 14] بين أن الصلاة مطلوبة لأجل أنها تفيد الذكر، فثبت أن أعمال القلوب أشرف من أعمال الجوارح، والأشرف يجب تقديمه في الذكر، وأيضًا الاشتغال بالشكر اشتغال بقضاء حقوق النعم الماضية، والاشتغال بالطاعة الظاهرة اشتغال بطلب النعم المستقبلة، وقضاء الحقوق الماضية يجري مجرى قضاء الدين، وطلب المنافع المستقبلة طلب للزوائد.

ومعلوم أن قضاء الدين مقدم على سائر المهمات، فلهذا السبب قدم الشكر على سائر الطاعات، وأيضًا أنه قدم طلب التوفيق على الشكر، وطلب التوفيق على الطاعة على طلب أن يصلح له ذريته، وذلك لأن المطلوبين الأولين اشتغال بالتعظيم لأمر الله، والمطلوب الثالث: اشتغال بالشفقة على خلق الله، ومعلوم أن التعظيم لأمر الله يجب تقديمه على الشفقة على خلق الله.

قال أصحابنا إن العبد طلب من الله تعالى أن يلهمه الشكر على نعم الله، وهذا يدل على أنه لا يتم شيء من الطاعات والأعمال إلا بإعانة الله تعالى، ولو كان العبد مستقلًا بأفعاله لكان هذا الطلب عبثًا، وأيضًا المفسرون قالوا المراد من قوله أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي هو الإيمان أو الإيمان يكون داخلًا فيه، والدليل عليه قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 6- 7]، والمراد صراط الذين أنعمت عليهم بنعمة الإيمان، وإذا ثبت هذا فنقول العبد يشكر الله على نعمة الإيمان، فلو كان الإيمان من العبد لا من الله لكان ذلك شكرا لله تعالى على فعله لا على فعل غيره، وذلك قبيح لقوله تعالى: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: 188]، فإن قيل: فهب أن يشكر الله على ما أنعم به عليه فكيف يشكره على النعم التي أنعم بها على والديه؟ وإنما يجب على الرجل أن يشكر ربه على ما يصل إليه من النعم، قلنا كل نعمة وصلت من الله تعالى إلى والديه، فقد وصل منها أثر إليه فلذلك وصاه الله تعالى على أن يشكر ربه على الأمرين (13).

2- اليقظة لتربية الأبناء والذرية والاهتمام بهم وتنشئتهم على الدين القويم:

فمن المطالب المذكورة في هذه الآية قوله تعالى: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَتِي} لأن ذلك من أجل نعم الله على الوالد، كما قال إبراهيم عليه السلام: {وَاجْنُبنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35]، فإن قيل ما معنى (في) في قوله: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَتِي}؟ قلنا تقدير الكلام هب لي الصلاح في ذريتي وأوقعه فيهم.

واعلم أنه تعالى لما حكى عن ذلك الداعي، أنه طلب هذه الأشياء الثلاثة، قال بعد ذلك: {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} والمراد أن الدعاء لا يصح إلا مع التوبة، وإلا مع كونه من المسلمين، فتبين أني إنما أقدمت على هذا الدعاء بعد أن تبت إليك من الكفر ومن كل قبيح، وبعد أن دخلت في الإسلام والانقياد لأمر الله تعالى ولقضائه (14).

3- الحرص على العمل الصالح المرضي عند الله سبحانه وتعالى اغتنامًا لما بقي من العمر:

من المطالب المذكورة في هذا الدعاء، فهو قوله: {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ}.

واعلم أن الشيء الذي يعتقد أن الإنسان فيه كونه صالحًا على قسمين: أحدهما: الذي يكون صالحًا عنده ويكون صالحًا أيضًا عند الله تعالى، والثاني: الذي يظنه صالحًا ولكنه لا يكون صالحًا عند الله تعالى، فلما قسم الصالح في ظنه إلى هذين القسمين طلب من الله أن يوفقه لأن يأتي بعمل صالح يكون صالحًا عند الله ويكون مرضيًا عند الله (15).

فمن مقتضيات الإيمان أن ينبثق من القلب في صورة العمل الصالح، وهذا ما يجب أن يدركه من يدعون الإيمان، وما أحوجنا- نحن الذين نقول أنا مسلمون- أن نستيقن هذه الحقيقة: أن الإيمان لا يكون حتى ينبثق منه العمل الصالح.

فأما الذين يقولون: إنهم مسلمون ثم يفسدون في الأرض، ويحاربون الصلاح في حقيقته الأولى وهي إقرار منهج الله في الأرض، وشريعته في الحياة، وأخلاقه في المجتمع، فهؤلاء ليس لهم من الإيمان شيء، وليس لهم من ثواب الله شيء، وليس لهم من عذابه واق ولو تعلقوا بأماني كأمانيّ اليهود التي بين الله لهم وللناس فيها هذا البيان (16).

إن الإيمان الجاد المتمثل في العمل الصالح هو الذي يعصم النفس البشرية من اليأس الكافر في الشدة كما يعصمها من البطر الفاجر في الرخاء، وهو الذي يقيم القلب البشري على سواء في البأساء والنعماء ويربطه بالله في حاليه، فلا يتهاوى ويتهافت تحت مطارق البأساء، ولا يتنفج ويتعالى عند ما تغمره النعماء (17).

4- التوبة النصوح والاستقامة على طريق الإسلام:

فمن لم يستقم فهو مسئول عن انحرافه، فقد كان أمامه أن يستقيم، قال عبد الله بن داود: كان أحدهم إذا بلغ أربعين سنة طوى فراشه وكان لا ينام الليل (18).

توبة تنصح القلب وتخلصه، ثم لا تغشه ولا تخدعه، توبة عن الذنب والمعصية، تبدأ بالندم على ما كان، وتنتهي بالعمل الصالح والطاعة، فهي عندئذ تنصح القلب فتخلصه من رواسب المعاصي وعكارها وتحضه على العمل الصالح بعدها، فهذه هي التوبة النصوح.

التوبة التي تظل تذكر القلب بعدها وتنصحه فلا يعود إلى الذنوب، فإذا كانت هذه التوبة فهي مرجوة إذن في أن يكفر الله بها السيئات، وأن يدخلهم الجنات (19).

***

______________

(1) في ظلال القرآن (6/ 3262).

(2) فتح البيان في مقاصد القرآن (6/ 308).

(3) التفسير الوسيط (7/ 1747).

(4) تفسير ابن كثير ت سلامة (7/ 281).

(5) صفوة التفاسير (3/ 182).

(6) مفاتيح الغيب (28/ 19).

(7) أخرجه البخاري (3851).

(8) تفسير القرطبي (7/ 276).

(9) تفسير ابن كثير (7/ 281).

(10) صيد الخاطر (ص: 278).

(11) في ظلال القرآن (6/ 3263).

(12) شكر النعمة حقيقته وعلاماته/ موقع ابن باز.

(13) مفاتيح الغيب (28/ 19- 20).

(14) المصدر السابق.

(15) مفاتيح الغيب (28/ 20).

(16) في ظلال القرآن (1/ 86).

(17) المصدر السابق (4/ 1860).

(18) إحياء علوم الدين (4/ 435).

(19) في ظلال القرآن (6/ 3618).