logo

الزوجة كما يريدها النبي، صلى الله عليه وسلم.


بتاريخ : الثلاثاء ، 24 شعبان ، 1437 الموافق 31 مايو 2016
بقلم : تيار الإصلاح
الزوجة كما يريدها النبي، صلى الله عليه وسلم.

عندما خلق الله، عز وجل، آدم، عليه السلام، لم يجعله سبحانه وحيدًا، وإنما خلق له من ضلعه زوجته حواء؛ لعلمه، سبحانه، أنه بحاجة إليها، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189].

 

فلا سعادة للرجل ولا سكينة إلا بوجود زوجته بجانبه ووقوفها معه، ومساندتها له في أمور حياته، وذلك على قدر استطاعتها.

 

وقد أمر المولى، عز وجل، الرجل بالقوامة على المرأة ومراعاة جميع شئونها، والقيام على أمورها وإصلاحها، دينيًا ودنيويًا، كما قال، صلى الله عليه وسلم:»كلكم راع ومسئول عن رعيته، والإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع ومسئول عن رعيته«(1).

والرجل قد تأخذه مشاغل الحياة، وتسرق عقله متطلبات المعيشة، وفي تلك الحالة يكون على الزوجة العامل الأكبر في تخفيف الحمل عن الزوج.

 

أختي المسلمة

 

كنت في بيت أبيك تلك الفتاة المدللة، التي كلما طلبت أمرًا لبى لها أبوها طلبها؛ بل أعطاها بزيادة، حتى إذا كبرت وأصبحت من رواد المدارس، تحولت نظرة والديك إليك من نظرة الطفلة المدللة إلى نظرة الفتاة الجميلة المبجلة، حتى إذا أتممت دراستك كنت أمامهما العروس المنتظر، يريدون لك زوجًا خياليًا، فهم يريدون فيه الالتزام بدينه، ويريدونه على قدرة مادية معينة ويريدونه على قدر معين من الأناقة والجمال، وعلى قدر معين من المكانة الاجتماعية، فضلًا عن المركب الفاخر، والمسكن الراقي، والوظيفة العالية.

 

كل هذا يريدونه في شريك حياتك، ولا أقل من ذلك، هذا ما كان يخططان له والداكِ، فأنت في نظرهم الجوهرة التي لا تقدر بثمن، ثم بعد ذلك وبعد الاصطدام بالواقع الحقيقي، وأن ما كانوا يطلبونه ليس إلا في أحلام اليقظة، ونادرًا ما يكون على الواقع، فإذا بهم يوافقون على زوج لكِ ولكن بشرط التدين، وهذا هو الذي يضمن لك الحياة السعيدة.

 

فبعد أن أكرمك الله بزوج مطيع لربه، يخاف الله، عز وجل، فيكِ، ويحفظ لكِ حقوقكِ، ويُقدِر مشاعركِ، فإذًا يجب عليك أن تراعي زوجك، وأن تحافظي عليه.

 

أختي المسلمة

ما يريده الزوج من زوجته هو أربعة أمور(2):

 

أولًا: طاعة الزوج في المعروف:

 

فالنبي، صلى الله عليه وسلم، يأمركِ أن تطيعي زوجك، فالحياة كلها قائمة على رئيس يأمر وعلى مرءوس يطيع، على مدير يأمر وموظف يطيع، على أستاذ يأمر وتلميذ يطيع، فلا تطير الطائرة إلا بأمر من (الكابتن) وطاعة من مساعد (الكابتن)، ولا تنسي أن مساعد (الكابتن) طيار وليس قليلًا في رتبة قيادة الطائرة، لكن لتطير هذه الطائرة لابد أن يكون هناك طيار واحد ومساعد أو مساعدان، وينبغي للمساعد أن يطيع قائد الطائرة، وإلا فلن تحلق الطائرة إلا بهذه الطاعة، وتخيلي لو أن معاون الطيار قال للقائد وهو في غرفة القيادة: لن أطيعك، أنا مثلي مثلك، شهادتي كشهادتك، رتبتي كرتبتك، ما تعلمه أنت أعلمه أنا... ترى ماذا سيحدث للطائرة؟، إنها ستسقط لتحرق الطيار ومساعد الطيار، وتحرق كل الركاب.

 

سؤال:

 

أختي المسلمة: حين تذهبين إلى المدرسة، ألا تطيعين معلمة المدرسة؟، بلى، هل ينكر أحد طاعة تلميذة لمدير المدرسة في الشئون العلمية؟، بالطبع لا، بل الكل ينصحها بذلك، أبوها وأخوها، ووزارات الدولة ووزارات التعليم.

 

الموظفة ألا تطيع مديرها في دائرة العمل؟، هل ينكر أحد طاعتها لمدير العمل في الدائرة؟، بالطبع لا، إذن، لماذا تنكر بعض النساء طاعتها لزوجها؟.

 

الزواج بناء أسرة، وهذه الأسرة فيها مدير، المدير هو الزوج أنتِ معاونة المدير ويجب على المعاونة أن تطيع المدير.

 

ربما يخطئ هذا المدير، وحينها يجب على معاون المدير أن يقدم المشورة والنصيحة، لكن الأمر في النهاية للمدير وهو الذي سيُحاسب.

 

أختي المسلمة: هل تعلمي أن هناك في أمريكا جمعية تحت مسمى "جمعية المرأة المطيعة لزوجها"؟، فهن يردن أن يتعلمن منكن أيتها المسلمات كيفية طاعة الزوج، لأنهن يعلمن أنه لا قيام للأسرة بدون طاعة المرأة لزوجها.

 

أختي المسلمة: ما صار طبيب طبيبًا إلا بطاعة أمه لوالده، وما صار مهندس مهندسًا إلا بطاعة أمه لأبيه، ما صارت جامعية جامعية إلا بطاعة أمها لأبيها، ولولا أمك التي أطاعت أباك لما كنت بهذا المستوى الراقي من الأخلاق، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: »إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت«(3).

 

وعن الحصين بن محصن، أن عمة له أتت النبي، صلى الله عليه وسلم، في حاجة، ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي، صلى الله عليه وسلم: »أذات زوج أنت؟«قالت: نعم، قال:»كيف أنت له؟«، قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال:»فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك«(4).

 

ثانيًا: الأمانة:

 

بمعنى أن تكون المرأة أمينة على نفسها، فأصعب شيء على الزوج أن يخرج من بيته وليس مطمئنًا على أهل بيته، يخاف أن تخونه زوجته، سواء في نفسها أو في ماله أو في أولاده، يكاد قلبه أن يتفطر؛ لذلك طلب النبي، صلى الله عليه وسلم، أن تكوني أمينة مع زوجك؛ لتحفظي بيتكِ وتحفظي أولادكِ.

 

أما المرأة التي إذا خرج زوجها في الساعة الثامنة صباحًا، خرجت ورائه بنصف ساعة إلى جاراتها, ثم لا ترجع إلا قبل رجوعه بنصف ساعة، فقد خانت الأمانة، والمؤمن أمين أما المنافق إذا أؤتمن خان، ولا تكون مؤمنة من المنافقات.

 

والمرأة التي إذا خرج زوجها واستودعها أولاده، ثم ذهبت تترك أولاده للشارع، حتى قبل أن يأتي الزوج بساعة عادت إلى بيتها ولملمت أولادها، فما حفظت هذه الأمانة،.

 

كذلك من باب الأمانة ألا تنفق الزوجة من مال زوجها بدون علمه وإذنه؛ لأنها مؤتمنة على المال.

 

كذلك من باب الأمانة أن تحفظ الزوجة أسرار البيت، فما يجري في بيتكِ ليس أمرًا تسويقيًا، يجوز لكِ أن تقوليه لأمك أو أختك، وإن مما يؤذي الزوج كثيرًا أن يسمع بعد حين من أبيكِ أو أخيكِ، حادثة خاصة وقعت داخل البيت.

 

أنتِ أمينة على أسرار الزوج، وأمينة على مال الزوج، وأمينة على أولادكِ وأولاد الزوج، وأمينة على بيتك وعلى بيت هذا الزوج.

 

ثالثًا: طلب رضا الزوج:

 

اطلبي رضا الزوج، فيرضى عنكِ محمد، صلى الله عليه وسلم، فيرضى عنك رب العالمين، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: »ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟« قلنا: بلى يا رسول الله. قال: »كل ودود ولود إذا غضبت أو أسيء إليها قالت: هذه يدي في يدك، لا أكتحل بغمضٍ حتى ترضى«(5)، هذه المرأة والله تُشترى بماء العيون، هذه المرأة يُدفع لها مهر مُلكُ سماء ومُلكُ أرض.

 

ولكن ماذا لو عصت امرأة زوجها، ولا هي طلبت رضاه، ولا هي اعترفت بخطئها؛ بل قالت: أنا وأنت واحد، بالعكس أبي خير من أبيك، وأمي أفضل من أمك، وعائلتي أحسن من عائلتك، وشهادتي الجامعية أرقى من شهادتك، فما مآل هذه المرأة، يجيب النبي، صلى الله عليه وسلم، حين يقول: »ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبًرا: رجل أم قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان«(6).

لذلك يا أختي المسلمة نحن نربأ بكِ أن تكوني من هؤلاء، فأنت أكبر بكثير وأغلى بكثير وأثمن بكثير، من أن تكوني باحثة عن أنانية شخصية أو عن تدمير أسرة.

 

رابعًا: طلب إذن الزوج:

 

ما دام هو المدير فالعادة ألا يخرج الموظف إلا بعد استئذان المدير، والعادة ألا يأخذ إجازة إلا بعد إذن المدير، وكذلك ألا يسافر إلا بعد إذن المدير وموافقته، وطلب إذن الزوج نوع من الاحترام له.

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:»لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه«(7)،وهذا في صيام التطوع وليس في صيام رمضان؛ لأنه أمر مفروض من المولى، عز وجل، لكن الشاهد أن الصيام أجره عظيم، وقد تكفل به المولى، عز وجل ونسبه إلى نفسه، ومع ذلك أمرها النبي، صلى الله عليه وسلم، ألا تصوم إلا بإذن زوجها.

 

هذا ما يريده النبي، صلى الله عليه وسلم، من الزوجة، أن تطيع زوجها في المعروف، وأن تكون أمينة على نفسها ومال الزوج وأولاده، وأن تطلب رضا الزوج، وأن تطلب إذنه، حتى تستطيع المسلمة أن تكون بيتًا مسلمًا سعيدًا.

ــــــــــــــــــــــ

صحيح البخاري (2751).

الدورة التأهيلية للحياة الزوجية، للشيخ الطبيب محمد خير الشعال، بتصرف واختصار.

صحيح ابن حبان (4163).

مسند أحمد (19003).

المعجم الأوسط (1743).

سنن ابن ماجه (971).

صحيح البخاري (5192).