logo

التربية بالمكافأة


بتاريخ : الأحد ، 8 جمادى الأول ، 1438 الموافق 05 فبراير 2017
بقلم : تيار الاصلاح
التربية بالمكافأة

عن سلمة بن الأكوع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة»، قال: «ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين؛ سهم الفارس، وسهم الراجل، فجمعهما لي جميعًا، ثم أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة»(1).

قال النووي: «هذا فيه استحباب الثناء على الشجعان وسائر أهل الفضائل، لا سيما عند صنيعهم الجميل؛ لما فيه من الترغيب لهم ولغيرهم في الإكثار من ذلك الجميل، وهذا كله في حق من يؤمن الفتنة عليه بإعجاب ونحوه»(2).

لقد اهتم الإسلام بقضية المكافأة على العمل الصالح، والعمل المثمر، وفي ذلك يقول الله تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام:160]، فهذه مكافأة على عمل واحد إيجابي يكافأ بعشر أمثاله، وهذا تعزيز ودعم معنوي، ودافع مستمر في عمل الصالحات؛ بل إن الأمر يتجاوز المكافأة على العمل إلى المكافأة على النية الصالحة، ففي حديث ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: «إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمَن هَمَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة»(3).

يغفل بعض الآباء مكافأة أبناءه على سلوكه الجيد، إما بسبب انشغاله، أو لاعتقاده الخاطئ أنّه يجدر بهذا الأخير إظهار السلوك المهذّب بدون الحاجة إلى إثابة، ولعل ما يثبت عدم صحة هذا الاعتقاد هو مثال: كيف أن الطفل حين لا يجد أي تشجيع على مساعدته في بعض شئون المنزل؛ فإنه تلقائيًا لن يكون متحمّسًا لتكرار هذه التجربة في المستقبل، ونظرًا إلى أن هدف المربي هو جعل السلوك السليم يتكرر مستقبلًا، فمن المهم إثابة السلوك في حد ذاته وليس الطفل.

وتعدّ مكافأة السلوك الجيد الذي يصدر عن الطفل منهجًا تربويًا أساسيًا في السيطرة على تصرفاته وتطورها، وأداة هامة في بث الحماسة ورفع معنوياته وتنمية ثقته بذاته؛ لأنها تعكس القبول الاجتماعي الذي يحظى به الفرد، ويعتبر الأمر سيّان بالنسبة للراشدين، علمًا بأن الطفل الذي يثاب عن سلوكه الجيد سريعًا، وبدون تأجيل، سيتشجع حتمًا على تكراره مستقبلًا.

إن الثناء يُشعِر الشخص بالرضا والإنجاز، ويزيد من ثقته بنفسه، والمربُّون اليوم أحوج ما يكونون إلى غرس الثقة بالنفس، والشعور بالقدرة على الإنجاز، في ظل جيل يعاني من الإحباط، وتسبق هواجس الإخفاق تفكيره في أي خطوة يخطوها، أو مشروع يُقدم عليه.

في حين أن النقد واللوم يسهم في تكريس الشعور بالفشل والإحباط ونموه في النفس،  ويضيفه صاحبه إلى تجاربه المخفقة.

لا يختلف اثنان في أن مكافأة المحسن هي من الأمور التي يوافقها العقل، وترتضيها الفطرة  البشرية؛ بل إنها من العهود التي ألزم الله تعالى نفسه بها، واعتبرها من دلائل الحكمة والمنطق.

لهذا فمن المهم جدًا أن يقابل السلوك الحسن، الذي يصدر عن الطفل، بإحسان آخر، أو ما يعبر عنه بالمكافأة، وذلك لتعزيز القيم الفطرية والعقلية التي يحملها في داخله أولًا، وجعله يميز بين الفعل الحسن والقبيح من خلال هذا السلوك الذي تم مكافأته عليه ثانيًا.

والثناء وسيلة غير مباشرة لإثارة تطلُّع الآخرين وحماستهم للتأسي بالمُثْنَى عليه، والاقتداء به، وإبرازه مثالًا حيًا مشاهَدًا أمامهم.

وحتى يؤدي الثناء دوره دون إفراط فلا بد من الاعتدال؛ فالمبالغة فيه تُفقده قيمته، وتشعر من يسمعه بأنه ثناء غير صادق ولا جاد.

وهو مذموم حين يوجَّه لمن لا يستحقه، أو لمن يُخشى عليه العُجْب والغرور؛ بل يستحق من يطلقه حينئذ أن يُحثى التراب في وجهه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب»(4).

ولهذا امتنع صلى الله عليه وسلم عن بيان بعض منزلة قريش، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال: «لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله عز وجل»(5).

وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الآخر المشهور: «إنما الأعمال بالنيات...»(6)، فالنتائج والمكافئات التي ينالها الإنسان عند إنجازه أمرًا ما تحفزه على عمل أشياء أخرى إيجابية، فالتعزيز الإيجابي يقوي السلوك، ويزيد من احتمالية تكرار السلوك الإيجابي مرة أخرى.

عن ابن عباس في قصة مبيته وهو طفل عند النبي صلى الله عليه وسلم قال: فدخل النبي صلى الله عليه وسلم الخلاء فوضعت له وضوءًا، قال: «من وضع هذا؟»، فأخبر، قال: «اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل»(7)، فكان هذا الدعاء العظيم مكافأة على فعل إيجابي قام به الطفل ابن عباس، وتعزيزًا لسلوكه الإيجابي.

وكذلك عزز النبي صلى الله عليه وسلم السلوك الإيجابي لدى جعفر بن أبي طالب، المتمثل في حسن الخلق، بقوله: «أشبهت خَلْقي وخُلُقي»(8).

التعزيز الإيجابي:

في التعزيز الإيجابي تشكل المكافأة حافزًا فعالًا؛ إذ تُعطى مباشرة بعد السلوك المرغوب فيه؛ كي يزيد من احتمالية حدوث ذلك السلوك مرة أخرى.

فتعزيز السلوك الإيجابي يحفز الابن في مواصلة الأداء الإيجابي، والتعزيز الإيجابي وسيلة جيدة لغرس الانضباط واستمراره، فلا شك أن بعضًا من الانضباط الذاتي أمر ضروري للمتربي خلال مرحلة تعلمه.

إلا أنه عند ممارسة التعزيز فإننا نحتاج لنسأل: ما الشيء الذي أعززه في المتربي؟ فأحيانًا، من غير قصد، قد نعزز سلوكًا خاطئًا؛ مثال ذلك: عندما يرفض المتربي أن يعمل أو يسمع الأوامر، فقد تتجه وتعده بشيء إذا فعل ذلك الأمر لكي يستجيب لأمرك، فإن ما تحفزه الآن هو الاستمرار في الرفض والعناد واستجداء المكافأة، ففي المرة القادمة سوف يعيد الكرة مرة أخرى؛ رغبة في الحصول على مكافأة جديدة.

ملحوظات مهمة للتحفيز:

أولًا: تحفيز الخير: عند منح أبنائنا هدية تحفيزية للخير فإننا نقرن مع ذلك أن هناك هدية أعظم وأبقى وأفضل عند الله لمن فعل الخير، إن الربط المستمر بين المكافأة والرغبة بما عند الله عامل قوي لدفعهم لعمل ما يرضاه الله، فلا يعطى على كل عمل ينجزه مكافأة؛ إذ يكون العمل دائمًا من أجل الحصول على المكافأة؛ بل لا بد أن يعلم أن هناك أعمالًا يجب أن تعمل من أجل الله عز وجل، فيتعلم الإخلاص، وألا ينال أجره إلا من الله وحده.

وفي هذا الموقف ينبغي توسيع وتصحيح مفهوم العبودية لدى الأطفال، فليست العبودية محصورة فقط في الصلاة أو الصيام؛ بل كل عمل خير يعمله يعتبر عبادة إذا صلحت النية، فالابتسامة والاحترام والتقدير ومعاونة المحتاج كلها عبادة محبوبة لله، فليس هناك عدد محصور لعمل الخير، فكل سرور تدخله في قلوب الآخرين هو عبادة.

ثانيًا: المكافأة الاجتماعية: هذا النوع على درجة كبيرة من الفعالية في تعزيز السلوك التكيفي المقبول والمرغوب عند الصغار والكبار معًا.

ومن أمثلتها: الابتسامة- التقبيل- المعانقة- الربت- المديح- الاهتمام- إيماءات الوجه المعبرة عن الرضا والاستحسان، والعناق والمديح والتقليل؛ كل تلك التعبيرات العاطفية سهلة التنفيذ.

والأطفال عادة ميالون لهذا النوع من الإثابة، فمن أقوى وسائل التعزيز الثناء الصادق، والمديح المتزن، والكلام الجميل الممتلئ بالتقدير والشكر، فبالإضافة ليُسْر هذا الأمر إلا أنه ينقل التعزيز من التركيز على الأشياء المادية إلى العواطف الأبوية، فالمتربي بحاجة لإظهار الشكر والمديح على إنجازاته وسلوكياته المقبولة الجيدة؛ فإن هذا الأسلوب يعزز شعور الحب بين المتربي ووالديه، فالتعزيز اللفظي من المحفزات القوية في تنمية السلوك وتقويمه.

ثالثًا: المكافأة المادية: كثير من الناس عندما يسمعون لفظة المكافأة يتجه تفكيرهم إلى الأشياء المادية، وليس الأمر كذلك؛ فيمكن تعزيز السلوك عن طريق كلمات الشكر والثناء، مع لفت الانتباه إلى هذا السلوك الإيجابي، أو عن طريق هدية بسيطة، أو الخروج في رحلة، أو قراءة قصة مع إشعار أن ذلك نتيجة لهذا السلوك الإيجابي، فلا يشترط في نوعية المكافأة أن يكون أمرًا ماديًا.

رابعًا: التوازن في المكافأة: فلا بد أن تكون الهدية متناسبة مع طبيعة العمل المنجز، فيجب أن يكون هناك اعتدال في نوعية المكافأة، فلا إفراط أو تفريط، فليس من المعقول مثلًا إذا عمل عملًا بسيطًا أن أكافئه مكافأة كبيرة وعظيمة؛ بل كل عمل بحسبه، فالإفراط في الهدية لا تعطي المتربي المقياس الموضوعي أو المصداقية الحقيقية التي من خلالها يقيس سلوكه؛ بل يولد لدى المتربي الغرور والتكبر، وأنه قد وصل إلى القمة مع أن عمله قد يكون تحت المتوسط، وهذا التكبر قد ينمو مع نمو شخصيته؛ مما يجعله يفقد المصداقية والاحترام في عيون الآخرين.

فالمكافأة ينبغي أن تكون متوافقة مع السلوك وغير مبالغ فيها، وإلا سيكون لها تأثير سلبي، فالمكافأة تكون أحيانًا عقابًا للمتربي، فهي قد تكون مُسَكِّنًا مؤقتًا للسلوك السلبي.

خامسًا: التعزيز أمر نسبي: فالمكافأة التي تجذب متربٍ ما قد لا تروق لآخر؛ ولذلك من المهم أن نقدم المكافأة التي يرغب فيها المتربي بذاته، وكذلك من المهم التنويع في نوعية المكافأة، فالمكافأة المتكررة تفقد جاذبيتها وقيمتها المعنوية لدى المتربي، وانتقاء المكافأة وتغييرها يتطلب ممارسة وحنكة من المربي، وقد يكون هناك إخفاق في اختيار المكافأة إلا أنه يجب أن يكون هناك ملاحظة لتصرفات المتربي تجاه المكافأة، ومحاولة كشف رغباته ومواهبه وتحقيقها في المكافأة.

سادسًا: وقت التعزيز: فلكي تكون المكافأة فعّالة بحق أعط المكافأة مباشرة عند حدوث السلوك المرغوب؛ وذلك لترتبط المكافأة بالسلوك، ومن المهم كذلك أن يفهم المتربي السبب وراء حصوله على المكافأة.

فاستخدام المكافأة بطريقة صحيحة ومعتدلة يمكن أن تقود المتربي، بعد توفيق الله عز وجل، إلى الاتجاه الصحيح(9).

وإذا لم يكن بالإمكان مكافأة المتربي مباشرة فيمكن استخدام المعزز المشروط، وذلك باستخدام الجدول ووضع العلامات أو النجمات، فعندما يحصل المتربي على قدر معين من العلامات أو النجوم لسلوكيات معينة فإنه يحصل على المكافأة، فالعلامات هي المعزز المشروط.

ومن الخطأ أن تكون المكافأة دائمًا عن طريق التعزيز المشروط؛ بل لا بد من استخدام التعزيز المتغير، أي المكافأة على أساس عشوائي أو غير متوقع، فعندما يصبح السلوك السليم عادة للمتربي أو عندما يعمل المتربي سلوكًا جديدًا إيجابيًا فإنه يكافأ عليه، فالتعزيز المتغير يساعد في استمرار السلوك القويم، والمحافظة على السلوك الممارس.

والتعزيز المتغير قد يأتي بنتائج عكسية إذا استخدم في إزالة السلوك غير المرغوب فيه، مثال ذلك: إذا بكى الطفل لأمر ما، ثم أعطيته حلوى أو لعبة لكي يسكت عن الصراخ، فإنك بذلك تشكل لديه عادة، وهي (البكاء طريق للحصول على مكافأة)، والأفضل لإزالة السلوك السيئ أن يعالج بالتجاهل، أو بأي طريقة تربوية أخرى، فمن الخطأ استخدام المكافأة لجعل المتربي ينصاع للأوامر، وإنما يجب أن تستخدم المكافأة لتتحكم في السلوك والتوجيه.

المكافأة قد تفقد أثرها وقيمتها الحقيقية المرجوة لو لم تأت في إطارها الصحيح، وهناك شرط أساسي لمكافأة السلوك الجيد الذي يصدر عن الطفل، وهو أن تكون المكافأة سريعة دون تأجيل أو تسويف(10).

التعزيز النبوي:

يولّد التعزيز شعورًا إيجابيًا عند المتعلم، ويعمل على تثبيت السلوك الحسن، ويمكن إجمال أبرز أساليب التعزيز الإيجابي التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم في تدعيم السلوك الحسن لدى أصحابه، على النحو التالي:

1- التعزيز ببيان الثواب الجزيل المترتب على السلوك الحسن:

ومثال ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه: «يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دفّ نعليك بين يدي في الجنة»، قال : ما عملت عملًا أرجى عندي من أني لم أتطهّر طهورًا في ساعة من ليلٍ أو نهارٍ إلا صليت بذلك الطهور ما كُتِب لي أن أصلي(11).

2- التعزيز بالمكافأة المباشرة: تشكل المكافأة حافزًا فعالًا حينما تقدم مباشرة بعد السلوك المرغوب فيه، وقد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا النوع من التعزيز، ففي الحديث الشريف عن عبد الله بن الحارث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفّ عبد الله وعُبيد الله وكثيرًا من بني العباس، ثم يقول: «من سبق إليّ فله كذا وكذا»، قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيُقبلهم ويلزمُهم(12).

3- المدح والثناء على الفعل الحسن: فتشجيع المتعلم والثناء عليه، بلا شك، يعد تعزيزًا له، وتحفيزًا على الاجتهاد في التحصيل، وقد بادر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تشجيع أحد أصحابه وأثنى عليه حينما عرف الإجابة عن سؤال طرحه عليه، فعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا المنذر، أتدري أيّ آية من كتاب الله معك أعظم؟»، قال: قلت: «الله ورسوله أعلم»، قال: «يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟»، قال: قلت: «الله لا إله إلا هو الحي القيوم»، قال: فضرب في صدري وقال: «والله، لِيَهْنِكَ العلمُ أبا المنذر»(13)، والملاحظ في الحديث السابق أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرن الثناء والمدح بالضرب على صدر أبي المنذر، وفي ذلك مزيد من التعزيز باستخدام لغة صامتة مدعمة.

كما فعل ذلك مع أبي موسى الأشعري حين أثنى على قراءته وحسن صوته، فعن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أُوتيت مزمارًا من مزامير آل داود»(14).

4- التعزيز بإظهار الحب والرضا عن المتعلم: ومثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: «إن فيك خصلتين يحبهما الله؛ الحِلْمُ والأناة»(15).

5- التعزيز بالابتسامة: جاء في الهدي النبوي الشريف: «لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»(16).

وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يلاقي أصحابه رضوان الله عليهم بالابتسامة، وعبَّر عن هذا السلوك التعزيزي قولُ جرير بن عبد الله: «ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي»(17).

لقد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من أساليب التعزيز الإيجابي في حفظ السلوك المرغوب، وترسيخه لدى أصحابه رضوان الله عليهم، وهو أسلوب تربوي يدعو إليه علم النفس الحديث، وهذا الأسلوب يرجع إلى النظرية السلوكية للعالم سكينر.

والتعزيز الإيجابي هو مؤثر داخلي، يبعث النفس البشرية على الارتياح، ويُسهم في تحفيز طاقة الإنسان وجهده نحو الهدف بكل رغبة واقتناع.

وبعض المربين في العمل الإسلامي عندما تقول لهم: استخدموا سلاح التعزيز الإيجابي، والمدح الصادق الهادف، والكلمة المكسوة بالثناء الصادق، يجيبك قائلًا: أخاف عليهم العجب والرياء، وآخر يقول: سيتعودون على ذلك.

نقول له ولأمثاله: أين أنت من تلك الأوسمة التي حلاها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على أصحابه؟ فخالد سيف الله المسلول، ومعاذ أعلم الأمة بالحلال والحرام، وأبو عبيدة أمين هذه الأمة، وعليٌّ رجل يحبه الله ورسوله، وعمر ما سلك فجًا إلا سلك الشيطان فجًّا آخر.

إنه المربي عليه الصلاة والسلام، من منحه ربه صلى الله عليه وسلم أعلى وسام وأعظم تعزيز، فقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].

***

______________

(1) أخرجه مسلم (1807).

(2) شرح النووي على صحيح مسلم (12/ 182).

(3) أخرجه مسلم (131).

(4) أخرجه مسلم (3002).

(5) أخرجه أحمد (16928).

(6) أخرجه البخاري (1).

(7) أخرجه أحمد (2397).

(8) رواه البخاري (2699).

(9) التربية بالمكافأة، موقع المستشار.

(10) المكافأة وأثرها السحري على الطفل، موقع: الفرات.

(11) أخرجه البخاري (1149).

(12) أخرجه أحمد (1836).

(13) أخرجه مسلم (810).

(14) أخرجه مسلم (793).

(15) أخرجه مسلم (17).

(16) أخرجه مسلم (2626).

(17) أخرجه البخاري (6089)، ومسلم (2475).