logo

العناد عند الأطفال


بتاريخ : الأربعاء ، 8 محرّم ، 1437 الموافق 21 أكتوبر 2015
بقلم : تيار الإصلاح
العناد عند الأطفال

يعاني كثير من أولياء الأمور من عناد أطفالهم وتصميمهم على رأيهم وتلبية رغباتهم، وعناد الأب أو الأم بممارسة السلوك المناقض لما يطلبونه منهم، حتى مع تهديدهم بالعقاب والحرمان.

وإذا ما سألنا الأم: ماذا تفعلين مع طفلك العنيد؟ أو طفلتك العنيدة؟، فإن الحل الأسهل ورد الفعل التلقائي من أغلب الأمهات هو توبيخ الطفل ونهره، والرد على صراخه بصراخ، وهذا الحل الذي تتبعه بعض الأمهات يعتبره خبراء التربية من الأخطاء الكبيرة التي تقع فيها الأم، فهو يلغي لغة الحوار بينها وبين طفلها أو طفلتها، وقد تجد الأم بأن الطفل استجاب، لكنه إن فعل، فهذا بسبب خوفه وليس بسبب قناعته.

العناد: هو سلوك يُظهره الطفل على شكل مقاومة علنية لما يطلب منه من قبل الآخرين.

إن العناد عند الأطفال ظاهرة طبيعية في حدودها المعقولة، وذلك عندما يكون في خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل، ولكنه يصبح مشكلة سلوكية ونفسية عندما يستمر إلى فترة طويلة.

ما ظاهرة العناد؟:

يمكن أن نعرف العناد على أنه السلبية التي يبديها الطفل تجاه الأوامر والنواهي والإرشادات الموجهة إليه من قبل الكبار من حوله، ولا نعني السلبية فقط، وإنما الإصرار على الفعل الذي يخالف أوامر الوالدين، فمثلًا عندما يطلب منه تناول الغداء يتحجج باللعب، أو عند الطلب منه الذهاب للنوم يعاند ويعاكس الأمر، أو عند الطلب منه الذهاب إلى الحمام يرفض ويتبول في ملابسه.

يشير العلماء إلى أن هناك ثلاثة أشكال للعناد عند الأطفال، وهي على شكل:

1. المقاومة السلبية، فهو لا يهتم بالمطلوب منه.

2. التحري والعناد الظاهر، كأن يقول الطفل: لن أفعل ذلك.

3. نمط العناد الحاقد، وهو القيام بعكس ما يُطلب منه.

متى يكون العناد ظاهرة صحية؟:

إن الطفل يشعر في عامه الثاني أو الثالث بأنه قد تعلم الشيء الكثير، فأصبح قادر على المشي والتنقل وبدء يفهم الكلام الموجهة إليه، وأصبح يعرف أشخاص خارج نطاق الأسرة المحيطة به، فإن عناده في هذه المرحلة يكون ظاهرة صحية؛ لأنه يحاول الاستقلال بنفسه والاعتماد على ذاته.

ما سن العناد؟:

من سن الثانية إلى سن الخامسة أو السادسة تقريبًا، لكن التصرف السيء من قبل الوالدين في علاج هذه الظاهرة قد يؤدي إلى طول فترة العناد، ويكون الناتج عنها مشاكل عديدة.

أنواع العناد:

1. العناد الطبيعي:

وهذا ليس خطرًا بل هو ضروري للطفل، وعلى الأبوين في هذه المرحلة معرفة كيفية التصرف مع الطفل، فإن الصراخ في وجه الطفل وضربه ليس هو الحل الأمثل، بل التعزيز هو البديل الصحيح، فهناك بعض كلمات التعزيز التي تدخل الفرحة والسرور على قلب الطفل عندما يقوم بأي عمل ولو حتى بسيط، من هذه الكلمات: أحسنت، أسد، يحب أباه وأمه، نظيف، مؤدب، قوي، نشيط.

والعكس عندما يقوم بعمل غير مرغوب فيه، فهناك كلمات منفرة: لست قويًا، لا يحب أباه وأمه، ليس نظيفًا.

2. العناد المشكل:

ينشأ هذا النوع من العناد ويتطور مع عدم وجود البيئة الصحيحة للتعامل مع العناد الطبيعي، وإذا استمر هذا النوع من العناد قد يؤدي إلى العنف واللامبالاة وعدم الرغبة في التعلم؛ فلابد من معرفة كيفية التعامل مع الأطفال في تلك المرحلة.

مظاهر العناد:

من مظاهر العناد عند الطفل التصلب في الرأي، والجمود في التفكير، مما يثير دهشتنا ويصيبنا بالضيق والحرج لهذا العناد وصلابة الرأي، فالطفل مثلا لا يريد أن يستمع لتوجيهات الكبار، ولا يحب أن يفعل إلا ما يريده هو، حتى لو كان ذلك الفعل غير سليم، أو لا يتماشى مع المنطق والعقل.

ومن الأمور الأخرى، رفض الطفل أمورًا مهمة مثل النظافة، وغسل الوجه، والاستحمام، وتناول كوب الحليب، والنوم في الموعد المحدد، فيبدو مقاومًا متشبثًا برأيه رافضًا توجيهات الكبار، وقد يكون هذا الأمر مقبولًا في مرحلة الحضانة، لكنه غير مقبول في مراحل العمر التالية للطفل، وقد يفسر بعض الآباء والأمهات هذا العناد على أنه دليل قوة شخصية الطفل، والحقيقة أن هذا السلوك لا يعبر عن هذا الفهم الخاطئ، لأن أسلوب العناد غير السوي يعبر عن ممارسات سلبية تبعد الطفل عن التفاعل الاجتماعي السليم، فليس العناد تعبيرًا عن احترام الذات بقدر ما هو أسلوب يعبر عن المشاكسة.

ويرتبط العناد بالقسوة والعدوانية، فنلاحظ أن بعض الأطفال الذين يتصفون بالعناد تبدو عليهم ميول عدوانية وكذلك بعض القسوة، ويتجلى ذلك من خلال بعض تصرفاتهم، فنراهم يمزقون الملابس، ويحطمون التحف الغالية، أو يعتدون على الحيوانات، أو يستخدمون الأقلام استخدامًا سيئًا فيشوهون بها الجدران في المنزل أو المدرسة، وهذه التصرفات الغريبة قد تجعل الطفل يشعر بالقوة ويفخر بنفسه، فما الذي يجعل الصغير يلجأ إلى مثل هذه التصرفات؟، يحب أن يقلد الكبار في قسوتهم، أو يميل إلى السيطرة أو الإعلان العنيف عن ذاته.

وهذا هو العلاج:

1. الفكرة أم الأسلوب: قبل أن نتهم الطفل بأن إقناعه صعب، يجب أن نحاول سؤال أنفسنا: لماذا تكون عملية إقناعه صعبة؟، هل لأنه لا يقتنع بطلبات الأم؟ التي هي في غالب الأحيان في صالحه؟، أم أن الأسلوب المتبع في الإقناع يفتقر الى المرونة والحكمة في إفهامه؟.

يرى معظم خبراء التربية أن الخطأ الأول هو من الأهل، والمقارنة شاسعة بين تجربة الطفل وتجربة الأهل، لذا عليهم هنا تفهم نفسيته وعمره الصغير، ورغبته بإثبات ما لا يريده وما يريده.

فأغلب المشاكل التي تحدث هي مشادات صغيرة في الحياة اليومية، والأمثلة كثيرة على ذلك، مثلًا:

عدم القدرة على إقناعه بشرب الدواء، وعدم القدرة على إقناعه بلبس القبعة الصوفية والقفازات عند البرد، وعناده في ربط حزام الأمان في السيارة، وغيرها الكثير.

لكننا إذا توقفنا قليلًا لنحاول أن نفهم سبب الرفض، فسوف يتغير الكثير وسوف يذوب العناد تلقائيًا ويتلاشى.

2. استمعي له: لا تحاولي إجباره، بل استمعي له، فليس من الصواب أن تتوقف الأم عن تقديم الدواء لطفلها عند مرضه لأنه رفض ذلك؛ بل يجب اتباع أسلوب شيق لمساعدته وتشجيعه، وقبل هذا وقبل محاولة إسكاته، اجلسي معه واستمعي إليه وحاولي أن تقدمي له المواساة، واشعريه بتعاطفك معه كي يستعيد الأمان ويشعر أنك في صفه ومعه لمواجهة ما لا يحبه، ولن يراك وكأنك غير متفهمة لمشاعره وتحاولين ظلمه.

مواساة الطفل هي البداية الصحيحة والناجحة لتهدئته وإعطائه الفرصة لشرح مخاوفه والتعبير عن أسباب رفضه؛ وهي الطريقة الأساسية لإشعار الطفل بأنكِ معه جنبًا إلى جنب.

3. المكافأة والتشجيع: لا تنسي أن طفلك الصغير لا يزال يفتقر إلى ما هو منطقي، ومحاولة الشرح له وإفهامه قد لن تكون مجدية، لذا تذكري دائمًا أن طفلك ذا التسعة أعوام مثلًا لا يزال طفلك ومكافأته أو تشجيعه لن يكون لمن هو أصغر منه سنًا فقط.

تذكري دائمًا كلمتين عند محاولتك إقناعه وهما «التشجيع والمكافأة»، فحاولي أن تسانديه وتشجعيه لإقناعه، وكوني إيجابية في تشجيعك كأن تقولي له بأنه يستطيع أن يفعل ذلك.

4. تنمية تبادل الآراء بين الأطفال؛ حتى يشعر الطفل بالقيادة حينًا والتبعية حينًا آخر.

5. الابتعاد عن أساليب الحماية الزائدة والتدليل المفرط، فهذه الأساليب تعود الطفل على أسلوب المخالفة.

6. تذكري قيمة القصص في التربية، فهي تمرر مضامين التربية إلى عقل الطفل؛ وهنا يأتي دور حكايات المساء، فاخترعي شخصية وثبِّتيها وانسجي حولها القصص.

7. خصصي للطفل وقت من النهار لتتقربي من الطفل وتعوضيه إنشغالك عنه بقية اليوم، ولو أن تحددي هذا الوقت بنصف ساعة فقط.

8. يجب تجنب الوصول مع الطفل لمرحلة العناد، فإذا شعرت بأن الطفل على وشك الدخول في أحدها، فحاولي لفت نظر الطفل إلى شيء محبب له أو إلى موضوع أخر بخفة.

9. يمكنك الاشتراك للطفل في أحد الحضانات، بحيث يذهب ثلاثة أيام لبعض الوقت للعب والمرح.

10. يجب منح الطفل وقتًا للخروج إلى المتنزهات وليشعر بالانطلاق واللعب ومشاهد الطبيعة، فسوف يمتص ذلك من طاقة الطفل.

11. لا بد أن يفرغ الوالد جزء من الوقت للطفل، كل يوم يجلس معه ويلاعبه، وليكن الأب مساندك الأساسي في رحلة النوم.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

أهم المصادر:

العناد عند الأطفال...الأسباب والعلاج، موقع إسلام ويب.

العناد، موقع كيان لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.

حل مشكلة العناد عند الأطفال، شبكة رافد للتنمية الثقافية.

عناد الأطفال وأفضل الحلول لمعالجتها، موقع جريدة المستقبل.