logo

الأمية العاطفية تجاه الأبناء


بتاريخ : الثلاثاء ، 4 ربيع الأول ، 1445 الموافق 19 سبتمبر 2023
بقلم : تيار الاصلاح
الأمية العاطفية تجاه الأبناء

الأمية العاطفية هي ضد النضج والحكمة، والمصاب بها يعتبر شخصًا قلقًا ومقيدًا بهواجسه ومشاعره الخاصة، وفي كل تصرفاته يبدو مستجديًا الاهتمام والعطف من الآخرين، وفي مقابل ذلك يرى علماء السلوك البشري أن مظاهر الأميّة والتخلف العاطفي تنحصر في مجالات خمسة:

أولًا: اضطراب المشاعر؛ هو مصطلح يستخدم في مجال الصحة النفسية، والذي يشير إلى الاستجابة التي تنشأ بشكل غير مناسب، ولا تقع ضمن الاستجابات العاطفية المقبولة في المواقف المماثلة.

ويمكن الإشارة للاضطراب العاطفي بالمزاج المتغير أو المزاج المتأرجح، ويعتبر من المظاهر الممكن أن يشملها الاضطراب العاطفي ثورات الغضب أو الثورات السلوكية؛ كإلقاء الأشياء أو تحطيمها، أو حالات العنف التي قد يستهدف بها الشخص نفسه أو الآخرين، وهذه العوارض العاطفية والانفعالية قد تطرأ في ثوانٍ أو قد تأخذ بعض الوقت (دقائق أو ساعات) لتحدث، وهذا الاضطراب العاطفي قد تنشأ عنه مشاكل سلوكية، وقد تؤثر سلبًا على التفاعل الاجتماعي للشخص، وكذلك على علاقاته بأفراد أسرته.

يترافق الاضطراب العاطفي مع حدوث صدمة نفسية مبكرة أو إصابة دماغية أو وجود سجل من إساءة المعاملة في مرحلة الطفولة أو الإهمال، كما يترافق مع حالة اضطراب التعلق التفاعلي.

ومن علاماته فورات الهياج الانفعالي (السلوك الاندفاعي) المتمثل في ردود الفعل الصارخة وطغيان الحساسية، ونوبات الغضب الحادة والانهيار أمام الإحباط، وتقلبات المزاج والغيرة المرضية، وانعدام القدرة على التسامح، وعدم تحمل الألم، وفقدان السيطرة على الانفعال.

ثانيًا: الرغبة الجامحة في الإشباع الفوري؛ فيبحث عن الإشباع الفوري والمباشر لحواسه وغرائزه، وعن تحقيق الحد الأقصى من الحرية الفردية والمتعة الشخصية، فلا إرجاء ولا تأجيل لإشباع الغرائز والحاجات، إذ يجب أن تختفي كل الحدود وأن تُزال كل القيود والسدود.

هذا هو حال فاقدي الصبر الصحّي، مندفعين برغبة جامحة للحصول على ما يريدون وإشباع رغباتهم في اللحظة الراهنة، لا يملكون القدرة على ضبطها لتحقيقها في إطار طبيعي مريح، هؤلاء يتميزون بالسطحية وعدم القدرة على التبصّر والتفكير، حياتهم اندفاعية هوجاء، والمتطرفون من هؤلاء المتطرفين، يصبحون فريسة إدمان الانحراف والاغتصاب.

ثالثًا: الاعتماد الزائد على الغير؛ البعض يتوقف نموّه الاجتماعي عند مرحلة الطفولة، فتراه معتمدًا على الآخرين في كل شيء تقريبًا، وهذه هي الاعتمادية المرضية، وهذا النمط من السلوك تلعب فيه التربية الخاطئة الدور الأكبر حين يعتقد الوالدان أن تلبية رغبات الأبناء تحقّق لهم السعادة والرضا، في حين أنهما يتسبّبان بإعاقتهم نفسيًا واجتماعيًا، وينشأ الواحد منهم متخلفًا عاطفيًا من حيث لا يدري.

رابعًا: عدم القدرة على التعلّم من خبرات الحياة؛ ومثال هذه الحالة ذلك الشخص الذي يعتقد أن كل ما يحدث له في الحياة من إخفاق وإحباط وفشل هو نتيجة الحظ العاثر والظروف القاهرة أو أخطاء الآخرين، لذلك تجده متخاذلًا لا يسعى للتغيير، ويعتبر أن ما كُتِبَ قد كُتِب، ويقع في دوامة تكرار أخطائه كمن يدور في حلقة مُفرغة.

خامسًا: الأنانية المفرطة؛ قليلٌ من الأنانية وحب الذات يشحذان إرادة الإنسان ليستطيع تبوّؤ مكانته اللائقة في الحياة وتحقيق طموحاته المشروعة؛ وهذا أمر صحّي، ولكن في المقابل ذوبان الذات وتماهيها مع الآخرين، وانعدام ذلك القدر اللازم من الأنانية تحقّق شخصية المرء وتُحيله إلى "تابع" أو "إمَّعَة": شخص لا رأي له ولا فكر ولا نظر، يردّد ما يقوله الناس ويمشي وراءهم، ومن المفارقات أن الأنانية المفرطة غالبًا ما تكون مصحوبة بانخفاض تقدير الذات، فهي حين لا يقيم اعتبارًا للآخرين فإنه في الوقت ذاته لا يعطي نفسه سوى اعتبار ضئيل، فالأنانية المفرطة هي نقيض الثقة بالنفس (1).

فتلك الأمية العاطفية تؤدي لكثير من المشكلات للفرد وللمجتمع ككل، ومنها على سبيل المثال:

-حين يعيش الفرد في صراع بين انفعالاته وعقله؛ يؤدي ذلك لزيادة نسبة إصابته بأمراض نفسية قد تؤدي للانتحار مثلما هو منتشر في المجتمعات الغربية.

-كذلك يؤثر ذلك الصراع النفسي على مستقبل الفرد الأكاديمي (الدراسي).

-الإخفاق الوظيفي: فقد قام مكتب الإرشاد المهني بجامعة "هارفرد" بإجراء دراسة على آلاف الرجال والنساء الذين تم الاستغناء عنهم وظيفيًا، فوجدوا أن 10% فقط منهم قد فقدوا وظائفهم لفشلهم في أداء أعمالهم، بينما 90% ممن أجريت عليهم الدراسة قد فقدوا وظائفهم بسبب فشلهم في تطوير شخصياتهم كي تستطيع أن تتعامل بنجاح مع الآخرين.

-الإخفاق الأسري وضعف التربية؛ نتيجة لتفكك أواصر الأسرة.

مجالات الذكاء العاطفي:

ولكي نستطيع أن نطلق صفة الذكاء العاطفي على الفرد يجب أن يجيد خمس مجالات أساسية وهي:

1-تعرف الفرد على حقيقة عواطفه: فالتعرف على حقيقة مشاعرنا وعواطفنا تجعلنا نستطيع فهمها ولا نقع تحت رحمتها ونندفع وراءها.

2-إدارة تلك العواطف: كقدرة الفرد على تهدئة نفسه في حالة غضبه، أو كبح جماح التوتر والقلق الذي يشعر به في المواقف الجديدة أو الخطرة، والفرد الذي يفتقر إلى تلك المقدرة يعيش في صراع مستمر بين عواطفه المختلفة، أما الفرد الذي يمتلكها فهو ذلك الفرد الذي يستطيع أن يقوم من كبواته بسرعة وبأقل الخسائر.

3-توجيه العواطف: وهي مرحلة متقدمة بعد إدارته لعواطفه؛ وفيها يقوم الفرد ليس فقط بالتحكم في عواطفه وانفعالاته السلبية؛ بل يوجهها نحو تحقيق هدف ينشده، كالذي يستفيد من إحباطاته المتكررة لكي تكون قوة دفع تحفزه للإبداع والتفوق.

4-الشعور بمشاعر الآخرين (التقمص الوجداني): وهنا يخرج الفرد من نطاق مشاعره إلى الشعور بمشاعر المحيطين به والإحساس بها والتعاطف معها، ويظهر ذلك في مشاعر كالغيرة والإيثار.

5-توجيه العلاقات الإنسانية: وهو في معظمه مهارة في تطويع عواطف الآخرين، وهو فن يجيده الزعماء والأفراد الذين يمتلكون الـ (كاريزما).

أسباب الأمية العاطفية مع الأبناء:

أولًا: الجفوة التي يعامل بها الأب أبناءه، فيتعامل معهم بلا عاطفة تذكر، فلا يُبدِ لهم محبة ولا رقة ولا شفقة، ويظن أنه يربيهم على الخشونة هكذا فعل، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من قال له إن لي عشرة من الولد لم أقبل أحدهم وقال له: «من لا يرحم لا يرحم» (2)، قال ابن بطال: رحمة الولد الصغير، ومعانقته، وتقبيله، والرفق به، من الأعمال التي يرضاها الله ويجازي عليها(3).

ثانيًا: القسوة والضرب، وهما أخص من الجفوة، فكثرة الضرب والأذى تنقلب كراهية وبغضا في قلب الولد خصوصًا أن الولد لم تتولد لديه بعد مفاهيم حكمة الأشياء والأفعال، فهو يقيمها من جهته فحسب فيكره أباه لضربه، وربما تسبب الضرب القاسي في الأذى الذي لا ينسى عبر الدهر والأزمان.

ثالثًا: إيذاء الأم: فالأبناء يحبون أمهاتهم بفطرتهم خصوصًا مع حنانها ورقتها وعطائها لهم، فإذا قسا الأب عليها أو آذاها تولدت الكراهية في قلوب الأبناء تجاه أبيهم، خصوصًا كونهم غير قادرين على ردعه عنها ودفع أذاه عن أمهم، فيكبر في صدورهم كرهه والرغبة في البعد عنه.

رابعًا: انحراف الأب: فالأبناء يضعون في عقولهم صورة حسنة نموذجية لأبيهم، فيوقرونه ويعظمونه ويحترمونه، ويحبون في داخلهم أن يروه قدوة حسنة لهم، فيفتخرون به وينتمون إليه، لكنهم إذا اكتشفوا عليه جرمًا اهتزت صورته في أعينهم، فإذا تكرر الجرم ازداد السقوط، حتى يسقط الأب في أعينهم سقوطًا تامًا، ومن أشد ما يسقط الأب في أعين أبنائه جرائم الشرف، وخطايا الأعراض، والكذب والزور وغيرها.

خامسًا: الإكراه على الأعمال: وأقصد بها أعمال الدنيا، فتقييد حرية الابن وإكراهه على العمل والسلوك بشكل متصل متتابع يولد الكراهية والبغضاء في قلب الابن تجاه أبيه، وربما ود في بعض الأحيان ذلك الابن أن يفارقه أبوه أو يرحل عنه ليأخذ حريته ويعمل باختياره.

سادسًا: السخرية والاستهزاء: فالأبناء في أعمارهم الصغيرة يكونون كالأوعية، يحملون ويمتلؤون، ثم يفيضون على غيرهم عند كبرهم، وتتكون شخصياتهم من أيام الصغر، وتتشكل عبر ما يحيط بهم من أعمال ومواقف، وسخرية الأب بابنه واستهزائه بقدراته، وإطلاق الألقاب السيئة عليه، والانتقاص من قدره، مسببات تتراكم يومًا بعد يوم فتسبب الكره والبغضاء، إضافة أنها تنتج شخصية مريضة سلبية.

سابعًا: الإهمال وعدم الاكتراث بحياة الأبناء ولا بنفسياتهم، ولا بتعليمهم، ولا بآلامهم ومشكلاتهم، فإذا كان الأب غافلًا مهملًا لأبنائه ولحياتهم وشئونهم، تًعذب الأبناء وعاشوا كالأيتام، ورسخ ذلك في قلوبهم فازدادت الكراهية لأبيهم، وقل الحب وضعف، حتى يأتي وقت فيتلاشى.

ثامنًا: بعد الأب عن الدين: وهو سبب خاص بأهل الإيمان من الأبناء، فالابن المؤمن يحب من أبيه أن يكون صالحًا ديّنًا، تقيًا، متصدقًا، عابدًا، فيستشعر معه معاني بر الوالدين، ومعاني القرب من الله سبحانه وتعالى ويجعله قدوة له، فإذا كان الأب فاسقًا مجاهرًا بالآثام تصاغر مكانه في قلبه وانقلب الحب كرهًا.

تاسعًا: الظلم وعدم العدل، فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أمرًا بالعدل بين الابناء ومعهم، فقال: «اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم» (4)، ولست أعني ههنا أن عدم العدل بين الأبناء في العطايا هو المقصود فحسب؛ بل إن العدل قيمة عظيمة لا يستغني عنها بيت من البيوت، ولو استشعر الأبناء الظلم من أبيهم نبت لديهم في قلوبهم نبت البغضاء والكراهية، فالظلم يطرد المحبة من القلوب (5).

عاشرًا: عدم قضاء وقت كافي مع الأبناء:

انشغال معظم الآباء في العمل ومشاكله، والرجوع إلي المنزل في وقت متأخر حيث يكون الأولاد نائمين، ولا يري الأب أبناءه أبنائه ولا يعرف أخبارهم سوي سؤال الأم فقط عنهم، فهو لا يجلس معهم ولا يتحدث معهم، أو بسبب سفر الوالد للخارج ويكون غائبًا عنهم لشهور طويلة ولا يراهم سوي مرة في السنة، فلا يشعر الأبناء بحب الأب ومحبتهم له لكثرة انشغاله عنهم.

تنمية الذكاء العاطفي داخل الأسرة:

من هنا يتضح لكل والدين ضرورة الاهتمام بذلك النوع من الذكاء وتنميته، مع عدم التركيز على الذكاء العقلي فقط، وسنورد بعض الخطوات التي تعين الوالدين على غرس وتنمية الذكاء العاطفي في نفوس أطفالهم بشكل عملي بسيط وسهل:

- أعلن مشاعرك: هذا هو الشعار الذي يجب أن يرفعه الوالدان في تعاملاتهم داخل الأسرة، فكثير منا نشأ في بيوت لا تشجع ولا تساعد على التعبير عن المشاعر والانفعالات، فتحول الأمر من إدارة للعواطف والانفعالات –كما قلنا من قبل– إلى كبت لتلك العواطف، لذا أعلن دائمًا أمام أولادك عن مشاعرك وسمها أمامهم، فحينما تغضب من تصرف لطفلك قف أمامه وأبدي غضبك وقل له: (أبوك غضبان منك لأنك فعلت كذا وكذا..)، مع مراعاة عدم إظهار الانفعالات السلبية كانفعال الخوف من بعض الحيوانات أمام الطفل حتى لا يتأثر سلبًا بذلك.

- احترم مشاعر وانفعالات طفلك ولا تسفه منها، بل على العكس من ذلك على الوالدين أن يبديا اهتمامًا بما يشعر به الطفل، حتى يشعر الطفل بأن هناك من يشاركه انفعالاته.

- تعرف على مشاعر طفلك وانفعالاته وسمها أمامه حتى يستطيع هو التعرف عليها بعد ذلك، ومن ثم يستطيع إدارتها والتحكم فيها وتوجيهها للأفضل له ولمن حوله.

-كن قدوة لأبنائك في تعاملك مع مشاعرك وانفعالاتك وإدارتها.

-استمع إلى مشاعر ابنك أو ابنتك، وعبّر له عنها إذا عجز هو عن التعبير بما يجيش في نفسه من مشاعر، فقل له مثلًا (تبدو حزينًا، هل تريد الحديث حول أمر ما؟ أو تبدو سعيدًا بلعبتك الجديدة)، مع مراعاة ترك فرصة لابنك كي يعيش مشاعره فلا تتسرع في التدخل وإصلاح ما تعتقد أنَّه يزعجه.

- سنترك المجال للمشاعر والانفعالات، ولكن لن نسمح بسلوكيات غير مرغوب فيها تظهر بحجة التنفيس عن تلك المشاعر بل سنعاقب عليها.. وهنا لنا وقفة مع (التنفيس عن المشاعر) فقد أثبتت دراسة حديثة أن التنفيس عن المشاعر هو أسوأ الوسائل لتهدئتها، فمثلًا انفجار نوبة الغضب الشديدة يرفع مستوى الإثارة في المخ الانفعالي، فيزداد الشعور بالغضب وليس العكس.

ولنا في الهدي النبوي قدوة ومثال يحتذى به فلنرى كيف تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الغضبان، فقد غير له الوضع أو الحالة التي هو عليها ولم يقل له اغضب أكثر لكي تنفس عن مشاعرك، وهذا هو المطلوب منك حاول جذب انتباه طفلك لمثير أخر من خلاله يغير حالته المزاجية من حالة سلبية إلى إيجابية.

- ساعة اللعب على الأرض: فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن خلايا المخ والموصلات العصبية تكون في أعلى مراحل نموها أثناء اللعب، لذا على الوالدين تخصيص ولو ساعة يوميًا للعب مع أطفالهم؛ وكذلك التفاعل والتحاور مع الأطفال أثناء اللعب ينمي أواصر العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة (6).

- فهم شخصية الأبناء: إن فهم شخصية الأبناء وميولهم تحتاج إلي مراقبة سلوكيات الأبناء، وفهم شخصية الأبناء وطبعهم يساعد كثيرًا في تنمية قدراتهم واستغلالها، ويحسن من تربية الأبناء، هناك أطفال مثل الإسفنجة الذي تمتص ويقلد كل سلوكيات والديه، أما الطفل متوسط التفاعل الذي يقلد سلوك الوالدين بعد فترة قصيرة من الوقت، أما النوع الثالث وهو الطفل الذي يرفض رفض تامًا أن يتخذ سلوك الوالدين كقدوة له مهما حاول الوالدين معه، فعلي الوالدين لغرس القيم والمفاهيم والعادات والتقاليد الاجتماعية المهمة في نفس الطفل كالصلاة مثلًا لا بد من تكرار الفعل للطفل كأخذ الطفل للصلاة في المسجد لتعزيز السلوك (أي غرسه) في نفس الطفل، وسوف يبدأ طفلك في الالتزام بالسلوك الذي تم غرسه في نفس الطفل.

- العدل والمساواة بين الأبناء: إن الحياة لا تسير إلا بالعدل، وأمرنا الله تعالي بالعدل بين الأولاد بنين وبنات صغار وكبار على حد سواء، فالعدل هو التوازن في التربية مع الأبناء، فعلى الأبوين العدل بين الأبناء في المعاملة والهبات والهدايا أيضًا، وإياك والمقارنة بين الأبناء وتميزهم عن بعض، فالعدل أمر واجب وإكرام الأبناء وإشباعهم معنويًا وماديًا، وتجنب تفضيل ابن عن آخر أمور نبهنا إليها ديننا الحنيف.

- إشباع الحاجات المعنوية والعاطفية: من المهم إشباع حاجات الأبناء العاطفية من حب واهتمام وعطف وحنان، حتى لا يحرم منه ويبحث عنه خارج البيت، فمدح الأبناء والفخر بهم أمام الناس كفيل بزرع الثقة بنفوسهم وتقوية شخصيتهم، كذلك مشاركتهم في هوايتهم ومتابعة تحصيلهم الدراسي، وإبداء الرأي في حل مشاكلهم.

- تجنب أسلوب العنف: إن أسلوب العنف له نتائج وخيمة على نفسية الأبناء، هذا غير تدمير لشخصيتهم، وإصابتهم بالأمراض النفسية، فيجب الحذر في معاملة الأبناء والرفق بهم خاصة في مرحلة المراهقة، وذلك بإتباع أسلوب المناقشة الهادئة والإقناع، وإتباع أسلوب اللين في الحديث بجانب الصبر والحكمة، وإذا تمادى في سلوك التمرد والجفاء والمعاملة القاسية فعلي الأبوين والأخوة مقاطعة الابن حتى يشعر بخطئه.

- مراعاة المرحلة العمرية للأبناء: يمر كل طفل بمراحل العمر المختلفة، فيجب مراعاة المرحلة العمرية لكل واحد فيهم، ومعاملة كل طفل علي حسب عمره وتفكيره وشخصيته، فكل مرحلة من مراحل عمر الابن تختلف عن المراحل العمرية الأخرى، وأخطرها مرحلة المراهقة والتي يجب على الأب والأم أن يتابعوا أبنائهم عن كثب ومراقبة سلوكهم والتعرف على أصدقائهم حتى نجنبهم الاختلاط بأصدقاء السوء.

- مراعاة الجلوس مع الأبناء: من المهم الجلوس مع الأبناء وقضاء بعض الوقت معهم، وإرشادهم ومناقشتهم في أمور الحياة، والإنصات لرأي الأبناء والتواصل البصري معهم، وإبداء الاهتمام بالاستماع لحديث الصغير والكبير منهم، وعلى الأب المنشغل بأعماله الاهتمام بقضاء بعض الوقت مع أبنائه ولو في إجازة نهاية الأسبوع، فجلوس الأب مع أبنائه وتقربه منه شيء هام وضروري، والآباء الذين تشغلهم الحياة فلا يجد الأبناء من يتشاور معهم في مشاكلهم فيتسبب هذا في الكثير من مشاعر الكراهية والجحود من الأبناء للآباء (7).

--------------

(1) الأمية العاطفية/ جريدة الرياض.

(2) أخرجه البخاري (5997).

(3) شرح صحيح البخاري لابن بطال (9/ 211).

(4) أخرجه مسلم (1623).

(5) عشرة أسباب لبغض الأبناء لآبائهم/ شبكة المسلم.

(6) بيوتنا والأمية العاطفية/ شبكة المسلم.

(7) جفاء المعاملة بين الوالدين وأبنائهم، أسبابه وعلاجه/ قصاقيص.