logo

الأعياد وتنمية الروابط الأسرية


بتاريخ : الأربعاء ، 4 ذو الحجة ، 1442 الموافق 14 يوليو 2021
بقلم : تيار الاصلاح
الأعياد وتنمية الروابط الأسرية

العيد هو فرحة الصغير قبل الكبير، وإن مشاركة الآباء لأبنائهم الفرحة في العيد، هو عامل مهم في تمتين العلاقة الأسرية وتخفيض التوتر والقلق في نفوس الأبناء، وزيادة الثقة والقدرة على التعبير عن الذات ومواجهة التحديات بشجاعة.

إنه يوم الأطفال يفيض عليهم وبهم بالفرح والمرح، ويوم الفقراء يلقاهم باليسر والسعة، ويوم الأرحام يجمعها على البر والصلة، ويوم المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور، ويوم الأصدقاء يجدد فيهم أواصر الحب ودواعي القرب، ويوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها، فتجتمع بعد فراق، وتتصافى بعد كدر، وتتصافح بعد انقباض.

وفي هذا كله تجديد للروابط الاجتماعية على أقوى ما تكون من الحب والوفاء والإخاء، ولا سيما حين يتذكر الأغنياء إخوانهم الفقراء، حتى تشمل الفرحة كل بيوت المجتمع، وتعم النعماء كل أسرة، وكأنما العيد روح الأسرة الواحدة في الأمة كلها.

والمتأمل لتطور العلاقات الإنسانية في المجتمعات الحديثة قد يلحظ أنها بحكم تعقد الحياة وزيادة التخصصات وتعمقها، فضلًا عن تطور التكنولوجيا الحديثة، سواء في المباني أو التنظيمات أو وسائل الاتصال، كل ذلك يدفع على مزيد من العزلة والتقوقع، حتى ارتفعت جدران نفسية سميكة حتى بين أفراد الأسرة الواحدة، فكل مشغول بنفسه يلهث وراء مصالحه وأهدافه، لدرجة أصبح معها الحديث الشخصي الحميم في العديد من الأسر المعاصرة ترفًا لا يستطيعونه.

لقد جعل الله تعالى لنا الأعياد فرصة لتجديد الروابط الأسرية، وإدخال الفرح والسرور على قلوب الصغار والكبار، كثير يظنون أن العيد فقط للأطفال من لبس جديد وإسعادهم بالملاهي والألعاب والعيديات، ولكن العيد أيضًا هو فرصة للكبار كي يشعروا بالسعادة والفرح أن أعانهم المولى عز وجل على إتمام الصيام لمدة شهر كامل، كم من الأشخاص حرموا هذه السعادة لعدم تغلبهم على شهواتهم في هذا الشهر المبارك.

ما أعظم الإسلام أن جعل لنا مدرسة رمضان كي نتعلم منه الصبر وضبط النفس على التغلب على الشهوات، ثم كافأنا بالعيد كي نسعد أنفسنا ونسعد الآخرين من حولنا.

وكما عشنا في شهر الصوم سعادة العبادة، فها قد ملأت أنوار العيد قلوبنا وهلَّ علينا بسعادة أخرى، تنشأ من تبادل التهاني الصافية بيننا، والحب الصادق، الحب الذي يجعل النفس المتعنتة شهورًا طوالًا تنصاع.. فتسامح، تسامح حتى من ظلمها ورفض الاعتراف بظلمه والاعتذار منها، فضلًا عمن أخطأ وثاب إلى الحق، واعتذر.

وما أجمل التسامح يوم العيد! ما أجمل أن يكون غُسل القلوب وغُسل الأبدان بماء واحد، فلا يخرج المرء من داره إلا وقد خلا قلبه من كدر الأحقاد، قد تتابعت على قلبه آيات العفو كالبرد على الظمأ {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37]، {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43]، فيهتف قد صبرت وغفرت، فارتاحت نفسه من إلحاح الثأر الجهول، وهدأت أعصابه بعد أن انطفأت النار، وترمد الجمر، وانطوت صفحة سوداء بإذن الله إلى الأبد؛ لترتفع راية العز بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم: «ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» (1).

وإذا كان هذا مطلوبًا مع المسلمين جميعًا، فإنه يتأكد أكثر مع الأرحام.

إن علينا أن نقبل العذر ممن يعتذر، وأن نقابل القطيعة بالوصل، فـ«ليس المواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها» كما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم (2).

إن أسرة الإنسان وأرحامه هم عُدّته وسنده، وهم قُوته ومفزعه، فمهما كانت أصالة الأصدقاء ونبلهم، فإنهم لن يصلوا -في النوائب- في مستوى تحنن الأرحام واستعدادهم، ومهما تجذرت العداوات والخلافات بين الأرحام فلا بد من العود -ولو بعد أمد- إلى لأم الجراح، وإعادة العلائق، بينما قد تدوم القطيعة بين الغرباء أبد الدهر؛ لأنه لا يوجد عنصر -كالدم- يستطيع أن يشد المتقاطعين ولو بعد أجيال.

كثير لا يرغبون أن يستمتعوا بالعيد بسبب ظروف حزينة قد مرت بهم، أو عصفت بهم رياح مؤلمة في حياتهم، هذا لا يعني أن نمنع أنفسنا بما أباحه الله لنا من الاستمتاع بفرحة العيد، لأنه هدية الله لنا، ومن يرفض هدية المولى عز وجل له؟

العيد من شعائرنا الإسلامية، فيجب علينا أن نعظم هذه الشعيرة لأنها قربى للمولى، ونسعى لإدخال الفرح على جميع أفراد العائلة من صغار وكبار، ونتغافل عن كل من سبب لنا أذى، ونفتح مع الجميع صفحة بيضاء، ونستقبل أيام العيد بقلوب مليئة بالتسامح والعفو والمغفرة عن الزلات.

إن العيد فرصة عظيمة لأجمل نسيان في الوجود، وهو نسيان أخطاء أرحامك في حقك، لتعود القلوب صافية نقية كما كانت، فهلا عزمت أخي المسلم أن تطوي كل ما قد تراكم في قلبك عبر السنين بينك وبين أرحامك، وأن تبدأ حياة جديدة غير منغصة بالحقد على أحد، فما أشقى الْحُسّاد، وما أشد مرض الحاقدين.

عافاني الله وإياكم من أمراض القلب وآفاته؛ حتى نعيش عيدنا المبارك، ونحن في أحسن حال، وأطهر قلب، وأكرم نفس.

قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} [فصلت: 34- 35].

ولا ننسى أن إدخال الفرح على قلوب الأسرة لنا فيه أجر وثواب من رب العباد، وعن عائشة رضي الله عنها، أن أبا بكر رضي الله عنه دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى أي أيام عيد الأضحى تضربان بدفين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى عليه بثوبه، فانتهرهما، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه، فقال: «دعهن يا أبا بكر، فإنها أيام عيد» وقالت عائشة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد أي في يوم عيد، حتى أكون أنا أسأم، فأقعد، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو (3).

في هذا الحديث من الفوائد: مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد؛ بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس، وترويح البدن من كلف العبادة، وأن الإعراض عن ذلك أولى، وفيه أن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين (4).

ومن الأمور المهمة ألا ننسى إسعاد قلوب الوالدين في هذه الأيام المباركة من تخصيص وقت للمرح والتنزه معهم، فكم سعوا لإسعادنا ونحن صغارًا، وحرموا أنفسهم الكثير من أجل إدخال الفرح والسرور إلى قلوبنا، والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة فبر الوالدين دين يرده لنا أبناءنا.

الحياة بالعيد تعني كسر الروتين وتجديد الطاقة الايجابية وتنمية الإبداع وروح الإخوة بين الأبناء، وتنمية وصقل الشخصية بإيجاد أنفسهم باللعب وتبادل الزيارات بين الجيران والأقارب والأصدقاء.

فيشكل التفاعل الأسري عاملًا هامًا ومؤثرًا في تكوين الشخصية الإنسانية، فالطفل الذي ينشأ في بيئة منفتحة على الأهل في علاقات طيبة تجمع بينهم يميل إلى الاتزان النفسي عن غيره من الذين شبوا في أُسَر لا يرتبط أفرادها بعلاقات طيبة فيما بينهم.

نتيجة للعولمة والغزو الثقافي والتكنولوجيا المبهرة في وسائل الاتصال أصبح التفاعل والتواصل الاجتماعي ليس وجهًا لوجه، ومن هنا تعددت العلاقات والتفاعلات الاجتماعية سواء كانت متكافئة أو غير متكافئة.

العلاقات الاجتماعية وجهًا لوجه بالاتصال المباشر أفضل بكثير من العلاقات والصلات غير المباشرة، ونجد أن التفاعلات الاجتماعية والعلاقات الناشئة عبر الميديا الحديثة تعددت وتخطت حدود الأقرباء و«الأسر الممتدة» وشملت آخرين سواء داخل المجتمع أو خارجه؛ ولذلك نجد أن صلة الرحم والعلاقات الأسرية تضعف شيئًا فشيئًا، هذا بالإضافة إلى انشغال أرباب الأُسر أو حتى الأبناء، نتيجة لظروف ووقع الحياة الذي يتسم بالإيقاع السريع في نمط المأكل والحركة وكثير من الأمور الحياتية.

نتيجة لرغبة الأفراد في إشباع احتياجاتهم الاجتماعية التي فقدوها لضعف العلاقات والصلات العائلية، والتي تعد ميزة لتراثنا العربي، ورغبة هؤلاء في التقليد والمحاكاة؛ انجروا إلى علاقات إلكترونية أو صداقات غير متكافئة، وقد يؤدى ذلك إلى الانحراف والجريمة أحيانًا أكثر من الاستفادة من الثقافات الأخرى.

إن التكنولوجيا الحديثة أدت إلى تعدد العلاقات الاجتماعية والتفاعلات، لكن ذلك لا تَنتج عنها صلات يمكن مقارنتها بصلات الأرحام من الأهل، ومعظمها تفاعلات غير حقيقية وعلاقات غير متكافئة، من حيث المستوى العمري أو المستوى التعليمي أو الفكري أو الثقافي.. ولذلك قد يؤدي هذا إلى التواصل مع أصدقاء السوء، أو نقل لثقافة وافدة غريبة على ثقافتنا العربية تفتقد روابط الأخوة ومشاعر الدفء الاجتماعي التي تربط أبناء المجتمع الواحد.

إن المناسبات الدينية والأعياد هي فرصة مهمة للتواصل وتجديد العلاقات التي جمدتها ظروف الحياة ومظاهر العصر الحديث، فلا بد من إعادة التلاحم للنسيج الاجتماعي واستغلال هذه المناسبات (5).

إن مما يقع على الأهل تربية أبنائهم في ظل الانشغالات اليومية وازدياد متطلبات الحياة على التواصل والارتباط، ويعتبر العيد فرصة لمشاركة الأهل لأبنائهم مختلف الاهتمامات وتعزيز الحوار والتعاون، وتقارب وجهات النظر فيما بينهم.

إن فرحة العيد تزيد الروابط الأسرية ومشاركة الأخرين، إذ يصطحب الآباء أبناءهم سواء في زيارات الأقارب أو الحدائق، ويعد ذلك متنفسًا للأبناء في إطلاق مواهبهم، كما ويؤثر ايجابًا في إيجاد نوع من المشاركة في تمتين العلاقات بين الأفراد، وتقليص حدة التوتر والخلافات، وزيادة التقارب والتفاهم فيما بينهم.

إن تلك الجواء تسهم في التعبير عن الآراء بحريّة وتقبل الآخر، مما يسهم ايجابًا في تفاعل الأفراد في المجتمع ومشاركتهم في عملية التطوير والتنمية الشاملة.

لذا تعتبر الأعياد من الفرص الذهبية التي يجب استغلالها بصورة كبيرة لإعادة الترابط الأسري بين جميع أفراد الأسرة والزوجين، بعيدًا عن العالم الافتراضي الذي أصبح يشغلنا ولا يجعلنا نلتفت إلى الأسرة وقد لا نعلم الكثير عن العائلة.

وفترة العيد من أهم الفترات الممتلئة بالطاقة الإيجابية والروحانيات، التي يجب أن تُستغل لحل الخلافات العائلية وإعادة الترابط الأسري.

إن طابع الاندماج في العمل والانشغال بالحياة لا يكون هناك مجال كافي للأسرة كي تجتمع على سفرة واحدة، أو الذهاب إلي أماكن للتنزه سويًا، لذا كان لا بد من استغلال تلك الفترة أفضل استغلال من خلال التزاور والتواصل والخروج الجماعي إلى المتنزهات، مع مراعاة الضوابط الشرعية والحذر من الاختلاط المحرم والنظر الحرام.

وأهمية الحفاظ على المكوث في المنزل خلال أيام العيد أو التنزه مع العائلة، منوهة عن ضرورة إتباع بعض الخطوات الهامة بين الزوجين أبرزها استخدام الكلمات الجميلة والمعبرة عن المشاعر الجميلة من قبل الزوجين.

وهنا نشير إلى ضرورة، تبادل الهدايا خلال العيد، خاصة من الزوج، مع ترك اللوم والعتاب جانبًا، والتركيز على الاستمتاع بأيام العيد، مع ضرورة الكف عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» خاصة في حالة اللقاء والتنزه.

أهمية العيد الاجتماعية تجديد الهمة والنشاط للأفراد:

تحقيق التواصل والترابط بين الأفراد، وذلك من خلال تبادل الزيارات وتهاني العيد التي تعدُّ سمة من سماته.

تقوية العلاقات الاجتماعية، وهي تعتبر ثمرة قوية من ثمار العيد، تحقيق الطمأنينة لدى الأفراد، ونشر السعادة، والراحة النفسيَّة.

تحقيق بعض مظاهر التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وذلك بتفقد الأسر المحتاجة.

جمع صف المجتمع، وتماسكه، وقوته، وذلك من خلال المظاهر الجماهيريَّة العامّة للاحتفال به، في الأماكن والساحات العامَّة، حيث يلتقي معظم أفراد المجتمع.

لمّ شمل الأقارب والأحباب، ولا سيّما من فرقتهم ظروف الحياة ومشاغلها المختلفة.

تقوية عزيمة الأمم وتجديد روحها؛ كي تواصل دربها نحو الخير، والتطور، والصلاح.

التعبير عن اعتداد الأمة بتراثها الديني والحضاري.

من هنا، تبدو الأهمية القصوى للأعياد كمناسبات اجتماعية تعمل على لم شمل وتجميع ما فرقته الأيام، وشغلته الدنيا ومتاعبها، مما يعيد للنفوس توازنها، ويحقق للمجتمع استقراره وتماسكه.

ولهذه الأهمية، ابتكر الناس العديد من الأعياد تحت العديد من المسميات وفى العديد من المناسبات دينية أو وطنية أو غير ذلك.

ولا توجد أمة من الأمم تخلو من أعياد تحتفل بها، تعلن فيها فرحتها، وتحفزها إلى تنشيط ذاكرتها وترسيخ الثقة والاعتزاز بأمجادها، وتقوى بها عزيمتها لمواصلة السير نحو خير الأمة وازدهارها.

وهذه كلها أمور ايجابية تعبر عن حاجة الإنسان الفطرية إلى مثل هذه الأعياد لتحقيق التواصل بينه وبين غيره من أفراد المجتمع لتكون عونًا له على التزود بطاقة جديدة لاستئناف السير ومواصلة الكفاح.

ومن هنا وجدنا الإسلام يلبي هذه الرغبة الطبيعية لدى الإنسان في التواصل مع الآخرين، ويتجاوب مع هذه الفطرة الإنسانية، فالإسلام دين الفطرة، وهو يعلي من شأن اجتماع المسلمين وتواصلهم في الصلاة والحج، ويعمل على توطيد العلاقات الاجتماعية وزيادة التقارب والتعارف فيما بينهم، يقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]، ومن أجل ذلك أيضًا رأينا الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما قدم إلى المدينة وجد لدى الانصار يومين يلعبون فيهما، فقال: «ما هذان اليومان؟»، قالوا: يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال: «إن الله أبدلكم بهما خيرًا منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر» (6).

كذلك حث الإسلام على الاحتفاء بأيام الأعياد ومشاركة الناس في أفراحهم وبهجتهم، حتى تبدو للأعياد مكانتها المميزة عن سائر الأيام، ولهذا حرم الإسلام الصوم يوم العيد، لما يرافقه من تزاور وإكرام وإطعام، كما أن الإسلام يرغب ويرحب بكل مظهر يشيع السعادة والبهجة بين الناس، ويقوي معاني الألفة والمودة فيما بينهم، مثل تبادل الزيارات والتهاني والدعوات والمجاملات، وبذل الهدايا والأعطيات للصغار والضعفاء والمحرومين، ليشاركوا الناس فرحتهم بالعيد، وتنعمهم بالطيب من الطعام والشراب واللباس، وكل ذلك مما يقوي أواصر المحبة والترابط بين أفراد المجتمع.

ومن الأهمية بمكان أن يقوم الآباء والأمهات باصطحاب أبناءهم في زيارة الأقرباء والجيران والأصدقاء للتعرف عليهم عن قرب، وتبادل الأحاديث وتقوية الروابط الرحمية والاجتماعية، وتعويد الأطفال على أصول مخالطة الناس، وآداب المجالس والحديث والزيارة، وإتاحة الفرصة لهم لاكتساب المزيد من المهارات المعرفية والسلوكية والاجتماعية.

وهكذا، فالأعياد ذات وظيفة هامة وضرورية، إذ تمثل فرصًا عظيمة لتوديع الهموم والأحزان، والترويح عن النفس المجهدة من مكابدة مشاق الحياة، ومناسبات جليلة تساعد على تقوية التراحم والتواصل الاجتماعي المادي والمعنوي، مما يزيد من تماسك المجتمع ويقوي بنيانه بقوة تماسك أفراده (7).

-------------

(1) أخرجه مسلم (2588).

(2) أخرجه أحمد (6785).

(3) أخرجه أحمد (24541).

(4) من حاشية مسند أحمد (41/ 90).

(5) الأعياد فرصة لتقوية التماسك العائلي/ الجمعية الشرعية.

(6) أخرجه أبو داود (1134).

(7) الأعياد وأثرها في تماسك المجتمع/ ديوان العرب.