logo

الأحفاد قرة عيون الأجداد


بتاريخ : الخميس ، 9 جمادى الأول ، 1442 الموافق 24 ديسمبر 2020
بقلم : تيار الاصلاح
الأحفاد قرة عيون الأجداد

الأحفاد يقصد بهم أبناء الأبناء والأصهار والخدم والأعوان، قال أهل اللغة: والحافد في كلامهم: هو المتخفف في الخدمة والعمل، وكل من أعانك فقد حفدك، والحفدة عند العرب الأعوان، فكل من عمل عملًا أطاع فيه وسارع فهو حافد، انتهى (1).

وقال مجاهد: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} ابنه وخادمه، وقال في رواية: الحفدة: الأنصار والأعوان والخدام (2).

قال ابن جرير: وهذه الأقوال كلها داخلة في معنى: الحفد وهو الخدمة، الذي منه قوله في القنوت: «وإليك نسعى ونحفد»، ولما كانت الخدمة قد تكون من الأولاد والأصهار والخدم فالنعمة حاصلة بهذا كله؛ ولهذا قال: {وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72] (3).

وقال ابن عرفة: الحفدة عند العرب الأعوان، فكل من عمل عملا أطاع فيه وسارع فهو حافد (4).

البنون هم الحلقة الأولى لاستبقاء الحياة، والحفَدة وهم وَلَدُ الولد، هم الحلقة الثانية لاستبقاء الحياة؛ ذلك لأن الإنسان بطبْعه يحب الحياة ويكره الموت، وهو يراه كل يوم يحصد النفوس من حَوْله، فإيمانه بالموت مسألة محققة، فإذا ما تيقَّن أن الحياة تفوته في نفسه أراد أنْ يستبقيَها في وَلَده، ومن هنا جاء حُبُّ الكثيرين مِنَّا، للذكور الذين يُمثِّلون امتدادًا للآباء.

فإذا ما رزقه الله الأبناء، وضمن له الجيل الأول تطلّع إلى أنْ يرى أبناء الأبناء؛ ليستبقي الحياة له ولولده من بعده؛ ولذلك فالشاعر الذي يخاطب ابنه يقول له: أبُنيّ، يَا أنَا بَعْدَمَا أَقْضِي.

وهذه هي نظرة الناس إلى الأولاد، أنهم ذِكْر لهم بعد موتهم، وكأن اسمه موصولٌ لا ينتهي (5).

وقد امتن الله تعالى على عباده بنعمة الأبناء والأحفاد، فقال تعالى: {وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72]، قال الشنقيطي في أضواء البيان: واختلف العلماء في المراد بالحفدة في هذه الآية الكريمة.. فقال جماعة من العلماء الحفدة: أولاد الأولاد، أي وجعل لكم من أزواجكم بنين، ومن البنين حفدة، وقال بعضهم: الحفدة الأعوان والخدم مطلقًا، وقيل: الحفدة الأختان، وهم أزواج البنات.

ثم قال: وفي هذه الآية الكريمة قرينة دالة على أن الحفدة أولاد الأولاد، لأن قوله: {وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً}، دليل ظاهر على اشتراك البنين والحفدة في كونهم من أزواجهم، وذلك دليل على أنهم كلهم من أولاد أزواجهم... كما أن دعوى أنهم الأختان، وأن الأختان أزواج بناتهم، وبناتهم من أزواجهم، وغير ذك من الأقوال -كله غير ظاهر- وظاهر القرآن هو ما ذكر وهو اختيار ابن العربي المالكي والقرطبي وغيرهما (6).

وعلى هذا فإن المراد بالأحفاد في الآية هم أبناء الأبناء على ما قرره الشنقيطي من اختيار العلماء.

والحفدة للإنسان زيادة في مسرة العائلة، قال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71]، وهم زهرة الحياة الدنيا وزينتها، وبهم التفاخر والتناصر والمساعدة لدى البأساء والضراء.

إذا نظرتَ إليهم رأيت زهرًا جميلًا، وشممتَ ريحانًا طيبًا، يطير الفؤاد فرحًا بهم وهم ما زالوا أجنة في أرحام أمهاتهم، ويفوح شذا عطرهم منذ أول لحظة تبشَّر فيها بمقدمهم، وتشتَمُّ مسك رائحتهم وأنت تحضنهم؛ فهم الحياة المتجددة، والعمر الممتد، والذكر الجميل، والأثر الصالح، بهم تحلو الحياة وتبتهج النفوس، ويعيش المرء معهم لحظات لا تُنسَى، يُخرِج فيها لهم من مكنون حبه ومخزون عواطفه ما يُبهجهم، ويهَبهم من خلاصة فكره وزبدة تربيته ما يُصلحهم.

إن الأسرة من الآباء والأبناء والأحفاد تشبه الشجرة العظيمة التي لها أصل وفروع وثمار، فالآباء أصلها وجذورها، والأولاد فروعها، والأحفاد ثمرات تلك الفروع التي تحمل داخلها بذور الحياة وتضمن استمرارها بإذن الله، وإن حب الولد فطرة في قلوب الآباء، فإنك لا تجد أحدًا يحبه الوالدان من الأهل كحب الولد وما يتفرع عنه من الأحفاد التي هي امتداد له ولأبيه.

وحين يوجد الأطفال مع أجيال متعاقبة تمثل أعمارًا مختلفة، فإن الطفل الصغير يقلد في حركته البدائية خليطًا من حركات هذه الأجيال، فهو يقلد جده، ويقلد جدته، ويقلد أباه وأمه، وإخوته؛ فتنشأ حركات مختلطة تمثل الأجيال كلها.

ولذلك فاندماج الطفل في أسرة مكونة من آباء وأجداد، تمثل في الإنسان طبيعة الحياة المتصلة بمنهج الحركة في الأرض وبمنهج السماء؛ لأن الطفل حين يعيش مع أبيه فقط، قد يجده مشغولًا في حركة الحياة التي ربما شدته عن قيم الحياة أو عن منهج السماء؛ لكنه حين يرى أبًا لأبيه؛ هو جده قد فزع من حركة الحياة، واتجه إلى منهج القيم؛ لأنه قريب عهد فيما يظن بلقاء الله، فإن كان لا يصلي في شبابه فهو يصلي الآن، وإن كان لا يفعل الطاعات سابقا؛ أصبح يفعلها الآن، وهكذا يرى الطفل حركة الحياة الجامحة في الدنيا والتلهف عليها من أبيه، ويجد الإقبال على القيم والعبادات من جده، ولذلك تجده ربما عاون جده على الطاعة؛ فساعة يسمع الطفل المؤذن يقول: «الله أكبر»، فهو يعرف أن جده يريد أن يصلي؛ فيذهب هو ويأتي بالسجادة ويفرشها لجده؛ ويقف مقلدًا جده، وإن كانت بنتًا، فنحن نجدها تقلد أمها أو جدتها وتضع الغطاء على رأسها لتصلي.

إذن، فاندماج الأجيال يعطي الخير من الحركتين، حركة مادية الحياة وحركة قيم منهج السماء، ولذلك يمتن الحق علينا قائلا: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72].

إذن، فتقليد الأجيال اللاحقة للأجيال السابقة أمر تقتضيه طبيعة الوجود (7).

ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم مثلًا عظيمًا في حبه أحفاده من البنين والإناث، وشبههم بأجمل وأحسن تشبيه، ومارس معهم دوره العظيم كجدّ يحب أحفاده ويرعاهم، ذكورًا وإناثًا، فعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن ربيعة، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها» (8)، وفي رواية مسلم: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها» (9).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أَهْدى النَّجاشيُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حَلقة فيها خاتم ذهب فيه فصٌّ حبشي، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعودٍ، وإنَّهُ لَمُعرضٌ عنه أو ببعضِ أصابعه، ثم دعا بابنة ابنته أُمامة بنت أبي العاص فقال: «تحلِّي بهذا يا بُنَيَّة» (10).

فأمامة ماتت عنها أمها زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وهي طفلة صغيرة، فكان لها جدها العظيم الرحيم صلى الله عليه وسلم خيرًا من كل أهلها.

أحفاده صلى الله عليه وسلم:

أما أحفاده الذكور فنذكر منهم الريحانتين الحسن، والحسين، اللذين أحبهما حبًا كبيرًا، وكان يقول عنهما: «هذانِ ابنايَ وابنا ابنتي، اللهم إني أُحِبهما فأَحبَّهما وأَحِبّ مَن يحبهما». (11)، وحين سئل عن سبب حبه لهما قال: «وكيف لا أحبهما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمهما» (12)، فجعلهما ريحانتين وشبههما بهذه النبتة طيبة الرائحة خفيفة المحمل.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بأحفاده، ورغم مسؤولياته الكبيرة وأعماله الجسام، فإنه كان يلاعبهم ويعلمهم ويرأف بهم، انظر إليه صلى الله عليه وسلم وإلى خوفه على أحفاده ورحمته وحبه، ففي الترمذي من حديث بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: «صدق الله {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما» (13).

وحين كانا يلهوان، والنبي صلى الله عليه وسلم في أعظم حالاته قربًا من الله؛ لم يشأ أن يقطع عليهما لذة اللهو المحببة للأطفال، فعن عبد الله بن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا سجد وثب الحسَن والحسين على ظهره، فإذا منعوهما أشار إليهم أن دَعُوهما، فلما قضى الصلاة وضعهما في حِجْره، فقال: «مَن أحبني فليحب هذين» (14).

ومع حبه العظيم كان معلمًا ومرشدًا؛ فحين أخذ الحسن تمرة من تمر الصدقة في فمه أخرجها منه ومنعه من أكلها وقال: «كِخْ كِخْ، أيْ بنيَّ أمَا علِمْتَ أنَّا لا تحِلُّ لنا الصَّدقة» (15)، يفيض عليهم من فيض حبه فيحملهم ويمشي بهم ويقبّلهم ويعلن حبه لهم، فعن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه، وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة، حتى انتهى إلينا فقال له رجل: يا رسول الله، إنك تحبهما؟ فقال: «نعم، من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني» (16).

الأحفاد والحياة المعاصرة:

مَن ينظر لحال أحفادنا هذه الأيام يجد أنهم في حاجة أكبر للرعاية النفسية والتربوية والاجتماعية، وذلك في ظل الظروف المحيطة بالأسرة من جانب، وبالمجتمعات من جانب آخر، فلم تعد البيوت تتسع للأسرة الكبيرة كما كان من قبل، وإن اتسعت فإن الحياة الحديثة لا تساعد على سهولة الاجتماع الأسري كما كان من قبل، مع تباعد أماكن عمل الآباء وكثرة مشاغلهم ومسؤولياتهم والضغوط الكبيرة عليهم، أضف إلى ذلك انشغال كثير من الأمهات في أعمال المجتمع الوظيفية مع التغير في نظام الحياة وانفتاحها؛ مما أدى إلى مشاركة الغير في التربية والتعليم والتوجيه والإرشاد، سواء كانت المشاركة من الخادمات أو الحاضنات، أو كانت مشاركة عبر الوسائل الحديثة من الأجهزة الذكية التي استطاعت بذكائها أن تسلب عقول الأطفال وتعطل مواهبهم حين تعلقوا بها وصارت تحت أيديهم دون ضوابط.

وبعد أن كانت الأم هي المدرسة الأولى والمهمة في حياة أطفالها تنتقي لهم ما يفيدهم من القصص والحكايات التربوية، وتحتضنهم في حضنها الدافئ الذي لا بديل له، وتمارس معهم دور الأمومة بكل معانيها، صار أحفادنا تتجاذبهم منا كل الوسائل الأخرى، وتتخطفهم من بين أيدينا الألعاب الإلكترونية، وأفلام الكارتون الغث منها والسمين على السواء، ومناجاة الأصحاب الذين لا يعرف عنهم سوى اسم انتحلوه على شاشات التواصل لا ندري صدقه من كذبه، أضف إلى ذلك عموم البلوى حين يمتلك الصغير هاتفًا محمولًا نلهيه به حتى نرتاح من ضجيجه ونضمن سكوته وهدوءه.

إن دور الوالدين والأجداد تجاه الأولاد والأحفاد عظيم، ويجب ألا يكون جامدًا، بل مؤثرًا وفعالًا، ومع منظومة الحياة الحديثة علينا أن نستعيد هذا الدور المهم كما كان في سالف العهد، الذي يبدأ برعايتهم بحب، واحتضانهم برحمة، وتقديم القدوة الصالحة لهم بصدق، وإن لعبة تلعبها أيها الجد مع حفيدك أو صورة ترسمها أو تلونها معه، أو لمسة حنان تمسح بها وجهه، أو قالب حلوى تصنعه الجدة مع حفيدتها لهو جسر رائع للوصول إلى قلوب الأحفاد، فحب الجد والجدة فطري في قلوبهم يجدون فيهما الحضن الحاني بعيدًا عن بعض الشدة التي قد تكون في الوالدين.

لذا؛ فإن على الأجداد أن يأخذوا بعين الاعتبار أثناء تعاملهم مع الأحفاد الاستفادة من كل ما جدّ من وسائل التربية الحديثة ووسائلها المتنوعة التي هي نعمة عظيمة إذا أحسن استخدامها، ويمكن ذلك من خلال اللعبة الإلكترونية الهادئة، والمسابقة الطفولية المسلية، والفيلم الكارتوني الهادف المناسب لعمره وحاله؛ إذ تشاركه في مشاهدته، وقد تضطر إلى تقريب أو تصحيح بعض المفاهيم غير المفهومة له أو غير اللائقة.

وما أجمل صحبة الحفيد في رحلة إيمانية في حديقة من الحدائق العامرة بصنوف النباتات أو الحيوانات التي تشير إلى قدرة الله عز وجل وعظيم صنعه؛ لتكون درسًا شيقًا في معرفة الخالق وتوحيده، وما أجمل أن تعلمه التعلق بالله من خلال اصطحابه ليصلي معه بعض الصلوات في المسجد، وتعليمه الأذكار الخاصة بكل مناسبة وربطه بها، وأن تنمي فيه المواهب الكامنة؛ كالقراءة باصطحابه إلى المكتبة وشراء القصص والكتب المناسبة.

وكل هذا رائع ومتيسر إذا كان الجد قريبًا من أحفاده، أما إذا كان اللقاء متعذرًا بأن كان في بلد وأحفاده في بلد آخر، فإن على الأجداد في فترات الغياب الاستفادة من وسائل التواصل عن بُعد من خلال المكالمات الصوتية والمرئية، وتسجيل القصص والحكايات والأناشيد لهم، وكل ما يراه مناسبًا من أجل المشاركة في تربيتهم، فيعلمه من خلالها فن التعامل مع الآخرين وأدب الكلام وصلة الأرحام واحترام الكبير وبر الوالدين ويربطه بأخلاق الإسلام حتى ينشأ عليها ويصبح قرة عين في الدنيا والآخرة (17).

ومع ذلك لا تخلو بعض العلاقات من التشنجات والصدامات بين الجد والحفيد؛ خصوصًا فيما يُعرف بصراع الأجيال، واختلاف الأفكار والطباع، في حين أنَّ آخرين لا يدركون معنى وجود جد أو جدة في حياتهم، إذ من الممكن أن يكونوا قد فقدوا أجدادهم أو أحدهما، وتعذَّر عليهم بالتالي الشعور بفرادة هذا الرابط.

يقول خبراء علم النفس أنَّ الأب والأم يعيشان الأبوة والأمومة مع أطفالهما في حلوها ومُرّها، لكن الجدَّين يعيشان مع الأحفاد الأبوَّة والأمومة المتأخرة في حلوها فقط، أما الجانب المرّ فيتركانه للأب والأم.

لذا، يرى الأجداد في الأحفاد امتدادًا طبيعيًا لسلالتهم ومصدر سعادة وفخر في حياتهم، وبدورهم، يرى الأحفاد في الأجداد الحضن الذي يعطيهم الإحساس بالأمان والانتماء.

ويزوِّد الأجداد الأحفاد بنوع من الثراء العاطفي والنفسي، كما يزودونهم بالخبرات والمعارف الأساسية في الحياة نتيجة التجارب والخبرات.

وعندما ينتقل دورك من أم وأب إلى جد وجدة يتغير الوصف الوظيفي لمهمتك فلا يعود هدفك الرئيس رعاية الطفل، بل تقديم الحب والاستمتاع بمشاعر الأبوة والأمومة من دون عناء.

السلطة في حياة الأحفاد:

يكتسب الأجداد دورًا عاطفيًا جديدًا من خلال تواجدهم مع جيل ثالث يختلف عن جيل الأبناء، ويحاولون تفادي الأخطاء التي وقعوا فيها أثناء تربيتهم لأبنائهم مستعينين بالخبرة التراكمية التي اكتسبوها.

ودور الأجداد في حياة الأحفاد مهم حيث يرتكز على التوجيهات البناءة والمعارف التي استقوها في حياتهم، ما يسمح لهم تقديم النصائح المفيدة لأحفادهم، لأنَّ نوع السلطة التي تربط الأجداد بأحفادهم استشارية عاطفية وغير مباشرة، والسبب يعود للوقت الذي يمضيه الأحفاد مع الأجداد خلال فترات موسمية ومتقطعة، وبالانتقال إلى العلاقة بين الآباء والأبناء نجد أنها مختلفة لناحية السلطة، حيث يكون للأهل سلطة مباشرة ومرجعية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالقواعد الاجتماعية والعائلية، وهذه السلطة ناتجة من العلاقة المتواصلة بينهم وبين أولادهم في الزمان والمكان.

ولكن تبرز أحيانًا بعض الخلافات والمشاكل حينما يحاول الأجداد لعب دور السلطة ما يؤدي إلى ضياع الأولاد بين سلطتين، فحتى لو أمضى الأحفاد وقتًا مع أجدادهم فهذا لا يبرر لهم أن يكونوا سلطة قرار في حياة الأحفاد، من هنا، تختلف علاقة الأجداد بأولادهم ومن ثم بأحفادهم، إذ تتغير العلاقة مع الأحفاد فتطغى عليها العاطفة التي تعتبر مثل الفيتامين للإنسان، وهي تبدأ من عاطفة العائلة النواة أي الأهل والأخوة ثم الجد والجدة وصولًا إلى الخال والعم...

وتكون عاطفة الأجداد مكمّلة لعاطفة الأهل، ولا يجب أن تطغى عليها، والعاطفة التي يعطيها الجد أو الجدة جميلة حيث يملأ لهم الأحفاد الفراغ الذي ينشأ في حياتهم نتيجة تقدمهم في السن وتراجع نشاطهم العملي والاجتماعي (18).

______________________

(1) انظر: لسان العرب

(2) تفسير ابن كثير (4/ 587).

(3) نفس المصدر.

(4) تفسير القرطبي (10/ 143).

(5) تفسير الشعراوي (13/ 8078).

(6) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/ 413).

(7) تفسير الشعراوي (2/ 701).

(8) أخرجه البخاري (516).

(9) أخرجه مسلم (543).

(10) أخرجه أبو داود (4235).

(11) أخرجه الترمذي (3769).

(12) أخرجه الطبراني (3990).

(13) أخرجه الترمذي (3774).

(14) أخرجه ابن خزيمة (887).

(15) أخرجه ابن حبان (3295).

(16) أخرجه الحاكم (4777).

(17) الأحفاد رياحين الحياة/ مجلة المجتمع.

(18) بين الأجداد والأحفاد علاقة لن يفهمها الآباء/ النهار.