إدمان الألعاب الإلكترونية
تعتبر الألعاب الإلكترونية جزءًا من الثقافة الحديثة، كما أنها أصبحت شائعةً جدًّا في مختلف أنحاء العالم، وتشمل هذه الألعاب العديد من الأنواع والأشكال؛ مثل الألعاب المحمولة، وأجهزة الحاسوب، وأجهزة الألعاب المنزلية، والألعاب الإلكترونية الجماعية التي تُلعب عبر الإنترنت، ومن المؤكد أن للألعاب الإلكترونية تأثيرًا على سلوك الأطفال، وهناك بعض الدراسات التي تشير إلى عدد من الآثار الإيجابية والسلبية التي قد تحدث.
من الناحية الإيجابية، تساعد الألعاب الإلكترونية الأطفال في تحسين مهاراتهم الإبداعية والتفكير النقدي والمهارات الإدراكية والتواصل مع الآخرين، كما أنها قد تساعد في تحسين قدرات الأطفال على حل المشكلات واتخاذ القرارات الصحيحة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الألعاب الإلكترونية والمحوسبة تقدم محتوى تعليميًا متعلقًا بالتاريخ والثقافة والعلوم والرياضيات، مما يساعد الأطفال على تعلم المعلومات الجديدة بطريقة ممتعة وتفاعلية.
ويمكن للأطفال أيضًا تحسين مهاراتهم اللغوية والاجتماعية من خلال الألعاب الإلكترونية التي تعتمد على الاتصال والتعاون مع الآخرين.
ويمكن استخدام الألعاب التعليمية وألعاب الألغاز والألعاب الإبداعية والتفاعلية كوسيلة لتحقيق ذلك.
وتصنع الألعاب الإلكترونية أطفالًا أكثر إصرارًا على تحقيق النجاح والفوز وتحقيق الطموح، فخسارتهم في الألعاب وإصرارهم على الفوز يولد فيهم الإرادة على تحقيق النجاح والفوز، مما يؤثر على طموحاتهم المستقبلية وإصراره في تحقيق أهدافه والتخطيط لحياته (1).
ومن جهة أخرى تعمل هذه الألعاب على تعليم الطفل كيفية التعامل مع التكنولوجيات الحديثة كالحاسوب والإنترنت والأجهزة الإلكترونية وغيرها من التقنيات الحديثة والعصرية التي أدخلت الطفل في عالم التكنولوجيا الرقمية والعالم الافتراضي، فممارسته المستمرة لهذه الألعاب تجعله ينغمس بشكل أكبر في مجال الرقمنة والتقنيات الحديثة، فبموجب هذه الألعاب صار الطفل يتحكم في الحاسوب بطريقة غير متوقعة يفوق أحيانًا الكبار في ذلك، فسنه الصغير يجعله يخزن أكبر قدر من المعلومات والتقنيات.
توفر الألعاب الإلكترونية والتكنولوجيا الحديثة فرصًا كبيرة للترفيه والتعلم، ومع ذلك، فإن استخدامها بشكل زائد قد يؤدي إلى بعض المشكلات الصحية والاجتماعية؛ لذلك، يجب على الوالدين تحمل مسؤولية توجيه أطفالهم وإدارة وقتهم في ممارسة الألعاب الإلكترونية والحد من انخراطهم الزائد فيها، كما يجب عليهم اختيار الألعاب التي تحتوي على مضامين تعليمية وترفيهية صحية، وتحديد وقت محدد لممارستها، وتشجيع الأطفال على القيام بأنشطة أخرى في الهواء الطلق وتطوير مهاراتهم الاجتماعية والإبداعية.
وينبغي للآباء والأمهات أيضًا العمل على توجيه الأطفال وتعليمهم قيم الاحترام والتسامح والمسؤولية، وغيرها من القيم الإيجابية التي تساعدهم على التحلي بالسلوك الحسن في حياتهم اليومية.
أما من الناحية السلبية، يمكن أن تؤثر الألعاب الإلكترونية على السلوك الاجتماعي للأطفال، وقد تزيد من اضطرابات النوم وتقليل النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي في العالم الحقيقي، فضلًا عن أن بعض الألعاب الإلكترونية العنيفة يمكن أن يؤدي إلى زيادة الميل إلى العنف والعدوانية لدى الأطفال، وهذا يعد من الآثار السلبية التي تحتاج إلى متابعة ومراقبة من قبل الآباء والأمهات.
وتجعل الألعاب الإلكترونية الطفل يميل إلى العزلة الاجتماعية والانطواء على نفسه، مما يؤثر سلبًا على نموه الفكري والشخصي والاجتماعي، فهو بدلًا من الجلوس مع العائلة أو يتبادل أطراف الحديث معهم، يذهب لممارسة الألعاب، وبذلك يفضل اللعب على الحديث مع العائلة، وهذا مشاهد لكل باحث.
والألعاب الإلكترونية ليست تسلية بريئة، فهي محكومة بالمنظومة القيمية لمنتجيها والتي ليست ذاتها لدى المجتمع العربي، وتؤدي بحسب مفهوم "روبير ميرتون" وظائف ظاهرة وأخرى مستترة، فالظاهرة هي التسلية، أما المستترة فمنها ما هو مرتبط بنشر ثقافة منتجيها والترويج للعنف وفساد الأخلاق.
لذا ينبغي أن يركز الأهل والمجتمع بشكل عام على تشجيع الأطفال على الأنشطة الإبداعية والتفاعلية التي تعزز القيم الإيجابية مثل التعاون والتسامح والتعلم والتطور الشخصي، ويمكن استخدام الألعاب التعليمية وألعاب الألغاز والألعاب الإبداعية والتفاعلية كوسيلة لتحقيق ذلك.
وينبغي للآباء والأمهات أيضًا العمل على توجيه الأطفال وتعليمهم قيم الاحترام والتسامح والمسؤولية وغيرها من القيم الإيجابية التي تساعدهم على التحلي بالسلوك الحسن في حياتهم اليومية.
لقد تحولت هذه الأجهزة الصغيرة في أيدي أطفالنا قنبلةً موقوتة خطيرة الانفجار، قد تتسبب لهم بآثار اجتماعية ونفسية وعقلية خطيرة جدًّا على المدى البعيد، إذا لم نتدارك الأمر، ونقف على الداء، ونبحث عن حلول قبل أن يصل أبناؤنا إلى مرحلة الإدمان التي يصعب معالجتها فيما بعد، فهذه الألعاب لم تَعُدْ للتسلية أو الترويح عن النفس، بل أصبحت أسلحة موجَّهة بعناية دقيقة لإفساد أبنائنا، تقف وراءها منظمات عالمية مشبوهة، ودول كبرى معروفة، ونوادٍ لها توجُّهات فكرية خطيرة، والهدف منها تغيير سلوكيات الأبناء، وتوجيه تفكيرهم، ونظرتهم للحياة وبناء المجتمعات بناءً يتوافق مع مبادئهم وقِيَمِهم التي يسْعَون لنشرها؛ بحيث تتماشى مع أهدافهم وخططهم الشيطانية المدمِّرة للأسرة والناشئة، والسيطرة على العالم وتدميره.
ومع انتشار هذه الألعاب بدأت بوادر ظهور أجيال يعانون من أمراض نفسية وعقلية مختلفة، ويتصرفون بعدوانية شديدة، ويمارسون سلوكياتٍ غريبة لم تكن موجودة من قبل في مجتمعاتنا، ولا تتناسب مع ديننا الحنيف، فتارة يعرضون عليهم مشاهد إباحية أو سلوكيات منحرفة، ومشاهد فظيعة تدعو إلى العنف والقتل؛ فيصبح الطفل تابعًا لهم منعزلًا عن محيطه وعائلته؛ ومن ثَمَّ يسهل السيطرة عليه، وغرس الأفكار الهدَّامة في نفسه، وهل يأكل الذئب إلا من الغنم القاصية؛ لذا لا بد أن نتدارك الأمر، ونقف في وجه هذه المشكلة التي باتت تؤرِّق الآباء، وتسبِّب لهم قلقًا مُفزِعًا لما يسمعون عن خطرها، وشدة تأثيرها على الأبناء، حتى إن بعض هذه الألعاب قد تؤدي بهم إلى ارتكاب الجرائم، واقتحام المحظور، ومخالفة العرف السائد في المجتمع.
فمن الصعب حرمان الأطفال من هذه الأجهزة أو حجبها عنهم، ولكن ندعو إلى تقنين استعمالها والرقابة عليها، وتوجيه الأبناء إلى الاختيار الصحيح منها، وكما قيل: ما لا يُدرَك كله لا يُترَك جُلُّه، فلا بد أن نقلل من خطرها قليلًا، وذلك خير من أن نتركها تهدم ما بنيناه، وتأخذ منا أغلى ما نملك؛ أبناءنا، فهم الذين نُعَوِّلُ عليهم في بناء المستقبل، وصناعة المجد والحضارة لأمتنا، فإذا ضاع الجيل تبدَّدت تلك الأحلام، وانهدم ذلك الطموح العظيم، ولعل الآباء يجدون صعوبة في ذلك، وهذا لا بد منه، فالأمور العظيمة لا بد أن يكون معها شيء من الجهد والتعب؛ فالله سبحانه وتعالى عندما أمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يأمر أهله بالصلاة، ذكَّره بالصبر؛ {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132]؛ ليبين له أن الأمر يحتاج إلى مصابرة، وإنه ليس بمجرد أن تأمرهم سيمتثلون أمرك، ولكن لا تيأس واصبر وجاهد، فإن صلح حالهم، كنتَ مأجورًا عند الله، وإلا كنتَ معذورًا أمام الله، فقد أدَّيتَ الذي عليك، وليعلم الآباء أن تضييعهم للأبناء إثمٌ عظيم وخسارة فادحة؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: «كفي بالمرء إثمًا أن يضيِّعَ من يعول» (2)، فيا له من ذنب، وما أعظمها من خسارة، أن ترى أبناءك يضيعون من بين يديك؛ بسبب إهمال كان من الممكن أن تتجاوزه بأفعال بسيطة، تحفظ أبناءنا، وتمنع أيادي الشر من الوصول إليهم، والعَبَثِ بعقولهم.
وسوف أعرض بعض الوسائل التي تساعد الآباء في حماية أبنائهم من خطر هذه الألعاب، وتقلل من آثارها الخطيرة عليهم:
1- استشعار المشكلة: فإذا استشعر أولياء الأمور أن هناك مشكلة، قادهم ذلك إلى البحث عن أسبابها وحلولها، والذي أراه أن أغلب أولياء الأمور لا يرى في إعطاء هاتفه للطفل الصغير، واللعب بألعاب قد لا تناسب عمره – أيَّ بأس، وهذا في حقيقة الأمر مشكلة؛ إذ كيف يبحث عن حلٍّ مَن لا يرى هناك مشكلة أصلًا، ولن يكون هناك استشعار لهذه المشكلة إذا لم يكن هناك توعية للآباء بحقيقة هذه الألعاب وخطرها، واطِّلاعهم على البحوث التي تُنشر، والمقالات التي تُكتب لبيان ذلك الأمر، وهذا يقع على عاتق الحكومات، ودور التعليم، والمربين والمصلحين جميعًا، فتضافر الجهود وتكاتف الجميع لمحاربة هذه الألعاب الدخيلة المفسدة أمرٌ مهمٌّ، ومقصد نبيل، ويكون ذلك بإقامة الندوات لتوعية الآباء والأمهات، ونشر الدراسات والبحوث التي تحذر من ذلك في المجلات والجرائد والقنوات المتلفزة، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة؛ لرفع الوعي، وتنبيه الخامل، وتعليم الجاهل بها.
2- الرقابة على ما يطَّلع عليه الأبناء من ألعاب أو مواقع: فأغلب الأبناء عندما يرى ضعف الرقابة من الوالدين، فإنه قد يَلِجُ إلى مواقعَ لا تناسبه، وتعرض أمورًا قد يكون لها آثار سلبية كبيرة عليه، ونتائج خطيرة على حياته؛ لذلك نحن نقول: إن الآباء مسؤولون عن أبنائهم، وهم مأمورون شرعًا بحفظهم عن كل ما يضرهم في حياتهم، فكيف بأمر يؤثر على كل مناحي حياتهم؟ يقول عليه الصلاة والسلام: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها» (3).
وليس معنى الرقابة كما يفهمها البعض أن يقف الآباء على رؤوس أبنائهم يراقبونهم كل لحظة، ويكونون معهم كل دقيقة، فهذا مما يُشْعِرُ الأبناء بعدم الثقة، ويرسم صورة في ذهن الأبناء أن الآباء لا يثقون به، وأنهم يتجسسون عليهم ويراقبونهم، فيحاولون التَّنصُّلَ من هذه الرقابة، والابتعاد عن أعينهم، ولكن قد تكون بوضع البرامج الرقابية التي تمنع دخولهم لهذه المواقع التي تضرهم، أو تصفحهم لِما يكون فيه خطرٌ عليهم في سلوكهم أو أفكارهم.
3- مشاركة الأبناء في ألعابهم التي يلعبون بها: فهذه الثقافة شبه منعدمة في مجتمعاتنا العربية؛ وذلك للظن السائد؛ وهو أن مشاركة الأبناء اللعِبَ لا يتناسب مع مكانة الأب ومنزلته، وهذا من الخطأ الذي صحَّحه لنا نبينا عليه الصلاة والسلام؛ فهو قدوتنا، وقد كان عليه الصلاة والسلام يشارك الأبناء اللعب، وهو من هو صلى الله عليه وسلم، وعندما جاءه الأقرع بن حابس ورآه يُقبِّل الحسن والحسين ويلعب معهم، فقال: تقبِّلون أبناءكم؟ إن لي عشرة من الأبناء ما قبَّلت واحدًا منهم، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «وماذا أصنع لو نزع الله الرحمة من قلبك؟» (4).
فاللعب مع الأبناء ومشاركتهم هديٌ نبويٌّ رفيع، وأسلوب تربوي ناجح في كسب الأبناء، وكسر الحواجز معهم، ومن ثَمَّ تقوى العلاقة وتترسخ الصلة بين الأبناء والآباء.
4- عدم إعطاء الطفل هاتفًا خاصًّا به: وإنما يكون هناك هاتف عامٌّ يتشارك فيه الجميع، أو هاتف الأب، أو الأم، بحيث إذا احتاج الابن للعب، فإنه يُعطى هاتف الأم أو الأب؛ ومن ثَمَّ يكون أكثر حرصًا على عدم الدخول إلى مواقع مسيئة، أو تصفُّحِ أمور مُخِلَّةٍ مثلًا، وهذا الأمر مهم جدًّا أن يتنبَّهَ إليه الآباء؛ فهو يجعل الأبناء أكثر حرصًا على انتقاء ما ينفعهم، ويكون الأمر مكشوفًا واضحًا للآباء، فلا يفكر في أمر قد يكون فيه ضرر أو رَيْبٌ، ويسهُل على الآباء معرفة الألعاب والمواقع التي يتردد عليها الأبناء وحصرها، ثم يأتي دور التعزيز له إن كانت نافعة، أو النصح له إن كانت لا تناسبه، أو تسبِّب الضرر له.
5- ملء أوقات الفراغ للطفل بأمور هادفة وأعمال مُحبَّبة: فأغلب الأطفال عندما لا يجد عملًا يشغله، أو هواية يمارسها، ويجد وقتَ فراغٍ في حياته؛ فإنه يحاول ملء هذا الفراغ عن طريق هذه الألعاب الإلكترونية، والدخول للعالم الافتراضي، وهنا يأتي دور الآباء في تنويع الأنشطة المُقدَّمة للطفل، وإدخال برامج حركية وأنشطة عملية، تساهم في تنمية جوانب الإبداع عند الأطفال، وقد يكون الخروج معًا لممارسة بعض الهوايات أو التنزُّه في إحدى الحدائق، أو زيارة الأهل والأقارب، أو التسوق وشراء حاجيات المنزل؛ بحيث يشعر الطفل بأهميته وأنه أحد الأفراد المؤثرين في الأسرة – أمرًا قد يساهم في إبعاد الأبناء عن مثل هذه الألعاب الإلكترونية، ولو لوقت قصير، والمتأمل يدرك أن أطفال القرى النائية والبلدان البعيدة يكونون أقوى شخصية، وأكثر انفتاحًا على الآخر، وأكثر ذكاء من أبناء المدن؛ وما ذلك إلا لبُعْدِهم عن هذه الشاشات التي تُعلِّم الطفل التَّبَلُّدَ والانزواء، وتفرض عليه نمطًا معينًا في الجلوس والحياة، وكأنه في صندوق لا يستطيع مغادرته، أو الحركة خارج الإطار المرسوم له.
6- أن يكون لدى الآباء ثقافة عامة في هذه الأجهزة: فإذا وجدوا لعبة في هاتف الطفل يُفضَّل أن يقرؤوا عنها، ويبحثوا في محركات البحث أو المنصات التربوية التي تُعنَى بدراسة هذه الألعاب، وبيان خطرها وسلبياتها على الأطفال، ومن هذه المنصات الرائدة التي اطَّلعتُ عليها: منصة (قيِّم) التابعة لمسك الخيرية، والتي تُعِدُّ دراسات تربوية على الألعاب الإلكترونية، وتُقيِّمها وفق معايير تربوية من حيث إيجابياتها، والسلبيات التي تنطوي عليها، وما هي الأعمار المناسبة لممارستها، ويستطيع ولي الأمر أن يستفسر عن لعبة ما، أو يرسل هذه اللعبة لهم، وهم يُخضِعونها للدراسة والتحليل، ويوافونه بالنتائج، فهذا جهد يشكرون عليه؛ حيث سهَّل على الآباء كثيرًا من التعب، واختصر عليهم مزيدًا من البحث والتنقيب.
7- تحديد الأوقات التي تُنظِّم علاقة الطفل بهذه الأجهزة خلال اليوم: ولا بد لهذا التنظيم أن يحتويَ على جميع الجوانب التي يحتاجها الطفل؛ من حيث الحركة البدنية، والجلوس مع الأطفال الآخرين، والنقاش في المواضيع التي تهم الأسرة؛ ومن ثَمَّ ينشأ الطفل نشأة سليمة، وليس هناك مانع من السماح للطفل في اللعب في الألعاب النافعة التي تنمِّي المهارات، وتُعلِّم الأطفال طرق التفكير الإيجابي، والنقاش المثمر، وترفع الوعي لدى الأطفال، ولكن بشرط أن يتم ذلك تحت إشراف الآباء ورقابتهم؛ حتى تتحقق الفائدة والمتعة من هذه الألعاب.
8- البحث عن البدائل المناسبة: لا شك أنه هنالك مجموعة من الألعاب الإلكترونية الواسعة والمثيرة للاهتمام والتي تحمل أهدافًا إيجابية وتبني سلوكيات حسنة وتساعد الفرد على تقوية ذكائه، ورفع تركيزه، وكثير من الصفات الإيجابية التي يسعى الفرد لإيجادها في نفسه، ولكن لا بدّ من إعادة الاهتمام بتفعيل بعض الأنماط من الألعاب اليدوية القديمة والتي تزرع التحدي وتثير التفكير وتبني المنافسة بين اللاعبين.
9- متابعة بعض المختصين في التكنولوجيا على مواقع التواصل الاجتماعي، ممن يعرض خفايا التقنية للآباء، ويحاول تثقيف أولياء الأمور بأهم البرامج والتقنيات التي تحافظ على الأبناء عند تصفحهم هذه المواقع، أو ممارسة هذه الألعاب على الأجهزة الذكية؛ فاليوم ومع انتشار البرامج والتطبيقات التي تحمي الأبناء من خطر هذه الألعاب، وتُقلِّل من أضرارها – لم يَعُدِ للآباء عذرٌ يمنعهم من استعمالها، أو محاولة تسخيرها في رقابتهم على هذه الألعاب والمواقع المختلفة (5).
10- التثقيف والمطالعة حول الألعاب الإلكترونية: ليس من الضروري أن يمارس الأهل الألعاب الإلكترونية وإن كان هذا مفيدًا ومساعدًا لهم في التعرف عن قرب لتأثيرات كل لعبة والسلوكيات المترتبة منها، إنما من الضروري جداً رفع مستوى التثقيف في هذا المجال والمطالعة والقراءة عن أنماط وأنواع الألعاب والأهداف التي تحققها، والآثار والنتائج المترتبة عليها.
11- تحويل التهديد إلى فرصة: لا بدّ أن يكون السماح باللعب والقبول به مناطًا ومربوطًا بتحقيق أهداف حياتية إيجابية سوية مثل النجاح بالمدرسة، وأداء الواجبات الدينية والمحافظة على القيم والمبادئ الأخلاقية، ففي حال عدم الالتزام ضمن هذه المنظومة التطويرية لذات الفرد لا بد للأهل من حرمان ولدهم من اللعب بالألعاب والضغط بطريقة ذكية ضمن هذا المسار ليستعيد الفرد تركيزه ضمن المنظومة التطويرية التي رسمها الأهل لولدهم.
12- تقوية الجانب الديني للأبناء: يعتبر أداء الواجبات في أوقاتها وبتركيز كبير من جهة، والابتعاد عن المحرمات من جهة أخرى، يساهم في بناء شخصية متزنة للفرد تستطيع أن تميز مع الوقت بين الصح والخطأ، وبين ما هو مسموح وما هو ممنوع؛ هذا يساعد بشكل كبير على تنظيم وقت اللعب لديهم واختيارهم أنماط الألعاب والأدوات التي تناسب منطلقاتهم التربوية والدينية، لذلك على الأهل التركيز جيدًا على أداء الواجبات الدينية والابتعاد عن المحرمات.
يبقى من الضروري الإشارة في ختام هذا السياق إلى أن الألعاب الإلكترونية سيف ذو حدين، للطفل حقّه في ممارسة ترفيهه واختيار نمط لعبه، وللأهل واجبهم في توجيه بوصلة ابنهم نحو شاطئ الأمان.
وما بين نومة الأهل عن أبنائهم خطر، لم ينم الآخرون عنهم، فاحذروا الغفلة (6).
-------------
(1) الألعاب الإلكترونية خطر لا يُنام عنه/ مركز الأبحاث والدراسات التربوية.
(2) أخرجه الحاكم (8526).
(3) أخرجه البخاري (893).
(4) أخرجه ابن حبان (5596).
(5) كيف تحمي طفلك من إدمان الألعاب الإلكترونية/ منتديات الألوكة.
(6) الألعاب الإلكترونية خطر لا يُنام عنه/ مركز الأبحاث والدراسات التربوية.