logo

أطفالنا والثقافة الرقمية


بتاريخ : الثلاثاء ، 23 شوّال ، 1443 الموافق 24 مايو 2022
بقلم : تيار الاصلاح
أطفالنا والثقافة الرقمية

الثقافة الرقمية هي مصطلح يوضح آلية عمل تكنولوجيا المعلومات والإنترنت في تشكيل الطريقة التي يتفاعل بها البشر مع هذه التكنولوجيا واستخدامها في حياتهم العملية والشخصية، إذ تشمل الثقافة الرقمية الطرق والتقنيات والوسائط الجديدة التي يمكن استخدامها لأداء المهام المطلوبة.

الثقافة الرقمية هي أيضًا مصطلح يشير إلى التغيرات الثقافية التي ينتجها تطوير ونشر التكنولوجيا الرقمية وخاصة الإنترنت وشبكة الويب. 

ويرتكز مضمون ومفهوم الثقافة الرقمية على بناء منهجية للتفكير من خلال دمج عناصر من عدة حقول ثقافية منفصلة سابقًا، والعمل مع الآخر حتى لو كان بعيدًا.

وقد شاع مصطلح الثقافة الرقمية خلال الفترة الأخيرة، في إشارة إلى معطيات ثقافية جديدة من جراء استخدام التكنولوجيا الالكترونية الجديدة، وما نتج عنها من هوة فاصلة بين الدول المتقدمة والدول الفقيرة التي تعرف بالفجوة الثقافية.

الثقافة الرقمية لم تعد تقتصر على سن أو جنس أو عرق أو بلد معين، الجميع انغمس في بحورها وراح ينهل من محتوياتها، ويطلع عليها بنهم كبير، فهناك من فعل هذا بحذر وحيطة، وهناك من قام بالأخذ الكلي منها دون تصفية أو تمحيص.

ولأنّنا في عصر التكنولوجيا؛ فقد أصبح لزامًا استخدام مصطلحات تتماشى مع هذه الثورة العلمية، ومنها مصطلح الثقافة الرقمية التي تشير إلى معطيات جديدة يفرضها عالم التطور العلمي والحضاري، فقد وحّدت هذه الثقافة شعوب العالم وجعلتها تتوق إلى تشكيل معرفة واسعة، وأصبح يطلق على هذا المجتمع الموحّد تسميات مختلفة، منها مجتمع المعرفة ومجتمع المعلومات، حيث أصبحت المعرفة أهم مصادر التنمية، وإنتاج المعرفة أهم مصادر الدخل القومي، حيث تُوفر كمًا هائلًا من المعلومات مع توظيفها لصالح المجتمع.

فوائد الثقافة الرقمية:

- مكنت الأشخاص من التواصل مع بعضهم البعض عبر الرسائل النصية أو المكالمات الصوتية أو مكالمات الفيديو، أو تبادل الوسائط المتعددة.

- ساعدت على تسهيل إجراء اجتماعات العمل والتعلم عن بُعد، وذلك بفضل تقنيات المؤتمرات الافتراضية والكتب الرقمية وما إلى ذلك.

- ساعدت الأشخاص على تبادل الكثير من المعلومات بسرعة عالية فيما بينهم، من أي مكان في العالم.

- سهلت أداء الأنشطة والأعمال بسرعة وبجودة عالية (1).

التأثيرات السلبية للثقافة الرقمية:

مثلما قدّمنا التأثيرات الإيجابية للثقافة الرقمية، فلا بدّ لنا أن نوضح تأثيراتها السلبية التي تتمثل في النقاط الآتية:

1- ازدياد التبعية الثقافية: يجد المتعلِّم العربي اليوم نفسه أمام كم هائل من المعلومات التي تقدّمها له الثقافة الرقمية، لدرجة أنّها تركته تابعًا لها بدرجة كبيرة، فهو بإمكانه أن يُنتج معارف جديدة لأنّه يتمتع بالذكاء والرغبة الكبيرة في معرفة المجهول.

والمتتبع للمنظومة التربوية العربية يلاحظ مع الأسف غياب استغلال هذا الذكاء وهذه الرغبة، فالمتعلِّم سُلمت مقاليده للثقافة الرقمية من غير تخطيط مع غياب التبصر بتصفية ما يناسب هذا المتعلِّم، فأُلغيت بذلك تنمية مهاراته وتطوير إمكاناته الرهيبة، ومن هنا نقول إنّ المنظومة التربوية أمام تحد كبير للتركيز على المفاهيم وتنمية المهارات وكيفية الوصول إلى المعلومات واستخدامها على أفضل أساس.

ولا نُلقي باللائمة على المنظومة التربوية وحدها، فالأُسرة وباعتبارها المكمل الآخر لهذه المنظومة أسهمت في إهدار ذكاء المتعلِّم أمام هذه الثقافة الرقمية، فنجد الكثير من أولياء الأُمور قد غيّبوا دورهم القيادي المنوط بهم، فاتحين المجال على مصراعيه أمام قيادة جديدة هي زخم هذه الثقافة الرقمية.

2- الثقافة الرقمية والسلم القيمي: انتظار المتعلِّم لجديد هذه الثقافة يجعلنا نتساءل عن القيم التي سيأخذها في مدرسته وفي جامعته، فالتماهي الموجود مع الآخر، جعله مرتبطًا بقيم جديدة لا تمت بصلة لسلسلة القيم التي تَرَبَّى عليها أو الموجودة في مجتمعه.

إنّ المتعلِّم يعيش أزمة هوية، لأنّ الثقافة الرقمية تفرض جديدًا كما ذكرنا، فكيف للمتعلِّم القدرة على أن يواجه هذا الجديد المتغير؟ أطلق البعض على صراع الهُويّة وتغيرها (الأزمة بين الهُويّة والعالمية)، إذ كيف يحافظ على الجذور والأُصول في عالم الاتصال وسوق الاقتصاد الحرّ؟ ونتيجة لهذا التغير القيمي لاحظنا أنّ المتعلِّم لم يعد يُقدر معلمه فيعتبره منارة العلم، بل أضحى اللاتقدير سمته الغالبة؛ لكنّنا نُشير لأمر مهم وهو أنّه إذا اكتسحت هذه الفئة من المتعلِّمين فضاء المدرسة والجامعة، فلا يعني هذا غيابًا كلّيًا للمتعلِّم الذي مازال متمسكًا بسلم قيمي أُسري واجتماعي معيّن.

3- القراءة المشتتة: رغم ما تقدِّمه الثقافة الرقمية من معلومات للمتعلِّم، إلّا أنّ قراءته لها لم تتأسس على التأني والتعمُّق في معلوماتها، فكانت البحوث المقدّمة لنا في الأغلب سطحية غير مترابطة في أفكارها، بل لم نجد شخصية الطالب فيها، لتحضر هذه البحوث شكلًا وتغيب مضمونًا (2).

وانطلاقًا من الأولوية التي توليها العديد من الدول في العالم لقضية السلامة على الإنترنت، فقد ألزمت مؤسساتها المعنية بقطاع الاتصالات بمساعدة الأشخاص في الاستخدام الآمن للإنترنت، مع التركيز بشكل خاص على الأطفال، فعملت مع المدرسين وأولياء الأمور لتثقيفهم حول كيفية حماية سلامة أبنائهم على الإنترنت مع عدم إغفال فضول هؤلاء الأطفال لاستخدام الإنترنت والاستمتاع بما يقدمه.

وأطلقت هذه المؤسسات العديد من برامج السلامة التي شكلت مصدرًا وموردًا ثريًا يزخر بالمعلومات والإرشادات والتنبيهات الخاصة بكيفية حماية الأطفال وضمان سلامتهم على الإنترنت، إذ وفرت مجموعة من الألعاب التعليمية والتثقيفية والنصائح وأحدث المعلومات الخاصة بمساعدة أولياء الأمور والمعلمين في قضية حماية الأطفال من المخاطر التي قد تواجههم على شبكة الإنترنت مثل التعدي الإلكتروني، والمواد الغير لائقة، إلى غير ذلك من كافة أشكال الجرائم والانتهاكات الإلكترونية.

يحدث هذا في الوقت الذي أصبح فيه الناس يتسابقون على اقتناء الأجهزة الحديثة، والارتباط بالرقميات المعاصرة، كمظهر من مظاهر ما وصلت إليه البشرية من تطور وتقدم في المعلومات، فلم يعد أي عنصر في البيت، صغيرًا كان أو كبيرًا، يستطيع التخلي عن جهاز رقمي خاص به، وقد يتعدى الأمر لأكثر من جهاز.

وهو أمر غير مستغرب، بل المستغرب في هذا العصر، من يعيش في أوج هذه الثورة العلمية وهو غير مبال بوجودها، ولا مرتبط بتعقيداتها ولا بتسهيلاتها.

لكن الحديث عن قرار اقتناء هذه الأجهزة، يقودنا أيضًا إلى الحديث عن إيجابياتها وسلبياتها خاصة ما يتعلق بسوء توقيت اقتناء هذه الأجهزة والرقميات على المستوى الفردي مثلًا، كاقتناء الأطفال لبعض الأجهزة التي لا تتوافق مع سن الطفولة.

حيث يكاد الأمر يخرج عن السيطرة من تغليب للعاطفة والخمول على المسؤولية تجاه الطفل، فيأتي المردود السلبي لهذه اللامبالاة في أرقمة الاستخدام، فحين نتحدث عن أجهزة رقمية وتقنيات حديثة، فكذلك ينبغي لنا تهيئة البيئة العقلية لنضع تلك التقنيات في مواضعها الصحيحة، حتى لا قد يساء استخدامها؛ فيصير ضررها أكبر من نفعها، وربما يكون هذا الضرر على الفرد أكثر منه على الشركات والدوائر والإدارات، فهذه الشركات والإدارات تقل فيها عشوائية الاستخدام إلى درجة كبيرة، نظرًا لما عندها من استعداد ودراسات ومتخصصين يؤطرون العمل الرقمي والتقني في لوائح ونظم تحفظ الحقوق وتحمي المستخدمين إلى حد كبير.

يمكننا إيجاد أوساط آمنة للأطفال على شبكة الإنترنت، إلا أنه يتوجب على الأهل والمعلمين تعليمهم مهارات استخدام تلك الوسائط بشكل آمن.

الثقافة الرقمية والمنظومة التعليمية:

عندما نتحدث عن الثقافة الرقمية، يجب ألا نهمل الأساس الأول الذي شكل ثقافة تلاميذنا وطلابنا ومجتمعنا عمومًا قبل ظهور العالم الرقمي وظهور ثقافته، ونقصد به الثقافة المكتوبة أو المطبوعة، فالكتاب بأنواعه المختلفة وبتخصصاته المتعددة قدم رقيًا فكريًا وحضاريًا.

لكن الملاحظ اليوم أن نسبة الثقافة المكتوبة قد تضاءلت بشكل لافت للانتباه، فثقافة المطالعة كقيمة معرفية وإنسانية تشهد تراجعًا مؤلمًا في نسبة القراءة بين الكبار والصغار بشكل خاص، كما تعاني المجتمعات عامة من قلة الوعي والتثقيف لأهمية القراءة والمطالعة، وقد أقر بهذا باحثون ومختصون في كل أرجاء العالم، حيث أشار الكثير من الباحثين وعلماء الاجتماع إلى أن علاقة الطفل بالكتاب أصبحت علاقة مخيبة للآمال ومحبطة؛ لا بل تكاد تكون ثقافة معدومة.

والسبب في ذلك دون أدنى شك هو سيطرة الثقافة الرقمية بكل ما تحويه من إيجابيات وسلبيات على فكر وسلوك الأطفال والشباب، فأصبحت تشكل إدمانًا رهيبًا لم يعد بإمكان هذا المتلقي التخلص منه، والمدمن عبر الإنترنت لن يستطيع التوقف عنه، وذلك لأنّه علق في مصيدة الإدمان.. ورغم أن تأثير ذلك قد يكون فظيعًا على حياة المدمن، فإنّه لا يستطيع التوقف عن ممارسته الإدمانية.

ظاهرة صحية:

ولكن مهما كانت السلبيات، فنحن أمام ظاهرة صحية هي الثقافة الرقمية، التي أصبحت ضرورة في عصر يطلق عليه العصر الرقمي، قاد المجتمعات إلى تطورات كبيرة في مجالات مختلفة.

وفيما يلي إيجابيات هذه الثقافة الرقمية عند التلميذ والطالب باعتبارهما صورة للمنظومة التعليمية والتربوية.

- التحام التلميذ والطالب بالثقافة الرقمية التحامًا وثيقًا، لأن هذه الثقافة في تطور سريع وتقدم يوميًا مكتسبات جديدة.

- توسيع خبرات المتعلِّم وتذليل له طريق لبناء المفاهيم، فيتجاوز بذلك الحدود الجغرافية المكانية والزمنية.

- تنويع المتعلِّم في معلوماته، فعالم الثقافة الرقمية مفتوح أمامه على مصراعيه، والإنترنت يسهل الحصول على المعلومات حول جميع المواضيع.

- يستفيد الأطفال والراشدون إلى درجة كبيرة من الإنترنت، وذلك على مستوى التعليم والتعلُّم، بالإضافة إلى كونه وسيلة ترفيهية رائعة.

ومن خلال نسبة المتعلمين الذين احتكوا بهذا العالم الافتراضي احتكاكًا إيجابيًا، اتضح تنوع معارفهم، فهم غير مرتبطين بحقل معرفي واحد، وهذا التنوع قد سمح بخلق جو من الحيوية والنشاط في قاعة الدرس، لكن اتضح أن العملية التعليمية لا تقوم على المتعلِّم فقط، بل تتأسس مع المعلِّم أيضًا، الذي يعيش هو الآخر عصر العولمة، فإذا أسّس معارفه الأولى من الثقافة المكتوبة، فعليه أن يطوّر معارفه هذه ويُنوعها من خلال تواصله مع جديد الثقافة الرقمية..

ولا يمكن أن ننسى أنَّ من متطلبات الثقافة الرقمية ضبط سلوكيات الأبناء، إذ ينبغي إدراك أنَّ لوسائل الإعلام والتقنية المتطورة جوانب سلبية كما أنَّ من المستحيل تجنب تعرض الأطفال لها على نحو مباشر أو غير مباشر؛ لذا يكمن الدور الواعي في ضبط سلوكيات الأبناء والتلاميذ من خلال ما ينص عليه ميثاق الأخلاقيات الرقمية، ومن أهم أدوات توجيه الأطفال للتفاعل الواعي مع وسائل الإعلام هو تنظيم الوقت مع توجيه الأسرة للاستفادة المثلى من وسائل الترفيه الموجودة في العالم الرقمي. وفي الختام ينبغي على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي سواء كانوا إعلاميين أو مهتمين بالإعلام التفكير أنَّه صوت لمجتمعه وأن يعمل على نشر ما هو مفيد له وللآخرين؛ ليسهم بتثقيف وتوعية مجتمعه (3).

الثقافة الرقمية والأزمات العالمية:

كان ظهور وباء كورونا الحدث الأكثر هيمنة على العالم خلال السنتين الأخيرتين، والأكثر تأثيرًا على عادات البشر في كل الأمكنة الأزمنة، وأكدت الفعاليات الثقافية في العالم، من خلال الجلسات الافتراضية وغيرها من البدائل، أهمية كبيرة في مواجهة أزمة كورونا، التي تركت آثارها السلبية الواسعة على مختلف مجالات الحياة في العالم، وقد أثبتت المواقع الإلكترونية فوائدها كوسائط اجتماعية بديلة عن اللقاءات المباشرة في الحوار وتبادل الآراء.

ولا أحد يشكك اليوم في تأثير الثقافة الرقمية على الأطفال والتعليم الذي تتعرض له المجتمعات في العالم أثناء تفشي وباء كورونا الذي غير كل الموازين.

وتجاوزت منصات الحوار والتبادل الثقافي في العالم كل التحديات بفضل المبدعين من كتاب وفنانين وقراء، الذين شكلوا خطوطًا خلفية فاعلة في المشهد الفكري والاجتماعي، داعمة لخط الدفاع الأول في مجال التعليم والطب والرعاية الصحية.

ولا تزال العديد من الدول في العالم تواصل العمل في كل المجالات الثقافية والفكرية التي تترك آثارها الإيجابية في جميع مناحي الحياة.

وشكل هذا الوضع الخاص الذي عاشه العالم بسبب تفشي وباء كورونا مفهومًا جديدًا للثقافة الرقمية أدى في الأخير إلى تسيير هذه المرحلة الانتقالية بشكل ملائمة في مجال التعليم وقطاع الخدمات، كما أدى أيضًا إلى استعراض أبرز التجارب التي نجحت، عربيًا وعالميًا، في الإفادة من الثورة الرقمية في تسويق وترويج المناهج الثقافة.

وفي العموم فقد وضعنا فيروس كورونا أمام مرآة عاكسة لحقيقة المجتمعات التي تعودت على الاستهلاك وعدم التفكير، أو الاكتفاء باجترار ما توصل إليه مفكرون لقرون خلت.

ربما يكون هذا الفيروس الفرصة لإيجاد فلسفتنا الخاصة حتى تخرجنا من المأزق الفكري والبحثي بعودة مخابرنا لإيجاد تصورات ونظريات جديدة قادرة على تسيير نمط الحياة الجديدة.

وفي المحصلة، فالجميع مطالبون للمشاركة في إنشاء وتهيئة مجتمع وأجيال تتعامل مع الثورة التقنية بعقلية مستوعبة لعظمة مثل هذا الجهاز الصغير الذي نقلبه بين أصابعنا، حتى يتم – على الأقل – التقليل من حدة تأثير الثقافة الرقمية على الأطفال والتعليم، ولتكون الثقافة الرقمية ليست مجرد امتلاك أحدث الأجهزة، بل هي امتلاك المعلومة وحسن التعامل بها مع أي جديد ينتجه العقل.. إلا نفعل تكن فتنة وفساد كبير (4).

مشكلات الثقافة الرقمية مع الأطفال:

إنَّ الاستخدام المفرط للهاتف الذكي والحاسوب يعرض الأبناء والأطفال لمشاكل جمَّة، منها:

أولًا: يضعف من مهاراته الشخصية، إذ يحرمه من اللعب الذي يطور من مهاراته.

ثانيًا: تتسبب الأجهزة في مشاكل صحية: كآلام في الرقبة والكتفين والظهر والصداع وإجهاد العين، وتأخر النطق وغيرها كثير.

ثالثًا: يؤثر إدمان الألعاب الإلكترونية سلبيًا على قوة الذاكرة والقدرة على التركيز.

رابعًا: إنَّ الألعاب الإلكترونية القتالية تسبب زيادة العدوانية والعنف عند الأطفال، ويجعلهم أكثر عرضة لخطر التنمر الإلكتروني.

خامسًا: تأثيره على السلوك الأخلاقي: لوجود الكثير من المواقع والمحتوى المؤثرة على السلوك.

سادسًا: تتسبب في هدر الوقت.

وهنا تكمن أهمية التربية الرقمية باعتبارها القواعد المنظمة للعلاقة بين العالمين: الافتراضي والواقعي، فهي تستند على المهارات وبرامج توعوية كمنهج سلوكي عند التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة.

الأمر الذي يتطلب من المربي إلمامه بالمعلومات التكنولوجية لتطويعها في برنامجه التربوي، وهنا يبرز دور الأب والمعلم والمربي الرقمي المتميز القادر على تحويل البيئة الاجتماعية والتعليمية التقليدية إلى بيئة تقنية محفزة للبحث والتعرف على المفاهيم العلمية الجديدة؛ وبذلك تتحول هذه التكنولوجيا إلى أداة مفيدة اجتماعيًا وتربويًا، أي أن مهام الأسرة والمدرسة والجامعة قد اتسعت كثيرًا لتشمل بيان أخلاقيات التعامل مع العالم الرقمي، وتحصينهم من سلبياته كانتهاك الخصوصية والآداب العامة والجرائم الرقمية والابتزاز الالكتروني وهدر الوقت والتأثير على مستوياتهم الدراسية.

كذلك الكشف عن مميزات هذا العالم لاسيما في العلم والمعرفة والترفيه والعلاقات ضمن الحدود الشرعية والتقاليد العرف، بل يمكن من خلال التربية الرقمية الارتقاء بالواقع التعليمي بتشجيع الأبناء بالتعلم عن بعد والانتفاع من هذه الميزة المتاحة في العالم الرقمي.

والحقيقة من الضروري أن تدرك الأسرة أن الأساليب التربوية التقليدية بحاجة للتأطير بأساليب حديثة تتناسب مع عصر التكنولوجيا لاستثمار هذه التقنية بنحو أفضل، وتحقيقًا للأهداف التربوية المرجوة، وإلا ستصبح التربية سلبية إذا فقدت قدرتها على إدراك التطور الرقمي وبشكل موازي له.

نصائح للوالدين:

وهناك نصائح للوالدين قد تفيد في حماية الأبناء عند استعمال الأجهزة الذكية، منها:

– أن يشرح لطفله أنه لا يجب عليه مطلقًا إعطاء بيانات شخصية عبر الإنترنت، بما في ذلك الامتناع عن تحديد الموقع جغرافيًا.

– تحذير الأطفال من التحدث مع الغرباء مع الشرح أنَّ البعض ينتحلون شخصيات مزورة لاستمالة الطفل بأمور كثيرة.

– جعل الطفل يستخدم أجهزته الإلكترونية في بيئة مفتوحة وليس في الخفاء، مع مراقبة المواقع التي يتصفحها.

– محاولة استخدام مواقع وتطبيقات آمنة للأطفال: مثلاً أطلقت شركة “غوغل” محرك بحث موجه حصريًا للأطفال.

كما أطلقت شركة يوتيوب تطبيق موجه للأطفال وذويهم، واعتمد موقع فيس بوك نسخة جديدة من تطبيق ماسنجر مُخصصة للأطفال تحت سن 13 عامًا يُمكن الآباء من إدارة التطبيق بعد تحميله على أجهزة الأطفال من خلال حساباتهم على فيس بوك.

وختامًا يوفر العالم الرقمي إيجابيات لا محدودة للأبناء: إذ يؤمن الاستخدام المعتدل للأجهزة الرقمية، فرصة للتعلم واكتساب مهارات، وتنشيط ذاكرتهم من خلال ألعاب الذكاء والتركيب وغيرها (5).

________________

(1) ما هي الثقافة الرقمية/ إسلام أون لاين.

(2) تأثير الثقافة الرقمية في المنظومة التربوية/ البلاغ.

(3) الثقافة الرقمية وضرورتها مع مواقع التواصل الاجتماعي/ شبكة النبأ.

(4) تأثير الثقافة الرقمية على الأطفال والتعليم - إسلام أون لاين.

(5) دور الآباء في حماية الأبناء من سلبيات العالم الرقمي/ شبكة النبأ.