logo

توجيهات حول تربية الأبناء


بتاريخ : الخميس ، 9 جمادى الأول ، 1442 الموافق 24 ديسمبر 2020
بقلم : تيار الاصلاح
توجيهات حول تربية الأبناء

إن تربية الأبناء من المهمات الصعبة التي تحتاج إلى الكثير من الصبر والحكمة، وعلى الرغم من أن الآباء يهتمون بتكوين الأسرة واختيار الزوجة؛ إلا أنهم لا يهتمون بأسلوب تربية الأبناء، وإنما يستخدمون ما تيسر من أساليب التربية وما بقي في ذاكرتهم من أساليب الآباء؛ رغم أنها قد لا تكون مناسبة، بل إن بعض الآباء يهمل تربية ابنه بحجة أنه صغير، وأنه مشغول بكسب المادة والأنس مع الأصدقاء، أو القيام ببعض الأعمال المهمة، فإذا أفاق أحدهم إلى أبنائه وعاد إلى أسرته؛ وجد أبناءه قد تعودوا عادات سيئة وألفوا سلوكًا لا يليق، وهنا يصعب توجيههم وتعديل سلوكهم.

إن مسؤولية تربية الأبناء مسؤولية عظيمة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته؛ الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته» (1).

ورعاية الرجل أهله بالقيام عليهم والسياسة لأمرهم، وتوفية حقوقهم في النفقة والعشرة، وأما رعاية المرأة فحسن التدبير في أمر بيت زوجها، والتعهد لمن تحت يدها من عياله وأضيافه (2).

إن الآباء الذين أهملوا تربية أبنائهم في الصغر واستخدموا أساليب غير مناسبة فرطوا في أغلى ثروة يملكونها، وماذا تنفع المادة بعد ضياع الأبناء؟! وما يفيد السهر مع الأصدقاء والأب سوف يتجرع الألم حينما يُصدم بعقوق ابنه وانحراف سلوكه؟!

أما الآباء الذين أحسنوا تربية أبنائهم فسوف يجنون ثمارًا يانعة من صلاح أبنائهم واستقامتهم مما يسعدهم في الدنيا والآخرة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له» (3).

فصلاح الأبناء ينسحب خيرًا للآباء، وكذلك صلاح الآباء.

يقول الله سبحانه وتعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

يقول ابن كثير: أي: مروهم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملًا فتأكلهم النار يوم القيامة (4).

وقد جاء في الحديث، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء» (5).

عن علي، رضي الله عنه، في قوله تعالى: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} يقول: أدبوهم، علموهم.

وعن ابن عباس: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} يقول: اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصي الله، ومروا أهليكم بالذكر، ينجيكم الله من النار.

وقال مجاهد: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} قال: اتقوا الله، وأوصوا أهليكم بتقوى الله.

وقال قتادة: يأمرهم بطاعة الله، وينهاهم عن معصية الله، وأن يقوم عليهم بأمر الله، ويأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية، قدعتهم عنها وزجرتهم عنها.

وهكذا قال الضحاك ومقاتل: حق على المسلم أن يعلم أهله، من قرابته وإمائه وعبيده، ما فرض الله عليهم، وما نهاهم الله عنه.

قال الفقهاء: وهكذا في الصوم؛ ليكون ذلك تمرينا له على العبادة، لكي يبلغ وهو مستمر على العبادة والطاعة ومجانبة المعصية وترك المنكر، والله الموفق (6).

وفي معنى هذه الآية الكريمة الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود عن سبرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها» (7).

في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه..» (8)، قال العلماء: هذا نص على مسؤولية الأسرة في المحافظة على فطرة الأبناء وصيانتها عن الانحراف.

خصائص النمو لدى الأبناء وفنيات التعامل معها:

سوف سنتعرض أبرز خصائص النمو لدى الأبناء وأساليب التعامل معها.

أ- الخصائص الجسمانية:

يصبح النمو الجسمي للأطفال في هذه المرحلة سريعًا، خاصة من ناحية الطول، وتصل عضلاته إلى مستوى مناسب من النضج، مما يعينه على ممارسة الحركات الكلية، مثل: الجري والقفز والتسلق، أما عضلاته الصغيرة والدقيقة فإنها تنمو بشكل أقل في هذه المرحلة المبكرة، لذا فإنه ينبغي ملاحظة ما يأتي:

1- أنه قد يبدو من الأبناء في هذه المرحلة: التململ، وعدم الاستقرار، والضوضاء في أثناء جلوسهم فترة طويلة على وتيرة واحدة في البيت أو الفصل، وهذا يلاحظ بشكل واضح لدى طلاب الصف الأول الابتدائي.

2- لا يزال التآزر الحركي الدقيق في بدايته؛ لذا فإنه يحسن التدرج في تعليمهم الكتابة، حتى لا ينمو لديهم اتجاه سلبي تجاه الكتابة والمدرسة بشكل عام.

3- يجد بعض الطلاب صعوبة في تركيز النظر على الحروف الصغيرة والأشياء الدقيق.

4- لا بد من الاعتناء بأمر الطفل بأداء الصلاة، نظرًا لقدرته الجسمية على ذلك، وللتوجيه النبوي الشريف، ولما لذلك من أثر على سلوكه مستقبلًا.

ب- الخصائص العقلية:

يطّرد النمو العقلي، ويستطيع الطفل في هذه المرحلة إدراك العلاقة عقليًا بعيدًا عن التجريد، وتزداد قدرته على الفهم والتعلم وتركيز الانتباه، وتكثر لدى الأبناء الأسئلة؛ لذا يلاحظ ما يأتي:

1- أن الأبناء في هذه المرحلة شغوفون بالسؤال، ومعرفة الأشياء التي تثير انتباههم؛ لذا فاستغلال هذه الفترة وتقديم المعلومات بأسلوب شيق وسهل يساعدهم على تحقيق الفائدة المرجوة.

2- يحرص الأبناء على التسميع والإجابة أمام الأب والأم والمعلم، سواء كان الجواب صحيحًا أو خاطئًا، وهنا يبرز دورنا في ضبط النقاش وإدارته بحيث يتحدث كل ابن في دوره، مع تشجيع الأبناء على الإجابة الصحيحة وعلى النقاش والتفكير والتأمل.

ج- الخصائص الانفعالية:

ينمو السلوك الانفعالي، ويتميز بالتنوع، مثل: الغضب والخوف والحنان والغيرة، ولكنه غالبًا لا يدوم على وتيرة واحدة لفترة طويلة، وهنا ينبغي التنبه إلى أن الأبناء في هذه المرحلة بحاجة إلى الثناء والتشجيع، سواء بالألفاظ أو من خلال الجوائز العينية الرمزية التي لها أثر كبير في نفوس الأبناء.

د- الخصائص الاجتماعية:

تبرز الحياة الاجتماعية لدى الأطفال في هذه المرحلة من خلال جماعة الأصدقاء، حيث يميل الطفل إلى اللعب مع أقرانه في المنزل والمدرسة، ويسودها التعاون والمنافسة وممارسة الأدوار القيادية، ومن ثم فإنه ينبغي أن نعمل على أن تكون المنافسة بين الأطفال بريئة بعيدة عن الغيرة والحسد، وأن يُشجع الطفل على تكوين شخصية قوية من خلال الألعاب المفيدة وممارسة الأدوار الاجتماعية الناجحة.

ويتأرجح الطفل في هذه المرحلة بين الميل للاستقلال الاجتماعي وبقايا الاعتماد على الآخرين، وبشكل عام فإنه يزداد وعي الطفل بالبيئة الاجتماعية ونمو الألفة والمشاركة الاجتماعية؛ لذا ينبغي مراعاة ما يأتي:

1- يهتم الأطفال بالألعاب الجماعية المنظمة؛ لذا يحسن توفير الألعاب المفيدة، وإعطاء الطفل الفرصة للعب لتحقيق الثقة بالنفس والنجاح.

2- تكثر المشاحنات بين أبناء هذه المرحلة، وهنا يأتي دور المربي في حسن حلها، ومعرفة من تكثر لديه المخاصمات وأسبابها؛ لإعارته الاهتمام المناسب.

3- يستعمل بعض الأطفال كلمات غير لائقة، كما يميل بعض الأطفال إلى النميمة، ويصدر ذلك لأسباب، منها لفت النظر إليهم؛ لذا يبرز دور المربي في تعليم الأطفال أحسن الألفاظ والآداب.

4- إن هذه المرحلة تتصف بالتنافس بين الأطفال، ودور المربي هو استثمار هذا التنافس ليكون حافزًا لحفظ كتاب الله تعالى وللتعليم دون أن يترك آثاراً سالبة.

5- في هذه المرحلة تبرز فطرة التدين، فيحاكي الطفل والديه في الصلاة وتلاوة القرآن وحفظ بعض الآيات والأذكار، وتبرز جوانب الخير في نفس الطفل؛ لذا ينبغي للمربي أن يرعى هذه الفطرة وينميها بالمعلومات الصحيحة المناسبة والقدوة الحسنة.

توجيهات للتعامل مع الأبناء:

هذه بعض التوجيهات التربوية حول تربية الأبناء، وهي ما يأتي:

أولًا: تبدأ تتحدد شخصية الابن أو البنت من السنة الثانية؛ لذا لا بد أن نبدأ معه بترسيخ العقيدة، وحب الله، والآداب الإسلامية، والصدق، والتقدير، بالرفق والأسلوب الحسن، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه»، (9).

وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه» (10).

وقد أثبتت الدراسات والبحوث التي أجريت في هذا المجال أن لأساليب التربية الخاطئة -مثل القوة والتدليل- آثارًا سلبية على تربية الأبناء وسلوكهم.

ثانيًا: زرع المحبة والعطف:

يحتاج الطفل إلى أن يكون محل محبة الآخرين وعطفهم، ويتغذى عاطفيًا من خلال ما يجد من أمه وأبيه وذويه، كما يتغذى جسديًا بالطعام الذي ينمي جسده ويبعث فيه دفء الحياة، وقد وجه شرعنا المطهر إلى ذلك، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «من لا يرحم لا يُرحم» (11).

هكذا يوصي الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تكوين العلاقة العاطفية مع الأنباء، ولأنهم حينما يحرمونها من الآباء والإخوان سوف تتأثر صحتهم النفسية، وقد يلجؤون إلى أصدقاء السوء الذين يحاولون أن يصطادونهم بالعبارات المنمقة ثم يوقعونهم في الانحرافات.

ثالثًا: الحاجة إلى اللعب والمغامرة والمخاطرة:

يحتاج الأطفال للعب والمغامرة من خلال لون النشاط والألعاب التي يقومون بها؛ وذلك لتجريب قدراتهم ولاكتساب مزيد من القدرات والتغلب على الصعوبات ويبالغ بعض الآباء والأمهات في منعهم، إلا أن شيئًا من المغامرة والتجريب مهم لنمو شخصية الطفل وقدراته.

رابعًا: ملاحظة المواهب والقدرات لدى الأبناء:

والاهتمام بجوانب الإبداع لدى الابن ورعايتها بما يناسبها ويتوفر لدى الأب، فتقديم تلك الرعاية سوف يفيد الابن كثيرًا، ورغم أهمية رعاية الأبناء الموهوبين من المؤسسات التربوية إلا أنه ينبغي ألا يهمل الأب ابنه وينتظر المؤسسات الأخرى.

خامسًا: الحاجة إلى الأمن:

يدرك الأطفال ما هم عليه من ضعف، ويشعرون بحاجتهم إلى من يحميهم ويرعاهم، وهم يحتاجون إلى حضن دافئ ممن هم أكبر منهم سنًا وأعظم قدرة، ويلجأ الإنسان كلما انتابه ما يهدده أو يفزعه إلى تلك القوة التي تمده بالأمن والاستقرار؛ ولذا ينبغي أن تستثمر في تعليقهم بالله والاعتماد عليه؛ لأنه هو سبحانه مصدر قوة المسلم وأمنه وسعادته (12).

سادسًا: بناء الثقة:

ثمة أمور يجب الالتفات لها حتى تتمكن من بناء الثقة لدى أبنائك:

أولًا: إزالة الخوف، عليك أن تبتعد عن كل الأساليب التربوية التقليدية والتي تُستخدم فيها العقاب والتهديد والعنف وحتى تعابير الوجه من تقطيب الجبين ونبرة الصوت الحادة.

ثانيًا: عليك أن لا تحاول أن تتحكم أو تسيطر على أبنائك بغية تحقيق نتيجة معينة؛ بل يجب عليك منحهم المساحة الكافية حتى يتمكنوا من الاستقلال عنك شيئًا فشيئًا من خلال تدريبهم على الاستقلالية مبكرًا، ثم تنسحب تدريجيًا من حياتهم، ولا مانع من الأخطاء وهو الثمن الذي يقودهم للاستقلالية النفسية والذهنية والمعنوية، مع بقائك مرجعًا لهم وخبرة للاستعانة بها عند الحاجة، والإنسان يختلف عن باقي الكائنات الحية في أنه يحتاج وقتًا طويلًا للاستقلالية عن الوالدين؛ لأن الله كلف الوالدين بهذه المسؤولية على خلاف باقي الكائنات الحية التي تكفل الله تعالى بها: {الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ} [طه: 50].

ثالثًا: لتقوية العلاقة بينك وبين أبنائك عليك باللعب معهم والمرح، فذلك يساعد على بناء الثقة لديهم ويقوي الاتصال، كما يؤسس الألفة، وهذا بدوره يزيد من استجابتهم لما تريده منهم، فيمكنك من خلال قصة أو لعبة غرس فكرة مهمة لديهم .

رابعًا: صادق ابنك ولتعلم أن الحلوى أقرب لقلبه من الكتاب الجديد، والنشاط الذي تشاركه معه والرحلات أحب إليه من الآلاف التي تقوم بإنفاقها عليه، والأب الذكي هو الذي يحضر معه هدية عند دخوله البيت أو تحفة أو قصة شيقة.

خامسًا: أحِب ابنك بلا شروط -رغم أن جميع الآباء يحبون أبنائهم دون شروط- إلا أن الأبناء لا يعلمون ذلك لذلك تتزعزع الثقة لديهم لأننا لو سألنا الأبناء عن متى يحبكم آباؤكم يجيبون إذا تفوقنا أو أطعناهم في كل شيء، فإن لم يستطع يصاب باليأس ويفقد الثقة بنفسه، تحب ابنك حين تسأله متى أحبك ولماذا؟ فيجيب دائمًا تحبني ولأنني ابنك، وأفضل الوقت الذي نخبر فيه أبناؤنا أننا نحبهم هو الوقت الذي كنا نعاقبهم فيه ونلومهم فبدلًا من أن تلومه قل له أحبك، وبدلًا من أن تعنفه افهمه، وبدلًا من أن تقطب جبينك ابتسم له.

سادسًا: افهم ابنائك وانظر بعيونهم لتحظى بصداقتهم، فاهتماماتهم وميولهم تختلف عنك فالأطفال يحبون اللعب والمرح والحرية على خلاف الكبار يحبون السيطرة والجدية لذا تحدث الكثير من المشاكل، لذلك عليك أن تسمعهم أكثر من أن تكلمهم حتى لا يبقون معتمدين عليك.

سابعًا: عامل طفلك باحترام وعلى أنه انسان وليس طفل، له أفكاره ومشاعره وشخصيته؛ لأنه هو المستقبل ويجب علينا أن نتخلى عن الرهبة التي غرسناها فيهم.

ثامنًا: امسح على رؤوس ابنائك وضمهم إلى صدرك بحنان ومحبة ودفء، فالرسائل غير الملفوظة أهم من الكلمات ذاتها.

تاسعًا: حتى تستطيع بناء الثقة يجب أن تكون أهلًا للثقة من خلال كونك قدوة جيدة لأبنائك في سلوكك وكلامك وعاداتك وحسن أخلاقك.

عاشرًا: حافظ على العلاقة الطيبة بينك وبين أبنائك واهتم بتوازنهم النفسي حتى تكون نتيجة تربيتك كما تريد، فحين يكون هناك خلل في علاقتك بهم ونفسيتهم تجد مستواهم الدراسي وأخلاقهم في تدني.

سابعًا: اصطياد الإيجابيات:

دائمًا حين نركز على شيء لا نرى غيره على الرغم من أنه أمام أعيننا إلا أننا لا نلاحظه، ولأن أغلب الآباء والأمهات اعتادوا التفكير السلبي، فإنهم يركزون دائمًا على السلبيات ويرون فقط أخطاء أبنائهم وصوتهم العالي، على الرغم من أن هذا السلوك يشكل جزءًا بسيطًا من أسلوب حياتهم، وأن الغالب على سلوك أبنائهم الطيبة والإيجابية، لذا على الوالدين أن يركزوا على الإيجابيات ليكافئوهم عليها وينسوا فكرة العقاب، والمكافآت يجب أن تكون معنوية أكثر من أن تكون مادية حتى لا يشعر الطفل أن لسلوكه الحسن مقابل، فحين نقوم بمدحه على تصرفه وخصوصًا أمام الآخرين فإن هذا له الأثر الأكبر في قلبه ولا ننسى الكلمة الطيبة «الله يرضى عليك، ممتاز، أحسنت، أنا فخور بك».

ثامنًا: إعادة توجيه السلبيات:

 حين يتصرف الأبناء بشكل خاطئ يجب أن نتعامل مع السلوك نفسه؛ لأن المرء ليس سلوكًا، مثلًا حين ينسى الابن كتابة الواجب المدرسي ليس معناه أنه كسول ولكنه نسي كتابته، لذا حتى تستطيع تحويل السلبيات يجب عليك أن تتبع الخطوات التالية:

1- ركز على الخطأ نفسه وليس على ابنك.

2- إذا كان الخطأ بسيطًا يجب عليك أن تتجاهله ولا تركز عليه حتى لا يزداد ضررًا.

3- إذا كان ابنك غير متعمد للخطأ فيفضل أن تسامحه وتتجاوز عن الخطأ.

4- أن تفهم القصد الكامن وراء السلوك الخاطئ؛ لأنه غالبًا يكون إيجابيًا، فأغلب الشجار الذي يدور بين الأبناء هو بسبب الطاقة الهائلة التي تحتاج إلى التفريغ ويمكن ذلك من خلال الرياضة، فإن لم تستغل هذه الطاقة فإنها سوف تتجه لسلوك سلبي تفرغ نفسها من خلاله.

5- ضع السلوك الخاطئ ضمن السلوكيات الجيدة التي يقوم بها أبنائك وقومها.

6- احتفل بالخطأ وافرح به، لأن الممارسة تورث الخبرة، فالطفل حين يتعلم المشي سقط كثيرًا حتى تعلم فلولا تلك العثرات لما استطاع المشي، لذا كلما أخطأ شجعه وادعمه حتى يصل.

7- حين يخطئ ابنك راجع نفسك أولًا؛ لأنك فشلت في تعليمه فهو مستعد لكل أنواع السلوك الجيد ومفطور على الرغبة في التعلم.

8- العقوبة المقننة، وهي اتفاقية بينك وبين أبنائك معلومة الحدود والشروط ولا تخل بالثقة ولا تخدش المحبة، والهدف منها مساعدة الطفل على تجاوز الخطأ وليس الانتقام من المخطئ، ومن المهم اختيار الوقت المناسب لك ولابنك وتكونان في مزاج حسن، وتشركه في الاتفاق على الأهداف المرجوة والارشادات العامة والمصادر المتاحة والمحاسبة والمساءلة، والمكافآت في حال إنجاز الاتفاقية والعقوبات في حال التقصير، ثم يوقع كلاكما على النقاط المتفق عليها (13).

***

______________

(1) أخرجه البخاري (893)، ومسلم (1829).

(2) الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (6/ 16).

(3) أخرجه الترمذي (1376).

(4) تفسير ابن كثير (5/ 240).

(5) أخرجه أبو داود (1308).

(6) تفسير ابن كثير (8/ 167).

(7) سنن أبي دواد (494).

(8) صحيح البخاري (1358).

(9) أخرجه مسلم (2593).

(10) أخرجه مسلم (2594).

(11) صحيح البخاري (5997).

(12) فن التعامل مع الأبناء في مرحلة الطفولة/ صيد الفوائد.

(13) من كتاب: أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون/ مسلم تسابحجي.