logo

مفاهيم ذكورية خاطئة عن الزواج


بتاريخ : الأربعاء ، 20 ربيع الآخر ، 1438 الموافق 18 يناير 2017
بقلم : تيار الاصلاح
مفاهيم ذكورية خاطئة عن الزواج

إن الشاب المقبل على الزواج تكون لديه قوة وطاقة جبارة في إنهاء وإتمام عش الزوجية، فهو يسعى إلى إتمام ما يحب ولأجل من يحب، وهذا وحده دليل قوي ودامغ على أن الأمور التي يكون الدافع فيها الحب تكون دائمًا في خانة النجاح، ودائمًا ما يكون إتمام هذه الأمور واردًا وثابتًا.

وبعد إتمام عش الزوجية وتمام الزواج، ومرور ما يسمى بشهر العسل، قد نجد نفورًا في العلاقة بين الزوج وزوجته، قد يكون بسبب الزوجة أو بسبب الزوج، لكن ما نتحدث عنه هنا هو ما يكون بسبب الزوج.

إن الشباب دائمًا في حديثهم مع بعضهم البعض، خاصة للمقبلين على الزواج منهم، يركزون دائمًا على مسألة وقت الزوج بعد الزواج، وأنهم لن يعودوا يلتقون به كما كان في عزوبيته، وأنه لن يستطيع أن يخرج من المنزل وقتما يشاء، وأنه سيصبح خاتمًا في إصبع زوجته، منهم من يخبره أن المكوث في المنزل لا يجلب إلا كثرة الطلبات، وبالتالي إنفاق المال في كل غث وسمين، فضلًا عن كثرة الشكاوي، والقيام بالمساعدة في إعداد الطعام وترتيب المنزل...، هكذا يرى الزوج الحياة الزوجية، وبالتالي يحاول أن يصحح لأصدقائه هذه الفكرة الخاطئة عنه وعن شخصيته، وكيف أنه رجل سيظل ثابتًا على مبدئه، فسيسهر معهم كل يوم على المقهى كما اعتادوا، وكذلك لن يدخل هذا البيت إلا على النوم، منعًا لكثرة الطلبات والشكاوي، وبعدًا عن أعمال المنزل.

وفي تلك اللحظة فإن البيت يصبح للزوج كأنه الجحيم الذي لا يرغب في الذهاب إليه إلا اضطرارًا، وهو لا يدري أيضًا أنه بفعله هذا قد حول البيت لزوجته إلى جحيم أيضًا.

للأسف الشديد فإن كثيرًا من الشباب اليوم عندهم إيمان واعتقاد بهذه المفاهيم الخاطئة عن الزواج، ومما يعضد هذه المفاهيم، إذا كانت أم الزوج على غير وفاق مع زوجته، فإنها ستحذره من زوجته، كونها تحب السيطرة، أو أنها مبذرة ولا تستطيع إمساك المال في يدها، وغير ذلك من الأمور، وتراكم هذه المفاهيم عند الزوج يعزز فكرته في البعد البيت، واعتباره فندقًا لا يذهب إليه إلا للراحة وأكل الطعام.

إن الزوج يفعل كل هذا وهو يظن أنه بذلك يبحث عن الراحة، والذي يدمي القلب أنه يظن بذلك أنه يريح زوجته أيضًا، فهو، في ظنه، يرى أن عدم وجوده في البيت لا يتطلب من زوجته إعداد القهوة والشاي والعصائر، ولا يكلفها بعمل الحلويات، وإنما تعيش في بيتها كما تشاء، وإذا قامت بإنفاق بعض المال لشراء حاجيات أساسية وضرورية للبيت، ولوازم لإعداد الطعام، فإنه يأتي، وبكل شهامة، ليعطيها ما قامت بإنفاقه.

بل يبلغ من غباء بعض الأزواج أنه إذا ما أرادت زوجته أن تذهب للطبيب بسبب مرضها، أو مرض أحد أبنائها، فإنه يخبرها أن تذهب وحدها، فهو لا يستطيع ترك العمل الآن؛ حتى لا يتأذى صاحب العمل من جراء ذلك، ثم عندما تعود يسألها: كم أنفقت؟ ويعطيها المال، وعندما يكون لديه موعد مع أصدقائه فإنه يهرول إلى الذهاب معهم، وإلى ترتيب هندامه، ولا يجد أي حرج أبدًا في الاستئذان من العمل للذهاب معهم؛ حتى لا يقولوا عليه أنه "دلدول" زوجته.

لا شك أن بيتًا بهذا الحال لن يكون سعيدًا، وسيكون هذا البيت بئيس الحال نكد العيش، من حيث ظن الزوج أنه يبحث عن الراحة والسعادة، إن السبب في كل هذا أن الزوج لم يتعلم أي شيء عن المفاهيم الصحيحة للزواج، إلا أنه قد حفظ كل شيء متعلق بالمفاهيم الخاطئة عن الزواج؛ بل وسعى في تطبيق هذه المفاهيم.

إن المرأة كائن ضعيف رقيق، والصورة المترسخة في أذهان كثير من الناس عن المرأة المتسلطة والمبذرة ما هي إلا محض ظلم للمرأة، فالمرأة لا تصل إلى تلك الحالة، غالبًا، إلا بعد تصرف الزوج بمضمون هذه المفاهيم الخاطئة السالف ذكرها.

ولنأخذ مثالًا على ذلك: انظر إلى أشبال الأسد الصغار، ذكورًا وإناثًا، تجد دائمًا الإناث أكثر خوفًا وانطوائية، ودائمًا ما تحتمي خلف أخيها من أي خطر، وتظل هكذا حتى تصبح قوية، فإذا بالذكور يلجئون إلى الراحة والدعة، وتكليف إناث الأسود بكل شاق وهو الصيد، وعندها ترى هذه الأنثى وقد تحولت إلى حيوان شرس لا يقدر عليه أحد.

وبالتالي فإن الزوج الذي يهمل زوجته، ويعاملها وفق مفاهيمه الخاطئة عن الزواج والمرأة، فإنه بذلك يصنع زوجة متسلطة ومبذرة، كارهة له ولأصدقائه ولكل شيء يحبه؛ لأن هذه الأشياء والأمور هي التي سلبت هذا الزوج من بيته وزوجته وأبنائه.

إن الحل يكمن في معرفة الزوج إيجابيات هذا الزواج، وكيف أنه حب واستقرار ورعاية وتفهم واحترام وإعجاب وتشجيع، الزواج هو ذلك الشيء البديع المشترك بين الرجل والمرأة، هو هذا الشعور الذي يدفع الرجل لأن يعيش شاعرًا بهدفه في الحياة، يدفع المرأة لأن تعيش شاعرة بقيمة زوجها وحبها وتقديرها له، الزواج هو ذلك الشيء المتبادل بين الرجل والمرأة، المشاعر المتبادلة بين الزوج وزوجته.

إن الحل لمثل هذه المفاهيم الخاطئة هو أن يتعلم الزوج أن للمرأة حاجات عاطفية مهمة، كما أنه له حاجات عاطفية يريد من زوجته أن تلبيها له، يجب عليه أن يلبيها، فالإنسان بشكل عام، ذكرًا كان أو أنثى، له حاجات عاطفية، متمثلة في الرعاية، التفهم، الاحترام، الإعجاب، التشجيع، الإخلاص، التصديق، الطمأنة، الثقة، التقدير، التقبل، الاستحسان، ومن العجيب أن هذه الحاجات العاطفية تختلف أولوياتها عند الرجل عن المرأة، فالمرأة أولوياتها في الرعاية، التفهم، الاحترام، الإخلاص، التصديق، الطمأنة، والرجل أولوياته من هذه الحاجات العاطفية الثقة، التقبل، التقدير، الإعجاب، الاستحسان، التشجيع.

والأعجب من هذا أن كلًا من الرجل والمرأة إذا استطاع تلبية هذه الطلبات للطرف الآخر، فإن الأخير بطريقة تلقائية يلبي طلبات الطرف الأول، "فحين يعبر الرجل عن رعايته وتفهمه للمرأة فإنها تبدأ آليًا مبادلته بالثقة والتقبل، وهو ما يحتاجه في المقام الأول، ثم إن ثقتها به تدفعه إلى رعايتها، وعندما يُبدي الرجل عناية بمشاعر المرأة واهتمامًا من القلب بها، تشعر أنها محبوبة، وأنها تلقى الرعاية، ومن ثم يكون الرجل قد نجح في إشباع حاجتها الأولية، ومن ثم تبدأ هي آليًا في الثقة به أكثر، وحين تثق به تصبح أكثر تقبلًا له". [الرجال من المريخ، النساء من الزهرة، د. جون جراي، ص191، بتصرف].

ومن ثم فإن الرجل لن يستطيع أن يعيش في راحة وطمأنينة، ولن يشعر براحة الزواج وسعادته، ولن يشعر بحلاوة التواصل مع زوجته، إلا بعد أن يلبي هذه الحاجات العاطفية لزوجته، والتي تتنافى دائمًا وأبدًا مع هذه المفاهيم الخاطئة عن الزواج.