logo

كيفية التعامل مع المشكلات الزوجية


بتاريخ : الخميس ، 27 ربيع الآخر ، 1440 الموافق 03 يناير 2019
بقلم : تيار الاصلاح
كيفية التعامل مع المشكلات الزوجية

العلاقة الزوجية يجب أن تكون قائمة على أساس التراحم والمودة والرحمة بين الزوجين، ولكن لا يخلو بيت من البيوت من بعض الخلافات الزوجية، التي تكدر صفو العلاقة الزوجية، ويعتبر ذلك طبيعيًا؛ لأن طرق التفكير تتفاوت بين الزوجين، كما أن درجة تفهمهما للأمور تختلف أيضًا، ولا يخلو بيت العالِم من هذا الاختلاف، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم لم يَخْلُ بيته، وهو أشرف بيت أقيم على ظهر الأرض، مما يكون بين النساء، وهذا هو القرآن فاقرءوا سورة التحريم، والصحابة كانوا يختلفون هم ونساؤهم؛ ولذلك يجب على الزوجين معرفة المهارات التي يجب اتباعها عند التعرض لأي مشكلة بينهما، للوصول إلى حل نهائي يُرضي الطرفين.

طرق عملية لحل المشكلات الزوجية:

1- التحدث بوضوح وصراحة: يجب على الزوجين أن يكونا صريحين في التعامل مع أي مشكلة يتعرضان لها؛ حيث لا ينتظر أحد الزوجين أن يقرأ أفكار الآخر ظنًا منه أنه سوف يفهمه دون أن يتكلم، فالتلميح والابتعاد عن الصراحة والوضوح سوف يزيد تعقيد المشاكل، ولا يقدم أي حلول لها، وبالتالي فإن من أهم الأمور التي يجب مراعاتها عند حدوث المشاكل هو التحدث بصراحة للتعرف على كل ما يزعج الطرفين، لتجنبه فيما بعد.

ومن ذلك ما جاء في الحديث عن عائشة قالت: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى)، فقلت: (ومن أين تعرف ذلك؟)، قال: «أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم»، قلت: (أجل، والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك)»(1).

فمعرفة النبي صلى الله عليه وسلم للحالة النفسية التي تكون فيها زوجته، ومعرفة كيف تتعامل معه وهي في تلك الحالة؛ مما يدعونا لمعرفة ذلك، ومعرفة كيفية التعامل معه.

2- اختيار الوقت المناسب للنقاش: يحتاج كلا الزوجين أن يستمع كل منهما للآخر، والكثير يغفل عن هذه النقطة الهامة، وفي النهاية يجد الزوجان أنهم أمام الكثير من المشاكل، والتي كان يمكن تجنبها لو أنهم أتقنوا فن الاستماع لبعضهم، فيجب على الزوجين أن يسمح كلاهما للآخر بأن يعبر عن كل ما يريده، وأن ينصت ويستمع له باهتمام دون مقاطعة أو إزعاج؛ لأن ذلك سيشكل فرصة لاستكشاف أفكار شريك الحياة وتطلعاته.

ويعتبر اختيار الوقت المناسب من أهم العوامل التي تساعد على إنهاء الخلافات الزوجية؛ حيث يفضل أن يكون الوقت بعيدًا عن الأوقات التي يكون فيها الزوجان منشغلين بأمور قد تشتت انتباههما، فمثلًا يجب تجنب النقاش أثناء ممارسة نشاط معين، أو وقت العودة من العمل، ويفضل اختيار مكان هادئ بعيدًا عن الإزعاج.

عن جابر بن عبد الله قال: «دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد الناس جلوسًا ببابه، لم يؤذن لأحد منهم، فأذن لأبي بكر فدخل، ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا حوله نساؤه، واجمًا ساكتًا، فقال: (لأقولن شيئًا أضحك النبي صلى الله عليه وسلم)، فقال: (يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة، سألتني النفقة، فقمت إليها فوجأت عنقها)، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: (هن حولي كما ترى، يسألنني النفقة).

فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقول: (تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده)، فقلن: (والله، لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا أبدًا ليس عنده)، ثم اعتزلهن شهرًا، أو تسعًا وعشرين، ثم نزلت عليه هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب:28]، حتى بلغ {فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:29]، فبدأ بعائشة فقال: (يا عائشة، إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحب ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك)، قالت: (وما هو يا رسول الله؟)، فتلا عليها الآية، قالت: (أفيك، يا رسول الله، أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله، والدار الآخرة، وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت)، قال: (لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتًا، ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا)»(2).

فاختار النبي صلى الله عليه وسلم أسلوبًا حكيمًا في عدم التسرع باتخاذ قرار، وثم الحوار الهادئ مع الطرف الآخر، وترك فرصة للمراجعة.

3- عدم التمسك بالرأي: هو طريقة فعالة في المساعدة على التوصل لحلٍ مناسب يرضي الطرفين، وفي أقصر وقت ممكن؛ لأن التمسك بالرأي والتعنت به سوف يشكل فجوة بين الزوجين، بالإضافة إلى أن الخلافات قد تتشعب وتكبر؛ مما يؤدي إلى صعوبة حل المشكلات وتفاقمها.

الحياة الزوجية قائمة على المشاركة والمساهمة من الزوجين حتى تستطيع أن تستمر بنجاح، والمشاكل الزوجية هي جزء من الأشياء التي ينبغي أن نطبق مبدأ المشاركة فيها، فلا يمكن أن نفرض حلًا لمشكلة بدون رضا الطرف الآخر، أو أن نستخدم أسلوب التهديد في حل المشاكل؛ بل هو يحتاج لأن نطبق مبدأ (خذ وأعط)، فلا بد لأحد الأطراف أن يتنازل عن بعض الأشياء في مقابل تجاوز العقبات والمشاكل.

عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس: «يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا»، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو راجعته»، قالت: «يا رسول الله، تأمرني؟»، قال: «إنما أنا أشفع»، قالت: «لا حاجة لي فيه»(3).

قال الطبري: «فيه من الفقه جواز استشفاع العالم والخليفة في الحوائج، والرغبة إلى أهلها في الإسعاف لسائلها، وأن ذلك من مكارم الأخلاق.

وفيه من الفقه أنه لا حرج على إمام المسلمين وحاكمهم إذا اختصم إليه خصمان في حق وثبت الحق على أحدهما، إذا سأله الذى ثبت الحق عليه أن يسأل من ثبت ذلك له تأخير حقه أو وضعه عنه، وأن يشفع له في ذلك إليه.

وفيه من الفقه أن من سئل من الأمور ما هو غير واجب عليه فعله فله رد سائله، وترك قضاء حاجته، وإن كان الشفيع سلطانًا أو عالمًا أو شريفًا؛ لأن النبي عليه السلام لم ينكر على بريرة ردها إياه فيما شفع فيه، وليس أحد من الخلق أعلى رتبة من النبي عليه السلام، فغيره من الخلق أحرى ألا يكون منكرًا رده فيما شفع فيه»(4).

4- عدم إطالة فترة الخصام: فالخصام لفترة طويلة يشكل خطورة كبيرة يضر العلاقة الزوجية، ولا يعد حلًا لأي مشكلة، وبالتالي فإنه يجب عدم ترك المشكلة بين الزوجين لفترة طويلة حتى لا تتعقد أكثر، فعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»(5).

وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم برجالكم في الجنة؟» قلنا: «بلى يا رسول الله»، قال: «النبي في الجنة، والصديق في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر، لا يزوره إلا لله، في الجنة، ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟»، قلنا: «بلى يا رسول الله»، قال: «كل ودود ولود، إذا غضبت أو أُسيء إليها قالت: هذه يدي في يدك، لا أكتحل بغمض حتى ترضى»(6).

5- تنازل أحد الزوجين: حيث إن عدم رغبة أي طرف في تقديم أي من التنازلات لو كانت بسيطة سوف يؤدي إلى تعقيد المشكلات أكثر؛ مما يجعلها خطرًا يهدد الرابطة الزوجية؛ مما سوف يزيد صعوبة حل المشكلات وإنهائها.

عن أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: (غارت أمكم)، ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت»(7).

فعل ذلك على سبيل المروءة لا على طريق الضمان؛ لأن الصحفتين كانتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم(8).

قال الطيبي رحمه الله: «الخطاب عام لكل من يسمع هذه القصة من المؤمنين اعتذارًا منه صلى الله عليه وسلم؛ لئلا يحملوا صنيعها على ما يذم؛ بل يجري على عادة الضرائر من الغيرة، فإنها مركبة في نفس البشر بحيث لا تقدر أن تدفعها عن نفسها»(9).

ولقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه جهود عظيمة في الإصلاح بين الزوجين، نراها متجلية في السنة النبوية، ومن ذلك:

عن سهل بن سعد قال: «جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليًا في البيت، فقال: (أين ابن عمك؟)، قالت: (كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج، فلم يقل عندي)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: (انظر أين هو؟)، فجاء فقال: (يا رسول الله، هو في المسجد راقد)، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه، ويقول: (قم أبا تراب، قم أبا تراب)»(10)، فلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: أين زوجك؛ لأنه أحس بشيء، فأراد أن ينبهها للقرابة بينها وبينه لعله يتألف قلبها، ويسترحم نفسها، لتلتفت لابن عمها، لقريبها، لزوجها، ليبدأ الحل.

فقد يقع بين أهل الفضل ما يقع، فيقع من الكبير والعالم، ويقع من القدوة بينه وبين زوجته شيء، هذا من طبيعة البشر، لكن فرق بيننا وبين الصحابة، فالقضية عندهم سرعان ما تزول، والمشكلة سرعان ما تحل، وقضية العناد والمكابرات والهجر الطويل هذه لا توجد عندهم، أما عند الخلف فكثير، وتستمر القضية، ومحاكم، وتشهيرات، وأخبار في المجتمع سيئة، وتلوك الألسن الأعراض.

كان عليه الصلاة والسلام يُذَكِّر الأزواج والزوجات بالحقوق المشتركة، فقضية الحقوق المشتركة في غاية الأهمية.

عن الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة، فلما فرغت قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أذات زوج أنت؟»، قالت: «نعم»، قال: «كيف أنت منه؟» [أي: ما حالك معه؟]، قالت: «ما آلوه، [أي: لا أقصر] إلا ما عجزت عنه»، قال: «فانظري أين أنت منه؛ فإنه جنتك ونارك».

قوله: «فإنه جنتك ونارك»، يدل على عظم حق الزوج، فتدخلين الجنة برضاه، وقد يكون سخطه سببًا لدخولك النار(11).

جهود السلف في كيفية حل المشكلات الزوجية:

وعلى هذا جرى الصحابة، فلما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، وكان قبل نزول آية الحجاب يدخل الصحابة بيوت بعضهم البعض، فدخل سلمان فرأى أم الدرداء متبذلة، ليس عندها شيء من الدنيا في الاهتمام، فقال: «ما شأنك؟»، قالت: «أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا»، غير مهتم أصلًا، فهو رجل مقبل على العبادة، ليس له شأن في النساء، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال: «كل»، قال: «فإني صائم»، قال: «ما أنا بآكل حتى تأكل»، فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال سلمان: «نم»، فنام، ثم ذهب يقوم، قال: «نم»، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: «قم الآن»، فصليا، فقال له سلمان: «إن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه»، فأتى النبي عليه الصلاة والسلام فذكر ذلك له فقال: «صدق سلمان»(12).

فالتدخل الحكيم لما يرى الأخ أن في حياة أخيه المسلم خلل، وأن هنالك مشكلة فيسعى لإصلاحها عمليًا، ويبين الحكم الشرعي، ويأمره وينهاه.

ومن ذلك موقف عمر رضي الله عنه عندما سمع أن ابنته حفصة ممن يراجعن النبي عليه الصلاة والسلام؛ أي: في أخذ ورد، وكلام مع زوجاته، فذهب زيارة خاصة، وقال: «أي حفصة، أتغاضب إحداكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم إلى الليل»؛ أي: إذا طالبته بنفقة وما عنده فربما تغضب وما تكلمه إلى الليل، قالت: «نعم»، يحدث هذا، فقال: «خابت وخسرت، أفتأمن أن يغضب الله لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم فتهلكين»(13)، وهكذا مضى السلف في قضية رعاية الحياة الزوجية، والإصلاح، والسؤال، والتدخل المحمود.

فيجب أن يقوم المصلحون، وأهل الفضل، والمكانة في المجتمع، والوجهاء، والأغنياء بدورهم، فالغني قد يحل مشكلة بين زوجين بإعطائها مالًا كما فعل بعض السلف لما شكت إليه زوجها أعطاها مالًا سكتت، ثم جاء الزوج فأعطاه مالًا، وقال: صرت مثلها(14).

ولا بد من إنصاف المظلوم، فعن محمد بن معن الغفاري قال: «أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت: (يا أمير المؤمنين، إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، وأنا أكره أن أشكوه، وهو يعمل بطاعة الله عز وجل)، فقال لها: (نِعْم الزوج زوجك)، فجعلت تكرر عليه القول وهو يكرر عليها الجواب، فقال له كعب الأسدي: (يا أمير المؤمنين، هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه)، فقال عمر: (كما فهمت كلامها فاقض بينهما)، فقال كعب: (علي بزوجها)، فأتي به فقال له: (إن امرأتك هذه تشكوك)، قال: (أفي طعام أم شراب؟)، قال: (لا)، فقالت المرأة:

يا أيها القاضي الحكيم رشده       ألهى خليلي عن فراشي مسجده

زَهَّدَه في مضجعي تعبُّدُه       فاقض القضا كعبٌ ولا تردده

نهاره وليله ما يرقده       فلست في أمر النساء أحمده

فقال زوجها:

زهدني في فراشها وفي الحجل        أني امرؤ أذهلني ما قد نزل

في سورة النحل وفي السبع الطول     وفي كتاب الله تخويف جلل

فقال كعب:

إن لها عليك حقًا يا رجل      نصيبها في أربع لمن عقل

فأعطها ذاك ودع عنك العلل

ثم قال: «إن الله عز وجل قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع، فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك»، فقال عمر: «والله، ما أدري من أي أمريك أعجب؟ أمن فهمك أمرهما أم من حكمك بينهما؟ اذهب فقد وليتك قضاء البصرة»(15).

ضوابط هامة لـحل المشاكل الزوجية:

- لا بد أن يكون هنالك رجوع إلى الشرع، ومعرفة الأحكام الشرعية، وحسن القضاء بين الزوجين، والتذكير بحق الطرفين، وتحديد موضع النزاع، والسعي بالصلح، والنهوض بالقضية، والصبر على الطباع المتأصلة، وأن يرضى كل واحد بما قسم الله له، ولا نتخذ قرارًا في لحظة غضب، ونتنازل عن بعض الحقوق، وهكذا تحل المشكلات.

لا شك أن الكلمات الحادة، والعبارات العنيفة لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف، علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم في النفوس، فلزوم الصمت والسكوت على الخلاف حل سلبي مؤقت للخلاف؛ إذ سرعان ما يثور البركان عند دواعيه، وعند أدنى اصطدام، فَكَبْت المشكلة في الصدور بداية العقد النفسية، وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة، فإما أن تتناسى وتترك ويعفى عنها ويرضى بذلك، وإما أن تطرح للحل.

- ولا بد أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يختلج في النفس، وأن تكون عن رضا وطيب خاطر.

- البعد عن الأساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر، لكنها تعمق الخلاف وتجذره مثل أساليب التهكم والسخرية، أو الإنكار والرفض، أو التشبث بالكسب.

- الوعي بأثر الخلاف وشدة وطئه على الطرفين، فلا شك أن اختلاف المرأة مع شخص تحبه وتقدره يسبب لها كثيرًا من الإرباك والقلق والإزعاج، وخاصة إذا كانت ذات طبيعة حساسة.

- البعد عن التعالي بالنسب أو المال أو الجمال أو الثقافة، فإن هذا من أكبر أسباب فصل العلاقات بين الزوجين.

- عدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسته، فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور لا، أو نعم، ثم بعد الإلحاح يغير القرار، أو يعرف خطأ قراره فيلجأ إلى اللجاج والمخاصمة.

- تفهم الأمر؛ هل هو خلاف أو أنه سوء تفاهم فقط، فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما وعما يضايقه بشكل واضح ومباشر يساعد على إزالة سوء الفهم، فربما لم يكن هناك خلاف حقيقي وإنما سوء تفاهم.

- الرجوع إلى النفس ومحاسبتها ومعرفة تقصيرها مع ربها، الذي هو أعظم وأجل، وفي هذا تحتقر الخطأ الذي وقع عليك من صاحبك.

- معرفة أنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، وأن من البلاء الخلاف مع من تحب.

- تطويق الخلاف وحصره من أن ينتشر بين الناس أو يخرج عن حدود أصحاب الشأن.

- تحديد موضع النـزاع والتركيز عليه، وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة، أو فتح ملفات قديمة، ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف.

- أن يتحدث كل واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها، ولا يجعل فهمه صوابًا غير قابل للخطأ أو أنه حقيقة مسلمة لا تقبل الحوار ولا النقاش، فإن هذا قتل للحل في مهده(16).

***

________________

(1) أخرجه البخاري (6078)، ومسلم (2439).

(2) أخرجه مسلم (1478).

(3) أخرجه البخاري (5283).

(4) شرح صحيح البخاري، لابن بطال (7/ 431).

(5) أخرجه البخاري (6237)، ومسلم (2560).

(6) أخرجه الطبراني في الأوسط (1743).

(7) أخرجه البخاري (5225).

(8) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1971).

(9) المصدر السابق (5/ 1970).

(10) أخرجه البخاري (441)، ومسلم (2409).

(11) أخرجه أحمد (27352).

(12) أخرجه البخاري (1968).

(13) أخرجه البخاري (5191).

(14) جهود السلف في حل المشكلات الزوجية، موقع الشيخ محمد صالح المنجد.

(15) تفسير القرطبي (5/ 19).

(16) 16 وسيلة عملية لحل الخلافات الزوجية، موقع: صيد الفوائد.