logo

كيف تنهي خلافًا مع زوجتك؟


بتاريخ : الأحد ، 29 شعبان ، 1437 الموافق 05 يونيو 2016
بقلم : تيار الإصلاح
كيف تنهي خلافًا مع زوجتك؟

سألتُها: حبيبتي، برأيك كيف ينهي الرجل خلافًا نشأ بينه وبين زوجته؟

أجابت بتلقائية وعفوية: يصالحها.

وهنا أظهرت القناعة بما قالت، وأنا بداخلي أكاد انفجر من الضحك، فهي قد جعلت الزوج هو المخطئ؛ رغم أني أخبرتها أنه خلاف بين الزوج والزوجة، أي أن احتمال الخطأ من الزوجة وارد أيضًا؛ إلا أن النساء يعتبرن دائمًا أنهن ضحايا، وهكذا تتعامل المرأة مع زوجها، فهي مهما أخطأت، لا تريد من زوجها أن يوبخها، أو حتى أن يرفع صوته عليها.

إن النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبر أن النساء يكفرن العشير، ليس لعدم الوفاء عندهن، أو عدم اعترافهن بفضل الزوج عليهن، وإنما لأن النساء دائمًا عند الخلاف ينسين كل معروف وإحسان، فتجد حينها الإجابة القاطعة: ما رأيت منك خيرًا قط.

وكل ذلك لغلبة العاطفة عند النساء على الحق، وكان من بعض حكمة عدم تولية المرأة أمور القضاء والولاية العامة هو نقصان عقلها، وهذا النقصان إنما هو في غلبة العاطفة، والنسيان عند الخلاف.

وعليه، فإذا نشا خلاف بين الزوج وزوجته فلابد أن يعلم الزوج أن المرأة، في تلك الحالة، لا ترى نفسها مخطئة، وإن كان خطؤها بيِّنًا، فهي أيضًا لا ترى نفسها مخطئة وحدها؛ بل الزوج مخطئ كذلك؛ بل قد يكون خطؤه أكبر من وجهة نظرها.

وفي مثل تلك الحالة يجب على الزوج أن ينهي هذا الخلاف بينه وبين زوجته بأسلوب متزن، بعيدًا عن التنطع، وكذلك بعيدًا عن الخنوع.

فلا شك أن الكلمات الحادة، والردود العنيفة، تترك أثرًا في النفس حتى بعد انتهاء الخلاف، ففي مثل تلك الحالات ينتصر فيها أحد الطرفين على الآخر، لكن هذا في الحقيقة لا يعد انتصارًا؛ بل هو تعميق للفجوة، وزيادة في تعقيد الخلاف، خصوصًا إذا استخدام الزوج أساليب التهكم والسخرية، أو الإنكار والرفض، أو الاعتداد بالرأي، فمثل تلك الأمور تترك جروحًا لكرامة المرأة لا تندمل بسهولة؛ بل قد تكون كسرًا لنفسها ولروحها.

وكذلك السكوت والصمت تجاه هذا الخلاف، ما هو إلا حل مؤقت لهذا الخلاف، سرعان ما قد ينشأ ثانية في أقرب فرصة، وغالبًا ما يكون هذا الصمت والسكوت بداية للكبت النفسي والعقد النفسية؛ وذلك لحمل المشكلة في الصدر وعدم حلها.

لذلك يجب إنهاء الخلافات الزوجية، وهاكم بعض المقترحات لحلها:

 

حلول خاصة بمضمون موضوع الخلاف:

(أ) معرفة هل هو خلاف أم سوء فهم: فكثيرًا ما يكون سبب الخلاف عدم معرفة أحد الزوجين لمقصود الآخر، أو استيعاب الأمر على غير حقيقته؛ نتيجة لعدم إيصال المعلومة بالشكل الصحيح، وعند معرفة حقيقة الأمر حينها يمكن إنهاء الخلاف من قبل نشوئه.

(ب) تحديد موضع الخلاف والتركيز عليه: فيجب على الزوجين تحرير محل النزاع.

(ت) محاصرة الخلاف ومنعه من الانتشار بين الناس: لأن الخلاف كلما كان في أضيق الدوائر كلما كان الحل سهلًا وسريعًا، أما إذا انتشر الخلاف فغالبًا ما يصعب الحل؛ لأنه، حينها، لن يتنازل أي طرف عن أي حق له؛ حتى لا يظهر أمام الناس ضعيفًا.

(ث) الحديث عن الخلاف من جهة كل طرف، ومن جهة فهمه له: فمن حق الزوجة أن تتحدث عن الخلاف، وعن سببه من وجهة نظرها، وأنها ترى أن الزوج مخطئ لأجل كذا وكذا، وكذلك الزوج من حقه ذلك، ومن شأن هذا الحديث أن يظهر لكل طرف الدوافع التي جعلته يبني تصوره عن الطرف الآخر، كذلك يظهر هذا الحديث السبب الرئيسي وراء الخلاف؛ مما يجعل الحل سهلًا.

(ج) ولا تنسوا الفضل بينكم: يستحسن أن يبدأ كل طرف حديثه، وخصوصًا الزوجة، بأن الطرف الآخر له من الفضل ما له، وأنه عنده من الخلق العظيم ما عنده، ولكنه أخطأ في كذا وكذا، وهذا مما يقتل الخلاف في مهده، ويبعد عن نفس الطرف الآخر كل وساوس الشيطان، وكل سمومه التي يبثها في نفس الطرف الآخر.

حلول خاصة بالزوج نفسه:

(أ) انظر في علاقتك بربك؛ فما نزل بلاء إلا بذنب، يقول أحد السلف: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وزوجتي.

وقال آخر: نظرت نظرة محرمة فنسيت القرآن بعد أربعين سنة!، إن هؤلاء العقلاء إذا رأوا تغيرًا في حياتهم، وضيقًا في معيشتهم، وتعسيرًا في أمورهم ألقوا باللوم على أنفسهم، وحاسبوها محاسبة الشريك الشحيح لشريكه، ورأوا أنهم ما أُتُوا إلا من قبل التفريط في طاعة الله وركوب معصيته.

فإذا رأوا تغييرًا في سلوك زوجاتهم قاموا بإصلاح ما بينهم وبين ربهم، وطلبوا منه تعالى أن يصلح زوجاتهم وذرياتهم، وهؤلاء حقيقة هم السعداء في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

(ب) لا تجعل حقوقك ماثلة أمام عينيك وأنت تناقش الخلاف بينك وبين زوجتك؛ فإن ذلك أكبر عائق لحل الخلافات الزوجية؛ لأنك حينها لن تتنازل عن أي حق من حقوقك؛ بل ستضخم من حقوقك المندوبة، وتجعلها في مرتبة الواجبة.

(ت) الصبر على ما جُبلت عليه المرأة: إن من الطبائع المتأصلة في المرأة: الغيرة، فيجب على الزوج الصبر على ذلك، والتصرف بتؤدة وهدوء عند وقوع شيء من الزوجة سببه الغيرة، وليكن لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ فعندما أرسلت له إحدى أمهات المؤمنين طعامًا، وهو صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، والغلام يدخل بالطعام على رسول الله، فإذا بالسيدة عائشة رضي الله عنها تطيح بالصحفة من يد الغلام فتُسقِط الطعام، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن بين أن أم المؤمنين عائشة قد غارت، ولم يوجه أي كلام حينها لعائشة رضي الله عنها، ثم بين لها لاحقًا أن عليها العوض.

(ث) اتقاء وقت الغضب: فإياك أن تحاول حل الخلاف وأنت مغضب، ففي ذلك خطر شديد، قد يؤدي إلى هدم بنيان صرح الحياة الزوجية.

(ج) تخلص من التصورات الخاطئة عن النساء: بعض الرجال يعاملون زوجاتهم من خلال تصورات خاطئة توارثوها عن آبائهم؛ مثل: اعتقاد البعض أن المرأة لا وفاء لها ولا أمان، أو أنها تأخذ ولا تعطي، أو أنها تتمتع بقدر كبير من الحقد والكراهية، وتصور مثل هذه الأمور، وجعلها مقياسًا للتعامل بين الزوجين، كفيل بإفساد الحياة الزوجية وإفشالها.

 

وأخيرًا:

يجب الاعتراف بالخطأ، عند استبانته، وعدم التكبر، ويجب أن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك، وينبغي للطرف الآخر شكر ذلك وثناؤه عليه؛ لاعترافه بالخطأ، فالاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل، والاعتراف بالخطأ طريق الصواب، فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط؛ بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية، يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يجب ذكرها والتنويه بها.

___________________________________________________________________________

انظر: 16 وسيلة عملية لحل الخلافات الزوجية، مجلة الأسرة، العدد: 80.