logo

كيف تتقربين إلى الله في رمضان


بتاريخ : الثلاثاء ، 16 رمضان ، 1440 الموافق 21 مايو 2019
بقلم : تيار الاصلاح
كيف تتقربين إلى الله في رمضان

تمر المرأة المسلمة في شهر رمضان بظروف صعبة، فهي منوط بها إعداد الطعام، وترتيب المنزل، ورعاية الابناء، كما أنها ترغب في قراءة القرآن والقيام، والإكثار من النوافل والطاعات التي تزيد الأجر والحسنات، والتي يجب على كل إنسان أن يلم بها في شهر رمضان.

ولكن تجد المرأة المسلمة أن وقتها يضيق بها؛ لذلك كان لا بد من بعض النصائح للمرأة المسلمة حتى تستطيع أن تتقرب إلى الله في رمضان، وأن تستفيد من كل لحظة في رمضان.

إن من أهم الأمور التي ينبغي أن تعيها المرأة المسلمة في تعاملها مع ربها في شهر رمضان، وفي تعاملها مع الطاعة عمومًا في أي وقت من الأوقات، أن تقدر للأمور قدرها؛ بأن تعلم أن أحب الأمور التي تقرب إلى الله هي أداء الفرائض أولًا، فعن أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم والليلة»، فقال: هل علي غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع»، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وصيام رمضان»، قال: هل علي غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوع»، قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع»، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله، لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق» [رواه البخاري (46)، ومسلم (8/11)].

فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الفلاح منوط بأداء الفرائض، ثم يبن بعد ذلك منزلة أعلى من السابقة، فبعد استكمال الفرائض تأتي النوافل، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته» [رواه البخاري (6502)].

إذن فأول الأمور التي تعين على القرب من الله عز وجل، وخاصة في رمضان، هي المحافظة على أداء الصلاة في وقتها، فالصلاة عماد الدين، وغرة الطاعات، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدمه، {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45]، وهي علامة فلاح العبد، يوفقه الله للخشوع فيها، يقول تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1-2]، وهي راحة العبد، وهي الراحة التي كان يشعر بها النبي صلى الله عليه وسلم عند كل صلاة، فكان يتلهف شوقًا لها، وينادي على بلال نداءه الشهير: «يا بلال، أقم الصلاة أرحنا بها» [سنن أبي داود (4985)].

ويجب على المرأة المسلمة أن تعلم أنه ليس لها من صلاتها إلا ما حضر فيه قلبها، وخشعت به جوارحها، فهناك من تخرج من صلاتها ولم يكتب لها إلا سجدة أو ركعة، فهي قد ضيعت صلاتها في التفكير في تجهيز الطعام، وما الذي ستقوم بطبخه في الغد، ومثل هذه الأمور التي تشغل بال المرأة دائمًا؛ لذا يجب على المرأة عند دخولها في الصلاة أن ترمي هذه الأمور خلف ظهرها، وأن تدخل الصلاة خالية البال صافية الذهن، حتى تستطيع أن تحصل أكبر قدر ممكن منها، وأن تصل لمرحلة الخشوع التي تمكنها من الشعور بلذة القرب من ربها، وتنال ثواب تكفير ذنوبها السابقة كلها، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله» [رواه مسلم (7/228)].

وقال صلى الله عليه وسلم: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري (164)، ومسلم (3/226)].

لن تجد المرأة المسلمة فرصة أعظم من رمضان حتى تستطيع الحصول على هذا العرض الذي لا يُترك؛ في رمضان النفوس مهيأة، والطاعة ميسرة، والناس متآلفون على الطاعة، والحسنات كثيرة، فالجو العام مناسب للحصول على هاتين الركعتين، إن المرأة المسلمة إذا أرادت أن تصل لهذا الخشوع فيجب عليها أن تستعد لصلاتها المكتوبة أولًا، حتى تتمكن من الحصول على الركعتين، فإذا ما سمعت المؤذن فلتتذكر نداء القيامة، ولتسرع لتلبية النداء، وإذا ما قامت بستر عورتها، فلتتذكر أن لها عيوبًا وذنوبًا ونقائص قد سترها المولى عز وجل، فتحمد الله على ستره  وعفوه، وتسأله دوام العافية والستر، وإذا استقبلت القبلة فهي بذلك تعلن أنها قد صرفت وجهها عن كل ما سوى الله عز وجل، وإذا كبَّرت فإنها تعلم قلبها، كما نطق لسانها، بأن الله عز وجل أكبر وأجل من أي شيء آخر، فإذا قرأت القرآن تدبرت، وإذا ركعت شعرت بالتواضع، وإذا سجدت شعرت بتمام الذل والخضوع والانقياد لله عز وجل، كل هذه المعاني تساعد على الخشوع في الصلاة، وتساعد في الحصول على مغفرة الله عز وجل للذنوب.

ومما يجعل العبد قريبًا من ربه، سعيدًا بلقائه، قيامه بين يديه في الليل، فقيام الليل شرف المؤمن، وهو وصية ربنا عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء:79]، وقد أيقن العقلاء أن الخطاب لهم أيضًا فـ {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون} [الذاريات:17]؛ لأنهم استشعروا معنى القرب من ربهم، ولأنهم علموا أنه قريب منهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» [رواه البخاري (1145)].

إن وسائل القرب إلى الله تعالى في رمضان ليست محصورة في القيام بأداء الفرائض، والإكثار من النوافل وقيام الليل، ولكن هذه الأمور هي أعظمها، وأكثرها فضلًا؛ وذلك لارتباطها بالصلاة، ولكن أيضًا قراءة القرآن تقرب إلى الله، الصدقة تقرب إلى الله، وهكذا كل الطاعات تقرب إلى الله تعالى، فيجب على المرأة المسلمة أن تستغل هذا الشهر الكريم لتحصيل هذه الحسنات.