logo

كوني له أنثى


بتاريخ : الأربعاء ، 16 صفر ، 1438 الموافق 16 نوفمبر 2016
بقلم : تيار الاصلاح
كوني له أنثى

إن النساء اليوم على أصناف ثلاثة:

الصنف الأول: من تتقن أعمال المنزل والطبخ وترتيب البيت، ومن تتفنن في الاهتمام بمظهرها ورعاية نفسها، وغير ذلك من الأمور المهمة للمرأة، وهذا الصنف كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة، رغم أن الواجب على المرأة المسلمة أن تكون هكذا.

الصنف الثاني: من تتقن أعمال الطبخ وفنونه والاهتمام بالمنزل، ولكنها مقصرة في اهتمامها بنفسها ومظهرها، وهذا الصنف ربما يكون داخلًا تحته أكثر النساء خصوصًا من يطلق عليه الجيل القديم.

الصنف الثالث: من لا تتقن أعمال الطبخ والمنزل، ومع ذلك فهي على قدرة عالية في الاهتمام بنفسها ومظهرها وشكلها.

وإذا ما نظرنا إلى هذه الأصناف الثلاثة داخل إطار الزواج فإننا سنجد أن صنفين من هذه الأصناف يدخل تحت بند الزواج غير الناجح، وهي من تخلف عندها إتقان أعمال المنزل وأموره، أو من تخلف عندها اهتمامها بنفسها ومظهرها وشكلها وإبداء زينتها لزوجها.

إن المشكلة الحقيقة تكمن في أن كثيرًا من النساء يغيب عنهن المعنى الحقيقي للأنوثة، وذلك تبعًا لغياب المعنى الحقيقي للرجولة؛ فالأنثى الحقيقية تشعر بأهمية الرجل في حياتها، وترى أنه لا قيمة لحياتها بدون زوجها، فلا يمكنها الاستغناء عنه، وبالتالي يكون عند المرأة أمران مهمان في حياتها: شئون بيتها، وزوجها، فيجب عليها أن تلبي رغبات كل منهما دون التقصير في حق أي منهما، ويجب أن يكون هذا الأداء متزنًا، فلا تطغى تلبية أمور المنزل، من ترتيبه وتنظيفه والقيام بأعمال الطبخ، على حقوق الزوج والاهتمام به والتزين له.

فكثير من الزوجات يؤمنَّ بمقولة: "أسرع الطرق إلى قلب الرجل بطنه"، وإن كانت هذه المقولة قد تصح عند بعض الرجال، ولكنها ليست قاعدة مطردة، كما أنها على المدى البعيد قد لا تنجح، إن على المرأة أن تعلم أن زوجها لم يتزوج ربة منزل ممتازة وطباخة ماهرة فقط، إنما يريد أيضًا أن تكون زوجته أنثى، فعلى المرأة أن تختار، إما أن تكون طباخة ماهرة فقط، أو تكون ربة منزل ممتازة وطباخة ماهرة ومع ذلك حبيبة لزوجها وأنثى حقيقية لرجلها.

إن كثيرًا من النساء لا شك سيشتكين من ضيق الوقت، وتراكم أعمال المنزل عليهن، مع القيام بشئون الأولاد التي لا تنتهي، وغير ذلك من الأمور التي تتنافى مع ما يطلب منهن من الاهتمام بمظهرهن وإبداء زينتهن لأزواجهن.

إن الاهتمام بالمظهر والنظافة الشخصية للمرأة هو أمر ليس بدعًا وإنما أمر واجب عليها، فهو من الأمور الضرورية لحياتها، فضلًا عن أنه لا يتنافى مع الأمور التي تقوم بها، وإنما هي تحتاج لترتيب وقتها وأولوياتها، فلا ضير من أن تبدأ المرأة يومها بالاهتمام بمظهرها، وتمشيط شعرها وتجميله، ولبس لباس جديد ونظيف وجميل، يمكن أن تقابل به زوجها عند عودته من العمل، وأن تجعل فوق هذا اللباس ما يسمى بـ"مريلة المطبخ" وبالتالي فإن مظهر المرأة لن يصاب بأي أذى عند قيامها بعملها.

فضلًا عن أن أمر إبداء الزينة لا يوقف على ما تقوم به النساء من وضع مساحيق التجميل على بشرتهن، إن الأمر أكبر من ذلك بكثير.

إن إبداء المرأة زينتها لزوجها معناه إظهار أنوثتها له، إظهار مفاتنها له، معناه أن يرى الزوج أنه تزوج أنثى حقيقية، وهذا كله قد يتأتى بأشياء أخرى غير استخدام المساحيق التجميلية، والتي أبدًا لا تغني وحدها عن إظهار أنوثة المرأة، وإنما الذي يظهر أنوثة المرأة هو دلالها لزوجها، كلامها الجميل الرقيق، ابتسامتها الساحرة، ومثل هذه الأمور التي تجعل الزوج يشعر أنه متزوج أنثى حقيقية، وليست خادمة تقوم على أمور الطبخ والمنزل فقط.

إن الحياة الزوجية لا تطيب إلا بقرب الزوج من زوجته، فهو الحبيب الوفي، والصديق الذي تبث إليه المرأة شكواها، والرجل الذي تحتمي به من مصاعب دنياها، فهو الألفة والمودة والحب، الذي حين يغيب، ولو قليلًا، فإن النفس تستوحش هذا الغياب، فيجب على كل زوجة أن تتفن في إبداء زينتها لزوجها، فتتجمل له، إرضاءً لعيونه أن تنظر إلى غيرها، وتتقن فن إدخال السرور على قلبه، وتتحسس ما يرضيه فتفعله.

"إنها تقرأ في عينيه ما يدور في قلبه، وتفهم من نبرة صوته ما انطوت عليه أضلاعه، فإذا تحدث لها بحزن اقتربت منه بهدوء، وجلست بين يديه بخضوع وسكينة، وأمسكت بإحدى يديه برفق ونعومة، ومسحت عليها بيدها الأخرى مسحًا خفيفًا هادئًا، يمتص حزنه، ويداوي جرحه.

وقد اغرورقت عيناها بدمعتين كاللؤلؤ الرطب، وعلى فمها ابتسامة حنونة كنظرة الأم لوليدها المريض، حتى ينتهي من شكواه، ويبث بلواه، وعندها تُسمعه بصوت خفيض أنها معه، وأن الصبر عاقبته خير، وأن السرور لا يدوم، وأن الفرج من الله، وتدنو من وجهه، وتصعد الابتسامة الصامتة، وتنظر في عينيه ليغير الموضوع، وتخبره أن الدنيا لا تساوي هم لحظة، وتبسط له التفاؤل والأمل" [الزوجة، للشيخ أحمد القطان، ص91-93، بتصرف].

إذا أردتِ أن يكون زوجك لك رجلًا يحتويك، وتشعري معه بالأمان، إذا أردته شاعرًا أديبًا تمرق من شفتاه كلمات الحب والحنان دونما توقف، إذا أردته فياض المشاعر، سريع البديهة لكل ما يرضيك وما تحبيه، فعليك أولًا أن تشعريه أنه تزوج أنثى، تفيض مشاعرًا وحبًا، أنثى مرهفة الحس، تخاف على زوجها وتحبه، تتفن في إغوائه، وتسعى لإرضائه.

"إذا أردتِ لزوجك أن يتغير؛ فمارسي هذا التغيير على نفسك أولًا، أعطيه الفرصة ليتعرف على المشاعر التي تولدها لمسة عاطفية أو لحظة اهتمام، فإن محصلة اهتمامك به ستكون مثيرة لاهتمامه بك بالطريقة العاطفية ذاتها.

ضعي كلمات الحب في أذنه؛ حتى يتعلم كيف يستخدمها، ودعيه يشعر بالألفة مع تعبيراتك العاطفية.

لا تبخلي عليه بالإعجاب، وعليك أن تشجعيه بالابتسام والقبول الواضح لمحاولاته، ولا تنتظري حتى أن يقول ما تتطلعين إليه بشكل كامل، ولا تيأسي من محاولاتك، واصبري عليه، لأن الرجل يتعلم منذ طفولته كيف يخفي عواطفه خلف مظهر هادئ وصامت، حتى يعطيه صورة الرجل الحقيقي" [أسرار الزواج السعيد، بثينة السيد العراقي، ص200].