logo

كلمات مهداة إليك أختاه


بتاريخ : الجمعة ، 27 شعبان ، 1437 الموافق 03 يونيو 2016
بقلم : تيار الإصلاح
كلمات مهداة إليك أختاه

هذه الكلمات أهديها إليكِ، هذه العبرات أسكبها بين يديكِ، هذه السطور أكتبها فضعيها بين ناظِرَيْكِ، نعم لك أنت أختي المسلمة.

 

أنت في هذه الحياة يجب أن تكوني عزيزة كريمة، مصونة حصينة، بعيدة عن أعين الغادرين، ولمزات الفاسقين، وهمزات الخبثاء اللعانين؛ بل وبعيدة أيضًا عن أعين الرجال ولو كانوا صالحين، ما دام ليس هناك داع لهذا الاختلاط.

 

نعم؛ حتى ولو كان الصلاح باديًا على وجه الرجل، متسمًا بالسمت الطيب، ملتزمًا بالآداب والأخلاق الحسنة، يجب على المرأة ألا تتحدث معه لغير حاجة، ولا تنظر إليه، ولا تخالط الرجال حتى ولو اتصفوا بالصفات السابقة.

 

إني أحذرك أختي المسلمة من هذا الاختلاط؛ لأن العواقب المترتبة على التساهل في مثل هذه الأمور، عواقب وخيمة، تَجَرَّعَ أسى هذه العواقب ولظاها ذلك الغربُ الذي جعل المرأة والرجل قرناء في كل شيء؛ فعندهم مجتمع المرأة هو مجتمع الرجال، فالمجتمع عندهم مجتمع مزدوج، أما عندنا في الإسلام؛ فمجتمع المرأة غير مجتمع الرجل، لا يحدث بينهم التداخل إلا في حالات معينة؛ كشهود الأعياد، والحج والعمرة، وكل هذا بضوابط، فليس الأمر على إطلاقه.

 

إن الغرب قد عانى من الاختلاط ما عانى، فالمرأة عندما زاحمت الرجل في أعماله، التي كان يجب أن يقوم هو وحده بها؛ زادت نسبة البطالة عند الرجال، فأدى ذلك إلى قلة نسبة الزواج من النساء تبعًا لذلك، فمن أين سينفق الرجل على بيته وهو عاطل بلا عمل؟، ثم أيضًا زادت نسبة التحرش؛ بل والاغتصاب، وذلك من قرنائهم في العمل، فلا حدود ولا ضوابط ولا فروقات.

 

فظهرت لنا تلك الأسرة المفككة، التي لا تعرف آدابًا ولا أخلاقًا ولا حدودًا بين الرجل والمرأة، وكلفت المرأة بالقيام بأعمال وأعباء كان من المفترض أن يقوم بها الرجل وحده؛ لأن هذه الأعمال إنما تناسب قوة الرجل في جسده وعقله، خصوصًا إذا كانت تلك الأعمال مما تحتاج إلى صبر وطول نفس.

 

ثم إنه من المعروف أن على المرأة أعمالًا تقوم بها في منزلها، من ترتيب وتنسيق المنزل والقيام بأعبائه، وكذلك تربية الأولاد والقيام على شئونهم، فإذا أضفنا إلى ما سبق قيام المرأة بالعمل مع الرجال والاختلاط بهم، كان هذا ظلمًا بينًا لها، فالرجل يقوم بعمل واحد هو جلب الرزق للبيت، والإنفاق عليه وعلى أهله، أما المرأة فإنها تقوم بأعباء المنزل وتربية الأولاد، ثم بعد ذلك كله تذهب إلى العمل، الذي لا يقوى على القيام به إلا الرجال، ثم يعود عليها هذا العمل بأضرار الاختلاط التي تدمرها نفسيًا، وتقتل فيها الإحساس بالأنوثة.

 

ومن مظاهر هذا الاختلاط في عالمنا الإسلامي، هو خلوة المرأة مع السائق بلا محرم، وكذلك الخلوة مع الطبيب بلا محرم، وكذلك الخلوة مع البائع بلا محرم إذا كان بعيدًا عن أعين الناس، وهذه من أشد المظاهر وأكثرها شيوعًا بين نساء المسلمين، ومما يقع فيه التساهل من الرجال كذلك، وخصوصًا الأزواج، فلا مانع عنده من أن تستقل زوجته سيارة أجرة وحدها، ولا شك أن هذا الأمر من الخطورة بمكان، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم»(1).

 

ولا شك أن خلوة المرأة مع السائق أو البائع أو الطبيب؛ هي من الخلوة المحرمة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فضلًا عن أن هذا من أخطر أنواع الاختلاط، وهو ذلك الاختلاط الذي يكون بعيدًا عن أعين الناس، وهذا مما يزيد من قوة الشيطان على الإنسان، ويدفعه للوقوع في المحظور، وعليه فقد اجتمع في تلك الصور السابق ذكرها، أمورًا خطيرة، لا يمكن تلافيها إلا بعدم الاختلاط والبعد عن مواطن الريبة.

 

كذلك من مظاهر الاختلاط، في عالمنا الإسلامي، نزول المرأة إلى الأسواق وحدها أو مع بعض النسوة، وهذا هو الأمر الثاني المتفشي في حياتنا اليومية، فأصبحت الأسواق مرتعًا لتلاصق الأجساد، والاحتكاك بالنساء، ناهيك عن غير ذلك مما يعف اللسان عن ذكره، وهذا هو الذي دفع علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يستنكر على المسلمين سماحهم لنسائهم بمزاحمة الرجال في الأسواق، فالأمر قد لا يخلو مما سبق، أو حتى نظر الرجال إلى المرأة.

 

وعليه فيجب على المرأة أن تكون منضبطة في تصرفاتها، فلا تخلو برجل؛ سواء كان سائق أجرة أو بائع سلعة أو طبيب، إلا مع محرم، وكذلك على المرأة ألا تذهب إلى الأسواق إلا لحاجة، ومعها ذو محرم لها، وكذلك عليها أن تتخير الأوقات التي يكون فيها السوق غير مكتظٍ بالناس، وكذلك أن تتخير المحلات التي بها باعة من النساء.

 

كذلك قد يحدث بسبب الاختلاط اللمس المحرم بين الرجل والمرأة، ناهيك عن المصافحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له»(2).

 

وأخيرًا، أخطر أنواع الاختلاط هو ما كان بين الرجل وزوجته وبين صاحبه وزوجته، أو أخيه وزوجته؛ يجلس الجميع في مكان واحد يتبادلون أطراف الحديث، وهم لا يريدون إلا جلسة بريئة، تجتمع فيها المعارف والأصحاب لأجل السمر والحديث الطيب المتبادل، وهذا للأسف من الطوام التي أنهت بيوتات كثير من هذه الأسر، التي تعيش في مثل تلك الأجواء.

 

فهذا الرجل يُعجب بزوجة صاحبه، وهذه المرأة تُعجب بطريقة كلام صاحب زوجها، وهكذا تحدث الكوارث التي تهدم الأسرة.

 

إن التحذير من الاختلاط ليس الغرض منه منع المرأة من الخروج من المنزل، ومنعها من شراء ما تريد بنفسها؛ لا، فالأمر أرقى من ذلك بكثير، فإذا ما التزمت المرأة بآداب الإسلام، وكانت مستقرة في بيتها، لا تخرج إلا لحاجة ملحة، فهي بذلك قد امتثلت أمر ربها حين قال: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33]، ثم إنها بذلك أيضًا قد يسرت على الرجال أمر غض البصر، ومنعتهم من زنا العين، والله عز وجل قد أمرنا بغض البصر، ووضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن العين تزني، وزناها النظر.

 

إن الاختلاط لهو شر كله، ظلم بيِّن للمرأة، وظلم بين للأسرة، وما يتبع ذلك من ضياع الأبناء، وضياع حقوق الزوج والزوجة كذلك، إن الحياة الكريمة للمرأة لن تكون إلا في كنف هذا الدين الحنيف، وكذلك الحياة الكريمة للرجل وللأسرة المسلمة لن تكون إلا في اتباع قواعد دين الإسلام، حتى تكون هذه الأمة هي الأمة الرائدة التي تقود العالم بعلو أخلاقها، وسمو أهدافها ووسائلها.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح مسلم، (1341).

(2) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، للألباني، (226).