فن التعامل مع سن البلوغ
تربية الأطفال مسؤولية تحتم على الآباء والأمهات التركيز في كل مرحلة من مراحل نمو أبنائهم؛ بالأخص مرحلة البلوغ، حيث يحتاج الأولاد إلى من يأخذ بأيديهم ويساعدهم، وعلى الآباء الحرص على معرفة كيفية التعامل مع بلوغ الولد، وذلك لبناء رجل متوازن فكريًا وجسديًا في المستقبل لتجنب الكوارث والعقد في فكر الولد وسلوكه.
ويعتبر البلوغ من المراحل العمرية الهامة التي يمر بها الإنسان، نظرًا للتغيرات الفسيولوجية والنفسية التي تطرأ على الذكور والإناث على حدٍ سواء، والتي تتطلب من ذويهم التعامل معهم بطريقة تتلاءم مع التقلبات المزاجية التي قد يعانون منها خلال هذه الفترة.
فالحياة مع المراهق تمثل تحديًا لكل منا، فالمعاملة مع المراهق تتطلب قدرة عالية من الصبر والتحمل والفهم، فماذا تفعل حيال بعض المواقف التي تستثير الغضب والانفعال الدائم أثناء تعاملك مع ابنك المراهق، ومن المؤكد أنه إذا تعامل الآباء بطريقة غير صحيحة وبدون إدراك للحقائق السلوكية في التعامل مع أبناء وفتيات مرحلة المراهقة؛ فإن النتائج قد تكون وخيمة العواقب، وربما تكون من العوامل المساهمة في تفاقم المشكلات بدلًا من حلها، وفي خلق مناخ ملئ بالتوتر والضغوط التي قد تكون سببًا من أسباب التدهور النفسي لدي الآباء والأمهات أنفسهم.
الحديث مع الطفل عن البلوغ:
دعونا في البداية نميز بين حالتين:
الأولى: أن يكون الطفل قد تلقى الحد الأدنى من المعلومات الجنسية من الوالدين أو المسؤولين عن تربيته، وأن تكون هذه المعلومات صحيحة وتم إيصالها بطريقة صحيحة.
في هذه الحالة ستكون مهمة الأهل أسهل بكثير، فابنهم يعلم تمامًا الفرق بينه وبين أقرانه من الإناث، ويعرف خصوصية جسده من الناحية الجنسية، وكل ما على الأهل فعله مساعدته لتقبل التغيرات الجديدة التي ستطرأ على جسده في مرحلة البلوغ، وتقديم بعد المعلومات الإضافية لإغناء معرفته الجنسية، وتجنيبه الوقوع في المحظور، أو إلحاق الأذى النفسي والجسدي بنفسه.
وأمَّا الحالة الثانية: وهي الأكثر انتشارًا للأسف، ألَّا يكون الطفل قد حصل على أي معلومات جنسية من والديه، وأن يكون قد وصل إلى مرحلة البلوغ دون أن يتعرَّف من مصادر موثوقة إلى الحقائق الجنسية اللازمة، هذا يعني بالضرورة أن الطفل يمتلك تصورات جنسية كثيرة من مصادر مختلقة، وغالبًا ما تكون منحرفة وبعيدة عن الحقيقة ومضللة، وهنا المهمة الأصعب، لأن مهمة الأهل لا تقتصر فقط على شرح مرحلة البلوغ لابنهم، بل والعمل على نسف المعلومات السابقة وإحلال المعلومات الصحيحة مكانها.
وفي الحالتين سيكون الطفل مستعدًا للحديث عن موضوع البلوغ والاحتلام والأمور الجنسية عند عامه العاشر أو الحادي عشر، لكن هناك مجموعة من الأمور التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار، على رأسها إن كان الطفل قد تلقى تربية جنسية أم أنها المرة الأولى التي يتلقى فيها معلومات جنسية من ذويه.
التغيرات التي تطرأ على جسد الطفل الذكر عند البلوغ:
يترافق هذا التطور عند الذكور مع مجموعة من التطورات النفسية؛ كإدراك الرغبة الجنسية والميل الجنسي نحو الفتيات، إضافة إلى بروز سمات المراهقة عمومًا، ومجموعة من التطورات الجسدية؛ كزيادة حجم الأعضاء التناسلية، وتغير الصوت ونمو شعر اللحية والجسد، وظهور ملامح الرجولة نتيجة مجموعة من التغيرات الهرمونية.
كيف أتحدث مع ابني عن البلوغ؟
هنا مربط الفرس، بعد أن يتحدث الأهل مع بعضهم عن مرحلة البلوغ، ويقوموا باستشارة المختص حول أي تساؤلات، سيكون الوقت مناسبًا للحديث مع الطفل عن البلوغ.
سواء كان الأهل قد اهتموا بتربية الأبناء الجنسية منذ البداية، أم أنهم وجدوا أنفسهم فجأة أمام بلوغ الطفل واكتمال جسده الجنسي، فإن النصائح التالية ستكون مهمة لهم في الحالتين:
استخدم الوسائل التوضيحية في الحديث عن البلوغ:
توفر المكتبات في جميع أنحاء العالم كتبًا وكتيبات تعليمية تحتوي على صور تشريحية توضيحية لمرحلة البلوغ والتطورات الجسدية التي ترافقها، كما يمكنكم اليوم اختيار الوسائل التوضيحية المناسبة من فيديوهات وصور عبر شبكة الانترنت، المعيار الوحيد أن تكون هذه الوسائل معبرة عن الأفكار التي يجب أن يدركها الطفل حديث العهد في البلوغ دون إسفاف أو ابتذال أو إباحية.
وعادة ما تعتبر الاستعانة بالحياة الجنسية والتكاثر عند الحيوانات والكائنات الأخرى من الطرق الأكثر نجاحًا، فهي من جهة تعرِّف الطفل إلى فكرة التكاثر وممارسة الجنس من الناحية التقنية والبيولوجية، ومن جهة أخرى تعزز لدى الطفل فهم المبادئ الأخلاقية والاجتماعية للمجتمع البشري المتعلقة بالقضايا الجنسية، كمفاهيم الحب والزواج والإخلاص وغيرها، كفوارق جوهرية بين الحياة الجنسية عند الحيوان ونظيرتها عند الإنسان.
علِّم طفلك الحفاظ على خصوصية جسده:
من ضمن الأمور التي لا بد أن تكون على لائحة التربية الجنسية أن يتعلم الطفل من عامه الثاني أن جسمه له حدود يمنع منعًا باتًا انتهاكها، ويجب أن يفهم الطفل ضرورة الإخبار في حال تعرضه لأي مضايقات.
في مرحلة البلوغ لا بد من تعزيز هذه المفاهيم، بالتوازي مع تعليم الطفل أن كل جسد له خصوصية، فالطفل في هذه المرحلة قادر نسبيًا على إدراك المفاهيم الاجتماعية.
لا بد من تعليمه أن أجساد الأطفال الآخرين أيضًا ممنوعة عليه مثلما هو جسده ممنوع على الآخرين، وتأكد أن تقديم المعلومات الجنسية بالوسائل الإيضاحية للأطفال سيكبح إلى حد بعيد رغبتهم باكتشاف أجساد الأطفال الآخرين، فقد يلجأ الطفل إلى محاولة اكتشاف جسد أخته الصغيرة أو إحدى البنات القريبات إن لم تكن قد أعطيته ما يريد من المعرفة، أيُّهما أفضل؟!
لا تتردد بطلب المعونة:
ربما تتذكر كيف تعلمت أنتَ أو أنتِ المواضيع الجنسية من الأهل أو المحيط، إذا كانت تجربتكم جيدة عودوا إلى أهاليكم واستشيروهم، وإن لم تكن كذلك تأكدوا أن تمنحوا أطفالكم تجربة مختلفة (1).
نماذج من الهدي النبوي في التعامل مع المراهقين:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: «أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟»، فقال: لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحدًا، فتلَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده(2).
وموقف الشاب الذي رغب أن يأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم في فعل فاحشة الزنا، فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن عقد معه جلسة حوارية تصحيحية تخللتها مجموعة من الأسئلة والردود عليها والتعقيبات على الردود، حتى اقتنع الشاب وخرج وهو كاره لذلك السلوك ولا يفكر فيه.
خصائص النمو في مرحلة المراهقة:
1- النمو الجسمي:
يحدث خلال مرحلة المراهقة نمو متصاعد لجميع الأعضاء الجسدية، ويشمل النمو ثلاثة جوانب وهي: الحجم، الوزن، الطول، ورغم أن نسبة ذلك تختلف بين الذكور والإناث إلا أنها بشكل عام تشمل الخصائص الجنسية الأولية، ونمو الأعضاء التناسلية وحصول الاحتلام، والخصائص الجنسية الثانوية مثل: تغير الصوت، ظهور الشعر، ازدياد الوزن نتيجة زيادة نمو الأعضاء وزيادة الدهون وأنسجة الجسم.
2– الخصائص الانفعالية:
يحصل في هذه المرحلة من المراهقين حساسية مرهفة وتوتر انفعالي شديد نتيجة للنمو السريع وللتغيرات التي تحصل لهم، فمثلًا: الشباب الذين ينمون بسرعة يشعرون بالاعتزاز والفرح، أما البنات فيشعرن بالخجل غير الطبيعي، نتيجة للتغيرات التي تطرأ على الجسم، فيخجلن من نظر الآخرين لهم؛ لذا يرغبون في الانعزال، ويخجلن من القراءة الجهرية نتيجة لتغير أصواتهم إذا لم يتم احتواؤهم وإشعارهم أن ذلك أمر طبيعي.
وكذلك نقصان الثقة بالنفس، فالطفل قبل المراهقة شديد الثقة بنفسه، أما في المراهقة فتنقص الثقة بالنفس لأسباب هي:
أ – نقص المقاومة الجسمية والقابلية للتعب.
ب – الضغوط الاجتماعية التي تطلب منه أكثر مما يؤديه.
ويلاحظ على المراهقين كثرة أحلام اليقظة؛ وهي التي كثيرًا ما يقضي المراهقون أوقاتهم فيها نتيجة تكاملهم العضوي والعقلي، فهم يملكون ما يملكه الكبار، ولكن ينقصهم الخبرة والقدرة، وبشكل عام تتميز الانفعالات لدى المراهقين بالشدة، والحساسية، ويُفسر معظم ما يسمعونه من الآخرين بأنه موجه لهم.
3- الخصائص العقلية:
تعتبر مرحلة المراهقة مرحلة تكامل فطري في تكوين الوظائف العقلية العليا لدى الفرد؛ مما يؤهله لحياة منتجة وتميز في دراسته وخصوصًا حينما يتم اختيار تخصص مناسب، وأداء دور فعال في أسرته.
4– الخصائص الاجتماعية:
لعل من أهم مطالب النمو في هذه المرحلة تحقيق التكيف الاجتماعي، ويحرص المراهقون على تكوين الصداقات مع زملاء تجمعهم ميول مشتركة، أو هوايات موحدة؛ إذ يقضي المراهقون كثيرًا من وقتهم مع رفاقهم حضوريًا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما أنهم يميلون إلى الاعتماد على أنفسهم، ويسعون إلى جعل المحيطين بهم يدركون أنهم أصبحوا كبارًا، فهم يعتزون بأنفسهم وبمظهرهم، لذا ينبغي الاهتمام بنوعية الأصدقاء، فهم محضن تربوي ونفسي وعملي لهم يتوجهون لهم لإعطائهم الرأي وبلورة الفكرة، ومن هنا يبرز الدور الفعال الذي يمكن أن تقوم به المدارس وحلقات تحفيظ القرآن والدور النسائية والمجال الذي يمكن أن تؤثر من خلاله.
توجيهات للتعامل مع الأبناء المراهقين:
إن ما يبذله الآباء والأمهات والمعلمون والمصلحون من جهود لتربية أبنائهم أثمرت ثمارًا يانعة ولله الحمد، وخرجت أجيالًا من العلماء والمبدعين والمربين والمصلحين، والأمة في حاجة إلى مزيد من الجهود لكي يرتقي مستوى العطاء فيها.
أولًا: لقد سبق شرعنا المطهر في توجيه المربين والدعاة إلى الرفق والحكمة في ذلك واختيار العبارات المحببة إلى النفس فالمراهقون يحتاجون من يحتويهم ويتحدث معهم ويتغافل عن بعض أخطائهم وسرعة غضبهم، لذا ينبغي أن يستخدم المربي الأساليب التربوية المناسبة، وألا نكثر من التوجيه المباشر واللوم، وأن نكون قدوة حسنة لهم في ذلك.
وقد تفنن أعداء الإسلام في استغلال الأساليب المؤثرة والبرامج الإلكترونية والألعاب لجذب الشباب والفتيات إلى ألوان من الانحراف والمنكرات، وبعض المربين والآباء يقطب جبينه ويستخدم أغلظ الألفاظ في التخاطب مع أبنائه وتوجيههم.
ثانيًا: المراهقون يحتاجون إلى أحد يستمع لهم وينصت إلى معاناتهم التي يرون أن لا أحد يقدرها ولا يهتم بها؛ لذا ينبغي أن يهتم المربون بذلك حيث إن الأبناء المراهقين يحبون المصارحة، ويمكن أن يبوحوا بكل ما لديهم ويتقبلوا التوجيه ممن يحسون أنه يهتم بهم ويسمع لهم ويصحح أفكارهم، بخلاف من يعنفهم ويصطدم معهم.
ثالثًا: الأبناء والبنات في هذه المرحلة يحتاجون إلى من يظهر لهم الحب والحنان ويحتضنهم ويقبلهم، ولا يعذر الآباء والأمهات بانشغالهم بالعمل أو كبر أبنائهم وبناتهم بعدم إظهار الحب لهم؛ فإن ذلك يسبب فراغًا كبيرًا، وقد يكون سببًا لسعي الفتى أو الفتاة إلى الآخرين لكي يسمع منهم عبارات الحب والتقدير، ومن ثم يكون لهم نتائج سلبية على سلوكهم.
رابعًا: المراهقون يكونون قد انتقلوا من الفردية وأصبحوا يحبون الخلطة ويندفعون إلى الرفقة، فمن المهم ربطهم برفقة صالحة يكتسبون منهم الخلق والآداب والقدوة.
خامسًا: عدم التركيز على أسلوب التوجيه المباشر واستخدام أسلوب الحوار والمناقشة التي تشبع حاجات المراهقين وتجيب على أسئلتهم.
سادسًا: تصنيف الأبناء حسب قدراتهم العقلية وتقديم التوجيه الذي يناسبهم ويثري جوانب الاهتمام لديهم، واختيار المبدعين ورعايتهم حسب جوانب إبداعهم سواء على مستوى الأسرة أو التنسيق مع المدرسة لترشيحهم في برامج رعاية الموهوبين.
سابعًا: ينبغي أن يلاحظ المربون الجوانب السلوكية والقصور لدى الأبناء ومعالجتها وتقديم التوجيه إلى السلوك نفسه وليس إلى شخصية الابن أو البنت لأنهم يتضايقون من كثرة اللوم والتوبيخ أو توجيه الأسئلة المباشرة لهم.
ثامنًا: المراهقون يحبون من يفتح المجال لهم لتحقيق ذواتهم، ويشركهم معه في المهام والأعمال المناسبة لهم، ويشعرهم أنهم مهمون لكي يتفاعلوا ويندمجوا معه ويصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع.
أساليب فعالة لتعديل السلوك:
أ- قد نواجه من الأبناء في مرحلة المراهقة مقاومة السلطة الأبوية، وهذا لا يعني التمرد وإنما إثبات الذات؛ فلنتحاور معهم ونكسبهم.
ب- بناء العلاقة مع الابن وتقدير رأيه فإن ذلك أدعى إلى أن يحترم وجهة نظرنا ويأخذ بتوجيهنا.
ت- استخدام أسلوب الحوار الفعال وتصحيح الأفكار الخاطئة، فهذا يساعد على تعديل الأخطاء، فهي مجرد أفكار سلبية يمكن تجاوزها وتعديلها، مثل: من يدخن ويرى أن التدخين غير ضار، أو من يرى أن الدراسة ليس لها أهمية فيهمل أو ينقطع.
ث- تحديد السلوك الخاطئ الذي تريد منه تعديله ومساعدته على ذلك.
ج- إعطاؤه فرصة لطرح الحلول، فهو قادر على حل مشكلته واختيار الحلول المناسبة وتطبيقها.
ح- التعزيز الإيجابي لتعديل سلوكه والاستمرار على ذلك.
خ- المتابعة والتشجيع حتى ينتهي السلوك السلبي من حياته (3).
الحوار الجاد المثمر مع الطفل:
- حاور ابنك واختبر معلوماته يعتبر الحوار الطريقة الأفضل للتعامل مع بلوغ الولد، بادر في الحديث مع ابنك عن موضوع البلوغ واختبر معلوماته، من خلال طرح أسئلة عليه وأخذ فكرة عما يعرفه عن البلوغ.
- يسهل الحوار المتمثل في الأخذ والعطاء، في كسر الجليد، فتجد نفسك في نفس مستوى الابن الذي يحس بدوره بالتقبل وبحرية التعبير.
- يمكنك إتباع أسلوب القصة والقدوة، كأن تحكي لابنك عن نفسك عندما كنت في نفس عمره ثم انتظر منه الأسئلة، بعدها، قم بالمناقشة والحوار معه، ثم اختتم باستخلاص دروس وقواعد من تجربتك الشخصية وبمساعدة من ولدك.
- وضح التغيرات التي تطرأ على جسده تكلم بشكل مباشر وواضح مع ولدك عن التغيرات التي تطرأ على جسده، بين أنها تنقسم إلى قسمين: تغيرات ظاهرة وتغيرات باطنة.
- التغيرات الظاهرة تبدو من خلال خشونة الصوت، تغيير البنية الجسدية كظهور عضلات، الشعور بالعصبية لكثرة إفراز الهرمونات في جسم الولد واختلاطها وتغير رائحة العرق.
أما الباطنة فهي تلك التغيرات الداخلية المتخفية كالاحتلام.
دون أن تنسى الاعتناء بأسلوبك في الحديث مع ابنك، فالمراهق في هذه المرحلة من عمره يزداد لديه الشعور بالحساسية والتوتر، فمن الأفضل التوضيح ومن البداية، أن البلوغ والتغيرات الجسدية هي أمور طبيعية، ولا داعي للخجل أو الاستحياء من شكل الجسم، الذي يبدو غير مستقر ولا واضح المعالم.
- تفهم ولدك واصبر على تغير مزاجه لا تفقد أعصابك على ولدك المراهق، بل اصبر عليه فهو يمر بمرحلة انتقالية في حياته.
يفرز جسم الولد في مرحلة البلوغ الكثير من الهرمونات تسبب له التوتر، العصبية والقلق، وقد تجده متقلب المزاج وغير مستقر على رأي؛ لا تقلق من ذلك ولا تبدي انزعاجك منه، بل احرص على الاستماع إليه وأشعره بأهميته.
- اشرح لابنك أن الفترة التي يمر بها مثيرة وطبيعية جدًا، وحاول طمأنته وتشجيعه على اللجوء إليك كلما دعت الحاجة.
- وضح إلى ابنك أهمية النظافة الشخصية في هذه الفترة، وادعمه بتوفير ملابس داخلية قطنية، وأدوات التنظيف والزينة، ومزيل عرق، وعلمه سنن الفطرة.
- عود ابنك على الحديث معك عن مشاكله واستشارتك في قراراته البسيطة، وذلك بطرح الأسئلة عليه عن يومه وشعوره، وعن رأيه في كل أمر يخصه، هذه الطريقة تعود الطفل على الكلام والحوار معك، وتغنيك عن سحب الكلام منه في مرحلة البلوغ، إذ أن الأسئلة الكثيرة تزعج الولد المراهق وتشعره أن الوالد يحقق معه، وأنه متهم أو غير موثوق به.
- ثق في ابنك وساعده على اللجوء إليك، وافتح له سمعك وامنحه صبرك بالحفاظ على هدوئك وعدم إطلاق الأحكام عليه.
- تحدث مع ابنك المراهق عن أبرز المفاهيم التي تهمه.
- إن مبادرتك للحديث عن هذه المواضيع وإبراز المفاهيم السوية والمتزنة تضمن كسب فكر ابنك وتبعده عن الفكر الشاذ، كما تجنبه ملايين الأفكار والمعلومات المغلوطة التي يسمعها في الخارج، والتي تحث على الجموح والحرية المزيفة.
- بين لولدك البالغ أن الجنس عبادة؛ إن صرف في الحلال، وعلمه ضبط نفسه عن طريق توضيح طبيعة الشهوة، بأن تخبره أن شهوة الجنس هي رغبة إنسانية مثلها مثل الطعام، يجب ضبطها وإشغال النفس بممارسة الرياضة مثلًا (4).
أمور لا بد منها أثناء التعامل مع المراهقين:
المراهقة هي من أصعب المراحل التي تأتى بعد مرحلة الطفولة التي يمر بها الإنسان من تغيرات نفسية وجسمية وفكرية، ومن الصعب التعامل مع المراهق العنيد والعصبي، وإليكم كيفية التعامل مع سن البلوغ والمراهق العصبي والعنيد.
أولًا الاستماع: عندما يصل الطفل إلي سن المراهقة والبلوغ يبدأ فهمه للحياة يختلف وتختلف طريقة المعتقدات التي يحملها في ذهنه وتختلف طريقة تفكيره، فيجب على كل أب وكل أم أن يراعوا الاختلافات التي حصل عليها الطفل، ويجب محاولة فهم هذه الاختلافات، ويجب على الوالدين الجلوس مع طفلهم وفهم كل شيء يقوله، وإظهار التعاطف والاهتمام به، ويجب تجنب جرح مشاعره ويتم حل مشاكله، يجب الاستماع إليه لكي يقول ما يريده دون أن يخاف من رد فعلك.
ثانيًا: الوضوح في التعامل: عندما يتم النقد للمراهقين دائمًا المراهق يستقبل هذا النقد بشكل سلبي وعصبي؛ لذلك لا بد من التعامل مع أطفالكم المراهقين بطريقة التفاهم والوضوح معهم، يجب اختيار الحديث والكلمات التي لا يكون فيه استهزاء سخرية والحذر أثناء التحدث مهم، لا بد من إظهار مواقف إيجابية وليس سلبية.
ثالثًا احترام خصوصية المراهق: يجب على الوالدين احترام خصوصية الطفل وعدم التجسس عليه والتدخل في حياته، ويجب الابتعاد عن الكشف عن مكالمات الطفل أو التجسس عليه، ولكن يتم مراقبة الطفل من بعيد لبعيد، ومتى يتم عودته إلى المنزل، ولكن من غير معرفة ماذا كان يفعل أثناء غيابه.
رابعًا التصرف بهدوء: يجب التصرف مع الطفل بهدوء وبدون عصبية أو انفعال شديد، وعند حدوث عصبية تصدر من الطفل لا بد من التصرف معه بهدوء.
خامسًا التفكير قبل الرفض: المراهق يتصرف بطريقة غريبة لكي يجذب من حوله بتصرفاته الغريبة بسبب تجاهلك له وعدم الاهتمام له، هذه التصرفات تكون صادمة للأب والأم، ومن الاستفزاز والعصبية يكون رد فعلهم الرفض لهذه التصرفات؛ لذلك يجب على الوالدين أن يتم التعامل بحذر قبل الرفض وعدم المبالغة الشديدة في رفض تصرفات الطفل، لا بد من الرفض في الأشياء الخطيرة فقط مثل إدمان المخدرات أو العنف، أما أي تصرف أخر بسيط لا بد من الرفض بهدوء وفهم الطفل لماذا الرفض.
التعامل مع المراهق العنيد:
يتعرض المراهق إلى تغيرات نفسية وسلوكية وجسمية وغيرها من التغيرات، لذلك لا بد من حسن تعامل الوالدين مع الأولاد أثناء هذه المرحلة حتى تنتهي بنتيجة هائلة.
عندما يتم التعامل بجهل مع الأبناء ينتج عن ذلك أبناء تتصف بالعناد والعدوانية، ومن النصائح التي تساعد الوالدين على تخطى مرحلة المراهقة:
- تفهم ظروف مرحلة المراهقة واحتياجات الطفل المراهق، والوقوف بجانبه وعدم الوقوف ضده.
- الابتعاد عن القسوة والعصبية التي تظهر على وجوه الوالدين.
- الحوار بتفاهم بين الوالدين وبين المراهق وعدم إصدار الوالدين أوامر ونواهي؛ لأن ذلك يجعل المراهق يشعر بعدم تقدير الذات واستخفاف قدرات عقل المراهق.
- تجنب المراهق ومناقشته عند الغضب؛ لأن الغضب الشديد والانفعالات الحادة تجعل الوالدين فقد قدرتهم على إصدار الأحكام بطريقة صحيحة، وهذه الانفعالات والعصبية تجعل الإنسان لا يسمع نصائح الآخرين.
- يجب على الوالدين أن يكونوا أصدقاء وأصحاب للمراهق والاستماع إليه، وأهمية المراهق لديهم، وأنه هو المقام الأول لديهم في الاهتمام، وأن الهدف الذي يسعى إليه هو سعادته وراحته.
- ذهاب المراهق إلى رحلة مع مجموعة من الشباب لمعرفة لضيق وقسوة المعيشة والابتعاد عن الراحة والنعيم، ولكي يكون المراهق شخصيته ويتخذ قراراته بنفسه.
- منح المراهق الخصوصية اللازمة له، ويتم إعطاء المراهق مصروف شخصي كل شهر أو كل أسبوع والطلب من للمراهق أن يلبى احتياجات ومطالب المنزل.
- لا بد من إبعاد المراهق عن القلق والتوتر أثناء فترة المراهقة، وكلما كانت درجات القلق مرتفعة كلما كانت درجات الاكتئاب مرتفعة.
كيفية التعامل مع المراهق العصبي:
- يجب وضع منهج أو خطة بين الوالدين في تربية الأبناء حني عدم شعور الأبناء بوجود اختلاف بين الوالدين في الطريقة والتربية.
- تبادل الاحترام والأدب في التعامل في المنزل والهدوء ليكون هذه العوامل التي يسير عليها التعامل في المنزل.
- يجب الارتباط والصداقة بين الوالدين والأبناء والتقرب إليهم؛ ولكن دون التدخل في خصوصيتهم أو التجسس عليه والتدخل في شئون حياته.
- احترام صديق المراهق وعدم التقليل منه أمام أصدقائه أو التقليل من شأن أصدقائه.
- يجب الحرص على تنبيه وتوعية الأبناء على عدم مصاحبة الأصدقاء السوء الغير صالحين الفاسدين واختيار الأصدقاء ذو الصفات الحسنة.
- المناقشة مع الأبناء عن حسن اختيار الأصدقاء الحسنة.
- نصح الأبناء على المواظبة على الصلاة والصوم والخوف من الله والتقوى والعبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالي (5).
التعامل مع السلوك الخطأ:
ماذا عليّ أن أفعل إذا اكتشفت أن ابني يقوم بممارسات غير صحية (مثل التدخين، ومشاهدة الأفلام الإباحية، إلخ)؟
يجب أن ينقسم تصرفك حيال هذا الأمر إلى ثلاث مراحل:
مرحلة ما قبل المواجهة:
- قبل أن تقرر أن هذا هو الوقت المناسب لإبلاغ طفلك المراهق بأنك على علم بسلوكه، قد يكون من الأصوب أن تجعله يعترف هو بذلك إذا نجحت في خلق مساحة آمنة بينكما.
- تحدث بشكل متكرر وفي مواقف وأوقات مختلفة ومتعددة عن خطورة هذه العادة السيئة، وآثارها السلبية على المدى القريب والبعيد.
- يمكن أن يحدث ذلك أثناء تناول العشاء عبر الحديث عن مقالة أو فيديو من موقع موثوق به أو تجربة صديق أو قريب، على سبيل المثال.
- ركز على الآثار السلبية التي تهم طفلك المراهق بشكل خاص (الصحة، المال، الحياة الاجتماعية، إلخ).
المتابعة:
- استمر في المتابعة مع أولادك بعد المواجهة.
- امتدح التقدم الذي يحدث، وأظهر التفهم للصعوبات التي يمر بها الطفل المراهق وادعمه، وبعد مرور الموقف ناقشه واسأله عن الدروس المستفادة منه.
- ثقّف طفلك المراهق وزوّده بمعلومات من مصدر موثوق.
مرحلة المواجهة:
- قد تحدث المواجهة إما من خلالك أو -إذا كنت تخشى أن تفقد أعصابك- من خلال صديق/ قريب/ معلم/ مدرب يحبه ويتعلق به طفلك المراهق.
- إذا اخترت شخصًا آخر، تأكد من أنه شخص تثق به، وأن أولادك سيستمعون له، وأنه لن يكون عنيفًا أو منتقدًا له، واتفقا على ما سيقول والسيناريوهات المحتملة لرد فعل طفلك المراهق وكيفية التعامل معها.
- يجب أن يكون واضحًا لطفلك المراهق أنك لن تسمح باستمرار هذه الممارسة غير الصحية، ومع ذلك ستفعل كل ما في وسعك للتغلب على هذا الأمر "معًا"، لأنك تحبه وتدعمه بشكل غير مشروط.
- قم بإشراك الطفل المراهق في وضع خطة واقعية تتفقان عليها سويًا للتوقف عن هذه الممارسة غير الصحية، واتفق معه على عواقب عدم الالتزام بهذه الخطة.
- إذا كانت هذه العادة غير الصحية تشكل تهديدًا لأولادك (مثل تعاطي المخدرات)، قم باستشارة طبيب مختص على الفور.
استخدم العواقب بدلًا من العقاب
تختلف العواقب عن العقوبات، فالعواقب هي فرص أمام أولادك لتعلم أن تصرفاتهم وأفعالهم سيكون لها تأثير عليهم وعلى الآخرين، كما أن العواقب تساعد الأطفال على تعلم الاستقلالية، واتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية.
أنواع العواقب:
عواقب طبيعية: العواقب التي لا تتطلب تدخلًا من الآباء، وهي نتيجة طبيعية لسلوك المراهق.
مثال: إن لم تضع ملابسك في سلة الغسيل، لن يكون لديك أي ملابس نظيفة لترتديها.
عواقب منطقية: هي العواقب التي تنتج عن سلوك بعينه، مثل عدم الامتثال للقواعد، مثال: إذا عدت للمنزل متأخرًا، لن تحصل على وقت للراحة غدًا.
كيفية شرح العواقب المترتبة على عدم اتباع القواعد:
- حدد المقصود بسوء السلوك: ما تريد أن يفعله أولادك، وما لا تريد منهم أن يفعلوه.
- حدد عاقبة واضحة ستحدث في حالة قيامهم بالسلوك السيء (إذا حدث....، ستكون نتيجته.....).
- عند حدوث ما سبق رغم تحذيرك، قم بتطبيق العواقب على الفور، وذلك بعد لفت نظر أولادك إلى العلاقة بينهما.
- امتدحهم إذا اتبعوا القواعد.
ساعدهم في حل مشاكلهم:
أحيانًا يتصرف أولادك بطريقة سلبية، لأنهم يشعرون بالقلق والتوتر بشأن مشكلة أخرى، وعلى الرغم من أهمية أن تجعل أولادك مستقلين ويحاولون اكتشاف الأشياء بأنفسهم، إلا أنه عليك أن تجعلهم يعرفون أن بإمكانهم دائمًا اللجوء إليك للحصول على المساعدة.
خطوات حل المشكلات:
- حدد المشكلة بوضوح.
- فكروا سويًا في الحلول الممكنة، وشجعهم على التوصل إلى حلين أو أكثر.
- تحدث معهم عن كل حل من هذه الحلول، وما شعورهم تجاهه، ثم عبر عن شعورك أنت تجاه كل حل بأن تقول مثلًا: لن أكون مرتاحًا لهذا الحل بسبب......."، أو "أرى هذا الحل ممكنًا بسبب .....".
- اختر الحل الذي يبدو الأفضل، وقم بتجربته (6).
------------
(1) كيف أخبر ابني عن البلوغ والاحتلام؟ / منتديات حلوها.
(2) أخرجه البخاري (2451)، ومسلم (2030).
(3) فن التعامل مع الأبناء في مرحلة المراهقة وتعديل سلوكهم/ صيد الفوائد.
(4) 10 نصائح لتربية المراهقين/ سوبر ماما.
(5) كيف التعامل مع المراهقين في سن البلوغ/ موقع مقال.
(6) التربية الإيجابية للمراهقين من سن 13-18 سنة/ يونيسف.