logo

حرمان المرأة من الميراث


بتاريخ : الثلاثاء ، 17 جمادى الآخر ، 1441 الموافق 11 فبراير 2020
بقلم : تيار الاصلاح
حرمان المرأة من الميراث

بقيت المرأة محرومةً من الميراث في كلّ الأزمان السابقة للإسلام، حتى جاء الإسلام ليقلب مقاييس الحياة، ويكسر الطوق المألوف، ففكّ عن المرأة الحصار، وأقرّ لها بالميراث من والديها وأقاربها، فأصبح الإرث بذلك نظامًا شرعيًا مشتركًا بين المرأة والرجل، الكبار والصغار، الضعفاء والأقوياء، ولأجل حفظ حقّ المرأة في الميراث والتأكيد على أصالته؛ ذكر الله تعالى حقّ الرجل في الميراث منفردًا، وحقّ المرأة في الميراث منفردًا أيضًا، وأخبر أنّه نصيبٌ مفروضٌ لها، والفارض له هو الله سبحانه، ثمّ نزلت الآيات بعدها توضّح مقدار هذا النصيب للمرأة أمًّا، أو زوجةً، أو أختًا، أو ابنةً.

ولقد حدد الله تعالى ميراث النساء في كتابه الكريم وتولى القسمة سبحانه بنفسه مما لا يجعل لأحد عذرًا بعدم العدل، فالله تعالى هو أعدل العادلين وأحكم الحاكمين، فجعل للأم السدس إن كان لابنها الميت أولاد، والثلث إن لم يكن له أولاد فقال سبحانه: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 11].

وجعل للبنت النصف إن كانت لوحدها، ونصف حظ الولد أو الاشتراك في الثلث إن كن ّ اثنتين فأكثر؛ إن كان للميت أبناء ذكور، فقال سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11].

كما حدد الله سبحانه وتعالى نصيب الأخوات والزوجات، وحدد نصيب الجدة والأخوات لأم وبنات الأخ، وغيرهن من النساء الوارثات بأنصبة محددة لا تزيد ولا تنقص، وهو ملك لهن لا ينازعهن فيه أحد.

إن هذا النظام في التوريث هو النظام العادل المتناسق مع الفطرة ابتداء ومع واقعيات الحياة العائلية والإنسانية في كل حال، يبدو هذا واضحًا حين نوازنه بأي نظام آخر، عرفته البشرية في جاهليتها القديمة، أو جاهليتها الحديثة، في أية بقعة من بقاع الأرض على الإطلاق.

إنه نظام يراعي معنى التكافل العائلي كاملًا، ويوزع الأنصبة على قدر واجب كل فرد في الأسرة في هذا التكافل، فعصبة الميت هم أولى من يرثه- بعد أصحاب الفروض كالوالد والوالدة- لأنهم هم كذلك أقرب من يتكفل به، ومن يؤدي عنه في الديات والمغارم، فهو نظام متناسق، ومتكامل.

وهو نظام يراعي أصل تكوين الأسرة البشرية من نفس واحدة. فلا يحرم امرأة ولا صغيرًا لمجرد أنه امرأة أو صغير، لأنه مع رعايته للمصالح العملية- كما بينا في الفقرة الأولى- يرعى كذلك مبدأ الوحدة في النفس الواحدة، فلا يميز جنسًا على جنس إلا بقدر أعبائه في التكافل العائلي والاجتماعي.

وهو نظام يراعي طبيعة الفطرة الحية بصفة عامة، وفطرة الإنسان بصفة خاصة. فيقدم الذرية في الإرث على الأصول وعلى بقية القرابة، لأن الجيل الناشئ هو أداة الامتداد وحفظ النوع، فهو أولى بالرعاية- من وجهة نظر الفطرة الحية- ومع هذا فلم يحرم الأصول، ولم يحرم بقية القرابات، بل جعل لكل نصيبه؛ مع مراعاة منطق الفطرة الأصيل.

وهو نظام يتمشى مع طبيعة الفطرة كذلك في تلبية رغبة الكائن الحي- وبخاصة الإنسان- في أن لا تنقطع صلته بنسله، وأن يمتد في هذا النسل، ومن ثم هذا النظام الذي يلبي هذه الرغبة، ويطمئن الإنسان الذي بذل جهده في ادخار شيء من ثمرة عمله، إلى أن نسله لن يحرم من ثمرة هذا العمل، وأن جهده سيرثه أهله من بعده، مما يدعوه إلى مضاعفة الجهد، ومما يضمن للأمة النفع والفائدة- في مجموعها- من هذا الجهد المضاعف، مع عدم الإخلال بمبدأ التكافل الاجتماعي العام الصريح القوي في هذا النظام.

وأخيرًا فهو نظام يضمن تفتيت الثروة المتجمعة، على رأس كل جيل، وإعادة توزيعها من جديد، فلا يدع مجالًا لتضخم الثروة وتكدسها في أيد قليلة ثابتة- كما يقع في الأنظمة التي تجعل الميراث لأكبر ولد ذكر، أو تحصره في طبقات قليلة- وهو من هذه الناحية أداة متجددة الفاعلية في إعادة التنظيم الاقتصادي في الجماعة، ورده إلى الاعتدال، دون تدخل مباشر من السلطات، هذا التدخل الذي لا تستريح إليه النفس البشرية بطبيعة ما ركب فيها من الحرص والشح، فأما هذا التفتيت المستمر والتوزيع المتجدد فيتم والنفس به راضية، لأنه يماشي فطرتها وحرصها وشحها! وهذا هو الفارق الأصيل بين تشريع الله لهذه النفس وتشريع الناس (1).

ومن غريب المفارقات، أن نجد من غير المسلمين من يدافع عن نظام الميراث في الإسلام، وبخاصة نظام ميراث المرأة، ويصفه بالعدالة والإنصاف، بل ويوصي أحدهم بضرورة دراسته دراسة عميقة؛ وفي الوقت نفسه نجد مِن بين المسلمين مَن يُهاجم هذا النظام مُهاجمات شرسة، ويتهمه باتهامات باطلة، ويدّعي أن الإسلام ظَلَم المرأة، وحطّ من شأنها، وأهدر حقوقها حينما أعطاها نصف نصيب الرجل من الميراث.

والمتأمل في فقه الميراث الإسلامي؛ يجد أن هذا الكلام عارٍ عن الحقيقة، ومنافٍ للواقع؛ لأننا إذا تتبعنا أحوال ميراث المرأة مع الرجل، وجدنا أن المرأة في بعض الحالات ترث نصيبًا أكبر من نصيب الرجل، أو ترث مثل الرجل، أو ترث نصف نصيب الرجل، أو ترث ولا يرث الرجل؛ على حسب اختلاف حالات الإرث وتنوعها؛ ويمكننا أن نرى هذا بوضوح إذا تتبعنا حالات ميراث المرأة مع الرجل في نظام الميراث الإسلامي.

فحقيقة الأمر أن الإسلام وضع قاعدة العدل الإلهي في تعاملاته، وهي: «المساواة بين المتماثلات والتفريق بين المتباينات»، وهذا هو العدل الحقيقي الذي تحتاجه البشرية؛ فيرضى ضميرها وتنعم سريرتها وتستقر حياتها.

وفي مجال الميراث لم ينظر الإسلام إلى نوع الوارث وجنسه، لكنه نظر إلى اعتبارات ثلاثة، وقسّم الميراث على أساسها:

الاعتبار الأول: درجة القرابة بين الوارث ذكرًا كان أو أنثى وبين المُوَرَّث المتوفَّى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب في الميراث، دونما اعتبار لجنس الوارثين؛ فابنة المتوفى تأخذ مثلًا أكثر من والد المتوفى أو أمه.

الاعتبار الثاني: موقع الوارث من الحياة، فالأجيال التي تستقبل الحياة، وتستعد لتحمُل أعبائها، عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها، بل وتصبح أعباؤها عادة مفروضة على غيرها، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للورثة؛ فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه؛ وكلتاهما أنثى، وترث البنت أكثر من الأب؛ حتى لو كانت رضيعة لم تدرك شكل أبيها، وحتى لو كان الأب هو مصدر الثروة التي للابن، والتي تنفرد البنت بنصفها، وكذلك يرث الابن أكثر من الأب؛ وكلاهما من الذكور.

الاعتبار الثالث: التكليف المالي الذي يوجبه الشرع على الوارث حيال الآخرين، وهذا هو الاعتبار الوحيد الذي يفرّق فيه بين الذكر والأنثى ليس باعتبار الجنس، ولكن باعتبار التكليف والأعباء المالية، فإذا ما تساوى الورثة في القرابة، وفي موقعهم من الحياة فكانوا جيلًا واحدًا كالأخوة أو الأبناء، هنا ينظر الشرع إلى التكاليف والأعباء المالية المناطة بهم.

فالأخت المتزوجة هي في إعالة زوجها، لكنها ترث نصف أخيها الذي يعول زوجته وأولاده، فإذا كانت أخته غير متزوجة فهو يعولها أيضًا فترث نصفه ومالها ذمة مالية خاصة بها؛ لكنه لا يزال مسئولًا شرعًا عن رعايتها وكفالتها، وكذا الحال مع الأبناء، لذلك قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، فتفريق الشرع هنا ليس تفريق بين المتماثلات، لكنه تفريق بين المتباينات التي يجب التفريق بينها (2).

إن ظاهرة حرمان المرأة من الميرات إنتشرت مؤخرًا بشكل مخيف، وتحديدًا فى المناطق الريفية، بالرغم من معرفة الجميع أن الميراث شرع الله، ولا يجوز لأحد التدخل فيه من البشر؛ ولكنها  ثقافة مجتمعية لها أصول جاهلية، فأهل الجاهلية كانوا لا يورثوا المرأة، حيث كانوا يقولون فى الجاهلية: «نورث من يحمل السلاح ويزود عن الديار»، فكانو فى الأساس يمنعون المرأة من الميراث، وعندما جاء الإسلام نظم هذا الأمر وأعطى للمرأة حقها فى الميراث سواء أكانت أمًا أو بنتًا أو أختًا أو زوجة.

والميراث هو في الأصل حق وليس صدقة، وقد أكدته جميع الأديان والشرائع، وما يجري من حرمان للمرأة من ميراث زوجها أو أبيها، ليس من الديانات في شيء، بل هو من الأعراف الفاسدة والبالية في بعض المجتمعات التي ما زال أهلها يتمسكون بتقاليد يعتبرونها قانونًا وشرعًا لا ينبغي تجاوزه أو خرقه، فالمرأة عندهم لا ترث لمجرد أنها امرأة، لا تحتاج المال -بنظرهم- ما دامت في كنف الرجل: أبوها، زوجها، ابنها،.. إلخ.

وكذلك رغبة العائلة في الاحتفاظ بالإرث ضمن العائلة الواحدة، حيث يرى البعض أن توريث المرأة وخصوصًا إذا كان الميراث قطعة أرض، سيمنح الحق لأفراد من عائلة أخرى إذا كان الزوج غريبًا لمشاركتهم في الميراث، مما يؤدي إلى تفتيت تلك الأرض، ولهذا فإنهم يحرصون على عدم توريث المرأة، ويجبرونها كراهة على التنازل عن حقها الذي فرضه الله لها، مستخدمين في ذلك طرقًا مختلفة، وإذا ما رفضت المرأة التنازل، في حالات نادرة، وطالبت بحقوقها وحصلت عليها، فإن ذكور العائلة ينظرون لها كعدوة، فيما ينظر لها المجتمع على أنها خارجة عن الأعراف، وأنها ارتكبت عارًا يستعملونه للتشهير بها، مما يعرضها لأنواع من العنف قد يمارس ضدها.

وخلافًا لغالب التنظيمات الأخرى في الإسلام؛ فقد جاء تنظيم الميراث بتفصيل دقيق لكل الأنصبة ومستحقيها وأوجه استحقاقها لحسم كل أسباب النزاع الذي يمكن أن يتولد بين الأقارب من جراء توزيع الأنصبة بينهم، وما ذلك إلا للحفاظ على المقصد الأساسي الذي قام عليه في الأصل نظام الميراث، ألا وهو صيانة آصرة القرابة وروابطها من أي تصدع أو تفكك.

إن أحكام الميراث وتحديد الأنصبة من القضايا الثابتة بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، لا تخضع بحال لتقلبات الظروف والزمان والمكان، بل هي من المسائل التي نادرًا ما تناولتها الشريعة بالتفصيل حسماً لمادة الخلاف المتوقع في مثل تلك الحالات، وحفاظًا على البنية الاجتماعية والأسرية، وتأكيدًا على عدم إخضاعها لتقلبات الزمان والمكان والظروف.

وعلى هذا النهج القويم فهم العلماء السابقون تلك النصوص الواردة حول ميراث المرأة، وأجروها على ظواهرها الواضحة، ولم يكن لهم فيها إلا ما ظهر من محاولات بعضهم في تعليل الحكم على النحو المذكور آنفًا؛ فالأحكام الشرعية المنصوص عليها في قضية ميراث المرأة لا تخرج عن نطاق النصوص القطعية الثبوت والدلالة، وهي على هذا الأساس غير خاضعة ولا قابلة لتأويل جديد أو فهم آخر بعيد (3).

إن الشريعة الإسلامية لم تفرق بين الرجل والمرأة من حيث الحقوق والواجبات، حيث جاءت تكريمًا للإنسان كإنسان وليست للرجل دون المرأة، فبالإسلام يتساوى الرجل والمرأة من حيث التكليف والجزاء، فالمرأة تدخل الجنة جزاءً على أعمالها الصالحة، والرجل يدخل النار إن قصّر في أداء واجباته الرئيسية تجاه الله، لذلك نجد أن الثواب أو العقاب ليس مخصوصًا به الرجل دون المرأة في الإسلام مصداقًا لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 124]، وهنا تأكيد على أن الجزاء في الآخرة واحد للجنسين لا تمييز بينهما، قال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195].

وللأسف الشديد فإن حرمان النساء من الميراث بصوره المختلفة من المشكلات المنتشرة في مجتمعنا، وكثيرًا ما يترتب على ذلك الحرمان مآسٍ من ظلم وقهر وأكل أموال الناس بالباطل، وإن حرمان النساء من الميراث من مخلفات الجاهلية التي هدمها الإسلام، حيث كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان، وكان أكبر الأولاد هو الذي يأخذ جميع الميراث وكانوا يقولون: لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل وطاعن بالرمح وضارب بالسيف وحاز الغنيمة.

وهذه جاهلية جهلاء حاربها الإسلام وأعطى المرأة نصيبها من الميراث رغم قول الله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7].

فهذه الآية الكريمة أوجبت النصيب من الميراث للرجال والنساء قليلًا كان ذلك أو كثيرًا، فالمرأة سواء كانت أمًا أو زوجة أو أختًا أو بنتًا فلها نصيبها من الميراث، وهذا النصيب حق شرعي لها وليس منة أو تفضلًا من أحد، فلا يجوز لأحد أن يحرمها من نصيبها الذي قرره الشرع الحنيف.

يقول ابن كثير: أي: الجميع فيه سواء في حكم الله تعالى، يستوون في أصل الوراثة وإن تفاوتوا بحسب ما فرض الله تعالى لكل منهم، بما يدلي به إلى الميت من قرابة، أو زوجية، أو ولاء، فإنه لحمة كلحمة النسب (4).

إن كل من يحرم امرأة من نصيبها بأية وسيلة كانت كالتهديد والوعيد بإجبارها على التنازل عن ميراثها، أو بالتحايل عليها لإسقاط حقها بما يسميه عامة الناس «إرضاء الأخوات» زورًا وبهتانًا فهو آثم ومعطل لحكم الله في هذه القضية، ومتعدٍ على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وآكل لأموال الناس بالباطل (5) .

لكن وللأسف الشديد هناك من يأكل ميراث النساء ولا يعطيهن حقوقهن، والمرأة قد لا تعرف مالها من الميراث فتستغل من بعض الطامعين الذين لا يخافون الله عز وجل، ويرجع استغلال النساء وأكل ميراثهن للأسباب التالية:

1- طمع الأقارب في ميراث المرأة وهذا الطمع إما لعدم علم المرأة بنصيبها، وإما لضعفها وحاجتها للرجل، فإذا طالبت بحقها حصل لها من اللوم والتعنيف والمعاملة السيئة ما لا تريده فازداد شقائها شقاء وازداد همها همًا.

2- التأخر في تقسيم التركة؛ وهذا يحدث كثيرًا، وقد يكون ذلك التأخير إما بسبب تهاون الورثة، أو بسبب تشعب تركة الميت وكثرة أملاكه وتفرقها في أماكن مختلفة، وبالتالي لا تعرف المرأة كم نصيبها، وربما تأخر حصولها على نصيبها سنوات عديدة.

3- التقاليد والعادات القبلية الجاهلية، فبعض الناس لديهم عادات قبيحة لا يورثون المرأة، ويعتبرون حصولها على ميراثها عيب يقدح في رجولة الرجل، وهذا النوع قليل لكنه ظلم للمرأة وأكل لحقها بالباطل.

4- اعتقاد البعض أن المرأة لا تحسن التصرف في مالها، وادعاءه أنه يحافظ على مصلحتها، وهنا تكمن مشكلة عدم استفادتها من مالها الذي تكون في أمس الحاجة إليه، وربما ضياع ميراثها فيما بعد، خاصة عندما لا يهتم الولي على المال بالكتابة وتحديد ما للمرأة من مال، وأين يوجد هذا المال.

5- دعوى ضياع أموال الأسرة إذا كانت الزوجة من خارج تلك الأسرة أو العائلة؛ فتحرم مالها من ميراث زوجها بحجة أنها أجنبية من العائلة أو الأسرة، فتكون الزوجة من دولة أخرى أو قبيلة أو عائلة أخرى (6).

***

_____________

(1) في ظلال القرآن (1/ 596- 597).

(2) الإسلام والمرأة (ص: 4).

(3) ميراث المرأة أحكام ثابتة وتأويلات متغيرة، لها أون لاين.

(4) تفسير ابن كثير (2/ 219).

(5) حرمان المرأة من الميراث جاهلية جديدة/ المدينة الإخبارية.

(6) حرمان النساء من الميراث/ موقع الألوكة.