logo

تجديد العلاقة الزوجية


بتاريخ : الثلاثاء ، 20 محرّم ، 1439 الموافق 10 أكتوبر 2017
بقلم : تيار الاصلاح
تجديد العلاقة الزوجية

نجد كثيرًا من الناس يأتي يشتكي ويسأل عن أمور تحدث بينه وبين زوجته؛ كعصيانها لأمره، وعدم طاعته، وإسرافها في ماله، وغير ذلك من مثل هذه الأمور، والتي، في الغالب الأعم، تؤدي إلى التلفظ بالطلاق، ثم تجد الزوج أو الزوجة بعد ذلك يأخذ في تعداد مزايا زوجته، وما كان الأمر عليه في بداية الزواج، وكذا المرأة تأخذ في سرد فضائل زوجها، وكيف كان حالهما قبل فتور العلاقة بينهما ووصولها إلى هذا الحد، وللأسف فإن بعض الناس قد يفكر في إنهاء العلاقة ولا يفكر في مزايا الطرف الآخر.

فبعض الأزواج والزوجات قد يظنون في بعض الأحيان أن قطع خيوط علاقة زوجية قائمة أسهل بكثير من محاولة ترميمها، والحقيقة أن هذا السبيل سيكون أصعب بكثير من محاولة تجديد هذه العلاقة الزوجية القائمة والمستمرة، ومحاولة عمل اختيارات جديدة لها في تعامل كل طرف فيها مع الآخر، فلست أيها الشريك بحاجة للبحث عن علاقة زوجية جديدة، للشعور بما كنت تشعر به في بداية الزواج وفي سنينه المنقضية، وإنما يكفيك أن تعيد اكتشاف شريكك الحالي في الحياة الزوجية، ولتعلم أن كثيرًا من الزيجات غير  الناجحة يمكن تحويلها إلى زيجات ناجحة، وذلك إذا قرر طرفا هذه العلاقة الزوجية طرح اختيارات جديدة لحياتهما الزوجية، وذلك وفق المعلومات والتجارب والمواقف الموجودة والحادثة مسبقًا لديهما.

فمع وجود هذه المعلومات، والتي بنيت من خلال المواقف والتجارب السابقة، يصبح لدى كل من الزوج والزوجة بيانات كاملة عن شخصية كل واحد منهما، وتفاصيل حياة الآخر، مما يعني أنه الوحيد القادر، وبقوة، على إسعاد شريك حياته؛ وبالتالي جلب السعادة لنفسه تبعًا لذلك، لكن، للأسف، أصبحت مسألة معرفة تفاصيل حياة الشريك وحفظ شخصيته أمرًا يساعد على روتينية الحياة الزوجية؛ أي أمرًا جالبًا للملل والسآمة بدلًا من كونه مدخلًا للسرور والسعادة.

لذلك أصبح من الواجب على الزوجين أن يبتكرا من الأساليب ما يساهم في كسر هذا الروتين، وتنشيط الحب بينهما، وبالتالي تجديد العلاقة الزوجية.

ولا بد أن يعلم الزوجان أن مشروع تجديد الحب لن يكون سريعًا، وإنما يؤتي هذا التجديد ثماره من خلال تراكمات الأفعال، التي تساعد على إعادة إحياء بريق الحياة الزوجية.

 ويمكن أن نذكر بعض الأمور التي تساعد على نفخ الروح في الحياة الزوجية المتعثرة، وذلك من خلال اتباع الأساليب التالية:

أولًا: الهدية، وإن كانت رمزية، فوردة زهيدة الثمن يدخل بها الزوج على زوجته، دون مناسبة أو سابق إنذار، تفعل في الزوجة الأعاجيب، وكذا الأمر بالنسبة للزوج، فربما هدية صغيرة صنعتها الزوجة، حتى في بيتها، من قطعة قماش، أو جلبت لزوجها زجاجة عطر صغيرة، فإنها تفعل في الزوج الكثير والكثير، ومثل هذه الهدايا تمهد الطريق لإرجاع الأمور إلى نصابها، ووضع العلاقة الزوجية على طريقها الصحيح.

ثانيًا: سهام الحب والإعجاب، فمشاعر الحب بين الزوجين لا يمكن حصر أدائها في الواجبات الرسمية، والمتمثلة في اللقاء الزوجي، أو الكلمات الرقيقة وحسب؛ بل هناك ما لا يقل أهمية عن هذه الكلمات، ألا وهي نظرات عين المحب وقسمات وجه، فكثير من مشاعر الحب بين الزوجين يمكن تبادلها من خلال نظرات العين، إن الزوجين ربما يجلسان وسط أهلهما ويتبادلان الحب والإعجاب ولا يشعر بهما أحد، فعيون العاشقين لها لغة لا يفهمها إلا من كان طرفًا في هذه العلاقة الرائعة، العلاقة الزوجية، إضافة إلى أن كل زوج وزوجة يستطيع أن يعلم متى يكون شريكه مهمومًا، ومتى يكون فرحًا مسرورًا، متى يكون حزينًا منه ومتى يكون فرحًا به، كل هذا من خلال نظرة العين؛ بل إن سؤال الزوج لزوجته عن سبب حزنها، ومعرفته ذلك من عينها، يجعل الحب داخل قلبها يزداد؛ لأنها من خلال هذا السؤال علمت كيف أن زوجها علم ما ألم بها من غير كلام أو حديث، وكذا مع الزوج أيضًا إذا ما علمت الزوجة بحزنه من عينه، فالعين طريق سريع لتنمية الحب.

ثالثًا: مداعبة الزوجة وملاعبتها، ولقد كان هذا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد سابق السيدة عائشة رضي الله عنها في سفر فسبقته، ثم سابقها مرة أخرى فسبقها، فلم يكن الأمر مجرد خاطرة طرأت، وإنما هو أمر طبيعي، فإذا وجدت الظروف المناسبة لذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أمره، فقد وجه جابر رضي الله عنه، عندما علم بزواجه، إلى الزواج من بكر، وعلل النبي صلى الله عليه وسلم زواجه بالبكر لأجل الملاعبة المتبادلة بينهما، وهذا أبدًا لا يسقط هيبة الرجل ووقاره في نظر زوجته؛ بل إنه يزيد من قدره في قلبها، ويزيل الكثير من العقبات التي توجد في قلب المرأة من كون زوجها قاسي القلب وحاد الطباع، تخاف من سؤاله شيئًا كانت ترجوه، أو أن تطلب منه أمرًا كانت تريده، وهذا للأسف حال كثير من الزوجات التي تخاف من زوجها أشد الخوف، فتضيع كثيرًا من حقوقها بسبب ذلك، وهذا للأسف ما يقتل الحب داخل العلاقة الزوجية.

رابعًا: زيارة جميلة أو نزهة قصيرة، أو رحلة ممتعة، فمثل هذه الأمور، والتي تجعل الزوجين خارج البيت، كفيلة، وحدها دون أدنى فاعليات بها، أن تغير من مزاج الزوجين، فكونهما خارج البيت وحده كفيل أن يشعرهما بوجود جديد.

خامسًا: الجلسة الثنائية، وأعني بها هذا الوقت الذي يقضيه الزوجان معًا، يتبادلان فيه أطراف الحديث وسرد الحكايات، والذي يتخلله بعض المرح والضحك والمواقف الجميلة، هذه الجلسة البسيطة والتي يفرط فيها كثير من الأزواج، لها أثر كبير في زيادة الألفة والمحبة بين الأزواج.

سادسًا: التفاعل وقت الأزمات التي يمر بها شريك الحياة، وربما يظن البعض أن وقت الأزمات ليس مناسبًا أبدًا لتنمية الحب وتجديد العلاقة الزوجية، والحقيقة أنه من أنسب الأوقات لتنمية الحب، وكذلك من أخطر الأوقات التي قد تُضعف العلاقة الزوجية بين الزوجين، فحين مرض الزوجة وتعبها، وحين حملها، تكون في أمس الحاجة إلى زوجها، كي يقف بجانبها ويؤازرها، وإذا فعل الزوج ذلك وتفاعل مع مرضها وتعبها فإن حبها له يزداد، وتشعر بأهميتها عنده، وإذا حدث العكس فإن هذا يكون مشكلة نفسية كبيرة للمرأة، تشعر أنها غير مهمة لزوجها، وأن رصيد حبه لها داخل قلبه قد زال، وهذا لا شك يؤثر على العلاقة الزوجية.

إن على كل من الزوج والزوجة أن يقوما بمثل هذه الأمور التي تنمي الحب وتجدد العلاقة بينهما، وأن يحاولا أن يبتكرا في الأمور التي تنمي الحب، وأهل مكة أدرى بشعابها، وكل زوج وزوجة أدرى بحال شريكه، فالمقصد الأهم هو ترميم هذه العلاقة الزوجية حتى تكون ناجحة كما كانت في السابق، وحتى تؤتي ثمارها المرجوة كما أراد المولى عز وجل، وكما كان نبيه صلى الله عليه وسلم.