القيادة وقت الأزمات
القائد عند الأزمات:
لا يظهر القائد قائدًا إلا عند الأزمات، وفي الأزمات يتبين معدن القائد ومستوى إنجازه؛ وذلك للأسباب التالية:
1- أنه في الأزمة يبحث الناس عمن يقودهم ويحتاجون ذلك بشدة.
2- القيادة الرشيدة في الأزمات يكتبها التاريخ وتنقش على صفحاته.
3- في الأزمات يكون أكثر الناس قوة هم أكثرهم إيمانًا.
موقف النبي صلى الله عليه وسلم (القائد الأول) في الأزمات:
لقد كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم، كقائد لهذه الأمة، نموذجًا لمواقف القادة عند الأزمات، وهاك أمثلة:
1- تعلقه صلى الله عليه وسلم بربه سبحانه وتعالى:
- ففي غزوة بدر ظل النبي صلى الله عليه وسلم رافعًا يديه إلى السماء يدعو ربه ويقول: «اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض بعد اليوم»، حتى جاءه أبو بكر رضي الله عنه قائلًا: «إن الله منجز وعدك يا رسول الله».
ويوم أن قال له الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، قال صلى الله عليه وسلم: «حسبنا الله ونعم الوكيل».
2- ثقته صلى الله عليه وسلم بالنصر:
- ومثال ذلك مثل غزوة بدر، وقف النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى مواطن في الأرض ويقول: «هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان»، يقول الصحابة: فما أخطأ موقع أحدهم.
وبعد موتهم ودفنهم في القليب وقف أمام القليب صلى الله عليه وسلم وقال: «إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا».
3- شجاعته صلى الله عليه وسلم في الأزمات:
- ومثال ذلك لما ارتجفت المدينة، وسمع الناس دويًا عظيمًا فيها، خرج الناس لينظروا، فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم قد عاد راكبًا على حصانه من غير سرج، يقول لهم: «لم تراعو لم تراعو».
- وكان أصحابه رضوان الله عليهم يقولون: كنا إذا اشتد بنا الوطيس احتمينا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
صفات القائد:
أولًا: ثقة بالله وإيمان به سبحانه:
فلا نجاح لقائد لعمل ما لم يكن مؤمنًا بالله سبحانه، واثقًا به عز وجل.
ثانيًا: مستوى أخلاقي عالٍ:
وذلك لاحتواء جميع طبقات العاملين، واحتواء سلوكياتهم، ومن أهم ذلك كظم الغيظ، وحسن الحديث، والحكمة في السلوك.
ثالثًا: قدر كبير من الطاقة والنشاط:
فلكي تكون قدوة لا بد لك أن تقدم ما يدل على ذلك، ولكي توجه أو تنصح بتعديل عمل ينبغي أن يكون عند الآخرين ثقة أنك تستطيع القيام به أصلًا.
رابعًا: البراعة في ترتيب الأعمال حسب الأولويات.
خامسًا: القدرة على تحديد الهدف.
سادسًا: القدرة على الابتكار.
سابعًا: الاحتفاظ بطريقة تفكير متزنة ومعتدلة وواقعية.
ثامنًا: الاستضاءة بآراء الآخرين، وأخذ أفضل ما عندها.
هل هناك قائد بالفطرة؟
لا شك أن العوامل الذاتية تؤثر في تكوين القائد؛ مثل بنيانه الجسدي، ذكاؤه الشخصي، وغيرها.
ولكن كل هذا لا يصنع قائدًا وحده.
هذه العوامل وغيرها قد تيسر للقائد أن ينجح في قيادته ولكنها لا تصنعه، فلا بد من التعلم والرغبة في أن تكون قائدًا وإمامًا، قال الله سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
هل هناك نهي شرعي عن الرغبة في القيادة؟
فرق بين أمرين: أن ترغب في إمارة الناس وقيادتهم لرغبة دنيوية بحتة، وبين طلب العلا والإمامة في الدين؛ فأما الأولى فمذمومة إذا طلبت لذاتها، وأما الإمامة في الدين فمرغوب فيها وحسنة، وهو قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} الآيات.
زيف القيادة:
ليست القيادة مناورة؟ لا يمكن تزييف اهتمامك بالناس، قد تستطيع خداعهم لفترة، فقط فترة، إن معنى المناورة أن تجعل الآخرين يتصرفون ضد رغباتهم أو مصالحهم، مع تقديم بعض المميزات المؤقتة، وهذه المهارات القيادية التكتيكية هي في الحقيقة إضعاف وليس تقدمًا.
التعامل مع المشكلة:
من القادة من يتعامل مع المشكلة فيتأثر بها، وتوقفه، وتعوقه، ويستسلم لها، ومن القادة من يتعامل معها.
يقول د. نورماث فينست بيل: «إن الإنسان يكون على قدر من المشكلات التي تستوقفه، وإنني أهدي بالغ شكري وتقديري لأولئك الذين ارتفعوا فوق مشكلاتهم، التي تدهمت غيرهم فأعجزتهم وأوقفتهم، فبهم فقط يتقدم العالم»، وكما قال القائل: «إن الضربات التي لا تقصم الظهر تقويه».
دور القائد في الأزمة:
1- تحديد الأهداف:
وينبغي في ذلك الاهتمام بأهداف من تقود؛ لأنك لن تستطيع قيادة الناس بغير تحقيق آمالهم.
2- تكوين فريق عمل ناجح:
وهناك مجموعة أسس ينبغي على أساسها تكوين فريق العمل الناجح، فمنها:
1- وحدة الهدف.
2- الحب والثقة والاحترام بين العاملين.
3- إحسان اختيار الأفراد.
4- معرفة كيف اختيار نقاط القوة، ومعرفة نقاط الضعف في كل أحد.
5- لا تستخدم العنف.
3- التخطيط أثناء الأزمة:
ومن أهم الأشياء في التخطيط هو تخطيط الوقت، وكيفية ترتيب المطلوبات، ومن أجل استغلال الأوقات احذر مما يلي:
1- احذر أن تقوم بأعمال الآخرين.
2- احذر أن تقضي وقتًا طويلًا فيما تحب من الأعمال.
3- أن تكرر ما تفعل أو تقول.
4- أن تتحمل مسئوليات مرءوسيك بدلًا منهم.
وها هي بعض النصائح لاستغلالك لوقتك:
1- سجل الوقت كتابة، ولا تعتمد على الذاكرة.
2- حاول أن تقتصد ولا تسرف في الوقت.
3- رتب أعمالك من السهل إلى الصعب.
4- كن مرنًا في تخطيط وقتك.
5- تعلم أن تقول لا.
6- توقف عن الأعمال غير المفيدة، ولا بد أن يكون لسلة المهملات نصيب.
7- تخلص من الذين يضيعون وقتك.
8- احترم أوقات الآخرين.
4- الارتفاع بالمعنويات وقت الأزمة:
من الصعب جدًا أن تجمع بين الأداء الجيد والمعنويات المنخفضة، لهذا كان من أهم مسئوليات القائد الحقيقي مراقبة علامات تدهور، أو حتى انخفاض، الروح المعنوية بين العاملين، ومن أكبر هذه العلامات:
1- الاستهتار بالطاعات، والإقبال على المعاصي.
2- ذهاب الحماس في العمل.
3- بحث كل فرد عن أخطاء الآخر.
4- تكرار التأخير عن المواعيد والارتباطات.
المصدر: موقع مفكرة الإسلام