logo

الفتاة والفراغ العاطفي


بتاريخ : الاثنين ، 23 شعبان ، 1437 الموافق 30 مايو 2016
بقلم : تيار الإصلاح
الفتاة والفراغ العاطفي

إن الأسرة من الأبوين والأخوة عليهم مسئولية عظيمة تجاه الفتاة ومشاعرها واهتماماتها، يجب عليهم أن يعتنوا بها ويربوها على تعاليم الدين والأخلاق الفاضلة، ويعطوها ما تحتاجه من العاطفة والمشاعر الجياشة، والاهتمام كل متطلباتها واحتياجاتها الخاصة التي لا تتنافى مع الشرع والخلق.

 يجب عليهم أن يملئوا حياتها الوجدانية ويشبعوا رغباتها.

 إن الفتاة حال المراهقة لها متطلبات خاصة، تحتاج إلى من يتواصل مع فكرها وعاطفتها ولغتها ومشاكلها، وهذا الأمر لا يحتاج إلى عناء كبير من الأسرة أو بذل وقت كثير.

إنها كلمات مؤثرة وعبارات دلال ومدائح وأفكار جميلة توجه إلى الفتاة، وفي كثير من الأحيان تحتاج الفتاة إلى من يصغي لهمومها ويتفاعل معها ولو بلغة العيون و ملامح الوجه، المهم في النهاية يتم احتواء الفتاة وتتحقق سعادتها وولائها للأسرة وشعورها بالاطمئنان والأمان الاجتماعي.

إن هذه الحالة، أعني الفراغ العاطفي لدى الفتاة، لها أسباب وعوامل كثيرة، من أهمها حرمان الأسرة لهذه الفتاة من العاطفة والمشاعر، وكذلك النظرة الاجتماعية والموروث الثقافي والبيئي يلعب دورًا كبيرًا في طبيعة التعامل مع الفتاة ومخاطبتها والتواصل معها.

إن إهمال الفتاة خطيئة، وأعظم جرمًا من ذلك أن يقسو الوالدان أو الأخوة على الفتاة ويسومونها سوء العذاب من ضرب وإهانة واستهزاء وتهكم وامتناع من تلبية رغباتها وحرمانها؛ بل أعظم من ذلك ظلمها بعدم تزويجها من الكفء الذي ترضاه أو تزويجها برجل لا ترتضيه ولا تهوى معاشرته، والأم تتحمل نصيبًا كبيرًا في ذلك.

إن الفتاة إذا أهملت وأوصدت في وجهها الأبواب وانقطعت عنها الأسباب، وصارت محرومة من البسمة والفرحة والكلمة الطيبة، والقلب الحنون والبيت الدافئ بالحنان، وصادف ذلك ضعف إيمان وقلة وعي، حملها ذلك على البحث عمن يتواصل معها، ويعوضها الحرمان ويشبع عاطفتها، ولو كان بالعلاقة المحرمة، وكثير من شباب السوء يستغلون ضعف الفتاة وشتاتها ويوقعون بها.

ما يجب على المربين:

1- إن من حق أبنائنا علينا بأن نغمرهم بالحنان والمحبة ونشبعهم بعاطفتنا ورعايتنا.

2- كسر حاجز الزجاج الذي يحول بين الأجيال، الآباء والأمهات من جهة، والأبناء من جهة أخرى.

3- احترام مشاعر الأبناء وطموحاتهم وهواياتهم قدر الإمكان، ونقدم لهم التوجيهات والرعاية.

4- أن نُكون لهم أصدقاء فضلًا عن أننا مربون وآباء وأمهات، وأن نتودد إليهم ونتقرب إليهم.

5- اختيار الصحبة الطيبة لهم منذ الصغر، سواء في الحي أو المدرسة وأن نحترم رأيهم.

6- عدم تحقيرهم أو الاستخفاف بهم وبآرائهم أو أن نحقر من شأنهم.

7- مدحهم والثناء عليهم أمام الآخرين ونرفع من معنوياتهم ونشعرهم بقيمتهم.

8- عدم مقارنتهم بغيرهم سواء بالأفضل أو الأسوأ.

9- اتباع أسلوب الترغيب والترهيب، بحيث يكون أسلوب الوسطية هو المتبع لا إفراط ولا تفريط.

10- أخذ آرائهم واستشارتهم في بعض الأمور، وخاصة التي يكونون طرفًا فيها.

11- إشعارهم بأن كل شخص له هواياته وله اهتماماته والتي تميزه عن الآخرين.

12- مكافأتهم على كل ما يسر، وعدم التأنيب أكثر من اللازم في حالة خطأهم.

13- في حالة الفشل أو الرسوب، نفهمهم بأن الفشل قد يكون محفزًا للنجاح والتفوق.

14- الدعاء لهم سواء في حضورهم أو في ظهر الغيب، مما يشعرهم بحبنا لهم، وأننا نتمنى لهم كل خير، مما يعطيهم الشعور بالعاطفة الصادقة والخالية من أية مصالح.

ما يجب على الفتاة:

1- لا تيأسي أبدًا واعلمي أن هذا بلاء من الله وامتحان لك؛ ليرى ماذا تفعلين؟ فاصبري واحتسبي الأجر من الله.

2- إن كنت حرمت من الأصحاب والأصدقاء، فأنت بحمد لله تتمتعين بالصحة والعافية والجمال والذكاء، وكثير من الصفات الحسنة، فوجهي نظرك إلى ما حباك الله به من النعم، واستثمري ذلك، ولا تلتفتي إلى ما نقص منك وفاتك.

3- أحسني الظن بالله، ولا تنظري إلى هذه المشكلة باليأس والحزن، بل انظري لها بعين العبرة والفائدة، واعلمي أنها تشتمل على فوائد كثيرة، منها: أن تراجعي نفسك وتصححي مسيرتك.

4- قوي صلتك بالله بالذكر والقرآن والدعاء، واملئي قلبك بحب الله والرسول، صلى الله عليه وسلم، والصالحين، واستعيني به وتوكلي عليه.

5- هذا واقعك وقدرك كتب عليك لحكمة، فيجب عليك أن تتعاملي معه بحكمة، وأن تصلحي حالك بنفسك، فتكيفي معه وابحثي عن حلول مناسبة وفرص جديدة.

6- اشغلي نفسك بالبرامج النافعة والإبداع، ولا تستسلمي للفراغ القاتل، والتحقي بالأنشطة الحسنة، وطوري من قدراتك وإمكانياتك، وحاولي إدخال السرور على الآخرين وإسعادهم، فإن هذا من أعظم أسباب انشراح الصدر.

7- اعتني بجمال نفسك ومظهرك، واحترمي ذاتك وطوريها للأحسن بالقراءة والهوايات المفيدة.

8- تفاءلي وانظري إلى الحياة بنظرة حلوة، واعلمي أن هذه المرحلة ستزول بإذن الله عما قريب، فتماسكي وحافظي على دينك وخلقك.

9- احذري أشد الحذر من اللجوء إلى الصداقات المحرمة والعلاقات المشبوهة، وتيقني أن هذا الطريق وإن كانت بدايته جميلة، لكن ينتهي إلى خسارة عظيمة، وخزي في الدنيا وحسرة وندامة في الآخرة، ولا تثقي بأحد مهما أظهر لك حسن النية وخاطبك بالألفاظ الحسنة وعبارات الحب والغرام.

10- تواصلي مع والديك وإخوانك وقوي صلتك بهم، وتحاوري معهم وأوصلي لهم شكواك بطريقة لبقة ومناسبة، ولا تنتظري منهم العطاء وتقتصري على اللوم والشكوى، بل أنت بادريهم المشاركة واعتني باهتماماتهم ومواضيعهم، ولو كانت تافهة.

إنهذه الأمور مجتمعة إذا ما تم تطبيقها، فإننا، بإذن الله، قد قمنا ببناء سياجآمن وحصن منيع يحفظ أبناءنا وبناتنا من الوقوع في براثن الفراغ العاطفي، والذيبدوره يؤدي إلى نشوء جيل حائر تائه لا يفيد نفسه ولا مجتمعه، وهذه هي مسئوليتنا جميعًا،آباء وأمهات ومربين.