logo

الامتحانات وفرحة يوم الحصاد


بتاريخ : السبت ، 10 شعبان ، 1438 الموافق 06 مايو 2017
الامتحانات وفرحة يوم الحصاد

ابنتي القارئة، مرحبًا بكِ.

هل تذكرين مشاعر الفرحة الكبيرة في السنوات الأولى من دراستك، ليس فقط في اليوم الأول للدراسة، ولكن في أيام الاختبارات أيضًا، كانت بهجتها تربو على رهبتها بكثير، كانت أشبه ما تكون بمشاعر الفلاحين يوم الحصاد!

ولا عتب عليكِ في القلق الطبيعي؛ خوفًا على ما بذلتِ من جهد أن يتبدد، أو تقل علاماتك الدراسية عمّا تتوقعين، أما أن يكون التوتر الشديد ملازمًا لكِ في الامتحانات فهذا هو ما نحدو بكِ للتغلب عليه، خاصةً وأن الدراسات التربوية قد أثبتت أن شدة التوتر قد تكون معوقًا للطلبة عن التحصيل الدراسي، وعن الأداء الجيد في الامتحانات.

لماذا أذاكر وأتفوق؟

قد تقفز إلى رأسك تلك الأسئلة المُخذِّلة كلما اقترب موعد الامتحان، وفي الإجابة خيرٌ عميمٌ لو تعلمين، فأجيبي نفسك: لهذه الأسباب أذاكر.

- لله تعالى: طلبًا لمرضاته ونيل الأجر العظيم لطالب العلم النافع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم...» [صححه الألباني].

- لوالديّ وأسرتي: فنجاحي وتفوقي هو أكثر ما يسعد والديّ وتفتخر به أسرتي.

- لنفسي :فالتفوق طريق يوصلني سريعًا لأهدافي النبيلة، فمياه النهر لا تعود إلى الوراء ولا إلى منابعها أبدًا، وإنما تمضي قدمًا إلى مصبها في طريق محتوم، وهذه هي سُنَّةُ الله في خلقه، قال تعالى: {إنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.

- لأؤكد ذاتي: فالإنجازات الرائعة وتحقيق الأهداف على أرض الواقع، هي مرادفات النجاح التي تمنح المرء الثقة بالنفس، والدافعية للمزيد من الإنجاز والتقدم.

- لأمّتي المسلمة: التي هي الآن بحاجة لكل ناجح، ولمزيد من الأقوياء المتفوقين، قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز» [صحيح مسلم، حديث رقم (2664)].

أيتها الحبيبة، لا تعلُّم بلا اختبارات:

فالامتحان هو سبيل توثيق المعارف والعلوم في أذهان المتعلمين؛ فمنذ أن عُرِف العلم عُرِف الامتحان، بدءًا بالأنبياء والرسل، وهم حملة أشرف العلوم، علم الوحي والنبوة الذي تلقوه وحيًا عن رب العالمين، ثم باقي العلوم الدينية والدنيوية لا بد لتعلمها من امتحانٍ كذلك، فها هو نبينا صلى الله عليه وسلم يدارس جبريل الأمين القرآن الكريم كل عام في رمضان؛ أي يراجعه ويؤكد حفظه، فعن فاطمة رضي الله عنها قالت: «أَسرّ إليّ رسول الله أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي» [متفق عليه].

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل عليهما السلام، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، قال: فلَرسول الله حين يلقاه جبريل أجود من الريح المرسلة».

ولا زال العلماء من بعده يمتحنون الطلبة ويسمعون لهم ما يحفظونه غيبًا، ليثبتوا علمهم، فأهمية الامتحان، إذن، في قياس الجهد المبذول طوال العام، حتى لا يخدع المرء نفسه، وحتى لا يتساوى المجتهد مع الكسول.

أبشري، فمعظم المخاوف تتبدد!

معظم الطلبة والطالبات يعانون من ذلك الخوف المبالغ فيه كلما اقترب موعد الاختبارات، في حين أثبت علماء النفس، من خلال الأبحاث التي أجريت بهذا الشأن، أن 93% من مخاوفنا غير المبرّرة، والتي تؤرقنا ونفكر فيها باستمرار، لا تحصل على أرض الواقع!!

فما عليك إلا صدق التوكل على الله تعالى، وبذل ما في وسعك من الأسباب، ولن يضيعك الله أبدًا، قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:51].

وإليكِ هذه النصائح في أيام الامتحانات:

- احرصي على التفوق وليس مجرد النجاح، فالحرص على التفوق والارتقاء المستمر من المعاني الملازمة لشخصية الفتاة المسلمة. [د. عبد الكريم بكار، بناء الأجيال، ص47، بتصرف].

- ثقي بنفسك وقدراتك، فأي تجربةِ فشلٍ مرت بك لا تجعليها حاجزًا أمام تفوقك، ولكن فكري في إحراز النجاح ولا تفكري في الرسوب أو الفشل؛ فالنجاح رائع، وأروع منه إحرازه بعد الاجتهاد والمثابرة.

- فكري كيف تحصلين على الدرجات العالية، وكيف تنجحين في جميع المواد، واتركي (لماذا؟!) لماذا أنا ضعيفة؟ ولماذا صديقاتي يحققن الامتياز وأنا لا؟ لأن (لماذا) تبعث في النفس الفشل والندم وعدم الثقة في النفس، بينما (كيف) تدفع إلى العمل والإنجاز.

- احذري رفيقات السوء المخذّلات، اللاتي لا يشددن من عزمك ويحثونك على اللعب واللهو، ويقولون: لا فائدة من الدراسة، ويحثونك على الغش في الاختبار، هؤلاء هم رأس الفشل فاحذريهن.

لا تصحــب الكسلان في حالاته       كــــــم صــــالح بفســــاد آخــــر يفــــسد

عدوى البليد إلى الجليد سريــعة       كالجمر يوضع في الرماد فيخمد

- تعرفي على طريقة وضع الأسئلة من خلال مراجعة الامتحانات الفصلية السابقة للمادة، وعلى أي النقاط يكون التركيز، واحرصي على حصص المراجعة، فغالبًا ما تحتوي على التوقعات والدروس الهامة في المقرر.

- تقربي إلى الله في كل الأوقات، وليس في الاختبارات فقط، أما سمعت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة»، تعرفي على الله بالصلاة في أوقاتها وقراءة القرآن ومداومة ذكره، فهي كفيلة بإزاحة الهم عن قلبك والقلق عن نفسك، وبث الطمأنينة في نفسك.

- حافظي على النوم مبكرًا، بعد صلاة العشاء، والاستيقاظ مبكرًا بعد صلاة الفجر، فأفضل وقت للمذاكرة الصباح الباكر، أما السهر فإنه يؤثر على كفاءة الدماغ ويتعب البصر والجسم فيتشوش التركيز عند الاختبار، وإياك والملهيات التي تسرق وقتك وطاقتك وربما دينك؛ وبالتالي نجاحك. [حنان الطوري، الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة، ص123، بتصرف].

- الامتحان لا يعني الانتحار بذلًا للجهد؛ فخذي فترة راحة بين ساعات المذاكرة، تتناولين فيها كوبًا من عصير الفاكهة الطازجة، فهو مقوٍّ للتركيز ومنشط للذاكرة، وقد بينت الدراسات أن بعد كل نصف ساعة دراسة يجب أخذ ثلاث دقائق راحة؛ حتى لا تشعري بالإرهاق وتجددي نشاطك.

- في يوم الاختبار: احضري مبكرًا، خذي نفسًا عميقًا فهو يخفف الارتباك والتوتر، ابدئي بذكر الله تعالى، واللجوء إليه بالدعاء "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلًا".

- اقرئي ورقة الأسئلة بتمهل وتركيز، وقومي بإحصاء المطلوبات في رأس كل سؤال، ليسهل عليك التأكد سريعًا أثناء المراجعة من أنك وفّيت كل مطلوب فيه.

- ابدئي بالأسهل، حسِّني خطك ونسقي ورقة إجابتك فهو دليل على ثقتك بنفسك، ثم راجعي إجابتك قبل تسليم الورقة.

- قبل النوم كرري عبارات إيجابية؛ مثل: "أنا متفوقة - الاختبار سهل- سأنجح إن شاء الله - أنا واثقة من نفسي ومتوكلة على ربي - الله يكفيني - الله معي يسددني ويرعاني {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}"، ثم أجيبي نفسك: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.

وفي صباح يوم الامتحان.

تمثّلي فرحة الفلاح وهو ذاهب إلى حقله صبيحة يوم الحصاد، هل هناك من هو أسعد منه الآن؟ ليس هناك من هو أسعد منه حالًا إلا من سارت حياته على شاكلته من الكدّ والتعب.

فتنفسي نسائم الفرح بالإنجاز مقدمًا وأنتِ تسيرين في الطريق، واثقةً في أن الله تعالى لا يضيع عمل المحسنين.

______________

المراجع:

- بناء الأجيال، د. عبد الكريم بكار.

- ملف الامتحانات من موقع: صيد الفوائد، شبكة الإنترنت.

- الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة، حنان عطية الطوري.

- محاضرة: نصائح لأبنائنا في الاختبارات، الشيخ محمد المنجد.