logo

المرأة المسلمة والمكر الغربي الخبيث


بتاريخ : الاثنين ، 11 شعبان ، 1446 الموافق 10 فبراير 2025
المرأة المسلمة والمكر الغربي الخبيث

 

لما قامت طالبان بتحرير البلاد من المحتل الأمريكي بعد عشرين عامًا من الصراع والحرب والقتال والدماء، لم يكن للغرب شاغل يشغله غير حقوق المرأة الأفغانية، فالحجاب الذي يحفظ كرامتها ويصونها من الذئاب الماكرة، لم يكن ليعجب الغرب المتحلل العاري من كل فضيلة، فأخذ يهرطق بكل طريقة مدعيًا التعاطف مع المرأة الأفغانية، في حين لم نشعر بهذا التعاطف للمرأة الأفغانية في السجون الأمريكية يوم كان الاحتلال والاجرام، وما قصة سجون أبو غريب أو جوانتاناموا خافية عن عاقل. 

واليوم ومع سقوط طاغية الشام، رأينا نفس السيناريو يتكرر وكأنهم لا هم لهم إلا هذا، ولا يشغل بالهم إلا قضايا المرأة والأقليات، والعجيب أن تجد من يصدق هذا الشعور الكاذب والمكر الخبيث.

ولننظر نظرة سريعة على بعض الأخبار، وكيفية تناول الخبثاء لموضوع الحجاب فقط.

هل هناك مخاوف لدى المرأة السورية بشأن مستقبلها في ظل القيادة الجديدة للبلاد؟ تغطية مفتوحة على قناة الغد. 

قيادة الجولاني وحقوق المرأة.. هواجس ما بعد "نشوة" الإطاحة بالأسد، مدار 21.

مظاهرة في دمشق تطالب بدولة مدنية واحترام حقوق المرأة، الشرق. 

مخاوف النساء في دولة الجولاني، بوابة الشروق 

توقيف نساء لعدم وضعهن الحجاب في أفغانستان، مونت كارلو. 

حقوقيون أفغان: نعيش وأدًا جديدًا للفتيات.. وأيام حالكة في انتظار النساء، القاهرة الاخبارية. 

طالبان تعتقل نساء بسبب "الحجاب السيئ"، سكاي نيوز 

في حين نجد في الغرب المرأة التي تحولت إلى مجرد أداة للاستمتاع وسلعة للاتجار، إلا أنه لا يزال الكثير من المخدوعين المسلمين الذين ينادون بأن تكون المرأة المسلمة كالمرأة الغربية، بزعم أن ذلك هو النموذج الأفضل للحرية والشكل الأمثل للحفاظ على الحقوق المهدرة للمرأة. 

ونسي هؤلاء ذلك التكريم الذي منحه الإسلام للمرأة، وتلك المكانة العظيمة التي احتلتها في تاريخ الإسلام بكل حقبه، فأجهدوا أنفسهم بحثًا عن كل ما هو سيء ومشين ليلصقوه بالإسلام وقيمه، مع أنهم يعرفون جيدًا أن ذلك ليس إلا تصرفات تعبر عن أصحابها الذين إما أنهم جهلوا حقيقة الإسلام أو ابتعدوا بسلوكهم عنه. 

يقول د. هنري: على حائط مكتبي صورتان، الأولى صورة امرأة مسلمة تلبس البرقع – النقاب أو الغطاء أو الحجاب – وبجانبها صورة متسابقة جمال أمريكية لا تلبس شيئًا سوى البكيني، المرأة الأولى تغطت تمامًا عن العامة والأخرى مكشوفة تمامًا، هكذا كانت مقدمة المقالة والتي تعتبر مدخلًا لعرض نموذجين مختلفين في التوجهات والسلوكيات.

حرب متعددة الأهداف:

يشير الكاتب إلى الدوافع الخفية لحرب الغرب على الأمة العربية والإسلامية؛ موضحًا أنها حرب ذات أبعاد سياسة وثقافية وأخلاقية، إذ أنها تستهدف ثروات ومدخرات الأمة، إضافة إلى سلبها من أثمن ما تملك: دينها، وكنوزها الثقافية والأخلاقية، وعلى صعيد المرأة فاستبدال البرقع وما يحمله من قيم بالبكيني كناية عن التعري والتفسخ، يقول الكاتب: دور المرأة في صميم أي ثقافة، فإلى جانب سرقة نفط العرب فإن الحرب في الشرق الأوسط إنما هي لتجريد العرب من دينهم وثقافتهم واستبدال البرقع بالبكيني. 

دفاعًا عن القيم:

يمتدح د. هنري القيم الأخلاقية للحجاب أو البرقع، أو ما يستر المرأة المسلمة فيقول: لست خبيرًا في شئون النساء المسلمات، وأحب الجمال النسائي كثيرًا مما لا يدعوني للدفاع عن البرقع هنا، لكني أدافع عن بعض من القيم التي يمثلها البرقع لي، ويضيف قائلًا: بالنسبة لي البرقع (التستر) يمثل تكريس المرأة نفسها لزوجها وعائلتها، هم فقط يرونها وذلك تأكيدًا لخصوصيتها. 

المسلمة مربية أجيال:

ويشيد الكاتب بمهمة ورسالة المسلمة والمتمثلة في حرصها على بيتها واهتمامها بإعداد النشء الصالح فيقول: تركيز المرأة المسلمة منصب على بيتها، العش حيث يولد أطفالها وتتم تربيتهم، هي الصانعة المحلية، هي الجذر الذي يُبقي على الحياة الروح للعائلة ... تربي وتدرب أطفالها ... تمد يد العون لزوجها وتكون ملجأ له. 

وماذا عن المرأة الأمريكية؟

بعد الانتهاء من شرح الصورة الأولى التي على مكتبه وهي صورة المرأة المسلمة ينتقل د. هنري إلى الصورة الثانية فيقول: على النقيض، ملكة الجمال الأمريكية وهي ترتدي البكيني فهي تختال عارية تقريبًا أمام الملايين على شاشات التلفزة ... وهي ملك للعامة ... تسوق جسمها إلى المزايد الأعلى سعرًا ... هي تبيع نفسها بالمزاد العلني كل يوم.

ويضيف: في أمريكا المقياس الثقافي لقيمة المرأة هو جاذبيتها، وبهذه المعايير تنخفض قيمتها بسرعة ... هي تشغل نفسها وتهلك أعصابها للظهور (1).

إن ما يصلح المجتمع هو المرأة التي يتكامل فيها الجانب العملي مع الجانب الأنثوي أو الجانب الوظيفي الحياتي مع الجانب الغريزي، وإن المرأة حين تقف إلى جانب الرجل في المعمل أو المخبر أو الوظيفة فهي تزاحمه بإنسانيتها وكفاءتها وليس بأنوثتها، وأنوثتها تظل ورقة مخفية مدخرة لا تمنحها للرجال إلا في الإطار المشروع، إطار البناء المشترك والمساواة والندية.

بينما المرأة السافرة الفاتنة ترمي بلحمها وشحمها أمام الكلاب الجائعة، والذئاب الغادرة، والثعالب الماكرة، وهي بسفورها ومفاتنها تدفع بكفاءتها وإنسانيتها وفاعليتها إلى الوراء وتدفنها في الأعماق، وذلك لأن صوت الغريزة واللذة أقوى من صوت العقل – غالبًا– وأقوى من صوت الحرية والتحضر والضمير والأخلاق، هذه الشعارات الجوفاء التي تنادي بها العلمانية.

إن المرأة المسلمة بحجابها تحتكر أنوثتها وتمتلكها ولا تبددها في عالم الرجال، إنها تنطوي في داخلها على سرٍ يجب أن يظل مطمحًا لعالم الرجولة، تهفو إليه الرجولة، فلا تنال منه إلا بقدر ما يتحقق من سعادة وكرامة إنسانية مشتركة. 

إن في المرأة جانبان: جانب عملي إنساني مشترك بينها وبين الرجل؛ وهو دورها في الحياة والبناء والإعمار والمشاركة والعمل والعلم والإبداع. 

وجانب آخر هو أنثوي غريزي تميزت به المرأة عن الرجل، وزودها الصانع عز وجل بمكونات الأنوثة؛ فهي أم حنون، وزوج رؤوم، وأنثى لعوب، والإسلام لا يريد لأيٍ من الجانبين أن يطغى على الآخر، فلا يريد المرأة المترجلة التي تكبت أنوثتها وتتحول إلى كائن قاس عنيف جلف. 

إن هناك مشكلة يعاني منها الغرب بسبب العري والسفور والخلاعة فحيثما اتجه الإنسان يجد أمامه نساءً كاسيات عاريات مائلات مميلات، وهذا فجّر لديه الغريزة الجنسية، ولم يتمكن من كبحها لأنها ثارت فهاجت فانفجرت، ومع طول العهد والاعتياد للمناظر الفاتنة المغرية الفاضحة، ومع طول الانغماس في الإباحية والشهوات تحول الأمر إلى مشكلة أخرى لم تكن في الحسبان، فبالإضافة إلى الأمراض الجنسية الكثيرة التي انتشرت نتيجة للعري والسفور ظهرت مشكلة البرود الجنسي، فلم يعد الرجل يميل إلى المرأة لأنها أنثى تثيره بضحكها أو بمشيها أو بقوامها أو بأنوثتها، ولم يعد يثيره فيها إلا الترميز الجنسي بكافة أشكاله وممارساته، ولذلك أخذ الإنسان الغربي يتفنن في اختراع المثيرات والمرغبات الجنسية المقززة، والتي تعافها الفطرة السليمة. 

وحين يقضي كل منهما وطره من الآخر يشعر بتفاهة اللذة، وانعدام المعنى، وعدمية الوجود، إذ أقصى ما يطمحان إليه قد بلغاه، فإذا هو جدارٌ صلبٌ تصطدم به السعادة، وهنا نلاحظ منفعة الحجاب؛ إذ هو يكشف لنا أن وراء اللذة بعدًا روحيًا نسمو إليه، يخترق ذلك الجدار الصلب، وهو من حيث لا نشعر يحقق توازنًا بين الشهوة والحب، أو قل بين اللذة والمسؤولية، أو قل بين الرسالة والمتعة.

إن المجتمع الذي تحتجب نساءه مجتمع لا يعاني مطلقًا من الأمراض الجنسية، ولا يعاني رجاله مطلقًا من البرود الجنسي؛ لأن المرأة المحجبة تحفظ لزوجها طاقته الجنسية وتعينه على تجديدها بشكل مستمر في لحظات انحجابها وانكشافها أمامه، يقول أحدهم: إنه يشعر بتجدد في علاقته مع زوجته كلما ارتدت حجابها وخرجت معه في نزهة أو زيارة، وإنه يشعر كأنه يراها لأول مرة حين يعودان إلى البيت فتخلع لباسها أمامه (2). 

من هنا كانت برامج وخطط المفسدين عبر قرون من السنين موجهة إلى هذا الكيان القوي الطاهر لتحطيمه وزعزعته، والقضاء على معاني الفضيلة فيه، ومن تأمل جهود أولئك في عدد من البلاد الإسلامية المجاورة رأى عملية التدرج في إفساد المرأة وخلطها بالرجل، ونبذها لحجاب الظاهر والباطن، وكانت في يوم من الأيام مضرب المثل في الحشمة والعفة والستر والحياء. 

وهكذا خطوات الشيطان وعملائه في البلاد الإسلامية، ولا يسلم من هؤلاء بلد أو مكان، سنة اللَّه تعالى في التدافع والصراع بين الحق والباطل، ولم نسلم في هذه البلاد الطيبة ممن هم من بني جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم قلوب الذئاب، يتباكون على وضع المرأة عندنا وظلمها، وعزلها عن شؤون الحياة، ومنعها من العمل، نعم الظلم والاحتقار وأكل الأموال وحقوق المرأة ممنوع شرعًا، ومرفوض طبعًا، ولكن ليس هذا حقيقة مطلبهم وغايتهم، ولكنهم يريدون أن يرسخوا في المجتمع أنموذج أسيادهم من الغربيين في إزالة الفوارق والفواصل والاعتبارات مطلقًا بين الرجل والمرأة (3). 

إن شعار الحقوق والحريات التي يرفعه هؤلاء في حربهم ضد الإسلام هو ستار يختبئون وراءه، يرفعونه إذا وافق مصالحهم ويدمرونه إذا خالفها، من هنا فالمرأة إذا أحبت أن تظهر عارية في الشارع فلا مانع من ذلك، ولا يحق لأحد أن يعترضها، أما إذا اختارت بحرية أن تتحجب وتلتزم بزي معين فهذا يعد ظلمًا وتجنيًا على الحريات. 

إن مثل هؤلاء الأشخاص الذين يدَّعون حماية الحريات -وقد كذبت هذه المقولة- لا يصدقون أن هناك طرف آخر لا يؤمن بما يؤمنون ولا يريد ما يريدون؟ ولا يصدقون أن الحجاب لا بل النقاب يمكن أن يكون خيارًا شخصيًا نابعًا عن إيمان بالله ورغبة في طاعته، وهو يشكل عند كثيرات أمان وراحة لم يجدونه في حالة السفور والتكشف، إحدى المنقبات حديثًا سئلت يومًا عن شعورها بعد أن تنقبت؟ فقالت: إن شعوري بحريتي قد ازداد بعد ارتدائي النقاب، فلقد كانت كل تعابير وجهي، سخطي، فرحي، حزني يراها الآخرون ولا أستطيع أن أخفيها، أما الآن فأنا أرى كل الناس من وراء حجابي ولا أحد يراني. 

إن اختيار المرأة الحجاب بطواعية أمر يعجز عن فهمه الأعداء والأحباب على حد سواء، فإذا كانت المرأة فيما سبق قد عانت من ظلم الرجل وتجهيله لها، فإن هذا الأمر لا ينطبق على بعض مجتمعاتنا الإسلامية اليوم التي منحت المرأة حرية واسعة جعلتها تصل إلى أعلى المراتب العلمية والعملية والتي مكنتها من اقتحام مجالات عمل كانت دومًا محتكرة من قبل الرجل. 

إلا أن كل هذا النجاح لم يمنع كثيرات من النساء المسلمات من الالتزام بالحجاب الذي بلغ إيمان النائبة "مروة قاوقجي" به حدًا جعلها تتحدى به أكبر دولة علمانية، وتدخل مستترة به إلى صرح البرلمان التركي، وتعلن أمام الجميع تمسكها واعتزازها بهذا الحجاب الذي كان من نتيجة رفضها التخلي عنه أن جازفت بفقدانها هويتها الوطنية. 

لماذا لا يدخل هؤلاء إلى أحياء بيروت الفقيرة، وينقلوا المأساة الحقيقية، مأساة الفقر والجوع الذي يعيشها الألوف من العائلات وليس النساء فقط؟ لماذا لا ينظر إلى الإحصاءات التي تتم في الدول الغربية والتي يتم فيها ضرب المرأة وظلمها وقتلها من أشخاص متعلمين مثقفين؟ لماذا لا يدخل هؤلاء إلى مجتمعاتهم ويلحظوا وجود بعض الصرخات في أوساط النساء أنفسهن اللواتي تطالبن بعودة المرأة إلى البيت، وتأمين حياة كريمة لها، وتجنيبها ذل المهانة والسؤال؟ لماذا ولماذا؟ ثم لماذا لا تحصر المشكلة إلا في قطعة القماش التي لم تفرضها طالبان أو المعارضة في سوريا، ولم تفرضها أي جهة إسلامية متشددة؛ إنما فرضها الله عز وجل الذي لا تملك المرأة إن كانت مؤمنة إلا أن تستجيب لها؟ 

إن الموقف الغربي من الحجاب لا يمكن تفسيره إلا كلون من الحسد الحضاري، فلماذا المرأة المسلمة لا تزال تحتفظ بعفتها وإنسانيتها؟! لماذا لا تنخرط فيما انخرطت فيه المرأة الغربية من إباحية ومجون؟ أليس الغرب اليوم هو الذي يقود زمام الحضارة؟ ألا ترى المرأة المسلمة كم تقدم الغرب وتفوق؟ لماذا تصر على التحدي والمقاومة؟ لماذا لا تقبل الانصهار في الأنماط الغربية للممارسة الوجودية؟ لماذا تصر على الاستقلال في وجودها وكيانها ورؤيتها وتفكيرها؟ لمَ كل هذا الإصرار على الهوية في عصر العولمة أو قل الأَوْربة أو الأَمْركة؟  لمَ كل هذا التزمت والتعصب؟ 

فلتخرج إذن من بلادنا أو لتلبس لباسنا ولتتحلل كما تحللنا {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف: 82]. 

أجل إن التطهر قوة، والعفة قوة، والمنحرف يتمنى أن لو كان الناس جميعًا مثله حتى يتخلص من عقدة النقص والشعور بالغربة، فهو لا يحب أن يرى أناسًا يتمتعون بقوة الإرادة وهو ضعيف، ولا أناسًا سعداء وهو شقي، ولا يريد أن يرى أناسًا يقاومون تيار الانحراف في الوقت الذي انخرط هو فيه، يريد أن ينجرف الجميع (4). 

فالواجب هو دفع منكرات الإعلام كل بما يستطيع، بالحوار الهادئ، والمناصحة المشفقة، والكتابة المؤصلة، والردود العلمية، ومن لا يستطيع هذا ولا ذاك فليبتعد عن الشر وأهله، ومواطنه المقروءة والمرئية لئلا يغتر وينجر فيضل ويضل، واللَّه وحده الهادي إلى سواء السبيل. 

ولا ننسى أهمية التربية على الفضيلة في البيوت والمدارس، هي واجبات كل مسلم وكل مسؤول، خاصة في مثل هذا العصر الذي يحارب فيه الإسلام باسم الحرب على الإرهاب، ويطالب الغرب النصراني بتغيير المناهج وطمس هويتها، فهل في هذه المرحلة يحلوا لبعضنا الاسترخاء والتكاسل، وعدم الجدية أو عدم الشعور بخطورة المرحلة التي نعيشها، فلا ترى منه حسن قوامة ولا حسن رعاية للمرأة والأسرة كافة، إن اليهود يربون صغارهم على كره المسلمين والاستعداد لقتالهم وإخراجهم من فلسطين، فماذا نحن وهمومنا مع صغارنا وكبارنا من البنين والبنات؟ 

فحين يكون الانتماء لهذا الدين، وحينما يكون الحجاب والفضيلة عقيدة راسخة، فإن ذلك لا يسقط مهما سلط عليه من أدوات التحطيم والتحجيم والتغريب، إن الذين سقط عندهم الحجاب، هم أولئك الذين اعتبروه من العادات والتقاليد، حينها لم يصمدوا أمام رياح التغيير، لأن التقاليد الخاوية من الروح عرضة للسقوط إذا اشتد عليها الضغط، فهل مدافعتنا الآن عن مكتسباتنا التربوية والتعليمية والأخلاقية، دفاع عن عادات وتقاليد، حينها سنخسر الرهان، ونهزم في معركة المبادئ كما خسر غيرنا. 

أم أننا ننطلق من ثوابت شرعية، ونعطي القضية أبعاداً دينية وقيمية، حينها نعمل ولا نكل ونسعى ولا نمل. 

فالعقيدة الحية المتمكنة من القلوب لا تقهر، ولا يتخلى عنها أصحابها مهما وقع عليهم من الضغوط، وإن الاستعلاء بالإيمان والعلم الشرعي يقي الناس من الذوبان في عدوهم، ولو انهزموا أمامه في المعارك الميدانية، والغنى النفسي الذي يحدثه الإيمان الحق باللَّه تعالى يجعل المسلم فردًا ومجتمعًا ودولة، يشعر بالاكتفاء الذاتي، بعيدًا عن الابتذال والتسول من عالم القيم المنحطة، وما كان الغزو الفكري يتسرب إلى نفوس المسلمين لو كانوا على إسلام صحيح، ولما جرنا الغرب إلى أمركة الحياة والمجتمع، واعتبار ذلك حتمية حقيقية كما يصوره اليهود للبشرية، ليدفعوها في المسار الذي أغرقوها به، وحين انجرفت أوربا في تيار التطوير اليهودي فذلك لخوائها من العقيدة الصحيحة التي تصلح للحياة . 

أما نحن المسلمين فنحن قادرين وجديرين أن نصمد ولا نهزم في معارك القيم والأخلاق، وهذا هو ما سجله التاريخ عن أمة الإسلام في سالف عصورها، فهل نبقى على تلك الصفة ليتحقق لنا ذلك المجد، نعم يتحقق لنا ذلك بإذن اللَّه إذا وفينا بالشرط الرباني، قال تعالى: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: 120] (5).

----------

(1) الفتاة المسلمة في عيون أمريكي متحرر/ صيد الفوائد.

(2) الحجاب يتحدى/ صيد الفوائد.

(3) ماذا ينقمون على المرأة في ظل الإسلام/ الكلم الطيب.

(4) الحجاب يتحدى/ صيد الفوائد.

(5) ماذا ينقمون على المرأة في ظل الإسلام؟ صيد الفوائد.