معالم في المنهج التربوي النبوي
تزخر الساحة الآن بالعديد من العاملين في العمل التربوي، كل يدلو بدلوه في التأليف أو التدريب أو مباشرة العمل بنفسه، وكل إنسان يستطيع أن يضع لنفسه من الخطط والأهداف ما يتمكن به من الوصول للغاية التي يريدها مع من يمارس معهم التربية.
لكن النبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل من ربى، وأعظم من قاد، وأجل من خطط ودبر؛ بل كان تخطيطه أعظم تخطيط عرفته البشرية، لا في مجال التربية فقط؛ بل في كل مجالات الحياة، ولأننا بصدد موضوع هام وحيوي في بناء الأمة ونشأة المجتمع، كان علينا أن نأخذ معالم هذا الفن من أعظم مربٍ عرفته البشرية، ولأنها منهج عملي مدعوم بوحي الله تعالى الخالق سبحانه: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14].
لذا جاءت هذه المعالم لتكون للبشرية كلها ضياءً ينير لها السبيل، ويرسم لها الطريق، متنوعة بتنوع البشر، واختلاف العقول والبيئات.
وكم نحن بحاجة للوقوف أمام هذه المعالم النبوية وتمثلها في حياتنا وسلوكنا؛ إذ هي السر في تميز الرعيل الأول رضي الله عنهم أجمعين.
المعلم الأول: سلامة وصول المعلومة:
عن البراء بن عازب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: »إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك، فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به«.
قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، قلت: ورسولك، قال: «لا، ونبيك الذي أرسلت»(1).
هكذا لم يسمح بتبديل لفظ (نبي) بلفظ (رسول(، فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم التمسك باللفظ.
وفي التمسك باللفظ يتبين أن منهج الأمة هو الحفاظ على اللفظ عند إمكان ذلك، فقد روى الخطيب بسنده إلى أبي جعفر محمد بن علي رحمه الله تعالى قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزيد فيه ولا ينقص.
يعني: هنا ينقل لنا قاعدة عن الصحابة، وهو منهج لم ينفرد به البعض حتى نقول: إنها أمثلة قليلة مثلًا، أو مواقف شخصية، أو تحوط زائد من بعض الصحابة، لا، إنما كان هذا منهجًا عامًا عند جميع الصحابة، ما دام يمكن الأداء باللفظ كما هو(2).
المعلم الثاني: الصبر وسعة الصدر:
أجمع المختصون بأن الظاهرة الإنسانية ظاهرة معقدة، وأن البحث فيها تكتنفه صعوبات عدة؛ فكيف بالتعامل المباشر مع الإنسان والسعي لتقويمه وتوجيه سلوكه؟ ذلك أن الناس بشر، لا يحكم تصرفاتهم ومواقفهم قانون مطرد؛ فتراه تارة هنا وتارة هناك، تارة يرضى وتارة يسخط.
ومن يتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يرى كيف صبر وعانى حتى ربى هذا الجيل المبارك؟ وكم فترة من الزمن قضاها؟ وكم هي المواقف التي واجهها؟ ومع ذلك صبر واحتسب، وكان طويل النفس بعيد النظر، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
إن البشر مهما علا شأنهم فلن يصلوا إلى درجة العصمة، وهل هناك من هو أعلى شأنًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا الأنبياء.
فها هم يتنزل فيهم في بدر: {لَوْلا كِتَابٌ مِّنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال:68]، وفي أُحُد: {مِنْكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ} [آل عمران:152]، وفي حُنَين: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} [التوبة:25].
وكان يخطب فجاءت عير، فتبعها الناس، فنزل فيهم قرآن يتلى.
ومع ذلك يبقى هذا الجيل وهذا المجتمع هو القمة، وهو المثل الأعلى للناس في هذه الدنيا، ولن تكون هذه المواقف سببًا للحط من شأنهم ومكانتهم رضوان الله عليهم.
وذلك يفرض على المربي أن يكون طويل النفس، صابرًا، عالي الهمة، متفائلًا.
سأله رجل ذات مرة: يا رسول الله، أستأذن على أمي؟ فقال: «نعم»، قال الرجل: إني معها في البيت، قال: استأذن عليها، قال الرجل: إني خادمها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: »استأذن عليها؛ أتحب أن تراها عريانة؟»، قال: لا، قال: «فاستأذن عليها»(3).
هكذا بصدر رحب، وإنسانية ضافية، يقنع الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل مثيرًا فيه عاطفة البنوة، التي تكره وترفض أن ترى من الأم ما يسيء إليها وإليه.
فكان اتساع صدره صلى الله عليه وسلم لأسئلة المسلمين، أيًا كان نوعها ووجهتها، وحرصه على الإجابة عليها، معلمًا من أهم معالم منهجه في تربيتهم(4).
المعلم الثالث: القدوة الطيبة والأسوة الحسنة قولًا وفعلًا:
من معالم المنهج النبوي في التربية وغرس القيم في النفوس، وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان قدوة عملية صالحة للمسلمين، ما نهى عن شيء وأتاه، وما أمر بشيء إلا وكان أسرع الناس إلى القيام به.
قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: إنا كنا إذا حمي البأس، واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، وقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا.
وفي الخندق كان يحفر مع أصحابه، ويحمل معهم التراب، والغبار يغطي وجهه ولحيته.
وثبت في أحد، وليس معه من المسلمين إلا عدد يُعد على أصابع اليد الواحدة، وجُرح وكُسرت رباعيته، ومع ذلك تمكن من قتل رأس الكفر أُبيّ بن خلف.
وفي حُنين ثبت بمفرده ينادي المسلمين المفزوعين الذين كان الزهو قد اشتد بهم لكثرتهم، فلم تغن عنهم شيئًا: أين أيها الناس؟ هلموا إلي، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله.
بالقدوة الحسنة استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يغرس قيم الإسلام في نفوس أصحابه، وأن يعمق في نفوسهم حب الحق والخير والشجاعة والوفاء والإخلاص، وليس هناك ما يهز الإيمان بالقيم الإنسانية مثل الانفصام بين الداعية والمدعوين، بين المعلم والمريدين، بين الدعوة والتنفيذ، بين القول والعمل، وهذا ما نعاه الله سبحانه وتعالى على بني إسرائيل إذ قال: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44].
والداعية حين يكون قدوة حسنة للناس فيما يدعو إليه، إنما يقدم بذلك الدليل العملي على واقعية الدعوة، وقدرة الناس على أخذ أنفسهم بها، فيسعى الناس إليها هرولة، ويزداد المؤمنون بها إيمانًا، وكم أخفقت دعوات، على بريقها، ورواء مبادئها؛ لأن قياداتها ودعاتها لم يكونوا للناس أسوة وقدوة، فكانوا كبني إسرائيل، أمروا الناس بالبر ونسوا أنفسهم(5).
المعلم الرابع: التبشير دون التنفير، والتيسير دون التعسير:
التيسير في الإسلام سمة عامة لو تعمقنا في أركان الإسلام، وفي العبادات، وفي هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي ما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا.
فعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا، ولا تنفروا»(6).
وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185]، والآية نص صريح في أن شريعة الله تعالى يسر لا عسر فيها بوجه من الوجوه، ولهذا ذكر أهل العلم أن كل أمر أدى إلى العسر والمشقة فهو مرفوع عن الأمة، وكل ما فيه حرج فهو مرفوع عنهم، فإذا ضاق الأمر اتسع، والمشقة تجلب التيسير.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيًا بال في المسجد، فثار إليه الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوه، وأهريقوا على بوله ذنوبًا من ماء، أو سجلًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين»(7).
بل هذا من صفاته صلى الله عليه وسلم، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ:28]، {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف:157].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: زرت قبل أن أرمي، قال: «لا حرج»، قال: حلقت قبل أن أذبح، قال: «لا حرج»، قال: ذبحت قبل أن أرمي، قال: «لا حرج»(8).
المعلم الخامس: التعامل مع المخطئ:
الأخطاء موجودة في كل مجتمع، حتى المجتمع النبوي، فقد وقع في الزنا ماعز، وكذلك المرأة الغامدية، فكيف واجه النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخطأ؟ يأتي ماعز، والغامدية، فيقول: لعلك قبَّلت، لعلك غمزت، لعلك لعلك...؛ حتى يعترف الرجل ويُصر على اعترافه، فيقيم عليه الحد، وكذلك الغامديةقال لها: لعلَّكِ لعلَّك...، تقول: تريد أن تردني كما رددت ماعزًا، يا رسول الله، والله، إني لحبلى من الزنا، فيقيم عليها الحد بعدما ولدت وفطمت، فلما نال منها رجل قال له النبي صلى الله عليه وسلم: »والله، لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له«، وفي رواية: «لقد تابت توبة لو وزعت بين سبعين من أهل المدينة لغفر لهم»(9).
فأصل الاعتقاد في التجاوز عن الأخطاء أن الإنسان يعتقد أن الله سبحانه وتعالى قد يغفر لكل إنسان إلا الشرك، لقول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48]، فقد يغفر الله تعالى للعبد كل ذنب إلا الشرك، فلا تحكم على أحد بخطأ أن الله تعالى سوف يعذبه أو يعاقبه، فإن الله تعالى بكرمه ينجز الوعد، ولكنه قد يعفو عن الوعيد.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هلكت،قال: «وما شأنك؟»، قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: «هل تجد ما تعتق رقبة؟»، قال: لا، قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟»، قال: لا، قال: «فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟»، قال: لا أجد، فأُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: «خذ هذا فتصدق به»، فقال: أعلى أفقر منا؟ ما بين لابتيها أفقر منا، ثم قال: «خذه فأطعمه أهلك»(10)، فقد جاء الرجل خائفًا وجلًا مذعورًا يخشى من أشد العقوبات؛ لأنه وقع في هذا الذنب العظيم؛ بل هو كبيرة لأنه لم يجعل عليه كفارة إلا وهو من كبائر الذنوب، وذهب الرجل مبتسمًا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطاه هذا التمر الذي جاء به إلى أهله، فرجع إلى قومه يقول: وجدت عندكم الضيق والعسر والشدة، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة واليسر.
ومع ذلك كان يعاقب ويؤدب بالعقاب، ومن ذلك ما فعله مع كعب بن مالك وصاحبيه، فكان أروع درس في التربية العقابية في تاريخ البشرية.
يقول كعب: حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا، فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله، قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ، أوفى على جبل سلع بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر، قال: فخررت ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فرج.
قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يبرق وجهه من السرور: «أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك»، قال: قلت: أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟ قال: «لا؛ بل من عند الله»، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه(11).
المعلم السادس: معايشته الأمور الداخلية:
كان هناك شيخ كبير في السن اسمه مغيث، كان له زوجة اسمها بريرة، وكانا مملوكين، ولما أُعتِقت قالت: لا أريد هذا الرجل، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشفع له عند هذه المرأة التي يحبها حتى تقبل به، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ودعاها وقال لها: «لو راجعته»، قالت: يا رسول الله، تأمرني؟ قال: «إنما أنا أشفع»، قالت: لا حاجة لي فيه(12)، فكان من شدة حبه لها يتبعها في سكك المدينة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما خُيِّرت بريرة رأيت زوجها [مغيثًا] يتبعها في سكك المدينة، ودموعه تسيل على لحيته.
وهكذا كانوا يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في أدق الأمور، وكان هو معهم أكثر وقته، ومع ذلك لم يكن ليتكلم على هذا ويوبخ هذا ويعاتب هذا؛ بل بالهشاشة والبشاشة والبسمة ولين الجانب والسماحة.
جاءته المرأة ليزوجها، فلما قال الرجل: يا رسول الله، زوجنيها، قال: »التمس ولو خاتمًا من حديد«، فلم يجد، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: »زوجتكها بما معك من القرآن»(13).
وعن جابر بن عبد الله أن عبد الله هلك، وترك تسع بنات، أو قال سبع، فتزوج امرأة ثيبًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جابر، تزوجت؟»، قال: قلت: نعم، قال: «فبكر، أم ثيب؟»، قال: قلت: بل ثيب يا رسول الله، قال: «فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك»، أو قال: «تضاحكها وتضاحكك»، قال: قلت له: إن عبد الله هلك، وترك تسع بنات، أو سبع، وإني كرهت أن آتيهن أو أجيئهن بمثلهن، فأحببت أن أجيء بامرأة تقوم عليهن وتصلحهن، قال: «فبارك الله لك»، أو قال لي خيرًا، وفي رواية أبي الربيع: «تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك»(14).
إن مثل هذه الأسئلة عن ظروف المربى وأحواله مما يدل دلالة كبيرة على مدى العناية والاهتمام من المربي، ومما يوقع في النفس الشعور بالحب والتقدير، فإن من عادة الناس أن تقدر من يهتم بشأنهم ويسأل عن أحوالهم.
المعلم السابع: المشاركة الوجدانية:
اعتاد بعض المربين أن يكون دورهم قاصرًا على إعطاء الأوامر، ومراقبة التنفيذ، وهو مسلك مخالف لمنهج المربي الأول صلى الله عليه وآله وسلم، الذي كان يعيش مع أصحابه ويشاركهم أعمالهم وهمومهم.
فشاركهم في بناء المسجد، وشاركهم في حفر الخندق، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق، وهو يحفر ونحن ننقل التراب، ويمر بنا