البشاشة وطلاقة الوجه
البشاشة والابتسامة، وطلاقة الوجه، وحسن البشر، وروعة الاستهلال، وحفاوة الترحيب، والتي تظهر من خلال ملامح الوجه وجمال الانبساط والتحبب والحفاوة عند اللقاء بالآخرين، تعد من الصفات الأخلاقية الحميدة، وهي رسالة تعبير صادقة عن المحبة والمودة تجاه من نلتقي بهم، بما يعبر عمّا في النفس من رغبة في اللقاء، وحرارة في الاستقبال.
والبشاشة من الأسس المهمة في تكوين الصداقات الناجحة، وبناء العلاقات الاجتماعية العامة، وفي نجاح الحياة الزوجية، بل وفي كل علاقة إنسانية قوية وناجحة.
إن البشاشة الصادقة، والرفق بالناس هما طريقان مسيران للقلوب، فبهما تزول الوحشة ويحصل الأنس، وتحل الطمأنينة محل الشك والريبة، وها هو القرآن يعلمنا ثمرات الرحمة والرفق.
قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، وأعظم العابدين لربهم وأعلم الناس بربهم محمد صلى الله عليه وسلم هو أكثر الناس تبسمًا، حتى قال جرير بن عبد الله: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم (1).
وقد حثّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم على التحلي بصفة البشاشة، وأن يلقى المسلم أخاه المسلم بطلاقة الوجه، وحسن البشر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك» (2).
أي متهلل بالبشر والابتسام؛ لأن الظاهر عنوان الباطن، فلقياه بذلك يشعر لمحبتك له وفرحك بلقياه، والمطلوب من المؤمنين التواد والتحاب.
إذا لم تلق أخاك بوجه عبوس مكفهر، بل بوجه منطلق منشرح، فإن هذا من الخير ومن المعروف، لأن أخاك إذا واجهته بهذه المواجهة يدخل عليه السرور ويفرح، وكل شيء يدخل السرور على أخيك المسلم؛ فإنه خير وأجر، كل شيء تغيظ به الكافر فإنه خير وأجر، قال الله تعالى: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِح} [التوبة: 120] (3).
وعن أبي ذر رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» (4).
قال ابن عثيمين: فإن طلاقة الوجه وانشراح الصدر والابتسامة في وجه أخيك لا شك أنها من الأمور المطلوبة لما فيها من إدخال السرور على إخوانك، وإدخال السرور على إخوانك من الأمور المستحبة التي تُؤجر عليها (5).
قال ابن عيينة: البشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين وجه طليق وكلام لين (6).
وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بشاشة العرس، فقلت: تزوجت امرأة من الأنصار، فقال: «كم أصدقتها؟» فقلت: نواة من ذهب (7).
لقاء المسلم للمسلم باب من أبواب الخير والتواد والتراحم، فعلى من تيسر له هذا الباب أن يدخله بما يغرس في النفوس هذا المعنى، بالسلام وانبساط أسارير الوجه وطلاقته، وهذا المعروف لا يكلف شيئًا لا مالًا ولا جهدًا؛ بل العكس يمنح المنبسط هدوءًا وراحة وسعادة، كما يمنح أخاك أمنًا وأمانًا واطمئنانًا (8).
قوله صلى الله عليه وسلم: «ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق»، روي «طَلْق» على ثلاثة أوجه: إسكان اللام وكسرها، وطليق، بزيادة ياء، ومعناه: سهل منبسط، فيه الحث على فضل المعروف، وما تيسَّر منه وإن قل، حتى طلاقة الوجه عند اللقاء (9).
قال المباركفوري: «وإنَّ من المعروف» أي: من جملة أفراده، «أن تلقى أخاك» أي: المسلم، «بوجهٍ» بالتنوين، «طَلْق» معناه: يعني تلقاه منبسط الوجه متهللة (10).
وقال في دليل الفالحين: أي بوجه ضاحك مستبشر، وذلك لما فيه من إيناس الأخ المؤمن، ودفع الإيحاش عنه، وجبر خاطره، وبذلك يحصل التَّأليف المطلوب بين المؤمنين (11).
وقال أيضًا: أي: متهلل بالبِشْر والابتسام؛ لأن الظاهر عنوان الباطن، فلُقْيَاه بذلك يشعر لمحبَّتك له، وفرحك بلُقْيَاه، والمطلوب من المؤمنين التواد والتحاب (12).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما توطّن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم» (13).
قال الزمخشري: التتبشبش بالإنسان المسرة به والإقبال عليه، وهو من معنى البشاشة لا من لفظها عند أصحابنا البصريين، وهذا مثل لارتضاء الله فعله ووقوعه الموقع الجميل عنده، ... ومن لابتداء الغاية، والمعنى: أن التبشبش يبتدئ من وقت خروجه من بيته إلى أن يدخل المسجد (14).
وعن أبي جري جابر بن سليم، قال: رأيت رجلًا يصدر النّاس عن رأيه، لا يقول شيئًا إلا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: عليك السلام يا رسول الله، مرتين، قال: «لا تقل عليك السلام؛ فإنّ عليك السلام تحيّة الميت، قل: السّلام عليك»، قال: قلت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «أنا رسول الله الّذي إذا أصابك ضرّ فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفراء أو فلاة فضلت راحلتك فدعوته ردّها عليك»، قلت: اعهد إلي، قال: «لا تسبن أحدًا» قال: فما سببت بعده حرًّا ولا عبدًا ولا بعيرًا ولا شاة، قال: «ولا تحقرنّ شيئًا من المعروف، وأن تكلم أخاك، وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإيّاك وإسبال الإزار، فإنّها من المخيلة، وإنّ الله لا يحب المخيلة، وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه» (15).
وقال الطيبي: أراد أنه ليس مما يحيا به الأحياء لأنه شرع له أن يحيي صاحبه، وشرع له أن يجيبه فلا يحسن أن يوضع ما وضع للجواب موضع التحية، وإن جاز أن يحيوا بتقديم السلام كقوله عليه السلام: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» (16).
لقد ضحك هو صلى الله عليه وسلم في المواقف المتعددة، وداعب أصحابه بما لا يتعارض مع وقاره صلى الله عليه وسلم وعلوِّ مكانته، وتأمَّل في هذه القصة العجيبة، التي ما أحوجنا إلى أن نُنعش أرواحنا بمثلها، مع أصدقائنا، وداخل بيوتنا؛ مع أولادنا وأهلينا.
فعن أنسٍ رضي الله عنه أن رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهرًا، وكان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هَدْيَة من البادية، فيجهِّزه النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج. فقال صلى الله عليه وسلم: «إن زاهرًا باديتُنا، ونحن حاضروه»، وكان صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان رجلًا دميمًا، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يومًا وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره؛ فقال: مَنْ هذا؟ أَرْسِلْني. فالتفتَ فعرف النبيَّ صلى الله عليه وسلم فجعل لا يَأْلو ما ألصقَ ظهرَه بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ يشتري هذا العبد؟»، فقال: يا رسول الله، إذًا والله تجدني كاسدًا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لكن عند الله لست بكاسد»، أو قال: «أنت عند الله غالٍ» (17).
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك ... الحديث، وفيه: قال كعب: فلمّا سلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو يبرق وجهه من السرور ويقول: «أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك»، قال فقلت: أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟ فقال: «لا، بل من عند الله» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه، كأن وجهه قطعة قمر، قال وكنا نعرف ذلك، قال: فلما جلست بين يديه قلت ...الحديث (18).
وعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطيّر من شيء، وكان إذا بعث عاملًا سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فرح به ورؤي بشر ذلك في وجهه، وإذا دخل قرية سأل عن اسمها، فإن أعجبه اسمها فرح بها ورؤي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمها رؤي كراهية ذلك في وجهه (19).
وعن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يومًا وهو يرى البشر في وجهه، فقيل: يا رسول الله، إنا نرى في وجهك بشرًا لم نكن نراه؟ قال: «أجل إنّ ملكًا أتاني فقال لي: يا محمد إن ربك يقول لك: أما يرضيك أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرًا، ولا يسلم عليك إلا سلمت عليه عشرًا .. قال: قلت: بلى» (20).
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه عالية أصواتهنّ على صوت النبي صلى الله عليه وسلم، فلمّا استأذن عمر تبادرن الحجاب، فأذن له النّبي صلى الله عليه وسلم فدخل والنبي صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال أضحك الله سنّك يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي، فقال: «عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، لما سمعن صوتك تبادرن الحجاب»، فقال: أنت أحق أن يهبن يا رسول الله، ثم أقبل عليهنّ فقال: يا عدوّات أنفسهنّ، أتهبنني ولم تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلن: إنّك أفظّ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إيه يا ابن الخطّاب، والّذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا إلا سلك فجًّا غير فجّك» (21).
وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضَّلال لك صدقة، وبصرك للرَّجل الرَّديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشَّوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة» (22).
«تبسُّمك في وجه أخيك» أي: على وجه الانبساط، صدقة، أي: إحسان إليه، أو لك، فيه ثواب صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، والصَّدقات مختلفة المراتب (23).
قال المناوي: «تبسُّمك في وجه أخيك» أي في الإسلام، «لك صدقة» يعني: إظهارك له البشاشة، والبشر إذا لقيته، تؤجر عليه كما تؤجر على الصَّدقة. قال بعض العارفين: التبسُّم والبِشْر من آثار أنوار القلب، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ (39)} [عبس: 38- 39]، قال ابن عيينة: والبشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين، وجه طليق، وكلام لين، وفيه رد على العالم الذي يصَعِّر خدَّه للناس، كأنه معرض عنهم، وعلى العابد الذي يعبس وجهه ويقطب جبينه، كأنه منزه عن الناس، مستقذر لهم، أو غضبان عليهم (24).
قال ابن بطال: فيه أن لقاء النَاس بالتبسم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودة (25).
قال الغزالي: ولا يعلم المسكين أن الورع ليس في الجبهة حتى يُقَطب، ولا في الوجه حتى يُعَفَّر، ولا في الخد حتى يُصَعَّر، ولا في الظهر حتى ينحني، ولا في الذَّيل حتى يضم، إنما الورع في القلب (26).
عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: مكتوب في الحكمة: ليكن وجهك بسطًا، وكلمتك طيبة، تكن أحبَّ إلى النَّاس من الذي يعطيهم العطاء (27).
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: إنَّ المسلمَيْنِ إذا التقيا، فضحك كلُّ واحد منهما في وجه صاحبه، ثم أخذ بيده، تَحَاتَّتْ ذنوبهما كتحات ورق الشجر (28).
قال ابن القيِّم: طلاقة الوجه والبِشْر المحمود وسط بين التَّعبيس والتَّقطيب، وتصعير الخدِّ، وطيِّ البِشْر عن البَشَر، وبين الاسترسال مع كلِّ أحد بحيث يذهب الهيبة، ويزيل الوقار، ويطمع في الجانب، كما أنَّ الانحراف الأوَّل يوقع الوحشة، والبغضة، والنُّفرة في قلوب الخَلْق، وصاحب الخُلُق الوسط: مهيب محبوب، عزيز جانبه، حبيب لقاؤه. وفي صفة نبيِّنا: من رآه بديهة هابه، ومن خالطه عشرة أحبَّه (29).
وقال أبو جعفر المنصور: إنْ أحببت أنْ يكثر الثَّناء الجميل عليك من النَّاس بغير نائل، فالْقَهُمْ ببِشْر حسن (30).
فوائد البشاشة وطلاقة الوجه:
1- طلاقة الوجه تبشر بالخير، ويقبل على صاحبها الناس، والوجه العبوس سبب لنفرة النَّاس، قال بعض الحكماء: الْقَ صاحب الحاجة بالبِشْر، فإنْ عدمت شكره، لم تعدم عذره (31).
2- طلاقة الوجه للضيف من إكرامه، مع طيب الحديث عند الدّخول، والخروج، وعلى المائدة، قيل للأوزاعي رحمه الله: ما كرامة الضَّيف؟ قال: طلاقة الوجه، وطيب الحديث (32).
وقد قيل: من آداب المضيف: أن يخدم أضيافه، ويظهر لهم الغنى، والبسط بوجهه، فقد قيل: البشاشة خير من القِرَى.
3- تكلف البشر والطلاقة، وتجنب العبوس والتَّقطيب من الوسائل المعينة على اكتساب الأخلاق الحميدة، قال عبد الله بن المبارك: حسن الخلق: طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكفُّ الأذى (33).
4- الهشاشة وطلاقة الوجه تثمر المحبة بين المسلمين، والتآلف بينهم، قال ابن حبان: البَشَاشَة إدام العلماء، وسجيَّة الحكماء؛ لأنَّ البِشْر يطفئ نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغي، ومنجاة من الساعي (34).
5- الابتسامة تصنع النجاح: نستطيع بالابتسامة الصادقة، والبشاشة الحقيقية أن نصنع النجاح تلو النجاح، سواء على الصعيد الفردي أم على الصعيد الاجتماعي، بينما عبوس الوجه وتجهمه لا يمكن أن يصنع إلا الفشل.
والابتسامة الصادقة هي مفتاح لكل القلوب، وحتى القلوب الشديدة الإقفال، فإذا رأيت شخصًا عبوسًا متجهمًا تعبر قسمات وجهه عن هموم وغموم، فما عليك إلا أن تبتسم في وجهه، وسترى أنّه يبتسم بدوره بدون إرادة منه، وقد يصبح صديقًا مخلصًا لك.
والابتسامة رسالة حب ومودة وصدق وإخلاص، تعطيها للآخرين من غير مقابل، فتجني من ورائها الكثير من الخير، فهي عطاء وصدقة ومعروف كما تؤكده النصوص الدينية.
والابتسامة قد تحوِّل العدو إلى صديق، والبعيد إلى قريب، وتزيدك قربًا ممن تحب، ويأنس الناس إليك، وينبسطون لرؤيتك لما تتميز به من بشاشة وابتسامة صادقة.
والابتسامة علاج لبعض المشاكل، أو تسهم في علاجها وحلها إذا بدأت، كما أنها تقلل من الحزن والكرب والهم والغم، كما أنها تؤلف بين القلوب وتيسر المهمات، فإذا قابلت المشكلات والعقبات والصعاب بابتسامة، فقد قمت بجزء كبير من حلها؛ لأن ذلك يعبر عن الاستعداد الداخلي لحلها.
ومن الحقائق المهمة أنّ الابتسامة الصادقة تعبير عن شخصية سوية، بينما التجهم هو تعبير عن شخصية مريضة، من الحقائق التي لاحظها جمع من المشتغلين في حقل العلاج النفسي، أنّ هناك علاقة عضوية بين بعض الحركات التي تظهر على قسمات الوجه وبين السلامة النفسية أو المرض مثل تقطيب الجبين وزم الشفاه وتقليص الجفون ونحو ذلك (35).
ويضيف العلم قائلًا: عندما يبتسم الإنسان تشترك في وجهه ثلاث عشرة عضلة، ولكن في حالة عبوسه تقوم بالعمل سبع وأربعون عضلة!! لماذا ترهق نفسك وأعصابك... اجعل البسمة هي إحدى سماتك الشخصية، فالبسمة الجميلة تزيد الوجه جمالًا وإشراقًا، وتؤثر تأثيرًا فعالًا في القلوب، وتشيع البهجة والمرح بين الأصدقاء والمعارف، وفي المقابل تعلم أن تتخلص من العبوس والتقطيب؛ فإنّها تورث وجوهًا كالحة، وسحنات متجهمة، وشفاهًا مكشرة (36).
ومن المؤكد أنّكَ ستكون عاجزًا عن كسب صداقة إنسان واحد، ما دمت تتعامل مع الآخرين بتجهم وتقطيب وجه، أما إذا كانت الابتسامة من سمات شخصيتك، فستكسب المئات بل الآلاف؛ وما عليك إلا أن تجرّب، فالتجربة خير برهان.
-------------
(1) أخرجه البخاري (3035)، ومسلم (2475).
(2) أخرجه الترمذي (1970).
(3) شرح رياض الصالحين (2/ 169).
(4) أخرجه مسلم (2626).
(5) تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد (ص: 146).
(6) التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 599).
(7) أخرجه البخاري (5148)، ومسلم (1427).
(8) فتح المنعم شرح صحيح مسلم (10/ 122).
(9) شرح النووي على مسلم (16/ 177).
(10) مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/344).
(11) دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (2/356).
(12) دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (5/ 165).
(13) أخرجه ابن ماجة (800).
(14) فيض القدير (5/ 438).
(15) أخرجه أبو داود (4084).
(16) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1344).
(17) أخرجه ابن حبان (5790).
(18) أخرجه البخاري (4418)، ومسلم (2769) واللفظ له.
(19) أخرجه أبو داود (3920).
(20) أخرجه النسائي (1295).
(21) أخرجه البخاري (6085).
(22) رواه الترمذي (1956).
(23) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/ 205).
(24) فيض القدير (3/ 226).
(25) شرح صحيح البخارى (5/ 193).
(26) فيض القدير (3/ 226).
(27) شعب الإيمان (8057).
(28) التذكرة الحمدونية (2/ 228).
(29) مدارج السالكين (2/ 311).
(30) عين الأدب والسياسة (ص 154).
(31) أدب الدنيا والدين (1/ 239).
(32) إحياء علوم الدين (2/ 18).
(33) أخرجه الترمذي (2005).
(34) روضة العقلاء (ص: 75).
(35) دراسات في علم النفس الإسلامي (2/ 189).
(36) علموا أنفسكم فن الحياة (ص: 7).