مظاهر تخلف الأمة في العصر الحديث
الأمة الإسلامية أمة عظيمة، أمة القيادة والريادة والسيادة، قادت البشرية إلى النور والعلم في العصور الماضية، في الوقت الذي كانت أوروبا تعيش التخلف والانحطاط، لكن سرعان ما تخلفت أمتنا وانقلبت من قائدة وسائدة إلى متأخرة ومتخلفة بسبب مشاكل تمكنت منها، وأزمات وقعت فيها، ومصائب حلت بها.
نعم، كثرت أزمات الأمة بسبب الطغيان والاستبداد والحصار والتهجير، والحروب وكبت أنفاس الشعوب التي ثارت لأجل الحرية والكرامة، وعلماء دين خضعوا للحكام وأصبحوا يُفَصِلُونَ الفتاوى على مقاسهم، بالإضافة إلى أزمات في السلوك والفاعلية والتخلف وغيرها الكثير.
ونحن لا ننكر أثر التآمر الداخلي والخارجي على أمتنا، عبر سنوات طويلة، حتى سبقها أعداؤها في ميادين الحياة المادية، ولكننا نربأ بفكرنا وفكر أمتنا أن ينصبغ بروح الهزيمة، ويتواكل في تحقيق النهضة، ويتخاذل أمام هذه المسؤولية العظيمة، مسؤولية ريادة الأمم.
فأعداؤنا قد أحسنوا استغلال الفرص، واجتهدوا في صنع الأحداث المؤثرة، وعملوا بشكل دؤوب عشرات السنين حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، ودارت لهم الكرة في هذا الزمان.
ومع ذلك فنحن نقرأ واقعنا المعاصر بقراءة متفائلة، قراءة تدفع نحو المزيد من التقدم والنجاح، والمزيد من الأخذ بالأسباب الدينية والدنيوية، أساسها الفرد الصالح الذي يراقب الله عز وجل في كل شأنه، ويكون لبنة بناء وإصلاح في مجتمعه وأسرته، لا ينتظر أن تقدم له النهضة على طبق من ذهب، ولا يرجو أن توضع له البرامج لتحقيق ذلك، بل يبادر إلى كل ما فيه نفع وخير، وهو موقن أن الله سبحانه وتعالى يبارك في القليل، وسيجزي كل محسن بإحسانه، وهو عز وجل يعلم المفسد من المصلح، وسينصر أتباع رسله إذا هم أخذوا بأسباب النصر والتقدم، يقول سبحانه وتعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47)} [إبراهيم: 46- 47] (1).
أهمية الموضوع:
كثر الاهتمام في العقود الأخيرة من جانب العديد من العلماء والمفكرين بدراسة موضوع التخلف الذي تعاني منه الأمة الإسلامية وذلك لأسباب عدة:
أولًا: لأن الأمة الإسلامية أمة ذات حضارة عريقة قادت الحضارة الإنسانية على مدى قرون طويلة.
ثانيًا: لأنها أمة تمتلك كل مقومات النهضة الحضارية والروحية القابلة لقيادة العالم من جديد إلى كل ما فيه خير للبشرية.
ومن هذا المنطلق أصبح موضوع تخلف المسلمين من أكثر المواضيع إثارة للجدل، ولا أبالغ إذا قلت إن العقل الإسلامي ومنذ عقود عدة يحاول جاهدًا تفكيك رموز هذه الحالة، وتحليل أسباب هذه الظاهرة، ظاهرة التخلف التي تعني مجازًا مجموعة المشكلات التي يعاني منها الجسد الإسلامي بكل إشكالياته.
وقد سعى الكثير من العلماء والمفكرين إلى وصف وتفسير وتحليل التغيرات والتحولات التي مرت بها الأمة الإسلامية بمراحلها التاريخية المختلفة.
وقد توصل جميعهم في رحلة الاستكشاف حول تفكيك رموز حالة التخلف إلى أن هناك عاملين كان لهما التأثير المباشر في تكريس حالة التخلف في الجسد الإسلامي.
غياب الدور الحقيقي للإسلام في حياة المجتمعات الإسلامية، حيث تحول الإسلام فيها إلى نصوص تحفظ وشعارات تكتب دون تطبيق، وآيات قرآنية تقرأ بعيون ميتة، وعبادات تؤدى دون عمل، وممارسات سلوكية بعيدة عن جوهر العمل الإسلامي، وأمة تعمل بنسبة خمسة في المئة مما يحثها الإسلام عليه، أمة تعيش عالة على الآخرين، على رغم كل مقومات النهضة وعوامل التقدم التي قد تجعلها في غنى عن الآخرين.
مثلث الحملات العدوانية التتارية والصليبية التي واجهها العالم الإسلامي على مدى تاريخه، آثارًا سلبية خطيرة تكرست آثارها بدخول الاستعمار الأوروبي إلى حلبة الصراع في القرن التاسع عشر، حيث عمل بامتياز على استعمار العالم العربي والإسلامي، ونهب ثرواته ومحو هويته ولغته العربية، وتكريس حالة من الجهل بين شعوبه والسطو على عقوله.
والنقطة الجوهرية التي عمل جيدًا على العبث بها هي التعليم والقضاء، حيث تم تجريد التعليم من الدين واللغة، وفصل نظام القضاء عن أسسه الشرعية التي تستهدف الشريعة الإسلامية ووضع قوانين أخرى تخالفها، والعمل على هدم البنية الإسلامية من الداخل عن طريق تغذية الانقسامات والتحزبات العنصرية، والتجمعات الإقليمية والخلافات المذهبية، وتشجيع الحركات المضادة للإسلام، وتقسيم العالم العربي والإسلامي إلى دويلات صغيرة يمكن السيطرة عليها والتحكم في مقدراتها عن بعد.
ولا زالت هذه السياسة تمارس حتى اليوم، ولكن وفق إطار جديد وروح جديدة وأسلوب جديد، وهو ما يسمى بالاستعمار النفسي، والذي نجح في تطويع العديد من أبناء الإسلام ليصبحوا صواريخ موجهة ضد الإسلام، وأقلامًا تكتب ليل نهار فقط لتكسب رضا المستعمر، والعمل على ترسيخ قيمه وثقافته وتقاليده، وإضفاء الطابع الغربي في جوانب مجتمعاتنا الإسلامية والقبول حتى بالمحرمات منه والتي من المفترض أن ينتفي وجودها في المجتمعات الإسلامية (2).
يقول محمد رشيد رضا: قد كان توحيد المسلمين الأولين لله ومعرفتهم به وحبهم له وتوكلهم عليه هو الذي زكى أنفسهم، وأعلى هممهم، وكملهم بعزة النفس وشدة البأس، وإقامة الحق والعدل، ومكنهم من فتح البلاد وسياسة الأمم، وإعتاقها من رق الكهنة والأحبار والرهبان والبوذات والموبذانات الروحي والعقلي، وتحريرهم من ظلم الملوك واستبدادهم، وإقامة دعائم الحضارة، وإحياء العلوم والفنون الميتة، وترقيتها فيهم، وقد تم لهم من كل ذلك ما لم يقع مثله ولا ما يقاربه لأمة من أمم الأرض، حتى قال الدكتور غوستاف لوبون المؤرخ الاجتماعي الشهير: إن ملكة الفنون لم يتم تكوينها لأمة من الأمم الناهضة إلا في ثلاثة أجيال، أولها جيل التقليد، وثانيها جيل الخضرمة، وثالثها جيل الاستقلال والاجتهاد، قال: إلا العرب وحدهم فقد استحكمت لهم ملكة الفنون في الجيل الأول الذي بدءوا فيه بمزاولتها.
وأقول: إن سبب ذلك تربية القرآن لهم على استقلال العقل والفكر، واحتقار التقليد، وتوطين أنفسهم على إمامة البشر وقيادتها في أمور الدين والدنيا معًا، وقد خفي كل هذا على سلائلها بعد ذهاب الخلافة الإسلامية وزوال النهضة العربية، وتحول السلطان إلى الأعاجم الذين لم يكن لهم من الإسلام إلا الظواهر التقليدية المنفصلة عن هداية القرآن (3).
أسباب رئيسية للتخلف:
1- الفكر الأعوج:
أي الفهم الأعوج للإسلام، فالله تعالى وعدنا أن التمكين سيكون عندما نتمسك بالدِّين الذي ارتضاه لنا، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} [النور: 55]، وتمكين الدين يتم بتمكينه في القلوب، كما يتم بتمكينه في تصريف الحياة وتدبيرها، فقد وعدهم الله إذن أن يستخلفهم في الأرض، وأن يجعل دينهم الذي ارتضى لهم هو الذي يهيمن على الأرض، ودينهم يأمر بالإصلاح، ويأمر بالعدل، ويأمر بالاستعلاء على شهوات الأرض، ويأمر بعمارة هذه الأرض، والانتفاع بكل ما أودعها الله من ثروة، ومن رصيد، ومن طاقة، مع التوجه بكل نشاط فيها إلى الله (4).
وليس الدين الأعوج الذي طرحه ويطرحه كثير من العلماء والفقهاء في القديم والحديث، مثل شيوخ السلاطين الذين يلعبون بالدِّين ويخدرون الناس باسمه لأجل تكريس العبودية للطغاة، وتحليل كل حرام لهم بالتحايل على النصوص والتلاعب بها، وللأسف تم استعمال الدين والعلماء استعمالًا سيئًا من أجل تثبيت الطغيان، وإباحة دماء الأبرياء ومصادرة الحريات.
الدين هو الذي يدعو إلى الحرية والكرامة ومقاومة الطغاة، وإلا فهو (أفيون الشعوب) كما سماه الشيوعيون.
فتخلف الفكر وضعف الوعي يؤدي إلى تخلف الأمة الذي يشكل القرارات والأعمال ومن ثم النتائج، والفهم الأعوج للفكر هو الذي أبعدنا عن التمكين، ويظهر ذلك لدى فئة المفكرين والعلماء والدعاة، وعلاج هذه الأزمة لن يكون إلا بتحرير الأفراد من اتباع بعضهم البعض، إلى إتباع الوحي، وهكذا يتكون لدينا جيل جديد من العلماء والدعاة متمكن من العلم الشرعي، ومنفتح على العصر، ومتَحرر من التبعية للحكام.
إن السبيل إلى نهضة أمتنا هو الفكر الإسلامي الصحيح، ولن تنهض بالأفكار الدخيلة، ولا بالثقافة الغربية، وللفكر الإسلامي خصائص ميّزته عن غيره كفكرٍ حضاري إنساني عادل ومتوازن له هدف واضح يسعى لتحقيقه، وهو فكر شمولي للعالم أجمع وليس محصورًا على العرب والمسلمين، وهو فكر واقعي عملي وعقلاني قابل للتحقيق، يحترم قواعد المنطق والعقل، فهو ليس فكرًا لاهوتيًا ولا ماديًا خالصًا، بل هو فكر واقعي مادي ممدود بحبل إلهي سماوي، كما أنه يقبل المستجدات بما يتوافق ومضَامينه ومحتواه، فلا تجد مستجدًا إلا وللإسلام رأي فيه وإحاطة، وهذا ما يكسبه مرونة تساعده على الانتشار في مختلف بقاع الأرض.
2- القيادة الاستبدادية:
عندما تولى أمر المسلمين من ليس أهلًا للولاية، صار همهم مصالحهم ومصالح من حولهم، وضربوا بمصالح الأمة عرض الحائط، ووجدوا من العلماء أصحاب الفهم الأعوج من يسبح بحمدهم، ويخدر الأمة بوجوب طاعتهم، هؤلاء الحكام أساس كل بلاء ومنكر، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» (5).
قال ابن بطال: ومعناه أن الأئمة قد ائتمنهم الله على عباده، وفرض عليهم النصيحة لهم، فينبغي لهم تولية أهل الدين والأمانة للنظر في أمر الأمة، فإذا قلدوا غير أهل الدين، واستعملوا من يعينهم على الجور والظلم فقد ضيعوا الأمانة التي فرض الله عليهم (6).
فالاستبداد يفتح باب الظلم على مصْراعيه، ويشجع الفساد المالي والأخلاقي، ويعطل التنمية مما يؤدي إلى زيادة الفقر، ويفتح الباب أيضًا لأعداء الأمة للسيطرة على خيراتها باسم التحالفات، وهم أكثر من يحاربون الدعاة والعلماء المخلصين، حيث يعتبرونهم خطرًا عليهم، وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بتغيير المنكر باليد فإن لم نستطع فباللسان، فإن لم نستطع فباِلقلب وذلك أضعف الإيمان، وأكد صلى الله عليه وسلم أيضًا أنه ليس وراء ذلك من الإيمان مثقال حبة خردل.
والحل لانتشال الأمة من أزماتها بالقِيادة الواعية، التي تعتمد على الرؤية الرشيدة، فأمة بدون قائد لا يمكن أن تسير بنفسها، ونحن لا نختصر الأمة بقائد وفرد واحد، لكن دور القائد حيوي ومهم في النهضة والريادة، ولذلك من الأسباب الرئيسية في تخلف الأمة هي القيادة لدى الحكام الخونة أو المستبدين أو غير الأكفاء، فهم السبب باستمرار الاحتلال الصهيوني وتخلف الأمة وشدة الظلم الذي ينتابها، وعلاج ذلك هو إعداد قيادات شابة ذات هوية إسلامية ووعي عميق ولغة عصرية ومهارات عالية، مع الولاء الكبير للأمة، يقول ابن القيم رحمه الله: صلاح العالم بصلاح هاتين الطائفتين وفساده بفَسادهما.. العلماء والأمراء (7).
ولنا في إخواننا الماليزيين عبرة ومثال، فالتَجربة الماليزية قفزت بالبلاد في عشر سنوات من ذيل الترتيب بين الأمم إلى مراتب متقدمة، وهي ماضية في التنافس والعالمية.. ما السبب؟ تغيّرت القيادة، فتولت زمام الأمور قيادة ذات رؤية وفكر، وهنا بيت القصيد، فمتى وجِد القادة الذين يحملون الفكر والرؤية فإن حياتنا.. كل حياتنا ستتغير نحو الأفضل.
3- الوهن داء الشعوب:
بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه سَتتكالب علينا الأمم عندما يصيبنا الوهن، وشرحه بأنه «حب الدنيا وكراهية الموت» (8)، وللأسف صارت اليوم الشعوب مستكينة أمام طغيان الحكام، بل تسبح بحمدهم خاصة عندما يتكرم عليهم الحاكم بهدايا وهبات هي أصلًا من أموال الشعب وليست أمواله الخاصة!!
واستسلمت الأمة للدين الذي يطرحه علماء السلاطين وهو الدين الخانع المستسلم البعيد عن أسباب النصر والعزة والتقدم.
يقول سيد قطب: وما الطاغية إلا فرد لا يملك في الحقيقة قوة ولا سلطانًا، إنما هي الجماهير الغافلة الذلول، تمطي له ظهرها فيركب، وتمد له أعناقها فيجر، وتحني له رؤوسها فيستعلي، وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى، والجماهير تفعل هذا مخدوعة من جهة وخائفة من جهة أخرى، وهذا الخوف لا ينبعث إلا من الوهم.
فالطاغية- وهو فرد- لا يمكن أن يكون أقوى من الألوف والملايين، لو أنها شعرت بإنسانيتها وكرامتها وعزتها وحريتها، وكل فرد فيها هو كفء للطاغية من ناحية القوة ولكن الطاغية يخدعها فيوهمها أنه يملك لها شيئًا! وما يمكن أن يطغى فرد في أمة كريمة أبدًا، وما يمكن أن يطغى فرد في أمة رشيدة أبدًا، وما يمكن أن يطغى فرد في أمة تعرف ربها وتؤمن به وتأبى أن تتعبد لواحد من خلقه لا يملك لها ضرًا ولا رشدًا (9).
فهذا الوهن والضعف العام في شعوب الأمة، جعلنا غثاءً كغثاء السيل، وهو من أهم أسباب تخلف الأمة عن ركب الأمم، وتكالب الأعداء عليها، وعلاج ذلك يكون بتربية جيل جديد من الأمة، جيل يعتز بهويته، ومستعد للموت من أجل دينه وأمته وبلاده وحريته وكرامته.
فأمتنا اليوم مصابة بمرض الوهن، وهو مرض قد يضعفها ويبطئ من حركِتها، لكنه لا يقتلها، ولكن الظلم إذا تفشى وانتشر سَيهلكها، خاصة إذا غاب من يتصدى له، ويقيم العدل بين الناس.
وكما قال ابن تيمية: الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة (10).
يقول سيد قطب: بعض النفوس الضعيفة يخيل إليها أن للكرامة ضريبة باهظة لا تطاق، فتختار الذل والمهانة هربًا من هذه التكاليف الثقال، فتعيش عيشة تافهة رخيصة، مفزعة قلقة، تخاف من ظلها، وتفرق من صداها، يحسبون كل صيحة عليهم، ولتجدنهم أحرص الناس على حياة! هؤلاء الأذلاء يؤدون ضريبة أفدح من تكاليف الكرامة، إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة، يؤدونها من نفوسهم، وأقْدارهم، وسمعتهم، ومن اطمِئنانهم، وكثيرًا ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون (11).
هذه هي الأسباب الرئيسة التي أدت إلى تخلف الأمة، وتأخرها عن ركب الحضارة، وهي في الغالب ليست موكلة إلى شعوب الأمة بقدر ما هي موكلة لحكامها وعلمائها، ودورنا اليوم كبير ومسؤوليتنا عظيمة في إعداد الجيل القادم الذي سيدير شؤون الأمة لينهض بها، وينافس العالم ويصنع مجد الأوطان وعز الأمة (12).
مظــاهر التخلف:
أما مظاهر التخلف فنراها في العصر الحديث نكوصًا وتراجعًا في جميع الميادين والمجالات؛ في ميدان العلم، وفي الاقتصاد، وفي المجال العسكري، وفي الحضارة عمومًا.
أ- التخلف العلمي:
في الميدان العلمي حدث تقلص ضخم أبعد بالتدريج كل العلوم التجريبية من معاهد العلم، في الوقت الذي اقتصرت فيه العلوم الشرعية على فكر القرن الخامس الهجري.
ثم أخذ التقليد يتكرس قرنًا بعد قرن، واقتصر التصنيف العلمي على شرح المؤلفات السابقة أو تلخيصها (13).
لقد كان من مفاخر الحركة العلمية الإسلامية في عصور الازدهار أنها تفتحت للعلم كله، وأبدعت في جميع العلوم الشرعية والتجريبية، وكان العالِم يتخصص في العلوم الشرعية ويكون في ذات الوقت عالمًا بالطب أو الفلك أو الفيزياء أو الكيمياء بغير تعارض ولا تناقض بين هذا وذاك.
وكانت المعاهد العلمية في الأندلس وغيرها تعلم طلابها كل فروع العلم وألوانه بغير تفريق، وكانت العلوم التجريبية من المعالم البارزة في تلك المعاهد إلى جانب العلوم الشرعية، ومن هناك تعلمت أوربا المنهج التجريبي في البحث العلمي، وترجمت ما كتبه المسلمون في الطب والفلك والفيزياء والكيمياء والرياضيات والبصريات، وكانت تلميذة عليه في بداية نهضتها (14).
تأثير الفكر الصوفي:
ولكن المسلمين تحت تأثير الفكر الصوفي تخلوا عن تلك العلوم تدريجيًا من معاهدهم ليقتصروا على العلوم الشرعية، مع الجمود في دراسة هذه العلوم ذاتها تحت وطأة التقليد وإقفال باب الاجتهاد.
فالصوفية التي انحرفت عن مبادئ الإسلام وقيمه التي تدعو إلى الجمع بين الدنيا والآخرة، اتجهت إلى إهمال الدنيا بحجة التزكية من أجل الآخرة، وأهملت بالتالي عمارة الأرض على أساس أن الاشتغال بها يثقل الروح ويذهب عنها شفافيتها وطلاقتها.
ومن ثم أهملت كل العلوم المتصلة بتلك العمارة، واعتبرتها شيئًا ثانويًا يمكن للأمة الإسلامية أن تستغني عنه (15).
ولم تفهم بأن إتقان العلوم الدنيوية ضروري لبناء المعرفة ومن ثم إعداد القوة التي أمرنا الله عز وجل بها لنشر الدين وحماية المجتمع الإسلامي من أعدائه المتربصين به.
تقلص العلوم الشرعية وانحسار الاجتهاد والتجديد:
أما العلوم الشرعية فقد تأثرت هي الأخرى بروح التقلص العامة التي فشت في المسلمين من أكثر من وجه، حيث تحول الطلاب إلى حفظة لا مفكرين، يتعالم الواحد منهم بقدر ما يحفظ من المتون والشروح والحواشي، ولكنه لا يفكر في الإضافة والتجديد والتأصيل العلمي، ففقد العلماء أصالة العلم وأصبحوا مجرد نقلة مقلدين (16).
ومن خلال تراجم الشيوخ والعلماء في العصر الحديث نستطيع أن نتبين أن بعضهم كان غزير الإنتاج؛ فكم من عالم أنتج العشرات من الكتب والرسائل، ولكننا لا نستطيع أن نجد من بينها بحثًا له قيمة أو كتابا يضيف إلى العلم جديدًا، أو رسالة فيها شيء من الابتكار، وإنما أقصى ما يفعله الواحد منهم أن يكتب شرحًا لمتن أو يضيف حاشية على شرح (17).
شيوع التعصب المذهبي الضيق:
بل تكرس شر آخر، وهو التعصب المذهبي في الفروع الذي عم الدارسين، كلٌ يتعصب لمذهبه الذي نشأ عليه، وجعل قصارى جهده أن يثبت تفوق مذهبه وشيوخه على المذاهب الأخرى وشيوخها، وأن يدخل في معارك وهمية مع الآخرين من أجل الانتصار للمذهب الذي ينتسب إليه (18).
فقدان الحاسة العلمية في العلوم الشرعية والتجريبية بعد الريادة فيهما:
وهكذا سواء في العلوم الشرعية أو في العلوم البحتة التجريبية، فقدت الأمة حاستها العلمية بتاتًا، وخرجت من الدائرة التي كانت هي مركزها في يوم من الأيام، يوم كانت هي العالمية الرائدة في الأرض، وأوروبا تهرع لتكون تلميذة على ما لديها من الحضارة والعلم.
والخلاصة أن التخلف العلمي والشرعي الناشئ أصلًا عن الانحراف العقدي أصبح هو الطابع السائد في العالم الإسلامي قبيل الغزو الصليبي الهائل الذي اجتاح بلاد الإسلام في العصر الحديث.
ب- التخلف الاقتصادي:
التخلف الاقتصادي في تاريخ المسلمين الحديث يعود أصلًا إلى عوامل داخلية وعوامل خارجية.
العوامل الداخلية:
أن المسلمين رغم ما كانوا يملكونه من ثروات وخيرات طبيعية من المحيط الأطلسي إلى حدود الصين، إلا أنهم عاشوا التخلف الاقتصادي في أمرّ أذواقه وأظلم أشكاله، وهذا يقود إلى الأسباب المسئولة عن تلك الأوضاع المتردية.
وها هنا لا بد من الإشارة إلى أن ظاهرة التخلف هذه ظاهرة متعددة الجوانب ومتشابكة الأبعاد تتفاعل في أحداثها جميع جوانب المجتمع؛ فحيثما وجد التخلف الاقتصادي من ضعف في نصيب الفرد من الناتج القومي، وانخفاض معدل السعيرات الحرارية، والفوضى في استغلال الموارد من النخبة أو الفئة المتحكمة، وانعدام التخطيط، وعدم ترشيد الإنفاق، وعدم تكافؤ الفرص، والاحتكار…إلخ
فإن ذلك يرجع إلى التخلف السياسي والاجتماعي اللذين يترجمهما الاستبداد في الحكم، وانعدام الشورى، وانسلاخ المجتمع من قيمه، وتفشي البطالة والفراغ، ومختلف الأمراض الاجتماعية التي تصاحبهما.
كما يوجد بجانب ذلك تخلف علمي وثقافي يتمثل في تعطيل حركة الإبداع والاختراع، وارتفاع معدلات الأمية، وقلة الهياكل الدراسية ومعاهد العلوم التي ترشح المجتمع لتطوير آلياته وأدواته ووسائله الاقتصادية (19).
إهمال ركائز النشاط الاقتصادي:
ولو نظرنا إلى ركائز النشاط الاقتصادي وهي: التجارة، والزراعة، والصناعة، لرأينا مدى التخلف الذريع في هذه المجالات؛ فالتجارة كانت مسلوبة إلى حد كبير من أيدي المسلمين محليًا ودوليًا، والزراعة أُهملت إهمالًا شديدًا بسبب عدم العناية بوسائل الري والطرق وشؤون الأمن.
أما الصناعة فلم يكن المسلمون في العصر الحديث يعرفون سوى بعض الصناعات اليدوية، ويعيشون حياة أسلافهم قبل بضعة قرون دون أي تغيير يذكر، رغم انفجار الثورة الصناعية من حولهم في الغرب اللاتيني (20).
إن التقاعس عن الأخذ بالأسباب، والتواكل، ووهن العزائم، والرضا بالفقر والدونية، والضعف العلمي، رسّخت في نفوس المسلمين القابلية للتخلف الاقتصادي، مما عوّدهم على الاستهلاك بدل الإنتاج، وعلى الذيلية والتأخير بدل القيادة والريادة والمغامرة، كل ذلك فتح المجال أمام العوامل الخارجية التي أدت دورها في إحكام الطوق على العالم العربي الإسلامي وتجريده من ميزته كمعبر للتجارة بين أوربا وآسيا.
لقد كانت أوربا الصليبية تسعى منذ القضاء على الدولة الإسلامية في الأندلس إلى تطويق العالم الإسلامي وإضعافه بكل الوسائل.
وكان من بين الوسائل التي اتخذوها السعي الدائب لتحويل التجارة العالمية إلى أيديهم، وانتزاعها من أيدي دولة المماليك بمصر الذين كانوا يمسكون بزمامها عن طريق سيطرتهم على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، فتدر عليهم أموالا طائلة وعلى العالم الإسلامي كذلك (21).
فكانت مهمة إسبانيا الالتفاف على المسلمين من ناحية الشرق بينما كُلِّفت البرتغال بالتحرك من الجنوب لإتمام عملية التطويق.
إذ كانت هاتين الدولتين تتلقيان المساعدات من أوربا لأنهما كانتا على خط التَّماس المباشر مع المسلمين وفي حروب دائمة معهم.
وكانت قد وصلت إلى مسامع الإسبان فكرة كروية الأرض، وإمكانية الوصول إلى الشرق في طريق الاتجاه نحو الغرب، إذ كانوا على علم بأن سفنًا مسلمة قد تحركت نحو الغرب ولم تعد، مما يعني أن هناك إمكانية للوصول إلى الشرق (22).
وانطلق البرتغاليون نحو الجنوب والتفوا حول رأس الرجاء الصالح، ومنذ اكتشافهم لهذا الموقع الحيوي الذي اكتشفوه على هدي الخرائط الإسلامية وبمعاونة بحار مسلم عربي (ابن ماجد)، بدأوا يتجهون إلى الشرق الأقصى ليستولوا على أرضه وخيراته، وينقلونها على سفنهم عن طريق رأس الرجاء الصالح ليحرموا منها المماليك، ويحرموا منها العالم الإسلامي كله، فتأثرت اقتصاديات العالم الإسلامي تأثرًا بالغًا فيما حدث.
مع العلم أن الهدف الأول لهذا التحرك الاقتصادي من أوربا هو: حرمان المسلمين من مصادر قوتهم بإضعافهم، ثم يأتي الهدف الثاني وهو مرحلة التوسع وتكوين الإمبراطوريات وتحقيق المصالح القومية (23).
ج- التخلف الحربي:
أما التخلف الحربي فصلتُه بالتخلف العقدي واضحة بكل تأكيد؛ فكل عوامل الانحراف العقدية قد أثرت في القوة الحربية لهذه الأمة..
سواء الاتجاه الصوفي الذي يصرف الناس عن جهاد الأعداء بحجة توفير الطاقة لجهاد النفس!
أو الفكر الإرجائي الذي ساهم في الخنوع والكسل وترك العمل وإعداد القوة لإرهاب أعداء الإسلام
أو الاستبداد السياسي الذي شغل الحكام بفرض سلطانهم على شعوبهم عن الجهاد لإعلاء كلمة الله.
فإذا أضيف إلى هذا كله التخلف العلمي والتقني، وفقدان روح الابتكار، فقد اكتملت أسباب التخلف الحربي، وأصبح هو النتيجة المنطقية للظروف التي أحاطت بالمسلمين في العصر الحديث (24).
فبعد أن وصلت الجيوش العثمانية -وهي الحامية للعالم الإسلامي- إلى (فيينا) غربًا وإلى (بترسبورج) شرقًا، وحاصرت كلًا منهما فترة من الوقت، أخذت تتراجع لا عن تلك الأهداف القصوى وحدها، بل عن الأهداف الدنيا.
حتى أكلت روسيا الصليبية بقاعا واسعة من الأرض كل سكانها مسلمون، واستولت أوربا على بعض الولايات العربية، مما يعني أن أوربا تتقوى باستمرار، حتى صارت قوتها مكافئة لقوة الدولة العثمانية العسكرية.
ثم أخذت تتفوق عليها، فتغير ميزان القوى، وبدأت أوربا تهدد العالم العربي الإسلامي بأكمله.
ومما لا شك فيه أن هذا الاكتساح العسكري يرجع إلى التفوق في مجال صنع الأسلحة الحديثة في أوربا، وظهور بوادر التطور الصناعي في المجال الحربي (25).
ظهور فارق القوة والتحديث:
فعلى سبيل المثال، فالمماليك الذين كانوا يحكمون مصر لم يستطع جيشهم الصمود أمام الحملة الفرنسية في معركة (إمبابة) سوى ثلاثة أرباع الساعة بسبب التفوق في التسلح والتنظيم العسكري من جانب الفرنسيين (26).
فالمدافع المركبة في (إمبابة) وعددها أربعون مدفعًا لم تكن مركبة على عجلات بحيث تستطيع التحرك والانتقال تبعًا لتطور القتال، بل كانت مثبتة على الأرض، والمقاتلون لا يستطيعون التحرك بسهولة ومغادرة الاستحكامات التي كانوا ممتنعين بها.
كما أن هذه المدافع كانت من الطراز العتيق، فلم تطلق قنابلها إلا مرة واحدة، ولم يستطيع رماتها أن يعيدوا الضرب بها (27).
وفي المغرب استطاع جيش فرنسي لا يتجاوز عدده ستة الآف مقاتل أن يهزم الجيش المغربي البالغ عدده خمسة وستين ألف جندي في عهد السلطان عبد الرحمن بن هشام عام (1258هـ ـ 1842م) في معركة (وادي إسلي)، بسبب ضعف السلاح وفقد النظام(28).
د- التخلف الحضاري:
لقد استمر الإشعاع الحضاري في بلاد المسلمين زهاء ألف سنة، لكن ما لبث يتراجع ويخبو شيئًا فشيئًا، كيف يا ترى حط التخلف رحاله في العالم الإسلامي بعد أن ظلت الحضارة الإسلامية أول الحضارات تقدمًا ورُقيًّا على الصعيد العالمي؟
تجاهل السنن الربانية:
من المسلَّم به أن العامل الجوهري في هذا التخلف الحضاري في العصر الحديث يرجع إلى: تجاهل السنن الربانية التي تحكم الأشياء والطبيعة، وتحكم الأفراد والأمم، وفهم هذه السنن واستيعابها وتوظيفها وتسخيرها على الوجه الصحيح.
بالإضافة إلى ضعف اهتمام المسلمين بما يطلق عليه القرآن “السير في الأرض”، أي الحركة والعمل والتأمل الذي يهدي إلى البحث والكشف عن السنن التي تعينهم في تصريف شؤونهم المختلفة، وتذلل لهم الصعاب، وتيسر لهم عمارة الأرض، واستغلال كنوزها وخيراتها، وفق المنهج الذي نص عليه القرآن الكريم.
ومع غياب التفكير السُني وتراجع العلم لم يعد المسلمون قادرين على تسخير مفرداته بطريقة واقعية ووضعها موضع التنفيذ العملي، مما أفقدهم الجدوى والفاعلية المطلوبة للتقدم والسبق الحضاري (29).
الدور السلبي للاستبداد:
علاوة على أن الاستبداد قتل روح الإبداع ومقومات التجديد في الأمة، وجعل كل إنسان ينشغل بخاصة نفسه ولا يلتفت إلى مصالح الجماعة وإلى حاجات الأمة، فطغت الأنانية والمصلحة الخاصة على حساب المصالح العليا للأمة.
وتحول المسلمون إلى البداوة وعدم التحضر عند فقدهم للروابط التي تفسر اجتماعهم وعملهم المشترك في سبيل أهدافهم الحضارية.
الدور السلبي الأخلاقي للإرجاء:
أما الجانب المعنوي من الحضارة -وقوامه السلوك الأخلاقي المرتبط بالعقيدة- فقد تلاشى من حياة المسلمين بفعل الفكر الإرجائي، فلم يعد المسلم يجد حرجًا في قلبه أن يكذب، وأن يغش، وأن يخون الأمانة، وأن يتهاون في العمل، وأن يخلف الوعد، وأن يحقد على أخيه ويتمنى زوال نعمته، وأن ينافق، وأن يبخل ويجبن، وأن يبيت شبعان وجاره جائع وهو يعلم.
ففقد بذلك جوهره الحضاري الإسلامي؛ لأنه تجرد من أخلاقيات “لا إله إلا الله”، وتجرد من قيمها الإنسانية العليا التي هي جوهر الحضارة وعماد التحضر (30).
جملة الظواهر السلبية والاستلاب الحضاري:
وعلى العموم، فقد اصطبغت المجتمعات الإسلامية بجملة من الظواهر السلبية أورثتها الاستلاب الحضاري وانطفاء الفاعلية منها:
– فاعلية تكاد تكون منعدمة، ونظرة إلى الوقت على أنه لا قيمة له.
– نشاط متجه إلى اللغو والكلام الفارغ والحديث غير المنتج، والثرثرة تكثر كلما قلّ النشاط والحركة.
– فقدان التخصص، والجهودُ مبعثرة.
– الإنتاج أضأل من حاجات المجتمع، ولذلك كان المسلمون عالة على الغربيين في حاجاتهم الحيوية، مما مهدّ للاحتلال الأجنبي.
– التقاعس عن العمل والتواكل، وضعف العزائم، والرضا بالفقر على أنه قدر من الله لا ينبغي السعي إلى تغييره، خوفًا من الوقوع في خطيئة التمرد على الله تعالى (31).
------------
(1) لماذا تأخرت حضارة المسلمين؟ الإسلام سؤال وجواب.
(2) أسباب تخلف المسلمين/ الاتحاد.
(3) تفسير المنار (11/ 173).
(4) في ظلال القرآن (4/ 2529).
(5) أخرجه البخاري (59).
(6) شرح صحيح البخاري لابن بطال (1/ 138).
(7) إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 8).
(8) أخرجه أبو داود (4297).
(9) في ظلال القرآن (6/ 3815).
(10) مجموع الفتاوى (28/ 63).
(11) في ظلال القرآن (3/ 1684).
(12) 3 أسباب رئيسية أدت إل تراجع الأمة.. لماذا تخلف المسلمون؟ عمران.
(13) الانحرافات في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين (2/ 12، 34).
(14) المرجع السابق (2/ 8- 9).
(15) واقعنا المعاصر (ص: 175).
(16) المرجع السابق (ص: 176).
(17) الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي (ص 11).
(18) واقعنا المعاصر (ص: 176).
(19) قراءة في تخلف العالم الإسلامي، مجلة السنة، عدد 4، (ص81).
(20) الانحرافات العقدية والعلمية (2/ 155) بتصرف.
(21) واقعنا المعاصر (ص: 179).
(22) الشكوف الجغرافية، دوافعها وحقيقتها (ص: 11، 33).
(23) واقعنا المعاصر (ص: 179، 180، 188).
(24) المرجع السابق (ص: 182، 183).
(25) المرجع السابق (ص: 183).
(26) عجائب الآثار (2/ 189).
(27) تاريخ القومية وتطور نظام الحكم في مصر (1/ 206، 208، 211).
(28) الجيش المغربي عبر التاريخ (ص: 123- 126).
(29) الفاعلية طريق الحضارة، مجلة البيان، عدد 99، (ص 34)، بتصرف يسير.
(30) واقعنا المعاصر (ص: 178).
(31) الفاعلية طريق الحضارة (ص: 34).