مظاهر التقصير في تربية الأولاد
تتجلى التربية الصادقة، والتوجيه الحكيم في رعاية الأطفال، فهم أمانة ووديعة.
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوّده أبوه
فإلى من يريد لأبنائه الخير والتوفيق، إليك مسائل في التربية علها تدعوك إلى حسن الرعاية بأطفالك:
أولًا: كن قدوة أنت، أيها الوالد، في أخلاقك وسلوكك وحياتك، فإن أطفالك ينظرون إليك أبًا ومعلمًا ومربيًا وأسوةً، يقول سبحانه عن زكريا عليه السلام: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء:90].
ثانيًا: ما يُعرض وما يُسمع وما يُرى في البيت له أعظم الأثر في حياة الطفل ومستقبله؛ فإدخال الإيمان والقرآن الكريم والسنة في البيت، وكثرة الذكر والقيام بأوامر الله واجتناب نواهيه تُكوِّن طفلًا مستقيمًا ملتزمًا.
وفي المقابل فإن إدخال الملاهي والمفاتن وآلات اللعب واللهو والتهاون بشرع الله تعالى تخرج إنسانًا فاسدًا.
ثالثًا: ربط الطفل بكتاب الله عز وجل، حفظًا وتجويدًا وتلاوةً، فهذا عصر الحفظ، وهذا زمن التلقي، وإذا فات الطفل هذا العصر الذهبي، وقضاه في الضياع والتلفت والترفيه ندم بعد كبره أعظم ندامة، وتأسّف كل الأسف، ولات ساعة مندم.
رابعًا: مصاحبة الطفل في عهد الطفولة والصبا، ومنعه من مصاحبة الأنذال والأرذال وسقطة الناس وسفلة القوم؛ فإنهم أضر به من الجرب، وأفسد من كل عدو، فلا إله إلا الله كم أفسد الفاسد من صالح!، وكم أثر الجليس في جليسه!، وكم سحب الصاحب من صاحب!، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»(1).
عن المرء لا تسلْ وسَل عن قرينه فكل قرينٍ بالمُقارَن يقتدي
خامسًا: تنشئة الطفل تنشئة عصامية رجولية تحبب له معالي الأمور، وتكرّه إليه أراذلها، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفاسفها»(2)، فلا يميع الطفل، ولا يُترك متشبهًا بالنساء والسقطة والأرذال؛ فإنها حسرة عليه وعار وشنار.
سادسًا: ملاحظة الطفل في زيه ولباسه وهيئته، فيقوم بالأدب على منهاج السنة، وعلى الطريقة المحمدية الكاملة، فلا يتشبه بأعداء الله، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم»(3)، فيُجنّب الذكَر لبس الذهب والحرير، والإسبال، والميوعة، والانكسار في الكلام، وكثرة الضحك، والعبث، والطيش، والعجلة، والخِفّة، والسخف، وإضاعة الوقت، وغير ذلك من المثالب والعيوب.
سابعًا: تعظيم أمر الله في قلب الطفل، وتعظيم كل ما له علاقة بالدين، فيُقدس الله عز وجل بأسمائه وصفاته وأفعاله، ويُنزّه عن العيوب، ويُظهر هذا للطفل في تربيته؛ ليغرس في نفسه تعظيم الله عز وجل وكلامه، وتعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثامنًا: توجيه الطفل لطلب العلم النافع وتحصيله، والجد فيه، والإخلاص في طلبه، وبذل الجهد في حفظه وتكراره، وإشعار الطفل بثمرة العلم العظيمة اليانعة ونتائجه الطيبة؛ علّه أن يهبَّ من رقدة السُّبات وسِنة الغفلة.
تاسعًا: الدعاء له بالتوفيق مع كل صلاة، والإلحاح في مسألة المولى تبارك وتعالى أن يصلحه، وأن يهديه، وأن يأخذ بيده، والضراعة في السَّحَر وفي أوقات الإجابة أن يكتب الله الإيمان في قلبه، وأن يؤيده بروح منه، قال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74].
عاشرًا: رحمة هذا الطفل، والشفقة عليه، والعطف عليه، وتقبيله ومداعبته وممازحته، وإدخال السرور عليه، وعدم الغلظة والفظاظة معه، وعدم تجريحه أمام الناس، وليفعل المسلم بأطفاله كما فعل رسول الهدى صلى الله عليه وسلم بالأطفال؛ فإن الراحمين يرحمهم الله عز وجل(4).
مظاهر التقصير في تربية الأولاد:
ومع هذا فإن التقصير في تربية الأولاد خلل واضح، وخطأ فاضح، وخيانة للأمانة، ونقص في الديانة، وشرخ يحدث في بناء الأمة، فالبيت هو المدرسة الأولى للأولاد، والبيت هو اللبنة التي يتكون من أمثالها بناء المجتمع.
قال ابن القيم رحمه الله: «وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء»(5).
أيها المسلمون، كما أن للوالدين حقًا على الأولاد، فكذلك للأولاد حق على الوالدين، وكما أن الله أمرنا ببر الوالدين، ونهانا عن عقوقهما، فكذلك أمرنا بالإحسان إلى الأولاد، فالإحسان إليهم والحرص على تربيتهم أداء للأمانة، وإهمالهم والتقصير في حقهم غش وخيانة.
وقد تظاهرت النصوص من الكتاب والسنة بالأمر بالإحسان إلى الأبناء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].
وقال صلوات ربي وسلامه عليه: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته»(6).
وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة»(7).
وبالرغم من عظم مسئولية تربية الأولاد إلا أن كثيرًا من الناس قد فرط بها واستهان بأمرها ولم يرعها حق رعايتها، فأضاعوا أولادهم، وأهملوا تربيتهم، فلا يسألوا عنهم، ولا يوجهونهم، وإذا رأوا منهم تمردًا أو انحرافًا بدءوا يتذمرون ويشكون من ذلك، وما علموا أنهم هم السبب الأول في ذلك التمرد والانحراف، كما قيل:
ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
والتقصير في تربية الأولاد يأخذ صورًا شتى، ومظاهر عديدة، نذكر بعضًا منها، علَّنا نحذرها ونعمل على تلافيها، والعمل بما فيه الخير لنا ولأبنائنا، فمن هذه المظاهر:
1- تنشئة الأولاد على الجبن والخوف والهلع والفزع:
فمما يلاحظ على أسلوبنا في التربية تخويف الأولاد حين يبكون ليسكتوا؛ فنخوفهم بالغول، والبعبع، والحرامي، والعفريت، وصوت الريح، وغير ذلك.
وأسوأ ما في هذا أن نخوفهم بالأستاذ، أو المدرسة، أو الطبيب؛ فينشأ الولد جبانًا رعديدًا، يفرق من ظله، ويخاف مما لا يخاف منه.
وأشد ما يغرس الخوف والجبن في نفس الطفل أن نجزع إذا وقع على الأرض، وسال الدم من وجهه، أو يده، أو ركبته، فبدلًا من أن تبتسم الأم، وتهدئ من روع ولدها وتشعره بأن الأمر يسير، تجدها تهلع وتفزع، وتلطم وجهها، وتضرب صدرها، وتطلب النجدة من أهل البيت، وتهول المصيبة، فيزداد الولد بكاءً، ويتعود الخوف من رؤية الدم، أو الشعور بالألم.
2- تربيتهم على التهور، وسلاطة اللسان والتطاول على الآخرين:
الآباء والأبناء مسئولون عن متابعة أبنائهم، هل يتخلقون بخلق حفظ اللسان عن التلفظ بالألفاظ النابية وعن الشتائم وعن سلاطة اللسان، وعليهم توجيهه إلى خير القول وحسنه، وإن الكلمة الطيبة صدقة، وتحذيره من عواقب سلاطة اللسان وحصائده(8).
3- تربيتهم على الميوعة، والفوضى، وتعويدهم على الترف والنعيم والبذخ:
فينشأ الولد مترفًا منعمًا، همه خاصة نفسه فحسب، فلا يهتم بالآخرين، ولا يسأل عن إخوانه المسلمين، لا يشاركهم أفراحهم، ولا يشاطرهم أتراحهم؛ فتربية الأولاد على هذا النحو مما يفسد الفطرة، ويقتل الاستقامة، ويقضي على المروءة والشجاعة.
4- بسط اليد للأولاد، وإعطاؤهم كل ما يريدون:
فبعض الوالدين يعطي أولاده كل ما سألوه، ولا يمنعهم شيئًا أرادوه، فتجد يده مبسوطة لهم بالعطاء، وهم يعبثون بالأموال، ويصرفونها في اللهو والباطل؛ مما يجعلهم لا يأبهون بقيمة المال، ولا يحسنون تصريفه.
5- إعطاؤهم ما يريدون إذا بكوا بحضرة الوالد، خصوصًا الصغار:
فيحصل كثيرًا أن يطلب الصغار من آبائهم أو أمهاتهم طلبًا ما، فإذا رفض الوالدان ذلك لجأ الصغار إلى البكاء؛ حتى يحصل لهم مطلوبهم، عندها ينصاع الوالدان للأمر، وينفذان الطلب، إما شفقة على الولد، أو رغبة في إسكاته والتخلص منه، أو غير ذلك؛ فهذا من الخلل بمكان، فهو يسبب الميوعة والضعف للأولاد.
وذلك أن الولد يبكي، فتعطيه أمه الثدي، فينطبع في نفسه أن الصراخ هو الوسيلة إلى الوصول إلى ما يريد، ويكبر على هذا.
6- الشدة والقسوة عليهم أكثر من اللازم:
إما بضربهم ضربًا مبرحًا إذا أخطئوا، ولو للمرة الأولى، أو بكثرة تقريعهم وتأنيبهم عند كل صغيرة وكبيرة، أو غير ذلك من ألوان الشدة والقسوة، والتربية ليست بالقسوة فقط، لكن القسوة لها وقتها، واللين له وقته، والمراد التعليم وليس الانتقام.
7- شدة التقتير عليهم:
فبعض الآباء يقتر على أولاده أكثر من اللازم؛ مما يجعلهم يشعرون بالنقص، ويحسون بالحاجة، وربما قادهم ذلك إلى البحث عن المال بطريقة أو بأخرى، إما بالسرقة، أو بسؤال الناس، أو بالارتماء في أحضان رفقة السوء وأهل الإجرام.
8- حرمانهم من العطف والشفقة والحنان:
ما يجعلهم يبحثون عن ذلك خارج المنزل؛ لعلهم يجدون من يشعرهم بذلك.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: (إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحدًا)، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: (من لا يَرحم لا يُرحم)»(9).
في هذا الحديث من الفقه أن تقبيل الولد سُنة، على أن يكون ذلك رحمة؛ لأنه في مقام رحمة لا يقدر على البطش، ولا على إطعام نفسه، ولا على أن يستغني ساعة عن كل ما يقوم بمصالحه، ولو قد قبله ليطيب قلب أمه كان له بذلك أجر(10).
9- الاهتمام بالمظاهر فحسب:
فكثير من الناس يرى أن حسن التربية يقتصر على الطعام الطيب، والشراب الهنيء، والكسوة الفخمة، والدراسة المتفوقة، والظهور أمام الناس بالمظهر الحسن، ولا يدخل عندهم تنشئة الولد على التدين الصادق، والخلق الكريم.
10- المبالغة في إحسان الظن بالأولاد:
فبعض الآباء يبالغ في إحسان الظن بأولاده، فتجده لا يسأل عنهم، ولا يتفقد أحوالهم، ولا يعرف شيئًا عن أصحابهم؛ وذلك لفرط ثقته بهم، فتراه لا يقبل عدلًا ولا صرفًا في أولاده، فإذا وقع أولاده أو أحد منهم في بلية، أو انحرف عن الجادة السوية، ثم نُبِّه الأب على ذلك بدأ يدافع عنهم، ويلتمس المعاذير لهم، ويتهم من نبهه أو نصحه بالتهويل والتعجل، والتدخل فيما لا يعنيه.
11- المبالغة في إساءة الظن بهم:
وهذا نقيض السابق، فهناك من يسيء الظن بأولاده، ويبالغ في ذلك مبالغة تخرجه عن طوره، فتجده يتهم نياتهم، ولا يثق بهم البتة، ويشعرهم بأنه خلفهم في كل صغيرة وكبيرة، دون أن يتغاضى عن شيء من هفواتهم وزلاتهم.
12- التفريق بينهم:
فتجد من الناس من يفرق بين أولاده، ولا يعدل بينهم بالسوية، سواء كان ذلك ماديًا أو معنويًا.
فهناك من يفرق بين أولاده في العطايا والهدايا والهبات، وهناك من يفرق بينهم بالملاطفة والمزاح، وغير ذلك؛ مما يوغر صدور بعضهم على بعض، ويتسبب في شيوع البغضاء بينهم، ويبعث على نفورهم وتنافرهم.
13- التسخط بإنجاب البنات:
وهذا، قبل أن يكون خللًا في التربية، هو خلل في العقيدة، فبعض الناس إذا رزقه الله بنتًا تسخط بها، وضاق ذرعًا بمقدمها، ولا شك أن هذا الصنيع من أعمال الجاهلية وأخلاق أهلها، الذين ذمهم الله في قوله: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)} [النحل:58-59].
فتسخط البنات أمر خطير، وفيه عدة محاذير، منها:
أ- أنه اعتراض على قدر الله.
ب- أن فيه ردًا لهبة الله بدلًا من شكرها، وكفى بذلك تعرضًا لمقت الله.
ج- أنه تشبه بأخلاق أهل الجاهلية.
د- أنه دليل على السفه والجهل والخلل في العقل.
هـ- أنه تحميل للمرأة ما لا تطيق؛ فبعضهم يغضب على المرأة بمجرد إتيانها بالأنثى، وما علم أنه هو السبب، لو كان يعقل؛ إذ يعامل المرأة معاملة من لو كانت ولادة الذكور باختيارها.
14- ومن صور التقصير في تربية الأولاد تسميتهم بأسماء سيئة:
فهذا خلل في التربية وجناية على الأولاد، قال الشيخ العلامة بكر أبو زيد رحمه الله: «إني تأملت عامة الذنوب والمعاصي، فوجدت الذنوب والمعاصي إذا تاب العبد منها تجذمها التوبة، وتقطع سيئ أثرها لتوها؛ فكما أن الإسلام يَجُب ما قبله، وأكبره الشرك، فإن التوبة تجب ما قبلها، متى اكتملت شروطها المعتبرة شرعًا، وهي معلومة أو بحكم المعلومة.
لكن هناك معصية تتسلسل في الأصلاب، وعارها يلحق الأحفاد من الأجداد، ويتندر بها الرجال على الرجال، والولدان على الولدان، والنسوة على النسوان، فالتوبة منها تحتاج إلى مشوار طويل العثار؛ لأنها مسجلة في وثائق المعاش من حين استهلال المولود صارخًا في هذه الحياة الدنيا إلى ما شاء الله من حياته، في شهادة الميلاد، وحفيظة النفوس، وبطاقة الأحوال، والشهادات الدراسية، ورخصة القيادة، والوثائق الشرعية.
إنها تسمية المولود، التي تعثر فيها الأب فلم يهتد لاسم يقره الشرع المطهر، ويستوعبه لسان العرب، وتستلهمه الفطرة السليمة».
وهذه واحدة من إفرازات التموجات الفكرية التي ذهبت ببعض الآباء كل مذهب، كل بقدر ما أثر به من ثقافة وافدة، وكان من أسوئها ما نفث به بعض المستغربين منها من عشق كلف، وظمأ شديد لأسماء الكافرين، والتقاط كل اسم رخو فتخاذل وعزوف سادر عن زينة المواليد الأسماء الشرعية.
فمن الأخطاء التي تقع في تسمية المولود ما يلي:
أ- تسميتهم بالأسماء الممنوعة المحرمة: كتسميتهم بأسماء الله المختصة به؛ مثل: الأحد، الرحمن، الله، الخالق، ومن ذلك الأسماء المعبدة لغير الله تعالى؛ مثل: عبد النبي، عبد الحسين، عبد علي، وكذلك تسميتهم بالأسماء الأجنبية الخاصة بأعدائنا من اليهود والنصارى وغيرهم؛ مثل: جورج، وديفيد، ومايكل، وجوزيف، وديانا، وجاكلين؛ لأن هذا يجر، ولو على المدى البعيد، إلى موالاتهم.
ب- تسميتهم بالأسماء التي ينبغي تجنبها، والتي قد تكون محرمة: كتسميتهم بأسماء الجبابرة والطواغيت؛ أمثال: فرعون، وهامان، وقارون، ومن كان في قافلتهم وعلى شاكلتهم؛ مثل: ماركس، ولينين، وستالين، وفرويد؛ لأن التسمي بهم ينم عن الرضا بأفعالهم، والمحبة لمناهجهم.
ج- تسميتهم بالأسماء التي يظن أنها من أسماء الله تعالى: فهذه من الأسماء المكروهة شرعًا؛ كالتسمية بـعبد المقصود، وعبد الستار، وعبد الموجود.
د- تسميتهم بالأسماء المكروهة أدبًا وذوقًا: وهي التي تحمل في ألفاظها تشاؤمًا، أو معاني تكرهها النفوس؛ كحرب، وحمار، وكلب، ومرة.
هـ- تسمية الأولاد بالأسماء التي تسبب الضحك وتثير السخرية؛ مثل: شحات، وفلفل، وخيشة، وجحش، وبغل، وفجل.
و- التسمية بالأسماء التي توحي بالتميع والغرام وخدش الحياء: مثل: هيام، ومعناه: الجنون في العشق، وكذلك وصال، وفاتن، وفتنة، وشادية.
ز- التسمية بأسماء الملائكة: خاصة للنساء؛ إذ يخشى أن يكون تشبهًا بالمشركين.
ح- تسميتهم بالأسماء التي تتضمن تزكية دينية؛ مثل: برة.
15- مكث الوالد طويلًا خارج المنزل:
فبعض الآباء يهمل منزله، ويمكث طويلًا خارجه؛ مما يعرض الأولاد للفتن والمصائب والضياع والانحراف، ومن مظاهر ذلك ما يلي:
أ- الاشتغال عن الأولاد بالبيع والشراء والتجارة، ولو عوتب الأب على ذلك لقال: إنما أعمل لأجلهم.
ب- السفر الطويل خارج البلد للعمل أو النزهة.
ج- عكوف الساعات الطوال مع الأصحاب في الاستراحات والمتنزهات.
د- إهمال البيت الأول إذا بنى الأب بزوجة جديدة، وسكن معها بمسكن جديد؛ فكم من الناس من يهمل بيته الأول إذا بنى بزوجة جديدة، فيضيع الأولاد ويتشردون بسبب انشغال والدهم وبعده عنهم.
هـ- كثرة خروج الأم من المنزل، إما للأسواق أو للزيارات.
16- الدعاء على الأولاد:
فكم من الوالدين، وخصوصًا الأمهات، من يدعو على أولاده، فتجد الأم، لأدنى سبب، تدعو على ولدها البريء بالحمى، أو أن يقتل بالرصاص، أو أن تدهسه سيارة، أو أن يصاب بالعمى أو الصمم، وتجد من الآباء من يدعو على أبنائه بمجرد أن يرى منهم عقوقًا أو تمردًا ربما كان هو السبب فيه.
وما علم الوالدان أن هذا الدعاء ربما وافق ساعة إجابة، فتقع الدعوة موقعها، فيندمان ولات ساعة مندم.
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسْأَلُ فيها عطاءٌ فيستجيب لكم»(11).
17- التربية على سفاسف الأمور، ومرذول الأخلاق:
كتقليد الكفار، وتعويد البنات على لبس القصير من الثياب، ومن ذلك تعويدهم على إطلاق العبارات النابية، والكلمات المقذعة، وذلك من خلال كثرة ترديد الوالدين لتلك العبارات، أو من خلال نبز الأولاد بالألقاب عند مناداتهم؛ مما يجعل الأولاد يألفون هذه العبارات، ولا يراعون آداب الكلام.
18- فعل المنكرات أمام الأولاد، أو إقرارهم عليها:
كشرب الدخان، أو حلق اللحية، أو سماع الأغاني، أو مشاهدة الأفلام الساقطة، أو متابعة المسلسلات التليفزيونية، وكتبرج المرأة أمام بناتها، وكثرة خروجها من المنزل لغير حاجة، إلى غير ذلك، فهذا كله يجعل من الوالدين قدوة سيئة للأولاد.
وكذلك قد يرى الوالد على أولاده بعض المنكرات، فلا تراه يحرك ساكنًا تجاههم؛ مما يجعلهم يستمرئون المنكر.
19- جلب المنكرات للمنزل:
سواء كانت من المجلات الخليعة، أو من أجهزة الفساد المدمرة، أو الكتب التي تتحدث عن الجنس صراحة، أو غيرها من المنكرات.
فهذه وسائل تخريب، ومعاول هدم، وأدوات فساد وانحلال، ومدارس لهدم العقيدة وتمييع الأخلاق، والتدريب العملي على ارتكاب الفواحش؛ فهذه الوسائل لها قدرة كبيرة على الإقناع، ولها تأثير بالغ في تنحية دور الأسرة في التربية.
20- كثرة المشكلات بين الوالدين:
فهذا العمل له دوره السيئ على الأولاد، فما موقف الولد الذي يرى والده وهو يضرب والدته؟ ويغلظ عليها بالقول؟ وما موقفه إذا رأى أمه تسيء معاملة والده؟
لا شك أن نوازع الشر ستتحرك في نفسه، ومراجل الحقد ستغلي في جوفه، فتزول الرحمة من قلبه، وينزع إلى الشر والعدوانية.
21- التناقض بين الفعل والقول:
كأن يأمر الوالد أولاده بالصدق وهو يكذب، ويأمرهم بالوفاء بالوعد وهو يخلف، ويأمرهم بالبر والصلة وهو عاق قاطع، أو ينهاهم عن شرب الدخان وهو يشرب، وهكذا...، وليس معنى ذلك أن يترك الوالد نصح أولاده إذا كان مقصرًا أو مفرطًا في بعض الأمور؛ بل ينبغي أن ينصح لهم، ولو لم يكن عاملًا بما يقول، وإنما المقصود بيان أن التناقض بين القول والفعل يُفقد النصائحَ أثرها.
22- ترك البنات يذهبن للسوق بلا محرم:
ولا شك أن هذا تفريط عظيم وإخلال بالأمانة، فمن الناس من يذهب ببناته إلى السوق الذي يبيع فيه الرجال، فيمكثن فيه الساعات الطوال، يتجولن بين الباعة بدون محرم؛ مما يعرضهن للفتنة، ويجعلهن يَفْتِنَّ غيرهن.
ومن رعى غنمًا في أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الأسد
23- إهمال الهاتف وترك مراقبته في المنزل:
فبعض الآباء، هداه الله، لا يلقي للهاتف بالًا، ولا يراقبه البتة؛ بل ربما أعطى كل واحد من أبنائه وبناته هاتفًا خاصًا في غرفته، أو يعطيهم هاتفًا جوالًا ولو كانوا لا يدركون مخاطره، ولا يستفيدون منه على الوجه الصحيح.
وما علم أن الهاتف إذا أسيء استخدامه أصبح معول هدم وخراب؛ فكم جر من بلايا ورزايا، وكم قاد إلى الشرور والمحن، وكم انتهك بسببه من عرض، وكم خرب لأجله من بيت.
24- الغفلة عما يقرؤه الأولاد:
فالقراءة، ولا شك، تصوغ الفكر، وتؤثر في القارئ سلبًا أو إيجابًا.
وبعض الآباء لا يلقي لها بالًا، فلا يسأل عن قراءة أولاده، ولا يوجههم إلى القراءة النافعة، ولا يحذرهم من القراءة الضارة.
25- احتقار الأولاد وقلة تشجيعهم:
ومن مظاهر ذلك:
أ- إسكاتهم إذا تكلموا، والسخرية بهم وبحديثهم؛ مما يجعل الولد عديم الثقة بنفسه، قليل الجرأة في الكلام والتعبير عن رأيه.
ب- التشنيع عليهم إذا أخطئوا، ولمزهم إذا أخفقوا في موقف، أو تعثروا في مناسبة؛ مما يولد لديهم الخجل والهزيمة، ويشعر الوالد بالعجب والكبرياء، فيتكون بذلك الحاجز النفسي بين الطرفين؛ فلا يمكن بعده للوالد أن يؤثر في أولاده.
ج- ازدراؤهم إذا استقاموا: وهذا أشد الاحتقار وأعظم صوره، فتجد من الآباء من يحتقر أولاده إذا رأى منهم تقى وصلاحًا واستقامة وهداية؛ مما يجعلهم يضلون، وعلى أعقابهم ينكصون، فيصبحون بعد ذلك عالة عليه، وسببًا لجر البلايا إليه.
26- قلة العناية بتربيتهم على تحمل المسئولية:
فبعض الآباء لا يربي أولاده على تحمل المسئولية؛ إما لإراحتهم، أو لعدم ثقته بهم، أو لعدم مبالاته في تربيتهم، فتجد من الآباء، على سبيل المثال، من لديه محلات تجارية كثيرة، وتجده يستقدم العمال من خارج بلاده، وربما كانوا من الكفار، وربما استعان بمن يعمل عنده من أهل بلده، وأولاده في المنزل لا عمل لهم؛ بل ربما عملوا عند غيره.
وقد يكون الأبناء مقصرين أو عاقين، ولكن ما دور الأب تجاههم؟
أما إذا كان الأولاد يشتغلون بطلب العلم، أو الدعوة إلى الله، أو نحو ذلك من معالي الأمور، وأراد الوالد أن يفرغهم لما توجهوا إليه من تلك الأعمال العظيمة فلا بأس بذلك، بل إن الوالد يحمد على صنيعه هذا.
وإنما اللوم يقع لمن تركهم عالة على غيرهم، وهو قادر على استصلاحهم، والأخذ بأيديهم إلى ما ينفعهم.
27- عدم إعطائهم فرصة للتصحيح والتغيير للأفضل:
فبمجرد أدنى خطأ أو زلة تجد بعض الآباء يزري بولده، ولا يكاد ينسى هذا الخطأ له، فإذا سرق الولد ناداه باسم السارق، وإذا كذب ناداه باسم الكذاب، وكأن هذه الأخطاء ضربة لازب لا تزول، أو وصمة عار لا تنمحي، ومن هنا ينشأ الولد وفي نفسه أنه سارق أو كذاب، فلا يحاول التخلص من عيبه، ولا يجد من يعينه على ذلك.
28- سوء الفهم لنفسية الأولاد وطبائعهم:
فكثير من الآباء لا يفهم نفسية أولاده، ولا يعرف طبائعهم وأمزجتهم؛ فالأولاد تختلف أمزجتهم وطبائعهم؛ فمنهم من يغضب بسرعة، ومنهم من يتسم بالبرود، ومنهم من هو معتدل المزاج، فمعاملتهم بنمط واحد، بالرغم من تباين نفسياتهم، قد يتسبب في انحرافهم وميلهم.
29- قلة المراعاة لتقدير مراحل العمر التي يمر بها الولد:
فتجد من الوالدين من يعامل الولد على أنه طفل صغير، بالرغم من أنه قد كبر، فهذه المعاملة تؤثر في نفس الولد وتشعره بالنقص، فلكل مرحلة من مراحل العمر معاملتها الخاصة، التي يجدر بالوالد مراعاتها والأخذ بها.
30- قلة الاهتمام بتعليم الأولاد:
فكم من الآباء من لا يهتم بذلك، فتجده لا يسأل عن المدرسة التي سيدرس فيها ابنه، ولا عن المدرسين وسلوكهم وأخلاقهم، ولا عن المناهج الدراسية، ولا عن نوعية الطلاب الذين يدرسون في المدرسة مع ابنه.
31- إلحاقهم بالمدارس الأجنبية:
التي تفسد عقائدهم وأخلاقهم، خصوصًا إذا كانوا صغارًا، أو قليلي الحصانة من العلم والتقوى، وقد لا يقتصر فسادهم على أنفسهم؛ بل يصبحون معاول هدم لأمتهم.
32- الدفاع عن الخطأ وتبريره له:
فقد يحدث أن يقوم أحد المدرسين أو المسئولين في المدرسة بتأنيب طالب من الطلاب أو عقابه، ثم يأتي والده وقد غضب غضبة مضرية، وبدلًا من الحوار الهادئ مع صاحب الشأن، وبدلًا من أن يكون ذلك بعيدًا عن ناظري الولد، تجد ذلك الوالد يطلق العبارات النابية على الأستاذ أو المسئول، ويصب جام غضبه عليه، وينزله في الحضيض بحضور ولده، ومن هنا تقل قيمة المدرسة في نفس الولد، ويشعر بالزهو والتيه والإعجاب بالنفس، فلا يكاد بعد ذلك يصيخ السمع للمعلمين والمربين.
33- ترك المبادرة في تزويج الأبناء مع الحاجة والمقدرة:
فمن الآباء من لا يحفل بهذا الأمر؛ فتراه لا يبادر إلى تزويج أبنائه مع حاجاتهم إلى الزواج، ومع غنى الأب، واستطاعته أن يزوجهم.
وهذا خطأ فادح؛ حيث يترتب عليه مفاسد عظيمة تعود على الفرد والأمة؛ فبسببه يتعطل الشباب عن الزواج إلى سن متأخرة، وبسببه تضيع أعراض وأخلاق.
والذي يؤخر زواجه يحرم من سكون النفس، وطمأنينة القلب، وفضائل الزواج المتعددة.
34- إجبار الابن على نكاح من لا يريد:
كأن يقول الوالد لابنه: تزوج بنت عمك، أو بنت خالك، أو بنت الوجيه الفلاني، أو التاجر الفلاني، أو نحو ذلك، وإذا لم يتزوج غضب عليه الوالد أشد الغضب؛ بل ربما هجره.
وهذا الصنيع لا يجوز، فليس للوالد إجبار ابنه على الزواج من أسرة معينة، أو فتاة معينة؛ فقد يرى الابن ما لا يرى والده؛ فقد لا يجد ميلًا لمن أشار والده بها، وقد يكون طامحًا لأسرة أخرى؛ وهكذا.
نعم للوالدين أن يشيرا عليه، ولهما أن يحاولا إقناعه، وفتح المجالات أمامه، وإبداء المسوغات له، ولكن ليس لهما إجباره، فقد يضرانه من حيث أرادا نفعه.
35- تأخير زواج البنات بغير مسوغ شرعي:
فمن الآباء من يؤخر زواج ابنته بلا مسوغ شرعي؛ فتراه يرد الخاطب الكفؤ، ويؤخر زواج ابنته، إما لكونها وحيدته فلا يرغب في فراقها، أو لرغبته في أن تخدمه، أو لأنها موظفة ويرغب في مالها، أو لأنه ينتظر خاطبًا غنيًا يتقدم لموليته، أو لغير ذلك من الأسباب.
وهذا حرمان للفتاة من حقها في الزواج؛ فكيف تكون حالها وهي ترى أترابها من بنات عمها، أو بنات خالها، أو صديقاتها وهن يحملن الأطفال، ويسعدن بالأزواج؟
36- تزويج البنات بغير الأكفاء:
فمن الآباء من لا يقصر في المبادرة إلى تزوج ابنته، ولكنه يقصر في اختيار الزوج المناسب، فتراه لا يتحرى الكفؤ الذي يرضى دينه وخلقه، إما لقلة اهتمامه بأمر ابنته، أو لرغبته في التخلص من تبعتها وبقائها بلا زوج، وإما لعجلته وخرقه، وإما لطمعه في المال إذا تقدم إليه غني، أو لرغبته في الوجاهة والمنصب والسمعة إذا تقدم له من هو كذلك، أو يزوجها للقريب الذي يستحي من رد طلبه.
أما الدين القويم والخلق الكريم فلا يخطر بباله، ولا يدور في خياله.
ولهذا قد تبتلى بتارك للصلاة، أو مدمن للمخدرات، أو شرس الأخلاق، جافي الطبع.
ولا حرج أن يسأل الإنسان عن المنصب، والحسب، والنسب، ونحو ذلك من الاعتبارات، لكن الحرج أن تكون هي المحكمة في المفاضلة والترجيح دون اعتبار للدين والخلق، وهذا من الخلل والتفريط.
37- إرغام البنت على الزواج بمن لا تريده:
فمن الآباء من إذا خطبت إليه ابنته، واقتنع بالخاطب، أيًا كانت دوافع الاقتناع، أعطى الموافقة التامة دون أن تعلم البنت بشيء؛ فإذا قرب موعد الزفاف همس الولي في أذنها؛ كي تهيئ نفسها لزوجها.
وهذا من الخلل؛ فقد لا ترضى البنت بالزوج، فإذا أجبرت على الزواج منه كانت حياتهما ضربًا من النكد.
ولهذا جاء الشرع الحكيم بمنع الولي من إكراه موليته على الزواج؛ لأن ذلك ليس من حقه، جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي قال: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن»، قالوا: «يا رسول الله، وكيف إذنها؟»، قال: «أن تسكت»(12).
وعلى هذا فلا يجوز تزويج المولية بغير إذنها، ولا يعني اشتراط إذنها أن الولي غير لازم في نكاحها؛ فالصواب من القول أن تتفق إرادتها وإرادة وليها في التزويج.
نعم لوليها أن يحاول إقناعها بالزواج إذا كانت ترفضه، وله إقناعها بالزوج الصالح إذا كانت ترده، ولكن ليس له إجبارها، ولا يعني ذلك أن تتعنت المرأة بحجة أنها لا تجبر.
38- دخول الوالد في كل صغيرة وكبيرة من أمر ولده إذا تزوج:
فمن الوالدين، أبًا كان أو أمًا، من يفرض وصاية عامة، ويضع سياجًا محكمًا على أولاده، بنين وبنات، حتى بعد أن يتزوجوا؛ فتراه يتدخل في شئونهم الخاصة، ويأتي بيوتهم على غرة، ويفرض آراءه التي قد تكون مجانبة للصواب.
وهذا من الخلل في التعامل مع الأولاد؛ فاللائق بالوالد أن يترك أولاده يعيشون حياتهم الخاصة بهم، وألا يكون حجر عثرة في طريق سعادتهم.
ولا يعني ذلك أن يترك مناصحتهم، ودلالتهم على ما فيه صلاحهم وفلاحهم، وإنما المقصود من ذلك لزوم الاعتدال في شتى الأحوال(13).
***
_____________
(1) أخرجه أحمد (8028).
(2) أخرجه الطبراني (2894).
(3) أخرجه أبو داود (4031).
(4) كيف نربي أولادنا في رمضان، ملتقى الفكر والجمال.
(5) تحفة المودود بأحكام المولود، ص143-144.
(6) أخرجه البخاري (893).
(7) أخرجه مسلم (142).
(8) التربية الأخلاقية للأبناء والآباء، ص219.
(9) أخرجه البخاري (5997)، ومسلم (2318).
(10) الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 177).
(11) أخرجه مسلم (3009).
(12) أخرجه البخاري (5136)، ومسلم (1419).
(13) منقول من كتاب (التقصير في تربية الأولاد، مظاهره وسبل الوقاية والعلاج)، أرشيف ملتقى أهل التفسير، الموسوعة الشاملة، بتصرف شديد.