logo

مصروف الطفل إيجابيات وسلبيات


بتاريخ : السبت ، 10 جمادى الآخر ، 1442 الموافق 23 يناير 2021
بقلم : تيار الاصلاح
مصروف الطفل إيجابيات وسلبيات

يعتبر مصروف الأبناء من بين الموضوعات الأكثر أهمية والأعلى حساسية في الأسر؛ لأنّه يحتاج إلى طرق اجتماعية ونفسية مقرونة بالحكمة والنظرة البعيدة في التعامل مع الأبناء، وتزداد حساسية الموضوع عندما يرى الأب أنّ منح الأبناء مصروفًا كبيرًا يحفزهم على المذاكرة والاجتهاد في مدارسهم، ويمنعهم ذلك من التعرض لمواقف محرجة أمام زملائهم، على الرغم من أنّهم يوقنون أنّ المصروف الزائد عن احتياجات الابن قد يكون عامل إفساد يدفع الابن لاتباع وارتكاب سلوكيات مشينة، وفي المقابل يعتقد بعض الآباء أنّ منح الأبناء مصروفًا محدودًا قد يحميهم من الأخطار المحدقة بهم، ولكنهم في الوقت نفسه يخشون أن يشعر الصغار بنوع من الحرمان؛ لقلة المصروف مقارنة بغيرهم من الطلاب.

ويعتبر المصروف في أيدي الأبناء نعمة ونقمة في آن واحد!؛ فبعضهم يدخره وربما يستثمره بطريقة تجعله يشعر بلذة هذا المال الذي بيده، خلافًا عن غيره الذي يصرف كل ما لديه ولا يبالي، فيما هناك من يحرص على أن يصرف منه بحذر، كما يؤثر مصروف الأبناء سلبًا وإيجابًا على الطفل؛ مما قد يجعله شخصية مترفة، مبذرة، غير مبالية بما تملك، وغير محببة ممن حوله؛ بسبب تصرفات تظهر في شخصيته، أو أن تتكون في شخصيته الحكمة، والقدرة على تدبير الأمور، والتصرف بحنكة وتروٍّ؛ مما ينعكس على مستقبل الابن.

لكن قرار منح أطفالك مصروفًا ليس دائمًا قرارًا سهلًا، ففي حين أن المصروف يمكن أن تكون وسيلة قوية لتعليم مهارات المال، إلا أنه قد يحتاج وقتًا طويلًا من الرعاية والتواصل والمتابعة؛ خاصة للآباء الذين يعانون من الإجهاد.

دور المصروف في تكوين شخصية الطفل:

إذا شئنا المقارنة فيمكن تشبيه مصروف الطفل بالدخل الشهري لنا ككبار، فمن خلال هذا المصروف سوف يتمكن من شراء حاجاته وأطعمته المفضلة، وتحقيق بعض رغباته البسيطة؛ كالذهاب للتنزه مع أقرانه، كما لديه الحرية في توفيره لجمع مبلغ أكبر يمكنه من تحقيق غاية معينة فيما بعد، ومن هنا يمكن تحديد أهمية المصروف في بناء شخصية الطفل من خلال عدة نقاط:

- مصروف الطفل يساعده في تعلم مفهوم الملكية والحقوق: حيث أن هذا المصروف ملكيته الخاصة، ومن حقه التصرف فيه كما يحلو له دون قيود، وهذا يجعل الطفل يتعلم معنى مفهوم الملكية، وكيف يفرق بين أملاكه وأملاك الآخرين وحقوقه وحقوقهم.

- يتعلم الطفل من خلال مصروفه مفهوم التوفير والادخار: فقد يرغب الطفل في الحصول على لعبة معينة أو أي شيء آخر، وقد لا يكفيه مصروف يوم واحد لتحقيق ما يريد، وهنا يجد نفسه مضطرًا لأن يدخر مصروفه لعدة أيام حتى يجمع المبلغ المطلوب، وهكذا يتعلم فكرة التوفير والادخار.

- يساهم المصروف في تعليم الطفل مدى حدوده وقدراته: فمهما كان حجم هذا المبلغ لن يكفي لتحقيق كل الغايات والحاجات الضرورية والكمالية، وهذا يجعل الطفل يتعلم كيف يقوم بحسابات معينة يحدد من خلالها أولوياته، وكيف يقسم احتياجاته ويوزع عليها مصروفه، بحيث يصل لتحقيق القدر الأكبر من ضرورياته، ولا يبذل مصروفه على أشياء كمالية لا حاجة فعلية له فيها.

- يتعلم الطفل من خلال مصروفه مفهوم القناعة والرضا: في المرحلة المبكرة من عمر الطفل يكون لم يدرك بعد من أين يأتي ذويه بمصاريفه ومصاريف المنزل ومستلزمات الحياة، ولهذا فهو لا يقدر مفهوم محدودية الدخل، وأن عليه الاستغناء عن بعض كمالياته لهذا السبب، ولكن عندما يصبح لديه مصروف محدد يجب أن يكفيه لجميع حاجاته يبدأ بادراك هذه الفكرة وفهم أبعادها، وبالتالي يتكون لديه أولى بذور القناعة (1).

- التعامل مع الآخرين: من إيجابيات إعطاء المصروف للطفل من وجهة نظر المختصين في قضايا التربية الأسرية أنه يسمح له بأن يتعامل مع أشخاص خارج الأسرة، وهذه الخطوة هامة في النمو النفسي والاجتماعي يجب تشجيعها.

- عزة النفس والاستغناء عن الناس: وإنّ توفير حاجات الطفل، وتلبية طلباته المعقولة، والتي من ضمنها منحه مصروفًا خاصًا به، له حرية التصرف في إنفاقه، يساعد الوالدين في تنشئته على عزة النفس ومناعة الطبع والاستغناء عن الناس، وهذا الخلق لا يمكن أن يترسخ في نفس الطفل وهو يعاني الحرمان ويشعر بالنقص تجاه الآخرين (2).

- المصروف له دوره في التنشئة الاجتماعية للطفل؛ كتنمية شخصية الطفل من حيث استقلال شخصيته عن الآخرين، وتقديره لاحتياجاته الفعلية دون النظر للآخرين، وتنشئته على إدارة ذاته من حيث إدارة احتياجاته المادية الفعلية مستقلًا عن الآخرين وعن نظرتهم واعتباراتهم المختلفة عن اعتباراته الشخصية، إلى جانب تحمل المسؤولية؛ وذلك باستلامه المصروف اليومي، أو الأسبوعي، أو الشهري، وتحمل صرفه حسب احتياجاته ورغباته المتاحة المباحة، إضافةً إلى ترغيب الأبناء على فكرة الادخار لتوفير مبلغ ليقتني به حاجاته الثانوية، خاصةً في حال زيادة المصروف عن الاحتياجات الفعلية له في يومه.

 معايير تحديد مصروف الأطفال:

بما أن مصروف الطفل من حيث غايته هو مبلغ مالي يمثل دخله المحدود وكفايته المادية، كان من الواجب على الأهل عند تحديد حجم هذا المصروف أن يأخذوا باعتبارهم عدة معايير؛ ليكون مناسبًا من حيث قدره، فمن جهة يجب أن يحقق هذا المصروف كفاية الطفل الحقيقية من حيث حاجاته ورغباته، ومن جهة أخرى يجب ألا يكون مبالغ فيه بما يجعله فائض عن حاجة الطفل الفعلية والضرورية؛ وبالتالي يصبح له أثر سلبي عليه، ولهذا يمكن ذكر بعض المعايير التي من الجيد اتباعها عند تحديد قدر المبلغ الذي سوف يعطى للطفل كمصروف شخصي ومنها:

- المرحلة العمرية للطفل: فكل مرحلة من عمر الطفل ونموه تفرض حاجات جديدة وأولويات جديدة، يجب أخذها بالاعتبار عند تحديد مصروفه، ففي المرحلة المبكرة مثلًا لا يقدر الطفل قيمة النقود ولا يفهم معناها أو حتى اختلاف فئاتها، وهو في هذه المرحلة لا يحتاج للمصروف أساسًا، وفي المرحلة التالية تظهر لديه رغبة في شراء بعض المأكولات بنفسه؛ وهنا يجب أن يكون مصروفه مناسبًا لثمن هذه الأشياء، وهكذا يختلف مصروف الطفل بما يناسب احتياجات كل مرحلة من مراحل نموه.

- الأشياء والحاجات التي يجب عليه القيام بها بهذا المصروف: فقد يكون وقت دوام الطفل طويل مثلًا ويجب عليه شراء الطعام في المدرسة وربما لأكثر من مرة، أو قد تكون المدرسة تقدم الوجبات للأطفال، ومن ناحية أخرى فبعض الأطفال مضطرون لاستخدام وسائل النقل للذهاب لمدرستهم والعودة منها، أو قد يكون لديهم أخ أصغر منهم يجب عليهم العناية به، وجميع هذا الظروف أو المتغيرات يجب دراستها أثناء تحديد مصروف الطفل.

- المبالغ التي يعد من الخطر وجودها في أيدي الأطفال: وهذا المعيار ضروري لتحديد سقف المبلغ الذي سوف يكون مصروف الطفل، فإذا زاد هذا المبلغ عن حاجاته الطبيعية والفعلية لدرجة كبيرة قد يستخدمه في شراء بعض الأشياء الضارة به، أو التي تشكل لديه بذور الانحراف الأولى؛ كالتدخين، أو ارتياد بعض مراكز الألعاب سيئة السمعة، أو الهروب من المدرسة للاستمتاع بهذا المصروف بعيدًا عن أي رقابة، وقد تنمي لديه هذه الأشياء شخصية مادية تحب النقود والتبذير ولا تضع قيمة لأي شيء.

- الطبيعة النفسية والشخصية للطفل: فبعض الأطفال ولعوامل مختلفة كالعمر والتربية يعدون أكثر وعيًا وإدراكًا وتقديرًا للأمور من سواهم، فهؤلاء الأطفال يتحملون المسؤولية أكثر ويقدرون الأمور بطريقة أفضل، وبالتالي لديهم القدرة على توجيه مصروفهم إلى أشياء مفيدة لهم؛ مثل تنمية المواهب، أو الادخار لشراء بعض الحاجات، وهذا من المعايير المهمة في تحديد قدر المصروف الذي سوف يعطى لهم.

التأثير السلبي لمصروف الطفل:

عندما يكون مصروف الطفل غير مخطط ومدروس بعناية من حيث مقارنة حجمه مع حاجات الطفل الفعلية ومستوى وعيه وإدراكه؛ فسوف يؤدي هذا لحدوث خلل ما، سواء في شخصية هذا الطفل أو في تربيته من الناحية القيمية والأخلاقية، فالكثير من السلوكيات السيئة قد يكون منشأها هو عدم دراسة مصروف الطفل واتباع معايير مناسبة في تقديره وتحديد حجمه، ومنها مثلًا:

- تعلم التبذير: فعندما يكون مصروف الطفل أكبر من حاجاته سوف يساهم هذا المصروف في عدم تقديره لقيمة النقود وضرورة الحفاظ عليها، وسوف يستسهل الحصول عليها، وهذا سوف يجعله يتصرف بتبذير ولا مبالاة، ويرى أن كل ما يريده متاح ولا يردعه شيء عن فعل كل ما يحلو له حتى لو كان خاطئًا.

- تعلم البخل: حين لا يترافق حصول الطفل على المبالغ المالية مع تعليمه القيم الأخلاقية الجيدة في المجتمع؛ مثل التعاون والمشاركة مع الآخرين، والتنازل في بعض الأحيان عن بعض حقوقه في سبيل غايات أسمى من رغباته، فإنه سوف يتعلم البخل ويصبح أكثر حرصًا على ما يملكه لدرجة مبالغ فيها، حتى تتحول لديه النقود من وسيلة لغاية بحد ذاتها.

- السرقة: في بعض الحالات التي قد يعتبر فيها مصروف الطفل أقل بكثير من حاجاته الفعلية، أو عندما يحرم منه نهائيًا، بالإضافة لترافق هذا الأمر مع بعض الظروف الخاصة التي يشعر فيها بالظلم، فقد يلجأ الطفل للسرقة من ذويه في البداية ومن زملائه، وأشخاص آخرين في مرحلة لاحقة للحصول على ما يريد وما هو محروم منه.

- الانحراف والجموح: وهنا يؤثر مصروف الطفل كعامل إضافي وليس رئيسي في هذا الموضوع، فهناك ظروف معينة تعد مواتية لبروز ميول انحرافية لدى بعض الأطفال، ومصروف الطفل بحالتيه القليل أو الكبير قد يلعب دورًا سلبيًا في هذه المسألة، مثل تعلم السرقة أو التدخين أو التسول بطرقه المتعددة، وارتياد بعض أماكن اللهو، وما قد يتعلمه في مثل هذه الأماكن (3).

من السهل إعطاء الطفل مصروفًا إذا توفرت إمكانيات ذلك للوالدين، لكن نادرًا ما يراعي الأبوان بعض الشروط التربوية والنفسية لكي يؤدي إعطاء المصروف للطفل الغاية المنشودة منه، ومن بين الشروط عدم إغداق المصروف على الطفل بدون حساب، ففي هذه الحالة يفقد المصروف وظيفته.

ويجب مراقبة عملية التصرف بالمصروف من قبل الوالدين، والمراقبة لا تعني التدخل في كيفية الاستعمال، بينما ينبغي التأكد من أن المصروف لم يستعمل لأغراض غير سليمة، وهنا قد يكون مؤشر على انحراف يهدد سلوك الطفل، خصوصًا إذا علمنا أن مروجي المخدرات يتخذون من المؤسسات التعليمية أماكن رئيسية لها، وهنا يخاف على الأطفال من أن ينساقوا وراء إغراءات مروجي المخدرات (4).

دور المصروف في التربية:

انطلاقًا من الأهمية التي يعطيها الطفل لمصروفه، وكونه يعتبره جزءً من حقوقه وممتلكاته، وكون غياب هذا المصروف أو نقصانه أو حتى زيادته سوف يعود بأثره على مختلف جوانب حياة الطفل وحاجاته ورغباته، وربما مشاعره، كان من الممكن للوالدين استغلال هذه المسألة بطريقة مدروسة وهادفة، لجعلها جزءً مكملًا ومساعدًا للعملية التربوية، وذلك من خلال عدة طرق ووسائل من أهمها:

- زيادة المصروف كمكافأة: ويتم ذلك في حال تحقيق الطفل نتائج جيدة سواء في دراسته أو أشياء أخرى، أو قيامه باستجابات جيدة من الناحية الأخلاقية أو غيرها، مع الحرص على أن لا يبدو الأمر على سبيل الرشوة، وأن يبقى في حدود المكافأة نظرًا للاستجابة الجيدة التي أظهرها، حتى لا تنمو لديه شخصية انتهازية لا يقوم بأي شيء جيد إلا بدافع الحصول على مكافأته.

- توجيه العقوبات إلى مصروف الطفل: وهذه المسألة الغاية منها استبدال العقوبات المؤذية جسديًا أو عاطفيًا مثل الضرب والتوبيخ، بنوع آخر يعتمد على أن يشعر الطفل بالمسؤولية وبالنتائج السيئة التي أدى إليها سلوكه الخاطئ، ولكن مع شرط أن تكون العقوبة متناسبة مع درجة الخطأ الذي ارتكبه، حتى لا يرى الطفل فيها وسيلة ضغط وابتزاز من قبل والديه للتحكم في حريته وشؤونه الخاصة، وما لهذا المسائل من مخاطر على شخصيته، ووجهة نظره حول والديه.

- الربط بين رغبة الطفل في زيادة مصروفه وامكانيات الأسرة المحدودة: فيجب أن يعرف الطفل أن موارد والديه محدودة وليست نبع لا ينضب، ويجب عليه أن يدرك هذه المسألة ويتحمل واقعها جنبًا إلى جنب مع أسرته، وبهذا نجنب الطفل تعلم الأنانية والتبذير، واستبدالها بقيم مرغوبة؛ كالقناعة والصبر والوعي بالواقع.

- تعليم الطفل لحسن التصرف والتدبير: ويمكن تحقيق هذا عن طريق جعل بعض حاجات الطفل من مسؤوليته هو، ويجب عليه الحصول عليها من خلال مصروفه، سواء عن طريق الادخار أو تقسيم مصروفه وتوزيعه بشكل جيد على حاجاته وتوفير قسم منه، ليتمكن من شراء بعض الضروريات بالنسبة له.

إذًا مصروف الطفل ليس مجرد مكافأة مالية يحصل عليها مقابل قيامه بسلوك معين أو استجابة مرغوبة، وليس مجرد مبلغ مالي يحصل عليه من والديه؛ كهبة أو هدية بهدف المتعة والتسلية، وإنما يمكن النظر إليه كبعد ثقافي وتربوي، وأسلوب يمكن أن يتعلم الطفل من خلاله العديد من خبرات الحياة وقيمها، ولهذا كان من الضروري التعرف على هذا المفهوم من حيث المعنى والأهمية، وما يحمله من آثار، وكيف يمكن استغلاله في العملية التربوية (5).

نصائح عند منح الأطفال مصروفًا:

فيما يلي بعض النصائح لتحقيق أقصى استفادة من منح المصروف لطفلك، حتى يتعلم إدارة الأموال بالإضافة إلى دروس الحياة لجعله ذكي:

- امنح طفلك عندما يبلغ من العمر ما تراه أنه قادر على إدارة المال، يعتمد العمر المناسب على قدرات طفلك، ولكن عادةً يمكنك البدء عندما يكون عمره 6 سنوات.

- يجب أن يكون طفلك قادرًا على فهم مفهوم المال والحساب والطرح والجمع.

- مهما كانت طريقتك في منح المصروف مميزة فإن الشيء الأكثر أهمية هو المشاركة والتزام أطفالك بتعلم القراءة والكتابة المالية، وتطوير عادات مفيدة مثل الادخار والميزانية والإنفاق بطريقة مسؤولة، يتطلب ذلك بعض العمل الشاق والانضباط والتكرار.

- عندما تمنح المصروف لطفلك، ناقش معه حقائق ميزانية الأسرة، ولماذا ترتبط القرارات بذلك.

- تحدث مع طفلك عن المال والدروس التي ينبغي أن يتعلمها، مثل البحث عن بديل أرخص واستشارة الوالدين وغيرها من الحكم بعدم التسرع في الإنفاق (6).

- من الضروري وضع قواعد للمصاريف التي يقوم بها الولد، ومراقبته إذا كان يبذّرها جميعها على الحلوى مثلًا، أو على شراء أدوات صغيرة مؤذية قد تضرّ به، وفي الوقت عينه ينبغي ترك القرارات له فيما يخصّ مصروفه؛ ولكن ضمن الحدود التي يجدها الأهل مناسبة له.

- إنّ من أهم ما ينبغي مراعاته أن يكون المصروف للطفل مقننًا حسب احتياجاته لا حسب رغباته غير الموزونة؛ كالتقليد لزملائه الآخرين الذين لم يزن آباؤهم النفقة بميزانٍ صحيح، وألا تكون النفقة تعوَّد الطفل على الإسراف والبذخ، وكما ينبغي ألا يكون فيه إجحاف بحاجته الكافية، بمعنى ألا تقتصر النفقة عليه عن احتياجاته الفعلية من حيث التغذية في المدرسة أو توفير المتطلبات الدراسية بما يتناسب مع قدرة الأب المالية.

- يجب على الوالدين أن يتفقا على أرقام محددة لكل ابن من أبنائهما على حدة، وتوقيت، ومواعيد، وكمية، وكيفية الإنفاق؛ لأن الكثير من المسائل في موضوع المصروف اليومي تقديرية، عائدة إلى تقييمهما الفردي للظروف الاقتصادية للبيئة، كالحالة المادية للأسرة، وعمر الطفل، وطريقة تربيتهما له، وطرق تعاطيهما مع احتياجاته، وتوفيرهما لمستلزماته، وعلى نضجه، وقدراته، ومهاراته، وعمره، وذكائه... وغيرها الكثير.

- لا بد من إعطاء المصروف بانتظام؛ حتى يتعلم الالتزام واحترام المواعيد، ووضِّحْ له: أنه لن يحصل على أي مبلغ إضافي قبل الموعد المحدد، حتى لو صرف جميع مصروفه قبل هذا الموعد؛ حتى يتعلم أن يدير المال بشكل أفضل، عندما يعلم أن هناك يومًا ثابتًا يحصل فيه على مصروفه (7).

- من الضروري حرص الوالدين على وجود طفلهم في محيط طلابي قريب من مستواه، فإن ذلك يساعد على نشأته نشأة صحية سليمة، بعيدًا عن المشاعر السلبية التي تؤثر على نفسيته بالسلب، وتصيبه ببعض المشكلات النفسية، والتي قد لا يدركها الوالدان، وقد يكون سببها الوالدان؛ لأنّهما دفعا طفلهما للعيش في محيط مرتفع كثيرًا من الناحية المادية عن محيط ومستوى طفله، فالتقارب في المستوى المادي بين الزملاء مطلوب خصوصًا في المراحل الأولى للطفل، والتي لا يدرك فيها الطفل تلك الفروق الاجتماعية.

- ضرورة متابعة الوالدين لأبنائهما في كيفية تصرفهم في مصروفهم ولكن بطريقة غير مباشرة، وهي عن طريق التوجيه غير المباشر بإرشادهم في تدبير شؤونهم المادية، حتى لا ينحرفوا عن المسار الصحيح في الإنفاق، ويتم ذلك بالتفاهم معهم كل حسب المرحلة السنية التي يمر بها فيوجه الأطفال إلى الإنفاق فيما يفيدهم كشراء الأغذية المغلفة من مقصف المدرسة، أو الادخار لشراء لعبة يرغبون في اقتنائها، كذلك يوجه الأبناء في مرحلة المراهقة إلى ضرورة وضع خطط طويلة الأمد ووضع أولويات للصرف حتى يتمكنوا من تحقيق أهدافهم.

- من الممكن استخدام الحرمان الجزئي لا الكلي من المصروف في حال عدم إحسانه التصرف؛ لأنّ الحرمان الكلي يؤدي إلى سلوكيات خاطئة يجب وقاية الطفل منها، وينبغي استخدام هذا الأسلوب من الحرمان بعد التنبيه والإرشاد والتدرج في التعليم ويسبقه اتفاقٌ مسبق، لكي يكون الولد على علمٍ به ولا يتفاجأ باتخاذه تجاه مصروفه، وليكن الهدف منه معلومًا وهو تقويم عملية الصرف لديه (8).

- أن تعلم أن ما تنفقه على أولادك لك عليه أجر من الله تعالى: فعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أطعمت نفسك، فهو لك صدقة، وما أطعمت ولدك، فهو لك صدقة، وما أطعمت زوجك، فهو لك صدقة، وما أطعمت خادمك، فهو لك صدقة» (9).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا، الذي أنفقته على أهلك» (10).

فرصة تربوية:

يصبح المصروف اليومي فرصة تربوية، ويؤثر -فعلًا- إذا صاحب صرفه للابن قواعد وإرشادات تربوية، وكلمات تحفيزية، يوجهها الوالدان في مكانها ووقتها الصحيح، وإذا تعاملا معه على أساس منهجية محددة، يمكن للمصروف اليومي أن:

1- يبني لدى الطفل شعورًا بالاستقلالية، ويعلّمه الاعتماد على النفس.

2- يعزز الإحساس بقيمة المال وما يمكن أن يجلبه له.

3 -يتعلم إدارة المال، كم سيصرف؟ ومتى؟ وعلى أي شيء؟

4- يتدرب على ضبط النفس والصبر، والتصرف بالمال حسب الأولويات.

5- يطور قدرته على التكيّف، والعيش في حدود إمكاناته المالية.

6- الادخار يعلمه حسم الكثير من الأمور في حياته مستقبلًا.

7- يشعر بالإنجاز وتزداد ثقته بنفسه كلما تقدم نحو تحقيق هدفه (11).

______________

(1) تحديد مصروف الطفل وأهمية تنظيمه/ حلوها.

(2) المسؤولية المالية للطفل/ أكاديمية مدى الدولية.

(3) تحديد مصروف الطفل وأهمية تنظيمه/ منتديات حلوها.

(4) مصروف الأبناء متى يمنح لهم وما تأثيره عليهم؟ / مغرس.

(5) تحديد مصروف الطفل وأهمية تنظيمه/ منتديات حلوها.

(6) تخصيص مصروف للطفل... إيجابيات وسلبيات/ لها أون لاين.

(7) المصروف اليومي: فرصة تربوية عظيمة/ موقع بصائر.

(8) لا تبالغ في مصروف ابنك/ جريدة الرياض (العدد 16320).

(9) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (82).

(10) أخرجه مسلم (995).

(11) المصروف اليومي فرصة تربوية عظيمة/ بصائر.