logo

مبدأ التمليك في الزكاة، والتطبيقات المعاصرة.


بتاريخ : الثلاثاء ، 7 محرّم ، 1437 الموافق 20 أكتوبر 2015
بقلم : فضيلة الشيخ خالد محمد عبد المنعم العبد
مبدأ التمليك في الزكاة، والتطبيقات المعاصرة.

عدد الصفحات: 393 صفحة من القطع الكبير.

 

مميزات الكتاب:

دراسة فقهية تأصيلية، نال بها المؤلف درجة التخصص (الماجستير).

ويمتاز هذا الكتاب وتلك الرسالة بجدة الموضوع وحداثته؛ حيث لم يسبق أن خُص ببحث يجمع أطرافه، ويستوعب مسائله، وإنما كان تناولًا موجزًا وعابرًا.

كذلك يمتاز هذا الكتاب، وتلك الرسالة، بشدة الحاجة لبيان أحكام التمليك في الزكاة؛ لما لها من أهمية كبرى ترتبط بفقه الزكاة، والآثار العملية العديدة المرتبطة بتمليك الزكاة؛ إذ يترتب على مدى اعتبار التمليك، أو عدم اعتباره، في أموال الزكاة كثير من الفروع والقضايا الفقهية في مجال صرف الزكاة: مسألة إبراء المدين المعسر عن الدين أو إسقاطه أو المسامحة فيه، ومسألة قضاء الدين الذي على الميت من مال الزكاة، ومسائل صرف الزكاة في وجوه البر؛ كبناء المساجد، وتكفين الموتى... الخ.

كذلك يمتاز الكتاب بمعالجة الكثير من القضايا المستجدة، والتي تندرج تحت فقه النوازل، ومن القضايا المهمة جدًا في فقه الزكاة المعاصر، والتي ناقشها المؤلف، هي قضية استثمار أموال الزكاة؛ إذ إنها تثير اهتمام كثير من المؤسسات الزكوية والهيئات الخيرية في العالم الإسلامي.

هذه القضايا التي لم توفَّ أو لم يكتمل بحثها، ولم يؤلف فيها بعدُ مؤلفٌ جامع، وإن كان قد وجد في ذلك بعض الفتاوى المعاصرة والاختيارات، لكنها تبقى مع ذلك متناثرة، تحتاج إلى جمع وتأصيل وترتيب، وهذا ما حاول المؤلف فعله، ونحسب أنه أجاد في ذلك وأفاد.

 

محتوى الكتاب:

قسم المؤلف كتابه إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة:

أما المقدمة فاستهلها بحمد وثناء وشكر وتقدير، ثم تحدث فيها عن سبب اختياره لهذا الموضوع، وبين فيها أهميته فيما بدا له، ثم بين المنهج الذي اعتمده للبحث وسار عليه.

وفي الفصل الأول تحدث المؤلف عن بعض المقدمات الضرورية للموضوع محل البحث، فقام ببيان الزكاة من حيث التعريف بها، وبيان حكمها وخصائصها، ثم وضح أن الزكاة، وإن اعتبرت من العبادات الشعائرية الأربع الكبرى، وأحد أركان الإسلام العملية، ليست عبادة محضة كالصلاة والصيام والحج والعمرة؛ بل هي عبادة فيها معنى الضريبة، أو ضريبة فيها معنى العبادة.

ثم تكلم المؤلف عن سبب وجوب الزكاة، وتحدث كذلك عن مصارف الزكاة.

أما في الفصل الثاني فقد تحدث المؤلف عن حقيقة مبدأ التمليك في صرف الزكاة، وبين المراد بالتمليك والفرق بينه وبين الإباحة، وكذلك الفرق بين الملك والمنفعة والانتفاع، وبين التمليك والإسقاط، وبين التمليك والاختصاص، وبين الملك والتصرف.

وتحدث كذلك عن خصائص الملك، وأسباب التملك وأنواعه، وشروط صحة التمليك والتملك.

أما في الفصل الثالث، وهو لب البحث ومحوره الركيز، فقد تحدث المؤلف عن مذاهب الفقهاء في اشتراط التمليك في صرف الزكاة، ويتضمن هذا الفصل ذكر آراء الفقهاء الأربعة، أئمة المذاهب، وفقهاء الظاهرية والزيدية، ومناقشتها وتحديد سبب اختلافهم، كما يتضمن آراء الفقهاء المعاصرين، وفتاوى المجامع الفقهية، والقول المختار، مع ذكر ضوابط في الترجيح.

وفي الفصل الرابع فقد تحدث المؤلف عما يترتب على إعمال أو إهمال مبدأ التمليك في الزكاة، وهو الجانب التطبيقي في البحث، ويتضمن ذكر تطبيقات نص عليها الفقهاء الأولون، وذكر التطبيقات المعاصرة، كما يتضمن ذكر قضايا مهمة في توظيف واستثمار أموال الزكاة.

 

وفي الختام، ذكر المؤلف النتائج التي وصل إليها، وهي:

1.الزكاة فريضة منَّ الله بها على عباده، فرضها تهذيبًا لنفوسهم، وسدًا لحاجاتهم، وإقامة لمصالحهم، وليست تفضلًا ولا منة من الغني على الفقير، وإنما هي حق شرعي، يؤخذ من الغني ويرد إلى صاحب الحق وهو الفقير.

2.لم يرد في كيفية إيصال هذا الحق لمستحقيه بيان أو تفصيل، غير أن الأصل في الحقوق تمليك أصحابها.

3.اختلفت أنظار الفقهاء في الاكتفاء بإباحة أموال الزكاة للفقراء، أو توفير سبل الانتفاع التي يحتاجون إليها، من مسكن أو خدمة أو مستوصف أو مدرسة أو مستشفى أو غير ذلك، بدون حصول تمليك فردي للمستحقين.

4.الأئمة السابقون، وإن نص أكثرهم على اشتراط التمليك الفردي، إلا أنه لم يرد عن أحدهم نص في منع التمليك الجماعي.

5.ينبغي اعتبار المصالح والمفاسد، والنظر في تغير أحوال الناس، وكثرة متطلباتهم، والعمل على تحقيق الحكمة التي من أجلها فرضت الزكاة، لا التمسك بحرفية النص أو الالتزام بما لا يلزم.

6.في عصرنا الحاضر قد توجد أحوال وظروف يكون فيها الأخذ بالقول بعدم اشتراط التمليك الفردي أولى وأحسن؛ لكون مصلحة الفقراء وتعميم انتفاعهم وقضاء حاجاتهم لا تتم إلا بذلك، ولا يتنافى ذلك مع أن الأصل في الزكاة تمليكها لمستحقيها.

7.توظيف أو استثمار أموال الزكاة لا يجوز اعتماده إلا بضوابط.

 

 

ومما جاء في الكتاب:

«من المهم هنا أن نقرر أن الزكاة، وإن عدت من العبادات الشعائرية الأربع الكبرى، وأنها أحد أركان الإسلام العملية، ليست عبادة محضة كالصلاة والصيام والحج والعمرة؛ بل هي عبادة فيها معنى الضريبة، أو ضريبة فيها معنى العبادة.

فهي عند التأمل والتحليل مشتملة على جانبين اثنين:

الأول: أنها عبادة وقربة إلى الله تعالى؛ لهذا قرنت بالصلاة في ثمانية وعشرين موضعًا في القرآن الكريم، وقرنت في السنة بما هو أكثر من ذلك بالصلاة أيضًا.

والجانب الثاني: أنها حق مالي فرضه الله في أموال الأغنياء؛ ليرد على الفقراء، ويصرف في مصارفه الشرعية المعروفة.

ومما يدلنا أن الزكاة ليست مجرد عبادة محضة إدخالها في كتب "السياسة المالية" مثل: "الخراج" لأبي يوسف، و"الخراج" ليحيى بن آدم، و"الأموال" لأبي عبيد القاسم بن سلام، و"الأموال" لابن زنجويه، وغيرهم.

وكذلك إدخالها ضمن كتب "السياسة الشرعية" باعتبارها ولاية من الولايات، مثل كتاب "الأحكام السلطانية" للماوردي الشافعي، ومثله لأبي يعلى الفراء الحنبلي، وكتاب "السياسة الشرعية" لابن تيمية، وغيرها.

ومن الأدلة على ذلك أيضًا: دخول القياس في كثير من أحكامها، بناء على معرفة العلة، وتعدية الحكم على الأصل إلى الفرع؛ لاشتراكهما في العلة.

ومن الأدلة أيضًا ما أُثر عن الصحابة من إدخال بعض الأموال في وعاء الزكاة، مما لم يعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ منها الزكاة، كما يؤكد ذلك تشاورهم في شأنها، وإدارتهم الرأي حولها، كما فعل عمر في أمر زكاة الخيل، وشاور الصحابة فيها قبل أن يقرر فيها حكمًا.

ولو كانت عبادة وقربة دينية خالصة كالصلاة والصيام، ما أجاز لنفسه أن يستشير في إيجابها؛ حتى لا يشرع في الدين ما لم يأذن به الله، ولكنه نظر إلى الزكاة نظرة أخرى باعتبارها حقًا من حقوق المال، كما قال أبو بكر في شأن مانعي الزكاة؛ فإن الزكاة حق المال».