لو سترته لكان خيرًا لك
الله عز وجل يحب الستر، ويأمر بستر العورات، وهذا من كمال وعظيم رحمته وفضله، فإنه سبحانه وتعالى يستر عباده فلا يفضحهم بما ارتكبوا من معاص وسيئات، وذنوب وخطايا وآثام، بل يستر العاصي ويتجاوز عن المسيء ويتوب على من تاب، وستره سبحانه على عباده لا يقتصر على الدنيا فقط؛ بل يشمل الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20]، قال البغوي في تفسيره: قال ابن عباس: النعمة الظاهرة: الإسلام والقرآن، والباطنة: ما ستر عليك من الذنوب ولم يعجل عليك بالنقمة (1).
والسِّتر: صفة ثابتة لله تعالى بالسنة النبوية الصحيحة، فعن يعلى بن أمية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حيي ستير، فإذا أراد أحدكم أن يغتسل فليتوار بشيء» (2).
والستر نوعان: مادي ومعنوي، فصلتهما الآية الكريمة: {يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 26].
يواري سوءاتكم: أي يستر عوراتكم باللباس وهو الستر المادي، وسميت العورة سوأة لأنه يسوء صاحبَها انكشافُها، كما يسوء الآخرين أيضًا خدش حيائهم في حال رؤيتهم لها.
ولباس التقوى هو الستر المعنوي: فينبغي أن نستر بواطننا بتعميرها بالإيمان والأعمال الصالحة، كما يجب أن نتخلق بصفة الستر، فنستر على عيوبنا وعيوب غيرنا، وكما قال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعيِّر (3).
الستر فطرة:
إن الله سبحانه وتعالى جعل الستر فطرة عند الإنسان ذكرًا وأنثى، فالإنسان يسعى لتغطية جسده حتى أمام نفسه وأقرب المقربين إليه، وهو يتريث في إظهار أعماله التي ينوي القيام بها، فيخفيها بداية حتى يجد اللحظة المناسبة للإعلان، وكذلك عندما يرتكب من الأفعال ما يراه عيبًا أو قبيحًا فإنه يميل إلى إخفائه عن الأعين، خوفًا وخجلًا أو تجنبًا للمواجهة، فعندما عصى آدم وحواء عليهما السلام ربهما وأكلا من الشجرة: {بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22]، فارتبط فعل المعصية مع كشف عورة البدن، وعندما أدركا كيف عصيا ربهما، أدركا أيضًا انكشاف عوراتهما، فراحا يغطيانها ويسترانها بأوراق الشجر حياء وخجلًا، رغم أنهما كانا وحدهما في المكان، وفي هذا دلالة على شعورهما بالحاجة للستر بعد ارتكاب المعصية.
ضبط الله سبحانه وتعالى فطرة الستر بالدين والشرائع، فوجه الإنسان إلى ما يجب عليه ستره من بدنه وأفعاله ومشاعره، وبين له حدود التكشف والتصرف والإفصاح.
جعل الله سبحانه وتعالى مقاصد فطرة الستر أداة لضبط الميول الجنسية عند الذكر والأنثى، فالستر يحقق التوازن بين فورة الشهوة المتفلتة والتمتع الطيب، فيهذب الاشتهاء ويمنع التلذذ الفاحش، كما أن ستر المعاصي يحقق التوازن بين ضعف النفس وسرعة انزلاقها نحو الخطأ وبين القدرة على الضبط والامتناع والسير في طريق الإصلاح، وهو ما يعين الإنسان على الإقلاع عن الذنوب وإصلاح المفاسد، ويهيئ له سبيل الحياة الطيبة (4).
الموت أهون من الافتضاح:
عقد العلامة العز بن عبد السلام رحمه الله فصلًا في بعض كتبه وجعل ترجمته: تمني الهلاك دون الافتضاح، وذكر قول الله تعالى حكاية عن مريم عليها السلام: {قَالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} [مريم: 23]، ويؤخذ من هذا عِظَم أمر الفضح عند ذوي النفوس الأبية، وقال البغوي في تفسير الآية السابقة: تمنت الموت استحياء من الناس وخوف الفضيحة (5).
لما تعلم من أن الناس يقذفونها بالفاحشة؛ لأنها لم تكن ذات زوج وقد حملت وولدت، فيقول القائل أنى لها هذا؟ ولهذا واجهوها أولًا بأن قالوا: {يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)} [مريم: 27- 28]، فجعل الله لها من ذلك الحال فرجًا ومخرجًا، وأنطق الصبي في المهد بأنه عبد الله ورسوله، وكان آية عظيمة ومعجزة باهرة صلوات الله وسلامه عليه (6).
ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم النموذج الأعلى في الستر على الناس وعدم تعييرهم بأخطائهم وهفواتهم، فعن زيد بن أسلم، أن خوات بن جبير، قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران، قال: فخرجت من خبائي فإذا أنا بنسوة يتحدثن، فأعجبنني، فرجعت فاستخرجت عيبتي، فاستخرجت منها حلة فلبستها وجئت فجلست معهن، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبته فقال: «أبا عبد الله ما يجلسك معهن؟»، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هبته واختلطت، قلت: يا رسول الله جمل لي شرد، فأنا أبتغي له قيدًا فمضى واتبعته، فألقى إلي رداءه ودخل الأراك كأني أنظر إلى بياض متنه في خضرة الأراك، فقضى حاجته وتوضأ، فأقبل والماء يسيل من لحيته على صدره -أو قال: يقطر من لحيته على صدره- فقال: «أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟»، ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال: «السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد ذلك الجمل؟»، فلما رأيت ذلك تعجلت إلى المدينة، واجتنبت المسجد والمجالسة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما طال ذلك تحينت ساعة خلوة المسجد، فأتيت المسجد فقمت أصلي، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره فجأة فصلى ركعتين خفيفتين وطولت رجاء أن يذهب ويدعني فقال: «طول أبا عبد الله ما شئت أن تطول فلست قائمًا حتى تنصرف»، فقلت في نفسي: والله لأعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبرئن صدره، فلما قال: «السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد ذلك الجمل؟» فقلت: والذي بعثك بالحق ما شرد ذلك الجمل منذ أسلم، فقال: «رحمك الله» ثلاثًا ثم لم يعد لشيء مما كان (7).
وعلى هذا المنهج الراقي تربى الصحابة في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم فستروا عيوب الناس، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول: لو لم أجد للسارق والزاني وشارب الخمر إلا ثوبي لأحببت أن أستره عليه (8).
وعد العلامة ابن حجر رحمه الله، هتك ستر المسلم أو تتبع عوراته حتى يفضحه ويذله بها الناس من الكبائر؛ مستدلًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ستر عورة أخيه المسلم، ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم، كشف الله عورته، حتى يفضحه بها في بيته» (9)، وعلل رحمه الله لذلك بقوله: لأن كشف العورة، والافتضاح، فيه من الوعيد ما لا يخفى (10).
وفي قصة ماعز بن مالك الأسلمي رضي الله عنه، عندما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترف على نفسه بالزنى، وسأله أن يقيم عليه الحد ليطهره، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأله مع من زنيت، وكذلك المرأة الغامديَّة، عندما أقرَّت على نفسها، لم يسألها النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وفي إحدى روايات حديث ماعز، أنه جاء إلى أبي بكر الصديق، فقال له: إن الآخر زنى -يريد نفسه- فقال له أبو بكر: هل ذكرت هذا لأحد غيري؟ فقال: لا، فقال له أبو بكر: فتب إلى الله، واسْتَتِر بسِتر الله؛ فإن الله يقبل التوبة عن عباده، فلم تُقْرِره نفسه، حتى أتى عمر بن الخطاب، فقال له مثل ما قال لأبي بكر، فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر.
فلم تقرره نفسه حتى جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: إن الآخر زنى، فقال سعيد: فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كل ذلك يعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أكثر عليه، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال: «أيشتكي، أم به جِنَّة؟» فقالوا: يا رسول الله، والله إنه لصحيح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبكر أم ثيب؟» فقالوا: بل ثيب، يا رسول الله، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجم (11).
قال ابن عبد البر: وفي هذا الحديث من الفقه: أن الستر أولى بالمسلم على نفسه -إذا وقع حدًّا من الحدود- من الاعتراف به عند السلطان، وذلك مع اعتقاد التوبة والندم على الذنب، وتكون نيته ومعتقده ألا يعود، فهذا أولى به من الاعتراف، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، ويحب التوابين (12).
وقد ورد في بعض الروايات أن رجلًا اسمه هزال، هو الذي أشار على ماعز أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا هزال، لو سترته بردائك لكان خيرًا لك» (13).
ويريد بقوله: «لو سترته بردائك، لكان خيرًا لك» يريد: ممَّا أظهرته من إظهار أمره، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر به، فكان ستْره بأن يأمره بالتوبة، وكتمان خطيئته، وإنما ذكر فيه الرداء على وجه المبالغة، بمعنى أنه لو لم تجد السبيل إلى ستره إلا بأن تستره بردائك ممن يشهد عليه، لكان أفضل مما أتاه، وتسبب إلى إقامة الحد عليه، والله أعلم وأحكم (14).
ومِن هنا كان الترغيب في ستر المسلمين والمسلمات، فقال عليه الصلاة والسلام: «من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة» (15).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: «ومن ستر مسلمًا» أي رآه على قبيح فلم يظهره، أي للناس، وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه (16).
وقال الكرماني: الستر إنما هو في معصية وقعت وانقضت، أما فيما تلبس الشخص فيجب المبادرة بإنكارها ومنعه منها، وأما ما يتعلق بجرح الرواة والشهود فلا يحل الستر عليهم، وليس هذا من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة (17).
وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: فإذا كان المرء يؤجر في الستر على غيره، فستره على نفسه كذلك أو أفضل، والذي يلزمه في ذلك التوبة والإنابة والندم على ما صنع، فإن ذلك محو للذنب إن شاء الله (18).
ويؤكد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «من أصاب من هذه القاذورات شيئًا، فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله» (19).
قال الإمام النووي رحمه الله: المراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم، ممن ليس معروفًا بالأذى والفساد (20).
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في شرح الأربعين: واعلم أن الناس على ضربين:
أحدهما: من كان مستورًا لا يُعرف بشيء من المعاصي، فإذا وقعت منه هفوة أو زلة، فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها؛ لأن ذلك غيبة محرمة، وهذا هو الذي ورد في النصوص، وفي ذلك قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [النور: 19]، والمراد بإشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه واتُّهم به مما هو بريء منه.
قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف: اجتهد أن تستر العصاة، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب.
ومثل هذا لو جاء تائبًا نادمًا وأقرّ بحد لم يفسره، لم يطلب منه أن يفسره، بل يؤمر بأن يرجع ويستر نفسه، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ماعزًا والغامدية، وكما لم يستفسر الذي قال: أصبت حدًا فأقمه عليّ، ومثل هذا لو أخذ بجريمته ولم يَبلغ الإمام، فإنه يُشفع له حتى لا يبلغ الإمام، وفي مثله جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود» (21).
والثاني: من كان مشتهرًا بالمعاصي، معلنًا بها لا يبالي بما ارتكب منها، ولا بما قيل له فهذا هو الفاجر المعلن، وليس له غيبة، كما نص على ذلك الحسن البصري وغيره، ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره لتقام عليه الحدود، صرح بذلك بعض أصحابنا، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت، فارجمها» (22).
قال مالك: من لم يعرف منه أذى للناس، وإنما كانت منه زلة، فلا بأس أن يشفع له ما لم يبلغ الإمام، وأما من عرف بشر أو فساد، فلا أحب أن يشفع له أحد، ولكن يترك حتى يقام عليه الحد، حكاه ابن المنذر وغيره (23).
إياك والمجاهرة:
فإياك إياك أن تهتك ستر الله عليك، بأن تجاهر بمعصيتك أو تفاخر بها، وإياك أن تتبع عورات الناس؛ فعن أبي برزة الأسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته» (25).
وقال معاوية رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنك إن اتّبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم»، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله تعالى بها (26).
فاسْتُر إخوانك يسترك الله، وإياك وفضحهم فإنَّه لا طاقة لك بحرب الله، القادر على كشف عيوبك، وفضح ذنوبك، التي لا يعلمها الناس عنك، وألجم لسانك عن الخوض في الأعراض، وتتبع العورات، وإفساد صيت إخوانك، وإساءة سمعتهم (27).
أسباب الفوز بستر الله:
أسباب الفوز بستر الله عز وجل كثيرة، ومنها:
- عدم المجاهرة والتحدث بالمعصية، فمن وقع في معصية عليه أن يستر على نفسه، ويسارع إلى التوبة منها، ولا يُخبر أحدًا بها، فعن سالم بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين».
قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف؛ لأن المعاصي تذل أهلها، ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد، ومن التعزير إن لم يوجب حدًا، وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة؛ والذي يجاهر يفوته جميع ذلك (28).
- ستر المسلم على أخيه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يستر الله على عبد في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة» (29).
ومعنى الستر هنا عام لا يتقيد بالستر البدني فقط، أو الستر المعنوي فقط، بل يشملهما جميعًا، فمن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة» (30).
قال ابن حجر: والذي يظهر أن الستر محله في معصية قد انقضَتْ، والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها، فيجب الإنكار عليه (31).
- ومن أسباب نيل ستر الله: أن يستتر العبد في لباسه ولا يتعرى أمام الناس، قال صلى الله عليه وسلم: «الله عز حيي ستير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر» (32).
- ومن الأسباب أيضًا: الصدقة، قال صلى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل» (33).
- ومن أسباب نيل ستر الله: تربية البنات والإحسان إليهن، قال صلى الله عليه وسلم: «من يلي من هذه البنات شيئًا فأحسن إليهن كن له سترًا من النار» (34).
ولعل وجه تخصيصهن أن احتياجهن إلى الإحسان يكون أكثر من الصبيان، فمن سترهن بالإحسان عن لحوق العار يجازى بالستر عن النار جزاء وفاقًا (35).
ومنها: ستر الميت عند تغسيله، قال صلوات الله وسلامه عليه: «من غسل ميتًا فستره ستره الله من الذنوب، ومن كفنه كساه الله من السندس» (36).
قال المناوي: يحتمل أن المراد ستر عورته ويحتمل أن المراد ستر ما يبدو له من علامة ردية كظلمة ويحتمل الأمرين وهو أظهر، وقال النووي: فيه أنه يسن إذا رأى الغاسل ما يعجبه أن يذكره وإذا رأى ما يكره لا يحدث به (37).
- كذلك من أسباب نيل ستر الله: دعاء وسؤال الله تعالى الستر، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَع (يترك) هذه الدعوات حين يمسي وحين يصبح: «اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي» (38) (39).
ستر الأسرار الزوجية:
المسلم يستر ما يدور بينه وبين أهله، فلا يتحدث بما يحدث بينه وبين زوجته من أمور خاصة، أمرنا الدين الحنيف بكتمانها، وعدَّها الرسول صلى الله عليه وسلم أمانة لا يجوز للمرء أن يخونها بكشفها، وإنما عليه أن يسترها، قال صلى الله عليه وسلم: «إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يُفْضِي إلى امرأته، وتُفْضِي إليه ثم يَنْشُرُ سرها» (40).
بأن يتكلم للناس ما جرى بينه وبينها قولًا وفعلًا، أو يفشي عيبًا من عيوبها أو يذكر من محاسنها ما يجب شرعًا أو عرفًا سترها، قال ابن الملك: أي أفعال كل من الزوجين وأقوالهما أمانة مودعة عند الآخر، فمن أفشى منهما ما كرهه الآخر وأشاعه فقد خانه (41).
وللعلاقات الزوجية في نظر الإسلام قداسة؛ فما يضمه البيت من شئون العشرة بين الرجل وامرأته يجب أن يطوى في أستار مسبلة؛ فلا يطلع عليه أحد مهما قرب، والسفهاء من العامة يثرثرون بما يقع بينهم وبين أهلهم من أمور، وهذه وقاحة حرمها الله تعالى.
عن أسماء بنت يزيد قالت: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء فقال: «عسى رجل يحدث بما يكون بينه وبين أهله، أو عسى امرأة تحدث بما يكون بينها وبين زوجها، فلا تفعلوا، فإن مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في ظهر الطريق فغشيها والناس ينظرون» (42).
شروط الستر:
إذا أراد المسلم أن يستر أخاه، فإن هناك شروطًا لا بد أن يراعيها عند ستره؛ حتى يحقق الستر الغرض المقصود منه، وأهم هذه الشروط:
- أن يكون الستر في موعده المحدد له؛ فيستر المسلم أخاه عند فعله للمعصية وبعدها، بألا يتحدث للناس بأن فلانًا يرتكب المعاصي.
- أن تكون المعصية التي فعلها المسلم لا تتعلق بغيره ولا تضر أحدًا سواه، أما إذا وصل الضرر إلى الناس فهنا يجب التنبيه على تلك المعصية لإزالة ما يحدث من ضرر.
- أن يكون الستر وسيلة لإصلاح حال المستور بأن يرجع عن معصيته ويتوب إلى الله تعالى، أما إذا كان المستور ممن يُصِرُّ على الوقوع في المعصية، وممن يفسد في الأرض، فهنا يجب عدم ستره حتى لا يترتب على الستر ضرر يجعل العاصي يتمادى في المعصية.
- ألا يكون الستر وسيلة لإذلال المستور واستغلاله وتعييره بذنوبه.
- ألا يمنع الستر من أداء الشهادة إذا طلبت، {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283].
- الستر مرهون برد المظالم، فإذا لم ترد فالساتر شريك للمستور عليه في ضياع حق الغير.
وإياك وتجريئ الناس على الذنوب بالمجاهرة ونشر الصور والمقاطيع؛ فمن رأى معصيتك أو سمع عنها فتشجع على فعل مثلها فعليك من أوزاره أوزار، قال تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25].
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا» (43).
وما أجمله من خلق، وأحسنه من صنع أن يرى الإنسان عيوب الناس فيسترها ولا يشهرها، ويكتمها ولا يظهرها، ويُغضي عنها، كأنه لم يرها ولم يسمعها.
إن حب انتشار الفواحش، والرغبة في فضح الناس ذنب كبير قد توعد الله تعالى أهله بالعذاب الأليم، فقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور: 19].
فكيف تكون الحال في حق من يتعمد نشر عيوب الناس وفواحشهم، ويتتبع عثراتهم وعوراتهم، ويتجسس عليهم لمعرفة نقائصهم؟ ثم ينشر ذلك في المجالس، وفي وسائل الشبكة العنكبوتية ليصل الخبر والصورة والمقطع إلى أعداد لا يعلمهم إلا الله؟
لقد استهان بعض المسلمين اليوم بهذه القضية بعلم أو بجهل، فراحوا ينشرون أخبار المنكرات عن الناس، ويتداولون المنشورات والصور والمقاطع، وأحيانًا يذكرون أسماء الذين وقعوا في الزلات، ومكان وجودهم.
وبعضهم يفعل ذلك عن قصدٍ لنشر الفساد وإفشاء المنكر، وبعضهم يفعل ذلك عن استنكار وغيرة من حصول ذلك المنكر، وكلا الطرفين على خطأ كبير؛ لأن مثل تلك الجرائم- خاصة الجرائم الخلقية- ينبغي عدم نشرها، وينبغي ستر الناس عن الإخبار عنهم بها.
ومن الدواهي العظام، والبلايا الجسام أن يسعى بعض الناس للتجسس على أخيه المسلم بوسائل متعددة؛ إما بسمعه، وإما ببصره، وإما بتفتيش جواله، وإما باختراق حسابه، وإما بغير ذلك، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12].
فعلى أصحاب المواقع الإخبارية والحسابات الشخصية في وسائل التواصل، وعلى سائر الناس؛ أن يتقوا الله في ستر المسلمين وتركِ نشر أسرارهم وعيوبهم بين العالمين، حتى ولو كانت تلك الأخبار صحيحة، فستر المسلمين عبادة مأجور عليها، وفضحهم وكشف سترهم خطيئة مؤاخذ عليها صاحبها.
لماذا يأبى بعض الناس الستر على المسلمين، ويسعون للتشهير والإذاعة لعيوبهم وزلاتهم، بل ويفرحون بهذا الفعل السيء؟
إن من الأسباب المؤدية إلى ذلك: الجهل بأن هذا الفعل ذميم في الدين والخلق، وهذا الصنف يحتاج إلى تعليم وتعريف.
ومن الناس من يفعل ذلك عن علم ودراية بحرمة فعله دينًا، وذمِّه خلقًا، ولكن ضعف إيمانه وقلة صبره سوّلا لنفسه فعل ما فعل، وهذا يحتاج إلى تذكير ووعظ بعظم ذنب هذا السعي، وعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة.
ومن الناس يسلك طريق كشف مستور الناس وفضحهم بداعي العداوة والحسد، فلا يجد للانتصار لنفسه الحاقدة الحاسدة إلا سلوك هذا الطريق الذميم، وربما كان بينه وبين ذلك الشخص صداقة أو قرابة أو جوار بحيث قد اطلع على بعض أسراره، ووصل إلى شيء من خفيِّ أخباره، فبحصول شيء من الخلاف أو الجفوة يضحي يفشي الأسرار، ويهتك الأستار بدون رادع من دين يمنعه، ولا خلق كريم يحجزه ويردعه.
ومن الناس من يسلك طريق فضح الناس، وإعلان مستور أحوالهم لطلب الشهرة والسبق الإعلامي وذلك عبر وسائل الإعلام، أو وسائل التواصل، فهذا نذكره بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ليتكلم بالكلمة، ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق» (44).
التساهل في كشف ستر المسلمين:
أيها الأحبة الفضلاء: لو فكرتم في العواقب التي يحدثها التساهل في كشف ستر المسلمين، والسعي في نشر مستور أحوالهم؛ لوجدتم لذلك عواقب تجعل العاقل يمسك لسانه وقلمه عن كل كلمة في هذا الموضوع.
فمن تلك العواقب: تهوين المعاصي في قلوب الناس وعيونهم، فمتى سمعوا كل يوم فضيحة، وقرأوا عن كشف ستر إنسان؛ تهاونوا بالمعاصي، ولم يعد لديهم من الكراهية والإنكار مثلما لو كانت تلك الأمور نادرة، بل ربما فعل بعضهم مثل تلك الأفعال المشينة ويقول: لست وحدي في المجتمع فهناك أمثالي فيه.
ومن العواقب الوخيمة لكشف ستر المسلمين: إفساد الناس، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم» (45).
ومن صور هذا الإفساد: قلة الحياء من المعاصي والعيوب، وحصول القطيعة في المجتمع بين الناس، وربما وصلت الحال إلى العراك والقتال أو القتل، خاصة ما يحدث اليوم من نشر بعض الناس صورًا للنساء، فكم يسبب هذا الفعل من الفساد والإفساد والعداوة.
ومن العواقب الوخيمة لكشف ستر المسلمين: المشاركة في إثم ذلك الفعل؛ لأن نشره يجرِّئ الناس على فعل أمثاله، عن شبيل بن عوف قال: كان يقال: من سمع بفاحشة فأفشاها، فهو فيها كالذي أبداها (46).
ومن العواقب الوخيمة لكشف ستر المسلمين: أن يعاقب كاشف ستر المسلمين، والساعي في فضيحتهم بمثل فعله، والجزاء من جنس العمل (47).
والستر على الخطايا لا يعني تهوين أمرها، ولا تشجيع تكرارها، بل هو فتح لباب التوبة، وتطهير للقلوب من الإصرار على المعصية، وفي الستر أيضًا تضييق لمجال المعصية إذ تصان الأعراض، ولا تشيع الفاحشة بين الناس، ويبقى مجتمع المسلمين مجتمعًا ستيرًا.
فضائل الستر على النفس والآخرين:
الستر من أهم وأرقى وأزكى الأخلاق الإسلامية الأصيلة، ولذا شرع الإسلام أحكامًا تكفل ستر الزلات وإقالة العثرات؛ فمثلًا: لم تكتفِ الشريعة في إثبات الزنا -مبالغة في الستر- بأقلَّ من أربعة شهود، يصفون الجريمة وصفًا تنتفي معه الشبهات، وكذلك في ثبوت الزنا بالإقرار لم تكتفِ بأقلَّ من أربع مرات؛ حرصًا على الستر، كما شرعت حدَّ القذف، وتوعد الله تعالى الذين يحبُّون إشاعة الفاحشة بالعذاب الأليم إذ قال: {إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور: 19]، ونهى عن التجسس على الآخرين بحثًا عن عيوبهم وعوراتهم؛ وكل تلك التشريعات حماية للأعراض، وتحقيقًا لفضائل وفوائد الستر، ومن أبرزها:
أولًا: ستر المسلم لغيره سبب في تآلف القلوب، وانتشار حسن الظن بين المؤمنين، فتحفظ الأمة ترابطها وبنيانها، أما إشاعة عورات الآخرين فسبب لتنافر القلوب، وانتشار البغضاء، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى عورة فسترها، كان كمن استحيا موءودة من قبرها» (48)، أي: كان ثوابه كثواب من أحيا موءودة؛ لأن الساتر دفع عن المستور الفضيحة التي هي كالموت فكأنه أحياه.
ثانيًا: ستر العاصي فيه تهيئة له للشعور بالندم والخوف من العقاب، فيدفعه للتوبة، أما لو فُضِح فسيدفعه ذلك إلى مزيد من الآثام، ولا يبالي بعدها بالمجاهرة أو المفاخرة بالذنب.
ثالثًا: الستر يحفـظ كيان الأخلاق لأن فضح الناس -لا سيما الصالحين إن وقعت منهم الزلات- قد يجرِّئ كثيرًا من عوام الناس ومرضى القلوب على اقتراف المعاصي.
رابعًا: الستر من أرقى الطاعات، وسبب للستر في الدنيا والآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة» (49).
خامسًا: الستر على الصالحين دليل على شرف الطبع، أما فضحهم فدليل على خسة الطبع، وعدم الإنصاف والرحمة؛ إذ ليس من العدل أن يتغاضى عن حسناته كلها حتى إذا بدرت منه زلة فضحه، وكشف ستر الله الذي أرخاه على عبده، قال ابن القيم: ومن الناس مَن طبعه طبع خنزير يمر بالطيبات فلا يلوي عليها، فإذا قام الإنسان عن رجيعه قمَّه، وهكذا كثير من الناس يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها، ولا ينقلها، ولا تناسبه، فإذا رأى سقطة أو كلمة عوراء وجد بُغيته وما يناسبها، فجعلها فاكهته ونقله (50).
سادسًا: ستر الإنسان غيره هو ستر لنفسه؛ إذ ما من بشر إلا يخطئ، ولو أنه لم يستر غيره فلن يسترَه غيره إذا زل، فالجزاء من جنس العمل؛ فمن فضح إخوانه المسلمين، سُلِّط عليه من يهتك ستره، ويفضح أمره، قال الشاعر:
إذا أنت عِبْتَ الناس عابوا وأكثروا عليك وأبدوا منك ما كان يُستَر
وإن عبتَ قومًا بالذي فيك مثله فكيف يعيب العُورَ من هو أعور؟
سابعًا: ستر المسلم لنفسه سبب للمعافاة، فليس في ديننا صكوك غفران، أو اعتراف لأحد بالذنوب، بل حثت شريعتنا على ستر الإنسان نفسه، مع عقد العزم على التوبة، فذلك أولى من المجاهرة، بل أولى من الإقرار بها عند القاضي لإقامة الحد إذا كانت معصية تستوجب الحد، قال صلى الله عليه وسلم: «من أصاب منكم من هذه القاذورة شيئًا فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نُقِم عليه كتاب الله عز وجل» (51).
أما المجاهرة بالذنب ففيها سوآت كثيرة؛ إذ إن المجاهر يستذله الناس ويستخفُّون به؛ لأن المعاصي تُذل أهلها، وفي مجاهرته استخفاف بحق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وضرب من العناد لهما (52).
أضف لذلك ما يتولد في نفس المجاهر من شعور بالرضا بالمعصية، وما يفوته من المعافاة والستر في الدنيا والآخرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين».
أخيرًا: فإن الستر من أبرز معالم المنظومة الأخلاقية في الإسلام، تلك المنظومة التي شادت بها أمتنا حضارة كانت مضرب المثل، سادت بها الدنيا ردحًا طويلًا من الزمن، فما أحوج أمتنا في عصر الفضائيات إلى ستر الزلات وإقالة العثرات لترضي ربها وتسترد مجدها (53).
-----------
(1) تفسير البغوي (6/ 290).
(2) أخرجه أحمد (17970).
(3) جامع العلوم والحكم (1/ 225).
(4) إضاءات على نظرية الستر في الإسلام/ مجلة الرشاد.
(5) تفسير البغوي (5/ 225).
(6) تفسير ابن كثير (4/ 415).
(7) أخرجه الطبراني (4146).
(8) مصنف عبد الرزاق (18931).
(9) أخرجه ابن ماجه (2546).
(10) الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 209).
(11) أخرجه مالك في الموطأ (1756).
(12) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (23/ 119).
(13) أخرجه النسائي (7237).
(14) المنتقى شرح الموطأ (7/ 135).
(15) أخرجه ابن ماجه (2544).
(16) فتح الباري لابن حجر (5/ 97).
(17) عمدة القاري (12/ 289).
(18) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (5/ 337- 338).
(19) أخرجه مالك في الموطأ (12).
(20) شرح السيوطي على مسلم (5/ 518).
(21) أخرجه أبو داود (4375).
(22) أخرجه البخاري (6827).
(23) جامع العلوم والحكم (2/ 293).
(24) أخرجه البخاري (6069).
(25) أخرجه أبو داود (4880).
(26) أخرجه أبو داود (4888).
(27) لو سترته بردائك لكان خيرًا لك/ إسلام ويب.
(28) فتح الباري لابن حجر (10/ 487).
(29) أخرجه مسلم (2590).
(30) أخرجه مسلم (2699).
(31) فتح الباري لابن حجر (5/ 97).
(32) تقدم تخريجه.
(33) أخرجه مسلم (1016).
(34) أخرجه البخاري (5995).
(35) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 3100).
(36) أخرجه الطبراني (8077).
(37) فيض القدير (6/ 185).
(38) أخرجه أبو داود (5074).
(39) الستر من صفات الله عز وجل/ إسلام ويب.
(40) أخرجه مسلم (1437).
(41) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 2093).
(42) صحيح الجامع (4008).
(43) أخرجه مسلم (2674).
(44) أخرجه البخاري (6477).
(45) أخرجه أبو داود (4888).
(46) الأدب المفرد مخرجًا (ص: 120).
(47) عبادة الستر على المسلمين/ ملتقى الخطباء.
(48) أخرجه أبو داود (4891).
(49) أخرجه مسلم (2699).
(50) مدارج السالكين لابن القيم (1/ 406).
(51) أخرجه البيهقي (17574).
(52) شرح صحيح البخاري لابن بطال (9/ 263).
(53) ستر الزلات في عصر الفضائيات/ طريق الإسلام.