لا تكن إمعة
الإمعة الذي لا رأي له، مع كل الناس، ومع كل الاتجاهات؛ أي أنه منافق، ومصلحته فوق كل شيء، يجامل الناس جميعًا، لا ينطوي على مبدأ ولا على قيمة، مع الناس؛ بل مع مصلحته، يتلوَّن كالحرباء، إن جلس مع أهل الإيمان قال: آمنت معكم: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة:14].
هو الرجل الذي تصنعه وسائل الإعلام، ثم تعود إليه، بعد أن تصنعه بوسائلها، فتسأله عن موقفه، فيكون موقفه بالضبط هو ما أرادته وسائل الإعلام.
ليس هؤلاء الذين توسع بهم القاعدة في المرحلة الأولى من البناء، ولا في أي مرحلة من مراحلها! إنما توسع بجنود مخلصين، يهبون أنفسهم للدعوة، ينافحون عنها بتوجه مخلص إلى الله(1).
وهذا يتطلب من المرء المسلم أن يكون ذا بصيرة، غير مقلد للناس في الجهل والسلوك الذي لا يحقق نفعًا، وليس معنى هذا أن ينأى الفرد بنفسه عن الآخرين، ولكن لا يكن فردًا اتكاليًا على غيره، ينتظر منهم أن يقدموا له الحلول والإنتاج؛ بل أن يكون عضوًا فاعلًا إيجابيًا، يجتهد ويعمل، ويفكر ويسترشد بمن هم أكثر منه علمًا وتجربة(2).
ومنهج التربية الإسلامية يربي أتباعه على البعد عن التقليد الأعمى الذي يئد الإبداع، ويزج بالإنسان في مهاوي الجهل والضلال؛ بل يربي فيهم الوعي في مسلكهم وسلوكهم وأقوالهم وأفعالهم وعباداتهم، وفي كل شئونهم(3).
فالإمعة يُشترَى بأبخس الأثمان، لكن صاحب المبدأ لا يشترى ولا يباع، لا تؤثر فيه سبائك الذهب اللامعة، ولا سياط الجلادين اللاذعة، «والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه، ما تركته»(4).
لذلك من الصعب جدًا أن تشتري إنسانًا صاحب مبدأ، لا يلين، ولا يقبل بأنصاف الحلول، ولا يباع ولا يشترى، رجل مبدأ، رجل المبدأ إنسان عظيم، ورجل المصلحة إنسان تافه، يعبد مصلحته من دون الله، مع هؤلاء ومع هؤلاء، مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، هو مع مصلحته الحقيقية؛ لذلك من أشد هذه الأخلاق انحطاطًا أن يكون الإنسان إمعة .
عن كميل بن زياد أنّ عليًا رضي الله عنه قال: «يا كميل، إنّ هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها للخير، والناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق»، إلى أن قال: «أفّ لحامل حقٍ لا بصيرة له، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لا يدري أين الحق، إن قال أخطأ، وإن أخطأ لم يدر، مشغوف بما لا يدري حقيقته، فهو فتنة لمن فتن به»(5).
ومن أخطر الأمراض النفسية أن يشيع النفاق في المجتمع، وأن يشيع في المجتمع عبادة الذات، يعبد ذاته، إذًا هو مع القوي، لو تبدل الأقوياء فإنه مع القوي الحالي، ومع القوي القادم، لأنه يعبد ذاته من دون الله، هذا هو الإمعة.
البحتري شاعر، تروي سيرته أنه مدح عشرات الخلفاء، وذمهم جميعًا، يأتي فيمدحه، وينصرف فيذمه، هذا شأن الإمعة، شأن الذي لا رأي له، شأن الإنسان المنبطح من أجل مصلحته، من أجل شهوته، من أجل مكاسبه الدنيوية.
كن نفسك ولا تكن الآخرين:
الانصياع والذوبان في الآخرين والانقياد إليهم في كل شيء دليل على ضعف الشخصية، وفقدان الثقة بالنفس, وعدم التميز, وهو أمر مهلك ومدمر أن يصير الإنسان ذنبًا لغيره، يتبعه في حقه وباطله, وهذا ما عابه الله تعالى على المشركين فقال: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)} [البقرة:170-171].
أما الحديث الشريف عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا»(6).
وهذا يتطلب من المرء المسلم أن يكون ذا بصيرة، غير مقلد للناس في الجهل والسلوك الذي لا يحقق نفعًا، وليس معنى هذا أن ينأى الفرد بنفسه عن الآخرين، ولكن لا يكن فردًا اتكاليًا على غيره، ينتظر منهم أن يقدموا له الحلول والإنتاج؛ بل أن يكون عضوًا فاعلًا إيجابيًا، يجتهد ويعمل، ويفكر ويسترشد بمن هم أكثر منه علمًا وتجربة(7).
شيوع الإمعة في هذا الزمان:
هذا النمط أصبح شائعًا، إنسان شهواني، كاذب، منافق، مصلحته فوق كل شيء، يَتَلَوَّن مئات الألوان، يساير كل الناس، محسنهم ومسيئهم، يشايع كل الناس، مثل هذا الإنسان هو الإمعة الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم :«يذهب الصالحون، الأول فالأول، ويبقى حفالة كحفالة الشعير، أو التمر، لا يباليهم الله بالة»(8).
مليار وخمسمئة مليون يتربعون على ثروات الأرض، ويحتلون أخطر موقع في العالم، ولا وزن لهم في العالم، وأمرهم ليس بيدهم؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم:59]، وقد لقي المسلمون ذلك الغي.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «كنا في الجاهلية نعد الإمعة الذي يتبع الناس إلى الطعام من غير أن يدعى، وإن الإمعة فيكم اليوم المُحْقِبُ الناس دينه»(9).
وعن مقاتل بن حيان قال: «أهل هذه الأهواء آفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، إنهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، فيتصيدون بهذا الذكر الحسن الجهال من الناس، فيقذفون بهم في المهالك»(10).
أي يتاجرون بالدين، هؤلاء الذين يرتزقون بالدين اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلًا.
الإمعة يحب أن يكون الناس حوله، لذلك يجاملهم، فلو فرضنا إنسانًا إمعة له طموح أن يكون الناس حوله، فإذا أراد أن يرفع الناس إلى مستوى دعوته يتقاعسون، فاختار طريقًا آخر؛ أن ينزل هو إليهم، يتحلقون حوله زرافات ووحدانًا، فإما أن ترفع الناس إلى مستوى الشريعة، وإما أن تهبط إليهم تعطيهم الفتاوى الرخيصة، وتيسر أمورهم، وتبسط بعض الأحكام الدقيقة التي هي ضمان لسلامتهم(11).
لذلك قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «اتبع طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين»(12).
{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} [الأنعام:116]، الأكثرية ليست دليلًا على الحق؛ بل ربما كانت دليلًا على الباطل، بنص هذه الآية، الخط العريض بالمجتمع ليس على الحق :{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس:36].
عن ابن مسعود رضي الله عنه يقول: «اغدُ عالمًا أو متعلمًا، ولا تغد إمعة فيما بين ذلك»(13).
عن ابن عباس قال: «دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود إلى الإسلام، فقال رافع بن خارجة ومالك بن عوف: بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا»؛ أي ما وجدنا عليه آباءنا، فهم كانوا خيرًا وأعلم منا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقيل الآية متصلة بما قبلها وهي نازلة في مشركي العرب وكفار قريش، فكان نتاج تبعيتهم لقومهم، على جهالة، أن مصيرهم النار جميعًا، وما رفض عم النبي أبو طالب الدخول في الإسلام إلا بسبب تبعيته لقومه، فاستحق أن يكون في النار معهم، بالرغم من حمايته للنبي، وما أفسد فتياتنا وشبابنا، بشتى أنواع الانحراف، إلا أصدقاء السوء، وتبعيتهم لكل ناعق يأتي بما يخالف تعاليم الإسلام.
تأملوا معي هذا الموقف، وذلك أن عقبة كان لا يقدم من سفر إلا صنع طعامًا، وكان يدعو إلى الطعام من أهل مكة من أحب وأراد، وكان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم، ويعجبه حديثه، فقدم ذات يوم من سفره وصنع طعامًا، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعامه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدم الطعام إليه أبى أن يأكل وقال: «ما أنا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله»، وكان عندهم من العار أن يخرج من عندهم أحدهم قبل أن يأكل شيئًا، فألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل، فلم يأكل، فشهد بذلك عقبة، فأكل النبي صلى الله عليه وسلم من طعامه، وكان أبيُّ بن خلف الجمحي غائبًا، وكان خليله، فلما قدم أخبر بذلك، فأتاه فقال: «صبوت يا عقبة؟»، فقال: «لا والله ما صبوت، ولكن دخل علي رجل فأبى أن يأكل من طعامي إلا أن أشهد له، فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم، فشهدت، فطعم»، فقال له: «ما أنا بالذي أرضى عنك أبدًا حتى تأتيه، فتبزق في وجهه، وتشتمه وتكذبه»، ففعل ذلك.
فنزلت هذه الآية: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)} [الفرقان:27-29](14).
وليس هذا فقط، ولكن تخبرنا الآيات عمن اتبعوا رؤساءهم أو مديريهم على ضلالهم، وقد غلبهم رؤساؤهم بنفوذهم وسلطانهم فاتبعوهم، انظروا كيف تبرءوا منكم، أيها المتبعين، يوم القيامة، وكيف أنك، أيها المتبع، تتمنى لو ترد مرة أخرى فتتبرأ منهم في الدنيا قبل الآخرة: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)} [البقرة:166-167]؛ بل الشيطان نفسه يتبرأ من كل من اتبعه كما أخبرنا القرآن، ومثل المتبع الشيطان على باطل، انظر كيف تبرأ الشيطان منك إذ يقول الله تعالى في كتابه الحكيم: {كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (16) فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (17)} [الحشر:16-17].
إن الإمعة بالإضافة إلى ذلك قد يكون فتنة لغيره إذا عرف الحق ولم يتخذه سبيلًا، فكم من متبع هواه أو أصدقاء سوء مضل لغيره.
وعلى الجانب الآخر نجد أناسًا عاشوا بمبادئهم وثبتوا عليها، ودفعوا ثمن هذا من حياتهم، دفعوا ثمن ثباتهم وعدم اتباعهم لأقوامهم على الباطل، وها هو موقف نبينا الكريم في رفضه اتباع قومه عندما كلمه عمه في أن يرجع عن أمر الرسالة قال: «والله يا عم، لو وضعوا الشمس عن يميني والقمر عن يساري على أن أرجع عن هذا الأمر ما رجعت عنه أبدًا».
وهذا هو صديقه الصديق أبو بكر مَثَلٌ أيضًا في الثبات وعدم التردد في الحق، فالطيور على أشكالها تقع، وهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه حينما أصَرّ على قتال المرتدين وقد راجعه في ذلك بعض الصحابة، غير أن الثقة بالله والقناعة بالدين كانت حافزًا قويًا في المُضِيّ قُدُمًا في نفاذ عزمه، وعدم الالتفات إلى الآراء الأخرى؛ نصرة للدين وإمضاءً للحق، وقد قال مقولته المشهورة: «والله، لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة»، فلم تكن كثرة الآراء والأصوات سبيلًا إلى إحْجَامه وزعزعة قناعته عما كان عليه من الحق.
ونجد أيضًا موقف الفتية أصحاب الكهف؛ كيف أنهم رفضوا تبعية قومهم على ما هم فيه من الباطل، ورأوا أن هداية الله أحب إليهم من رهطهم، وفروا بدينهم؛ فاستحقوا أن يخلدوا في كتاب الله إلى يوم القيامة.
إن ثباتك وعدم ترددك يأتي من إيمانك وثقتك في المنهج الذي تتبعه، فإذ حدث ذلك فلن يستطيع أحد أن يزعزعك عن طريقك، لا يكون الشخص إمعة إلا نتيجة لمؤثرات أثرت عليه خارجية.
ولكي يتخلص الشخص الإمعة من هذه الصفة ينبغي له:
- تدريب النفس على اتخاذ القرار، والثبات على المبدأ فيما لا يخالف شرع الله، وأن يكون ذا ثقة بنفسه، وذا عزيمة لا يُشتّتها تردّد ولا استحياء، ومما يعينك أيضًا أن تعرف لماذا جعل الله المنافقين في الدرك الأسفل من النار أو جزاءهم جزاء الكفار؛ لعدم ثباتهم على مبدأ {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} [النساء:143]، ألا يكفيك تبرؤ المتبوع من التابع يوم القيامة كما تحدثنا في بداية الحديث؟ التبعية جزاؤها كما قال الله تعالى لمن اتبع الشيطان: {فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ} [الحشر:17]، فهو بهذا الاتباع لِهَوى نفسه أو الشيطان أو أصدقاء السوء قد ظلم نفسه.
- اختيار الصحبة الصالحة التي تعين على الحق، وكما قال الفضيل بن عياض: «اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين».
ولنعرف أن الإسلام لا يدعو إلى الذوبان في الآخر وانطماس شخصية المسلم، وإلا لما كانت بصمة الأصبع مختلفة من شخص إلى آخر، إلا لأنك مختلف عن الآخر، ولك دور في الحياة مختلف، أو يكمل الآخر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :«الواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به، وأن يقتصر على ما حده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدين القيم، الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، فلا يزيد فيه ولا ينقص منه، والذي ينبغي للمسلم أيضًا ألا يكون إمَّعَةً يتبع كلَّ ناعق؛ بل ينبغي أن يُكَوِّن شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى؛ حتى يكون متبوعًا لا تابعًا، وحتى يكون أسوة لا متأسيًا؛ لأن شريعة الله، ولله الحمد، كاملة من جميع الوجوه، كما قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3](15).
إن مما يُعزّز مكانة المرء المسلم وصدق انتمائه لدينه وثباته على منهاج النبوة ثقته بنفسه، المُستخلَصَة من ثقته بربه وبدينه، فالمسلم الواثق بنفسه إنما هو كالطَّوْد العظيم بين الزَّوَابِع والعواصف، لا تعصف به ريح، ولا يحطمه موج، وهذه هي حال المسلم الحق أمام الفتن والمتغيرات، يرتقي من ثبات إلى ثبات، ويزداد تعلقه بربه وبدينه كلما ازدادت الفتن، وادْلَهَمَّت الخُطُوب، وهو إبّان ذلك كله ثابت موقن، لا يستهويه الشيطان، ولا يلهث وراء كل ناعِق، حادِيه في هذا الثبات سلوك طريق الهدى وإن قلّ سالكوه، والنَّأي عن طريق الضلال وإن كثر الهالكون فيه.
وبمثل هذا المنهج يصبح المؤمن ممن وعى حديث النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أمته بقوله: «لا تكونوا إمَّعَة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم: إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا».
إن من أعظم ما يقاوم به المرء وصف الإمَّعَة أن يكون ذا ثقة بنفسه، وذا عزيمة لا يُشتّتها تردّد ولا استحياء.
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تتردّدا
وبالتّتبع والاستقراء لأمور الشريعة وأحوال السلف عُلِم أنه لا تجتمع العزيمة والرأي السديد، الموافقان لصِبْغة الله وشرعته، ثم يحصل الفساد، وليس بخافٍ عنا موقف النبي في صلح الحديبية، في حين أن بعض الصحابة رضي الله عنهم رأى أن ظاهر الصلح ليس في مصلحة المسلمين، ولكن ثقة النبي بربه وبوعده لم تورده موارد التردّد، ولم تؤثر على عزمه كثرة الآراء والتهويل(16).
وقد ذكر شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما أراد المسير لقتال الخوارج عرض له مُنَجِّم فقال له: «يا أمير المؤمنين، لا تسافر؛ فإن القمر في العَقْرب؛ فإنك إن سافرت والقمر في العَقْرب هُزِم أصحابك»، فقال علي رضي الله عنه: «بل نسافر ثقة بالله، وتوكّلًا على الله، وتكذيبًا لك»، فسافر فبورِك له في ذلك السفر حتى قتل عامّة الخوارج، وكان ذلك من أعظم ما سُرَّ به رضي الله عنه(17).
إن التقليد الأعمى ووصف الإمَّعَة وجهان لعملةٍ واحدة، وهما في الوقت نفسه لا يقتصران على السُّذَّج والرّعَاع من الناس فحسب؛ بل إن وصف الإمَّعَة يتعدّى إلى ما هو أبعد من ذلك، فكما أنه يكون في الفرد فإنه كذلك في المجتمع بفكره وعاداته وتقاليده، فقد يكون الفرد إمَّعَة، والمجتمع إمَّعَة، والناس إمَّعِين، وقولوا مثل ذلك في العامّي والمتعلّم والمنتسب إلى العلم، فإن مجرّد انتساب المرء للعلم لا يعفيه من أنه قد يكون ضحية التقليد الأعمى ومَعَرَّة الوصف بالإمَّعَة إذا ما كان كثير الالتفات، واهن الثقة بالصواب، وعلى هذا يُحمل ما يلاحظ بين الحين والآخر من اضطراب بعض المنتسبين للعلم في المنهج والفتوى، وكثرة التنقّل بين المذاهب والآراء بسبب المؤثّر الخارجي، وفق المزاحمة والضغوط والمحدثات التي تنهش من جسد التشريع، ما يجعل المنتسب للعلم يسير حيث سار الناس، فيُطَوِّع لهم الفقه، ولا يُطَوِّعُهم هم للفقه.
إن الإمعة الذي لا يستطيع أن يجهر بكلمة الحق، في وقتٍ يجهر بالباطل دونما إكراه أو ضرورة، مذموم شرعًا وعرفًا وعقلًا؛ لأنه يكون واهن العزم، ضعيف الرأي، لا قيمة له في الناس، حينها قد ينطق بالباطل، وقد يجامل ويداهن على حساب دينه، وكما ميزه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذو وجهين، قد يأتي الخصمين فيصوبهما معًا، ومن كان بين يديه كان هو رهن رأيه وقوله، وهذا ليس من الصدق والأمانة في شيء، ولعل هذا الحال من أسوأ ما يجنيه الإمعة على نفسه.
إن من أقبح الطباع أن يكون الرجل ببغاء المتكلمين، يجري مع النطاق مثل الصدى، لا يحسن القول ولا يصمت.
وأن يكون من الهمج الرعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق، وأن يكون مقلدًا أعمى لا يدري لِمَ يقلد وعلامَ يقلد وفيمَ يقلد، وهذا أمر لا بد أن ينظر إليه بعين البصيرة والورع؛ لئلا يقع الإنسان في مرض خطير، ألا وهو اتباع الهوى، ولا يشعر أنه يتبع الهوى إلا بعد حين يكون قد فات وقت التراجع والندم.
إن الإمعة في عصر ما قبل الإسلام كثير، كانت تأتيهم رسل الله فيعرضون عما يدعونهم إليه، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [البقرة:170]، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السعِيرِ} [لقمان:21]، ولا يستجيبون ولو علموا اليقين؛ لأنهم كانوا ينجرفون وراء آبائهم، ويميلون مع كل ريح باتجاه أهوائهم.
إن هذا هو التقليد، ولكن ليس التقليد الذي نعرفه، كتقليد عامةِ الناسِ أهلَ العلم، إنه التقليد المذموم، الذي ذمه الله تعالى، وذم فاعليه من المشركين وأهل الكتاب، فقد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال: {اتخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِن دُونِ اللهِ} [التوبة:31]، وروي عن حذيفة وغيره قال: لم يعبدوهم من دون الله، ولكن أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم، وقال عدي بن حاتم: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب، فقال لي: «يا عدي بن حاتم، ألق هذا الوثن من عنقك»، وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة، حتى أتى على هذه الآية: {اتخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا من دُونِ اللهِ} قال: قلت: «يا رسول الله، إنا لم نتخذهم أربابًا»، قال: «بلى، أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه، ويحرمون عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه؟» فقلت: «بلى»، قال: «تلك عبادتهم»(18).
وقال جل وعز: {وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ من نذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (24)} [الزخرف:23-24]، فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء فقالوا: {إِنا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ} وفي هؤلاء ومثلهم قال الله عز وجل: {إِنَّ شَرَّ الدوَابِّ عِندَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال:22]، وقال تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلونَا السَّبِيلَا} [الأحزاب67]، ومثل هذا في القرآن كثير، من ذم تقليد الآباء والرؤساء، وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد بغير حجة للمقلد.
إن التقليد الأعمى نقص في العقل، وقد يودي بصاحبه إلى الكفر والعياذ بالله، كما كان حال المشركين الذين أعرضوا عن أنبيائهم، {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [القمر:3]، فعلى هذا لا يجوز لأحد أن يقلد غيره بدون أن يعلم لِمَ يقلده، ولو كان عالمًا، فأهل الكتاب {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} [التوبة:31]، وقد يكون هذا التقليد أشد وأعظم خطرًا؛ فالإمعة يرى أن يسلك وراء ذلك العالم في أمر عارٍ عن الدليل، فإن كان مخالفًا للشريعة، فيتقول على الله أن تلك الزلة التي قلد فيها العالم من دين الله، وأنها مما أمر الله بها ورسوله(19).
قال ابن مسعود رضي الله عنه: «ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلًا، إن آمن آمن، وإن كفر كفر؛ فإنه لا أسوة في الشر»(20).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «ليوطنن المرء نفسه على أنه إن كفر من في الأرض جميعًا لم يكفر، ولا يكونن أحدكم إمعة»، قيل: وما الإمعة؟ قال: «الذي يقول: أنا مع الناس؛ إنه لا أسوة في الشر»(21).
أف لحامل حق لا بصيرة له، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لا يدري أين الحق، إن قال أخطأ، وإن أخطأ لم يدرِ، مشغوف بما لا يدري حقيقته، فهو فتنة لمن افتتن به، وإن من الخير كله من عرفه الله دينه، وكفى بالمرء جهلًا ألا يعرف دينه(22).
إذا كان الإمعة في الدين مذمومًا فهو أيضًا في العرف مذموم؛ لأنه لا يأتي بكلمة الحق في وقتها، ولكن بحسب صاحبه إن أحسن أحسن، وإن أساء أساء، وليس إلا مجرد ضعف في الرأي، لا يستطيع أن يمكِّن عقله من أداء حقه الصحيح.
وإن مجتمعنا اليوم الإمَّعون فيه كثير، وفي كل شيء، فمن الناس إمعة في هواه، ومنهم إمعة في عمله، ومنهم إمعة في شهوته ورغبته، ومنهم إمعة في رأيه وفكره، حتى في المشورة أو الرأي البسيط في أبسط المسائل، ومنهم إمعة في دينه، والإسلام بريء من كل إمعة وما صنع، ولا شك أن الإمعة في الخير خير من الإمعة في الشر، بمعنى لو أن إنسانًا يقلد غيره في الخير والطاعة والقول الحسن لا شك أنه خير من آخر يتبع هواه، أو يقلد في المعاصي والشهوات.
وماذا عليك يا أخا التوحيد لو ضل العالم كله, وثبت أنت على الهداية ومنهج الحق والصدق, قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة:105].
ولتعلم أنك معروض أمام ربك, واقف أمامه وحدك, ولن يحاسبك على عمل غيرك, قال الله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:95], واعلم أن الثبات يرفع صاحبه، والانتكاس يفقد صاحبه المكانة والمنزلة التي كان يتمتع بها قبل أن ينتكس, قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)} [الأعراف:175-178](23).
ورَحِم الله الحافظ ابن حجر حيث يقول، شاكيًا ما يراه في زمانه من انتشار وصف الإمعة، حتى في صفوف المنتسبين للعلم والفكر، فيقول: «وقد توسَّع من تأخَّر عن القرون المفضلة في غالب الأمور التي أنكرها أئمة التابعين وأتباعهم، ولم يقتنعوا بذلك حتى مزجوا مسائل الديانة بكلام اليونان، وجعلوا كلام الفلاسفة أصلًا يردّون إليه ما خالفه من الآثار بالتأويل ولو كان مستكرَهًا، ثم لم يكتفوا بذلك حتى زعموا أن الذي رتّبوه هو أشرف العلوم وأولاها بالتحصيل، وأن مَن لم يستعمل ما اصطلحوا عليه فهو عامي جاهل؛ فالسعيد من تمسَّك بما كان عليه السلف، واجتنَب ما أحدثه الخلف»(24).
من مضار الإمعة:
(1) تدل على ضعف الشخص عقليًا ودينيًا.
(2) يعيش الإمعة ذليلًا.
(3) الإمعة منبوذ من الله ثم من الناس.
(4) تساعد على وجود أشخاص بلا قيمة في المجتمع.
(5) توقع في مهاوي الضلالة.
(6) تقوي روح التبعية والرذيلة في المجتمع؛ فيعيش عالة على المجتمعات الأخرى، ويضعف الإنتاج الفكري والمادي(25).
***
_________________
(1) كيف ندعو الناس، ص140.
(2) التربية الابداعية، ص438.
(3) المصدر السابق، ص451.
(4) السيرة النبوية، لابن هشام (1/ 266).
(5) جامع بيان العلم وفضله (2/ 984).
(6) أخرجه الترمذي (2007)، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(7) التربية الابداعية، ص437.
(8) أخرجه البخاري (6434).
(9) المحكم والمحيط الأعظم (2/ 210).
(10) نضرة النعيم (9/ 3996).
(11) الأخلاق المذمومة، موسوعة النابلسي للعلوم الاسلامية.
(12) الاعتصام، للشاطبي (1/ 112).
(13) المصدر السابق (2/ 875).
(14) تفسير السمرقندي (2/ 536).
(15) مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (2/ 301).
(16) حتى لا يكون المجتمع المسلم إمعة، موقع: الفرقان.
(17) الفتاوى الكبرى، لابن تيمية (1/ 24).
(18) إعلام الموقعين (2/ 131).
(19) أضواء البيان، للشنقيطي (7/ 392).
(20) الاعتصام، للشاطبي (1/ 545).
(21) الإبانة الكبرى، لابن بطة (1/ 33).
(22) أضواء البيان للشنقيطي (7/ 392).
(23) لا تكـونوا إمعـة، موقع: إمام المسجد.
(24) فتح الباري (13/ 253).
(25) نضرة النعيم (9/ 3998).