كيف نحقق أهدافنا
العملية التربوية لها مراحل متعددة، وكل مرحلة لها هدف يسعى المربي لتحقيقه في المربى؛ ليصل به إلى النضج التربوي، فيقدم إنسانًا ناضجًا علميًا وتربويًا، يحمل الرسالة ويقوم بالدور المنوط به.
ولكي تتم هذه العملية بنجاح لا بد لها من تحديد الأهداف المرحلية، ووضع البرامج العملية، والخطط المنهجية.
إن مجرد تساؤلنا (كيف نحقق أهدافنا؟) يجعلنا نشعر بمهمة ذاتية في الحياة، ويشعرنا أيضًا بوعي الإنجاز وفق خطوات مدروسة، ولاشك أن ذلك مطمح كل ذي عقل وبصيرة.
فيجب أن تكون أهدافك واضحة كل الوضوح؛ كتذكرة السفر، من البداية وإلى النهاية، أو من الانطلاق وإلى الوصول للهدف، مثلًا:
- تحديد مكان إنجاز الهدف، أو البدء بالانطلاق من نقطة معينة.
- معرفة كيفية الوصول.
- معرفة تكاليف إنجاز الهدف.
- معرفة صلاحية الخطة المرسومة للوصول إلى الهدف.
ولا شك أن هناك عدة فوارق بين من له هدف ومن لا هدف له، والذين يخططون وفق أهدافهم على مستوى العالم، حسب المتابعات واستبيانات التنمية البشرية، لا يتراوح 10%، وهذا سبب رئيسي لعدم إنتاجية بعض الشعوب، أو تأخر بعض الدول عن ركب التقدم(1).
هناك منيكون له أهداف يأمل تحقيقها لكنه لا يكون ذا همة، وقد يكون هناك من يستثمر وقتهلتحقيق هدفه، لكنه ودون أن يشعر يعمل في دائرة مفرغة ليس لها نهاية، وبعد فترة يكتشفأن أهدافه ما زالت بعيدة؛ رغم ما بذله من جهد ووقت!
وينتهي به الوضع إلى إحباط شديد،وشعور بالفشل، وفي النهاية إلى ضياع الهدف!
كيف نصل للهدف:
1- إدراك قيمة الوقت:
ومن لا يعرف قيمته فلن ينتج، أو سيكون إنتاجه قليلًا بالنظر إلى قدراتهوطاقاته، والوقت إذا ذهب فلن يعود، ولا يمكننا إعادته أو تعويضه.
فالوقت إذا ذهب فإنهينقص من أعمارنا بقيمته ولا يمكن تعويضه، فإذا انتهى يومنا فهذا يعني أنه نقص منعمرنا يومًا، ودَنَيْنا به من أجلنا المحتوم الذي قال عنه جل وعلا: {وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون:11].
إن الوقت أثمن مما نتخيل، ويكفي أن المولى سبحانه أقسم بهحين قال: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)} [الفجر:1-2]، {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)} [الضحى:1-2]، { وَالْعَصْرِ(1)إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِيْ خُسْر(2)}[العصر:1-2].
والله جل جلاله لا يقسم إلا بعظيم، ومما يزيدنا حرصًا على أوقاتنا؛ وهلعًا من ذهابها دونما فائدة، أننا سنُسألعنها، قال صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس، عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم»(2).
كان أبو بكر العياش يقول: «لو سقط منأحدهم درهم لظل يومه يقول: إنا لله! ذهب درهمي، وهو يذهب عمره ولا يقول: ذهبعمري, وقد كان لله أقوام يبادرون الأوقات، ويحفظون الساعات، ويلازمونها بالطاعات».
2- تحديد الهدف:
يجب أن نعي أن غاية وجودنا في هذهالحياة هو عبادة الله وحده، قال جل من قائل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].
نستطيع تحقيق أهدافنا الشخصية والعملية عندما نؤمن بها ونسعى إليها، إذ يؤدي وضع الأهداف والتركيز عليها إلى تحقيقها بحذافيرها، فبإمكان الإنسان العادي تحقيق كل ما يصبو إليه دون امتلاكه لكل القدرات والمهارات الأساسية كما نظن ونعتقد.
فتحديد ما نريده، واستعدادنا لدفع ثمن إنجازاتنا يستنفر طاقتنا الداخلية؛ لأن الاستعداد أهم من مجرد امتلاك المهارة دون الإدارة، ولكن كل بداية جديدة تستدعي تصورات جديدة.
قبل أن تشرع في المضي لتحقيق هدفك لا بد لك من زاد للسير في هذا الطريق،وسأذكر لكم شيئًا من ذلك الزاد:
أولًا: الإخلاص:
فلا بد منه قبل الشروعلتحقيق الهدف، ولعلنا لم ننسَ قول ابن الجوزي: «واعلم أن الطريق الموصلة إلى الحق سبحانه ليست مما يقطع بالأقدام، وإنما يقطع بالقلوب، والشهوات العاجلة قطاع الطريق، والسبيل كالليل المدلهم، غير أن عين الموفق بصر فرس؛ لأنه يرى في الظلمة كما يرى في الضوء، والصدق في الطلب منار، أين وجد يدل على الجادة، وإنما يتعثر من لم يخلص، وإنما يمتنع الإخلاص ممن لا يراد، فلا حول ولا قوة إلا بالله»(3).
ثانيًا: الإقلاع عن المعاصي:
والحذر من الوقوع فيها؛ فما حُرِم عبد نعمةإلا بذنب.
ثالثًا: صحبة أولي الهمم العالية:
فصحبتهم والقرب منهم تدفعللتأسي بهم، وتعين على اغتنام الأوقات، وبالمقابل؛ الحذر من صحبة أولي الهمم الضعيفة؛ فصحبتهم تضيع الأوقات، وتهدر الطاقات، وقد أحسن من قال:
عن المرءِ لا تَسأَلْ وسَلْعن قرينهِ فكلُّ قرينٍ بالمقارَن يقتدِي
إذا كنتَ في قومٍفصاحِب خِيارَهم ولا تصحبِ الأردى فتردى مع الرَّدِي
رابعًا: قراءةأحوال سلفنا الصالح مع الوقت:
وكذلك أحوال الخلف الصالح ممن هم في وقتنا الحاضر؛ فإنمعرفة سيرهم من أكبر الدوافع لاستغلال أوقاتنا فيما ينفعنا، ومن ذلك قول الإمام ابنالجوزي عن نفسه: «كتبت بأصبعي هاتين ألفي مجلد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلمعلى يدي عشرون ألف يهودي ونصراني».
فما الفرق بيننا وبين ابن الجوزي؟ أليس لدينامن الوقت مثل ما لديه؟
الفرق الذي بيننا وبينه أنه عرف كيف يستثمر وقته.
خامسًا: الإكثار من النوافل:
من صلاة وذكر وصدقة وصيام، فبالإضافة إلى أنهذا خير ما يستغل به الوقت؛ فهو خير معين لنا؛ لأنه يربي النفس ويزكيها، ويضفي عليهاالراحة والطمأنينة والسكينة، ويرضي الله عنا، ويبارك في أوقاتنا، والأعظم من ذلك أنهاسبيل كبير لكسب محبة الله للعبد، ولنتذكر قول الباري في الحديث القدسي: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه»(4).
فما ظنكم بعبد أحبهالله؟ أوليس سيسدده بحوله وقوته؟؟
سادسًا: الدعاء:
فيلهج إلى الله بالدعاء؛ ويطلب منه التوفيق والتيسير فيما يأمله ويرجوه، وليتحرى فيذلك أوقات الإجابة المذكورة، وليعلم أنه بمجرد الدعاء نفسه يؤجر عليه لأنه عبادةفضلًا عن كونه مدعاة للتوفيق.
سابعًا: تذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات:
حينما يفارق العبد الدنيا بما فيها من الأهل والأحباب والمال والأصحاب، ويختم علىعمله؛ فيتمنى لو يرجع ولو لدقيقة يتدارك فيها بعض ما فات لكن هيهات.
وتذكر الموت من أكبر الدوافع لتحقيق أهدافنا التعبدية: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)} [المؤمنون:99-100](5).
بينت دراسة تربوية حديثة أن الإنسانالذي لديه هدف واضح في حياته تزداد إمكاناته المعنوية بشكل كبير, ويستيقظ عقله،وتتحرك دافعيته, وتتولد لديه الأفكار التي من شأنها أن توصله لتحقيق هدفه.
استراتيجية تحقيق الأهداف:
1- ابدأ بالتفاؤل فإنه لا يأتي إلا بخير، والمتفائل يجمع هَمّه وهِمّته نحو الهدف لأنه مؤمن به.
2- كن حرًا في العطاء، واحذر أن يستحوذ عليك إغراءات وأحاسيس الجزاء والشكور.
3- حاول تقليص الهموم والمخاوف الواهمة قدر الإمكان، وذلك للجرأة المستمرة على العطاء والبناء.
4- اجعل الهدوء والتوازن شعارك الدائم، ولا تستعجل في الأحكام ولا في قطف الثمار.
5- حاول، بكل ما أوتيت من حكمة، أن تسيطر على التسرع؛ لأنه يفسد التخطيط؛ ومن ثم يخطئ الهدف.
6- الخطوات المدروسة من أساسيات التخطيط، فلا بد للوصول إلى الهدف من تحديد المراحل، والتحرك وفق ذلك.
تحقيق الأهداف يحتاج إلى:
وضوح الرؤية:
في وضع الخطط وتحقيق الأهداف، مركزًا اهتمامك على البدء بهدف واضح والانتهاء بعمل ناجح، الشيء الوحيد الذي يجب ألا يغيب عن ذهنك.
إن وضوح الهدف في أي عمل يقوم به الإنسان هو الخطوة الأولى للتخطيط الناجح؛ وذلك لأنه يتوقف عليه نوع الدراسة الموصلة إليه، كما يترتب عليه نوعية الوسائل التي يجب استعمالها لبلوغه، ومثل الذين يعملون من غير أن تتضح أهدافهم، كمثل إنسان يضرب في الصحراء دون أن يكون معه دليل يرشده أو قائد يهديه، ولا شك أنه سيظل يسير حتى يمل السير، ويضرب في الأرض حتى يضطرب ويختل.
طلب النمرود من إبراهيم عليه السلام أن يقدم له دليلًا على وجود الله عز وجل، فأجابه إبراهيم: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}، فقال النمرود في تجبر وعناد: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة:258].
فأدرك إبراهيم عليه السلام أن الصورة لم تتضح عند ذلك الأحمق، وأن اللجاج قد سيطر على نفسه، فسلم له، وأرخى العنان ليتمكن من إفحامه بما لا يستطيع رده ليبطل بذلك ما ادعاه أولا بعجزه في الثاني، قال إبراهيم عليه السلام: {فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}، وهنا أخرس ذلك الخصم العنيد فلم يحر جوابًا، وسكت وكأنه لا يعرف الكلام: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَر} [البقرة:258].
قناعة ويقين:
لابد من إيحاءات ذاتية، واستقبال رسائل إيجابية، أو لقّن ذاتك بالشحنات الموجبة، وكن من الذين يصنعون الأحداث والتغيّرات، وليس من الذين يندهشون أمام الأهداف أو يتفرجونها فقط.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتكبر في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
أنت الوحيد من يعرف قدراتك، وعليك أن تحدد هدفًا ضمن قدراتك وبإمكانك تحقيقه، ليس من المهم تحقيقه خلال سنة أو سنتين، وحتى لو لم تتمكن من تحقيقه إلا خلال خمس عشرة سنة، المهم أن يكون لديك هدف، وأن تثابر على تحقيقه، وأن لا تقل أنك سوف تحفظ وتترك الباقي على البركة؛ لأن هذا هو أقرب مدعاة للتخاذل مع مضي الوقت.
وهذه بعض الأفكار والخطوات التي ستساعدك على تشكيل نظام متكامل لإدارة أهدافك:
دون أهدافك:
فالأهداف هي أفكار مكتوبة، وكل ما عداها أضغاث أحلام، فكتابة الأهداف تعني الالتزام.
كن دقيقًا:
فالأهداف الواضحة تكون محدودة وجامحة، أما الرغبات المبهمة فهي أحلام يقظة.
آمن بهدفك:
ما الذي سيدفعك لتحمل المشقات ما لم تؤمن فعلًا بما تريد تحقيقه؟
ابذل قصارى جهدك:
الهدف الفعلي تكتنفه الإثارة، وهذا يتطلب المزيد من المثابرة، ومواصلة تغيير أساليب الإنجاز والابتكار في الأداء والعطاء.
وازن بين أهدافك طويلة المدى وأهدافك قصيرة المدى:
تبدو الأهداف بعيدة المدى كالسراب الذي تحجبه الأيام، فاستبق الأحداث وحقق بعض الأهداف السريعة؛ لتحافظ على جذور الحماس.
نقح أهدافك بانتظام:
يجب أن يؤدي تحقيق الأهداف القريبة إلى تحقيق الأهداف البعيدة في نهاية المطاف.
كن مرنًا:
قد يستدعي وعيُك بما يستجد من أمور تغييرَ بعض أهدافك لتتناسب مع الواقع الجديد.
حدد أهداف ووسائل محددة:
هناك قاعدة إدارية تقول: "إذا فشلت في التخطيط فأنت تخطط للفشل"، أي أن عليك أن تخطط، وأن تكون لديك خطة، وإلا فإنك تستهدف شيئًا سوف تفشل فيه، ولذا فعليك عمل خطة وكتابتها، ويجب أن تحدد في خطتك متى تريد أن تحفظ؛ لأن عقلك الباطن لن يقبل منك إذا لم تحدد له الزمن.
تخيل النتيجة التي تريد:
تخيل نفسك قبل النوم على أنك حافظًا للقرآن الكريم، وكيف ستكون بعد تحقيق هدفك؛ لأن هذا سوف يعطيك دافعًا قويًا؛ إذ إنك سوف تستهين الشيء، وسوف يساعدك ذلك على استهانة تحقيق الهدف، التخيل يعود إلى أهدافك أنت في الحياة، وهو يزيدك في الحماس للعمل، ويكسر العقدة في النفس عن صعوبة تحقيق الهدف، وعليك بالتكرار.
ابدأ بالعمل:
ابدأ فورًا ولا تؤجل؛ لأن الموانع لن تنتهي، وبالتجربة؛ التأجيل لن يزيدك سوى تكاسلًا، وبالتالي عدم التنفيذ.
تقبل التوجيه:
إن من السهل علينا انتقاد الآخرين؛ بل ونكثر من ذلك، ولكننا لا نفكر أبدًا في عيوبنا، ونادرًا ما نتقبل انتقادات الآخرين لنا، يجب عليك أن تتقبل التوجيه والإرشاد عن طرق الحفظ، وإصلاح العيوب في الحفظ، وربما يكون من الأفضل بعد وضع الخطة أن تعرضها على أحد الحفاظ ليبدي رأيه عليها.
لا تيأس أبدًا:
ربما لن تحقق هدفك بسهولة أو قد تواجه عقبات، يجب ألا تيأس أبدًا؛ بل أعمل واجتهد وكافح، وتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي وصى فيه بأنه إذا قامت الساعة وفي يدك فسيلة، واستطعت أن تغرسها فأفعل(6).
تحديات تحقيق الأهداف:
1- الخوف:
الخوف من الفشل مشكلة تواجهنا جميعًا، وتختلف أساليب مواجهة الخوف من الفشل باختلاف طبائع البشر وقدراتهم الشخصية، والخوف من الفشل عدوك اللدود الذي يتربص بك في طريق النجاح؛ لأن ذلك الإحساس المقبض الذي يهمس في وجدانك قائلًا: «من الأفضل أن تتجنب الفشل، ولا داعي للمجازفة وخوض تجربة قد لا تنجح»، لتقتل فيك روح المغامرة، وهذا الشعور والإحساس يصيبك بالإحباط، ويشعرك بالمهانة والدونية.
اقطع الطريق على الخوف، إن استسلمت لمظاهر الخوف سيقعدك ذلك عن الاستمرار والمحاولة، حاول دائمًا أن تشحن ذاتك، وتطلب ممن حولك المساعدة للخروج من دائرة الخوف والمحاولة من جديد.
2- المؤثرات الخارجية (كالمثبطين):
كسماع تخويفات المُرجفين، وتوقعات المثبّطين، وتوهمات المُوسوسين، كَدَر عاجل، وهم معجَّل، وهو من عوائق السعادة وراحة البال.
المحبَطون اليائسون الذين من صميم عملهم إحباط أي فكرة متفائلة، أو، على الأقل، الغض من شأنها، قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} [النساء:72]، لا يعرفون غاية أعلى من صالحهم الشخصي المباشر، ولا أفقًا أعلى من ذواتهم المحدودة الصغيرة، فهم يديرون الدنيا كلها على محور واحد، وهم هم هذا المحور الذي لا ينسونه لحظة! إنهم يبطئون ويتلكئون، ولا يصارحون، ليمسكوا العصا من وسطها كما يقال! وتصورهم للربح والخسارة هو التصور الذي يليق بالمنافقين الضعاف الصغار(7).
ويقول تعالى:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} [الأحزاب:18]، فحذار من مجالسة المثبطين من أهل التبطل والتعطل واللهو والعبث؛ فإن طبعك يسرق منهم وأنت لا تدري، وليس إعداء الجليس جليسه بمقاله وفِعَاله فقط؛ بل بالنظر إليه! والنظر في الصور يورث في النفوس أخلاقًا مناسبة لخُلُق المنظور إليه، ومن المشاهد أن الماء والهواء يفسدان بمجاورة الجيفة، فما الظن بالنفوس البشرية؟ (8).
______________________
(1) هكذا نحقق أهدافنا، موقع الإسلامي المتميز.
(2) رواه الترمذي (2416)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (126).
(3) صيد الخاطر، لابن الجوزي، ص367.
(4) رواه البخاري (6502).
(5) كيف نحقق أهدافنا، موقع: عالم حواء.
(6) كيف تحقق أحلامك، موقع: صيد الفوائد.
(7) في ظلال القرآن، سيد قطب (النساء: 72).
(8) فيض القدير، عبد الرءوف المناوي (5/507)